يوم 4 أكتوبر الجاري ، سيكون موقفا اوربيا حاسما من نزاع الصحراء الغربية . والآلة المستعملة قرار محكمة العدل الاوربية .. القضاء ..

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)

الحوار المتمدن-العدد: 8119 - 2024 / 10 / 3 - 14:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

غدا الجمعة 04 / 10 / 2024 ، سيكون موعدا غير عادي بالنسبة لنزاع الصحراء الغربية . وشهر أكتوبر بدوره يعتبر شهرا غير عادي لنفس النزاع ، من جهة انتظار قرار محكمة العدل الاوربية ، ومن جهة استقبال المبعوث الشخصي للأمم المتحدة السيد Stefan de Mistura بفرقاء النزاع ، كل على حدى ، ومن دون شروط مسبقة ، لتفعيل مسلسل نزاع الصحراء الغربية ، ضمن المشروعية الدولية الواضحة في شكلها وفي جوهرها .. وهو ما يفيد ان القرار القضائي الأوربي لمحكمة العدل الاوربية ، واضح من الآن حتى قبل ان تصدر المحكمة قرارها .. فالتنصيص على المفاوضات من قبل De Mistura ، وضمن المشروعية الدولية ، يكون قد رسم الطريق ، الذي اصبح واضحا لمحكمة العدل الاوربية ، وطبعا سيكون قرارا ضمن المشروعية الدولية ، لا قرارا خارجها ..
طبعا ، ومن حيث الشكل فاطراف النزاع المغرب والجزائر لا يزالون يواصلون صمتهم كالمعتاد ، لان إعطاء وجهة النظر والتفسيرات ، تكون بعد صدور قرارا المحكمة الاوربية Strasbourg ، وكما قلت القرار من حيث الشكل ومن حيث الموضوع ، واضح حتى قبل ان تصدر المحكمة قرارها المنتظر .. وهذا بخلاف ما جرى عليه الحال عند مسؤولي جبهة البوليساريو ، مثل سفيرها " ابي بشرية " المعتمد لدا الاتحاد الأوربي .. لانهم اعتبروا القرار المنتظر ، يصب في صالح اطروحة الاستفتاء وتقرير المصير ..
المعركة القضائية ، والمعركة القانونية ، والمعركة السياسية ، وحتى العسكرية ، ليست متوقفة منذ اخر لقاء بين ممثل النظام المخزني ، وبين ممثلي جبهة البوليساريو .. فالمعركة العسكرية استأنفت في 13 نونبر 2020 ، دون علم المغاربة بها ، لان النظام المخزني يمارس التغطية ، خاصة اذا كان الموضوع يهم المغاربة الذين يجهلونه ، ومن شأن اثارته ، ان يشغل الساحة الشعبية بالتأويلات التي تؤثر سلبا على قضية الصحراء ، وتفتح باب الاجتهادات المغرضة التي يتقنها " راديو باليما " Balima ، مما سيمس بقوة النظام ، في تعامله ، وفي معالجته لنزاع الصحراء الغربية .. سيما وان النظام يحق حتمية سقوطه عند تفريطه في الصحراء ، التي هي من جنب سقوطه في سبعينات ، وحتى النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي .. فالمعركة متواصلة ، وعلى جميع المستويات ، وما يهم النظام المخزني فقط المعركة العسكرية ، لأنها تدور على ارض الصحراء ، وليس بجنيف السويسرية او بالولايات المتحدة الامريكية ..
فمن ضمن هذه المجالات من الصراع ، يأتي الصراع القضائي الذي تبث فيه محكمة العدل الاوربية ، وليس محكمة العدل الدولية .. لان السؤال . بما ان محكمة العدل الاوربية سبق وان حكمت بإبطال اتفاقية الصيد البحري ، واتفاقية التجارة والفلاحة ، وحكمت بعدم قانونية تلك الاتفاقيات ، لأنها تتناقض ولا تحترم القرارات التي خرج بها مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فالملاحظ ان دول الاتحاد الأوربي ، رغم صدور قرارها عدة مرات ، وأكرر عدة مرات ، وبعد ان حاز الحكم على قوة الشيء المقضي به بعد فوات مدة أي طعن حسب المسطرة ( صدر الحكم الابتدائي وبعده صدر حكم الاستئناف ) ، فالدول الاوربية لم تحترم قرارات محكمتها في الموضوع ، لانه رغم الحكم ببطلان الاتفاقيات بالنسبة لثروات الصحراء الغربية المتنازع عليها ، بسبب عدم اعتراف الأمم المتحدة بالوضع القانوني للصحراء ، وتناقشها ضمن اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، فالدول الأوربية جددت الاتفاقيات المذكورة ، دون اخد الاعتبار بقرارات محكمة العدل الاوربية التي حكمت ابتدائيا واستئنافيا في الموضوع .. ورغم عدم التقيد بقرارات المحكمة ، وحصل التصرف ضد قرار المحكمة ، لم يطالب احد من الدول الاوربية بمعاقبة الدولة الاوربية التي لم تحترم قرار محكمة Strasbourg ، حين تم تجديد الاتفاقيات ، وقرار محكمة العدل الاوربية واضح للعيان ..
فهل عدم التقيد بأحكام وقرارات المحكمة ، رغم حيازة الحكم على قوة الشيء المقضي به ، هو خروج عن الثقافة القانونية والقضائية الاوربية ، من قبل بعض دولها كفرنسا واسبانيا مثلا .. ؟
ان المشكل بالنسبة للقانون الأساسي للمحكمة ، انها محكمة اوربية تبث في النزاعات الاوربية ، وحين انشأها الاوربيون فلكي تكون اوربية لا غير .. ودول الاتحاد الأوربي كإسبانيا او فرنسا .. اذا لم تلتزم بقرارات المحكمة التي حازت على قوة الشيء المقضي به ، فان عدم الالتزام هذا ، لا يرتب عليها اية متابعة قضائية بدعوى تحقير قرارات المحكمة ، خاصة وان الأنظمة السياسية الاوربية كلها تأخذ بمبدأ " الفصل " بين السلط ، اذ لا يمكن لسلطة ان تتجبر على أخرى ، والا سيسقط الجميع في نظام ديمقراطي شكلا وليس ديمقراطي موضوعا .. فالتهرب من تنفيد احكام وقرارات القضاء ، لهو شيء الممنوع ، وتترتب عليه عقوبات ، زيادة على تشويه السمعة ، وهو ما يؤدي الى فقدان الثقة التي ستتضرر منه جميع المعاملات القانونية التي تجريها الدول .
اذن . ان تصرف بعض الدول الاوربية بتجديد الاتفاقيات التجارية والفلاحية ، واتفاقية الصيد البحري ، رغم وجود حكم قضائي يقضي بخلاف ذلك ، كان تصرفا مباحا ، لأنه حصل ضمن القانون الذي يفرض احترام قرارات القضاء .. ومن ثم فان التباكي من طرف جبهة البوليساريو ، لم يكن صائبا ، لأنه يجهل ان قرارات محكمة العدل الاوربية ، تكون جبرية في حالة واحدة ، وهي ان يكون اطراف النزاع اوربيين الجنسية ، سواء أصلا او بالتجنيس .. والحال ان احد اطراف النزاع في الحالة الصحراوية ليست اوربيا ، مما تصبح معه اجتهادات المحكمة استشارية فقط .. شأنها شأن القرارات التي يتخذها مجلس الامن ضمن المادة السادسة من الميثاق الاممي ...
فما الفائدة من اصدار قرارات لن تعرف طريقها الى التنزيل ، لأنها تفتقد لسلطة الجبر والضبط ، الذي لا تتوفر عليهما القرارات الاستشارية بسبب ان احد الأعضاء ليس اوربيا ، رغم ان المحامي الذي رفع دعوى الطعن اوربيا أصلا وليس بالتجنيس ..
ان صدور قرار محكمة العدل الاوربية غدا الجمعة 04 / 10 / 2024 ، ستكون له إيجابيات ، كما ستكون له سلبيات ..
ومن بين النتائج السلبية ، انه يبقى قرارا اوربيا ، بثت فيه المحكمة الاوربية على سبيل الاستئناس ، والاجتهاد القضائي ، وتفريش الأرضية لقضايا مماثلة قد تحصل مستقبلا ، أي يبث فيها استشاريا وليس ضبطيا .. ومن ثم فان الطرف المعني بالصدور ، أي المدعى عليه ، يبقى متحللا من الالتزامات التي تكون فقط في الاحكام والقرارات الضبطية ، وليس في القرارات الاستشارية ..
ثم كيف نفرض تنزيل قرار او حكم على دولة ليست عضوا اوربيا ، ولا تنتمي الى قانون المحكمة وفضاء المحكمة .. ؟
وهو نفس الشيء معمول به في المحكمة الجنائية الدولية . فأحكامها ، وقراراتها تُنزل فقط على الدول الموقعة على قانون انشائها ، ولا تطبق في حق الدول او المنظمات التي لم توقع على قانونها الأساسي .. الحالة الوحيدة التي تعرض فيها دولة او منظمة او شخص او عدة اشخاص ، على المحكمة الجنائية الدولية ، ان تكون الإحالة بقرار يتخذه مجلس الامن في الموضوع . اما ماعدا قرار لمجلس الامن ، فان المحكمة الجنائية الدولية غير مخولة النظار في من لا يعترف بها أصلا .. وهنا فالولايات المتحدة الامريكية تمنع مسائلة جنودها امام المحكمة الجنائية الدولية ، لأنها ليست طرفا فيها ، ولم توقع على قانون انشاءها ..
لكن ما هي إيجابية القرار الذي ستصدره محكمة العدل الاوربية غدا الجمعية 04 /10 /2024 .. ان صدور الحكم للمرة المائة ، لان الموضوع سبق للمحكمة ان بتت فيه مرات ومرات ، وحاز الحكم على قوة الشيء المقضي به ، وعاودت نفس المحكمة النظر فيه ، سينتج حالة من التعامل مع قضية الصحراء الغربية ، وهي ان قرارا المحكمة ، سيصبح قرارا للاتحاد الأوربي ، لا لدولة من دوله .. فالقرار الذي ستصدره المحكمة ، سيجعل قرارات الاتحاد الأوربي ، بمثابة قرار واحد من نزاع الصحراء الغربية ، لا بقرار دولة من دوله . لذا فموقف القرار المقبل من صراع الصحراء الغربية ، سيصبح قرارا اوربيا .. وهنا فانْ ذهبت قرارات محكمة العدل الاوربية ، باتجاه ابطال الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد الأوربي وبين النظام المخزني ، سيصبح الموقف من نزاع الصحراء الغربية موقفا لكل الاتحاد الأوربي .. مما يعني انه اذا صدر قرار الابطال للاتفاقيات الموقعة ، فالاتحاد الأوربي سيتحلل من كل الالتزامات التي تقيده مع النظام المخزني .. كما ان الاتحاد سيقف موقفا سلبيا من النزاع ، بدعوى الحياد الذي يجيز للاتحاد التصرف على مستوى واحد بين النظام المخزني وبين جبهة البوليساريو ...
واذا اضفنا موقف الاتحاد الأوربي ، بعد صدور قرار محكمة العدل الاوربية ، الى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 16 أكتوبر 1975 ، والى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر سنة 1979 34/37 ، الذي كان جوابا على دخول جيش النظام المخزني قوة الى وادي الذهب " تيريس الغربية " ، وهو القرار الذي اعتبرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ان جبهة البوليساريو تشكل وحدها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي ..
واذا اضفنا خرجات النظام الانتحارية ، سواء عند تقديمه لخيار الحكم الذاتي ، واعترافه بالدولة الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، والاعتراف كان امام العالم في 31 يناير 2017 .. أي اعترف بمشروعية شعب يسمى بالشعب الصحراوي ، اعترفت به الأمم المتحدة ، واعترف بجيش التحرير الصحراوي ..
واذا اضفنا زيارات إبراهيم غالي الى عاصمة الاتحاد الأوربي Bruxelles ، حيث حظي إبراهيم غالي كرئيس للدولة الصحراوية ، بنفس البروتوكول الذي حظي به رؤساء اوربيين وافارقة ، ورؤساء حكومات اوربيين وافارقة ، ورفرفت رايتها في سماء Bruxelles بجوار راية النظام المخزني المغربي ...
وعندما نجد دولا عربية وما اكثرها تعترف بالدولة الصحراوية بطريقة او أخرى ... الخ ...
فان الحكم والقرار المنتظر صدوره غدا من قبل محكمة Strasbourg الاوربية ، سيزيد في تفاقم قضية الصحراء الغربية ... وطبعا فان هذه التحولات التي لم تكن مفاجأة ، لعب في تأكيدها الرئيس الفرنسي ، بعد فضيحة جريمة Pegasus ، وجريمة Morroco Gate ..

#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات