بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8122 - 2024 / 10 / 6 - 09:43
المحور:
كتابات ساخرة
في مشهد درامي يتكرر كأنه مسرحية رديئة، تتأرجح الأحداث في الشرق الأوسط، حيث ينسج نتنياهو وبايدن سيناريو الاستفزازات وكأنهما يتنافسان في مسابقة "من يثير أعصاب العرب والمسلمين أكثر؟". وكأن نص المسرحية كتب في عصور ما قبل التاريخ، يفيض بالاستفزاز والفشل، بينما يجلس الجمهور المشتت في حالة من الإرباك.
نتنياهو، البطل المزعوم، يتقمص دور المحارب الشجاع، صائحا: "إسرائيل فوق الجميع!"، بينما بايدن، البطل الآخر الذي يبدو وكأنه في برنامج مسابقات، يعد الجوائز بمودة، ولكن كل ما يسمعه الناس هو حديث لا يختلف عن ضجيج التلفاز في يوم عاصف. في خضم هذا الصراع، يتبادر سؤال واحد إلى الذهن: من المستفيد من كل هذا العبث؟
ثم تأتي إيران لتلعب دور الكوميدية الذكية، مسجلة نقطا في "لعبة الاستغلال". بينما يعم الفوضى في المنطقة، تبدو كأنها تقول لحلفائها: "لا تقلقوا، نحن هنا من أجلكم!"، وكأنها تدير متجرا لبيع الأمل في زمن الفوضى. وبينما تنفجر القنابل في كل ركن، تروج إيران لنفسها كمستثمر في فوضى عالمية، تماما كما يفعل رجل أعمال في قمة غير ناجحة.
ولكن لننس إيران قليلا، ففلسطين ولبنان والعراق هم أبطال القصة الحقيقيون! فلسطين تظل في دور الضحية الأبدية، بينما لبنان، كأنه في مسلسل درامي طويل، يعاني من انقسامات وصراعات داخلية. أما العراق، فله نصيب الأسد من التدخلات الخارجية، وكأن الجميع قد اتفقوا على أن جراحه مجرد مزحة. كل هذه الدول تمثل "كوميديا الفوضى" حيث تستخدم مشاعر شعوبها كأدوات في صراعات القوى الكبرى.
المثير للسخرية أن العرب والمسلمين يلعبون دور الوقود في هذه المعركة، وكأنهم شخصيات ثانوية في عرض لا يعنيهم. يجبرون على التصفيق لأداء نتنياهو وبايدن، بينما يتسابق الاثنان لتوزيع الميداليات على أنفسهم، وكأنهم فازوا في مسابقة رقص مملة.
تستمر الفوضى في الشرق الأوسط كأنها مهرجان لا ينتهي للاستهلاك الإعلامي، حيث تصنع الأخبار كما تصنع الفشار، وتجري من دون تفكير. تتنقل قنوات التلفزيون بين الأحداث وكأنها في سباق سيارات، مشكلة روايات موجهة تتجاهل أصوات الضحايا. ليبقى السؤال: هل تعتبر هذه الأخبار من قبيل الترفيه، أم هي مجرد أدوات لتحريك المياه الراكدة في بحر من الكساد السياسي؟
بينما يدعي الجميع أنهم يحاربون من أجل الحرية والكرامة، فإن الواقع هو أنهم يتنافسون على الكعكة نفسها، وكل منهم يبحث عن حصته من الفوضى. وفي النهاية، يمكننا أن نكون واثقين من شيء واحد: المسرحية ستستمر، ومشاهدها ستتغير، لكن الاستفزازات ستبقى كأنها جزء من نص مكتوب مسبقًا.
فهل سيأتي يوم يتجاوز فيه جمهور الشرق الأوسط دور المتفرج، أم سيظل محاصرا في مقاعده، يتابع هذه المسرحية التي لا تنتهي؟ بينما يدفع الضحايا ثمن تلك الاستفزازات، تظل القاعة مزدحمة بالممثلين الذين لا يرون إلا كعكة المصالح، بينما يبقى صمت المعاناة هو الصوت الأكثر وضوحا في هذه الفوضى المضحكة.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟