أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - لأنه… الحاكم المطلق للعراق!















المزيد.....

لأنه… الحاكم المطلق للعراق!


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 18:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استيقظ رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بوقت مبكر يوم الإثنين الماضي، بحكم فرق الوقت بين نيويورك وبغداد، على تنبيه عاجل من أحد مساعديه، عن بيان للمرجع علي السيستاني بشأن تصاعد الحرب على لبنان. كان على السوداني أن ينتبه أكثر لأن البيان من السيستاني، مع أنه بوصفه رئيسا للوزراء كسلطة افتراضية عليا في البلاد، لا ينتظر من السيستاني أن ينسق معه في مسألة سياسية كالحرب المتصاعدة في لبنان.
يدرك السوداني في قرارة نفسه أن السيستاني سلطة عليا لا يمكن الاقتراب منها، بل الانصياع التام لكل ما يصدر عنها. صحيح تبدو التوصيفات له من الوهلة الأولى كمرجعية طائفية وفقهية، إلا أن حقيقة الأمر أكبر من ذلك، هناك سلطة مطلقة غير منظورة للسيستاني على كل ما يجري في العراق.
بدت الاستجابة سريعة من السوداني وهو في نيويورك عندما طالب بعقد “اجتماع طارئ” لرؤساء الوفود العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بناء على دعوة المرجع السيستاني!! وكأنه يقول بشكل لا لبس فيه إن السيستاني هو الحاكم والزعيم الفعلي للعراق!
ليس مهما القيمة السياسية لدعوة السوداني للاجتماع الفارغ من جدواه واستحالة تحققه، كان يهمه أن يظهر انصياعه التام للسيستاني، من دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة عن سؤال عن الأهمية السياسية التي يمثلها السيستاني بالنسبة للمسؤولين العرب، كي يستجيبوا إلى دعوته وهم في نشاط رسمي في الأمم المتحدة.
وبطبيعة الحال أهملت دعوة السوداني ولم يحدث مثل هذا الاجتماع، لكن بيان السيستاني تحول إلى قصة إعلامية بالنسبة لوكالات الانباء من دون أن يكلف مراسلو هذه الوكالات أنفسهم عناء الإجابة عن سؤال صار يتكرر في العراق منذ عام 2003، عن التخويل السياسي الذي يمتلكه السيستاني كي يمارس سلطة سياسية موازية لسلطته الفقهية؟
لا أحد من ملايين أتباع المرجع قُدر له أن يستمع لهذا الرجل عن قرب بالأمس واليوم، والمرات التي ظهر فيها السيستاني على شاشات التلفاز كانت نادرة جدا. ابتدأت بعد عام 2003 عندما غادر إلى لندن للعلاج، ثم في صور مكرّرة من زاوية واحدة يستقبل فيها السياسيين والزعماء في منزله المتواضع. والمرة الوحيدة التي قبل فيها أن يستقبل مراسلي وكالات الأنباء العالمية، اشترط عليهم ألا يصطحبوا كاميراتهم وهواتفهم. وما سيكتبونه لاحقا يعتمد على ذاكرتهم. وبالفعل خرج لنا مراسلو وكالات “فرانس برس” و “رويترز” و “أسوشيتد برس” بتقارير مقتضبة عن حديث السيستاني.
في كل هذا الكلام عن أهمية السيستاني في صناعة مستقبل العراق ورسم سياساته، لا أحد بمن فيهم المرجع نفسه، قادر على الإجابة على سؤال: من منحه التخويل السياسي لذلك؟
هو متواضع، تلك حقيقة تبدأ من عزلته وتقشفه، مع أن المرجعية تدير ثروة مالية ضخمة توازي ثروات دول. كما أن احتفاظه بجواز سفره الإيراني إلى اليوم ورفض كلّ توسلات الساسة العراقيين لنيل محظيته بمنحه الجنسية العراقية، تؤكد حقيقة احتفاظ رجل الدين الإيراني بما هو عليه الآن منذ وصوله إلى العراق عام 1952.
لو توجد دولة بمفاهيم خاضعة لسلطة القانون في العراق لقدمت السيستاني للمساءلة، فمن أضفى عليه شرعية سياسية ليتراسل مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مثلا متجاوزا الحكومة ووزارة خارجيتها!
لكن مجرد التفكير بهذه المسألة يتحول إلى عبث فمرجعية النجف دولة قائمة باقتصادها وثروتها الباهظة ولا أحد يقترب منها، والسيستاني إن لم يكن فاسدا ويعيش حياة متقشفة ومعزولة فإنه واجهة لمؤسسة فساد يديرها ابنه محمد رضا وممثلو المرجعية الذين يصفون بأكبر رجال الأعمال في العراق يديرون دولة موازية داخل الدولة. وهو ما صار العراقيون على اطلاع عليه.
إننا نتحدث عن دولة متكاملة بأموالها وقواتها القتالية داخل الدولة العراقية، الأهم من كل ذلك، أنها لا يمكن أن تخضع للمحاسبة المالية ولقوانين الدولة وسلطتها.
علي السيستاني، رجل خارج التاريخ، زاهد بالحياة لا يغادر منزله المتواضع في النجف إلا نادرا، ولا يقابل السياسيين، لا يتكلم. لا يظهر على شاشات التلفزيون، ولا توجد أي معلومة تؤكد أنه يشاهد التلفزيون أصلا! لكن كل هذا الزهد والتواضع الذي لا يمكن لأي متابع موضوعي التشكيك به. يمكنه أن “يحكم” بطريقة أو بأخرى السياسة العراقية. وإن ثروة المرجعية المالية التي يقف على رأسها رجل دين زاهد، ليس من أجل فقراء العراق، مع أنها تستحصل في معظمها من أموال العراقيين.
المرجعية موجودة منذ عقود في العراق، وتحديدا في مدينة النجف، وكانت تدير شأنها الفقهي والتشريعي والدراسي وتقبل أموال الزكاة والتبرعات من خارج العراق. لم تصبح دولة بتلك القوة المالية والسياسية إلا بعد عام 2003.
سبق وأن ذكر تقرير لمعهد المجلس الأطلسي الأمريكي أن اقتصادا سياسيا جديدا ظهر، وهو يستند على مجموعة واسعة من المؤسسات المرتبطة بطبقة رجال الطائفة وهو بمثابة كيان حكومي داخل العراق.
استولت مرجعية السيستاني على مواقع ثقافية وتاريخية ومساجد وأدرجتها ضمن املاكها في سياسة الاستملاك الطائفي لماضي العراق.
فهذه المرجعية هي دولة مستقلة عن الدولة العراقية تمتلك القوة والسلطة للتأثير في ما يحصل بالعراق، من إقرار الدستور مرورا بقوانين الانتخابات حتى اختيار شخصية رئيس الوزراء. وتجربة السنين الماضية كشفت لنا بلا مواربة، أن من لا ترضى عليه مرجعية النجف لا يمكن أن يمر إلى رئاسة الحكومة في المنطقة الخضراء.
قبل سنوات كتبتُ عن منزل السيستاني ومن يدخله سيكون أمِنَا على مستقبله السياسي، ومع أن السوداني لم يدخل هذا المنزل، وفق المعلومات الإخبارية المنشورة، لكنه يحظى برضا المرجعية وإلا لما سمح له بالمرور إلى المنطقة الخضراء، وهو أيضا لا يفرط بأي فرصة يظهر فيه انصياعه التام إلى مرجعية فقهية وإظهارها بموقع المرشد السياسي الأعلى لقرارات حكومته، لذلك أتت دعوته وهو في نيويورك، تحت ذريعة “استجابة لدعوة المرجعية الرشيدة”!!
دعونا نبحث عن “الرشد” في كل ما صدر من المرجعية منذ عام 2003 وإلى اليوم، علنا نكتشف دولة مختلفة عن العراق الحالي الذي يتبوأ أعلى مراتب الفساد على مستوى العالم!
هكذا تستمر التراجيديا الطائفية والسياسية في العراق، بمجرد أن يكون مصدر كل ما يحدث قبو يعيش فيه رجل دين إيراني في التسعينات من عمره، قوي ورابط الجأش بعزلته وانقطاعه عن العالم، مع أنه مؤثر بقوة فيه!



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا تكتب عن ماجد المهندس؟
- بلينكن غير المحظوظ بأسوأ وظيفة في العالم
- غناء عربي في زنجبار
- معركة دون كيشوتية مع التلفزيون
- هل حقا تريد إيران عراقا قويا؟
- شرطة الذائقة السمعية
- هل بمقدور المالكي التخلص من خوائه الطائفي؟
- كراسي حمودي الحارثي
- عبث أخبار الخنازير والكلاب
- سيلفيا تكتب إلى بايدن بعد نصف قرن من موتها!
- سنبقى نحب حسين نعمة!
- يمين متطرف أم لا إنسانيين؟
- الذكاء الاصطناعي لا يصل إلى نكهة القهوة
- معضلة تعليب وتسليع الأخبار
- ديمقراطية سامة وتصلب شرايين سياسي
- من يُعيد أيامنا العصيبة؟
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- إصلاحيون تحت عمامة خامنئي
- ماذا لو خسرت إنجلترا؟
- استثمار زائف في ديمقراطية مملة


المزيد.....




- عقوبات أمريكية على شركتين صينيتين بسبب بيع مكونات صواريخ للح ...
- الهجوم الصاروخي الإيراني: هل سترد إسرائيل على إيران بضرب مفا ...
- كيف تطورت أحداث الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل؟
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في جنوب لبنان، ون ...
- ألمانيا تستدعي سفير إيران وتحذّر من -إشعال- الشرق الأوسط
- بايدن: لا ندعم الهجوم على منشآت إيران النووية
- الرئيس الإيراني: سنرد بشكل أقوى وأشد إذا قامت إسرائيل بالرد ...
- شركة -تيك توك- الأم تتعاون مع -هواوي- لتطوير نموذج ذكاء اصطن ...
- عام على طوفان الأقصى: من ربح ومن خسر؟
- ما هي القضايا الرئيسية في انتخابات موزمبيق؟


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم نعمة - لأنه… الحاكم المطلق للعراق!