أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس كاظم الجنابي - سيرة ذاتية للخيانة قراءة في كتاب (لمسات وراق فرنسي الهوى)















المزيد.....

سيرة ذاتية للخيانة قراءة في كتاب (لمسات وراق فرنسي الهوى)


قيس كاظم الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 8113 - 2024 / 9 / 27 - 15:19
المحور: الادب والفن
    


-1-

لا استطيع أن انسب كتاب المترجم فاضل عباس هادي (لمسات وراق فرنسي الهوى) الصادر في لندن عن الناشر(شُبّر للطباعة والنشر ، لندن، 2017م) سوى انه شذرات متنوعة تجمع بين السيرة الذاتية والترجمة، أو بين السيرة الذاتية والكتب، ولعه يقترب في بعض ملامحه من كتاب البرتو مانغويل (فن القراءة)، لأنه يتحدث بطريقة أو بأخرى عن الخيانة الثقافية،ولأنه مترجم مارس الخيانة على قول المثل الإيطالي الذي يعد المترجم خائناً، مع العنوان يحتوي فيما يحتويه فكرة (الوراقة) او البحث عن الكتاب ، مع حرفة احترفها الجاحظ سابقاً وتبعه الكثيرون ، ولكن العنوان اثر ان يمنح هذه الحرفة صفة حسيّة هي اللمس، او التأكد من خشونة الورق وحلحلة الكلام.
يتحدث الكتاب عن فن القراءة والمتغيرات الجديدة ،ويبدو انه أراد أن يكون عنوان الكتاب (ملاحظات ورّاق فرنسي الهوى)، لكنه ابدله إلى (لمسات)، او هكذا دارت الفكرة برأسه اعتماداً على عنوان ثانوي آخر، هو (بريد الجنوب) والكتاب مجموعة شذرات وأفكار تتحدث عن اللغة والترجمة وذكريات قارئ مزمن، او مترجم مارس خيانة العبارات، حيث وصف المثل الإيطالي المترجم بالخائن، وكان من الممكن أن يكون العنوان (ثقافة الخيانة)، حيث يسود الشرق سيل من الخيانات،وسيل من السرقات والكتابة السوداء وغيرها. وهو الذي يدين" الخونة العرب الذين يحتقرون أوطانهم، ويتنكرون لعروبتهم، ويتأوربون ، يرفضون لغة الضاد ويعتقدون بان الحضارة الأوروبية هي المثال الذي يجب أن يقتدى".[ص168، راجع 206، ص209]؛ فقد كانت الترجمة"تؤدي حتماً الى فقدان الموسيقى، تفقد عنصراً أساسياً".[ص247]
وهذا ما يبدو اكثر صعوبة في ترجمة الكتب المقدسة، حيث يرى بان ثمة نسخة من القرآن من ترجمة فردريك رامبو أب الشاعر آرثور رامبو الى الفرنسية، وكان هذا هجر عائلته وكان عسكرياً في الجيش الفرنسي ويروى انه عاش في الجزائر وربما مات هناك.
والكاتب مغرم بالأدب الفرنسي واللغة الفرنسية ،ويعدها لغة رومانسية بالمقارنة مع الغة الإنكليزية اللغة المتكلفة وغير المستساغة والجامدة والعصية على التجديد، تشجع الإرهاب والجاسوسية ورواية الجريمة. وهو يتحاشى ان يجعل من كتابه هذا نوعاً من الاستذكرات أو(المذكرات) أو السيرة الذاتية، لان ذلك يبعده عن موضوع الكتاب الرئيس، لان موضوع الكتاب الرئيس هو الكتاب والسفر/الرحلة، مثل أي صعلوك غارق في أحلامه وتصوراته الرومانسية عن بودلير ورامبو وكامو وسارتر واضرابهم، جامعاً بين النزعة الرومانسية والميول الماركسية والاحلام، لهذا كان يقول:
" الكتب والسفر كلاهما أمر واحد ومسعي حميدز الكتب تقودك الى السفر والسفر يقودك إلى الكتب".[ص316].
لهذا ستستهويه كتب المذكرات والسيرة التي هي أقرب الى كتب الرحلات والاسفار المتتالية، فهو يقول عن(اليكسي دي توكفيل) الذي ذهب في شبابه الى أمريكا وقطعها طولاً وعرضاً على ظهر حصان او في زورق بخاري. ومن أشهر كتبه مذكراته عن جولاته الواسعة في جميع انحاء القارة الامريكية الجديدة وكتابه الفريد(الديمقراطية في أمريكا)".[ص10]
لعلنا نجد في الكتب ما كان يطمح اليه ،وهو التصومع بين الكتب، التمترس وراء الكتب، الكلام من خلال الكُتب. ذلك ما كان يفكر به وهو يتجاوز السبعين". [ص151].
تشكل هذه الكتب موضوعاً رئيساً، ومتشذراً لا وحدة موضوعية فيه ،وانما فيه مجموعة أفنان من الخيارات والعبارات التي اسماها(لمسات)، لان اللمس له ميزة حسية خاصة تتعلق بملمس الكتاب أكثر من محتواه ، يتصل بفن الوراقة من حيث خشونة الغلاف ونعومته وطراوة الحروف؛ والعرب تقسم الكتابة الى ذكورية وانثوية، فاذا كانت مكتوبة بأحرف بارزة مسوسة مثل الاحرف المنحوتة على الجدران والقبور فهي ذكورية ،واذا كانت حفراً في الحجر فهي انثوية ، في نوع من المحاكاة للاتصال الجنسي.
-2-
من حيث العلاقة بين هذا الكتاب والسيرة ثمة ما يوحي للقارئ بأن هذا الكتاب عبارة عن سيرة وراق او قارئ مولع بمعرفة الكتب، يحاول ان يستذكر ما قرأه خلال حياته في مرحلة الشباب وطفولته في الناصرية فكأنه منذ الصفحات الأولى يستذكر حياة المؤرخ الفرنسي(اليكسي دي توكفيل) الذي" ذهب في شبابه الى أمريكا وقطعها طولاً وعرضاً على ظهر حصان او في زورق بخاري. ومن اشهر كتبه مذكراته عن جولاته الواسعة في جميع انحاء القارة الامريكية".[ص12]
وهنا جرى ربط الكتاب بالسيرة والمذكرات والرحلات ، ثم تمثل شخصية كولن ولسن مؤلف كتاب(اللامنتمي)و (ما بعد اللا منتمي)،و(ضياع في سوهو) المتمرد الذي هاجمته الصحافة؛ فكأنه يقرن نفسه به كمتشرد، من بلاده يجوب الآفاق، لهذا انتقل من سيرة (توكفيل) و(كولن ولسن) الى سيرته، فهو يقول:" كانت هذه السطور لا يشعر بمتعة في القراءة باللغة الإنجليزية بصورة ويفضل ان يقرأ باللغة الفرنسية اعتقاداً جازماً منه بأن اللغة الفرنسية تضفي على النص الإنجليزي جمالاً هو على الاغلب غير موجود ، الا نادراً ،في الأصل النجليزي..."[ص22-23] فكان ذلك هو بيت القصيد في هذا الكتاب وبلورته المتدفقة ،والذي قاده الى آراء ومواقف أخرى تتعلق بالمترجمين العرب المتشبعين بالثقافة الانكلو – ساكسونية، كالمصريين باستثاء سلامة موسى ،وبعض العراقيين بما فيهم عبد الواحد لؤلؤة،ويرى بانهم" منتشون وشرايينهم الروحية متصلبة، والابتسام ، على ما يبدو ، فارق كتاباتهم منذ زمن طويل لا استطيع قراءتهم على الاطلاق".[ص64]
هذه في حقيقة الامر تجربة قارئ محترف، او مترجم هاو ، او صعلوك من صعاليك الثقافة والترجمة يحاول امتهان الخيانة بطريقة أكثر تهذيباً ، خيانة الكياسة والرصانة لانتاج نص مترجم جديد مفعم بالحيوية ومشبع ببهجة الحياة.
ولأنه لا يضع حدوداً بين أدب المذكرات والذكريات وأدب السيرة الذاتية، فان التذكر في هذه المرحلة صار هاجسه لكتابة مثل هذا الكتاب الاشكالي غير المجنس، فهو يقول:" اكتب هذا وأنا أتذكر أحد الكتب التي استعرتها من المعهد (الفرنسي في بغداد) في الستينات كتاب كبير موضوعه اندريه جيد الشاب على حجم مساحة الغلاف. واليوم اكتب لانني عثرت في مكتبة على نسخة من الكتاب إياه مترجماً الى الإنجليزية وعلى الغلاف صورة انديه جيد الشاب، الصورة ذاتها المفروشة على غلاف الكتاب الأبيض الحليبي ولكن بحجم اصغر".[ص18]
مما يشير الى انه ربما لم يستطع ان يكتب سيرته الذاتية على وفق المواصفات المطروحة ، فلجأ الى هذه اللمسات التي هي عبارة عن(انفعالات)أو (نفثات) تحاول الجمع بين الماضي والحاضر في عالم مضطرب بين الترجمة والسفر ، لهذا كان يقول:" تكلمي أيتها الذاكرة".[ص34].
وهذا ما يبدو حول ذكرياته عن كتاب( انحطاط الغرب) او(سقوط الغرب)، في طبعة مختصرة لاوزفلد شبنغلر ، ليعود بذاكرته الى النسخ التي شاهدها وقرأها وتمتع بصورها وما شابه ذلك، في انطباعات تحاول أن تمهد السيرة بذكريات مشحونة بالصعلكة حين يقول:" كان عندي نسخة منه عثرت عليها في سوق السراي في بغداد في الستينات وكانت معي الى جانب كتاب لهنري ميللر عندما كنت جالساً في مقهى يرتادها الجنود، مقهى صغيرة ذات سقف واطئ تقع في منطقة الميدان يومها كتبت دفعة واحدة قصيدة " قدح من الدموع المجففة إلى أوديت" الطويلة نسبياً".[ص105]
وفي الغالب تتميز ذكريات هادي بالحبور والبهجة حين يعثر على طبعة قديمة من كتاب مهم، او مخطوطة نادرة ويستحضر ما له علاقة بذلك كما عثر على كتاب اللغة العربية عن الحسن بن الهيثم في دكان صغير يبيع الحلويات والقرطاسية في الطريق بين الحمامات ونابل في تونس، كما عثر على نصوص مختارة لملك حداد.
وكانت عوداته الى عقد الستينات من القرن العشرين، حيث كان كتاب( اللامنتمي) واحداً من مؤسسات ثقافة تلك الحقبة، بعد ان نشرته دار الآداب البيروتية، وكان الصراع السياسي بين التيارات السياسية جزءاً من هذه الاهتمامات، حيث الصراع بين الهامش والمركز، وهو يرى بان الكتب هي فندقه الكبير ، ومعه منعم حسن الذي يسكن في الكرخ ، فكان يلتقي عبد الرزاق رشيد الناصري وعبد الرحمن طهمازي وقتيبة عبد الله وآخرين، لهذا اقترنت هذه الذكريات بالفعل (أتذكر) حين يتذكر منعم حسن وهو يقرا كتاب(واقعية بلا ضفاف) لروجيه غارودي.
وفي العموم فان هذا الذكريات تقودنا مثلما قادته الى القراءة ،وهي عملية حسية ذوقية، تقوم على النظر الى الكتاب منذ الغلاف ثم الحروف والمكملات الأخرى كلون الغلاف حجم الغلاف لوحة الغلاف تصميم الغلاف حروف الكتابة حجم الحرف ،وجود الصور واللوحات والفوتوغراف والرسوم التشكيلية فيه كارتون الغلاف، ذلك انه يعتقد بان القراءة تجنبك الملل.
الكتاب والقراءة بشكل عام هما تعبير عن إحساس حقيقي بحرية الاختيار والتعبير عن عالم وجودي وكينونة مفعمة بالبهجة؛ فهو يتعامل مع الكتاب كما يتعامل مع عناصر الطبيعة، لهذا يقول:" كن كالأرنب ، كن كالنسر، كن كالعصفور(...) كن فرنسي الهوى تعيش طويلاً تعيش(!) سعيدا"[ص13-14].
هذه سيرة قارئ غير ملتزم بعناصر بناء كتابة السيرة ،ولكنه كاتب يمتلك ذكريات متشذرة وغير متسلسلة على وفق نسق معينن تجمعها فقط صورة قارئ ، صار كاتباً فيما بعد ومترجماً أيضاً. استطيع القول ان ما يتوفر في هذه "اللمسات" هو هذا الصوت الداخلي المشبع بالأحلام.

-3-
في أدبيات الرحلات والمذكرات يستحوذ المكان على سحر العلاقة بين الانسان وتضاريس المكان وأبعاده واشكاله، وفي الغالب حيوية المكان تزدادا اشراقاً باناسه، فليس المكان ككيان هو فضاء جامد وانما يمتلك تأثيره البالغ على وهج الروح وعطر النساء وضحكات الرجال ،ورنات الكؤوس ، وطعم البن،ولعل كاتبنا فاضل عباس هادي يستذكر أيام الناصرية وبغداد، ومدن اوربا وسحر اللغة الفرنسية ، فهو يتنفس تنهدات الأركان والزوايا والنوفذ والابواب وحركات الارائك ، وعذوبة الحوارات وجمال الصوت، لهذا كان للمقهى حضورها المفضل في مذكراته هذه، فمنذ البدء يقول:" أتذكر اني في باريس وبرلين وفي تونس والدار البيضاء وقبل ذلك في الناصرية وبغداد وبيروت كنت أكتب في المقاهي. الجموع هناك على مقربة مني وأشعر بالاطمئنان ويمدونني بشكل غير مباشر بالوحي".[ص17]
وهذه واحدة من سجايا الادباء الصعاليك في العراق، حيث تشكل المقهى مكانهم الاثير،ووجودهم الهامشي، وبراعتهم في الانتقال من المتن الى الهامش ،ومن المكان الخاص الى المكان العام، فقد شاعت في البلدان ظاهرة ما يعرف بمقاهي الرصيف ، حيث قرن الكاتب بين تلك المقاهي وبين بائعات الهوى في شوارع برلين، والبغاء في لندن، فاشار الى مقاهي باريس والكسمبورغ ومقهى(أسبسرو) الإيطالية، فقد عرفت لندن بالمقاهي، بينما الأرصفة للمارة من موظفي البنوك والشركات.
ففي برلين التقى بمؤيد الراوي، الذي كان يسكن في شقة صغيرة لوحده، وهو الاخر شاعر صعلوك من رواد قصيدة النثر في العراق، ومن جماعة كركوك، لهذا ينسجم ذكره في هذا الكتاب مع مزاج الصعاليك والمقاهي والمجالس والتجمعات الثقافية، فكانت النساء اليساريات يشكلن" نواة حزب ثوري مجالسي ويتحلقن حول عفيف الأخضر في بيروت ما قبل الحرب الاهلية".[ص134]. حيث اصدر المجالسيون (اتباع أنطوان بانكوف) العدد الأول من مجلتهم وحين جاء الى بيروت مصطفى الخياطي الذي كان من كبار الناشطين في ثورة مايو(أيار) 1968 في باريس الا انهما اختلفا لان عفيف الأخضر انزعج من مصطفى الذي قبل العمل في مجلة ثقافية فرنسية أصدرتها مؤسسة "حرية الثقافة" الاميريكية التي أصدرت ايضاً مجلة "حوار" في بيروت".[ص135].
فالمجلس ، هو الحلقة التي يتحلق حولها مجموعة من الناس لتداول خصوصياتهم ومشكلاتهم، وقد بدا كمندى او دار للندوة، واتاح له هذا العرض الحديث عن مقهى(الروتوند) في فرنسا، كما ذكر مقاهي بغداد التي موطناً للصراع السياسي وموضعاً لاصطياد الخصوم، ومن ذلك مقهى(حدوة الحصان) أو(الهورس شو) في شاعر الحمراء في بيروت السبعينات ، فهناك تجلس الرسامة الأرمنية المليحة (سيتا مانوكيان) وهي في في الأزرق والاصفر. وكانت تدخن الغليون بعض الأحيان.
كانت مقهى الهورس شو، مقسومة الى نصفين بقاطع زجاجي جهة اليمين كانت خاصة بطاقم جريدة(النهار) والتي تضم مجموعة من أمثال انسي الحاج وميشيل أبو جودة وعصام حفوظ وغيرهم. ومن جهة اليسار كانت لعامة الناس من كتاب وسياسيين ومثقفين، كذلك كان يتردد عليها امين الحافظ ومحمد الفيتوري وعبدالوهاب البياتي وسعدي يوسف ونجيب المانع وإبراهيم زاير وغيرهم من المنفيين.
وكأنه في هذا الوصف يشير الى مقهى الشط ببغداد(الرصافة) التي تتكون من طابقين على ضفة دجلة اليسرى قرب الكمرك والمدرسة المستنصرية، كما كان كاتبنا يقرا ويترجم الى العربية كتابات بروست ورامبو وجويس . فقد كانت المقهى جزءاص من ثقافة وسيرة كاتب وصعلوك يشبه الى حد ما عبدالامير الحصيري.
-4-
وقد عرض الكاتب بطريقة ما الحياة الخاصة بالجسد، او الجنس في الغرب وبالذات في البلدان التي عاش فيها منذ قراءة رواية الطيب صالح(موسم اهجرة الى الشمال)، والتي ذكر فيها ان كان يوقع الانجليزيات في حبائله ويضاجعهن انتقاماً من الاستعمار الإنجليزي للسودان، وهو يعد هذه الرواية بانها رواية بوليسية كعشرت الروايات الانجليزيات اللواتي، كما أشار الى انتشار المثلية بين باعة الكتب المستعملة في إنجلترا. حتى ان الصحافة البريطانية تنشر والتلفزيون يعرض أسماء وزراء وأعضاء برلمان ولوردات ضالعين في الاعتداء الجنسي على الأطفال. وقد عرض المسرح الوطني مسرحية بعنوان( طيز مارايني) وهو اسم مغنية"بلوز" زنجية ،بمعنى"طيز ماريني الأسود"، مسرحية عن نضال السود لمسواتهم بالبيض؛ هذا الى جانب الفضائح الجنسية مع كبار المسؤولين، كما هو حال وزير الثقافة الإنجليزي الذي كان على علاقة مع(بائعة الهوى) كانت تهيمن وتتسلط عليه وتعذبه وتضربه بمختلف الأدوات كالسياط والسلاسل؛ في وقت كان فيه يتلذذ بتعذيبها له، فكانت تلك العلاقة السادو – مازوشية تعبيراص عن مجتمع سياسي مريض، مما حدا به الى وصف اللغة الإنجليزية بـ(لغة الوحوش الكاسرة) مما منح كتاباته نوعاً من المغريات مضافة، وهو يشير الى مجموعة من الادباء من أمثال كامو وهمنغواي ووتمان ومالارميه ورامبو ولوتريامون ولورنس داريل ولوركا، الذي وصفه بانه" محفوظ في الفلب الى الابد.
رغم ان المناويك يريدون تجييره لصالحهم ويعتبرونه"ايقونة من ايقوناتهم ورائداً من رواد الثقافة المضادة" يقصدون المثلية باعتبارها بالنسبة لهم،"ثقافة مضادة؟ ضد من؟".[ص252].
وفي الأساس الثقافة الغربية غارقة في البذاءة وتحاول تصديرها الى الشرق وغاقة في النجاسات وعدم الاغتسال، حتى ان الملكة ايزابيلا الاسبانية التي طردت العرب من الاندلس ، قامت بأول عمل ،هو" انها أغلقت الحمامات العامة، اعقبتها بتصريح لا يقل قبحاً وقيحاً هو انها تفتخر بكونها لم تستحم في حياتها الا مرة واحدة".[ص257].
لهذا استحوذت الجريمة على الانجليز وهم مع ذلك عنصريون وحاقدون على النساء والالمان والفرنسيون، حاقدون على المسلمين؛ بما يكشف زيف الديمقراطية وتصاعد الخطاب العنصري في اوروبا.
-5-
تبدو توجهات الكاتب يسارية ولكنها ربما غير منتمية، وان علاقته بوطنه بمرور الزمن ضمرت حتى صارت شبحاً او خيالا وامنيات بعيدة المنال، ولهذا بان حرب الولايات المتحدة الامريكية ضد العراق ترسخت احداث 11 أيلول المفتعلة، اما موقف الكاتب من ثورة 14تموز 1958م، فيبدو ضبابياً نوعاً ما لهذا يصفها بانها "بداية تمزيق النسيج الاجتماعي والهجرة من الأرياف الى المدن".[ص82] والتي أدت الى تدهور الإنتاج الزراعي وبداية العنف الدموي في العراق، فسرعان ما بدأ القتل والاغتيالات وكل حكومة تقضي على خصومها وانجارت من سبقها فعبد الكريم قاسم قضى على الملكية والعائلة المالكة سحلاً وتقطيعاً. والبعثيون قضوا عليه، فكان ذلك استمراراً لمسلسل العنف، ثم مزق الحصار الشخصية العراقية فلم يعد الأخ يثق باخيه ولا الزوج بزوجته وتحول المواطن من مواطن الى عضو شرف في مستشفى المجانين.



#قيس_كاظم_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء مغامرات في طريق الاستشراق قراءة في كتاب ( سيدات الشرق)
- الرحلة والسيرة في كتاب (الطريق الى مكة)
- الرحلة بوصفها في (مغامر عماني في ادغال أفريقيا)
- باسم عبد الحميد حموي
- فصول ذاتية من سيرة غير ذاتية عند الدكتور علي جواد الطاهر
- الرحلة اليتيمة (حصون تحت الرمال)
- حول رحلة المس بيل (من مراد الى مراد)
- التبشير والتصوف في رسائل ماسنيون للكرملي
- سيرة جيل في كتاب (بغداد السبعينات، الشعر والمقاهي والحانات)
- بين المقهى والمنفى
- الظل والضوء في رواية (سيرة ظل)
- ميراث الفصول.. قراءة في روايتي (طوفان صَدفي) و(رياح قابيل)
- ما الذي يعنيه أدب المذكرات؟
- رؤية شرقية لفرنسا
- قراءة في كتاب (جميل حمودي والحروفية في الفن)
- استطلاع فرنسي ورحلة بين بغداد وحلب
- مصر والقدس في رحلة يونانية معاصرة
- كتاب (المعونة) في استحضار المؤونة
- الحلم الجماعي وانفتاح السرد في كتاب (خيال لا ينقطع، قراءة في ...
- كليلة ودمنة وكتاب (خزائن السرد)


المزيد.....




- وفاة الممثلة البريطانية الشهيرة ماغي سميث
- تعزيز المهارات الفكرية والإبداعية .. تردد قناة CN العربية 20 ...
- بسبب ريال مدريد.. أتلتيكو يحرم مطربة مكسيكية من الغناء في ال ...
- إصابة نجمة شهيرة بجلطة دماغية خلال حفل مباشر لها (فيديو)
- فيلم -لا تتحدث بِشر- الوصفة السحرية لإعادة إنتاج فيلم ناجح
- قناة RT Arabic تُنهي تصوير الحلقات القصيرة ضمن برنامج -لماذا ...
- مسلسل حب بلا حدود 35 مترجمة الموسم الثاني قصة عشق 
- نضال القاسم: الأيام سجال بين الأنواع الأدبية والشعر الأردني ...
- الإمارات تستحوذ على 30% من إيرادات السينما بالشرق الأوسط
- رواية -الليالي البيضاء- للكاتب ضياء سعد


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس كاظم الجنابي - سيرة ذاتية للخيانة قراءة في كتاب (لمسات وراق فرنسي الهوى)