أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - ديوان (جداريات) نسخة مخطوطة















المزيد.....



ديوان (جداريات) نسخة مخطوطة


عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)


الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 00:39
المحور: الادب والفن
    


جداريات


شـعر


المحتويات:

سجِّلْ أنا كردي
الحارس
أحبك، يا أرنستو
المسألة الكبرى
الخبز الناري
هنا بيروت!
هنا كانت بغداد
هولير وظلها البعيد
الأوراس
القهقرى
تونس الحمّامات
والشعراء
ماكنْتُ يوماً في الشيوعيين


سجِّلْ أنا كردي

(1)
هذا أنا،
رحْتُ أديرُ الصوتَ في الآفاق:
إنّي ما رسمتُ صورتي بيدي
وما لوَّنتُها يوماً، وما أطَّرتُها ،
فهيَ المصوَّرةُ الملوَّنَةُ المؤطَّرة،
بلا رتوشِ في الأعالي.

هذا أنا،
أيقظني في لحظةٍ ذاك الصدى
في حضنها،
وفرحةُ الأصواتِ في الأرجاءِ
في اللوحةِ،
في الوجهِ،
فكانتْ صرخةً أولى،
وكانتْ لغةً أولى،
فمارسْتُ لسانَ الحبِّ، عاشرتُ لهيبَ الشمسِ،
داومتُ صهيلَ الوجدِ في الأزقةِ المعروقةِ الأوجهِ،
نازلتُ نزيفَ القُبلةِ الأولى، رحيقَ القِبلةِ الأولى،
دبيبَ القمةِ العاريةِ السفحينِ،
سجِّلْ،
لغةً أخرى ، كتاباً، أسطراً مشرقةَ الأحرفِ،
أقراناً ، زقاقاً ، شارعاً ، مدرسةً ، مكتبةً،
مقهىً، وحاناتٍ،
وهذا الثمرَ الجنيَّ من مزرعةٍ مسحورةِ الظلالِ،
والجنانُ حبلى عسلاً، خمراً من الأنهارِ.
سجِّلْ:
قد رأيتُ الناسَ مشدودينَ، منزوعينَ
عن صاريةٍ بينَ شعابِ الجبلِ المرتدِّ
والمعتدِّ، والألغامُ ، والأسلاكُ.
والنيرانُ في الأقدامِ، والأطفالُ
والأيدي تخوضُ الصخرَ والطينَ،
واشلاءٌ عرايا .

هل رأيتَ الشوكَ في صدر صبيةْ وشظايا
وعرفتَ الرعبَ في الأفئدةِ العذراءِ، أفواهَ المنايا ؟

فتحتُ بابَ الكتبِ الأولى ،
قرأتُ أنَّ الحبَّ في الجذورِ يروي أفرعَ الأغصانِ،
أنَّ النبعَ لا يجفُّ إلا في صحارى المدنِ المغلقةِ الأبوابِ،
إلّا في اقتلاعِ الخيمِ والديوانِ في أروقةِ الأطلالِ،
والقوافلِ المدججةْ.
والشاعرُ المنفيُّ والمهجورُ والحادي ينادي:
إنني صوتُ القبيلةْ
جذرُ الأصيلةْ
حتى وإنْ كنتُ على قائمةِ الشيوخِ مولىً
مارقاً ، مرتزقاً، مثصَعلكاً ،
فأستحقُ أبشعَ العقابْ !؟


سجِّلْ،
أنا كرديّْ،
لاقيتُ صلاحَ الدينِ في القدسِ
وفي تكريتَ، في دمشقَ،
في القاهرةِ الظافرةِ المنتصرةْ،
رأيتُ في عينيهِ جَمراً بارقَ النارينِ
فوقَ رأسِهِ خوذتهُ، في كفّهِ السيفُ،
وبينَ صدرهِ الكتابُ والنجمةُ والهلالْ،
وخلفه الخيولُ والرجالْ.

يا ايُّها الموصولُ في الأعراقِ،
في الأحداقِ،
في التاريخِ يروي بذرةَ المأمولِ، والمجهولِ،
والدائرِ ما بين جبالِ الثلجِ،
طارتْ ريشةٌ منْ جنحكَ الخافقِ
فوقَ الغيمِ في هوليرَ ، لم تهبطْ على العينينِ
لم تلمسْ هوى القلعةِ،
بل ظلّتْ تدورُ في سماءِ الظلِّ
في بطنِ سحابِ الكتبِ المحصورةِ الأبوابِ،
ما صارعتِ الرقصةَ في الأشباحِ
تهوي في جذورِ البئرِ فوقَ تربةٍ تغفو على
جمراتِ كانونٍ لحدادٍ يقودُ الأخوةَ الأبرارَ
نحوَ القمةِ السوداءِ،
يرويها ضياءاً منْ لهيبِ النارِ،
والمطرقةُ الحمراءُ في الأيدي مَسلَّةْ.


يا ايُّها الموصولُ في الأعناقِ،
في مقهىً على ناصيةٍ بينَ ربى الوديانِ
بينَ الثلجِ والخريرِ تحكي قصةً
للبطلِ الذي ارتدى عباءةً، كوفيةً،
ولم يقلْ: سجِّلْ أنا كردي!

سجِّلْ،
أنا كرديُّ،
ما ارتديتُ يوماً صورةً بالزيتِ والألوانِ
أو ساريةً ترفعُ أعلامَ الحواريينَ في شوارعٍ
تصطفُّ في أبوابِ أهواء الشيوخِ والملوكِ،
والأئمةِ الساهينَ عن صلاتهمْ !
سجِّلْ،
فإني ما ارتديتُ عُلبةً زخرفتُها، زيَّنتُها؛
لتصبحَ الوجهَ القناعْ!
سجِّلْ،
فقدْ أعلنتُها بينَ الوجوهِ السُمرِ والشُقرِ
وقدْ أعلنتُها فوقَ رؤوسِ الأخوةِ الأشهادِ،
والأعداءِ:
إني ما ارتديتُ جبةً، عمامةً، عباءةً،
أو صولجانْ.

(2)

هذا أنا،
افتحْ عيوني!
أشرع الأبوابَ تحتَ الجلدِ، وانظرْ!
سترى الجبالَ والوديانَ والسهولَ والحقولَ تزهو
وبيوتَ الطينِ والقصبِ وأهوارَ الجنوبِ
والنخيلَ والأنهارَ تجري في شعابِ الروح ،
هذا دجلةُ الخيرِ، الفراتُ، الزابُ،*
هذا بردى ينسابُ من بين العواصف يلتقي الليطاني والأردنَ،
والنيلُ يضمُ شِعريَ المنثورَ كالأضواءِ وسْطَ الماءْ
يومَ اشتدَّ في سيناءَ ضربُ النارِ، فاهتزَ الفضاءْ،
فتهاوى الخطُ وانسابتْ على الرمل الدماءْ،
عندها حقَّ الغناءْ،
وهنا..
ذاك سفينُ النارِ يحكي قصةَ الأوراس،
وهناك ....
تلك صحراؤكمو الكبرى تناغي ضلعيَ المكسورَ
في القدسِ، وفي صبرا ، شاتيلا، وحلبجةْ.

هذا أنا ،
افتحْ ضلوعي تجدِ التاريخَ لوناً واحداً
منْ وَهَجِ الشمسِ ، ومنْ آدمَ يومَ انكشفتْ عورتهُ
حينَ استباحَ حرمةَ البستانِ والأمرِ،
فتاهَ في عراء هذا الكونِ،
قابيلُ وهابيلُ توالى نسلهُمْ في الأرضِ،

هذي الأرضُ خذْها بصراخ الصوتِ !
ماكانَ صراخُ الصوتِ إرثاً. قالها الروحُ:
فطوبى للوديع الطيبِ البريء فهو الوارثُ الأرضَ،
فلا السيفُ ولا العرشُ بباقٍ
فوق سطح الكرة الأرضيةِ الواسعةِ الأحداقِ والأشداقِ،
لا الكرهُ رغيفٌ في فم الجائعِ والحافي،
ولا زيتٌ يصبُّ النورَ في الظلمةِ،
والبهجةَ في الحرفِ، وفي الانسانِ!
طوبى لنزيل الجنةِ العظمى سليل الأنقياءْ!
طوبى لغسيلِ الروحِ منْ أدرانها!
طوبى لكلامِ الحبِّ والصدقِ كلام الربِّ في عليائهِ !
طوبى للذي أوقدَ في ظلمةِ هذا الليلِ شمعاتِ المسرة!
طوبى للذي يحفرُ في القلبِ موداتِ براءاتِ الطفولة!
طوبى لنبيِّ الرحمةِ الصادقِ والأمين والناشر في الأرجاءِ إشراقَ الجبينْ !
طوبى للذينْ
لا يوقدون النارَ والحريقَ في أرجاء هذا الكون !
طوبى لكلامِ الحبِّ والألفةِ والغار على جبهتنا المحترقةْ !
هذا لساني ملحماتُ الصوتِ،
والوجهُ بانوراما على الأرواحِ،
أقداحُ نبيذٍ من فمِ الأرضِ تروّي ظمأ النسلِ
إلى قارورةٍ من صدرها الملآن بالجَمْرِ وباللسعاتِ،
بالدفء، فنقطفها معاً،
إشبكْ مواعيدي مع الوعد القديمِ: لافرقَ بينَ...إلّا...!
وبينَ الوجهِ والوجهِ!
واسمعْ،
نبضَ الفؤادِ في خريرِ ماءِ الشرقِ
وهو يصبُّ خمرَ العشقِ في كأس الهواجسِ،
علَّ فؤادكَ المكلومَ يُلغي النارَ،
يحضنُ إلفَـهُ في القمّةِ الشمّاءِ،
حيثُ الريحُ تصفرُ في صخورِ الهَمِّ،
سيزيفُ يعيدُ أسطرَ التاريخِ، والقصةَ منْ أولها
حتى التحام الإلفِ بالإلفِ،
وحتى يستريحَ القلبُ من صخرتهِ المثقلةِ الآمالْ.

(14 شباط 2000)












(الحارس)

أوقفَني الحارسُ
عندَ مداخلِ بيتي المعمورْ،
يسألني مُغتاظاً:
ــ مَنْ أنتَ؟!
أجبْتُ بكلِّ براءةِ عصفورٍ مِنْ بلّورْ:
ــ أنا مَنْ ضيَّعَ في الأوهام عمرَهْ.

كنتُ العمرَ الزاهدَ محفوراً
بين صدوع الصخرةِ،
والزهرِ البريِّ الأبيضْ،
يستنشقُ ريحَ البرّ نديّاً،
يشربُ قطراتِ الفجر الأولى،
منْ أفواهِ الأرضْ.

كنتُ العمرَ المطحونَ
برحى الزمنِ،
ونداءِ الحربِ العلنيةِ،
والذبحِ السريّ.

كنتُ الصوتَ المخنوقَ،
في حنجرةِ الصوت،
ساعةَ إعدام الكلماتِ البيضِ المسحوقةِ،
بضجيجِ الأوراقِ الصُفْر
وعيونِ الجدران السريّةْ.

في ساحاتِ القضبانْ،
يقفُ السجّانُ بآلافِ الأقفالِ،
وألسنةٍ مِنْ نار الكلماتِ المسروقةِ،
مِنْ أدراج التاريخِ المنهزمِ
أمامَ النمر الورقيّْ.

مِنْ بينِ سطورِ شعاراتِ الغاباتِ المنتفضةْ،
أيامَ القطبين،
يقفُ الحارسُ مذهولاً،
مِنْ سيل شعاراتِ القطبِ الهائجِ،
والقطبِ العائدِ لبطون (البيان الأول)،
في ساحاتِ هزائمنا.

(الحارسُ) فيلمٌ مِنْ أفلام الخمسيناتِ،
مِنَ القرن العشرين،
يتراجعُ نحوَ الليلِ الأول،
مِنْ أيام القرن الماضي،
قبلَ الماضي.

حاولَ رسول حمزاتوف
أنْ يحرسَ أبوابَ الداغستانِ بلادِهْ،
بقصائدَ مِنْ شاي بلادِهْ،
في أحضان العشبِ الأخضرِ،
تحت ظلال الشجر المثمرِ،
وحكاياتِ الجدّاتِ الأسطوريةْ،
فاصطادوهُ،
في أقفاص الدوما،
برصاصٍ مِنْ حارسِ موسكو الكذّابْ:
يلتسين،
وغورباتشوف.

أنا أكرهُ ذاكَ الحارسَ أسوارَ الدولةْ
العبريةْ
وشوارعَ بغدادَ المنفلتةْ،
وأكرهُ ذاك الحارسَ أنفاقَ أورشليمَ،
وجدارَ الفصلِ،
لكنّي بقيتُ أحبُّ الحارسَ جيفارا،
والحارسَ هوشي منه،
وحارسَ بغدادَ المُغتال،
(عبد الكريم قاسم).

كنتُ أحبُّ الحرّاسَ:
عرفاتَ،
وحواتمَهْ،
وحكيمَ الثورةِ،
لكنّي أعجبُ كيف تحوَّل حراسُ الثورةِ..
سجَّانينَ، ومسجونينَ،
بينَ القضبانِ العمياءْ،
في ذيلِ الديناصوراتْ!

سأظلُّ الحائرَ بينَ الحبِّ،
وبينَ الرفضِ،
للحارسِ أسوارَ الصينْ!؟

لا تسألْني عنْ حرّاسِ البوابة الشرقيةْ،
وحرّاسِ الخارطةِ الوسطى،
وحرّاسِ البوابة الغربيةْ،
وحارسِ عروبة قلعةِ طرابلس الغرب،
فالكلُّ على دربِ الحارسِ
للخامسِ
مِنْ صولاتِ حزيرانَ
وحارس بوابتِنا الشرقيةْ ....

(الأثنين 2004.10.04)








(أحبُّك يا أرنستو!)


شيخٌ مثلي يحلمُ بالثورةِ دائمةً
في كونٍ تاهَ
بين محيطاتِ الظلمةِ، بينَ الحربِ
وضبابِ الرؤيةِ
ليسَ غريباً أنْ يعشقَ لوحةَ أرنستو تشي جيفارا ،
كي تسريَ في أنهار القلبِ ووديان العين،
تلك الأحلامُ الورديةُ في زمن الكلماتِ الكبرى
وأساطيرِ اليوتوبيا البشرية.

الذاكرةُ:
المرآةُ المصقولةُ، والملأى بالصورِ وبالألوانِ
تتقاطعُ في نزعاتِ الغيثِ
يُـمطرُ بالزهرِ وبالشمعِ
بحماماتِ فضاءِ الأصداء.

يا أرنستو ،
تلك القممُ الشاهقةُ
بين سماواتِ جبالِ الأنديز
تعشقُ فيكَ سيجارةَ هافانا
ولباسَ الگوريلا
والأقسام.

يا ذا الأيامِ نداولُها بينَ بيوتِ القصبِ
والغاباتِ المكتضَّةِ في أحضانِ الأمزون
وبينَ كهوفِ (تورا بورا)،
هذي أزقةُ سانتياغو الحافيةُ
مازالتْ تعشقُ مملكةَ الحبّ السحريةِ
في أشعار بابلو نيرودا
وقصائد عيون ألزا
ومراجل سلفادور الليندي
ذاك الشيخ الصامدِ في قلعتهِ حتى الموت؛
من أجل عيونِ (سانتياگو)

العشقُ سؤالٌ مطروحٌ فوق بساط الكون
من ايام التفاحةِ والفردوس المفقودِ
حيّرَ أصداءَ رسالاتٍ زحفتْ
ورسالاتٍ ذُبِـحَت
ورسالاتٍ تخبو
ورسالاتٍ تحبو

كمْ مِـنْ معشوقٍ قتلَ العاشقَ في اللعبةِ
كم منْ نبتٍ جفّ على دربِ الأشواق المُحرقةِ
كم منْ قلمٍ قد ذابَ على رَجْعِ القلبِ
كم منْ فقراء هامُوا في رائحةِ الخبزِ فاحترقوا
في تيزابِ أولي الأمر .
العشقُ ضياءٌ مرسومٌ في روح الأرض
حيّر أمراءَ الحرفِ وصنّاعَ الكلماتِ
والثوراتِ
وأصحابَ دهاليز الموتْ

يا أرنستو ،
لو عادتْ خيلُ الوديان تقاومُ عاصفةَ البحر الهائج
لو أنَّ سنابلَ أرض الفقراء
وبنادقَـهم
أحلامَ الليل وأنفاسَ الجدران الصدئةِ
تقفز من فوق الغاباتِ، والأنهارِ، والصحراء
لاعتدْنا للكافر بنصاعةِ عينيكَ سعيرا.

يا أرنستو،
ليسَ بيدي،
أو بيدِ الزمن الغافي
في تعليلاتِ الحرس الأقدمِ، والأجددِ
والقادم فوق حصانٍ مِنْ خشبٍ
أو تحليلاتٍ منْ خبراء الزمن الخائبِ
أن يُحصَرَ وجهُـك في شقّ الذاكرة،،
في أسوار الكتبِ
في متحفِ تاريخٍ ذاب.
العشقُ سؤالٌ
صدّعَ رؤوسَ حكماءِ الأحلام، صدّعَني:
لِمَ هذا الإنسان يُـحِبّ ؟
لِمَ يحترقُ بنار الشوقِ ؟
لمَ يأسرُهُ وجهُ المعشوقِ ؟
لمَ كلُّ جراحات التوقِ ؟
مَـنْ ذا يحظى برنين القلبِ ووخز الشوقِ؟
مَـنْ هذا الحائزُ جائزةَ الطوقِ ؟
منْ غيرُك أجدى، جيفارا ؟!
مازالَ الحلمَ الأبهى والأقدمَ
في طيفِ الليل وهمسِ الفجرِ
ونبضِ الحرفِ
حلمُ جبالِ سيرا مايسترو
وخارطةِ الألفِ ميل.
مَنْ يقدرُ أنْ يختطفَ
مِنِ حَدَقاتِ الأيام ومِنْ قلبي
صورةَ أرنستو
تشي جيفارا ؟


المسألة الكبرى

في زوايا الأرض تزداد الحرائقُ
والرواياتُ التي استقبلتِ النارَ سلاماً
والمطارات التي ودّعت الطائر
يوم ارتاح من ثقل الموداتِ الحزينة
في ديار القلب
والغربة في بيت العشيرهْ

الطائرةُ الكسلى التي تحمل
أجسادَ طيور النهر
قد مدّتْ على الغيمة رأسَ الرمح
علَّ الصبرَ ينزاح عن الصدر
ليستأصلَ هذا الضعف
من ذاكرة الدار
مع الصمتِ الذي ألصقه الثوبُ
على الجلد
فمال الجسد المتعب
فوق العشب
يرتاح من الحلم الطويلْ

القافية المارّة بالنخل
تناجيه على الطَلْع الذي
أسقطه الصاروخُ في الجُبِّ
فلا الأرضُ استكانت بعدها يوماً
ولا النهرُ استعاد الوجهَ من أيدي الغزاة

هذه المسألة الكبرى
على الأرض التي كم فقدتْ رجالها
نساءها
أطفالها
ووجهها الغارق في سفر الأقاويلِ
وألواح الأباطيلِ
وشعر المدح والهجاءِ
والرثاءِ والبكاءِ
شعر الفخر والحربِ
الى آخر أيام الطوابير التي واقفةٌ
في باب سلطانٍ أقام السيفَ
في عنق القوافي
والمقالات العريقةِ
في اكتشاف الكذب المنهالِ
كالجراد
في حقل العقولْ

في زوايا تلكمُ الأحلام
لا ينطبق الطيفُ مع الذاهبِ
في قافلة البحث
عن العرس المُدمّى
في خيام البيدِ
والليلُ الغلاسيُّ يقيم العرسَ
في العراء
والرقص على خيل القبيلةِ
يستدير الرملُ صوب البئرِ
كي يطفئ نبع الماء في العينِ
وصوب الربوة الخضراءِ
كي يحيلها واحدةً
من بين أشلاء الدِمَنْ

المسألة الكبرى:
هو الماءُ الذي لم يرتوِ
من فم عطشان لأنخاب الهواءِ
مخنوقاً
ببارود الحروب الخلّفت ألسنةَ النارِ
وأقلامَ الأناشيد التي صدّعت الرأسَ
ورايات الطريق

وطبولُ القائد المجنون محفوفاً
براياتِ القنابلِ
والصواريخِ
تدقّ الأفُق المفعمَ بالدخانِ
أما العير والنفيرُ
في قارعة التاريخ
تستاف الرمالْ

مُشبَعاً
من هذه المسألة الكبرى
يقيم الليلَ
وسط الأحرف الصغرى
يناجي الشاشة البيضاء
أنْ توقف سيل العرق النازفِ
من ناصية الجبين
فوق العينِ
من غير تواريخَ
أضاعتْ سفنَ الرحلةِ
في محيط هذا الكوكبِ الذرّيِّ
الخائفِ من مجاله الجويّ
والمجالُ مرسومٌ
بغيمٍ مالها مِنْ مطرٍ
والشارعُ الفرعيُّ
ينساق الى الغابةِ
مزروعاً بأقدام الذئابْ

وعمودُ النور ألقوه
على قارعة الدربِ
ومصباحُ علاء الدين
مكسورٌ بلا عينٍ
فلا القمقمُ يحوي الماردَ الجبار
طوعَ الفقرِ
أمّا الذهبُ الأبريزُ والماسُ فقد ذابا
مع السابح في جيبِ بنوك المالِ
في العواصم المُضطربهْ

الجمعة 2005.09.09

الخبز الناري

الى الشاعر السوري الكردي هوشنك أوسي:

إنْ كنتَ الجائعَ للنَّارِ
فغازلْني،
أقتسمُ معك
رغيفَ الحرف.

ومِنَ الأرغفةِ حرارةُ قلبِ الأمِّ الأولى
جسدِ الثكلى
في رابيةِ العشقِ الكرمانجي
جبلٌ من جدرانِ أزقةِ بابِ الشيخ
والصَّدرية*
حيث معلّمُنا الأولُ في الكُتّابِ
الملا (مَيْ)
علّمَ أطفالَ الحارةِ
أولَ حرف من نور الكون
فأشرق في العينين .

الملا (مَيْ)
شيخُ طريقة تأويلِ الصَّوتِ
وتسريبِ الضَّوء
وآياتِ كليمِ الأرضِ
آتٍ مِنْ أعماق سهولِ جبالٍ
يسكن في زاويةٍ متداعيةِ الأردانِ
بالفقرِ
في حارة جد البيت الأكبر
الملا نزار.

إن كنت تريد الحرف
فناولني
خبز القلب
ففي القلب حريق
من كانون نشيج الطفل الأول
في الوادي
بين ضلوع النهر وصدر العشب
وصوت الشيخ
عبد القادر الجيلاني
وحضن الملا الأكبر

قال رصيف الشارع في المدن الفقر
المدن القهر
المدن القفر:
وقع الأقدام المهتزة في العينين
تتأرجح
تخلع قلبي من منبته
وتعيد القصة من أولها:
رجل حافي الجيب
منحسر اليد
مقروح الرأس
تتقاذفه ......
هموم الدار الخالية
الا من حزن العاصفة ،

رجل وامرأة
ورغيف مكسور
وبلاد تبحث عن وجه
فالحلم المعجون برأس الليل
يرقص مذعوراً بالألم
ونصال اللوحات المصبوغةِ بالغدر
تقطع أوصال الصّورة
قبل أوانِ الحصد
ورجال الدّرك الواقفِ
بباب الأرض
ترمي الحالم
ببارودِ القضبان
وسجن النوم .....

نامي ياكلَّ الأرض
في قبو الحجّاج
وبئرِ الطّوفان
وقفلِ السّجان
ففي الصّحو رياحٌ مُقلِقَةٍ
لأسوارِ القصر
وشِعرِ المدّاحِ الرّاقص
في حضنِ السّلطان
وذكورة كلِّ الغلمان ...

في السهل الغافي
في حضن الزاب الأعلى
والسيمرة
والقامشلي
خيطٌ يوصلُ بينَ أيائلِ جدرانِ أزقتنا
المصبوغة
بالنار ِ
بشعارِ ...

الموتُ حقٌّ في رقابِ الأنامْ
لكنّهُ قيامةٌ
حينَ يُحيلُ التّرابْ
أغنيةً
بينَ هديلِ الحمامْ

الأيِّلُ الناريُّ
يصغي
للصوتِ العابرِ لحدودِ الوديانِ المُقفَلَةِ
في وجهِ الجوابِ الحالم
بخارطةِ الدفء
وحرارةِ عشقِ الطّير الطّائر
فوق سهولِ محبتهِمْ ،
والطفلُ الأولُ في خارطةِ ولادةِ أجنحةٍ
يقتنصُ عيونَ العاصفةِ
في برِّ أمانِ القلبِ
وفأسِ الحدّاد ....

(السبت 3-12-2005 )












هنا بيروت !

دخانٌ يتصاعدُ في فضاءِ الساحةِ
حمراءَ من دم المواويلِ ، والصراخ ُ يعلو:
ارفعوني !
أنا التي أرّختْ في زمان الحروبِ
أنني كُتبَ على شاطئي أنْ لا أنامَ
على فراشٍ من أغانٍ تبثُّ على أثير الحرير والأساطيرِ
التي لمعتْ في البحرِ ، والبرُّ لونُ الفراشات حينَ
رفرفتْ أجنحتها في كتابِ الجمال،
والغواني يُسرعْنَ الخطى متلهفاتٍ
الى أعشاشِهنَّ في سرير النهارِ..
السفنُ تمخرُ عبابَ وجهي كل يوم ٍ
كتبٌ، عطورٌ، ملكاتٌ للجمالِ، فيروزُ، وصباح ،
وهنا بيروتُ من فضلكَ ياعينيَ،
نورٌ ونارٌ وجمالٌ وتجلٍ وعشق ٌ
وصمود.......

سجى الليلُ والعاشقون على الرمال
يلتقطون الحُبَّ من قمرٍ
يركضُ مسرعاً من دخان ِ القذائفِ،
والبوارجُ تقصفُ الحانةَ في آخرِ الليلِ
يسكبُ النبيذَ في الأغاني ...
في الفجرِ وعلى فضائيةِ العاجلِ
المذيعة ُ تصفِّفُ شعرها قبلَ النشرةِ
تضعُ أحمرَ الشفاهِ كي لاتضجرَ الطائراتُ
والمشاهدون يحتسون شايَ الصباح دون ملل
العيونُ تفتحُ أفواهها على الآخرِ دهشةً
زمنُ الرعبِ يعيدُ نفسهُ
صرخةٌ....
احتجاجٌ ....
دمعةٌ تسقط في القدح ....
سبابٌ ...
تثاؤبٌ...
خروجٌ الى شارعِ النهارِ
حيث التعبُ المرُّ ...
والمناكبُ تزّاحمُ خلفَ العرباتِ المثقلةِ
بالنعاسْ ....

الفوهرر منْ قصرهِ الأبيض يُصدرُ الأوامرَ،
سمعاً وطاعةً كلُّ شيءٍ على مايرامُ
والإغاثاتُ في الطريقِ الى مقبرةِ القريةِ
حيث الشواهدُ بحاجةٍ الى ترميم !

يقفلُ الجنودُ أفواههم بالقنابلِ تتساقطُ ،
والمذيعةُ بصوتها الحماسي تنطلقُ في النشرة العاجلةِ:
مارأيكَ في الذي يجري والذي لايجري والذي خلف عقال السادة
وكراسي الكومبارس؟
السيدُ الوزيرُ يحتجُ من شرفةِ القصرِ
والمُحلّلون السياسيون يشدّون أربطةَ اللسان
أمّا الطائراتُ فتنامُ في المطاراتِ المدهونةِ بدم ِ الكلام ....

بيروتُ عاشقةٌ تمارسُ سحرَها تحت سماء القنابلِ
والهواءُ حوارُها، وسنابلُ الأشعار ترقصُ في زوايا رغبة الحقل الموشّحِ بالمحبةِ لاخضرار الضلع في قافية الأزقة الضوع واللهيبِ.
زهورُ الشمس ترمي ظلها فوق الشوارع كي يمرَ الحرفُ أول مرةٍ
في موكب البحر، استفاق على نداء الأفقِ:
ذاك صدى طباعة صخرة الفينيق وهي تضمُّ صوتَ الريح في جنباتها الى الأبد....
هذا الصليبُ ينيرُ في الآفاق والأشواك فوق جبينه، ويشمُ رائحةَ المسيح
يدورُ في العينين بينَ هلال مزرعةِ البرتقال
يدقُّ أعمدةَ الضياءِ والأشجار نيازكاً فوق الحقولْ ....
وترٌ من القمر استفاق ليعزفَ المعبدَ أغنيةً
تظل تجوب الساحة الحمراءَ،
فتيانُ المراجل ترتدي مطرَ القلوب تفكُّ رمزَ السحرِ
موشوماً على الساعد،
أما الكفُّ فهي رسالةُ القمر الموشّى بالرماحْ ....

العاشقُ السادسُ يرمي الكرة النارَ على الأرض،
ويحمي قلبه من ريحة الغدر، يطوف العالمَ السفلي،
يرفع رأسه بين البوارج، والرصاصُ لسانه،
والروحُ قنبلةٌ تفجّر كرهها بين النوارس،
والطلاسمُ تحتمي بالمحفل الكهفِ،
وأعوامُ الجفافِ مزارها، ومزارعُ التفاح تحترقُ،
صالةُ آلهةِ المحارق تفتحُ بابها السفلي تـُغرق أفقَ بيروتَ دماً،
ودخانُ تنينِ التواريخ المُدجَّجةِ بالسلاحِ سنانُها من أسطر التابوتِ
أما اللوحُ فهو السور مبنياً بما في النفس من أفعىً
تشمّرُ سُمَّها في كلِّ حينٍ، ثم تخفي رأسها
لتُعيدَ معسولَ الكلام .....

جلجامشُ الأبدِ المُزنَّر بالرغائبِ يقتفي أثرَ البريَّةِ
حينَ تلاقتِ النظراتُ، والجسدان اتحدا،
فها هو انكيدو يستفيقُ من السباتِ
ينامُ في حضن المحبةِ كي يحيلَ الغابةَ الدهماءَ مزرعةً
وغصناً خالداً بالعشق والأنوارِ والقصص اللهبْ،
وخمبابا برأسٍ من القذائفِ والقنابر والبوارجِ
والعناقيدِ التي ليستْ من العنبِ
ولكنْ بأسنانٍ منَ الموتِ المُعجَّل والمُؤجَّل
في نزال اللوح تحت سنابك العرباتِ
تنتظر الساعة تأزفُ في جداولهم ...

بيروتُ طفلةُ أنبياءِ الحرفِ والقنديل
دلَّلَها الضياءُ يشعُّ من كُوَّةٍ، جبرانُ استجابَ نداءَها الموجوعَ،
أبو ماضي يزيحُ ستارةَ اللغز والخلودِ،
وميخائيلُ بين عباءة الكهفِ على الجبلِ الأشمِّ
يجيلُ طرفَ الأصبعِ الممهورِ بالنورِ ليفتحَ قلبهُ للبحر ....

"إنا إذا اشـتدَ الزمانُ ونابَ خطبٌ وادلهمّْ
ألفيتَ حولَ بيوتنا عُددَ الشجاعةِ والكرمْ" *

هذا العَلمْ
زيتونةٌ خضراءُ ترفلُ بالمحبةِ والحِكَمْ
صُبُّوا مواجعَكمْ ! فهذي طفلةٌ يسوَّدُ منها الوجهُ،
تلكَ الأمُ نازفةُ الحليبِ تدوسُها دبابةٌ بالقاذفاتِ من الحِممْ،
هذا ابنُ سبعينَ أبى أنْ يتركَ الحقلَ
وأشجارٌ من الزيتون تزرعها الهِمَمْ
والصوتُ في الجبل الأشمّْ ........
صنمٌ ، صنمْ
ذاك الذي في بيتهِ الأبيضِ يرقصُ بالجثثْ ،
تلك التي نزعتْ ثيابَ الجلدِ
تلبسُ نسرَ ذاك البيتِ تعبثُ بالأممْ
شمطاءَ لاماءٌ ولا نورٌ ولا كلِمٌ حَسَنْ ..!

هنا بيروت ....
من فضلك يا عينيَ!
أدرْ وجهكَ صوبَ خرائب الأطلس،
هذي ذراع الأسفارِ
تصبُ الزيت على النارِ
وتصلبُ عودَ الأرض ِ
تحت جنازيرِ ظلام الغاباتِ ...

هنا أورشليمُ ...
تنطلق الوحوش بلا استئذان من صالة كليشيهات الكلام
والرقص على ذبح رقاب الحمام .
الحبُ خبرٌ من الأخبار يُذاع على قهوة الصباح
بين عاجل وآجلِ على فضائياتِ الكلام
والرقص بالمجانْ ...
سالومي تضع رأس المصباح على طبق هيئة الأمم ....
حكاية العاشق مع نصال السكاكين المشرعة حكاية غبرت
يوم كان الحبُ أول ما يكون مجانة ً
فإذا تحكم صار أعمدة ونذوراً في المعبدِ ....
أيقونة الصبر وشموع الأم الصابرةِ صنوان لا يفترقان ،
نقف ببابها صلاة من عبق أزقة الروح ،
ورياح البنفسج تهب على حقول التفاح والبرتقال
تزرعُ فوقها زيتونة َ المحبة والسلام والشموع ....


هنا بيروت ...
لايزالُ المذياع يروي
قصة مدينة الضوء والعطورْ
والحرفِ والنذورْ
وهي تغفو وسط هدير البحر وسكونه
لتنامَ على فراشٍ مارجٍ منْ نورٍ ونار
تصلّي ....

(الجمعة 11 سبتمبر 2006)








هنا كانتْ بغداد..!

السماءُ ملبدة بالدباباتِ .
الشوارعُ مزدحمة بالغيوم ،
والبيوتُ تغرقُ في المطر الأسودِ
والأحمر
والرمادي
الهاطل من سمتياتِ النزيفْ

الناسُ همو الناسُ بين رحى الأزقةِ
وأسنان الفقرْ
كما كانوا في زمانِ الصخب
والوجوهُ استحالتْ محبرةً من الدم
تكتب الذي سار في الطريق الى النهرِ
فالتقى بجدار العزل (ممنوع المرور من هنا)
وتوقّف الركبُ عند الساعةِ الصفر
إذ الرؤوسُ تسّاقطُ في شوارع القضبان تحتَ سياطِ
(قفْ
لاتتحركْ
اسكتْ
أغلقْ عينيكْ
صُـمَّ أذنيكْ!)

كلُّ شيء على مايرامْ ،
قال المنصورُ باللهِ الغارقُ في لحمِ الناس ،
المقابرُ تتسعُ للذين لا مساكنَ لهم
الا القلوبَ والأحلامَ
ونوافذ الأحداقْ

كلُّ شيءٍ بالمقلوب
وبالضربِ في الأعناق
من الخلف !

هل أنا سابحٌ في اليقظةِ أم غارقٌ في المنام ؟
العالمُ منقلبٌ على عقبيهِ
لايرى
لايسمع
لايتكلم
يرجعُ الى الخلفِ
360 درجة بمقياس البنك الدولي
والشركات والقوات المتعددة الجنسيات !

انفجارٌ يدوّي ...
هبطَ المارينز في سوق الشورجةِ
وروادُ زوايا الباب الشرقي وساحةِ الميدانِ
انقلبوا عمائمَ بلمح البصرْ

كوماندوز قادمون
الارهابيُّ الأكبرُ في القرن الحادي والعشرين
يمرُّ من ميدان معروفِ الرصافي ...
التمثالُ سـقطَ مغشـيّاً على وجههِ دونَ وجهٍ
في ساحةِ جهنمَ وهي تفتحُ فاها
على آخر صيحاتِ الشرق الأوسطِ الجديدْ

" مِنْ أينَ يُرجى للعراق تقدمٌ
وسبيلُ ممتلكيهِ غيرُ سـبيلهِ؟ " *

الجديدُ أنَ بغدادَ يحترقُ وجهُها
في أخدودِ أسواق السماسرة ،
والبورصةُ ترتفعُ بضغطِ النفطِ
والشفطِ واللفطِ!

الرجلُ المريضُ ينكفئ على وجههِ
ليسقطَ في مستنقع الموتِ والتمزيق

هو الموتُ يبحثُ عن زبائنَ
في شارع الرشيدِ وشارع الكفاحِ
أما شارعُ الجمهورية فهو ميتٌ من ايام الزعيم*

الموتُ يُديرُ المذياعَ على صوته المفخّخ
وهو يبثُّ نشراتِ الأخبارْ
كلّ ليلةْ وكلّ يومْ
أسهرْ لبكرةْ
في انتظاركْ *
ياعراقي ....

ــ يا أبا ستار !
سوف أرحلُ عن دياركم مُجبَـراً
وضاحكاً مشفقاً عليكمْ
انا بعتُ مالي وحالي ،
أما أنتم فلن تلحقوا أن تأخذوا نعالكم معكم
يوم تأتي الانكشاريةُ تدقّ أبوابكم للرحيل .
قالها اليهوديُّ ناجي حسقيل التاجر
وهو يشدُّ الرحالَ الى الأرض الموعودةِ
من أيام سدومَ وعمورة

أبو ستار رحلَ الى الرفيق الأعلى
متوسِّداً مقبرة السلام بجوارِ أمهِ وأبيهِ
وأختهِ وأخيهِ وعمهِ وحميهِ*
أما ابنه فأينَ سـيُرخي سدولَهُ ؟
في غياهب مقبرة غابةِ الجليدِ الموحشةِ
في زاويةٍ من ساحل بحر الشمال الغربي

مرَّ ناظم الغزالي وهو يغني للذي رأى فوق النخل ،
لمعَ خدّ الحبيبِ أم القمرْ ؟
لكنّـه لم يدرِ أنَّ الذي يلمعُ فوق النخلِ
هي طائرةُ أباتشي بعيونٍ منْ ليزرْ
وخدٍّ منَ القنابلِ العنقوديةِ

في مقهى الرشيدِ يحتسي أبو نواس شايَ الصباح
بكأسٍ من السياراتِ المفخخةِ ،
وقصيدته تتعتقُ بدنانِ العبواتِ الناسفةِ
من ايام: إذا بلغَ الفطامَ لنا صبيٌ...!*

هذا عليُّ بنُ الجهمِ يُغمدُ قصيدته في عيون المها
بينَ الرصافةِ والكرخ .
وأنا أغمدُ قصيدتي في عيون الصمتِ
بينَ شارعِ الغربةِ وضفافِ غابةِ الجليد

السيّابُ ينتظرُ تحتَ شُبّاك وفيقةَ ،
والخليجُ ، وما ادراكَ ماالخليجْ ،
نارٌ وعجيجْ
وأساطيلُ من كلِ فجٍّ عميقْ
وقارةِ ومضيقْ
أما مضيقُ هرمزْ
فنصيبُ مناوراتِ الصديقْ
خلفَ الأبوابِ المغلقةِ باليورانيوم
والكلام العتيقْ

قيلَ : التاريخُ لا يرحمُ .
أمستِ الجغرافيةُ ، شقيقةُ التاريخ ،
الغضبَ الذي لا يرحم

سلوا الشوارعَ والأزقةَ عن الذي خبّـأتِ العواصفُ وخيولُ الغزو !

الغبارُ يقلعُ العيونَ من محاجرها ويعبّئ بها قنينة الغاز،
والمفخخاتُ تخلعُ الأبوابَ والرؤوسَ والأطرافَ
وتضعها على طبـق من بترول
تقدمةً لقلبِ الأسد
صولجانهُ من صدى المزامير
تعزفُ النشيدَ على أصواتِ التفجيراتِ في مخادع العصافير
وطيورُ الحبِّ المهاجرة تلقي رؤوسها فوق وسادةِ اللسانْ

إذا متُّ فادفْـني الى جذع نخلةٍ !
فماتَ مدفوناً الى جذع صخرةٍ
تروي عظامه جليداً
صامتاً
حتى النخاع

أبغدادُ ،
على منكبيكِ الجراحُ الغزيرةْ
وخبثُ العشيرةْ
وحلمُ المهاجرْ
وصوتُ القنابرْ

ـ اصمدْ !
قالوا: اصمدْ !
فصمدْتُ دهوراً ؟ !

هنا بغدادُ ،
من فضلكَ قفْ ببابي ،
وانظرْ الى الحلاج مصلوباً من لسانهِ !

القصائدُ في حضرة السلطان انتحرتْ
يوم احتسَتْ كؤوسَ الطلى من دنان المديح
وقضبانِ الشقق الفاخرةِ
وسياراتِ البرازيلي !

هنا بغداد !
علّمتني الأيامُ أنَّ الرماحَ تتوالى
على أجسادِ الأزقةِ والطيور كلّ حين
ومياهُ دجلةَ زرقاءُ بلون الحروفِ
ومدادِ الكلام
وحمراءُ بلونِ الدمْ

الشعراءُ يَستلّونَ ألسنةَ القصائدِ من جديد
والغزاةُ يرفعون السيفَ بيد
والمالَ بيد
وهيئةُ الأمم في الأقدام

السيّابُ غارقٌ في مياهِ الخليج ،
والجواهري لا يزالُ في حقيبة بريد الغربة ،
والبياتي مدفونٌ عند ابن عربي ،
وبلند الحيدري ينامُ قربَ حديقةِ هايد بارك ،
ومهدي عيسى الصقر بين رياح غربية ورياح شرقية يتلوى*
والبقيةُ في انتظارْ

هذا وجهُ النهرِ ، فحدِّقْ ،
ياذا العينينِ وذا الأذنينِ وذا الرأسِ
وتلفَّتْ حولك !
أينَ الأقلامُ ؟
أينَ الأوراقُ ؟
أينَ الأيدي ؟
أين الأرجلُ ؟
أينَ الأجسادُ ؟
أينَ عيونُ النهرِ؟
أينَ العرقُ المتصببُ فوق الجبهةِ ؟
أينَ الأشعارُ ؟
أينَ السُمّارُ ؟
أينَ الحانةُ ؟
وأين ... وأينْ ؟!

هل كـُتِبَ على النهرين بريدُ الغربة أبدا ؟

يادجلة الخيرِ يا امَ التلاوين !
كلَّ يومٍ لكِ لونٌ يؤرّخُ ليوم ولون
مشبعٍ بالسنابكِ ، خيلها من حديد
تُشعلُ النارَ في الخلق والحصيد

هذا أنا
كما أنا
كما ألفتُم بيتَـنا،
مدينتي مدينةُ الحريةْ
عشْـتُ بها دهراً ولم يسـألْني انسانٌ:
فما الهويةْ؟
مدينتي اليوم تشبُّ النارُ فيها
وكذا التهجيرُ والذبحُ على الهويةْ!

ايُّ يومٍ هذا الذي يمرُّ ؟!
ايُّ يومٍ سيأتي ؟!
ما الذي في جعابِ الجديدْ ؟!

خارطةٌ أخرى من الألواحِ في توابيتِ العصر؟
ابنٌ لا يعرفُ أباهُ
وأخٌ لايحمي أختهُ
وشقيقٌ يشحذُ السيفَ للشقيقْ
أما الجارُ والصديقْ
فحدِّثْ ولا حرجْ !

قالَ الراوي :
يوماً ،
كانتْ هنا بغدادُ قلعةً
للشعر والشعراءِ
والأسودِ !؟

هوامش

* الزعيم: المقصود الزعيم عبد الكريم قاسم.
* بيت للشاعر العراقي معروف الرصافي.
* مقبرة السلام هي أكبر مقبرة في العراق تقع في مدينة النجف.
* كلّ ليله وكلّ يوم اسهر لبكره في انتظارك يا حبيبي" هي أغنية لأم كلثوم
* اشارة الى بيت من معلقة الشاعر عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطامَ لنا صبيٌ تخرُ له الجبابرُ ساجدينا
* رياح شرقية رياح غربية : رواية القاصّ والروائي العراقي الراحل مهدي عيسى الصقر، تدور أحداثها حول الاحتلال البريطاني ونضال الحركة الوطنية العراقية في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين.

(الأحد 13 سبتمبر 2006 )

هولير وظلُّـها البعيد...

شـُمَّ ريحَ الهواءِ وعبقَ الترابِ،
وجسدَ الماءِ، ودخانَ الديار،
حين تمتطي صهوةَ الرغباتِ أن تلتقي بها،
وارتقبْ خفقةَ اليقظةِ في أزقتِها الطينِ والسعير،
وتناوبْ معَ البرقِ وجهَها ،
فالمسافاتُ بينكَ وبين عينيها قمرٌ واحدٌ
مِنْ سماءِ كاوَه ضلَّ دربَـهُ،
عندما حاولَ الهبوطَ على قمةِ القلعةِ
ليلةَ اسودّتِ الأرضُ بمَنْ عليها،
وما في باطنِ الجذورِ مِنْ روحِها ،
فاستشاطتِ الأشجارُ،
وضجّتِ الأنهارُ ،
والسنابكُ تشابكتْ فوق جبينها.

الخيولُ الغوازي تمرقُ مِنْ جيبِ صلاح الدين ،
مُـهرُه ليسَ مِنْ سـنا الأرض،
ولا مِنْ شرارةِ فأس الحدّادِ ساعةَ اعتلى الجبلَ
مُشعِلاً نارَهُ في الحصنِ،
مقتفياً أثرَ ميديا، وأخوةِ البرقِ مِنْ بقايا رُسْتَمي زال.

العشبُ في الوديان تتمايلُ لاهثةً
خلفَ سباق العاصفةِ ،
وأنتَ تُجيلُ طرفَكَ في الحنايا؛
علَّ النبضاتِ تُلقي رِحالَها وسط الصوتِ.

اللغةُ رحلةُ المودّاتِ يومَ التقى الجمعُ
فوق بساطِ الطيوفِ والأحلامِ
ترتوي منْ حكايةِ ابنِ الأرضِ والجبالِ التي
تُسابقُ موجةَ البحر كي تصلَ اليك،
وأنتَ هناك على الخارطةِ الأخرى،
أنتَ يا منْ تسكنُ أزقةَ القهر
في معابدِ المدنِ الملح، تنتظرُ اللقاء،
فتُـسدُّ الأبوابُ، وتنتصبُ الأسوارُ العازلةُ،
لكنَّـك تمرقُ مِنْ خللِ الثقوبِ في الفضاءِ،
وتُلقي زرابيك هناكَ، تنتعلُ العيونَ والأناملَ ،
كي ترضى عنكَ المواعيدُ،
والسجلاتُ، وحرسُ الحدودِ.

أيَّتُها الأرضُ البكرُ ،
أيتها اللغةُ الأمُ ،
هل في جملةِ الفعل والفاعل والمفعول به والحركاتِ..
جوابٌ شافٍ عنْ سؤال ظلَّ يراودُهُ ؟
هل مِنْ مكانٍ للولدِ الشاطرِ الوفيّ المجاهدِ الصامدِ المُتعَبِ منْ كثرةِ التسفيرِ والتهجيرِ - أنْ يُلقي جسدَهُ على سريره ليرتاحَ رأسُه مِنْ صرير ِالقضبان وأقفالِ السجّانِ؟
منذ أزلٍ وأنتِ تُديرينَ ظَهْرَ القوافي وأساريرَ الكلام،
الأغاني مترعاتٌ بالدخانِ واللهيبِ،
والجديلةُ تتأرجحُ بين لحنِ الترابِ وموسيقى الظلِّ،
وصوتِ نسرين شيرواني وشمال صائب،
وصداح الرزازي وشجن مرزية.

هذه الكأسُ المليئةُ بالعتابِ والكلامِ المؤرِّقِ
تدورُ علينا خمرةً من رائحة الخبزِ على ضفافِ الزابِ،
وسفح سفينَ، وخمرة شقلاوةَ،
ومخيماتِ المُهجَّرين والمُرحَّلين ،
وبقايا أنفال تلك الأيام التي ملأتْ أجوافَنا قيحاً،
وسماءَنا دخاناً أبيضَ مثلَ الطحينِ،
لكنّه لم يكنْ مثلَ طحين قلبه؟

السماءُ مُلَبَّدةٌ بأوراق ربيع هوليرَ،
فلماذا تنثرين على رأس الولدِ الشاطر
ورقَ الخريفِ، ونثارَ ثلجِ الشتاء؟

الأشجارُ تتراقصُ عند ضفةِ النهر في روحهِ،
وتقتاتُ بذرةَ العشقِ من بحيرةِ العطر في دمهِ
ممزوجةً بشظايا الجراح .
القمحُ الذهبيُّ في الحقولِ ..
حصادُ الموجة التي اضطربَتْ في فؤادِه،
والتقتْ بشاطئ اليدينِ،
القدمان خيلٌ في سباق الالتقاءِ على سنابلها.

ليسَ وجهُكَ فضاءاً مِنْ أساريرِ الشمس،
أيُّها المُلقي برأسكَ في حضنها دونَ رأسهِ !
ليس وجههُ منْ بقايا المغولِ
وهم يدكّون حاضرةَ العرسِ في هوليرَ،
أو مِنْ سرايا الجحوشِ ،
وجهُه منَ الموجةِ التي شربَتْ جذرَها ،
واستقرَّتْ على الجوديِّ
في أحضانِ السليمانيةِ وكلارَ وحلبجةَ وقلعةِ دِزَه .
الكهفُ يقرأ تخطيطاتِ أطفالهِ
فوق جدرانهِ تأريخاً منْ خيال العيون والأصابع والقلبِ
والشبابِ الغضِّ في المقابرِ الجماعيةِ ...

أيُّتها البلادُ التي أرّخَتْ للمسيرةِ
منذُ أيامِ زينفونَ وسهامِ الصخر والقلاع ،
موجةُ المسرّاتِ تغلقُ النافذةَ
في وجهِ بيته عندما يطلُّ على الصالةِ
كي يشاركَ في رقصةِ النهارِ
وحصادِ القمحِ والنُضارِ
والعسلِ المُصفّى ...
الكتبُ المُشبعَةُ بكلام الرواياتِ تروي أنه منكِ واليكِ،
فلماذا ليسَ منك،
وليسَ إليكِ،إ
إلّا في المحطاتِ الفضائيةِ،
وعلى أثيرِ الكلام،
وفوق موائدِ البحثِ عن الصوتِ،
وورقٍ يملأه بالمديح ..؟

هوليرُ ،
على دربكِ مرّتِ العواصفُ
واجتاحتِ البيوتَ والأشجارَ،
واقتلعتِ الزرعَ والضرعَ ، وخلقَ اللهِ على الأرضِ.
ومرّتِ الأعاصيرُ على بيتهِ
لتحرقَ الوجهَ والابنَ والبنتَ
وروحَ الله في الأرض !
هكذا مواعيدُ الزمانِ والمكانِ والأرض التي
عمَّها (نظيرُه في الخَلْقِ) بالحريق ...
وأنتِ ابنةُ الموعودِ في الكونِ
والرياح والحلمِ واللهيب،
تمرين برأسِهِ صورةً ينتظرُها،
أنْ تؤطرَ بيتَهُ بالزهورِ
مِنْ حدائق جنَّةِ الأرض
يركضُ في ظلّها دونَ أنْ يتعبَ
مِنَ المسافةِ بينَ عينيهِ والأفق ....

هذه الخيولُ المُطهَمةُ بالعشقِ
لجامُها وجهُ هوليرَ والحباري،
وحماماتُ السلام
تُلقي علينا غصنَ زيتونِ السفينة
بعد طوفانِ أهلها
بينَ سيفِ الخليفةِ
ودخانِ الكيمياوي ...

فهل تلتقي اللغةُ الأمُّ
باللغةِ الأمِّ
كي يستقرَّ الكلام؟

(الأحد 25 حزيران 2006 )







الأوراس

ـ(جمييييلةّ!!)

يُحكى
أن الريحَ التي هبّتْ
منْ بين جبالِ الأوراسِ
تقاسمتِ القلبَ
مع الحبِّ الصادقِ
منْ جيلِ الثورةِ
ايامَ فتوةِ هذا الصدرِ
وذاكَ العصرِ.

ما كانتْ أيامُكَ قادرةً أنْ تغفو
مِنْ غيرِ الصورةِ
قادمةً
تغلي منْ خلفِ القضبانْ .

جسدٌ منْ لونِ ترابِ الأرضِ
مثلَ الشمسِ
فوقَ جبالِ الأوراسْ
صبَّوا النارَ على الجسدِ
فاحترقَ الغيمُ
وفارَ التنورْ

المطرُ الهاطلُ فوقَ الجبلِ
وبينَ أزقةِ قسنطينةَ
أحمرُ
منْ لونِ الأوجهِ
يومَ اشتدَّ زحامُ شوارعها
وانفلقتْ أبوابُ بيوتِ الفقرِاءِ
ونوافذُهم
عنْ أعينهم
حمراءَ
بلونِ الثورةِ
فاشتدَّ زحامُ أزقةِ بغدادَ
بعيونِ بوحيردَ.

هذا الوجهُ الصاعدُ فوقَ الشمسِ
سلالةُ عبد القادرِ
والمليونِ المرّوا قافلةً
في ينبوعِ الفردوسِ

هذي دجلةُ خيرِ الأحبابِ
وخيرِ الأهلِ
وخيرِ الأصحابِ
ترسمُ صورتها وسطَ الماءِ
وفوقَ الأغصانِ الممتدةِ
في القلبِ
وفي الوادي

أفتحُ
كتابَ الثورةِ على مصراعيهِ
أجدُ الوجهَ المملوءَ جمالاً
إصراراً
وصموداً
ونضالاً
بينَ القضبانِ
وبينَ أيادي الفاشستِ
ورصاصِ الغدرْ ...

أفتحُ عينيها
شعاعٌ منْ وهجِ الشمسِ
ونورِ القمرِ
ينادمُني:
ـ هلْ أنتَ الصابرُ مثلي
ومثلَ الأرضِ
تحملُ فأسكَ بين حقولِ النارْ
وقدماكَ تصبّانِ الزيتَ
على الجمرةِ
كي يكتملَ المشوارْ
فتنادمني ؟

هل أنتَ الحاملُ وجهَكَ
بينَ غناءِ الشِعرِ الثوري
وبينَ قوافي الألحانِ الغزليةِ
تصبُّ النورْ
في الديجورْ
في دربكَ موصولاً بالأفقِ ؟

هل أنتَ الزارعُ هذي الأرضَ
في عينيها؟

شِعري عيناها والأرضْ
والقلبُ نواةُ الرحلةِ
بينَ الوادي
وعينيها
وصدى الأوراسْ

أطربَني
شِعرُكَ
منسوجاً
مِنْ حِمَمِ الأرضْ
رغمَ الموتِ
رغمَ السجّانِ
رغمَ النارْ
رغمَ جنازيرِ الأشرارْ

أطربَني
عشقُكِ
مغسولاً
بدماءِ المليونِ شهيدْ

أنا في قمّةِ نشوةِ رائحةِ البحرِ
المائجِ بالسفنِ
تمخرُ موجَ العشقِ الملصوقِ
بقمةِ تلك الأوراسْ

أطربني
وردةُ غنّتْ للثورةِ
وجميلةُ تسبحُ
مثلَ فراشةِ نارٍ
كالعنقاءْ
تولدُ من بين النيرانْ

أنا موجودٌ بالحبِّ
بغناءِ القلبِ
ومشغولٌ بالثورةِ
منْ أيام زاباتا
والمئةِ يومٍ
هزّتْ أركانَ العالمِ
ولوركا
وأيامِ القادةِ فوقَ البحرِ الأبيضِ
أختطفوا ،
فالرجلُ الأكبرُ
الأبيضُ
مهووسٌ بالخطفِ
وبالقتلِ
في العلنِ وفي السرِّ
في دارةِ ذاكَ النمرِ الورقي
والنسرِ الهمجيِّ،
ومقصلةِ الثورةِ

أوراسُ نداءٌ جبارٌ
أقلقَ ذاكَ الأكبرَ
وأخافَ الأصغرَ
ليشدَّ نفوسَ أزقتنا المحبوسةِ
بقيودِ المنعِ
وسياطِ القمعِ

لكنَّ العنقاءَ
قادمةٌ
والثورةَ ساحرةٌ
تنضجُ يومَ نشدُّ رحالَ الصوتِ
وحبالَ السفنِ
صوبَ شواطئها....

(الأثنين 8 يناير 2007)





القهقرى...

أبعدَ سبعةٍ وستينَ تعودُ القهقرى
إلى الذي يسكنُ خلفَ الأمل الطائشِ
في الينبوعْ
حتى تناجي ما روى
مسيرُك الحافلُ بانطفاءِ قامةِ السطوعْ:

كيف اختصرْتَ قبةَ السماءِ أطعمْتَها
مِنْ خطواتٍ زُوِّقَتْ
صياغةَ الرمادِ في الرغبةِ والضلوعْ ؟!

أتعودُ هذا اليومَ تبغي القهقرى
إلى الذي خلف كواليس النصوصْ
تلتفُّ حولَ سرِّها المُغلقِ بالقُفلِ
بأبوابِ المسافاتِ التي تصطفُّ
بين الشارعِ الطويلِ
والتهامِ نارِ القدمينِ
بالرجوعِ القهقرى ؟!

أبعدَ هذي السنينْ
تأملُ أن تعودَ من هذا المصبِّ
والنهايةِ المرتقبهْ
إلى ربوعِ المنبعِ المهاجرِ الدائمِ
في اقتسامِ أصنافِ الأنينْ؟!

ظلُّكَ لا يزالُ يمشي
خلفَ ديكورِ المسارحِ
قصةِ التمثيلِ بالوجهِ وباللسانِ،
بالأصابعِ الطينِ،
وباختراقِ بابِ الشيخ
ساحةِ الخلاني
والصدريةِ
مدينةِ الحريةِ
الكاظميةِ
وشارعِ الرشيدِ
والميدانِ
سوق الهرجِ الذي استحالَ *
هرجاً.... ومرجاً
يستقبلُ السائحِ والغزاةَ
والباحثَ عن أمتعةٍ
ومتعةٍ للقهقرى ...

داخلَ ذاك البارِ عندَ موقف الباصاتِ في الميدانِ،
النادلُ كم يناولُ الكأسَ وبابتسامةٍ مُزوَّرهْ
يحكي عن الدولارِ في مقابل الدينارِ ،
تنتظرُ اللحظةَ في امتطاءِ باصٍ
فتناغي الغرفةَ الصغيرةَ المحشورةَ الوجهِ
في خانةِ الكتابْ
ثمَّ تنامْ
على سريرٍ عامرِ الأحلامْ!

ما بينَ أقداحٍ من البيرةِ (الفريدةِ) الباردةِ
بثلجِ تلكَ القهقرى
تشتعلُ العينانِ واللسانُ والحَلقُ وذاكَ الصدرُ
مثلَ بركانٍ بميدانِ أمونيا،
وأثينا.. تلكمُ المدينةُ التاريخُ تحكيكَ:
فهل تذكرُ أيامَك والسنينَ إذْ وقفْتَ فوقَ النصِّ
في الساحةِ في منتصفِ الليلِ، وحدَّقْتَ:
مساحيقٌ وجوهُ الناسِ والمدينةُ الفضلى،
اللواطيون أسرابٌ،
سرابٌ.
والبغايا يترنحْنَ من السُكرِ ،
من الطريقِ نحو الموتِ في الظلِّ
وفي البارِ الذي يضيقُ بالرجوعِ القهقرى؟!

وقفْتَ ....
وسطَ الأعمدةِ الرخامِ في الأولمبِ،
حدّقتَ ....إلى البعيدْ:
هذي أثينا الأخرى
تحتَ عينيكَ عروساً من حرارةِ الشمس ،
ومن نضارةِ العقلِ،
ودفءِ الروحِ،
واهتياجِ ذاك البحرِ ، تلك الحِمم البركانِ!
صخرةُ المعبدِ ، هوميروسُ،
افلاطونُ، سقراطُ، أرسطو،
كلُّهمْ على مدى البصرِ. ...

هناكَ ....
حيثُ التي أفرخَتْ عن رقاعِ اللغةِ يوماً
أطلقتْ رمحَها إلى شارعِ السعدونْ
حيثُ البارُ المطلٌّ على ساحةِ النصرِ ينتظرُ الوافدينْ
شربْـتَ خمرَ السنينْ
خاطبْتَ سومرَ فاستفاقتْ رُقُـمُ اللسانِ والطينْ،
فأطلقتْ سهامَها ما بينَ دجلةَ والفراتِ
أشرعَتْ أبوابها
تقتنصُ الشمسَ عراقاً مُثقلَ الأكتافِ والحنينْ.

وقفَ النادلُ ذاكَ الضخمُ معروقَ الجبينْ
رَقماً يزحفُ في عِرقِ السنينْ:
ناولْني كؤوسَ العرقِ النازفِ في قعرِ الفؤادْ
حتى الثُمالهْ
واحتملْني
زمناً من خمرةِ الجفافِ والظلِّ
من النسيانِ
من سرابِ تلكَ الواحةِ السرابْ!!

أثينا،
درّةَ الملاحمِ الكبرى ونورَ الروحِ والمصباحْ!
هذا ابنُكِ في الشوارعِ الخلفيةِ
يبحثُ عن مأوىً، فيهوي في ظلالِ الطرقاتْ!
إنَّ هذا ابنُ علاء الدينِ والمصباحِ
والليلةِ بعدَ الألفِ
والرقصِ على حبالِ قرعِ الموتِ والجرحِ مع اللفِّ ...
تواريخُ الشواهدِ غارقاتٌ في مهاوي الصمتِ..
لا تحكي، ولا تبكي
على مائدةِ اللعبةِ والشدِّ ،
على الفتكِ .

أتعودُ القهقرى
ما بعدَ أيامٍ ، ليالٍ ، وسنينْ
رحلةِ القفرِ
وشدِّ الخصرِ
نزفِ الرئةِ القهرِ؟!

بلغرادُ، قطارُ الصبحِ، أثينا،
هذه صوفيا على الطريق.

ذاكَ جيفكوفُ وصرحٌ يندحرْ!
هو سيلُ العرباتِ الزاحفهْ
من وراءِ السوقِ في عالمنا الغربيِّ،
والشوارعُ الخلفيةُ المزدحمهْ
تحملُ
أطفالَ الأنابيبِ وذاك الأخطبوطَ الأسودَ القسماتِ
واللعناتِ والحِبرِ المُعلّبْ.

صوفيا!
اينَ أنتِ اليومَ ؟
في قافلةِ العودةِ صوبَ القهقرى؟!

هذهِ بغدادُ عادتْ قهقرى!

طوائفُ النملِ وأذنابُ العقاربْ
خرجتْ
منْ رحمِ الظلِّ ونامتْ في الجلودْ
واقتسامِ المغنمهْ.

أبعدَ مرِّ السنينْ
في السنينْ
وقرعِ كأس الأنينْ
تقفُ اليومَ وفي الشرفةِ
الغائمةِ النائمة !
المطرُ الهاطلُ كالسيلِ يدقُّ الوجهَ
والشُباكَ والشارعَ،
يحكي ظلَّكَ الوارفَ بالظلِّ،
وبالعودةِ طيَّ القهقرى؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإشارات التي وردت في القصيدة عن اثينا وبلغراد وصوفيا هي من تجاربي التي عشتها في هذه المدن حين اعتدت زيارتها في السبعينات من القرن العشرين. والإشارة الخاصة بصوفيا مقارنة بين ما رأيتها عليه حين زرتها مرات في السبعينات، وبين ما شاهدته فيها من تغيير بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، حين ألقيت فيها مع عائلتي رحالَ الهجرة آخر أيام عام 1991، وأمضيتُ فيها أشهراً طويلةً قبل الوصول الى السويد. شاهدت ما حصل فيها بعد التغيير من فوضى، ومن معاناة الناس، وانتشار الفقر والغلاء، والمخدرات والجريمة، والسوق السوداء، وفقدان المواد الغذائية، والفساد وتخريب وسرقة ممتلكات وأموال الدولة، وسيادة المافيات في الشارع وفي السياسة.

(فجر الأحد 12 تموز 2009 )
تونسُ الحمّامات

حدّقْ في أعماق البحرِ الممتدِّ أمامكَ
في أفقِ الأبدِ ،
الحمّاماتُ
ترفعكَ
فوقَ ذرى الأسوارْ

قرطاجةُ
سفنٌ ألقتْ مرساةَ البحرِ الهائجِ،
تحملُ في طيّاتِ الإعصارِ
طبولَ الحربْ.

هذي القلعةُ 1
تطلُّ على وجهِ الساحلِ ،
وسلالتُها
تنهضُ منْ عمقِ الأعماقْ.

الأمواجُ
تتلاطمُ
مثلَ الخيلِ تُـغيرُ
تكتبُ قصةَ هذا اليحرْ
بمدادِ التيهْ.

ملحٌ،
ملحٌ مرٌّ
يُلقي الأحمالْ
بينَ بيوتِ الساحلِ هذا.

المئذنةُ
صوتُ اذانِ صلاةِ الظهرِ،
وسياطُ الشمس المحرقةِ
تلهبُ أجسادَ العشاقْ
في رابعةِ نهارِ البحرْ!

امرأةٌ عاريةُ
تقفُ هناكَ على البعدِ
تتلظّى،
تتأملُ أعماقَ الموجْ.

ماذا تحلمُ؟

الفارسُ ذو الرمحِ المُنتصِبِ
في صدرِ البحرْ
يمرقُ مثلَ البرق
في عينيها.

ابنُ زيادٍ ردّدَ أنشودةَ سفنٍ محترقهْ: 2
البحرُ وراءَ الفرسانْ
الموتُ الغارزُ سِكينَ العاصفةِ
أمامَ الخيلْ ،
فاختاروا !

دمٌ يسيلُ فوق رمالِ الساحلِ
النائمِ
بينَ هدوءِ الليلِ
وهديرِ الأمواجْ.

الحمّاماتُ
"والغواني يغرُهنَّ الثناءُ" 3
وليالي السمرِ
وهمسُ الفتيانْ
والفتياتْ
ترقصُ في صوتِ أمينهْ فاختْ:
"طير الحمام مجروح" 4
سافرَ في الروحْ
إذْ أخلى سبيلَ جروحْ
بالقاربِ نحو الساحلِ
في الوجهِ الآخرِ، فارتطمَ
بجنازةِ موسيقى ذاك الموتْ.

أوتارُ العودِ الحاضرِ من أيامِ زريابَ
بيد بوشناقَ
تعزفُ لحنَ الحلمِ الضائعِ
بأناملَ مدميّهْ:
حدّقَ في البُعدينِ الأولِ والثاني
فالثالثُ بُعدٌ مكسورْ !

البحرُ أمامكَ يمتدُّ
ويشتدُّ،
والضوءُ الشاحبُ خلفكَ يرتدُّ.

هلْ تعرفُ هذي الأوجهَ
من سُمّار ليالي الرحلةِ
في الصحراءْ؟

تونسْ!
أرتجلُ الشعرَ بأحضانكِ
قمراً ونجوماً
وسماءً يملأها غيمٌ،
مطرٌ يغسلُ عينيَّ
وحبٌّ !

الطفلُ المختونُ وأمهُ 5
فوق رصيفِ الشارعِ ذاكَ المزدحمِ
بأنفاس الناسْ
قصةُ أمسِ الساحلِ
واليومِ
وغدٍ.

اللُّحمةُ بيني
وبين حجارةِ هذي الأسوارْ
عشقٌ
في حجمِ البحرِ المتوسطِ
مهتاجٌ.

ملحٌ ،
ملحٌ مرٌّ،
ينكأ جرحاً يتوغلُ في الروحْ،
جرحَ قرطاجةَ
التاريخ
الشابيّ
يوسف رزوقه
العيّادي
الرياحي
أمينة.

هذا الأسمرُ
القادمُ من بطنِ الأسطورةِ والخَلقْ
وروايةِ كاوا الحدادْ
يرتجلُ الشعرَ بأحضانكِ، يغفو
فوق سرير البحرِ الهادئ
والهائجِ
والرحلةِ.

حدِّقْ بينَ الحمّاماتِ وأزقتها!
أنظرْ في الأحياءِ النائمةِ
في حضنِ سكونِ الليلِ، ونمْ
في حضنِ البحرْ!

الهوامش
1. اشارة الى القلعة المطلة على البحر في مدينة الحمّامات
2. ابن زياد : طارق بن زياد والإشارة الى حرقه السفن حين غزوه اسبانيا ، مع تضمين لمقولته الشهيرة: "البحر من ورائكم والعدو أمامكم "
3. من قصيدة أحمد شوقي:
خدعوها بقولهم حسناءُ
والغواني يغرُهنَّ الثناءُ
4. إشارة الى أغنية المطربة التونسية الكبيرة أمينه فاخت:
طير الحمام مجروحْ
ناوي علينا يروحْ
يَهْلِ الوفا والجودْ
طير الحمامْ مطرودْ
هاجرْ بلدنا وراحْ
خلّي الحمامْ يعودْ
5. اشارة الى طفل مختون، وهو ماسك بجلبابه الأبيض من الأمام، وقبعة مزركشة تزيِّن رأسه، وأمه تمسك بيده . صادفتهما مساءً على شاطئ البحر في مدينة الحمّامات وسط حشد الناس . فاسرعتُ لأشتري له حلويات هديةً، وقدّمتها له، فنظر في وجهي حتى أذنت له أمه بعد ترددها وإلحاحي لتشكرني كثيراً قائلةً: يعيشك ، يعيشك ..

(الثلاثاء 28 تموز 2009 )








والشعراء ...

يطرقُ بابَ الريح، يستشرفُ ماءَ النهر والبحارْ
ينادمُ النجمَ، ويروي شفةَ الأقمارْ
في غابةِ الليلِ وفي أزقةِ المنفى وفي معارجِ المدارْ
ما زال ذاك الطفلَ في أرجوحة الحروف والقفارْ
يسألُ في الفجر عن الندى،
وحرقةِ الصدى،
ونزوة الأعشاب والأزهارْ
يبحث عن بوابة النجومْ
يشرعها ....
ترتشفُ العيونَ والنسيمْ،
يسكبها في قدح النديمْ،
فيحتسيها نشوةً وحرقةً تسبحُ في الشوق وفي الفؤادْ
في قصةٍ مارقةٍ من عاصفاتِ النارْ،
وطلقةٍ داوية في الريح والأنوارْ
سألته يوماً: ألا تنامْ ؟
فقالَ أنَ الحبَ في الزحامْ
في الصرخةِ الكاتمةِ الصوتَ وأسرابِ الحمامْ،
تهيم وسط الرمل والنهر وأهدابِ النخيلْ،
والشجر السابح في ألوان طيفِ الشمس والهديلْ.
فيسهر الكلامْ .....

* * * * * *

شاعرٌ مغمورٌ من المجددين كتبَ قصيدةً تسيل نزفاً محرقاً. لم ترتضِ أيّةُ صحيفةٍ أنْ تنشرها، علّقها على باب بيته العتيق المتداعي في حارة البكاء على أطلالِ سكانها الفقراء. في اليوم التالي رآها ملقاة على قارعة الطريق، وقد داستها سنابك المارة، فامتزجتْ بمياهِ الدرب الآسنة، تلعب بها الريح.

أقفرتْ وجوه أثرياء القبيلة من المساحيق. تعروا عن الأردية الشفافة المزوقة التي نسجتها أيادي آلهة الأزياء الكبرى في صالونات معابد الكهنة القديمة والجديدة .
احتاجت الريح المغتصبة إلى حروف مزخرفة بفسيفساء الديناصورات والمصاغة ببراعة صياغة أصحاب القصائد العصماوات على أبواب الخلفاء والسلاطين والخصيان.
الصاغةُ، والحمدُ لله، مثلُ سيل العرم !
يتبارون على أبواب أصحاب الحقائب الحبلى بماء الذهب الأصفر والأخضر!
المسارح مثل النمل تغصُّ بالممثلين والمخرجين وصانعي الديكور والمؤلفين الجاهزين في سوق الهرج والدعارة والذبح بالمجان...
هذا زمنُ عودة النخاسة والتجارة بلحوم البشر، والرقص على إيقاع الجثث، والحشيش والماريجوانا، ومطاعم مكدونالدز الشهية البهية الدائمة اللذة، ومعابد عبدة العمائم والجنّ والشياطين والعفاريت الطالعة من تحت أردان السلاطين وأولياء عهودهم المثخنين بالثروات ...!
طوبى للذين ألهمونا ونثروا فوقنا الثمرات اليانعات لبركات عالم الأمن وسلام الشجعان ومافيا الرخاء القادم على بساط ريح منتدى دافوس وكتاب آية الله العظمى بريمر!!!
أيها الفقراءُ والمستضعفون في الأرض المغليةِ بماءِ الصديد!
اصبروا على ما تلقون فالصبرُ مفتاحُ الفرجِ، والمؤمنُ مبتلى!
ستأكلون وتشربون من طيبات ما رزقناكم راضين مرضيين،
لكم الأرض، ترثونها أنتم وأحفادكم،
ولنا الأمن والنوم في حجراتٍ من الصفيح الساخن الآمن
وبيوت عارية عن الجدرانِ والسقوفِ والخبز والمحبة!
فراحةُ البالِ من القناعهْ
من ثمراتِ قادةِ الأمن من الحضارهْ
سلاماً، أيتها الأرض، امنحي ما عليك للقادمين الكبار حلالاً طيباً، وهبةً خالصةً ثمناً للديمقراطية والحرية الآتية على نصال القاذفاتِ والراجماتِ والسياراتِ المفخخةِ!
ارتعي، وتمتعي، وتنعمي تحتَ نعال الغزاة وسنابك خيل الأخوة الأعداء.
النصرُ قد جاءَ على أجنحة الزهرِ
والخيرُ قد بانَ، وفاضَ الزرعُ والضرعُ
لكِ الجنة الموعودة في تلاميد الكونغرس، ودهاليز الكنيست، ودور الأزياء والترف في باريس ولندن وروما وبروكسل، وكهوف تورا بورا، ومعتقلات العالم الثالث المنقلب على عقبيه في جيوب العالم الأول.
أما العالم الثاني فملحق صحفي يبحث عن ناشر ...... للغسيل !

أنا الشاعرُ المشتهَى والمنتهَى
أنا الذي رأى كلَ شيء
رأى قاذفاتِ اليورانيوم المُنضَّب
تنهالُ على رؤوس النخيل والأشجار
والعصافيرُ تتساقطُ في البترول المنهوبْ
وحَمَدُ يجمع حوائجه ويرحل على أزيز سمتيةٍ، وفي حفرةٍ لمقابرَ جماعيةٍ،
أما أخونا الشاعر الآخر فقد رحلَ من زمانْ
هرباً من السجّانْ
من غضبة السلطانْ
وغرفِ الجواري والغلمانْ
ليعيش في عاصمةِ فلانٍ الأممي وفلانْ
ويحصلُ على الدكتوراه بالمجانْ
عن الثقافةِ والاقتصادِ وسياسة العُميانِ والعُرجانِ والثولانِ والثيرانْ
ثم يرحلُ الى عاصمة الامبريالية العالمية ليعيش في رغدِ المساعداتِ والضمانْ
ويتنقلُ بين مدنِ النمر الورقي صادحاً بشعرهِ في فنادق النجوم الخمسةِ
ويحصلُ على الجوائزِ من الرأسمالية المتوحشةِ والشيوخِ والعُربانْ!

* * * * *

"هذا أنا ملقىً هناكَ حقيبتانْ
وخطىً تجوسُ الى طريقٍ
لا يعودُ الى مكانْ"
(بلند الحيدري)

ماعادَ من مكانْ
يرفلُ بالأمانْ
في العالمِ المذبوحِ بالمجانْ!

في زمن الحضارات التي يتزوج صغيرها بكبيرها تحت ظلال خيمة شيخ القبيلة، وبمهر مدفوع بالتقسيط غير المريح وبفائدة من فيض آبار النفط .... وببورصة نيويورك .....
لا خوفَ بعد اليوم منْ طلاقِ
فأبغضُ الحلالِ في الطلاقِ
ونحن جيل الزيجة الخالدهْ!

طوبى! لنا الربواتُ العوالي والحُور العين في حقائب العولمه
والحصان الخشبي في ساحات الفضائيات.
والرقص على حبال لسان الشاعر:
"سلي الرماح العوالي عن معالينا
واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا!"
( صفي الدين الحلي)

أنا الشاعرُ المشتهي والمنتهي .....
لي ريشةٌ بيضاءُ نتّفها الظلامْ
وعيونُ عشقٍ لايدانيهِ غرامْ
وأصابعي بين الربابة والهيامْ
بترتْ أناملَـها أحابيلُ الرُغامْ

أنا الشاعر المجروح أبد الدهر
لا أشرب الجُمان المنضّد
ولا أرى القمر الواحد حين يبزغ.
فالكوة في السقف مغلقةٌ بأوامر شرطة الحدود الليلية،
وعلى يميني ريشةٌ مضمخةٌ بدم الحرف، تغفو منتوفةَ الريش.
وأمامي أوراق يعلوها الغبار،
وكتاب فقه اللغة المصقول والمعجون باللغات الشرقية والغربية،
وشمعة تذوي ..... وتذوي .......
ولا صباحَ يجيب!


قال الشاعر متوشحاً برداء أمراء النهضة متقلداً أوسمة الصالونات ورضا السلاطين:
"مدحتُ المالكين فزدتُ قدرا"
(شوقي)

معه موج من شعراء القوم مع الطبل والزمر
وسطور صيغت ببيان وبديع وبأبهى حلل
وعباءات تلمع بالذهب الإبريز

يقف الشعراء الأفذاذ بباب القائد المنصور بالله، المنتصر في كل حروبه العبثية اللامنتصرة بمشيئة الله !!!
يلقون قصائد عصماوات وأياديهم تمتد إلى الشيكات العامرة، ومفاتيح سيارات البرازيلي اللامعة، وأبواب الشقق الفاخرة، والكوبونات المنتفخة بدم الفقراء .....
بينما الشعراء الأنقياء يدقون أبواب الحرية الحمراء البعيدة المدى مضرجة بدمائهم وقصائدهم النازفة حتى الرمق الأخير.

وقف شاعر قديم بباب الخليفة آملاً بوزارة، لم يُفتح له الباب. أصيب بانهيار عصبي.....
فصرخ عالياً مندداً بالظلم :
"اصالة الرأي صانتني عن الخطلِ
وحلية الفضل زانتني لدى العطلِ
فيمَ الإقامةُ بالزوراء لا وطني
بها ولا ناقتي فيها ولا جملي؟"
(الطغرائي)

فاعتلى ناقته وتوجه إلى حيث تولى وزارة لمدة ثلاثة أشهر. فخسر الخليفة الصبي الذي استوزره معركته مع أخيه، فصُلب الشاعر على باب العاصمة الكبرى/الصغرى المتداعية في عصر المماليك الغلمانِ والحاشيةِ الخصيانِ!!

"هل غادر الشعراءُ من متردم
أم هل عرفتَ الدارَ بعد توهّم"
(عنترة)

ما غادرتُ، بل غدروني. ألقوني في موج مياه محيط الطوق الهائجة. غاصت قدماي مع الموج ... غاصت حتى الأذنين .... سمك البحر تلاقف أشلاء الضوء الخاتل بين ردائي .....
الدار عرفناها .....
ما كان الوهم سريراً للقلب ولا طيفاً ينبض في الروح....
سمَرني سماسرةُ الحرف بمسمارٍ مغروسٍ في الضلع....
تركوني بين سياط الغلمان وجلاد الأرض القابع فوق العرش المصنوع بدماء طيور الأحلام وأشلاء القتلى الذين ضاعوا في المقابر الجماعية القديمة والجديدة ...........
إني أعرف لون الدارْ
أعرف نبض الدارْ
زوايا الدارْ
أسبح في أنهار الدارْ
أفهم همسَ الناس
خلفَ الأسوارْ
لكنّ السلطانَ وخصيانَ السلطانْ
لا يعرف أحدٌ منهم ضوعَ الرائحة
في الأنهار وفي الأشجارْ

ديك الجنِّ يُطلُّ .... يُطلُّ ....
يصيح ..... يصيح ....
أين الوضاح ؟
أين الحلاج ؟
أين ...؟
وأين ...؟
ربَ الدفنِ
ربَ الصندوق المقفول تحت العرش
ربَ الحبس المنفرد المجهول
ربَ الصلب على الأبواب
جبة صالون الروم
طعنة أنقرة
النبذ
النفي
العزل على الصحراء
أو القتل بكاتمِ صوتٍ .....
أو بمفخخةٍ !


ويحَ الشاعرِ في الزمن المرتدِّ الولّى الأدبارْ!
نام ....
هام ....
أقفل دكانَ الكلمات
لملم أوراق التوت، حقائبه، ليسافر في الريح الغربية في زمن العري،
زمن الثوب الشفافِ مساحيقِ الأصواتِ المعتدله.

هذي أيامُ حوار الأقوام الكبرى المنتصرهْ
والصغرى المنهزمهْ،
ايام قبائل فضائيات القرنِ الحادي والعشرين وتجار الكلمهْ.

مرحى للكرسيِّ النابت فوق القمة !
يتلألأ بالذهب المصقول بزخرفة الأحجار ذوات الألوان الزاهية البراقة،
تسرق أبصارَ السُراق ولصوص الكلماتْ
وقادة المليشياتْ.
دون الكرسي الشوكُ، الصخرُ، سيوفٌ مصقولهْ،
ودماءٌ مبذولهْ
جثثُ الأخوانْ.

"من رام وصل الشمس حاك خيوطها
سبباً إلى آماله وتعلقا"
(حافظ ابراهيم)

فرأى الربعُ الشمسَ بالمقلوبِ فولّوا الأدبارْ .......

* * * * *

في دائرة طباشير القوقاز غنّى الشاعر حمزاتوف الداغستانَ بلاده .... بالموسيقى ... بالرقص ... بالعشب السندس .... بسماء صافية الأحداق ... بأكواخ يسرح فيها الضحكُ، الحبُ، هواءُ حقول الوديان، الشاي الدافئ فوق سماور العائلة.
غناها الذباحُ دماً، وأزيز رصاص الأخوان، أشلاء الجثث المتناثرة، والموت المجان، سحنات قادمة من خلف محيطات الحقد المزروع على الألواحْ.....

يا ذا العينين اللتين تقدحان بالزرقة مثلَ الزرقة في عيني ذئبٍ مسعور ،
من أيِّ دهاليزَ أتيتَ؟
من أيِّ مراكز أبحاثٍ أُلهمْتَ نهايةَ هذا التاريخ؟!
في عينيك صواريخ وقذائفُ من تاريخ الصَـلب، وتاريخ الكاوبوي، وحصان طروادة ..!


"إذا الشعرُ لم يهززْك عند سماعهِ
فليس خليقاً أن يُـقال لهُ شعرُ"
(الزهاوي)

طرب الناس لصوت الشاعر. هزّوا الرأس من النشوة والعشق والظمأ.
اليوم يهزُّ عراةُ الزمن العاهر الأردافَ، ورؤوسٌ تبحر في أحلام الديناصورات.

يا ذا الرمة !
نعلاك على متنكَ ،
تمشي حافي القدمين في الرُبع الخالي بين الرمل الحارق والمحروق.
مغنينا يصدح في ريش نعام، يسبّ، يلعن، يفصح، يفضح، يكسرُ، يحطّمُ، ويغني لعراقٍ مرَّ وعراقٍ أتٍ لا يعرفه إلا اللهُ والراسخون في أروقةِ المخططات الاستراتيجية .....
ثم ينام على الاستبرق ونمارق مصفوفة ....
وفوق الأجساد!!!
وأشقاءُ الأرضِ ينامون على أصوات الدباباتِ، والعبواتِ، والسياراتِ المفخخةِ،
والأجسادُ من غير رؤوس ولاأطرافِ ولا جذوع!

قال الأخضر بن يوسف في البحر السائل أشواكاً ورصاصاً :
"بدلاً من رايات الثورة
رفعوا راياتِ ذكورتهم"

هذا نوبلُ .... ذاك عويسُ يكافئ عن رايات الثورة.
ومعاً في رايات الثورة
بتروا راياتِ ذكورتهم
ألقوها في الصحف اليومية.
ناموا في أحضان فضائيات القرن الحادي والعشرين
في الوطن الأكبر والأصغر، والأقرب والأبعد.
سبحوا في نهر الورق الأخضر.
خاضوا بسيوفٍ خشبيةٍ،
رقصوا على ايقاع عالم أيام العودة لـ(عوالم) أيام زمان!

غرِّدْ، ياابن النهر الغافي في حضن البحر الأبعد والصاروخ العابر للقارات وللجيران.
غرِّدْ، لا خيرَ سوى التغريد على إيقاع السفن المحمولة بكنوز الغرب، كنوز الشرق، كنوز أيام افتحْ ياسمسمْ !
قُتل صعاليكُ الشعر، فقد غنوا للأرضِ وللعِرضِ وللذئب، للضبع، للنمر الأرقط، للسيف القاطع والبتار، للكهف وللأفعى السامة القاتلة.
نبذوا أكياسَ قبائلهم.
ملأوا أسمالَ الفقراء.
دخلوا قائمة الإرهاب فحقَّ عليهم قول قبائلهم:
قُتلوا كي لا تحدث فتنة....
عُرضوا في غاليري السادة مثلاً لأولي الألباب!

قال المرحوم كبير الشعراء، وقديماً غنّى للفقراء، في أحد ملوك قبائلنا:
"يا سيدي أسعفْ فمي ليقولا
في عيد مولدك الجميل جميلا
أسعفْ فمي يطلعكَ حراً ناطفاً
ذهباً، وليس مداهناً معسولا"

أسعفه السيدُ.
أنشدَ .... أنشدَ ....
ملءَ الفمِ خيرَ الإنشاد.
أما أنتَ ....
فلم يسعفْكَ فمُك،
فتوالت فيك سيوفُ الأشرافْ
قبل الأجلافْ.

(الثلاثاء 20 مايس 2008)

ما كنْتُ يوماً في الشيوعيين

قالوا: شيوعيٌّ. فقلتُ:
كلُّ منْ يشعُّ نورُ الشمسِ في عينيهِ،
دفءُ الأرضِ في قلبهِ في لسانهِ، الفولاذُ يسقيهِ،
وربُّ الشعرِ والكلامِ والفكرِ وصدقُ القولِ راويهِ،
وحبُّ الناسِ حاديهِ وناديهِ،
طريقُ الشعبِ في النضالِ بالأيدي وباللسانِ، بالقلبِ،
وحقُّ الوطنِ المسلوبِ في الحريةِ الحمراءِ روحٌ من أغانيهِ،
سلامُ الكونِ، أمنُ الناسِ فيضٌ منْ أمانيهِ
خلوُ البلدِ الرابضِ في الصدرِ
من الجوعِ ، من الفقرِ
من الأميةِ الضاربةِ الأطنابِ هاديهِ،
تقولونَ: شيوعيٌّ!

أنا الساكنُ في زاويةٍ شمالَ غربِ الأرضْ
أنا الحاملُ هذا النبضْ
أنا الواقفُ فوق القدمينْ
ثابتتينْ
في عمقٍ جذرِ الأرضْ
ما كنتُ يوماً في الشيوعيينَ معْ أني التقيتُ
واختلفتُ.

ما كنتُ يوماً شارةً، أو رايةً، أو طلقةً،
لكنَّني
بكلِّ ما في أضلعي البسيطةِ الرقيقةِ الطيبةِ
أحببتُ.
في حدقتيَّ أنجماً أويتُ، وارتويتُ، فارتقيتُ
سحائبَ الجبالِ والوديانِ والسهول والأمطارِ والأنهارِ
والنخيل والأهوارِ،
والمدنِ الكبارِ والصغارِ،
والأزقةِ الظلامِ والجوعِ،
بيوتِ الطينِ والصفيحِ والقفارِ، سُحْتُ
في خارطةِ العالمِ في الشرقِ وفي الغربِ
وفي الشمال والجنوبِ
في أحياء كلِّ الفقراءِ الضعفاءِ، الأقوياءِ بالثورةِ، بالحبِّ،
بحلم الوطن الحرِّ السعيدِ
باليوتوبيا البشريه.

ما كنتُ يوماً في الملفاتِ
ولا في ماحكتْ عينُ المجلاتِ.
رأيتُ، وتقصَّيتُ، وراقبتُ، تأمَّلتُ، قرأتُ
ما يقولُ رأسُ المالِ والبيانُ، والقصةُ والشعرُ
غوركي، ماياكوفسكي، لوركا، أراغونُ، نيرودا،
وكزانتزاكيسُ، بورخيسُ ، وماركيزُ،
وكلُ الأدباء الشرفاء العظماءِ بالحرف وبالضياء
بالعشقِ، وبالتوقِ، المساواةِ، العدالةِ،
إنهيارِ السور بينَ اللونِ واللونِ،
وبينَ الدين والدينِ،
وبينَ القوم والقومِ، وسبحتُ
في عوالمٍ تزخرُ بالكفاحِ، بالكلامِ،
بالأحلامِ، بالحمامِ، بالسلامِ،
بالجراحِ، بالنيرانِ، بالعشقِ،
وبالأرواحِ والقلوبْ.

ما كنتُ يوماً في التواريخ، ولكنّي قرأتُ
عن باريسَ، عن كومونةٍ شعبيةٍ حالمةٍ ثائرةٍ.
قرأتُ عن ثورةِ أكتوبرَ
عن عشرةِ أيامٍ تهزُّ العالمَ الساكنَ، الثابتَ،
الفاسدَ، الظالمَ، الخائفَ، الواقفَ فوقَ النارِ والحديدِ،
والغارقَ في الظلمِ وفي الأغلالِ والحروبِ والدماءِ والصديدِ
قرأتُ عن لوركا واسبانيا
وعن فهدٍ وإضرابٍ لعمال كورباغي
وعن وثبةِ كانونَ 1948
وانتفاضةِ تشرينَ 1952
وعن ثورةِ تموزَ 1958
وعن مذبحةِ شباطَ1963
وعنْ جبهتهمْ
قرأتُ عنْ جيابَ، هوشي منه، جيفارا ودوبريه
سانتياغو والليندي
ثُمَّ غورباشوفَ، يلتسينَ، شيفرناتزهْ وبرلينَ

عشقتُ
ماينشدهُ السيابُ، والنوابُ، والأخضرُ بنْ يوسفَ، والريفيُّ محمودُ
ورشدي، ماجدُ العامل، خصباكُ، وشمرانُ، وفرمانُ،
ودرويشُ، سميحُ القاسمِ، معين بسيسو، أميل حبيبي،
حنا مينا، نجيب سرور، صلاح عبد الصبور .....

وقد أبحرتُ
في بحرِ المجلاتِ التي قد وُصِمتْ حمراءَ،
لا صفراءَ أو سوداءَ،
حمراءَ !
نعم
منْ لايحبُّ وردةً حمراءَ
يهديها الى الأمِ، إلى الصديق والحبيبِ
والحزبِ الذي ما كنتُ يوماً صوتهُ أو ظلهُ،
معْ أنني التقيتُ،
و(اختلفتُ) ؟!

(فجر السبت 29 أغسطس 2008)



#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)       Abdulsattar_Noorali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدنان الصائغ بين (ومضاتـُ... كِ)، و(ومضاتُهُ...)
- عدنان الصائغ وديوان (ومضاتُ... كِ)
- عدنان الصائغ وهديتُه ديوان (ومضاتُ... كِ)
- قصيدة وشاعر
- ديوان (مسامير من طين) لحميد الحريزي بين الواقعية النقدية وال ...
- الشكّ
- التسعون
- علاء سعود الدليمي وقصيدة (الى آخر الملكات)
- رواية -نزيف المسافات- والتوثيق التاريخي
- سعدي عبد الكريم وقصيدة (الخارطة)
- ديوان (الرصاصة والوردة) مخطوطة
- ديوان (الميناء) مخطوطة
- ديوان (تجريب) مخطوطة
- ديوان (لوركا، انهضْ) مخطوطة
- ديوان (سجّلْ أنا كردي) مخطوطة
- ديوان (قالت الشمس) مخطوطة
- ديوان (قالت الشمس) للشاعر عبد الستار نورعلي/ مخطوطة
- قراءات نقدية في شعر عبد الستار نورعلي (كتاب)
- التناص ووظائف العنوان في قصائد عبد الستار نورعلي (كتاب)
- صمت للشاعر السويدي توماس ترانسترومر


المزيد.....




- التمثيل السياسي للشباب في كردستان.. طموح يصطدم بعقبات مختلفة ...
- رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقا ...
- فيلم -وحشتيني-.. سيرة ذاتية تحمل بصمة يوسف شاهين
- قهوة مجانية على رصيف الحمراء.. لبنانيون نازحون يجتمعون في بي ...
- يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم ...
- المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
- التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
- دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل ...
- قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الستار نورعلي - ديوان (جداريات) نسخة مخطوطة