أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامح قاسم - المُطبعون أشد إفكا ونفاقاً














المزيد.....

المُطبعون أشد إفكا ونفاقاً


سامح قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 8121 - 2024 / 10 / 5 - 09:07
المحور: القضية الفلسطينية
    


في عالم يشهد تحولات سريعة ومتغيرة على الصعيد السياسي، تتزايد محاولات بعض الأنظمة العربية، وكذلك بعض الشخصيات العامة، ورجال أعمال، وبعض المحسوبين على الفن والفكر والثقافة للتقارب مع الكيان الصهيوني عبر ما يسمى بالتطبيع. هذا التطبيع ليس مجرد اتفاقات دبلوماسية وسياسية، أو فنية وثقافية، بل هو أيضاً موقف أخلاقي وفكري يُظهر هشاشة هذه الأنظمة والمجموعات المختلفة وعجزها عن الوقوف إلى جانب الحقوق العادلة للشعوب. إن المطبعين لا يمثلون فقط خيانة للقضية الفلسطينية، بل إنهم يُعتبرون أشد إفكا ونفاقاً، لأنهم يُضفون شرعية على الاحتلال ويبررون ممارساته العنصرية واللاإنسانية، تحت غطاء العلاقات السياسية والمصالح الاقتصادية أو التبادل الفني والثقافي .

إن التطبيع مع إسرائيل يعني تجاوز الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، الذي لا يزال يعاني من الاحتلال والتشريد والقمع اليومي. إنه بمثابة طعنة في ظهر القضية الفلسطينية، التي لطالما كانت رمزاً للعدالة والحرية في العالم. إن أي محاولة لتبرير هذا التطبيع بالحديث عن "السلام" أو "المصالح المشتركة" ما هي إلا تبريرات زائفة تخدم المصالح الضيقة للنخب السياسية والثقافية دون اعتبار لمطالب الشعوب.

يقول المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد: "لا يمكن أن يكون هناك سلام أو تسوية عادلة ما دامت إسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية وتمارس سياسات التمييز العنصري". التطبيع في هذا السياق ليس إلا تسوية غير عادلة، تتغاضى عن الحقائق القاسية على الأرض.

المشكلة مع المطبعين لا تقتصر على مجرد إقامة علاقات مع إسرائيل، بل تكمن في ازدواجية المعايير والنفاق الذي يظهر في مواقفهم. هؤلاء الذين كانوا في الماضي يتحدثون عن دعمهم لفلسطين وحقوق شعبها، ينقلبون الآن ليبرروا علاقتهم مع الاحتلال عبر ادعاءات زائفة مثل "تحقيق السلام" أو "اعرف عدوك" إلى أخر هذه المبررات الجوفاء. الحقيقة هي أن هؤلاء المطبعين لا يسعون إلا لتحقيق مصالحهم الشخصية، على حساب المبادئ والقيم التي يدعون الالتزام بها.

يقول الباحث الفرنسي جيل كيبيل في كتابه "جهاد" إن "الكثير من الأنظمة العربية ترى في التطبيع وسيلة لحماية نفسها من الضغوط الدولية أو لضمان دعم القوى الكبرى، في حين أن شعوبها تعيش حالة من الاغتراب واليأس". هذا النفاق لا يمكن إخفاؤه، فالجماهير ترى أن المطبعين يخونون المبادئ التي يفترض أن يدافعوا عنها.

إن إسرائيل لم تتوقف أبداً عن سياساتها التوسعية والعدوانية في الأراضي الفلسطينية. التطبيع هنا ليس سوى خطوة أخرى نحو تعزيز الهيمنة الصهيونية في المنطقة، إذ تتيح هذه الاتفاقات لإسرائيل التغلغل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتحكم في مصالحها الاقتصادية والسياسية، ومحو قضايانا العادلة من وجدان وأذهان الأجيال الجديدة. يعتبر التطبيع أداة لتعزيز النفوذ الإسرائيلي في الشرق الأوسط، وتحقيق مصالحها على حساب الشعوب العربية.

يؤكد المُفكر والمحلل السياسي الأمريكي نعوم تشومسكي أن "إسرائيل تسعى إلى فرض واقع سياسي واقتصادي جديد في المنطقة، حيث تكون هي القوة المهيمنة، وتستفيد من علاقاتها مع الأنظمة العربية لتأمين مصالحها، فيما يبقى الشعب الفلسطيني يعاني تحت وطأة الاحتلال". إذاً، المطبعون ليسوا فقط منافقين وآفاقين، بل هم أيضاً أدوات لتوسيع نطاق الهيمنة الإسرائيلية.

ورغم محاولات بعض الأنظمة السياسية فرض التطبيع كأمر واقع، إلا أن الرأي العام العربي يرفض هذا النهج بشكل قاطع. الشعوب العربية تُدرك أن التطبيع ليس إلا وسيلة لتبرير الظلم، وأن إقامة علاقات مع إسرائيل دون حل القضية الفلسطينية هو خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الشعب الفلسطيني. تشير الدراسات والاستطلاعات إلى أن غالبية الشعوب العربية ترى في التطبيع تهديداً لأمن المنطقة واستقرارها.

في هذا السياق، نذكر ما جاء في استطلاع الرأي العربي لعام 2021 الذي أجرته المؤسسة العربية للدراسات والأبحاث، حيث أظهرت النتائج أن حوالي 88% من المستطلعين في الدول العربية يعارضون التطبيع مع إسرائيل. هذا يبرز الفجوة الكبيرة بين مواقف الأنظمة السياسية وبعض النُخب التي تطبع مع إسرائيل ورغبات الشعوب التي لا تزال تعتبر فلسطين قضيتها المركزية.

من الجدير بالذكر أن اتفاقيات التطبيع التي أبرمتها بعض الدول العربية مع إسرائيل لم تؤدِّ إلى تحقيق السلام الحقيقي أو العدالة. بل على العكس، ازدادت وتيرة الاستيطان وتوسعت ممارسات القمع ضد الفلسطينيين. في الوقت الذي تروج فيه بعض الأنظمة لفكرة أن التطبيع سيجلب السلام والازدهار، نجد أن الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً.

إن المطبعين مع الكيان الصهيوني يشكلون خطراً على القيم والمبادئ التي قامت عليها القضية الفلسطينية. تطبيع العلاقات مع الاحتلال هو تبرير لظلمه وقمعه، ومحاولة لتلميع صورته أمام العالم، في حين أن الواقع على الأرض يظل كما هو: احتلال واستيطان وتشريد للشعب الفلسطيني.
التاريخ لن يرحم المطبعين، فقد كتبوا لأنفسهم صفحات سوداء في سجل النضال العربي. وختاماً، يبقى السؤال: هل يمكن أن نثق في أنظمة ونُخب افتصادية وفنية وثقافية تبيع القضايا العادلة من أجل مكاسب زائفة؟
الإجابة واضحة: المطبعون هم أشد إفكاً ونفاقاً، ليس فقط على القضية الفلسطينية، بل على الأمة العربية بأسرها.



#سامح_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألم.. محبتي لك أيها المعلم العظيم
- موجز تاريخ الشقاء
- صوت المقاومة يتحدى الصمت
- ما الذي حل بالكرامة العربية؟
- تسقط إسرائيل.. تحيا المقاومة
- بيروت.. وجه الله في مرآة البحر
- عواقب الخذلان العربي للمقاومة في غزة ولبنان
- المثقف والمقاومة وجهان لعملة واحدة
- الخيانة ليست وجهة نظر
- المقاومة فوق القوة
- المثقفون المرتزقة: من تحريف الحقيقة إلى تشويه الثقافة
- مثقفو الهامش: بين الاستبعاد والخروج عن المألوف
- في وصف الخذلان
- تاريخ الكذب: من الفلسفة إلى الواقع
- مجنون ليلى عند المتصوفة: تجليات العشق وصولا إلى العرفان
- السلطة والجنون: تجليات التأثير والمصير
- فلسفة الجمال عند العرب: تأملات في الوجود والحُسن
- حذاري أن تُحبوا من أعماق قلوبكم
- تاريخ الأفكار: مسيرة العقل في مواجهة السلطة عبر العصور
- الحرية بين الفكر العربي والغربي.. يقول الجسد: أنا مهرجان!


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامح قاسم - المُطبعون أشد إفكا ونفاقاً