بن سالم الوكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 8118 - 2024 / 10 / 2 - 08:57
المحور:
كتابات ساخرة
في خطوة غير مسبوقة، قررت السلطات المحلية بالعاصمة الرباط أن تضع حدا للفوضى التي تعم شوارع المدينة، وذلك من خلال فرض غرامات على المشاة الذين لا يلتزمون بممرات الراجلين. نعم، لقد سمعتم جيدا! في بلد يعاني من نقص حاد في البنية التحتية، حيث الطرقات مهترئة والأرصفة تباع لأصحاب المحلات التجارية، جاء القرار ليظهر لنا أن هناك من يهتم بسلامة المشاة، حتى وإن كان ذلك في إطار من السخرية.
ففي الوقت الذي تتعالى فيه أصوات المواطنين مطالبين بتحسين ظروف السير والتنقل، نجد أن الحل الذي تم اختياره هو فرض غرامات على من يجرؤ على السير في الشارع دون استخدام ممر الراجلين. وكأن المشاة هم السبب في الفوضى المرورية التي تعيشها المدينة، وليس غياب التخطيط الحضري أو عدم احترام قوانين السير من قبل السائقين.
تخيلوا معي، شخصا يخرج من منزله في الصباح الباكر، متجها إلى عمله، ليجد نفسه مضطرا للعبور في شارع مزدحم، حيث لا ممرات راجلين واضحة، ولا إشارات مرورية تحميه.
وفجأة، يظهر له شرطي، ليخبره أنه ارتكب جريمة "السير خارج ممر الراجلين"، ويطالبه بدفع غرامة. هل هذا هو الحل؟! أم أنه مجرد مسكنات تعطى لمشكلة أكبر؟
وفي خضم هذا التناقض، نجد أن الشوارع مليئة بالحفر، والأرصفة المكسرة، والباعة المتجولين الذين يحتلون كل زاوية. لكن لا، لا وقت للحديث عن هذه الأمور، فالأهم هو أن نظهر للمواطنين أن هناك قوانين يجب احترامها، حتى وإن كانت هذه القوانين تطبق في ظروف غير عادلة.
إنها حقا مهزلة! في بلد يعاني من غياب المرافق الأساسية، نجد أن الحلول تأتي دائما على حساب المواطن. فبدلا من تحسين البنية التحتية وتوفير ممرات آمنة للمشاة، يتم فرض غرامات عليهم وكأنهم هم من تسببوا في الفوضى.
في النهاية، يبقى السؤال: هل ستستمر السلطات في فرض الغرامات على المشاة، أم ستبدأ في التفكير في حلول حقيقية تعالج جذور المشكلة؟ ربما علينا الانتظار لنرى ما ستسفر عنه الأيام القادمة في مغرب التناقضات.
#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟