بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8123 - 2024 / 10 / 7 - 00:46
المحور:
كتابات ساخرة
في المغرب، يعيش الشباب في عالم مليء بالوعود الكبيرة والأرقام الضخمة، لكنهم يتساءلون: أين هي الحقيقة؟ أكثر من 60 سنة ونحن نحتفل بـ "أكبر" الإنجازات. أكبر جامعة؟ نعم، ولكن كم من الطلاب يحصلون على فرص حقيقية في سوق العمل بعد التخرج؟ أكبر سد؟ عظيم، لكن هل يكفي لتلبية احتياجات الفلاحين والمواطنين، أم أنه مجرد مشروع يضاف إلى قائمة الفخر دون جدوى فعلية؟
إذا انتقلنا إلى الثقافة، نجد أكبر طاجين وأكبر كسكس، احتفالات تعكس تراثا غنيا، لكن هل تعكس أيضا واقع الحياة اليومية للمواطنين؟ أم أنها مجرد مظاهر يتفاخر بها البعض بينما يظل الكثيرون يكافحون لتوفير لقمة العيش؟
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، نتحدث عن أكبر براد وأكبر رابوز، لكن هل تعني هذه الأرقام تحسين نوعية الحياة للمواطنين؟ فالمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية تظهر واقعا مغايرا، حيث يواجه الشباب تحديات البطالة والهجرة بحثا عن مستقبل أفضل.
تظهر هذه التناقضات في حياة الشباب بشكل يومي. فقد نشأت أحلامهم حول بناء مستقبل مشرق، لكن الواقع غالبا ما يتجاوز أحلامهم. فبينما يتحدث المسؤولون عن الإنجازات الكبرى، يجد الشباب أنفسهم في بيئات تعليمية تفتقر إلى الجودة، وفي أسواق عمل مغلقة أمامهم. الفجوة بين التعليم ومتطلبات السوق تتسع، مما يؤدي إلى شعور بالإحباط والاغتراب. الهجرة أصبحت خيارا متاحا للكثيرين، ليس هروبا من الوطن فقط، بل بحثا عن بيئة تعطي قيمة حقيقية للجهد والعمل.
وبالحديث عن أكبر دولة لصوص المال العام، نجد أن هذه العبارة تعكس إحباط الشباب من الفساد والهدر الذي يطال موارد البلاد. الأموال التي ينبغي أن تستثمر في التعليم والصحة والبنية التحتية تهدر في جيوب القلة، مما يزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
لكن ما الذي يريده الشباب حقا؟ هم يسعون إلى فرص حقيقية، إلى تعليم يفتح الأبواب، وإلى بيئة عمل تشجع على الإبداع والابتكار. إنهم يطمحون إلى مجتمع يضمن حقوق الجميع، حيث يكون النجاح متاحا للجميع بغض النظر عن الخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية.
في خضم هذه التحديات، يجب علينا تجاوز الأوهام والاحتفالات بالأرقام الفارغة. الحل يكمن في العمل الجماعي نحو بناء وطن يتجاوز "الأكبر" ليصبح "الأفضل". ولتكن الأولوية لتحسين الظروف المعيشية، وتوفير فرص العمل، وتعزيز العدالة الاجتماعية.
دعونا نستفق من وهم "الأكبر"، ولنبني معا مستقبلا أفضل يعكس الطموحات الحقيقية للشباب المغربي، حيث تتحقق الإنجازات وليس مجرد شعارات تظل حبيسة الحوارات. فلنضع يدنا في يد بعض، ولنجعل من واقعنا حلما يستحق الحياة.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟