|
دول الاعتدال العربي ووهم الاهمية: التوقيع على فصل الجبهة الشمالية عن الجنوبية وعودة مستوطني الشمال
هاني الروسان
(Hani Alroussen)
الحوار المتمدن-العدد: 8112 - 2024 / 9 / 26 - 18:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لست متيقنا فيما اذا كان يمكن لنا تصنيف ما يسمى بدول الاعتدال العربي على انها من دول التابعية المثالية في العلاقات الدولية ام لا، غير انها بكل تأكيد تفتقر لأي من مقومات دول الواقعية الدولية التي تسعى في إثبات وجودها وفعاليتها بين دول العالم الى البحث عن التوازن في امتلاك القوة مع الاخرين وتقاسمها، للتقاسم معها باقي مختلف أوجه الحياة الاخرى. والمفارقة في فلسفة دول وتيار الاعتدال العربي برمته الذي يزعم وإهما بان فلسفته او ان الفلسفة الوحيدة التي يمكن البناء عليها لديمومة التعايش مع الاخرين تتحقق عبر التعاون القائم على القيم والتطلعات المشتركة بين البشر، إن هذه الفلسفة او السياسات التي تقوم عليها، هي بداية من صياغات اكبر واكثر دولة واقعية عرفها التاريخ، وأن ويلسون لم يكن اكثر من لحظة عاطفية عابرة او براغماتية في تاريخها ذاك،، وانها نفس الدولة التي تقف وبلا قيد او شرط مع نتنياهو الذي يلغ وحكومته الفاشية في دماء اطفال فلسطين ولبنان، وتاليا ان فلسفته هذه للبناء والتعايس تأتي للتجريب مع كيان ليس فقط لا يؤمن بشراكة الوجود والتعايش مع الاخرين، بل انه صاحب فلسفة استعلائية يصنف جنس مكوناته البشرية على أنهم استثناء وجودي ينتمي الى دائرة من القداسة الخاصة، فيما الاخرين "أغيار" ليسوا اكثر من أشرار مدنَّسين يستحيل بناء علاقة معهم، لذا وجب على اليهود إقامة جُدرانٍ مرتفعة تفصل بينهم وبين من هم خارج دائرة القداسة تلك وأن ذبحهم تكليف الاهي يجاز عليه بجنات الخلود. وهذا التيار الذي خبر منذ نحو نصف قرن واختبر كل محاولات الإقناع والتنازل لإسرائيل في سبيل اقناعها ولوج سبيل السلام بحده الادنى يكرر نفس الخطيئة وربما اخطر مما اقدم عليها من خطايا سابقة، إذ بعد مرور عام على حرب الابادة الجماعية في غزة والتصعيد المنفلت في لبنان، وبعد فشل إستراتيجية الصدمة والرعب التي طبقتها إسرائيل على حزب الله وبعد سلسلة العمليات الاستحباراتية ضده وفي قلب طهران نفسها، وبعد ان اتضحت القدرة والفعالية المميزة للحزب في استيعابه لسلسلة الضربات الإسرائيلية القاتلة واستعادته لزمام المبادرة والانتقال التدريجي للتحكم بمجريات إدارة الحرب، تحركت على عجل واشنطن، لتخرج لنا بنداء عاجل ومشترك مع اوروبا لوقف مؤقت لاطلاق النار لمدة 21 يوما على الجبهة اللبنانية، دون التطرق لقطاع غزة الذي كان سببا في اندلاع المواجهة على جبهة الشمال على الاقل وفقا لبيانات حزب الله وتصريحات وخطب قادته، كمحاولة ساذجة ومكشوفة لتحقيق الاهداف الكاذبة والمعلنة لأسباب التصعيد الاسرائيلي التي أعلنها نتنياهو والمتمثلة بعودة مستوطني الشمال إلى بيوتهم، فيما حقيقة أهدافه تتجاوز ذلك وأن الولايات المتحدة على علم بذلك وأن كل ما تقوم به واشنطن هو استمرار لما قامت وتقوم به منذ عام على الجبهة الجنوبية حيث ثستخدم دبلوماسيتها لتوليد الوقت الإضافي الذي تحتاجه إسرائيل لتنفيذ المخطط الإقليمي المشترك لهما. واللافت هنا ان عددا من دول الاعتدال العربي مهرت هذا النداء الفخ بتوقيعها وهي تعلم تماما ان السبب الحقيقي للتصعيد في الشمال واحتمالات اندلاع حرب اقليمية وحتى عالمية، وأن عوامل التمدد الايراني التي تزعم التخوف منه سببها كان ولا يزال وسيبقى غياب حل عادل للقضية الفلسطينية يرضي ويقنع الشعب الفلسطيني والذي دونه سيبقى الاقليم ينتقل من دوامة إلى أخرى. وفي هذا السياق لا يمكن القفز عن الموقف الملتبس للحكومة الاردنية، باعتبارها إحدى دول الاعتدال العربي اولا وأكثرها تأثرا بتداعيات اي تصعيد إسرائيلي مستقبلي ثانيا، وأن كلمة الملك عبد الله الثاني في الأمم المتحدة بقدر ما جاءت تحمل الكثير من التعلق ببقايا امل في الموقف الأمريكي مشوبة باحباط شديد منه، فانها حملت قدرا اكبر من اليأس في إمكانية إيجاد أرضية مشتركة مع حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف، وهذا من المفروض ان يكون مدعاة لمراجعة اعمق للخيارات الاردنية، بعد ان صار واضحا ان الخيارات السابقة لم تكن ابدا في مصلحة اي من الجانبين الفلسطيني او الاردني، وأن إسرائيل لا تقيم اعتبارا لغير مصالحها التي تنبثق عن رؤيتها فقط. كذلك الأمر بالنسبة لبقية دول الاعتدال التي عليها ان تتخلص من وهم الاعتقاد الساذج بالاهمية في حسابات الاخرين الذي سيقود الامة الى اسوأ كارثة في تاريخها وان تفهم اولا ان اسرائيل لن تقيم معها علاقات تشاركية وحسن جوار وغيرها من المفاهيم والشعارات الرنانة وانها لن تقبل بغير موقع السيد الذي يقود ويأمر، وأن مشكلة إسرائيل ليست مع حماس او الجهاد او فتح والشعبية ولا حتى مع كل فلسطين، لان مشكلتها الحقيقية اولا مع معتقداتها العقائدية والدينة، وثانيا مع دورها الوظيفي في نظام دولي تسببت ازماته وخاصة الفكرية المتلاحقة في صعود يمينه المتطرف في مختلف دول العالم، وانه صار اكثر ميلا للعنف في الدفاع عن مواقعه وانه يتسرب افقيا نحو كل الطبقات والفئات الاجتماعية الاخرى حتى ان يساره أصبح يمينا كما نشهد اليوم في تأييد اليسار الاسرائيلي لنتنياهو في حربه على لبنان . لذا فان الضرورة ملحة لفهم ان النداء الفخ لوقف مؤقت لاطلاق النار على الجبهة الشمالية يهدف الى تحقيق أهداف نتنياهو بفصل جبهة الشمال عن الجنوب والتفرغ والعودة مرة اخرى لمخيمات الضفة الغربية وافراغ غزها من اهلها ثم تفكيك حزب الله تدريجيا قبل إلى الالتفات إلى حلقته الاخيره في ترتيب الاقليم وفق تصور أمني تقوده إسرائيل التي بدورها ستسعى لتحقيق طموحات تياراتها الدينية المتطرفة في المنطقة، وأن لا علاقة له بأية أهداف إنسانية او سياسية لامن دول الاقليم. هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة
#هاني_الروسان (هاشتاغ)
Hani_Alroussen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصاروخ اليمني واعادة طرح الاسئلة
-
الرد الايراني بعد البيان الامريكي القطري المصري
-
الرد الايراني لن يكترث بمتلازمة الحرب الاقليمية
-
هل سيستغل نتنياهو صاروخ مجدل شمس ؟
-
هل سينهي تفعيل المجابهة في المتوسط الحرب على غزة؟
-
انهيار ثقافة التعالي الصهيوني وراء العنف الوحشي على غزة
-
هل يطيح اليمين الاسرائيلي بالدولة؟؟
-
بعد موافقة حماس هل سترغم واشنطن اسرائيل على وقف الحرب؟؟
-
اصرار واشنطن على وقف اطلاق النار وحدود المغايرة في الاستراتي
...
-
الرد الايراني ولو بالذهاب الى حافة الهاوية
-
وقف اطلاق النار وترتيب المنهزمين
-
ما لا يمكن لواشنطن استدراكه بعد قرار وقف إطلاق النار
-
هل توقف واشنطن الحرب قسرا؟؟
-
لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة
-
كامالا هاريس تخاطب نتنياهو كما لو كان جونغ اون!!!
-
تساوي الفرص
-
جراحات امريكية تجميلية لترحيل الازمة
-
ماذا وراء التلويح باجتياح رفح؟
-
انقاذ الدور الاسرائيلي على حسب الدور السعودي
-
البعد السياسي في قرارت لاهاي
المزيد.....
-
سارت خلف المنضدة وهددته.. كاميرا توثق ما فعلته سيدة بعد مهاج
...
-
دخلت قصر صدام وحاولت الإيقاع بالقذافي.. -فخ العسل- ورحلة الت
...
-
السفارة السورية في الأردن تحصي عدد الجوازات التي أصدرتها بعد
...
-
إسرائيل.. مستشفيات الشمال تخرج من تحت الأرض بعد أشهر من الحر
...
-
تايلاند: إحياء الذكرى العشرين لتسونامي المحيط الهندي في بان
...
-
المغرب.. السلطات تحرر الحسون (صور)
-
عاجل | مراسل الجزيرة: جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاصر مستشفى ك
...
-
الائتلاف السوري ينضم للإدارة الجديدة بمهاجمة إيران
-
طعن شرطي تونسي خلال مداهمة أمنية
-
قتل ودمار وحرق.. هذا ما خلّفه الاحتلال في مخيمات طولكرم
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|