أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خلف علي الخلف - الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا














المزيد.....

الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 14:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كما يعرف الجميع، فإن الحسين بن علي كان طالبَ سلطة. طلب السلطة لأسباب وراثية لا علاقة لها بكفاءته أو استحقاقه، بل لأن أباه ابن عم الرسول وأمه ابنة الرسول، وتحت هذه الذريعة صار طالب السلطة طالبَ حق في المدونات المناصرة له، والحق هنا هو حق التوريث. هذا لا ينكره أنصاره لا سابقا ولا الآن. طلب الحسين السلطة الوراثية في مخالفة صريحة لنص وسلوك صريح مكرس جاء به الإسلام أي جده لأمه النبي محمد، مارس هذا وقبل به أبوه الصحابي ابن عم الرسول طوال حياته. الإسلام نزع الملك وأعاد خياره للناس، فجاء الحسين ليضرب عرض الحائط بثورية الإسلام هذه ويجعل من الرسول ملكًا لا نبيًا، يريد وراثة ملكه لأنه ابن ابنته وابن ابن عمه.

هذا ليس مربط الفرس، بل إن مربط الفرس هو ثقافة اليسار العربي الطائفي و الملتحقين به، الذين شكلوا بشكل تراكمي مافيا صنعت الثقافة العربية في عصر ما بعد الاستقلال و الانقلابات الثورية "اليسارية". إذ انه في ظل حقبة هيمنة مافيا اليسار الثقافية العربية تم تصوير الحسين لنا ثائرًا! وبلع الدراويش من القراء الطعم، فقد كانت الطائفية مدثرة بأردية يسارية، وكنا نحن بلهاء حسني النية لم نلحظ ذلك البعد الطائفي في تكريس الحسين ثائرًا! وثورية الحسين هذه تسقط أمام أي محاكمة عقلية بسيطة، بل أن الحسين بمقاييس اليسار "الثوري" وعلامات ترقيمه اليسارية ليس أكثر من شخص رجعي يطلب ملكًا ليس حقًا مقرًا بناء على انتسابه الوراثي. وفي أحسن الاحوال يتساوى في هذا الحق مع أي مسلم وفق التشريع الذي جاء به الإسلام أي جده. الحسين يطلب ملكًا بحجة نهى عنها الإسلام نهياً تاماً.

لم يجد اليسار العربي، الذي يخاصم الأديان ويخاصم الإسلام بشكل أكبر من الأديان الأخرى، حرجًا من الانتصار عبر فقه طائفي لأحد أطراف نزاع سياسي غابر على السلطة، لأسباب طائفية رجعية تحفر طبقات متكدسة من جثث الأموات حتى تصل إلى ثأر لم يعد يعني أحداً غيرهم. عندما تتكشف الدوافع الطائفية يصبح امرًصا مفهوما انحياز "المثقف" العربي الطائفي، ايّا كانت الصفة التي تتبع ذلك؛ اليساري، القومي، الليبرالي إلى أحد أطراف صراع غابر، فانحيازات البشر عموما تتحكم بها عوامل متعددة بعضها عقلي وبعضها الآخر عقيدي وبعضها نفسي. لكن ما أود التوقف عنده هنا ليس الانحياز بل حفلة وحملة التزوير للتاريخ والوقائع والعقل التي قام بها هذا المثقف الطائفي اليساري بوعي وإدراك بتطويب الحسين ثائرا في مجمل التدوينات العربية المعاصرة. إذ أن طلب الحسين للسلطة على أسس وراثية لا يخالف الإسلام فقط بل يخالف مجمل الفكر اليساري وتفرعاته، بل ومجمل الفكر الحديث لبناء الدولة الذي يلهج به هذا اليساري شفاها وكتابة.

بالرغم من ذلك، أي برغم من مخالفة الحسين في طلبه للسلطة أبسط مبادئ الفكر اليساري، فقد طوّبته إخوانية اليسار العربي الطائفي المترابطة مافيويًا ثائرًا. التحق بهذه "الإخوانية" المافيوية المدركة لفعلها والقاصدة له، بعض الدراويش ممن صار وجودهم في ساحة الثقافة العربية "الفاسدة" مرتبطًا بنفاقهم لمافيا اليسار هذه التي تحكمت بمفاصل النشر. صار تطويب الحسين ثائرًا وسيلة للتقرب من المافيا الثقافية اليسارية الطائفية الحاكمة لوسائل النشر أو المتنفذة فيها، أو ذات الوزن النافذ في تعويم هذا الكاتب أو ذاك. بل إن تطويب الحسين ثائرا في بعض الأحيان شكل درعا لتحصين الكاتب من المخابرات الثورية الطائفية التي خط منهجها ومبادئ عملها اليسار السالف الذكر نفسه.

لا شك أن هناك بعض الكتاب الدراويش الذين انطلت عليهم هذه الخديعة الطائفية التي اشتغلت عليها "إخوانية" ثقافية طائفية يسارية بشكل يكاد يكون منظما لحوالي قرن من الزمان وكرستها في المدونات العربية من البحرين والأحساء أو من قُم إلى طنجة، مرورًا بكل عواصم اليسار الذي أورث بلدانه وشعوبها الهلاك.

إن شتم بني أمية المستمر من حثالات بشرية تنتسب للوسط الثقافي لم يأتِ من فراغ، بل هو استمرار لنهج اليسار الطائفي المنتهي طائفيًا دون يسار، الذي نشر الأكاذيب وكرسها. فصار الحسين ثائرًا وبنو أمية جماعة من الأوباش وهم بالمناسبة أقارب وانسباء الحسين وأهله. أما إذا تساءلت ممن اغتصب بنو أمية السلطة! ستجد أن الجواب الواقعي يقول: من شخص لم يحُز السلطة ولم تصله السلطة ويطالب بها لأنه قرابة الرسول الذي نهى عن هذا بوضوح وتخالف مطالبته بالسلطة الفكر اليساري الحديث الذي ينتسب له هؤلاء الطائفيون المتدثرون باليسار. ففي أفضل التأملات إنصافا ستجد أنه لا أفضلية في حيازة السلطة تشريعًا وحقا بين الحسين وأخيه وأبنائهما وبين معاوية وأبنائه. وإذا لم نعتبر معاوية هو الثائر على عدم تطبيق العدل والقصاص ضد قتلة، فإن الصراع الذي اندلع بين أقارب؛ أولاد عمومة، حكمته الغلبة، فغلب بنو أمية وحازوا السلطة فاحتكروها وهذا ما كان سيفعله الحسين أو أخوه أو ابنه لو استطاعوا، فقد توارثوا اللاسلطة واللاشيء في سلالتهم.

بنو أمية أسسوا حضارة عربية أضاءت البشرية، ولا ندري لو كان الحسين وذريته حكموا ماذا كانوا فاعلين! لكن المؤكد أن الحسين ليس ثائرًا، بل طالب سلطة ليست من حقه، وبمقاييس اليسار الذي كرّسه ثائرًا، هو شخص رجعي. وتاتي هنا الحاجة إلى مراجعة الثقافة العربية المنتَجة في ظل هيمنة اليسار الطائفي وغير الطائفي لتنقيتها من الأكاذيب والسموم والأباطيل والرموز الفارغة.



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعًا عن الأدب العربي المترجم إلى اليونانية وليس بيرسا
- عبدالله الريامي: جيشٌ من رجلٍ واحدٍ يحارب على جبهات متعددة
- قصيدة النثر بالعربية: إضاءات من زوايا شخصية
- بولاق الفرنساوي لحجاج أدول والحنين للماضي
- هل احتل العرب المكسيك؟
- عن المغاربة الذين لا يعرفون أن الأندلس أموية
- السوريون وهواية أسطرة الفوارغ
- العلاقة بين اليهود وحائكي السجاد في رواية بازيريك للماجدي
- سلام حلوم في «كسْر ِالهاء»: الحنين كمنبع للشعر
- المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك الشخصية السورية
- السياسة في سوريا بين الجهل النظري وافتقار الممارسة
- نصوص فاطمة إحسان: بين صفاء الموهبة وخداع النماذج المكرسة شعر ...
- دفاعاً عن لبنان الضحية بوجه الإجماع السوري
- في أصل «الشَّوَايا» اصطلاحًا ولغة
- أما آن الأوان لدول الخليج أن توقف تبرعاتها للمنظمات الدولية ...
- عن گلگامش السومري وتأثيره في حياتي
- تغريبة القافر لزهران القاسمي أو عندما تبدو الحياة كحكاية
- سيرة العشائر الزراعية في رواية -خربة الشيخ أحمد- ل عيسى الشي ...
- هل يحب برهان غليون السمك مع الخاثر؟
- في نقد الإستجابة الإقليمية لمنظمة الهجرة الدولية للأزمة السو ...


المزيد.....




- لمتابعة أغاني وأناشيد طيور الجنة تتطلب تنزيل التردد الجديد 2 ...
- قائد الثورة الإسلامية لدى استقباله لجمع من النخب الإيرانية: ...
- قائد الثورة الإسلامية: مشاكل المنطقة ومن بينها الصراعات والح ...
- قائد الثورة الإسلامية: ستنتهي بكل تأكيد الصراعات في المنطقة ...
- لقاء جمع من النخب والمواهب العلمية المتفوقة مع قائد الثورة ا ...
- الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها الأمة الإسلامية
- المقاومة الإسلامية في لبنان: استهدف مجاهدونا تجمعا لقوات الا ...
- مجاهدو المقاومة الإسلامية يتصدون لقوة من جيش الاحتلال حاولت ...
- العميد في حرس الثورة الاسلامية إسماعيل كوثري: في أي عدوان يب ...
- حرس الثورة الإسلامية في ايران: أطلقنا عشرات الصواريخ الباليس ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خلف علي الخلف - الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا