|
بععد عام من (طوفان الأقصى) فلسطين والمنطقة الى أين ؟
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 8122 - 2024 / 10 / 6 - 14:01
المحور:
القضية الفلسطينية
مع بداية (طوفان الأقصى) وحرب الإبادة على غزة كان الحديث يدور حول مستقبل قطاع غزة في اليوم التالي لوقف الحرب وكان قطاع غزة محط أنظار العالم، الآن وبعد عام وانكشاف كثير من خيوط المؤامرة وخفايا الطوفان وأكاذيب (الحرب على غزة) أصبح السؤال حول القضية الفلسطينية والمنطقة الى أين بعد انتقال الحرب من غزة الى الضفة ثم لبنان والتصعيد مع إيران؟ وقبل المواصلة علينا العودة للبداية ما قبل طوفان حركة حماس وحرب الإبادة والتطهير العرقي الإسرائيلية أوما تسميها (السيوف الحديدية) . قبل اقتحام مقاتلون من حركة حماس غلاف غزة (طوفان الأقصى) قبل عام كان قطاع غزة يعيش حالة مقبولة نسبياً من الهدوء الأمني على الحدود واستقراراً مجتمعياً وحالة غير مسبوقة من توفر السيولة النقدية والسلع من كل الأصناف بسبب تدفقات مالية من جهات متعددة: رواتب موظفي السلطة الفلسطينية وسلطة حماس وموظفي الاونروا ومستحقات وزارة الشؤون الاجتماعية والمنحة القطرية- 30 مليون شهرياً- بالإضافة الى ما يُدخله حوالي 18 ألف عامل داخل فلسطين المحتلة، صحيح أن قطاع غزة سجل معدلات عالية من الفقر والبطالة وتردي الخدمات الطبية والتضييق على حرية السفر، إلا أن الحياة كانت تسير نحو التحسن بالرغم من استمرار حماس بالحديث عن الحصار. كانت حركة حماس تبالغ في الحديث عن الحصار لأسباب سياسية حتى تفرض على العالم الخارجي التعامل معها كسلطة رسمية في القطاع، ولأسباب مالية حتى تجلب المساعدات وبالفعل دخل لقطاع غزة مئات ملايين الدولارات تحت عنوان رفع الحصار وكانت هذه الأموال تذهب لحركة حماس تحديدا وكان مال حماس لحماس كما قال خليل الحية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، أيضا كانت تضخم من حديثها عن الحصار للتغطية على انقلابها وفشلها في إدارة القطاع. كان الزائرون للقطاع يتفاجؤون من قدرة أهالي القطاع على استعادة الحياة الطبيعية ولملمة جراحهم وإعادة إعمار ما تدمر ومن النشاط الاقتصادي حيث في كل يوم يتم افتتاح مول تجاري كبير أو معرض سيارات أو برج سكني أو شاليه على البحر، كما كانت سيارات فارهة من كل الأنواع تجوب شوارع غزة، حتى إن رجال الأعمال من الضفة زاروا القطاع وبدأوا يستعدون للاستثمار فيه، ومن القصص التي تروى أن وفداً سودانياً زار القطاع وعندما رأى خلاف كل ما كان يسمعه عن الحصار رفع يديه للسماء داعيا الله أن يحاصر السودان كحصار غزة. حالة الاستقرار والهدوء كانت مشوبة بحذر وشك في استمرارها ما دامت كل فلسطين محتلة وحالة الحرب والصراع هي التي تحكم علاقة الفلسطينيين بالإسرائيليين ولا توجد عملية سلام، والاحتلال يراقب ويتحكم في كل ما يدخل ويخرج من القطاع من أفراد وسلع وتدفقات مالية ويراقب أيضا استمرار حركة حماس والجهاد الإسلامي في تطوير قدراتهم العسكرية وخصوصاً الصاروخية في القطاع وزيادة نفوذهم في الضفة والقدس، أيضا ما يجري على الجبهة الشمالية من تطوير للقدرات العسكرية لحزب الله. كانت حركة حماس تشعر بأنها أصبحت رهينة للأموال التي تدخل للقطاع من قطر وأموال العمال في الداخل، وانشغال الناس بالحياة اليومية وبحثهم عن تحسين وضعهم المعيشي ومن تتوفر له فرص الهجرة يترك البلاد وخصوصاً من فئة الشباب وأصحاب الكفاءات العلمية وأصحاب رؤوس الأموال، كما كانت قيادة حماس في الداخل وعلى رأسها يحيى السنوار غير مستريحة لما تقوم به القيادة السياسية لحماس في الخارج وتخشى أن يضحوا بحماس الداخل في ظل أي صفقة سياسية قادمة، كما كانت الهمسات التي يتداولها الناس في غزة والخارج عن ركون حماس في غزة لحالة الدعة وجريان المال في أيديهم وامتلاكهم المنازل والسيارات الفاخرة وتفشي الفساد في سلطتها ... كانت تحرج الجناح العسكري لحماس في الداخل وخصوصاً عندما أصبحت الأموال القطرية التي تصل لحماس تأتي عن طريق إسرائيل وبعلمها وموافقتها، أيضا كانت تمارس على حماس ضغوط من محور المقاومة وخصوصاً ايران التي وجدت في حالة الهدوء والاستقرار في القطاع تعارضاً مع مخططاتها لاستمرار التوتر في المنطقة كورقة ضغط وتهديد لإسرائيل والإدارة الامريكية تساوم عليها في مفاوضاتها حول الملف النووي. في نفس الوقت كانت إسرائيل تعيش مأزقا داخليا بسبب الخلافات بين الحكومة اليمينة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل بقيادة نتنياهو وقوى المعارضة حول التعديلات على القانون القضائي وتجنيد الحريديم المتدينين في الجيش وخلافات وحول الوضع الاقتصادي المتردي والخلافات مع الإدارة الأمريكية وكانت دعوات تحذر من حرب أهلية بعد خروج مئات الالاف من المتظاهرين للشوارع ضد الحكومة التي تراجعت شعبيتها حسب استطلاعات الرأي، وكان لا بد لنتنياهو أن يفكر بالخروج من هذا المأزق الذي يهدد حكومته اليمينية بالسقوط واحتمال تقديمه للمحاكمة بتهم الفساد، أيضا واشنطن التي أقلقها الانفتاح بين السعودية ودول عربية على موسكو وبكين وتقارب الرياض مع ظهران، والعلاقات العسكرية المتطورة بين موسكو وطهران. وهنا التقت أو تقاطعت مصلحة عدة أطراف لاستغلال ما جرى يوم السابع من أكتوبر لتغيير الوضع في غزة والمنطقة: اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو وبنغفير وسموترتش، ايران، حركة حماس وخصوصا الداخل بقيادة السنوار، أ:يضا واشنطن المعنية باستكمال مخطط الشرق الأوسط الجديد و(الفوضى البناءة). كل شيء تغير في قطاع غزة والمنطقة بعد عملية (طوفان الأقصى) يوم السابع من أكتوبر وإعلان إسرائيل الحرب على القطاع (عملية السور الحديدي) ، وكأن زلزالاً ضرب ليس فقط قطاع غزة بل القضية الفلسطينية وكل ما كان يروج من أفكار وتحليلات وتقييمات ومخططات حول الشرق الأوسط والتطبيع وعلاقة حماس بإسرائيل، لتوظف إسرائيل حركة حماس وعملية طوفان الأقصى الملتبسة والمثيرة للشكوك للقيام بحرب شاملة على كل الشعب والقضية الوطنية في محاولة لتصفيتها كما يريد ويخطط اليمين الصهيوني ويتعرض قطاع غزة لحالة دمار وحرب إبادة غير مسبوقة ويدخل في متاهة ورحلة التهجير والمعاناة وتغريبة جديدة لا تفل تراجيدية من تغريبة 1948. غد عام من الطوفان جدد العدو احتلاله للقطاع وغير من تركيبته الديمغرافية والجغرافية ومارس دمارا في البنية التحتية من مساكن ومدارس وجامعات ومستشفيات غير مسبوق في تاريخ البشرية بالإضافة الى حوالي ربع مليون ما بين شهيد ومفقود وجريح وأسير وانتشار الجوع والأوبئة الخ، فهل كان هذا واردا في حسابات مخططي ومنفذي طوفان الأقصى؟ قد يزعم البعض إن عملية طوفان الأقصى كان لا بد منها لكسر حالة الجمود والإهمال للقضية الفلسطينية والرد على ممارسات العدو في الضفة والقدس وأن استمرار المقاومة وحتى مع زيادة حجم الدمار وأعداد الشهداء سيحرك العالم ضد إسرائيل وقد يؤدي لحرب إقليمية!! نقول لهؤلاء الذين بعضهم ساذج وآخرين متواطئين لدرجة الخيانة: إن المنتظم الدولي فشل في ردع إسرائيل ووقف حرب الإبادة ولا ينتظر منه أي موقف جاد، وأي توسيع للحرب لتتحول لحرب اقليمية فهذه لن تتجاوز فصائل (محور المقاومة) وستكون نتائجها مدمرة على الشعب الفلسطيني، والذين يواصلون إطلاق الصواريخ العبثية من قطاع غزة والذين يواصلون تضخيم قدرات فصائل المقاومة ويدعونها للاستمرار في الحرب مديرين الظهر لكل ما يحدث من موت ودمار... هؤلاء شركاء للعدو في جريمة إطالة أمد الحرب وما لحق بغزة من موت وخراب ودمار وتهجير جماعي يلوح بالأفق. وقد ثبت بعد بدء الحرب على حزب الله ولبنان بداية أكتوبر إن أي حرب لن تكون إقليمية بمعنى الكلمة بحيث تؤثر على العدو إلا إذا قطعت الدول العربية علاقتها بإسرائيل وشاركت في الحرب وخصوصا مصر وهذا غير وارد الآن، وحتى تدخل أيران بقصف متبادل محسوب بدقة بينها وبين إسرائيل فلن يخدم القضية الفلسطينية بل غطى عليها وعلى ما يجري في غزة والضفة من حرب إبادة وتطهير عرقي طوال عام ،وتحول الصراع في المنطقة وكأنه حرب بين الكيان الصهيوني وواشنطن من جهة وايران ومحور المقاومة من جهة أخرى .حتى في حالة انفلات الأمور لحرب شاملة تريدها واشنطن وتل أبيب فقد يكون حسم هذا الصراع على حساب القضية الفلسطينية والشعوب العربية وخصوصا التي بها أذرع مقاومة: العراق ولبنان واليمن وسوريا. بعد عام من الحرب وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار ما قد تحققه الجبهات الأخرى من إنجازات وما قد تحققه فصائل المقاومة في غزة من بطولات فردية بالرغم من كل ما لحقها من موت ودمار، كل ذلك لن يكون لصالح فلسطين إن استمر وضعنا الداخلي على ما هو عليه من انقسام وتهلهل وغياب استراتيجية وطنية، إن لم تكن للتحرير فعلى أقل تقدير استراتيجية دفاعية للتقليل من الخسائر ومواجهة التهديد والخطر الحقيقي الذي يحيق بوجودنا الوطني وليكون لنا عنوان واحد في أي مفاوضات قادمة لوقف الحرب أو لتسوية سياسية والاستفادة من التحولات في الرأي العام العالمي لصالح فلسطين والحراك الكبير في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، أيضا توظيف حالة الغضب على إسرائيل ونتنياهو وحكومته وحطاباته الاستفزازية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وبعد حربه على لبنان واستهداف قيادات حزب الله واستهتاره بغالبية دول العالم وشعوبها. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من لا يستطيع إخضاع الشعب الفلسطيني داخل فلسطين لا يستطيع الت
...
-
مرة أخرى عن الدور المشبوه لقناة الجزيرة
-
طهران وواشنطن وفزاعة الحرب الإقليمية
-
من (وامعتصماه) إلى (وا امريكاه)
-
لم يقاتلوا لصالح فلسطين بل لمصالحهم الخاصة
-
الفلسطينيون ليسوا السبب
-
فلسطين أولا والأصل وليس محور المقاومة
-
نقاط القوة والضعف في خطابي أبو مازن ونتنياهو
-
استراتيجية واشنطن إدارة الحروب والصراعات وليس حلها
-
وسنستمر في طرق جدران العقل
-
حرب الجبهة الشمالية تُغيِّب القضية الفلسطينية وعلى حسابها
-
الانقسام ليس السبب الوحيد في أزمة المنظمة وحركة فتح
-
حكمة لا ندركها أم عجز وتقصير؟
-
لماذا تُصعد ايران مع اسرائيل ويتردد العرب؟
-
(مقاومة) مدمرة للأوطان
-
تفجير أجهزة اتصالات حزب الله رسالة للفلسطينيين أيضا
-
فاز الإخوان المسلمين في الأردن، ولكن ما هو مستقبل الدولة وال
...
-
في مقابل حرب الإبادة لا يوجد أي حراك وحدوي فلسطيني
-
حرب النهايات
-
حرب غزة ودولة غزة: النكبة الفلسطينية الثالثة
المزيد.....
-
مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس
...
-
ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه
...
-
محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر
...
-
كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته:
...
-
يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء
...
-
إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث
...
-
إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
-
بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
-
-يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|