أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - لعبة حظ على طاولة الطعام














المزيد.....


لعبة حظ على طاولة الطعام


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 1779 - 2006 / 12 / 29 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثمة أمكنة يجعلك الدخول اليها ضحية للقاءات اصناف من الناس لاتود لقاءهم ،لأنك تعرفهم أكثر مما يجب او لأنك تحفظ أساليب تفكيرهم وطرق أخذهم للحياة عن ظهر قلب . وهذا ماضننته في الرجل الذي شاركني طاولة طعامي ظهر هذا اليوم في مطعم منزو وبعيد عن كل ماهو منتظر .. فقد كان مسطح المظهر والجعبة ، يأكل طعامه ببطء الاستمتاع وكأنه لايرغب بانتهاء وجبته . فجأة سألني الرجل عن الوقت دون اهتمام ،ولكنه سرعان ماألحقه بسؤال آخر..
ـ ماذا ستفعل بعد ازدراد وجبة غدائك ؟ سؤال مفاجئ من شخص لا اعرفه جعلني في حيرة من امري ..
ـ وبماذا يعنيك الامر ؟لم يلق بالا لجفاف اجابتي التي تقصدت جفافها كي اقطع عليه فضوله ..
ـ ان لم يكن ثمة ما يشغلك فسأطلعك على بعض ما تجهل من افكاري . كان هدوءه وثقته بنفسه من تلك التي تثير الاعصاب ..
ـ وبماذا تعنيني أفكارك ياسيدي ؟
ـ انها افكار ، وسيعنيك ان تطلع على افكار جديدة قد ترافقها بعض الاكتشافات الغريبة . للحظة ، بدا لي ان الرجل يستدرجني لغرض ما ..
ـ وان لم تثرني افكارك التي تتحدث عنها ؟
ـ لن تكون قد خسرت شيئا" سوى وقتك الذي قد يشكل عليك عبئا" في احيان كثيرة .
ـ نعم ولكن ليس اليوم أية حال .
ـ انت فقط تحاول تسفيه طرحي لتثبت لي انك أذكى من ان تكون ضحية لمحتال يحاول العبث بك او ابتزازك . أحرجتني صراحته ..
ـ ليس هذا ... فقاطعني بابتسامة انتصار، او هكذا بدت لي ..
ـ اذن استمع لي ولن يكلفك الامر سوى ان تنصت .. قبل عشرين عاما" ألحت علي ... فقاطعته بلهجة المنتصر ..
ـ هل ستحكي لي قصة حياتك ؟
ـ كلا طبعا" ، ولكنك تحاول تسجيل نقطة انتصار في هدفي المشرع لكل النقاط . ارجوك لاتقاطعني مرة اخرى كي ... في هذه اللحظة دخلت المطعم شابة برفقة زوجها فانشغل بتفحص عناصر الجمال في وجهها وقوامها ، حتى بدا لي انه نسي وجودي فنهضت على امل ان اتسلل من خلفه دون ان يشعر . ولكنه كان يرقبني بحاسة ما ، فامسك بذراعي وقال ..
ـ انتظر لحظة فسافرغ من ادخال هذه الصبية في برنامجي اليومي خلال دقائق .
أمرغريب ان يلحظ هذا الرجل محاولة هروبي مع كل ذلك الاستغراق ، ان لم أقل الذوبان في جمال تلك الصبية .. كان قد استدار بكليته باتجاهها ،بحيث صار بمقدوري رؤية مؤخرة رأسه المسلوخة الشعر بفعل حريق قديم ،من الاذن الى الاذن ،فكيف تنبه او لاحظ محاولة هروبي ، ولم تكن أمامه مرآة او أية زجاجة ؟ بعد دقائق اخرى أومأ برأسه متمما" على ادخالها في برنامجه اليومي ، الذي لم يعطني فكرة عنه وعاود الاستدارة باتجاهي ..
ـ امرأة جميلة . هذا كل شئ . ولكن كـ ... قاطعته ..
ـ ليس هذا ما كنت بصدد الحديث عنه على ما اذكر . فقال مداعبا ..
ـ من قال ذلك ؟ نهضت بسرعة ..
ـ عذاباتك الحيوانية لاتعنيني بشئ ... أمسك بذراعي واعادني الى مقعدي ..
ـ أعرف هذا ؛ وليس هذا ما كنت سأحدثك عنه .. انه مجرد عارض ملح يفرض نفسه !وما ساحدثك عنه شئ آخر بالمرة . ماذا تعرف عن لعبة الحظ او مواتاة فرصه لشريحة بعينها من الناس دون غيرهم ؟ كان قد ترك طعامه وتفرغ تماما لحديثه الجديد ، تحت تقطيبة حزينة من جبينه العريض . . وأضاف شارحا" ..
ـ انها لعبة غريبة تلفت النظر ؛ فكل الذين يخصهم الحظ برعايته هم من الهامشيين او انصاف البشر ، اذا توخينا الدقة .
ـ وكيف تقطع بهذا ؟
ـ من خلال مشاهداتي ومراقباتي لشطحات الحظ !
ـ حسنا" ، سأسلم بمراقباتك واحصاءاتك ، ولكن وفق أية معايير هي ؟ دفع صحن طعامه بعيدا" ليعطي المساحة الكافية لذراعيه في حركة اشاراتهما ليسعفاه في تأكيد مايقول ..
ـ لنأخذ على سبيل المثال أدولف هتلر ، كم كان حال البشرية سيكون افضل لو لم يسعف الحظ ذلك المتوه في الوصول الى كرسي السلطة في المانيا ؟ فقلت مشدودا لتساؤله ..
ـ اوافقك يارجل ، ولكني قصدت بسؤالي آلية عمل الحظ الذي تحدثت عنه وعن سبب تحركه باتجاه القطار وهو بممر واحد ، دائما" يعود الى محطة انطلاقه نفسها ؟
ـ ماذا تعني بقطارك ذي الممر الواحد ذاك ؟
ـ أعني ان الحظ مصر على دفع فرصه الذهبية لنفس (الهتلر)،او من يماثله ، على طول الخط والى أبد الدهر !
ـ اوه !يالمرارتك يارجل ، ها أنت في لب القضية ... فصرخت محتدا" ..
ـ ليس هذا ما اريد سماعه ، بل ما تحويه جعبتك من افكار لأعادة الحظ الى مساره الطبيعي في اسعاف من يستحقون فرصه الذهبية من أسوياء البشر . فصرخ مغتاظا" ..
ـ ومن يملك تلك الافكار يارجل ويجلس ليضيع وقته في مثل هذا المطعم البائس ؟ فقلت بهدوء ..
ـ أنا ! اتسعت عيناه وأومضتا لجزء من الثانية قبل ان ينهار وينزل ذراعيه عن الطاولة ويخور صوته ..
ـ أنت يارجل ؟ أنت أبأس من ان يلتفت اليك ظل حظ صغير ، فكيف تقف على سره ؟ مسح فمه بظهر كفه الايسر ونهض وهو يقطر يأسا" ..
ـ الى أين ؟ الا تريد أن تسمع بعض افكاري التي ستأخذ بيدك الى مملكة الحظ السعيد ؟ تجاهل كلماتي ..
ـ هل معك ثمن وجبتك ام ادفع عنك ؟ سأدفع عنك على أية حال .
ـ ولكني سمعتك حتى النهاية يارجل ، فلماذا ترفض سماعي ؟فقال وهو يهم بالمغادرة ..
ـ لالسبب سوى اني لااريد ان اضيع المزيد من وقتك . استدتر بعصبية وسار بخطى عجلة ليقذف بجسده الى زحام الشارع .



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب العراق الاهلية .. الوجه والقفا
- حصيلة العراق من النظام الجمهوري
- عبث في قطار آخر الليل
- عواصمنا العربية وبعبع الثقافة
- كفانا نمارس السياسة حربا
- غباء اليمين المزمن
- احزابنا السياسية ومسؤولية بناء المجتمع
- اشكاليات الرواية العراقية
- فرائض ضلالاتي
- من قتل جلوريا بيتي ......؟
- استراتيجية الشرق الاوسط الجديد واعادة رسم جغرافية المكان
- من اجل تكريس قواعد الحوار المتمدن
- التخبط الامريكي في العراق
- المعارضة العراقية وخيار الممر الواحد
- هزيم الحماقات الليلية
- قراءة افتراضية في ذهنية صانع قرار مشروع الشرق الأوسط الجديد
- ماذا تبقى في جعبة د بليو بوش ؟
- هامش على سفر(جدارية النهرين
- الدور البريطاني في صناعة المستنقع العراقي (سياسة النملة العا ...
- لعبة صناعة الأهداف


المزيد.....




- نخب -صداقة العمر-..4 صديقات يُعدن إحياء صورة لهنّ بعد 35 عام ...
- السعودية تتقدم على مصر ودولة عربية تلحق بهما.. ترتيب القوة ا ...
- -الكتاب الأبيض-.. استثمارات الصناعة العسكرية والدفاع في أورو ...
- اليوم العالمي للنوم: إليك خمس نصائح إن فعلتها في الصباح تمنح ...
- كالاس: واشنطن وعدتنا بعدم قبول أي شروط روسية حول أوكرانيا إل ...
- علاج بطعم الموت لمدة 10 دقائق
- مصري يدخل موسوعة غينيس ويحطم رقما جديدا خلال صيامه
- عاصفة مدمرة في كاليفورنيا (فيديو)
- المجلس الوطني الكردي يرفض الإعلان الدستوري السوري المؤقت
- أرمينيا وأذربيجان تتوصلان إلى -اتفاق سلام- بعد نحو 40 عاما م ...


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي البدري - لعبة حظ على طاولة الطعام