أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - تحليل ظاهرة القضاء والقدر!














المزيد.....

تحليل ظاهرة القضاء والقدر!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8114 - 2024 / 9 / 28 - 12:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


د. ادم عربي



ظاهرة "تعارض النتائج مع التوقعات" لطالما أذهلَتِ الناسَ وأربكتْهم، سواءً كانوا أفرادًا أو جماعاتٍ. فقد كان سعيُهم الحثيثُ لتحقيقِ أهدافِهم غالبًا ما ينتهي بنتائجَ مخالِفةٍ لتوقعاتِهم أو بنتائجَ لم تخطرْ على بالِهم قطّ، وكأنَّ هناك قوَّةً خفيَّةً تعملُ في الاتجاهِ المعاكسِ لجهودِهم وتطلعاتِهم. هذه الظاهرةُ المُحيِّرةُ جعلَتِ الكثيرينَ، حتى من بينِ المفكرينَ، يجدونَ صعوبةً كبيرةً في تفسيرِها، مما دفعَهم إلى الاعتقادِ بالقضاءِ والقدرِ كوسيلةٍ لفهمِ ما يعجزونَ عن تفسيرِه.



لكن من الممكنِ النظرُ إلى المسألةِ من زاويةٍ أخرى. فالإنسانُ، في سعيِه لتحقيقِ هدفٍ معيَّنٍ، لا يعملُ في عزلةٍ عن الآخرينَ، بل يتفاعلُ ويتأثرُ بهم. ولهذا، نادرًا ما تثمرُ مساعيهِ بالنتائجِ التي يرغبُ فيها. فتفاعلُ وتضاربُ جهودِ الأفرادِ والجماعاتِ يؤديانِ بشكلٍ طبيعيٍّ إلى نتائجَ تختلفُ عن التوقعاتِ الأصليةِ. وفي هذا الإطارِ، يُصنَعُ "التاريخ"، الذي غالبًا ما تأتي أحداثُه بما لا يشتهي البشرُ. لهذا السببِ، كان التاريخُ دائمًا غامضًا ومعقَّدًا، يصعُبُ على الناسِ فهمُ كيفيةِ صنعِ أحداثِه، مما دفعَ العديدَ من علماءِ الاجتماعِ والتاريخِ والفلاسفةِ إلى إخراجِ التاريخِ من دائرةِ "العلومِ المضبوطةِ" كتلك التي تنتمي إلى الفيزياءِ.



هذا الاعتقادُ بوجودِ يدٍ خفيَّةٍ أو قَدَرٍ يتحكَّمُ في الأحداثِ تطوَّرَ عبرَ الزمنِ. فمعَ تكرارِ التجاربِ الإنسانيةِ، تحوَّلتْ فكرةُ القضاءِ والقدرِ من مجرَّدِ تفسيرٍ افتراضيٍّ إلى عقيدةٍ راسخةٍ لدى الكثيرينَ، وخاصةً بينَ أولئك الذينَ يفتقرونَ إلى السيطرةِ الكاملةِ على ظروفِ حياتِهم، مثلَ المزارعينَ والبحَّارةِ والصنَّاعِ الذينَ يبيعونَ منتجاتِهم في أسواقٍ خاضعةٍ لتأثيراتٍ غيرِ معروفةٍ. ومعَ تعمُّقِ هذا الاعتقادِ، تضاءلَتِ الثقةُ في قوَّةِ الإرادةِ الإنسانيةِ، وتساءلَ الناسُ عمَّا إذا كانت لهم بالفعلِ "حريةُ الإرادةِ". من هنا نشأَ مذهبُ "التسييرِ والتخييرِ"، الذي يناقشُ ما إذا كانَ الإنسانُ مُسيَّرًا أم مُخيَّرًا.



الفيلسوفُ الألمانيُّ فريدريك نيتشه كانَ من أوائلِ من أشاروا إلى أنَّ شعوبَ الشرقِ، بإيمانِهم العميقِ بالقضاءِ والقدرِ، نسَوا حقيقةً بسيطةً لكنها جوهريةٌ: أن إرادتَهم نفسَها جزءٌ من هذا النظامِ القدريِّ. فالإنسانُ المؤمنُ بالقضاءِ والقدرِ يجب أن يدركَ أنه لا يريدُ إلا ما قُدِّرَ له أن يريدَ. فلا يكونُ اختيارُه للطريقِ الذي يسلكهُ حرًّا تمامًا كما قد يتصورُ، بل هو جزءٌ من لعبةِ القدرِ التي تفرضُ عليه اختيارًا محدَّدًا سلفًا.



وفي النهايةِ، الحاضرُ هو اللحظةُ الحاسمةُ التي تُصنعُ فيها أفعالُ الإنسانِ والتي تحدِّدُ مستقبلَه. الإنسانُ يرتبطُ بماضيهِ من خلالِ مشاعرِ الندمِ، لكنه لا يخافُ منه، بينما يتطلعُ إلى المستقبلِ بخوفٍ من المجهولِ دونَ ندمٍ على ما لم يحدثْ بعد. كثيرًا ما يتمنى الإنسانُ لو استطاعَ العودةَ بالزمنِ إلى الوراءِ ليغيرَ أفعالَه، معتقدًا أنَّ حكمةَ الحاضرِ كانت ستظلُّ كما هي لو لم تحدثْ تلك الأخطاءُ. لكنَّ هذه "الحكمةَ" نفسها هي نتاجُ التجاربِ التي مرَّ بها، بما في ذلك ما يندمُ عليه.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَاذَا بَقِيَ؟!
- ما هي المادة؟!
- عاتبيني!
- النَّفي الجدلي: فهم التناقضات وتحليل التغيرات
- تأملات!
- الإرادة الحرة: بين القضاء والقدر وصراع الذات!
- كثيراً ما!
- العدم فكرة غبية!
- تجليات!
- المفاوضات حول إنهاء الحرب على غزة: إلى أين؟!
- العالَم الذي جَعَلَتْ منه الولايات المتحدة ضاحيةً لها!
- مرايانا!
- أَخْرُجُ في اللَّيْلِ
- السَّطوُ!
- إسرائيل... الوجوه المتعددة لعملة واحدة!
- جلنار أو زهر الرمان!
- -الحريديم-.. القنبلة الموقوتة في -إسرائيل!
- عودة الاغتيال السياسي إلى أميركا: خطر الحرب الأهليّة
- مشروع 2025.. خطة للحكم أم وصفة لتدمير أميركا؟
- كاميلا هاريس رئيسة ام شرارة في برميل البارود؟


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن.. ولا تعليق من ...
- -لا أحد هنا ينعى نصر الله-.. مسؤولون أمريكيون -سعداء- بمقتل ...
- من الموسوي إلى الثعلب و-قاتل المارينز-، أبرز قيادات حزب الله ...
- تضارب في الأنباء.. هل ستُرحل ألمانيا أتراك إلى بلدهم؟
- عون يرثي نصرالله ويشير إلى -الخلاص الحقيقي- للبنان
- -المقاومة لن تُكسر-.. الحوثيون ينعون أمين عام حزب الله اللبن ...
- مصادر إيرانية تنفي أنباء مقتل قائد فيلق القدس قاآني
- نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين: ترجيح اختيار هاشم صفي الدين خ ...
- وزير الصحة اللبناني يعلن حصيلة قتلى الغارات الإسرائيلية على ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي: -نصر الله أراد تدمير إسرائيل .. فقض ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - تحليل ظاهرة القضاء والقدر!