ابتسام لطيف الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8116 - 2024 / 9 / 30 - 23:09
المحور:
الادب والفن
حدث ليس بغريب، لكنه شغل وقتاً من الزمن..
"١"
في ليلة من ليالي الشتاء سمعت أصواتاً مزعجة في المطبخ، فذهبت لأستطلع مصدرها ولم انتبه الى ذلك الضيف الصغير عند سلة المهملات.
فأر صغير، تسمر في مكانه وكأنه يستعيد من الذاكرة تجارب سابقة قد تعينه على الهرب، والذي غالباً ما يعتمد على استخدام حركات وانتقالات عشوائية تجعل المهاجم في حيرة عند توجيه ضرباته، وهذا يعد افضل الطرق للخلاص من هذه المواقف.
في المحصلة تركت له فرصة للهرب، فقط لأعرف المنفذ الذي تسلل منه الى مطبخي، وربما هو أدرك غايتي، فسارع الى الدخول في إحدى الأنابيب التي تستخدم في تصريف مياه حوض غسيل الأطباق.
"2"
بحثت عن وسيلة لغلق تلك الثغرة التي دخل منها فلم أجد سوى قنينة بلاستيكية حشرتها في الأنبوب لسد الطريق أمام هذا الضيف القادم بلا موعد أو دعوة. وكنت اعتقد ان المسألة قد انتهت، لكني فوجئت به بعد ساعة وهو يحاول اقتحام الحاجز الذي نصبته، فأسنانه التي كانت تنهش في تلك القنينة أصدرت صوتا جعل من محاولاته أمراً مزعجاً. وفي كل مرة ادخل فيها المطبخ لتفحص الحاجز كان يلجأ الى التزام الهدوء حتى أغادر المكان ليعود الكرة مع شعوره بخطواتي المبتعدة، فخطرت لي فكرة في ان استخدم حيلته بالركون الى الهدوء وإيهامه بأن الأجواء آمنة. ومع كل محاولة كنت اصدر بعض الأصوات لأراقب ردود الفعل، والتي تحددت بتجميد حركاته لبرهة من الزمن.
"3"
وفي ظل تلك الدقائق أدركت أني أمارس دوراً قمعياً، خصوصاً وأنا أمسك بيدي عصا لضرب ذلك الحيوان الصغير، فمحاولته اقتحام مطبخي لم تكن في حقيقتها سوى سعيا للبحث عن الطعام، وهذا ما كنت أرى فيه خرقاً للنظام وعبثاً بممتلكاتي - أنا اقصد نظامي في المنزلي - وما بين الفعل ورد الفعل تمكن الفأر من كسر الحاجز بعد أن اضعف بنية القنينة البلاستيكية، وسط صمت مني في انتظار ما سيفعله الضيف، والذي اكتفى بالوقوف عند فوهة الأنبوب وكأنه يعلن النصر.
"4"
كنت اعتقد انه سيتقدم خطوة لكنه ربما أدرك ان تلك الخطوة ستجعله في مرمى العصا، وبالتالي سيخسر في تلك المعركة، فلم يكن منه إلا ان عاد الى الداخل، وهذا ما دفعني الى استخدام مجموعة من الحصى تلاءم فتحة الانبوب والتي ربما يعجز عن دفعها او قضمها بأسنانه.
وبالرغم من انتهاء الأمر إلا أنني انتظرت لأرى ما سيفعله عدوي الصغير، والذي حاول ان يسمعني صوته المكتوم بالحجارة، ولا أدري إن كان فقه قولي عندما اقتربت من فتحة الانبوب لأخاطبه معلنة نصري " لقد خسرت الحرب.. ولا نفع لاحتجاجك هنا فالمكان لي وأنا الحاكمة هنا "
#ابتسام_لطيف_الموسوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟