أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - بؤس ثقافة الهوان















المزيد.....

بؤس ثقافة الهوان


فتحي علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام .هذا ليس مجرد شعر بل فلسفة حياة ؛ فلسفة لحياة الإباء والشموخ رآها المتنبي للعرب منذ اكثر من الف عام .عندما راح غزاة الأمس يتجرؤون على العرب كما يفعلون اليوم .يوم سقطت هيبة العرب وبدأت دولتهم (الدولة العباسية )تتفكك وتنهار. عندما تقبل الدولة ان تهان كرامة شعبها او عندما تسكت او تتقبل الاعتداء على شعبها لابد ان تسقط .وهذا ما حصل لقد ظهرت دويلات الأمراء قبل ان تسقط الدولة بثلاثمائة سنة ، سقطت الدولة يوم هانت الشعوب على حكامها ,فكثرت تحرشات وغزوات الأغراب على الثغور العربية . مما شكل خلفية سياسية واجتماعية لحياة باتت تتسم بتقبل الذل والهوان والخنوع وتعدي الأغراب عليهم .فحذرهم المتنبي من أن من يتقبل الهوان والظلم فلابد من ان ينموا فيتحول الى تقبل للذل والخنوع والاستسلام ,ويتحول من تقبل الاستعباد الداخلي لعبودية للخارج .
وهو ما حصل بعد ثلاثمائة عام بسقوط بغداد والدولة العباسية عام 1256 فاستعبدت الدولة والشعب من قبل المغول والتتر ومن ثم من المماليك العبيد عبيد الروس والفرس والترك ثم جلاوزة أوروبا وامريكا انتهاء بأنذال العالم ممثلين بإسرائيل اليوم . وهو ما يتكرر اليوم بالهوان الذي لحق بهم لترك شعب فلسطين وحيدا يعاني حيث باتت أغلب الأنظمة والحكومات العربية ونخبها وشعوبها تدير ظهرها لما يحصل لأخوانهم في فلسطين واقبلوا على عمليات التطبيع مع عدو باتت تتجسد فيه مظاهر كل القوى الغازية والباغية التي مرت على العرب عبر التاريخ .
ثقافة الهوان :من أخطر ما روج له الاعلام الغربي والصهيوني والعربي الذليل . هو ان كل من يتصدى للعدوان الإسرائيلي في فلسطين او لبنان او في مكان من الوطن العربي بأنه إما متهور واحمق وإما مدفوع من ايران او عميل لها .وكأن تقبل العبودية والذل بات طبع للعربي . وكأن العربي لا يمكن ان يثور وويقوم ويستشهد الا إذا كان عميلا لأحد او مدفوعا من قبل احد مثل ايران .وراحوا يصورون كل من يقاوم الذل والهوان والعدوان بانه عميل لإيران او كما لو كانت إيران هي القوة الوحيدة في المنطقة التي ترفض الذل والهوان وترفض العدوان وتقاومه .مع انها لم تقم منذ ان قامت ما تسمى الثورة الإسلامية منذ اربع وأربعين عاما بأي عمل للدفاع عن نفسها وشرفها وسيادتها او لمساعدة العرب او تقديم العون لهم اوبأي عمل ضد إسرائيل او أمريكا او الغرب .
فتناسوا ان العرب لم يتوقفوا يوما في التاريخ عن التصدي لعشرات الغزاة وهزموهم . وتناسوا عن قصد ان المقاومة الفلسطينية والعربية للاحتلال والمشروع الصهيوني التوسعي منذ اكثر من مئة وخمسين عاما.وأنه وجد دائما في فلسطين وفي كل الوطن العربي من يقاوم الاحتلال . مهما كثرت النذالة وعمت .وبأنه كما وجد في كل امة او شعب عبر التاريخ أشخاص لا يقبلون ، اولا يمكن ان يقبلوا الذل والهوان والاستعباد وجد أمثال هؤلاء في تاريخ العرب عبر كل العصور وكانوا موجودين من قبل ان تظهر دولة ايران الإسلامية وهم يوجدون اليوم ودائما بأسماء أخرى . وكما وجد في كل العصور بيننا عبيد وانذال وجد ويوجدون اليوم في كل مكان .
من المؤسف ان نقول ان الاستعمار الخارجي بعد سلم بعض الانذال حكم بلادنا كرسوا لدى شعوبهم روح الخنوع والاستسلام . وراحوا يروجون بعض الأمثلة الشعبية مثل " امشي الحيط الحيط وقل يا ربي الستر " متناسين ان من قبل العيش في ظل الهوان والإهانة والذل سيقبل في اليوم التالي ان يضرب بالنعال على وجهه ثم سيقبل ان يضرب بالسياط ثم سيأتي عليه يوم يجد فيه من يبصق في وجهه ويدوس عليه بالحذاء ويدوس عليه في عقر داره . وهذا مفعله الصهاينة منذ أيام في دمشق ومصياف وطهران (والقادم اعظم ).
من حسن حظ الشعوب هو انه كان يوجد او يبقى نفر قليل من أبنائها يرفضون الهوان والذل والخنوع فيصمدوا ويقاوموا . لأنهم بالأساس لم يهنوا ولم يصغروا امام انفسهم وابنائهم وبناتهم . فلم يروا في الغزاة الصهاينة الا ما رآه المتنبي فيهم .انهم صغار .وهكذا صغروا في أعين عظام غزة فدقوا يوم سبعة تشرين خازوقا دق ولن تقلعه طائرات ودبابات وصواريخ أمريكا وإسرائيل . لقد دق وانتهى الأمر .وصغرت إسرائيل وكل من وقف معها وتخفى وراءها .
ثقافة اللهم أسألك نفسي :
من الملفت للنظر ان من قبلوا الذل والهوان عملوا على تعميم ثقافة الهزيمة والهوان على غيرهم فجعلوا الأخ يتقبل هوان أخيه والاعتداء عليه امام عينيه دون أن يفعل شيئا لنجدته وجعلوا الجار يتقبل هوان جاره ويسكت وهو يقول اللهم أسألك نفسي . فنسى قصة ما حصل مع الثور الأبيض يوم اكل الأسد الثور الأسود وبان ذلك سيحصل معه في اليوم التالي . وتناسوا انهم ان تركوا اخا لهم تنهشه الذئاب فإن الدور التالي سيأتي عليهم وإن لم تأكلهم الذئاب فسوف تنهشهم الكلاب ،كلاب الصهاينة الذين باتت أيديهم تطال أي بقعة في الوطن العربي وتتدخل في شؤونها في حين حرمت عليهم حماية إخوانهم او تقديم الدعم لهم .فاستخدموا قول "ولا تلقوا انفسكم في التهلكة " ومن ثم راحوا يبثون الرعب في نفوس الأخوة ان هبوا لنجدة اخوتهم بضربهم . فتناسوا ما قاله رسولهم ان "مثل المؤمنين كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " وبما ان السيد حسن نصرالله ومؤيديه اخذوا بهذا القول ونصروا شعبهم في غزة ورفضوا وقف النار الا بوقفها عن إخوانهم في غزة استشهدوا . استشهدوا لأنهم لم يترك اخوتهم في غزة يعانون وحدهم العذاب فأخذ بقول الرسول وعممه على رجال حزبه بجملة "هيهات منا الذلة " لذلك تكالبت عليه كل كلاب العالم .حتى استشهد .نعم استشهد وغاب عن الوجود الظاهر لكنه ومواقفه بقوا في الوجود الأبدي ، في عقول وقلوب الناس .وها هي صوره ترفع في كل مكان في العالم في حين ان صور انذال رام الله تزال وتمزق . وهكذا كبر ويكبر اهل العزم ، ولهذا صغر ويصغر من تقبلوا الذل والهوان (كما تنبأ المتنبي عندما قال :
"وتعظم في عين الصغار صغارها وتصغر في عين العظام العظائم " ؟
من ذلوا وهانوا هانت انفسهم عليهم ، فتخاذلوا وطبعوا فصغروا وحُقروا من عدوهم ذاته الذي كبروه وعظموه . حقروا من قبله من قبل ان يحقروا من شعوبهم .فمنعوا من دخول غزة حتى بعد ان دمرت .في حين أن من رفضوا الذل والهوان رفعت صورهم وماتزال ترفع وتسمع أسمائهم في غزة والضفة وجنوب لبنان وفي كل مكان من الوطن الكبير . صواريخهم دخلت مستعمرات القدس الشرقية عنوة في حين من كبروا باسرائيل وعظموها منعوا من دخولها ومنعت صورهم من ان ترفع فيها ـ مع انها كما يزعمون عاصمتهم .
هذه هي عاقبة من هانوا وأهانوا انفسهم ان يهانوا ويذلوا وان يصغًروا من قبل من قاموا هم بتكبيرهم ، في حين ان من صغروا الأنذال ورفضوا الذل والهوان كبروا في أعين اعدائهم وأعين شعوبهم .لأنهم أساسا كبار ،لذلك لم يهينوا انفسهم ولم يكبروا اعدائهم فتمكنوا من الوقوف والثبات والصمود في وجوه اعدائهم سنة كاملة ـ فأذلوهم وكبروا في اعينهم . وفي الوقت ذاته بالمقابل رفعوا رؤوسهم ورأس امتهم .
فتحي رشيد .28 ايلول 2024



#فتحي_علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفترق طرق بين الذوبان والتلاشي وبين البقاء والرفعة
- بايدن وخلط المفاهيم والحقائق
- محرقة مجمع الشفاء الطبي
- نزعة العدوان والعنف عند البشر
- استعادة الشموخ
- مقاربة بين معاناة غرنيكا ، أوشفيتس ،ماي لاي ومعاناة غزة
- بين حل الدولتين و الحل الجذري الشامل للقضية الفلسطينية
- تجرية الصين وتحرير فلسطين
- المواقف المخزية لحكام ونخب الدول الغربية الفاعلة
- جوهر قضايا الشرق الأوسط
- حق الدفاع عن النفس في ميزان الحقوق
- حزب الله ما بين العقلانية والمقاومة
- مقاومة حماس في مواجهة إرهاب إسرائيل والغرب
- غَزًة عِزًة فلسطين
- الدورالسلبي للجهاديين في الثورات العربية
- لماذا فشلت ثورات الشعوب العربية
- جريمة استلاب وسرقة فلسطين وتراثهاٍ
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (24 ) بمناسبة مرورالعام الأ ...
- قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (23) الحق التاريخي بين التن ...
- الدور الملتبس للجيش في الدول العربية


المزيد.....




- عقوبات أمريكية على شركتين صينيتين بسبب بيع مكونات صواريخ للح ...
- الهجوم الصاروخي الإيراني: هل سترد إسرائيل على إيران بضرب مفا ...
- كيف تطورت أحداث الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل؟
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في جنوب لبنان، ون ...
- ألمانيا تستدعي سفير إيران وتحذّر من -إشعال- الشرق الأوسط
- بايدن: لا ندعم الهجوم على منشآت إيران النووية
- الرئيس الإيراني: سنرد بشكل أقوى وأشد إذا قامت إسرائيل بالرد ...
- شركة -تيك توك- الأم تتعاون مع -هواوي- لتطوير نموذج ذكاء اصطن ...
- عام على طوفان الأقصى: من ربح ومن خسر؟
- ما هي القضايا الرئيسية في انتخابات موزمبيق؟


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتحي علي رشيد - بؤس ثقافة الهوان