أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صالح سليمان عبدالعظيم - جسد المرأة في القنوات الفضائية العربية















المزيد.....

جسد المرأة في القنوات الفضائية العربية


صالح سليمان عبدالعظيم

الحوار المتمدن-العدد: 1777 - 2006 / 12 / 27 - 10:31
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تنطوي المادة المقدمة من قبل القنوات الفضائية العربية على حيز ضخم من جوانب الإثارة الجنسية سواء في شكلها المستتر البسيط، أو في شكلها المباشر الفج. وفي هذا السياق يمكن القول بأن جسد المرأة يمثل الجانب الرئيسي من المادة المعروضة في العديد من هذه القنوات الفضائية بشكل عام، وفي القنوات التي ترتكز أنشطتها على الجوانب الترفيهية بشكل خاص. وهنا يتم تجريد المرأة من كينونتها وهويتها حيث تتحول إلى مجرد عامل إثارة لجذب المشاهد، وتقييده بالبرامج التي تبثها هذه القنوات.

وتقدم هذه القنوات الفضائية نموذجاً مثيراً للمرأة العربية لا يرتبط بالواقع المعيش في شيئ، حيث تُقدم بوصفها المرأة الجميلة الأنيقة، ذات الجسد المتناسق، المتحررة والمنطلقة. وهو نموذج منبت الصلة مع الواقع الفعلي الذي تعايشه المرأة العربية التي تعاني من قسوة الظروف الاجتماعية من جانب، ومن قسوة الظروف الحياتية من جانب آخر، حيث يندر أن تقدم القنوات الفضائية العربية نموذجا للمرأة الفلاحة أو للمرأة العاملة الكادحة.

يصبح وجوه الممثلات الجدد ومغنيات الفيديو كليب هو النموذج المفروض على المشاهد ليل نهار، حيث تتساوى حالة البراءة مع حالة الشهوانية، فالمهم في النهاية هو إكساب كل من البراءة والشهوانية ذلك القدر من الإثارة وإمكانية التعري مما يساعد على تسويقهما وإقبال المستهلكين عليهما. فالجسد هو مركز التجريب، بغض النظر عن ملامح الوجه سواء أكان ملائكيا أو كان شهوانيا، فلكل منهما طريقة لإستثماره وتسويقه تجاريا وجماهيريا.

ويندر أن تقدم القنوات الفضائية العربية نموذجا للمرأة العربية السمراء البشرة، حيث يتم تأطير الجمال في صورة المرأة البيضاء الشقراء ذات العيون الخضراء أو الزرقاء. وهو نموذج لم تحدده القنوات الفضائية العربية ذاتها، قدر ما حددته قواعد وأطر الجمال الغربية، التي تحدد البشرة البيضاء إطارا مرجعيا للجمال العالمي للأنثى. وتتبنى القنوات الفضائية العربية هذا النموذج الأبيض للجمال وتروج له، سواء عبر المسلسلات والأفلام، أو عبر الأغاني والفيديو كليب، أو أخيرا عبر الإعلانات التي تبثها ليل نهار وتلاحق بها المشاهد العربي أينما كان وأينما ذهب.

وفي هذا السياق، تتكامل حلقات العروض الإثارية وتأطيرها للمرأة مع الإعلانات الخاصة بها، والتي تحدد لها جوانب الجمال التي يجب أن تتحلى بها لكى يقبلها الجميع، وبشكل خاص الذكور. من هنا تتركز معظم الإعلانات علي كريمات تفتيح البشرة وتنعيمها وتبييضها، حيث يحتل وجه وجسد المرأة حيزاً ضخماً من ثقافة الإعلانات اليومية التي تعرض لها هذه القنوات الفضائية العربية. لا تقف المسألة عند هذا الحد، فمعظم الفتيات اللاتي يقمن بالإعلان عن سلعة ما هن من الممثلات أو المغنيات الجدد صغيرات السن، اللاتي يتميزن بالجمال الصارخ، الذي يصبح محط أنظار الجميع، ويدفع بالفتيات والنساء المتزوجات إلى الإقبال على اقتناء السلع المعلن عنها، وبشكل خاص تلك المرتبطة بالماكياچ والتجميل.

لا ترتبط الإعلانات الإثارية فقط بالسلع الخاصة بالتجميل، لكنها ترتبط أيضا بسلع إثارية مباشرة مثل إعلانات العطور ومزيلات العرق والملابس الداخلية للنساء وللرجال على السواء. إضافة إلى ذلك، جاءت إعلانات الفياجرا بالشكل الإثاري الفج الذي تمت به، والباحث عن الصلابة، لتكشف عن المدى الذي وصلت إليه هذه القنوات الفضائية في خلق عالم إثاري محوره الجنس والبطولات الفحولية الخاصة بالرجل.

من مظاهر الإثارة الأخرى المرتبطة بالقنوات الفضائية العربية تقديمها لتلك البرامج المستوحاة من برامج أجنبية مثل برنامج ستار أكاديمي، والذي تبرز فيه مسألة الإختلاط بين الذكور والإناث بشكل عادى كما لو كان جزءا لا يتجزأ من البنية الاجتماعية والقيمية العربية، بما يفضي في النهاية إلى خلق حالة من التشوش القيمي بين المشاهدين، لا يعرفون عندها ما هو الواقعي وما هو الخيالي فيما تقدمه هذه القنوات الفضائية.

ويمثل العرى اتجاهاً عاماً تتنافس القنوات الفضائية العربية على إبرازه سواء من خلال ملابس المذيعات الخاصة بهذه القنوات، أو من خلال الأغاني التي تقدمها، وبشكل خاص أغاني الفيديو كليب. اللافت للنظر هنا أن بعض القنوات تعين المذيعات ليس على أساس درايتهن وخبرتهن وثقافتهن، لكن على أساس جمالهن وأنوثتهن التي لا تخطأها العين. ويذكر في هذا السياق أن إحدى القنوات الترفيهية قامت بتعيين عدد من عارضات الأزياء وملكات الجمال السابقات لتقديم برامجها، حيث يبدو العرى سمة عامة وشائعة بين مذيعات هذه القنوات الفضائية الجديدة، بشكل قل أن نجد له نظيراً في القنوات الفضائية الأجنبية الأقدم عمراً والأكثر تحرراً.

لا تقف مسألة العروض الإثارية على إظهار مفاتن الجسد، وعلى مساحة العرى التي تزداد اتساعاً يوماً بعد يوم، لكنها تتعدى ذلك إلى مستوى الإثارة اللفظية التي تظهر من خلال أسلوب المذيعات في التقديم، الأمر الذي يبرز دلال المذيعة وأنوثتها ورقتها، وفي أحيان كثيرة خلاعتها، بشكل واضح وصريح. وتتعدى مسألة الإثارة اللفظية هذا المستوى إلى إقحام بعض الكلمات المثيرة مثل الجنس وشرف البنت والقبلات والأحضان على معظم برامج هذه القنوات. ولا يرتبط هذا الإقحام برغبة حقيقية في المناقشة الجادة لكنه يرتبط بالاستعراض وخلق حالة من الافتعال الليبرالي والتنويري.

تبلغ قمة الإثارة الخاصة بالقنوات الفضائية العربية في هذا الكم الضخم من إنتاج الفيديو كليب، الذي يطرح مئات الآلاف من الأغنيات سنويا، بشكل يصعب معه حتى معرفة أسماء المطربين والمطربات وتذكر أشكالهم وأشكالهن. مع الفيديو كليب تصل حالة الإثارة الخاصة بالقنوات الفضائية العربية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يتوحد رأس المال مع الإنتاج مع التسويق مع أهداف العولمة، بغض النظر عن الجوانب السلبية الناجمة، من أجل تسليع الجسد وإثارة العواطف وتوحيد الأذواق.

ومما لا شك فيه أن هناك العديد من الجوانب السلبية لهذه الحالة الإثارية التي تطلقها القنوات الفضائية العربية؛ فأولاً تؤثر مشاهدة هذه القنوات على الأطفال وتطلق لديهم حالة من التطلع والرغبة في التعرف على ما يشاهدونه، مما يثير عواطفهم الجنسية ويدخلهم في عوالم جديد قبل الأوان. كما أن إطلاق هذه الحالة الإثارية عبر القنوات الفضائية، وفي ظل الظروف الاقتصادية التي تعيق الكثير من الشباب العربي اليوم عن الزواج، يشيع حالة من السعار الجنسي بين أرجاء المجتمع. إضافة إلى ذلك، أثرت مشاهدة القنوات الفضائية، وهذا الكم الضخم من المغنيات الجدد على العلاقات الأسرية فيما بين الرجل وزوجته. ففي ظل المتابعة اليومية لهذا النوع من الفتيات لا بد أن يقع الكثير من الرجال ضحية المقارنة المستمرة والظالمة بين زوجاتهن وبين هؤلاء الفتيات الصغيرات من المغنيات الجدد الأمر الذي يقوض دعائم الترابط والتواصل الأسريين.

وتؤثر المادة الإثارية التي تبثها القنوات الفضائية العربية ليل نهار بشكل كبير على بنية القيم العربية. فالعربي يراوح بين عالمين أولهما عالمه التقليدي القائم على صيانة جسد المرأة وحمايتها، والآخر هو عالم القنوات الفضائية القائم على الدعوات الماجنة التي تحض على التحرر الجسدي وإطلاق الغرائز وانفلاتها. وما بين العالم الأول والثاني تتشوه بنية القيم، ليجد المواطن العربي نفسه إما مدفوعاًَ للإنغماس في العالم الشهواني الذي تحض عليه هذه القنوات الفضائية، وإما مدفوعاً إلى التمترس خلف الدعوات الأصولية الدينية الداعية للحفاظ على القيم والعادات والتقاليد.



#صالح_سليمان_عبدالعظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نخب الأقليات والنموذج الإسرائيلي
- أشكال العنف ضد المرأة
- تقرير الأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال
- !عمارة يعقوبيان- عمارة كل العرب-
- من أسئلة الحمقي إلي حمق الكتابة
- ملف التوريث في العالم العربي
- -هاي- سذاجة أمريكية!!
- ثقافة الاستسلام وهزائم الأمم
- يحيي حقي بين المواجهة والمصالحة
- الإعلام العربي بين السلطة والممارسة
- حتى لا تتحول الشفافية إلى كلمة مبتذلة
- الأمريكيون والحيوانات الأليفة
- المثقف والتحولات العمرية
- الفردانية الممزقة والهيمنة الجماعية في العالم العربي
- !!الحوار المتمدن والتحليق بالكتابة
- الإصلاح السياسي في العالم العربي
- خمسة وأربعون عاماً على رحيل فرانز فانون
- صدام حسين، تاريخ الانقلابات
- اختزال واقع المرأة العربية
- -عراق على الوردي وثقافة -الكسار


المزيد.....




- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول ...
- اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - صالح سليمان عبدالعظيم - جسد المرأة في القنوات الفضائية العربية