أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس متنوعة ومتعددة ــ 304 ــ















المزيد.....


هواجس متنوعة ومتعددة ــ 304 ــ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 16:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حزب الله صَفَّا المفكر والكاتب والفيلسوف اللبناني العالمي حسن حمدان المكنى بمهدي عامل من الجنوب اللبناني، والمفكر حسين مروة، صاحب كتاب النزاعات المادية في الدين الإسلامي، وهو من الجنوب اللبناني أيضًا، والمفكر والفيلسوف مصطفى جحا، صاحب كتاب، الخميني يغتال زردشت، على شكل حوار مسرحي، عن عمد وسبقِ إصرار وترصد.
المفكرين الثلاثة شيعة بالولادة، ولكنهم كانوا أحرارًا في قيمهم ومبادئهم، قتلهم حزب الله بدم بارد.
كل واحد من هؤلاء الأفاضل فخر للبنان والمنطقة والعالم، ذهبوا اغتيالًا على يد حزب الله.


نحن شعوب بدائية، كيان أو كيانات قبلية لا تاريخية، نصنع لأنفسنا رموزًا طوطمية مقدسة، صنم ما أو أصنام ما ثابتة أو متحركة، نصنعه بأنفسنا ليكون ملجأ لنا، نقدسه ونتمسح به، ربما يكون تمرًا أو وهمًا، بيد أننا نؤمن به، جماعة ما، شعب ما، يحتوي على صفات روحانية خارقة ضمن مقدساتها وميراثها.
هذه الجماعة البشرية أقرب للقطيع، بل قطيعية، يسيرها مرياع مخصي، وحمار يجوب الأرض بحثًا عن الكلأ.
خلال عشرة أيام استطاعت إسرائيل أن تتحول إلى ديك فضائي يلتقط هذا الطوطم أو ذاك، يرفعه من مكانه الوهمي، من موقعه ويحوله إلى دمية نافقة.
لقد حولتنا إسرائيل إلى مهزلة نفرح بأنفسنا وبغيرنا من كثرة الخجل.
هل تعلمنا الدرس، هل سنرفع رؤوسنا بعد اليوم ونعتد بتاريخنا، وماضينا ورموزنا؟
من هو الذي هزم، العرب أم المسلمين، الشيعة أم السنة أم كلاكما؟


الصدق هو انحراف حقيقي عن مسار التاريخ، عن حركة الواقع، عن حركة الدولة والمجتمع.
وهو غير عملي ولا يفيد في أي شأن من شؤون السياسة والفكر والممارسة، والعمل.
لا أعرف من أين جاءت كلمة الصدق، وما الغاية منها، ومن أنتجها، ولا أعرف الغاية من وجودها.
مسار التاريخ أعوج، وطرائق أداءه معوج، وعندما يجلس الإنسان مع نفسه يدخل في صراع بين ما يريد وما يجب أن يكون.
أليس هناك تناقض بين مفهوم القوة والحق والصدق؟
لندفن الصدق وإلى الأبد، ولنفتح الطريق للتوحش حتى لا نبقى خرافًا صغيرة


قررت منذ فترة طويلة جدًا، أنني لن أحضر جنازة أي إنسان، أو أي طقس من الطقوس المقدسة والقميئة.
فذلك الميت الماشي في جنازته، لم يكن حيًا في حياته حتى أرثي له وأباركه في قبره وأغني له في وداعه.
قال المسيح يومًا:
دع الأموات يدفنون موتاهم، وأنا الميت لا أملك القدرة على دفن نفسي، ولا أرغب في دفن غيري.


الوعي هو من أعلى مراحل التفكير

أغلبنا يحلل السياسة المعاصرة بعقلية الحرب الباردة, نسينا أو تناسينا ان التحالف بين الدول غدا موضوعيًا, لعدم قدرة كل دولة على حدا على إدارة شؤون العالم عبر الهيمنة, لهذا يلجأون إلى السيطرة لإدارة مصالح الاحتكارات العالمية, ولامتصاص التناقض بين الدولة والمجتمع على المستوى الدولي, ولامتصاص الازمات الاقتصادية المستفحلة على حساب المهمشين في البلدان الهشة.
منذ أربعة أعوام, منذ الفيتو الروسي الأول بخصوص بلدنا, قلت, أن الرضا الامريكي هو وراء القرار الروسي, وكتبت, أن هناك نسقين في السياسة الدولية, الأول خفي, باطني, تحت الطاولة, يدير العالم شبكة مخابرات, تعاون كامل على مستوى دول العالم كله, وأخر على السطح مجرد واجهة للدولة الخفية.
إننا في عالم مرعب جدا, الدولة لم تعد دولة. نحن في زمن انحسار عملي للهوية, ومفهوم الوطن يتأكل, ومفهوم الدولة يضمحل.
من يرحل إلى أوروبا أو الغرب اليوم, عليهم أن لا يفتحوا حقائبهم, ربما تأتي أيام قادمة, يعودوا لحملها مرة ثانية إلى أماكن أخرى مجهولة.
الإنسان العادي والمهمش, أضحى كائن فائض عن الحاجة, مثل الكثير من الكائنات التي في طريقها للإنقراض.


الثقافة هي الرحم الذي يغلف أي شعب في هذا العالم، يصونه، يحميه، يعزله، يقوقعه، يأخذه نحو الصعود، أو يرميه في الدرك الأسفل.
الإنسان أسير الثقافة.
لقد جاء إلى هذه الحياة، ووجد نفسه يتغذى بها، لغة، دين، عادات وتقاليد، تاريخ، جملة الفنون:
الموسيقا، الغناء، الفرح، أسلوب الفرح أو الحزن.
هذه الثقافة إذا لن ترفعك، تضعك في مصاف الأقوياء، أرفعها أنت، صرم حراشفها، قصقص أظافرها، قلمها لتكون على مقاس دفعك إلى الأمام، ووضعك في النهر العالمي.
وإن بقت تقيدك، تمسك بك، وتشدك إليها وتحط منك، وتدفعك نحو العجز، أرمها وراءك، وأبحث عن بدائل.


أليس القائمين على الإعلام لهم مصلحة في تزييف الحقيقة، وتحطيم إرادة الناس وتغيير مزاجهم.
هل الحكومات لها مصلحة في قول الحقيقة؟
كيف يمكن للديمقراطية أن تسير على قدميها، وهناك إعلام رخيص، تابع وذليل، ويمشي أمام الكذب بخطا حصان سريع.
كيف يستطيع الإنسان العادي أن يعرف الكذب من الحقيقة، وهو المنفصل عن عالمه، وحياته ومعيشته ووجوده، ومستغل من قبلهم.
المليادير مردوخ، سيد أسطوال الإعلام العالمي، استطاع وما يزال يستطيع تسخير أمبراطوريته في تزييف الواقع والحقيقة، ووضعها في خدمة الأغنياء ومصالحهم، وتسخر قدراته في خدمة دولة تنحو نحو تزييف عالمنا.
وهو الهارب من وطنه استراليا، لكونه هارب من دفع الضرائب وينعم بالحرية والسعادة في الولايات المتحدة ومحمي بقانونها
معقول، رجال الأعمال الذين يستغلون هذا العالم كله، ويسرقون دول وشعوب أن يتحولوا إلى قديسيين وأنبياء وبريئين كما تقول الكتابات الدينية.
أليس رجال المال والإعلام والشركات العملاقة هم زاد الدول الرأسمالية، والديقراطية، ويصيغون قيم الحق والواجب والحريات، كيف التعايش مع قيم متناقضة؟
الا يوجد تناقض بين الحرية والاستغلال والغش؟


إذا تعرض شعب ما لأزمة وجودية طاحنة، كسوريا، العراق، اليمن، ليبيا، واليوم أوكرانيا لا يمكنه العودة إلى سابق عهده.
هذه الأزمة، ستغرز أنيابها في التكوين النفسي للفرد والجماعة، ولن ينعم بالراحة النفسية والحياتية الطبيعية بعد ذلك.
حتى على مستوى الأفراد، إذا تعرض المرء للحرب أو الغربة أو السجن، سيصاب بالصدمة.
نستطيع القول أن هذه الصدمة ستخلخل التكوين النفسي للمرء، ستتحول هذه الصدمة إلى جرس يدق في رأسه عند أي تحول في حياته.
الأزمات الوجودية القاسية هي شرخ وجداني عميق في الذاكرة المحطمة.


التحضير للطوفان في ملحمة جلجامش
قرر الآلهة الكبار أحداث الطوفان، وأدوا القسم المشترك فيما بينهم، وطلبوا من أوتا ـ نيشه أن يبني فلكًا، ويترك الثروة ويسعى للنجاة وأن ينبذ الملك وينقذ الحياة، ويطلب منه أن يأخذ على متن الفلك بذور جميع الكائنات الحية.
بنى الفلك بأبعاد متساوية ولها سقف يغطيها، وعلمه الإله أن لا يخبر أحد، وعندما استفسر كيف سيرد على استفسارات الناس، قال له اخبرهم أنه لا يستطيع ان يعيش في مدينتهم لكره الإله له، لهذا يتوجب عليه السير إلى أرض إله أخر الذي سيرسل عليهم مطرا غزيرا ووافر من الطير والأسماك ويهيء لهم طعامًا، خبز وقمح.
عند الفجر بدأ في بناء الفلك، وانهمك النجار وعامل القصب وسواهم في العمل وحمل القار واحضرت الحبال وفي اليوم الخامس اكتمل هيكل الفلك بقياسات 60 في 60 في 60، أي الطول والعرض والارتفاع، أي مكعب.
وجعلت فيه سبع طبقات قسمت كل طبقة إلى تسع مقصورات، وشمل العمل تحضير أعمدة ووضع الحبال وطلي الفلك بالقار، وعندما أنجز العمل تم أنزاله في الماء فغطس إلى ثلثاه.
حمل اوتا ـ نيشه كل ما يملك من ذهب وفضة وكائنات حية وكذلك عائلته وأقرباءه. ويحمّل الفلك الحيونات الداجنة والوحشية والصناع والحرفيون المهرة على اختلاف أعمالهم.


في ملحمة جلجامش، اقرأ هذا النص الأعجوبة بهدوء، أدور في أزقة الخيال والسحر، أجول في عمق وعي الإنسان المدني القديم، بفكره وممارساته وقدرته على تشكيل الحياة وتطويرها في زمنه.
أشعر نفسي أنني في القرن الواحد والعشرين من حيث تفاصيل الحياة الدقيقة، العلاقات، ولولا الصبغة الأسطورية لقلت أن جلجامش مقيم في مدينة الحسكة.
تصوروا أن الإله، أيا، يقول لأوتا ـ نيشه:
ـ خذ معك "بذور جميع الحيوانات الحية"
هنا يجب أن نتوقف.
ماذا يقصد ببذور جميع الحيوانات الحية؟ ومن أين سيأخذها؟ وكيف؟ وهل كان هناك تقنيات علمية يستطيع المرء الحصول عليها، وكيف سيتم تأمين التخزين وشروط التخزين واين ستوضع؟
وهناك مراوغة من الآلهة، يطلبون من أوتا ـ نيشه، أن يكذب ويخدع الناس ولا يخبرهم عن هدفه.
من المهم قراءة هذه الملحمة قراءات متعددة، هي الكون في الفلك.
بالمناسبة، في النرويج وضع العلماء بذور جميع أنوع النباتات ونطاف جميع أنواع الحيوانات والأسماك في شروط تسمح أن يعودوا إلى الحياة في حالة حدث طوفان ما أو زلزال أو بركان و قنبلة نووية.
إن تفكيك ملحمة جلجامش هو إنجاز كبير جدًا.
إن اكتشاف محتوياتها جاء لخدمة العلم والعالم وتاريخه. وأنهى ثلاثة آلاف سنة من الاعتماد على الدين، وجعلنا نبدأ ببناء عالم الآثار والتاريخ.
وكل اكتشاف أثري هو إضافة جديدة للحقيقة.
وهناك محاولة تزييف وإخفاء للتاريخ كحضارة إيبلا في أدلب، الذي فككها عالم الآثار الايطالي في العام 1976 وإلى الان لم تعلن، ولا يوجد من يطالب باعلانها.

منذ أن اكتشف جورج سميث اول رقيم لجلجامش في العام 1853 والتاريخ انقلب على نفسه، بدأ الإنسان يعي حجم الحقيقة المخبأة تحت التراب.
قصة الطوفان والتكوين، والجنة والخلود، كلها موجودة في جلجامش، وفي هذه الملحمة نجد حياة اجتماعية واقتصادية وسياسية قريبة إلى حد ما من عصرنا.
هناك دولة وجيش وقضاء وغنى وفقر، وزراعة وورش بناء وصناع ومعابد واستقرار واستجرار المياه.

الحياة تصاغ سياسيًا سواء في الماضي أو الحاضر.
تاريخ السياسة قائم على الخداع والتورية والكذب، ومفاعيلها ينعكس على كل السلوكيات، ويفترض أن يكون منسجمًا مع خط سيرها.
والعلاقة بين الدولة والسياسية هي علاقة وشيجة، وهذه الدولة تمثل الفئة المهيمنة، التي تقود المجتمع بالخداع والكذب والتورية، وتجعله عبدا ذليلا خاضعًا.
لولا الكذب لما وصلت البشرية إلى هذا القهر.
إذا السؤال:
إذا كانت الطبقة الحاكمة تخدع المجتمع، وكل ما ينحدر منها يعود لممارساتها، لهذا نسأل من صاغ مفهوم الصدق؟
من الذي عليه أن يكون صادقا؟
المجتمع انعكاس للفئة المهيمنة، وهذه الفئة هي التي تشكل المجتمع وفق توجهاتها

سوريا ـ برلمان العام 1947
كتب حبيب كحالة في ذكريات نائب ما يلي:
نظرت حولي، وكل ما رأيته فقط.. رجالاً لا يوحد بينهم شيء، ولا يشتركون في أية مبادئ، ولا يربطهم تنظيم حزبي، وقد وصلوا إلى البرلمان بأساليب خادعة مقنعة من انتخابات فوضوية تحت ستار الحرية، فكان بعضهم أميًا، وآخرون أدباء مرموقون، وكانت لغة بعضهم الكردية أو الأرمنية، ولم يعرف آخرون سوى اللغة التركية فقط، إن بعضهم ارتدى الطربوش، وآخرون اعتمروا الكوفية، وكان بينهم رجال من البادية أو المدينة، ولم يزد الأمر عن مسرحية وتمثيل أدوار.
نستطيع القول أن هذا الملخص يرسم صورة عن واقع اجتماعي سياسي، كانت تعيش سوريا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية والاستقلال عن فرنسا وبريطانيا.
ولدت سوريا على حين غرة بعد احتلالين طويلين، أحدهما امتد إلى أربعة قرون والآخر أكمل من حيث بدا وامتد على صدر هذا الوطن مدة ربع قرن.
وجدنا أنفسنا في العراء، وطن ولد من الرماد، مهمش على كل الصعد، موزع الانتماءات الأفقية والعمودية على زعماء القبائل والأقليات والعشائر، ورجال الأعمال، وسياسيين وحدهم الصراع ضد المحتل، بيد أنهم مختلفون في الكثير من المواقف والقضايا.
كان ينضوي أغلب الزعماء السياسيين السوريين تحت قبة الكتلة الوطنية في المفاوضات مع فرنسا للعام 1936 برئاسة هاشم الأتاسي، رئيس الكتلة الوطنية وعضوية فارس الخوري وسعد الله الجابري وجميل مردم بك وإدمون الحمصي ومصطفى الشهابي ونعيم الأنطاكي وأحمد اللحام وإدمون الرباط للمطالبة باستقلال سوريا أثناء وجود الوفد في باريس حدثت قلاقل شديدة في سوريا ترسل إشارات سيئة للمفاوضات والتعطيل عليها.
كان في جعبة الوفد السوري الكثير من الطموحات الوطنية، بيد أن الواقع شيء والرغبات شيء آخر.
يمكننا القول، أن المفاوضين كانوا يستمدون قوتهم من دعم الشارع، ومن مكانة المفاوضين أنفسهم كقوى وطنية متمرسة في السياسة ولديهم طموحات وطنية هائلة، واستطاعوا من خلال المفاوضات التي استمرت ستة أشهر التي أدت إلى نتائج معاهدة ترضي الطرفين المتفاوضين، السوري والفرنسي وتم التوقيع عليها في 9 أيلول من العام ذاته وتقرر أن يعرض على برلمان منتخب.
جرت الانتخابات في التاسع من تشرين الثاني من العام ذاته وفازت الكتلة الوطنية بأغلبية المقاعد في البرلمان الجديد، الذي قبل بنتائج المعاهدة التي عنت ضم جبال الدروز والعلويين إلى سوريا وتبعية لواء اسكندرون أيضًا، بيد أن له وضعًا خاصًا، والقبول بقيام دولتين مستقلتين في المنطقة، سوريا ولبنان الكبير.
اجتمع المجلس النيابي وانتخب في جلسته الأولى فارس الخوري رئيسًا له في 21 ديسمبر، كانون الأول للعام 1936 وهاشم الأتاسي رئيسًا للجمهورية، وجميل مردم بك رئيسًا للحكومة، بيد أن القرار لم ينفذ حتى العام 1943 مما ترك أثرًا سلبيًا على الدولة والمجتمع.
كانت لدى فرنسا منذ دخولها إلى سوريا أجندة سياسية قذرة، وهو تقسيمها إلى عدة أقاليم ليسهل عليها حكمها أو هضمها، كدولة دمشق، ودولة حلب، ودولة لبنان الكبير، ودولة العلويين، ودولة الدروز.
إن القبول ببعض أجزاء سوريا، والتخلي عن بعضه الآخر ترك آثره المؤلم في النفس وترك لنا جرحًا وطنيًا عميقًا لم يلتئم إلى الأن، كان من نتائجه انقسام الكتلة الوطنية وخروج سوريا عارية، صغيرة ضعيفة، مخلخلة، غلبت الرغبات الشخصية على المصالح الوطنية. بمعنى، بدأ الضعف يظهر للعيان في النظام الديمقراطي تحت الانتداب.
لم يكن لدى سوريا الجديدة مؤسسات راسخة سواء في ظل الانتداب أو بعد الاستقلال، ولم تكن الأحزاب المتنطحة للمواجهة لديها رؤية سياسية استراتيجية كما أن بنيتها السياسة ولدت عاجزة.
لم يكن هناك ايديولوجية أو فكر أو معرفة لابعاد ممارساتهم السياسية.
وأغلب سلوك رجال تلك المرحلة، ينطلق من نزوع آني لتأبيد بقاءه في السلطة، واستخدام هذه الأخيرة كحصان طروادة للمنافع الشخصية بدًا من الاشتغال على ترسيخ القيم الديمقراطية ومؤسسات الدولة التي ورثوها من الانتداب.
نستطيع القول، أن النظام كان مخلخًا يفتقد إلى التماسك. وإن رجال العشائر والقبائل والتجار الكومبرادور والعائلات الراقية أو الارستقراطية لا يمكنها أن تبني دولة معاصرة تستطيع أن تجابهة التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية السريعة. ولم يكونوا مستعدين لمجابهة التحولات الدولية والتغييرات الهائلة التي طرأت على النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، وتبوأ الولايات المتحدة والأتحاد السوفييتي المكانة الأولى وقيام دولة إسرائيل.
بدأ الوهن والتعب يظهر على الكتلة الوطنية خاصة بعد أن ضمت فرنسا لواء اسكندرون إلى تركية، والقبول بالفضلات التي قدمتها لهم، وقبولهم بالاستقلال الناقص، وفي ظل بروز قوى وأحزاب أيديولوجية نشيطة وشابة، تطرح أفكارها وآراءها الجديدة كاستثمار سياسي وأيديولوجي، كالوحدة العربية وسوريا الكبرى والهلال الخصيب وغيرهم.
يقول باتريك سيل في كتابه الصراع على سوريا:
إن الكتلة الوطنية لم تعن بالوحدة ولا باستقلال الدول العربية الآخرى. فقد بدت راضية باستقلال محدود وغير حقيقي
إن النظام السياسي لم يستطع أن يواكب التطورات السريعة على الصعيد الداخلي والخارجي، نتيجة التطورات السياسية الهائلة: الاعتراف بإسرائيل كدولة في جوار سوريا من مقبل المنظمة الدولية، وعدم الاستعداد لهذا المولود الجديد سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
هذا المولود الغريب والشاذ، بشكله وصورته وتكوينه أيقظ الجميع على حين غرة.


الكثير من الأصدقاء لا يميز بين النظام الرأسمالي كنمط إنتاج، والنظام السياسي كإدارة للدولة والمجتمع.
كتبت قبل أسبوع أو أكثر أن الثورة البلشفية الذي قادها لينين جاءت لرسملة روسيا، أي بناء الثورة الوطنية في هذه الدولة التي عجز عنها القياصرة.
اشعر بالحزن الشديد عندما نكتب عن الرأسمالية كبنية أصيلة ومتماسكة ولا تسقط لأنها نمط إنتاج أصيل يتحول تحولات نوعية، ويأتي الأصدقاء ويتكلم عن نظام سياسي قال عن نفسه أنه يطبق الأشتراكية كالأتحاد السوفييتي.
أنا لم اقارن بين الرأسمالية وما سبقها من التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية أو التي بعدها لأنها لم تخلق بعد.
ولم تكن اشتراكية الاتحاد السوفييتي تشكيلة اجتماعية اقتصادية وأنما كان نظاما سياسيا أراد تطوير وسائل الإنتاج في هذه الدولة في محاولة اللحاق بالبلدان الرأسمالية المركزية كالولايات المتحدة وأوروبا الغربية.


ذلك الميت الماشي في جنازته، لم يكن حيًا في حياته حتى يبجل جسده المتخشب.
والميت لا يملك القدرة على دفن غيره.
لا ترثيه ولا تبارك رحيله ولا تغني له.
ذلك الميت كان قاتل الحياة


إلى الأن يستطيع النظام الرأسمالي حل أزماته البنيوية، دفعه إلى الأمام، ليهرب من وضعه بوسائل تؤدي إلى المزيد من لأزمات .
علينا أن لا ننسى أن مقولة كارل ماركس، إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها؛ وأنها نظام فوضوي وعبثي يتميز بالأزمات الدورية التي ترمي بالناس إلى البطالة وتتسبب في الاضطرابات الاجتماعية والسياسية.
مضى على هذا الكلام أكثر مئة وثمانين سنة، ومن ذلك التاريخ إلى اليوم جرت مياه كثيرة في النظام الرأسمالي.
هناك جامعات كثيرة خرجت ملايين المريدين لهذا النظام في مجال علم الاجتماع، النفس، الفكر، الفلسفة، والبحوث الكثيرة في مجال الاقتصاد والسياسة ورسم الاستراتيجيات، يدرسون أزماته ويضعون الحلول الطويلة والقصيرة من أجل استمراره، أنه الطبيب والمريض في الأن ذاته.
أنا لست مقتنعا بفناء الرأسمالية كما توقع ماركس، هذه الأخيرة ستتحول تحولات هائلة، سيجري في داخلها انتقالات كثيرة، من مرحلة إلى أخرى.


كان الإنسان وما زال مجبرًا على التعامل مع هذه الحضارة من خارجها, يقطف منها الفرح والسعادة والأمل. يحاول أن يتأقلم معها, يروض نفسه ومشاعره واحاسيسه على مقاسها. يبيع نفسه ويشتري ليبقى داخلها ككائن مستلب, مهزوم ومكسور.

الكثير مسكون بأحلام الخلافة الراشدية بالرغم من أن الخلفاء لم يكونوا على نهج واحد أو رؤية واحدة أو سياسة واحدة. ولم يكن لديهم دولة أو مؤسسات أو معرفة بإدارة الدولة وشؤونها. لهذا أصبح جسدها كبيرًا ورأسها صغيرًا في مواجهة متطلبات الحياة الجديدة نتيجة الفتوحات الواسعة للشعوب المغلوبة على أمرها.
لتكن أحلامنا على مقاس الواقع وحسابات السياسة المعاصرة فهذا أجدى وأفضل ويوفر علينا الكثير من الدماء والخراب والضياع.
لنعش زمننا كما هو دون تصورات وهمية.


في عصر الخلفاء الراشدين لم يكن هناك دولة أو مؤسسات دولة, بمعنى, جيش نظامي, شرطة, دواوين صادر ووراد, صك العملة. هذه, الدولة, تعززت في العهد الأموي والعباسي.
ذلك العصر الأول, الراشدي بقي يتأرجح إلى أن افرز الشكل الذي وصل إلينا.

كان بطرس الأكبر أمام مشروعين عليه أن يختار أحدهما, مشروعه وهو الحداثة والقطع مع الماضي والنظر إلى المستقبل, أي التحديث الأوروبي أو مشروع أبنه أليكسي.
كان أليكسي مسلحاً بقوة رجال الدين وطبقة النبلاء الذين يريدون العودة إلى الوراء بمجرد موت القيصر أو قتله أو الانقلاب عليه. وكان أليكسي يرفض مشروع والده كاملاً, أي التحديث, أي علمنة كل مجالات الحياة.
أختار القيصر بطرس قتل أبنه لقناعته التامة أن ما بناه سيهدم خلال سنوات.
إن التحديث الذي يأتي من فوق يحتاج إلى مرحلة زمنية طويلة جدًا إلى أن يأتي أكله أما إذا جاء بالراحة, من القاع, المجتمع فالنتائج مضمونة.


أغلبنا يحلل السياسة المعاصرة بعقلية الحرب الباردة, نسينا أو تناسينا ان التحالف بين الدول غدا موضوعيًا, لعدم قدرة كل دولة على حدا على إدارة شؤون العالم عبر الهيمنة, لهذا يلجأون إلى السيطرة لإدارة مصالح الاحتكارات العالمية, ولامتصاص التناقض بين الدولة والمجتمع على المستوى الدولي, ولامتصاص الازمات الاقتصادية المستفحلة على حساب المهمشين في البلدان الهشة.
منذ أربعة أعوام, منذ الفيتو الروسي الأول بخصوص بلدنا, قلت, أن الرضا الامريكي هو وراء القرار الروسي, وكتبت, أن هناك نسقين في السياسة الدولية, الأول خفي, باطني, تحت الطاولة, يدير العالم شبكة مخابرات, تعاون كامل على مستوى دول العالم كله, وأخر على السطح مجرد واجهة للدولة الخفية.
إننا في عالم مرعب جدا, الدولة لم تعد دولة. نحن في زمن انحسار عملي للهوية, ومفهوم الوطن يتأكل, ومفهوم الدولة يضمحل.
من يرحل إلى أوروبا أو الغرب اليوم, عليهم أن لا يفتحوا حقائبهم, ربما تأتي أيام قادمة, يعودوا لحملها مرة ثانية إلى أماكن أخرى مجهولة.
الإنسان العادي والمهمش, أضحى كائن فائض عن الحاجة, مثل الكثير من الكائنات التي في طريقها للإنقراض.


في عالم الاستبداد الواسع, تضيق بك الحياة وتصغر. حتى تبقى في مأمن, عليك أن تنفذ الوصايا, أن تقتل صوتك الداخلي, أن تقتل الحس السليم بالمسؤولية الفردية والجماعية في كيانك,أن تشوه جوهرك. أن تكون أنت لا أنت. أن تصبح ظلاً, شبح.

قبل أن تنهي الولايات المتحدة نظام صدام حسين, دمرت الاقتصاد العراقي, والمرتكزات الاساسية لقوت الناس وحياتهم.
تحت اسم محاربة داعش, تمارس هذه الدولة المارقة, الشيء ذاته, تحت ستار, الأمعة ذاتها, لتخريب مقومات الحياة في سورية بالتعاون الكامل مع الربيبة تركيا.
النظام الدولي, بقيادة امريكا, لا يستطيع العيش الا على الخراب. بئس هذا النظام, وبئس من يؤيدها.


الاستبداد, يجعلك تتجاهل الواقع, وتنساق وراء الوهم. ممنوع أن تتوقف أو تتانئ أو تفكر. يجب أن تخفض رأسك, وتسير في القطيع صفًا واحدًا. التفكير الحر سيكلفك ذلك كثيرًا, لهذا يجب أن تزاود, تكذب وتتملق.
ان تقتل ثقتك بنفسك, وتضعه في الصنم. ليس مهمًا نوع الصنم, المهم أن تخدع نفسك, أن لا يكون لديك صوت فردي, تفكير فردي حر, وعليك أن تنجرف مع التيار العام.


الإنسان يركض وراء السعادة, كحصان ضعيف, متعب, فاتحا فمه على وسع, علّ قدره يشفق عليه, ويمنحه بعض الفرح.
حتى السعادة مصنعة في حضارتنا المريضة, تحتاج للوصول إليها التضحية بجزء كبير من حيواتنا.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس إنسانية وسياسية 303
- هواجس ثقافية فكرية وأدبية 302
- هواجس أدبية ــ 301 ــ
- هواجس فكرية وأدبية ــ 300 ــ
- هواجس وتأملات 298
- هواجس فكرية ــ 298 ــ
- هواجس عامة ــ 297 ــ
- هواجس من كل حدب وصوب 296
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ــ 295 ــ
- هواجس إنسانية وسياسية 294
- هواجس سياسية وفكرية ــ 293
- هواجس اجتماعية 292
- هواجس أدبية وثقافية 291
- هواجس عامة ــ 290 ــ
- هواجس عامة 289
- هواجس ثقافية وأدبية وفكرية ــ 288 ــ
- هواجس ثقافية 287
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية 286
- هواجس ثقافية وإنسانية ــ 285 ــ
- هواجس وجودية 284


المزيد.....




- بعد الهجمات على إسرائيل.. إيران تُعلن موقفها من -حرب أوسع في ...
- ما وراء تخفيض ألمانيا مساعداتها الإنسانية إلى النصف عالميا؟ ...
- بيت عزاء وتمجيد للشـ.ـهيد القائد حسـ.ـن نصـ.ـر الله.
- -حزب الله-: نخوض اشتباكات مع جنود الجيش الإسرائيلي الذين تسل ...
- الجيش اللبناني: قوة إسرائيلية خرقت الخط الأزرق وانسحبت بعد م ...
- هل ستضرب إيران إسرائيل مجددًا؟
- غارة إسرائيلية تستهدف مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت
- المالديف تطلب الانضمام إلى قضية -الإبادة الجماعية- ضد إسرائي ...
- صحيفتان غربيتان: هكذا اخترقت إيران أفضل أنظمة الدفاع الجوي ف ...
- مدير مكتب الجزيرة: هكذا ترد إيران على مزاعم إسرائيل بشأن اله ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس متنوعة ومتعددة ــ 304 ــ