أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - زرع ثقافة السلام















المزيد.....

زرع ثقافة السلام


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 8118 - 2024 / 10 / 2 - 20:21
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


احتفلت البشرية قبل أيام بالذكرى 43 باليوم العالمي للسلام، الذي يصادف 21 أيلول / سبتمبر، حيث كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدته في العام 1981، الذي اعتُبر "عام السلام"، والهدف هو تعزيز المثل العليا للسلام في جميع أرجاء المعمورة، وهو الهدف السامي الذي أُنشأت من أجله الأمم المتحدة أيضًا، كما جاء في ميثاقها الذي نصّت ديباجته على ما يلي "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف... وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار، وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي".
كما يُعتبر حفظ السلم والأمن الدوليين المدماك الأساسي في مقاصد الأمم المتحدة التي نصّ عليها ميثاقها في المادة الأولى منه، حيث جاء فيه "...وتحقيقاً لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها."
وكانت الأمم المتحدة في العام 1999 قد أقرّت إعلانًا وبرامج عمل لنشر ثقافة السلام وتعميمها، وذلك بتأكيد الحق في السلام باعتباره حقًا لازمًا للتمتّع بالحقوق الأخرى، وبالطبع بعد الحق في الحياة، إذْ أن العيش بسلام وطمأنينة وكرامة هو ملازم للحق في الحياة.
وكان دستور منظمة اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة للعلم والتربية والثقافة) قد نصّ على ما يأتي: لمّا كانت الحروب تُصنع في العقول، فلا بدّ من بناء حصون السلام في العقول أيضًا، الأمر الذي يعني أن مسؤولية تحقيق السلام وبنائه وإدامته والحفاظ عليه هي مسؤولية الجميع دون استثناء، وهي مسؤولية الدول والحكومات بالدرجة الأساسية، ويأتي دور الهيئات المدنية والمنظمات، ولاسيّما منظمات السلام، بما فيها مجلس السلم العالمي، الذي تأسس في العام 1950 ليكون مكمّلًا ومتمّمًا لها، لاسيّما من خلال أنشطة وفعاليات، إضافة إلى تهيئة مستلزمات وعي جديد يؤمن بأهمية السلام للتنمية والتقدّم.
ولا يمكن الوصول إلى ما تصبو إليه الأمم والشعوب دون بناء السلام وتعزيزه، ويتطلّب ذلك نشر ثقافة السلام والتربية عليها، ابتداءً من المدارس الابتدائية ووصولًا إلى الجامعات والمعاهد العالية، وجعلها ضمن برنامج المنظمات والجمعيات بمختلف اختصاصاتها بإقرار الحق في التنوّع وقبول التعدديّة واحترام الحق في الاختلاف والبحث عن حلول للمشاكل بالوسائل السلمية والابتعاد عن كلّ ما له علاقة بالعنف أو استخدام الوسائل الحربية لحلّ الخلافات، وهو ما ورد في النظام الأساسي لمجموعة السلام العربي، التي تأسست من شخصيات وازنة سياسية وفكرية وثقافية قبل نحو 6 سنوات، وعقدت مؤتمرين (2022 و 2024) في مقر جامعة الدول العربية
إن عنوان الاحتفال هذا العام له أكثر من دلالة ومعنى، فزرع ثقافة السلام، تعني أولًا وقبل كلّ شيء، نشر فضائل السلام، ولاسيّما بإظهار نقيضها، والمقصود بذلك رذائل الحرب، ثمّ دراسة التجارب التاريخية، التي مرّت على العالم، فحروب أوروبا التي دامت 100 عام وبعدها 30 عامًا، لم يوضع لها حدّ إلّا بتوقيع معاهدة وستفاليا العام 1648، حيث أنهت الحروب الدينية والطائفية التي اجتاحت أوروبا لقرون من الزمن، فما أحوجنا إلى أخذ الدروس والعبر لكي تخرج منطقتنا من دائرة الصراعات والاحترابات الطائفية والدينية والإثنية، تلك التي دفعت المنطقة ثمنها باهظًا، لاسيّما إذا تمكّنت الأمم الأربعة: الترك والفرس والكرد والعرب من إقامة علاقات سويّة بين بعضها البعض على أساس الاحترام المتبادل وحق تقرير المصير وأخذ المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بنظر الاعتبار، لاسيّما بمراعاة الخصوصيات الوطنية والقومية وعدم التدخّل بشؤونها، فضلًا عن حقها في ممارسة شعائرها وطقوسها بحرية، مع احترام حريّة الآخرين في هويّاتهم الفرعية والوطنية وانبعاث تراثهم التاريخي.
وأكدّت التجربة أيضًا أن لا تنمية دون سلام، وهذه تتطلّب تلازمًا بين جميع الحقوق الإنسانية، التي هي القاعدة الأساسية للتنمية المستدامة بمعناها الشامل الإنساني، يضاف إلى ذلك أن نشر ثقافة السلام يعني وقف الحروب الخارجية والنزاعات الأهلية الداخلية، والبحث عن السبل الكفيلة للوصول إلى السلام وإدامته، ويتطلّب ذلك حصر بؤر التوتّر ونزع صاعق التفجير، لاسيّما اعتماد الحوار والتفاوض والحلول السلمية سبيلًا للوصول إلى الحل المنشود، وصَدَقَ من قال: أن 50 عامًا من الحوار ولا ساعة قتال أو حرب، لأن هذه الأخيرة ستترك تأثيراتها النفسية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية والتاريخية، ليس على الفريقين المتحاربين، سواء جيوشًا أو جماعات مسلحة فحسب، بل على عموم السكان، وقد تبقى تأثيراتها لفترة طويلة، فضلًا عن اختزانها في الذاكرة الجمعية للمجتمع، وفي ذاكرة الأفراد أيضًا، لاسيّما للضحايا أو ذويهم، تلك التي تتوارثها الأجيال أيضًا.
إننا حين نتوقّف عند الاحتفال هذا العام بزرع ثقافة السلام، فإننا نراجع حصيلة حروب المنطقة وحروب شمال أفريقيا، فالحرب المفتوحة على غزّة منذ حوالي عام ما تزال مستمرة، وهي باعتراف محكمة العدل الدولية "حرب إبادة جماعية" أدّت إلى تهجير نحو مليوني إنسان من مدنهم ومناطق سكنهم، لاسيّما بقطع الماء والكهرباء والغذاء والدواء عنهم، بعد تدمير البنية التحتية الأساسية، والمستشفيات ودور العبادة والعلم والتربية، بما فيها تعريض المنظمات الدولية الإنسانية والإنمائية والإعلامية إلى الانتهاك والتدمير.
لقد انتشر العنف خلال ربع القرن الماضي في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين بالطبع والسودان والصومال وليبيا، إلى درجة الانفلات، خصوصًا بصعود عدد من المنظمات الإرهابية، لاسيّما القاعدة وداعش وجبهة النصرة (فتح الشام)، حيث ارتفع معه معدّل اللّاجئين والنازحين، وأحدث أزمة دولية في العديد من دول العالم، سواء الدول المجاورة أو الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا وإيطاليا، وما يزال عشرات الملايين من السكان يعانون مرارة الحرمان وفقدان الأمل، إضافة إلى الخسائر التي لا يمكن تعويضها في الأرواح والأموال، وتعطيل التنمية، ووجود أعداد كبيرة وغير مألوفة من الجرحى والمعاقين والمفقودين والأيتام والأرامل.
لقد عالجت اتفاقيات جنيف لعام 1949 قضايا الجرحى والمرضى والأسرى والمدنيين، الذين هم ضحايا الحروب، وجاء بروتوكولي جنيف لعام 1977 ليستكملا هذا الجهد الدولي المتواصل للتخفيف من نتائج الحروب واحترام حقوق الإنسان.
إن إعمال الحق في الحياة وفي سلامة الجسد والنفس والحق في العيش الكريم والحق في الأمن والأمان، هي حقوق أساسية لا يمكن أن تتحقّق إلّا في ظلّ السلام، الذي ينبغي أن يكون دائمًا ووطيدًا وعادلًا، وذلك حمايةً للأجيال المقبلة، فقد شهدت البشرية خلال القرن العشرين حربين عالميتين، ذهب ضحيتهما زهاء 80 مليون إنسان، وهو ما يتطلّب تكريس التعايش السلمي بين الشعوب والأمم، واحترام خياراتها الحرّة وطريق تطوّرها المستقل وفقًا لحقّها في تقرير المصير، ولتعزيز السلام وإدامته والحفاظ عليه فإن ذلك يحتاج إلى العدالة التي بتحقيقها تنعم البشرية بالحقوق والحريّات والرفاه.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديبلوماسية الثقافية والتأثير في الرأي العام
- المفكر العربي الكبير عبد الحسين شعبان: -أمراء الطوائف- يسيطر ...
- الجواهري وطه حسين و-رهين المحبسين-
- مُهدى إلى -غسان كنفاني- - الطبعة الانكليزية من -مذكرات صهيون ...
- المرأة والطريق إلى الحداثة
- Memoirs of a Zionist كتاب جديد لعبد الحسين شعبان
- إلى أين؟ غزّة والاحتلال -الدائم-
- وسام التميّز لعبد الحسين شعبان
- عبد الستار الدوري السياسي العصيّ على التصنيف(الحلقة الرابعة ...
- شذرات من ذاكرة كردستانية (الحلقة الثانية)
- المفكر والكاتب العراقي عبد الحسين شعبان -إلك صدر البيتِ وإلن ...
- بعلبك تحتفي بعبد الحسين شعبان
- أبو گاطع: حين تصبح السخرية فلسفة
- كأن مسيحياً يقف وراء الدكتور شعبان ليعرف عدله / مقدمة كتاب ف ...
- فقه التسامح في الفكر العربي الإسلامي (الحلقة السادسة والأخير ...
- فقه التسامح في الفكر العربي الإسلامي (الحلقة الخامسة)
- فقه التسامح في الفكر العربي الإسلامي (الحلقة الرابعة)
- فقه التسامح في الفكر العربي الإسلامي (الحلقة الثالثة)
- عبد الستار الدوري: السياسي العصيّ على التصنيف (الحلقة الثالث ...
- فقه التسامح في الفكر العربي الإسلامي (الحلقة الثانية)


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الحسين شعبان - زرع ثقافة السلام