أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة فيروز وبيروت .














المزيد.....


مقامة فيروز وبيروت .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8120 - 2024 / 10 / 4 - 17:42
المحور: الادب والفن
    


مقامة فيروز و بيروت :

يمر المندلاوي الجميل بوعكة بسبب ألأحداث في لبنان ونشر على صفحته : (( رسالة صادقة : كما قالت فيروز : لبيروت من قلبي سلام لبيروت وقبل للبحر والبيوت )) , والمندلاوي ينطلق من تاريخ واخلاق العرب , إذا حزن جار لك فعليك ان تشاركه حزنه الحميم , حتى وان كانت بينك وبينه عداوة في الصميم .

يقول محمود درويش : (( فيروز ظاهرة طبيعية , لم أعرف صوتا كصوتها , وهو صوت أكبر من ذاكرتنا , وفيروز ليست فقط سفيرة لبنان إلى النجوم , لكنها رمز لمجموعات ترفض أن تموت , ولن تموت )) , ويقول نزار قباني : (( صوت فيروز هو أجمل ما سمعت في حياتي , كما أنه نسيج وحده في الشرق والغرب , وإنها رسالة حب من كوكب آخر, غرتنا بالنشوة والوجود , و كل الأسماء والتعابير تبقى عاجزة عن وصفها لأنها وحدها مصدر الطيبة )) , وفي عصرنا المظلم يشق لنا صوتها ممر الضوء , ويعيدنا أنقياء , يجعلنا نسترد النقاء لنكتشف, بقوة النقاء وحدها, كل ما يجمعنا بالينابيع الأصلية, كل ما يربطنا بالخير, كل ما يشدنا بعضاً إلى بعض , ولا يمكن تفسير صوتها لأنه حقيقي , حقيقي حتى الخيال , إننا نقول عنه : (غير معقول, فوق الوصف) , لأنه حقيقي , أنه تارة يبدو وديعاً ناعماً كفراشة , وطوراً آمراً كملكة وعميقاً كبرق , لأنه حقيقي , إنه آسر ومتجدد لأنه حقيقي , وهو حقيقي لأنه نعمة , وأي شيء حقيقي غير النعمة.

عام 1981 كنت عائدا من لاغوس عاصمة نايجيريا القديمة الى مقر عملي في مابوتو عاصمة موزمبيق , كان أقصر خط جوي ( كونكشن ) هو المار عبر باريس والبقاء يومين فيها , أستطاع الزملاء في سفارتنا بصعوبة أن يحصلوا لي على بطاقة لحضور حفل فيروز في مسرح كازينو لبنان الكائن في شارع الشانزلزيه الشهير , كانت غالبية الحضور من الأخوان في الجالية اللبنانية وعوائلهم , حالما بدأت السيدة فيروز بالغناء دخل الحضور في جو من البكاء والعويل , كانت الحرب الأهلية اللبنانية لاتزال مشتعلة الأوار , وكانت فيروز تشعل في قلوبهم الحنين وتستخرج من صدورهم الأنين ليتصاعد الى بكاء حزين لا مجال لكفكفة دموعه , وأستمروا على هذا المنوال مع كل أغنية جديدة او قفل أغنية يستعيدونه معها بالنواح , وكان لابد ان يسحبوا نشيج أرواحنا ايضا حيث تعاطفنا لا أراديا معهم , وبكينا , وكانت ليلة , كان العراق حينها يخوض حربا ولكنه كان موحدا قويا ولم يمر بمخيلتنا أننا سنبكيه بعد 22 عاما كما بكى اللبنانيون وطنهم.

لا أدري هل نشيع بيروت , ام المقاومة ؟ أم نشيًع الأمة ؟ ففي بيروت رمَّد العدو الورود وردةً وردة , وشرَّد العائلات عائلةً عائلة , وقتل بعض أفرادها فرداً فرداً , وكل ذلك كان على عجلةٍ من أمره , لم يترك وقتاً للجنازات , والصحف خالية من إعلان الوفيات , لأن الموت مباحٌ دون إذن بالتشييع , كشفت لنا الحرب الحالية إلى أي مدىً نجهلُ لبنان الذي كنا نظن اننا نعرفه في جهاته الأربع , أنا على سبيل المثال , زرته مرات عديدة بحكم عملي , ولكني لا أعرف أي مناطق نعني بالإشارة إلى شمال شرقي البلاد , ومثل الشمال , كذلك الجنوب , والغرب والشرق , فإنني أجهل مدنها وقراها جميعاً , بالرغم من أنني زرت بيوت العديد من الأصدقاء الذين كانوا يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم لنا , وأصبح الأسرائيلي يقدم لنا هذه الأيام في الصباح والمساء دروساً في الجغرافيا لا يمكن نسيانها , يعدد لنا القرى التي لا نعرفها واحدةً واحدة , ويدعو أصحابها إلى إخلاء منازلهم على الفور, لأنه سوف يقصفها على الفور, ولم يخلف في وعده مرة واحدة.

الجغرافيا لا تقل حزناً ولا وحشيةً عن التاريخ , والإسرائيلي يكتب اليوم أسماء ضحاياه , وشهدائنا , بحبرٍ أحمر قاتمٍ , حتى صار لونها لون حدادنا , ممتداً على خريطة بلاد بأكملها , وليس ذلك صعباً على ما يبدو, لقد امتلأ , مثل وعاء ألماسي , بجثث الأحلام وأصحابها ,
وصار الحلم الأكبر والوحيد لدى البائسين هو البُعد عن هذا البلد الصغير , الذي كانوا يغادرونه طوعاً في الماضي , بحثاً عن الثروة , أو الكفاية , أو ما يستطيعون جمعه , من أجل أن يعودوا ويتمتعوا به في جبال لبنان , وعلى ضفاف الأنهر,لا بيوت يعودون إليها , فقد تفتتت جدرانها مثل الرماد , وطمر ركامها الصور التذكارية عن الطفولة والحقول والأعراس.

كثيرٌ كل هذا على بلدٍ بهذا الحجم , وكثير عليه , خصوصاً أن الفازعين إليه من بلدان الجوار, اعتادوه وطناً دائماً , وقد قالها الكبير محمد حسنين هيكل منذ عقود , (( بين الصحافة والسياسة علاقة مركبة كلاهما يحتاج إلى الآخر , وكلاهما يحذر من الآخر)) , ولأول مرة , اجد نفسي حذرا مرتبكا , في كتابة مقال ثقيل بتعقيداته , متعب بتشعباته , والكتابة في نهاية المطاف , هي بيان موقف إزاء كوارث وحوادث خطرة تصيب الأمة في عقر دارها , وتكون سببا بفقدان وعيها , والأمم التي لاتكون لها دولة قوية , تعيش ممزقة ذليلة , الصديق عدوها , والعدو صديقها , أمة لا تفرق بين الحق والباطل , وبين العالم والجاهل , وبين الجاني والضحية , وبين المبتلى وصانع البلية , امة فقدت روحها وبوصلتها , منتصرة لقبائلها واحزابها , لا تبحث إلًا عن غنائمها , وكأن النضال صار مهنة وغنيمة , وحمل البندقية اشعار للرزق لا درء لمخاطر الهزيمة .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الترويض .
- مقامة الروقان .
- مقامة فراق .
- مقامة الزفرة .
- مقامة بيت القصيد .
- مقامة حلم ميس .
- مقامة العافية .
- مقامة المراجعات .
- مقامة الثنائية .
- المقامة الشرقية .
- مقامة الأخوة .
- مقامة الخنزير .
- مقامة التماهي .
- مقامة الشطرنج .
- مقامة ألأختفاء : ( رسائل العدوية ) .
- مقامة غودو .
- مقامة حُوْبة العراق .
- مقامة اين نحن من الأعراب .
- مقامة هم الطلاسم .
- مقامة ما أغلى مالايتحقق .


المزيد.....




- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...
- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
- شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا ...
- منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية ...
- ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك ...
- حكاية امرأة عصفت بها الحياة


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة فيروز وبيروت .