أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الصباغ - الاسرى الفلسطينيين واساليب التعامل الصهيونية معهم















المزيد.....



الاسرى الفلسطينيين واساليب التعامل الصهيونية معهم


زهير الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 8113 - 2024 / 9 / 27 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاسرى الفلسطينيون واساليب التعامل الصهيونية معهم
مدخل
تعالج هذه المقالة البحثية ظاهرة التعذيب والاذلال التي تمارسها قوات الامن والشرطة الصهيونية داخل السجون الصهيونية ضد الاسرى الفلسطينيين. كما ويتم مقارنة هذه الممارسة مع مباديء القانون الدولي وحقوق الانسان التي يجب تطبيقها داخل السجون الصهيونية.
العدد الإجمالي للأسرى
يبلغ العدد الإجمالي للاسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية "اكثر من 9 الاف اسير" وذلك حتى تاريخ 21-3-2024.( ) ويخضع هؤلاء لنظام تعسفي من التعامل قام بفرضه وزير الامن القومي الفاشي ايتامار بن جفير. ما يلي هو محاولة لكشف الأسباب والمبررات التي تقف وراء هذه السياسة.
في البداية، يجب القاء الضوء على قواعد القانون الدولي الذي يجب ان تخضع له سياسة التعامل مع الاسرى.

القانون الدولي للتعامل مع اسرى الحرب
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وقد اعتمدتها الجمعية العامة وفتحت باب التوقيع والتصديق عليها والانضمام اليها في القرار 39/46 المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 1984، وتاريخ بدء النفاذ: 26 حزيران/ يونية 1987، وفقاً للمادة 27 (1)."( )
وكجزء من التزام دولة إسرائيل باتفاقية مناهضة التعذيب، ادلى مندوب إسرائيل، المدعو افياتار مانور، امام لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بما يلي:
... وقعت إسرائيل على اتفاقية مناهضة التعذيب (وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة) في 22 أكتوبر 1986 وأودعت وثيقة تصديقها لدى الأمين العام للأمم المتحدة في 3 أكتوبر 1991. إن تصديق إسرائيل على سبع اتفاقيات أساسية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يعكس التزام بلدنا القوي بالحماية الهامة المنصوص عليها في تلك الاتفاقيات، واحترامنا وتقديرنا لعمل هذه اللجنة وغيرها من هيئات مراقبة معاهدات الأمم المتحدة.( )
بالرغم من هذا الالتزام، قامت الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وعلى مر العصور، بممارسة كافة اشكال التعذيب ضد الاسرى الفلسطينيين.
أساليب التعامل الإسرائيلية مع الاسرى: (أ) اذلال و (ب) تعذيب
(أ‌) اذلال الاسرى
تقوم السلطات الصهيونية بتعرية الاسرى الفلسطينيين باجبارهم على خلع كافة ملابسهم، وهذا الامر يسري على كافة السجناء والسجينات. ويتم ذلك في فصل الشتاء أيضا. بعد ذلك يتم تكبيلهم بكوابل بلاستيكية والتي تربط بشكل شديد على أيديهم وراء ظهرهم، الامر الذي يؤدي الى احداث جروح تؤدي الى بتر الأطراف. كما ويتم تغطية اعينهم بقطعة قماش سميكة لحجب النظر ويتم معاقبتهم اذا ازالوا هذه الاغطية.
(ب‌) تعذيب الاسرى
منذ تولي ايتامار بن جفير مسؤولية الاسرى الفلسطينيين، قام جنود حرس الحدود وأعضاء في الجيش والمخابرات، باستخدام عدة أساليب لتعذيب الاسرى الفلسطينيين، واليكم عرضا موجزا لهذه الأساليب.
يذكر احد الاسرى ان افراد من الجيش الصهيوني قاموا " بتعذيبهم بالكهرباء وحرق الجلود، وغيرها من الأساليب الفاشية."( ) وذكر اسير اخر ما يلي: "... بعد قليل وضعوا لاصق على فمي. استمروا بتوجيه الاهانات. التعذيب ليس مباشر، قاموا بشبحي واجباري على الجلوس على الركبتين لمدة 25 يوما، نتيجة للتعذيب، اصبت بجروح في جميع انحاء جسدي ... كما تم منعي من الذهاب للحمام."( )
يروي احد الاسرى الاخرين، "ضربوني على عيني واعتدوا علينا بالكلاب. قاموا بضرب السجناء وهجموا علينا عشرة جنود وذلك بصحبة الكلاب ..." وأضاف اسير اخر، انه نتيجة للتعذيب والضرب والتجويع وعدم اعطائهم الادوية، فقد استشهد سبعة من الاسرى. بالإضافة لذلك، أصيب بعض الاسرى الاخرين بجروح وتهشيم وتكسير اسنان ... "( )
وذكرت سلطة شؤون الأسرى الفلسطينيين أن 51 سجينة فلسطينية كشفن عن وجود انتهاكات وسوء معاملة وتعذيب صادمة. لمى خاطر، سجينة سابقة، اعتقلت مع عشر سجينات من غزة وشهدت الانتهاكات التي تعرضن لها، ذكرت أن "... المعتقلات تركن دون أغطية، وتعرضن للتفتيش العاري المهين، وأجبرن على النوم على الأرض العارية." ( )
توجد علاقة مباشرة بين النظام الاستيطاني الصهيوني وأساليب التعذيب المتبعة من قبل سلطات الامن الصهيونية. عبر عن هذه العلاقة الكاتب الأمريكي كريس هيدجيز وذلك في مقالة بعنوان "إسرائيل أفلست أخلاقيًا وتعيش دور الضحية لتبرر احتلالها".
الأسس الأيديولوجية للنظام الاستيطاني الصهيوني
يصف، الكاتب الأمريكي كريس هيدجيز، الديمقراطية الامريكية، بانها كذبة كبيرة، مبنية على التفوق العنصري للمستوطنين البيض، على السكان الهنود الاصلانيين. وتُستخدَم هذه الكذبة لتبرير الإبادة الجماعية للسكان الاصلانيين.( )
ويعتقد الكاتب كريس هيدجيز،
...أن التاريخ سيحكم على إسرائيل بسبب هذه الإبادة الجماعية، لكنه سيحكم علينا أيضًا، إذ سيتساءل: لماذا لم نفعل المزيد؟ ولماذا لم نمزق كل المعاهدات، وكل الصفقات التجارية، وكل الاتفاقات، وكل التعاون مع دولة الفصل العنصرى؟ ولماذا لم نوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل؟ ولماذا لم نستدعِ سفراءنا؟ ولماذا لم نفعل كل ما فى وسعنا لإنهاء المذبحة؟( )
ونتيجة لهذه الإبادة الجماعية، فان الدولة الصهيونية،
"... سُممت .... بهوسها بفكرة الحرب الدائمة، وباتت مُفلسة أخلاقيًا بسبب تكريسها مبدأ الضحية الذى تستخدمه لتبرير احتلالها الذى يعد أكثر وحشية من الاحتلال الذى كان يمارسه نظام الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا"( )
ومن اجل إخفاء جريمة الحرب هذه،
"... قُتل أكثر من 147 صحفيًا فلسطينيًا شجاعًا على يد الإسرائيليين لأنهم نقلوا صور وقصص هذه المذبحة إلى العالم، فقد استشهدوا من أجل شعبهم ومن أجلنا"( ) كما وقامت سلطات الجيش الصهيوني باغلاق مقر فضائية الجزيرة في رام الله وذلك لمدة 45 يوما وتم طرد طاقم الجزيرة خارج مكاتبهم، وصادر الجيش الصهيوني محتويات مكاتب الجزيرة من أدوات التصوير والعمل الصحفي، ومنع العاملين في المحطة من استخدام سياراتهم للذهاب لبيوتهم.( )
كما ونتج عن هذه السياسة الصهيونية،
".... اختطاف الديمقراطية الإسرائيلية، التى كانت مخصصة دائمًا لليهود وحدهم، من قبل المتطرفين الذين يدفعون البلاد نحو الفاشية، إذ يتعرض نشطاء حقوق الإنسان والمثقفون والصحفيون، من الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى، للمراقبة المستمرة من الدولة، والاعتقالات التعسفية، وحملات التشهير التى تديرها الحكومة"( )
وتنبأ الكاتب كريس هيدجيز انه
"... سيتم إبادة الحياة الثقافية والفنية والصحفية والفكرية فى إسرائيل، وستصبح دولة راكدة يقوم فيها المتعصبون الدينيون والمتطرفون اليهود الذين استولوا على السُّلطة، بالهيمنة على الخطاب العام، وستنضم إلى نادى الأنظمة الأكثر استبدادًا في العالم ..."( )
اما الفيلسوف الإسرائيلي يشعياهو ليبوفيتش، فقد حذر "... من أنه إذا لم تفصل إسرائيل بين الدين والدولة وتُنهى الاحتلال، فإن ذلك سيؤدى إلى ظهور حاخامية فاسدة ستشوه اليهودية وتحولها إلى طائفة فاشية..."( )
وكتب يشعياهو ليبوفيتش، الذى تُوفى عام 1994:
"إن القومية الدينية بالنسبة للدين تشبه الاشتراكية القومية بالنسبة للاشتراكية،" فقد أدرك أن التبجيل الأعمى للجيش، وخاصةً بعد حرب عام 1967 التي تم فيها الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس الشرقية، كان خطيرًا، وحذر قائلًا: "وضعنا سيتدهور لنصبح فيتنام ثانية، وسنتجه إلى حرب ستظل في تصعيد مستمر دون احتمال التوصل إلى حل نهائي."( )
وتوقع يشعياهو ليبوفيتش أن "العرب سيكونون هم العمال واليهود سيكونون الإداريين والمفتشين والمسؤولين والشرطة، وتحديدًا الشرطة السرية."( )
وتابع يشعياهو ليبوفيتش تحليله واستنتاجاته بان اكد ان،
الدولة التى تحكم شعبًا مُعاديًا يتراوح عدده بين 1.5 مليون إلى مليوني أجنبي ستتحول بالضرورة إلى دولة بوليسية سرية، مع كل ما يعنيه ذلك بالنسبة للتعليم وحرية التعبير والمؤسسات الديمقراطية، كما أن سمة الفساد التي تتميز بها كل الأنظمة الاستعمارية ستسود أيضًا فى دولة إسرائيل، وسيكون على الإدارة قمع التمرد العربي من ناحية وتجنيد الخونة منهم من ناحية أخرى، كما أن هناك أيضًا سببًا وجيهًا للخوف من تدهور الجيش الإسرائيلى نتيجة لتحوله إلى جيش احتلال، ومن أن يصبح قادته، الذين سيصبحون حكامًا عسكريين، أشبه بزملائهم فى الدول الأخرى.( ) واختتم يشعياهو ليبوفيتش استنتاجاته بتاكيده أن "إسرائيل حينها لن تستحق الوجود، ولن يكون من المفيد الحفاظ عليها."( )
الحقوق الاجتماعية والإنسانية للسجناء ورعايتهم في المواثيق الدولية
ضمنت المواثيق الدولية الحقوق الاجتماعية والإنسانية للسجناء انطلاقاً مما نصت عليه الفقرة الأولى مما ورد بالمادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أن "لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته ... "( )
الحقوق الصحية
نصت المادة (49) في الفقرة الأولى من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء على أنه "يجب أن يضم جهاز الموظفين، بقدر الإمكان، عدداً كافياً من الأخصائيين كأطباء الأمراض العقلية وعلماء النفس والمساعدين الاجتماعيين والمعلمين ومدرسي الحرف. " كما نصت المادة (79) على أنه يجب أن " تبذل عناية خاصة لصيانة وتحسين علاقات السجين بأسرته، بقدر ما يكون ذلك في صالح كلا الطرفين.".( )

ومن اجل القاء الضوء على التعامل الفاشي والتعسفي لوزارة ما يسمى بالامن القومي، نعرض هنا حالة السجينة السياسية خالدة جرار التي عانت ولا تزال تعاني داخل السجون الصهيونية.
خالدة جرار: الاسيرة المتهمة دون محاكمة رهن الاعتقال الإداري
عملت خالدة جرار، ولعدة سنوات، ناشطة لحقوق الانسان الفلسطيني وذلك في مؤسسة الضمير التي ترأستها، كما وعملت في مجال حقوق الانسان مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). ونشطت بشكلٍ بارز في العمل مع النساء الفلسطينيات والدعوة لحقوق المرأة. وهي عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني وتراس داخله لجنة الدفاع عن الاسرى الفلسطينيين. اعتُقلت للمرة الأولى في 8 آذار-مارس 1989 وذلك على إثر مشاركتها في مظاهرة في اليوم العالمي للمرأة.( )
ذُكرت السلطات الصهيونية بأن خالدة جرار تورطت في "التحريض والتورط في الإرهاب". حيث وجّه المدعي العام في المحكمة العسكرية الإسرائيلية 13 تهمة ضدها، حول ارتباطها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعضويتها في منظمة تصنّفها إسرائيل بأنها غير قانونية، والمشاركة في الاحتجاجات والتحريض على خطف جنود الاحتلال. تشير عدّة تهم إلى قيامها بإجراء مقابلات وخطب ومحاضرات، والمشاركة في مسيرات ومعرض كتاب مسيّس، ودعوة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ومعارضة الاحتلال الإسرائيلي.( )
استمر اعتقالها الإداري، والذي يمكن تجديده إلى أجل غير مسمّى، حيث أصدر القرار بحقها قائد القيادة المركزية روني نوما، وراجعته محكمة عسكرية في 8 نيسان-أبريل2015.( )
وصرّحت صحيفة هاآرتس وقت اعتقالها بأنه: إذا خرقت جرار القانون، يجب على إسرائيل محاكمتها وإثبات ارتكابها لجريمة. من ناحية أخرى، إذا كان سبب احتجازها هو الانتقام، فيجب إطلاق سراحها على الفور .( )
الوضع الصحي للاسيرة خالدة جرار
عانت خالدة جرار من نوبات خثار وريدي عميق، وقد عبّر محاميها عن قلقه من أن الرعاية الطبية المناسبة لحالتها قد لا تكون متوفرة في سجنٍ إسرائيلي وانها بحاجة الى علاج فوري في مستشفى اردني.( )
أبلغ طبيبها أن الفحوصات تشير إلى أنها بحاجة إلى فحص دماغ عاجل لتحديد تشخيص عصبي دقيق. نظراً لأن المعدات الطبية لإجراء التشخيص لم تكن متوفرة في الضفة الغربية، تم إبلاغها أن وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية ستغطي تكاليف دخولها إلى المستشفى في مدينة عمان، وليس في إسرائيل.( )
في 29 أغسطس 2010، مُنعت خالدة جرار من العبور إلى الأردن عبر جسر الملك حسين، وذكرت منظمة الشاباك أنها تشكل تهديدًا أمنيًا للمنطقة. بعد ذلك، سُمح لها، في وقت لاحق من ذلك العام، بالسفر إلى عمان لتلقي العلاج، بعد ان احتجّ 58 عضواً في البرلمان الأوروبي على اعتقالها في رسالة مفتوحة إلى فيديريكا مورغانتيني، العضوة السابقة في البرلمان الاوروبي، والتي تدخلت وضغطت لاطلاق سراح خالدة جرار.( )
في 26 نيسان، جادلت افتتاحية صحيفة هاآرتس بأن المحامية العسكرية العامة قررت توجيه اتهامات إرهابية ضدها فقط بعد أن أثار اعتقالها التعسفي انتقادات دولية وأن هناك شكوكاً في أن المحاكمة كانت بمثابة ردّ على ضلوع خالدة جرار في دخول فلسطين بنجاح إلى المحكمة الجنائية الدولية.( )

الطرد الى اريحا
في 20 أغسطس 2014، حاصر قرابة 50 جندياً إسرائيلياً منزلها في رام الله، وأصدر لها ضابط أمر بالطرد يتضمن إفادة بأنها تشكّل تهديداً لأمن المنطقة، وأن عليها مغادرة منزلها في رام الله ونقلها إلى منطقة أريحا، حيث كان من المقرر أن تعيش في ظل بروتوكول تقييد الحركة لمدة ستة أشهر. كان من المقرر اعتبار الأمر ساري المفعول على الفور، لكنها رفضت الأمر قائلة: «الاحتلال هو من يجب أن يغادر وطننا». وفقاً لاتفاقية أوسلو، تقع رام الله ضمن مناطق الضفة الغربية وتخضع للولاية القضائية الفلسطينية الكاملة، ولكن خالدة جرار رفضت التوقيع على الأمر.( )
استأنفت خالدة جرار القرار أمام محكمة إسرائيلية، فخفضت فترة الحظر من 6 أشهر إلى شهرٍ واحد. لكن خالدة لم تغادر رام الله في الواقع. وبحسب كاتبة عمود اسرائيلية يسارية في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن رفض ترحيلها أدى إلى اعتقالها في أبريل 2015. كما تحدّثت لائحة الاتهام عن شكوك بأنها زارت منازل عائلات السجناء، وأنها حضرت معرضاً للكتاب، ودعت إلى إطلاق سراح أحمد سعدات القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.( )
الوضع الحالي للاسيرة خالدة جرار
تقوم ادارة السجون، تحت توجيهات الوزير الفاشي ايتمار بن جفير، بمواصلة تعذيب الاسيرة خالدة جرار حتى داخل زنزانتها.
مثلا تتعمد إدارة السجن إبقاء إضاءة الزنزانة 24 ساعة متواصلة، حيث فقدت جرار قدرتها على معرفة الوقت والساعة. ( ) كما تعمدت إدارة السّجون قطع المياه عن الأسيرة جرار ثلاث مرات، وفي إحداهنّ بقيت بدون مياه ليومين، هذا عدا عن تعمد السّجانات تأخير وجبات الطعام عنها.( )
وكان الوزير الفاشي ايتامار بن غفير قد أوقف جميع الزيارات للسجناء الفلسطينيين. في عام 2021، علمت خالدة بوفاة ابنتها عبر الراديو ومنعت الاسيرة جرار من المشاركة في جنازة ابنتها، كما منعت من حضور جنازة حفيدها وديع الذي عاش في بيتها مثل ابنها وتوفي بسكتة قلبية في جيل 29 سنة.( )
زنزانتها ليس بها نوافذ. لا يوجد هواء ولا مروحة، فقط سرير خرساني ومرتبة رقيقة بالإضافة إلى مرحاض لا يحتوي على ماء معظم اليوم. أخبرت محاميها هذا الأسبوع أنها تستلقي على الأرض وتحاول سحب القليل من الهواء من الشق الموجود أسفل باب الزنزانة. إنها لا تشرب كثيرا، من أجل تجنب الاضطرار إلى استخدام المرحاض، الذي ينبعث منه رائحة كريهة.( ) لا يوجد راديو أو غلاية كهربائية أو لوح تسخين أو أي أجهزة أخرى يمكن أن تخفف من محنتها. ولا يمكن شراء أي شيء من مقاصف السجون في عهد بن غفير.( )

بعض الاستنتاجات
يجب ان نتذكر ان الجيش الإسرائيلي وقوات الامن، والشرطة والمخابرات، استخدموا في الحرب ضد المدنيين في قطاع غزة، ذات الأساليب الوحشية في التعذيب التي كانوا قد استخدموها بعد احتلال العام 1948 واحتلال العام 1967. يشكل التعذيب جزءا عضويا من الأيديولوجية الصهيونية الاستيطانية الاستعمارية.
تستند ممارسة التعذيب للأسرى الفلسطينيين وللأسرى العرب على الأيديولوجية العنصرية الصهيونية التي تعتقد بان الفلسطيني يحمل مرتبة تقع اقل من الانسان وقليلا فوق مرتبة القرود.
في مقدمته لكتاب ألبرت ميمي "المستعمِر والمستعمَر"، أشار الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر إلى الحقيقة التالية.
… لا يمكن لأحد أن يعامل إنسانا مثل الكلب دون اعتباره إنسانا أولا. عدم القدرة على كراهية إنسانية المضطهَدين يصبح اغتراب المضطهِد... وبما أنه ينكر وجود الإنسانية في الآخرين، فإنه يعتبرها - في كل مكان - عدوا له. من أجل إدارة هذه المعظلة، يجب على المستعمِر إظهار القسوة الشديدة واعتماد مناعة الحجر. باختصار، يجب عليه أيضا أن يخفض من قيمة إنسانيته.( )
تؤكد الأيديولوجية الصهيونية أنه لا يمكن اعتبار إسرائيل دولة عنيفة لأنها "دولة يهودية". ويحدث عنفها "دفاعا عن النفس". كما لا يمكن اعتبارها عنيفة بأي معنى حقيقي لأن عنفها يحدث كجزء أساسي من "الصراع العربي الإسرائيلي". وبالمثل، فإن الدولة الصهيونية ليست عنيفة لأن "حاجتها المعقولة للأمن" تمنحها الحق في الدفاع عن نفسها وهي تفعل ذلك فقط "كرد فعل على العنف العربي الفلسطيني".
يشير التحليل النقدي للدولة الصهيونية إلى أنها عنيفة بسبب هياكلها السياسية والأيديولوجية والاجتماعية والاقتصادية. وهنا يجب ان نتذكر ان جميع الدول الاستعمارية كانت تاريخيا عنيفة وعدوانية وإرهابية وكان عنفها هيكليا ومستمرا، وليس جزئيا أو عرضيا أو استثنائيا. وبدراسة تاريخ الغزو الصهيوني لفلسطين، نجد ان:
 الإهانات العنصرية الحيوانية تستخدم لتجريد السكان الفلسطينيين الأصلانيين من إنسانيتهم وبالتالي إعطاء شرعية مزيفة لنهب وطنهم وحرمانهم من حريتهم وممتلكاتهم. وهذا يسمح بشن عدوان استعماري ضدهم تحت ذرائع مختلفة
الوعي الصهيوني ينتج أيديولوجية استعمارية تهيئ المستوطن وتزوده بالاستعداد النفسي والفكري لمهاجمة السكان الفلسطينيين الأصلانيين
 الكراهية العميقة الجذور والأيديولوجية العنصرية تهدف إلى إضفاء الشرعية على النهب والقهر والاستيطان الاستعماري والفصل العنصري. يوظف العنف السياسي والقمع الاستعماري كأدوات في تحقيق مراحل المشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني. يشكل العنف والعدوان والإرهاب ضد السكان الفلسطينيين الأصلانيين ظواهر هيكلية مرتبطة بالبنية الاستعمارية الصهيونية.
 يعتقد الكاتب البريطاني ر. د. لينغ ان علاقة المضطهِد بالمضطهَد هي "أننا ننسب لهم بالضبط ما نفعله ضدهم، لأننا نرى أنفسنا داخلهم، لكننا لا نعرف ذلك. نعتقد أنهم آخرون، لكنهم في الواقع نحن". ولذلك، فإن السمات السلبية والخسيسة مثل القسوة والكراهية العنصرية والنهب والسرقة، وهي صفات بارزة لجمهرة المستوطنين الاستعماريين، تُنسب إلى الضحية المستعمَرة.( )
 من الملاحظ ان الجنود الذين حاولوا ادخال عصى المكنسة في مؤخرة احد السجناء الفلسطينيين في سجن تنامين، كانوا يضحكون اثناء قيامهم بعملية الاغتصاب.
 في تحليله لهذه الظاهرة النفسية، أكد الطبيب النفسي الإسرائيلي يفتاح سوخنبار "أن كل إنسان لديه "إحساس طبيعي بالعدالة تجاه أمثاله. ولكن العدوان يولد أيضا شعورا بالذنب. كما يؤدي الذنب إلى كراهية الذات بين بعض المضطهِدين."
 ويؤكد يفتاح سوخنبار أن المضطهِد "يطور، قبل الاجتماع مع المضطهَدين، وجهة نظر عدوانية. وهو يرى نفسه معتديا، ويعتبر العالم معتديا. عدوانيته تزيد الخوف داخله، وتضعه في دائرة مغلقة. وتتطور حولها أيديولوجية مناسبة.". وعلاوة على ذلك "... وبالنسبة لغالبية المضطهِدين، يتم القضاء على كراهية الذات والشعور بالذنب عن طريق إسقاطهما على الضحية، مما يفاقم من عدوانية المضطهِد".( ) أكد وجود هذه السمات الحتمية الاستعمارية الطبيب النفسي التونسي ألبرت ميمي، الذي أشار إلى "أن أي مستوطن استعماري لديه ضمير إنساني حقيقي غير مؤهل على الإطلاق ليكون مستوطنا جيدا.( )

 ولكن لكي يكرههم المستوطن، فإن كراهيته تحتاج إلى تبرير كاف وتحتاج الى شرعنة مزيفة. ويبرر المستوطن كراهيته العنصرية ويعطيها نوعا من الشرعية الزائفة في عينيه، بافتراض التفوق العنصري تجاه الشعوب الأصلانية. ففي رأيه، فإن هذه الشعوب تصبح منحطة، قذرة، ولها ملامح الحيوانات. ولذلك فهذه الشعوب لا تستحق في نظره ملكية الأرض والثروة والوطن والحرية، ولا يستحقون المعاملة الإنسانية، بل يستحقون الاحتقار والكراهية فقط.( )
المراجع

Chotiner, Isaac, “The Brutal Conditions Facing Palestinian Prisoners”, https://www.newyorker.com, 21-3-2024
2 إسماعيل عبده محمد، إبراهيم،" الحقوق الاجتماعية والإنسانية للسجناء في ضوء المعايير الدولية لرعايتهم: دراسة تحليلية مقارنة للتجربتين المصرية والسعودية"، https://jilrc.com، 15-10-2018
2 Statement by H.E. Eviatar Manor, Permanent Representative of Israel To the United Nations, Geneva Before the Committee Against Torture and other Cruel, Inhuman´-or-Degrading Treatment´-or-Punishment., 57th Session, 3-4 May 2016, Geneva
3 فضائية الميادين، 6-1-2024، الساعة 10:00 مساء
4 فضائية الميادين، 8-1-2024، الساعة 12:30صباحا
5 فضائية الميادين، 21-1-2024، الساعة 7:35 مساء
6 فضائية الميادين، 24-1-2024، الساعة 9:50 مساء
7 Shalash, Fayha, “Transported in Cages’ – Shocking Details of How Israel Treats Female Gaza Prisoners”, https://www.palestinechronicle.com, 5-1-2024
8 هيدجيز، كريس، " إسرائيل أفلست أخلاقيًا وتعيش دور الضحية لتبرر احتلالها"، المصري اليوم، 11-6-2024
9 المصدر ذاته
10 المصدر ذاته
11 المصدر ذاته
12 فضائية الجزيرة، 21-9-2024، الساعة الثالثة صباحا
13المصدر ذاته
14 المصدر ذاته
15 هيدجيز، كريس، " إسرائيل أفلست أخلاقيًا وتعيش دور الضحية لتبرر احتلالها"، المصري اليوم، 11-6-2024 ليبوفيتش، نقلا عن
16 المصدر ذاته
17 المصدر ذاته
هيدجيز، كريس، " إسرائيل أفلست أخلاقيًا وتعيش دور الضحية لتبرر احتلالها"، المصري اليوم، 11-6-2024 ليبوفيتش، نقلا عن المصدر ذاته
19 مفوضية الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، " المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء"، https://www.ohchr.org، 26-7-2024
20 القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (1977م): أوصي باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955وأقرها المجلس 21 الاقتصادي والاجتماعي بقراريه 663 ج (د-24) المؤرخ في 31 تموز/يوليو 1957 و2076 (د-62) المؤرخ في 13 أيار/مايو 1977م، http://www.cihlhr.org، كما جاء في: مفوضية 22 الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، " المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء"، https://www.ohchr.org، 26-7-2024
23 خالدة جرار، https://ar.wikipedia.org، 23-9-2024
24 المصدر ذاته
25 المصدر ذاته
26 المصدر ذاته
27 المصدر ذاته
28 المصدر ذاته
29 المصدر ذاته
30 المصدر ذاته
31 المصدر ذاته
32 المصدر ذاته
33 شبكة فلسطين للانباء – شفا، أخبار مميزة, أهم الأخبار، 16-9-2024
34 المصدر ذاته
35 ليفي، جدعون، "لقليل من الهواء، يستلقي المشرع الفلسطيني على الأرض، بجانب الشق تحت باب الزنزانة"، https://www.haaretz.com، 30-8-2024
36 المصدر ذاته
37 المصدر ذاته
38 Sartre, Jean-Paul “Introduction”, as in Memmi, Albert (1965) The Colonizer and the Colonized (Boston: Beacon Press), pp. xxvii-xxviii
39 Laing, R.D. "The Obvious". As in Cooper, David, ed. (1971) Dialectics of Liberation (London: Penguin Books Ltd), pp 28-29)
40 Rom, Sarit, “The psychology of the colonized”, interview with Dr. Yiftah Sokhenbar, Ha’olam Hazeh monthly – in Hebrew, 25-4-1990, p. 23
41 Memmi, Albert (1969) The Colonizer and the Colonized (Boston: Beacon Press), p. 47
42 Rom, Sarit, “The psychology of the colonized”, interview with Dr. Yiftah Sokhenbar, Ha’olam Hazeh monthly – in Hebrew, 25-4-1990, p. 23



#زهير_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الإبادة الخفية تبدأ بقذيفة دبابة
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
- الوعي الزائف والاستعمار الاستيطاني الصهيوني
- الرأسمالية العنصرية الصهيونية في فلسطين
- المسيحيين في فلسطين يواجهون عدد من الاساءات والتعديات على أم ...
- امام عيسى: الشيخ الاحمر
- هولاكو يسكن في حارتنا
- -لاهوت التحرير- وعلاقته باليسار والماركسية
- النظام الصهيوني والجريمة، داخل المجتمع العربي الفلسطيني في د ...
- في الذكرى الثامنة لرحيل الشاعر الثوري احمد فؤاد نجم
- اسرائيل: -فيلا في غابة- ام مستعمرة استيطانية تدعى صهيونستان؟
- الفجوة بين الوعي الاجتماعي والوعي السياسي لدى بعض المثقفين ا ...
- مؤثرات الماركسية على الفكر الاجتماعي
- السرقة الصهيونية الكبرى للممتلكات الفلسطينية
- التطهير العرقي الصهيوني في حي الشيخ جراح وقرية سلوان
- من اشعل نار الفتنة العنصرية في القدس المحتلة
- التحليل الماركسي للعرق وتقاطعه مع الطبقة
- يافا مدينة فلسطينية تقاوم الاستيطان الاستعماري الصهيوني
- من بيت الحكمة الى همجستان
- المنافسة بين الاحزاب الصهيونية على الاصوات العربية


المزيد.....




- وزير الدفاع الأمريكي لـCNN: الحرب الشاملة ستكون -مدمرة- لكل ...
- مصدر إسرائيلي لـCNN: نعمل على التحقق مما إذا كان حسن نصرالله ...
- القوارب تملأ شوارع أمريكية مع اجتياح العاصفة هيلين لفلوريدا ...
- الحرب بين إسرائيل وحزب الله: هل قضت إسرائيل على قدرات حزب ال ...
- عاجل: الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف القيادة المركزية لحزب ال ...
- العالم على حافة الهاوية.. بوتين يلوّح بالسلاح النووي فهل يقو ...
- أهداف إسرائيل غير -المعلنة- من حربها ضد حزب الله!
- ترامب لزيلينسكي.. إذا فزت في الانتخابات سأجد حلا -جيدا- للصر ...
- يديعوت أحرونوت: قصف الضاحية تم بقنابل تزن 2000 رطل خارقة للت ...
- القبض على -أطباء التحرش- في مصر بعد انتشار فيديو صادم


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الصباغ - الاسرى الفلسطينيين واساليب التعامل الصهيونية معهم