|
هواجس أدبية ــ 301 ــ
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8112 - 2024 / 9 / 26 - 14:28
المحور:
الادب والفن
تتحدد عملية القبح والجمال من خارجهما، أي لا يتحددان بذاتهما، أنما بما نضفي عليهما شيء منّا، البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أي أن هذه الأحمال هي المحدد لهما. الخارج بما له من ثقل، سلطة، مفاعيل القوة، هو الذي يحدد هذا الجمال أو القبح. بعد تشيؤ الإنسان لا يمكننا امتلاك مصادر مستقلة تحدد ما هو الجمال أو القبح. كل المعايير التي نمتلكها ليست المحدد، أنما الحمولات الكثيرة الثقيلة، الثقافية والفكرية والسياسية، والمصالح التي في دواخلنا، وموقعنا الفكري، والغايات التي فينا هي التي تحدد. لا يحدد الجمال أو القبح، كغاية بذاتهما اطلاقًا، أنما خارجهما، الموقع. الجمال والقبح، مثل أغلب المفاهيم التي نستخدمها، أي ليستا حياديتان، أنما موقع الفرد هو الذي يحدد. لا يمكن تقييم الجمال أو القبح كقيمة بذاتهما.
أنا واثق إذا ضرب بوتين النووي المنضب ستدفع اوكرانيا الفاتورة الثقيلة وحدها. الولايات المتحدة ستستثمر هذه الضربة إعلاميًا لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لنفسها فقط، هذه هي طبيعة الدولة الامريكية، دولة تحب أكل الجيف. أما الغر والمسكين زيلنسكي، سيقضب جبينه وعينه وخدوده أكثر علامة على الحزن، مع الكثير من التمثيل. أما أوروبا، ستغرد وراء أمريكا أكثر، وستخصع أكثر وستجعجع اكثر. وهذا يدركه بوتين جيدًا، ويعرف أن الولايات المتحدة لن تقدم على حرب خاسرة، ويعرف جبنها.
تخلفنا لم يبدأ بعد، نحن تحت الصفر تخلف. عندما يكون ميزان القوى ليس في صالحك، عليك أن لا تورط الأخرين معك، خاصة أن مجتمعك غير متصالح معك، وجيرانك ليسوا على وفاق مع توجهك، وعدوك متقدم عليك تكنولوجيًا، وعسكريًا، وإلى جانبه أقوى دول العالم. على ماذا تراهن يا حسن نصر الله، حاول أن تجنب هذا الشعب اللبناني ويلات الحرب والدمار. الخسارة محتومة، انظر كيف تمت تصفية جميع قادة الصف الأول في حزبك، ولديك مخبرين لا ضمير لهم ولا قيم ولا أخلاق. في كل معاركك مع إسرائيل كنت وحدك، بينما ذاك الجبان الرعديد خامئني ينزوي مثل الفأر في زاوية القصر يبكي خوفًا وذلا من المواجهة. لسنا في زمن المبادئ والمراجل، نحن في زمن التكنولوجيا الفائقة التطور، زمن الذكاء الصناعي، والعرب في المقعد الغائب من مقاعد التطور. اتمنى التعقل من أجل الأطفال والنساء والشيوخ، المعركة غير متكفئ، وفي النهاية ستعلن هزيمتك.
الأعمال الإبداعية هي تحليق في الحرية، في الفن والجمال، ظالمة هي الطبيعة التي تحرمه منها.
الكثير من المثقفين العرب لم يحسموا مواقفهم من العلمانية، من الواقع المعاصر، من التراث. إن المثقف شبه ضائع، نصفه في الماضي، ونصف الأخر في اللا حاضر. إنه كائن مغترب، يعيش بين بين، بين الحنين إلى الماضي الدافئ الجميل كما هو متخيل أو خيل إليه، وبين الواقع الصادم القاسي الذي يطلب منه أن يشمر عن ساعديه ويبدأ الحفر في التراث، وتفكيك المقدس لاستخلاص الحقائق، بين ما كان في الواقع، وما كان في الواقع الوهمي. إن التوفيق بين التراث والمعاصرة، مرض خطير، هو هزيمة وجودية مدمرة، هو حيرة. والحيرة أخطر الأمراض التي تصيبنا، بهذا المرض سنبقى في مكاننا، جامدين لا نعرف ماذا نفعل. الزمن لا يرحم، تحرك، لا تبق في مكانك. الوهم لا يمكن أن ينتج حضارة.
قارعنا الاستبداد بآليات استبدادية، لهذا لم نجن إلا الخواء وبسببه وصلنا إلى هنا، إلى الضياع وسلمنا أمرنا لصغار العقل والوعي والممارسة. نحتاج إلى تفكيك الدين الذي التصق في جذر عقلنا كشرقيين، ولن نتخلص منه في الزمن القريب. الكاتب والباحث والمفكر والعالم والأديب والفنان في وادي، والمجتمع في وادي لعطالة الفكر وجمود العقل. اسوأ شيء في العمل السياسي أو الثقافي هو مسايرة العوام، ومحاولة كسبهم. هذا العوام مجرد فقاعة، بالون لا قيمة له، لأنه لم يحاول أن يعطي لنفسه قيمةسياسية، بالرغم من أنه في واقع سياسي، وأنه جزء من معمعة السياسة. إن نكون سجناء ومناضلين لا يكفي، لأن الأرضية التي نحن عليها فاسدة، علينا بالعمل من الثقافة.
الإيروتيك إن لم يكن فنًا، احتفاء باللذة والانبهار به، ماذا يكون؟ ماذا يسمى؟ يرى أوكتافيو باث، أن الطقوس الإيروتيكية تعتبر اللذة غاية في حد ذاتها، أو غاية مستقلة بذاتها، وتتجسد في الفن والأدب. بمجرد وجود الشريك، هو فن، لذة، وجوده بحد ذاته لذة وفن.
العقل الديني عقل قطيعي لا يصلح للعيش في المدينة، مكانه الطبيعي في البوادي مع الغنم والماعز.
استمتع بالحوار مع الصديق عندما يكون المحاور متمكن من ادواته، من قدرته على طرح أفكاره، من تنشط التفكير، ليدفعنا للمتابعة، ومراجعة الكتب من أجل المعرفة وتطوير أنفسنا. ليس لدي الوقت لأشراح أفكاري للأخرين، لست استاذا أو جلادًا، أنا أدخل في حوار وعلى الطرف الأخر أن يكون على سوية ثقافية وفكرية وسياسية معي. لدى الكثير من الأصدقاء، في جعبتهم حزمة من الاتهامات، كما كانوا يفعلون جماعة بكداش وفيصل، دون تقديم رؤية او أفكار. مضى أكثر من سبعة أشهر، أقول أن الصراع القائم على الساحة الدولية هو صراع عالمي على امتلاك الاستراتيجية العالمية، على الهيمنة والسيطرة، ثم يدخل أحدهم أو غيره ليتهمني أنني مع بوتين. من اعطاك الحق أن تقول لي هذا الكلام؟ مين أنت، ولماذا تقبل على نفسك أن تتهمك غيرك ظلمًا، هل أنت عنصر مخابرات، هل أنت مكلف بالاتهام؟ هذا قمع رخيص وقذر، وكل واحد يضع نفسه وصيًا على الحوار أو الحديث، لن أكلف نفسي بالرد عليه، انسحب
يشعر المرء أن الجهلاء مثل القمل الي يصيب بين الرجلين. هناك جهل مطبق. هل اجتمعت الولايات المتحدة، ومعها أربعين دولة، هل هذا كرم أخلاق ومبادئ وقيم للدفاع عن أوكرانيا؟ هذا النتن بايدن، ومنذ العام ألفين كان يحلم بهذا الذي يحدث اليوم. لقد طرح وضع رؤوس نووية في أوكرانيا، في العام ألفين. جماعة الحزب الديمقراطي خبثاء، دمويين، ولا يريدون أن يقتنعوا أن امريكا عم تنحدر نحو الهاوية. تصوروا قبل سنتين طبعوا ترليونات الدولارات دون تغطية، دولة طفيلية تعيش على حساب دماء البشر، مثل القمل.
الحرب في أوكرانيا، سعرت نارها الإدارة الديمقراطية الحالية برئاسة بايدن. هذا الكلام جاء من البيت الأمريكي، أن مفاعيل الحرب سببه الولايات المتحدة. هذا تذكير للذين كانوا وما زالوا يرون في اللوحة كلها، مجرد نقطة واحدة، مثل المصاب بالتوحد. وهذا كلام الرئيس الأمريكي السابق صرح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، اليوم السبت، بأنه يتمنى أن تكون توقعاته خاطئة بشأن احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة لأن بلاده يديرها أشخاص "أغبياء" على حد وصفه. وقال: لقد كنت محقا بشأن أوكرانيا وتايوان، وآمل ألا أكون محقا بشأن الحرب العالمية الثالثة، لأن لدينا أشخاصًا أغبياء يتعاملون مع مثل هذه الملفات. وأضاف: يمكن أن ينتهي الأمر بحرب عالمية ثالثة لن تكون كأي حرب شهدناها من قبل لأن البلاد يديرها أغبياء. وتابع: ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في خطابه الأخير كلمة النووي: ما كان للحرب الروسية الأوكرانية أن تندلع لو كنت رئيسًا.
الديمقراطية، جوهرها، يحتاج إلى إعادة قراءة وتطوير، خاصة في القضايا المصيرية، أن يتضمن الديمقراطية في المؤسسات، أي دمقرطة كل المؤسسة. أي أن الآليات الذي داخلها، يحتاج إلى ضبط القضايا المصيرية كمنع الحرب، والجنوح نحو السلام، ودعم الديمقراطية في كل انحاء العالم، أن لا تقتصر على مجموعة معينة من الدول. الديمقراطية لا تستطيع ضبط الحرب أو إيقافها في عصرنا، بمعنى، أن آليات الديمقراطية، بنيتها، جوهرها لا يتضمن قضايا مصيرية كالحرب والسلام. إن الفراغ، العامل القائم في مؤسسات الدولة الديمقراطية غير فعال في كبح حركة الدولة وجنوحها نحو الصراعات العالمية القاتلة، وربما الداخلية أيضًا. اليوم عالمنا يتجه نحو الموت نتيجة رعونة وجنون القائمين على إدارة السلطة. السلطة صنم قاتل، وهذه الديمقراطية، مجرد رضيع صغير غير قادر على إدارة نفسه وعقله. طبعًا الأنظمة الاستبداية اسوأ بما لا يقارن بالدولة الديمقراطية في هذا المجال، وهذا ليس مجالنا في هذا البوست، جاء للتوضيح فقط.
كل شيء في هذه الحياة حيازة. إلى هذه الدقيقة يعيش البشر جنون الامتلاك، وكأنهم باقين بقاء الزمن. لنتذكر، الحياة ذاتها حيازة، بمجرد أن تنتهي من الشيء تستقل عنه، ويستقل عنك. الملكية، وجدت مع وجود السلطة، لهذا نرى من يملك يشعر بالسلطة، بالقوة والجبروت. الإنسان تحدى الطبيعة، غير مسارها، وحول الحيازة إلى سند قانوني، أوهم نفسه، أنه خالد. من هنا ولد المستبد الذي اعتقد ويعتقد أن الأخر لا يستطيع العيش دونه، وربما هو السبب الذي قاده إلى تآليه ذاته. الحيازة تجعل الفرد رقيقًا ناعمًا، يتعامل مع الأرض والطبيعة برفق وحب وعطاء. أما التملك، هو توحش، عنجهية، رعونة واستعلاء. لا شيء في أيدينا اطلاقًا، نحن نستخدم الأشياء لتمرير هذه الحياة للوصول إلى النهاية.
أشياء كثيرة مثيرة للاهتمام صادفتني في قرأتي الجديدة لملحمة جلجامش، للكاتب د. نائل حنون التي تشير، في الجزء الأخير من اللوح الثالث إلى أن جلجامش يقوم بإعطاء توجيهاته الخاصة بتسيير شؤون الحكم في أوروك طوال مدة غيابه، ويأمر الضباط ألا يسمحوا للشباب بالتجمع في الشارع وأن يكون القضاء في نصرة الضعفاء. هذا يذكرني بالرؤوساء العرب وتوجيهاتهم حتى لا يضل الرعاع. هذا يشير إلى أن أوروك جلجامش كان فيها مؤسسات دولة مكتملة، منظمة بالكامل، هذا يقودنا إلى طرح السؤال التالي: كيف استطاع السومريون أن يبنوا مؤسسات دولة منظمة قبل 4500 سنة من هذه اللحظة؟. وكيف لم يستطع عرب الجزيرة العربية بناء دولة قبل 1400 سنة؟ أين الغلط، وعلى من تقع المسؤولية؟
لماذا لا يتم نصر الله إلا بالوصول إلى السلطة. ما علاقة الله بالسلطة، ولماذا أغلب التيارات السياسية المؤمنة، تربط وجودها بالله والسلطة. الا يوجد مكان أخر لدخول عالم الله، في الثقافة على سبيل المثال، في الموسيقا، في الحب، الفن بأنواعه. هل يكره الجمال والفن، كالنحت والرسم والغناء والرقص. أغلب الفنون نخبوية، فيهم سحر وفتنة، ويفترض أنها تقرب البشر من الله، لأن الله من الصفوة، من الخاصة، وهؤلاء يحبون هذا النوع، أم لأن الله مجرد من الحمولات باستثناء القوة المجردة، سلطة، بالتالي يجدوا شهواتهم التسلطية فيه؟
الرجل والمرأة، كلاهما يذهبان إلى الحب بقلب فارغ من الأحلام والقناعات والرؤى والأفكار، من المضمون والشكل. يذهبان إلى الحب وكأنهما يذهبان إلى المجهول، إلى الأدغال المملوءة بالألغاز. ولا يعرفان أي شيء عنه الحب يمنحهما لذة التواصل، بيد أنهما لا يملكان ما يمنحانه أي شيء، لهذا يموت ويهوى إلى القاع السحيق ولا يستطيع العودة إلى نفسه مرة ثانية. الحب يحتاج إلى روافع وقيم وأفكار وعمق ثقافي وقناعات ومعرفة، تمنحهما قدرة على فهم الحب وفهم بعضهما للدخول فيه والسباحة في لججه العميقة. الحب ليس الجسد وحده، وليس لذة أو نشوة أو شهوة. وماذا بعد أن يستهلك وينطفأ؟ الحب يطوف فوق السماء والأرض والضباب ويحتاج إلى يد رحومة تأخذ بيده وتقوده إلى شاطئ الأمان
إن تفسير ملامح الجمال أو القبح لا تعود في الغالب إلى معايير علم الجمال، بل تعود إلى معايير اجتماعية سياسية. يشرح كارل ماركس العلاقة بين الجمال والقبح في هذا السياق من خلال الدور الذي يلعبه المال في تعويض القبح حيث يقول: “بما أن النقود تمتلك ميزة، القادرة على شراء أي شيء، فإنها تشكل الشيء الجوهري الذي يجب السعي لامتلاكه. وهكذا فإن مقدار قوة الفرد يتحدد بقدر ما يملك. وهكذا تصبح النقود العامل الأول في تحديد قدرة الفرد وليس خصائصه الفردية. لذلك تولد وظيفة النقود هذه قناعة لدى الفرد مفادها إن كنت قبيحاً فأنا أستطيع أن أحصل بنقودي على أجمل النساء. وبهذا المعنى، تحيد النقود صفة القبيح من خلال وظيفة القوة والسلطة التي تعطيها النقود”. وفي رؤية عامة لموضوعي الجمال والقبح في سياق تطور تاريخ الأفكار، ومفاهيم علم الجمال نطرح التساؤل التالي: هل يمكن اعتبار تاريخ القبح هو النظير المقابل لتاريخ الجمال؟ وهل يمكننا الاستمرار بالنظر إلى مفهوم القبح على أنه النقيض لمفهوم الجمال؟ هل يمكن أن نكتفي بهذا التعريف البسيط؟ يبدو أنه علينا أن نكون أكثر حذراً ودقة عند محاولتنا تعريف القبح أو البحث عن تاريخ له يمكن أن يعكس مسار تطوره كمفهوم في الحضارة الإنسانية. وربما علينا إعادة التفكير فيما تقدمه لنا الساحرات في مسرحية شكسبير “ماكبث” من أفكار عن تلك العلاقة الغامضة والمعقدة بين الجمال والقبح. أمبرتو إيكو: ناقد ومفكر عالمي وروائي معروف في مجال علم الدلالة وعلم الجمال
الحب هو الدافع الأول وراء الذاكرة المشتعلة المتألقة، وعندما يمشي الحبيبان على الأرض، تنهض هذه الأخيرة من غفوتها وترتعش لهما فرحًا وسعادة. الحب هو الرعشة الخالدة الكامن في النفس البريئة
كيف تريدون منه أن لا يصاب بجنون العظمة والإله بذات نفسه كلفه بنشر رسالته. هذا أنا، أنت، نحن، هم، المصابون بهذا الجنون من الرأس إلى شروش القدم. كيف تريدون من الغنوشي أن يستقيل من حركة النهضة، والرجل لم يبق في منصبه رئيسًا لها سوى مدة خمسين سنة فقط. إنه ما زال في ريعان الصبا فعمره لم يتجاوز الثمانين سنة فقط وهو في بداية المشوار. وإذا فرضت عليه الاستقالة فرضًا، سيحاول هذا الديناصور أن يضع بديلًا عنه، لقلوقًا على مقاسه، يأتمر بأمره. وكيف يستقل الإله من منصبه، هذا محال، لأن الكون سيتوقف عن الدوران وسيغيب النهار والليل، وستبرد الشمس، وتتوقف، ولن تذهب إلى مستقرها. ولن تسبح النجوم والكواكب في الفضاء. الغنوشي ليس ظاهرة فريدة في تاريخنا أو حالة خاصة، فأغلب القيادات وأولادهم وعائلاتهم لا يرحلوا الا بسيف الموت أو بالحذاء فوق رقابهم. الثقافة التي أنتجت الإله المخصي، هي ذاتها المنتجة لهذه الجراثيم العالقة في مؤخرتنا.
هناك كلمات أو كلمة واحدة تأتيك كالصاعقة، تغير مزاجك ومفاهيمك للحياة ورؤيتك لنفسك والآخر. كلمة ترفعك إلى عنان السماء وأخرى تهبط بك إلى قاع الوديان العميقة. تلعب هذه الكلمة في مشاعرك وأحاسيسك في روحك وقلبك وتغير مجرى حياتك سلبًا أو إيجابًا. احيانًا هذه الكلمة تغنيك عن كل ما تعلمته أو قاسيت من أجله. واحيانا تتمنى أنك لم تسمعه. نحن مصنوعون من كلمات، هي ممر للحب وربما للموت.
من أوراق السجن ماذا تفعل عندما يطاردك العشق، عندما يغزوك وجه أمرأة طيفها من خيال ممزوج بقطرات الدم، يداهمك، يفترسك يمزق أنسجة لحمك وعظامك؟ ماذا تفعل بهذا الهياج الذي ينتشل روحك من جسدك ويقذفها في الهواء العابر؟ ماذا تقول لقلبك عندما يغرز سكين الشوق في كبدك ويدخل في احشاءك ويجعلك سكراناً دائخاً طوال الوقت؟ هل جربت مرارة القذى والفراق؟ هل خانتك امرأة، وتاهت مع خيول الريح ومضت فوق سروج البرق والضباب؟ ماذا تقول لهذا الوجد الذي ينمو في أوتار قلبك؟ وهذه الدماء.. الدماء النقية الحارة المشتعلة ليلًا نهارًا في ذراري يومك؟ ماذا تفعل في الليالي الشتائية الباردة عندما يحاصرك ظل أمرأة، وجهها الجميل مغسول بدوالي الندى؟ وبالصباحات الربيعية المنعشة. ماذا تفعل بهذا البريق الآسر، بهذا الجمال المنساب من جفنيها وقامتها المضببة بالسنابل.. ووو.. وردها وزهرها الجميل فوق وساداتك المصنوعة من دموع تلونك وتفتح قلبك لمجاري الأحزان؟ ماذا تفعل بالزفرات الحارة عندما يقرع خيالها بابك؟ وتدفعك وتقول لك أنا عاشقتك. ماذا تفعل بحرارة أنفاسك وخدرك؟ لمن تقول وجدك؟ هل تقولها للجدران الخائبة، للحيطان الرمادية العجوز؟ هل تقولها للاختزانات التي ثملت من زفراتك؟ وبعد جهد طويل عاد ليقول: كنت وما زلت عاشقاً ولهانًا. قلبي يصدح بالحب. ولد حبنا في غابات الورد والياسمين. تعارفنا وتحدينا القدر. تحدينا إرادة الأهل والأصدقاء وسرنا إلى الحياة. والحب هو الحياة. كان لنا بذرة في فجر تفتح علاقتنا، بيد أني لا أعرف إن كان طفلًا أو طفلة، أو ليس مهماً أن أعرف أو أدري! لكنه ولدي مفروشاً فوق جنائن الحياة. عندما اعتقلت كان ولدي نخلة أو نسمة تقرع في صدر هذا الكون الجميل. نسمة قادمة على قوارب الطوفان والماء. عندما ولد فلذة كبدي كنت في الزنزانة أحلم به وأحلم وأحلم. واختزن جمال الوجود وعذوبته بها أو به، بوجهها أو وجهه البريء الذي يتواصل مع بريق الأفق. إن أضمها أو أضمه. كان ولدي مباركاً من القدر. وجاء على أوراق الورد، السوسن والآس والياسمين. وكان لعبتي في تزجية الوقت وتقطيع المسافات الزمنية الطويلة وراء الجدران المغلقة. سنة وراء سنة والأيام تدور وتدور وتقطع بعضها وأنا انتظر. ما أقسى أن تكون عاشقاً خلف القضبان، مهرتك وورد قلبك محاصر في غابة من الأشوك. عشرة أعوام مضت، تمزق خلال ذلك صلصال ذاكرتي وأنا أعيد الأشياء الحلوة والمرة كل يوم ودقيقة وثانية. السجين يعيش في الماضي كالنجم البعيد. زفر بحرارة. ومج الدخان من سيكارته: ـ لقد توقف الزمن عند ملامحها الأخيرة. وقال: ـ هل صفاء التي أعرفها ما زالت كما كانت أم تغيرت كما تتغير مجرى الأنهار الكبيرة عندما تبدل مواضعها أو أماكن جذورها ومتكئ حلمها وشجيرات قامتها. ويعود ليحرك ذيل الزمن: هل صفاء الجميلة العاشقة بقيت كذلك؟ أم تغيرت كثيرًا؟ ومضى يسترسل: ماذا تغير بها؟ هل تغير لون وجهها، شعرها، لون عينيها، وداعتها، حبها، أم أن التيار الجارف قذفها إلى جوفه وسارت مع أفراس الماء وجدائل الليل؟ هكذا لونت ذاكرته أشياء ضاغطة كالكوابيس الليليلة المفزعة. وكان شاحبًا وفي مواضع الوحشة وفي عالم متنقل ودائم الجريان. لكن ماذا تبقى منها الأن؟ وراح يهذر ويتوه: لماذا تلتقط الذاكرة الجرباء الصور الثابتة والجامدة والميتة ما دام كل شيء يهيم على وجهه ويركض دون أستئذان أو توقف. كان في جوف الزنزانة العجوز. السلطانة المتربعة على عرش الزمن تحت خيمة الحياة الواسعة. الهواء الطلق يعبر الأسوار قبل ولادة الزمن الأحدب. حلم بانتقال الحلم من موضع لموضع. وها هو يحب أن يخلد الزمن عند لقاءه بها. ولا يريده أن يرحل أبدًا. إن يبقى معلقاً على الحبل. يراقب السلاسل وهي تداعب يديه ويتكئ على جلدها الصلب وينام. جميعنا الأن بعيدون عن الحياة وإيقاعها نمشي على الامتداد الرخو للفراغ، نعمل على استعادة الدوران الأحمق تحت تسارع عجلة الوقت. تحت ثقل سيزيف الذاكرة الطافية على ضفاف المدن والضباب. تتراءى لنا الانعطافات المنسية الحادة من القديم القديم. طوال الوقت يسرح كيف التقيا تحت ظلال أشجار الكينا والزيتون والتين والتفاح ودوالي الكروم المسترخية على ضفاف النهر القريب من بيتهما. هناك تحابا وتعانقا أول عناق وقبلا بعضهما أول قبلة. ولعبا وشربا وركضا بين بساتين الشمام ودوار الشمس واليقطين. وناما في حضن الماء وتعّرا واكتشفا أسرار بعضهما البعض. جسدها الجميل مشلوح في سقف السماء طار إليها على جناح شالها الأبيض لإبى أن عانقها. كان منتصب القامة أمام قامتها كالوتد فاتحًا ذراعيه ليحملها كفراشة ملونة ينقلها فوق الأزهار المتنوعة. وحقول القمح والشعير وعباد الشمس يرقصون لهما. وكانت صفاء الأرض والخابور متكئين على الأفق كقدر وحقيقة. يسترخيا هناك من أزمان بعيدة بعيدة. من ملايين السنين. الخريف يعوي ويزعق ببلاهة فوق لون الجدران الرمادية الداكنة. غيومه مرمية هناك فوق الطبقات. وغيم يركض وراء غيمة ككلب شارد سارحًا في الشوارع والأزقة بعد منتصف الليل. ناداها في منتصف الليل: ـ صفاء أيتها النبتة اليانعة الخضرة الدائمة. أيتها الشابة الجميلة، الرقيقة كالماء الصافي، أما زال جسدك الأبيض الغض ممزق ودمك يغطي الحيطان والفرش والأغطية. وعلى الأرض والستائر. وكان هذا آخر مشهد يربطه بصفاء والجنين، وبه. الحيطان السوداء تلفه وتلفه. صورة صفاء وجمالها لم تفارق عقله وقلبه وعينيه. ينظر إلى الزنزانة كقدر عاطل، كعار وقزم. المدن نائمة تحت هواء القلق والمزاج العصبي الملفوف بلون الليل لهذا الزمن الأبلق، النحس. هناك على مبعدة . البحر يفتت حصاه، يمارس هذيانه الدائم. القلق يخنق صراخه ويخمده كالمد الضائع والبرق. تنبهق صورة صفاء من وراء تلال الشمس، من الوهاد والتراب. من البوادي المفتوحة على أكوام من التلال. ومن تدفقات الريح والبرد والأسرار المسكونة بالنوارس الغافلة المرفرفة فوق أعالي السماء، المزنرة بضجيج الدهشة الخرساء . وكان محاصراً عاجزاً يلفحه البرد من الداخل والخارج مسكونا بصفاء، بتلك اللحظات المجنونة الهاربة فوق المرافئ الصامتة والمزاج الهش . عشرة أعوام مضت كالنجوم الهاربة. كالسراب. كأسراب الخفافيش. كالحزن الملفوف بالدهشة، ملفوفاً بالجدران والعطالة والعطن. لا يعرف عن مصير صفاء وجنينهم. ولا يعرف أخبارهم. وبقي الزمن جاثيا عند تلك اللحظات. لا شيء يروي غليله سوى بلع الهواء والريح، متمعناً فيه، في خيال الفراغ العابر للحدود. ونار كاوية مختونة في قلبه وروحه تتأجج. منذ ذلك الوقت والتأريخ يأخذ مجرى أخر. ويحفر أخاديد عميقة في وجدانه. كان يسبح على سحابة كبيرة متنقلا، يفكر راميا ببصره فوق المدى القلق. وعلى نار التوجس. تتراءى له صفاء بعينيها الواسعتين، بنظراتها الجميلة المصوبة إليه، وقسمات تعابيرها الآسرة لقلبه. تكبر أمامه كأرض بيضاء دائمة الاخضرار، كحلم مخضب بالتألق. وبوجهها الناعم الأبيض الجميل. وقامتها الطويلة الممشوقة وطفله المرفرف فوق رائحة البوادي العذبة وينابيع المياه الصافية وازرقاق البحر. رسمه كصفصافة، كشجرة زيزفون، كرائحة عطر ربيعي متناثر فوق شرائح الكون. يضع كفه الطليقة على وجهه ويحميها من صوت الرعد والمطر ويمسح قطرات الدموع المترقرقة من عينيه. يحرك أصبعه مع حركة الريح. يرسم كما يشاء طفل متعدد الملامح والاوصاف المختلفة. يهجس فيقول مرات كثيرة بنت ومرات آخرى يعود لينقل الاحتمال على المطرح الأخر.. ولد. يركب له أسماء وألوان. أبيض أو أسمر، حنطي أو أصفر. يغسل عينيه بماء المطر وببقايا دموعه المالحة يلونهما ويتساءل: ـ ماذ يفعل الان؟ هل كبر أم مازال كما ولد صغيرًا غير متأقلم مع نمو الوقت؟ حي أم ميت؟ هل هو مثل بقية الأولاد يأكل كما يأكلون وينام كما ينامون؟ هل يذهب إلى المدرسة؟ مجتهد أو متخلف عقليا؟ وسيم أم بشع؟ يتعلم بسرعة أم لا يفقه شيئًا؟ أين هما الأن؟ وثبت الروح من مكانها ناهضة كزرقة شفافة . فرشهما على مائدة قلبه، شهق نبرات صوتهما وتشممه. ومضى في تساءل أحمق مميت: إن كان ما يفعله أو يعمل من أجله فيه حب للذات وأنانية مفرطة، أن يتركهما وحيدين أسرى الحرمان والخوف والوحدة والفراغ تحت وقع اصوات عواء الذئاب تأكل لحمهم وروحهم. ويمضي في كوي نيران صدره. يقول للمطر البارد والسماء السوداء: من يطعمهما ويعتني بهما؟ ويهتم بهما في هذه الاصقاع الباردة والمفوتة من طقوس العالم؟ ويسرح في مضغ الليل: بالتاكيد أنهما مشردان على قارعة الطريق يتسولا لقمة الخبز والأمان الضائع! ومضى يتساءل بارتباك: من يحميهم ويقدم لهم يد المساعدة في هذه الخطوات الثقيلة من الحياة. صفاء الوجدان والروح الظمآنة والجسد الدافئ البديع والعينان الخجولتان المرحتان التي تمده بسبل البقاء على قيد الحياة. ضحكتها ووجهها الغجري ومزاجها التلقائي مدعاة للفرح. إنه يشبه الأرض الحنونة. نفس الملامح والقسمات. صدى صوتها يملأ أرجاء الكون تغريدا. وهو المغموس بها. في دفق البرق المنساب من عينها إلى حدود التلاشي. جريمته أو جريمتها إنهما أحبا بعضهما في هذه الأزمان الصعبة. عشقا البر والبحر والنهر والسهل والسماء المشمسة. كان رضوان متلهفا لإعادة التساوق في العلاقة مع صفاء. هائما وهائجا. يجري ويجري. يفكر على نحو غريب، يترك لنفسه الحرية في استعادة صورتها الآخاذة وإعادة مزجها وجدلها بلون الطيور المرفرفة في السماء، لكي يشبع من المشهد المتحاور مع الصدى. شيء واحد كان في ذاكرته: صورتها الثابتة أمام عينيه وهي تضرب وتذل من قبل العسكر. صورة يصعب وصفها. ويمضي السؤال يشغله ويقطع قلبه: ـ ترى أين صفاء الأن؟ ينظر إلى البعيد، إلى الطريق المتعرج الطويل الممتد إلى اللانهاية. يقذف الحصى الصغيرة المتوثبة والتراب الرخو. يحلم يمعن النظر في الأثير المفتوح والأجواء المتقلبة للريح الهوجاء والصمت الأخرس تحت وقع صراخ حراس الليل وصليل السلاسل ودفع الخطوات الثقيلة. تمنى أن يكون في زمنًا ليس من هذه الأزمان، وكوكب آخر وحلم بلا أسوار وقيود. صراع يتأجج في داخله. يده بيد بصفاء يهربان إلى حلم لم يلد. وحلم لا وصف له. ومفتوح الاحتمالات غير محدد بشروط وقواعد. ويتابع غفوته وغربته فتتدافع الإشارات المركبة تنوح فوق المروج الخضراء الرحبة: كل حلم له زمن ومذنبات ومراكب ضوئية ترتقي وتغفو. وتأخذه المستويات المنضضة إلى روحها ليبقى مع صفاءه طوال العمر. ومضى في اللوعة والحسرة: رغم الزمن الطويل والقطيعة السكونية لم تبرح صورتها خياله. وعندما تسترجع وتتجلى في حضرة الكون، تكون الجمال المنساب من وجهها وجسدها هو الشيء المتبقي. وعاد للالتفات مغتربًا داخل داخله ويمعن في تمزيق صلصال كيانه: ـ ما ذنب صفاء الجميلة الحلوة. بكل ما حدث ويحدث. لماذا تتغرب وتتعرض للأذى النفسي والجسدي ويتعرض جنينها البريء للحرمان قبل أن يلد ويرى النور. الدم الحار يحيط به ويطوقه ويلتف حوله ككرة ملفوحًا بنوبات من الكآبة المتموجة تنزلق أمامه مسرعة، تتشكل من تدفقات متنوعة تصل إلى حدود الموت. أرخى جدائل الحزن في كفيه وفردهما وفرشهما في الهواء. وركب الزمن القدري الاجباري تاركًا وجهه يلتصق بحافة الجدران من الجهات الأربعة، منحني الجدع مائلا بمراراة، قال لنفسه : كيف يمكن ترميم النفس من ادران السنوات المرة وتجفيف تصدعاتها والاستعداد لقبول الظرف القادم الذي سيكون بالتأكيد أقسى واصعب. وأضاف بمرارة: ما دام الزمن الطحلبي ذو اللون النهدي الضارب للصفرة ينساب مثل ماء السبخات في الأماكن الهشة والرخوة دون توقف. ودائم الحركة والدوران لا يقف عند منحدر أو انحناء ويتمايل ويتماوج ويتابع بنفس سيره بنفس الوتيرة بعد أن يراكم في أداخله الكثير من الويلات والمصائب. يجري تحت الأنفاق والأعماق وعلى مرمى النظر. يأخذ الحكايات القديمة والأكثر قربا بعد أن يصرها ويرميها في قعر ذاته المفتوحة. ينحدر دون انذار، يفرغ زواته عند أقرب التفاتة ويتمايل يمنى ويسرى، ويتابع كطوفان أجرب دون رادع أو هدف محدد. وتابع يعزف سيمفونيته ذلك المشهد المتبدل الألوان والأشكال فمرة داكنة ومرة مشرقة. وأشياء كثيرة تلمع وتتوارى. يبان بعضها ويختفي في ذهنه وتزداد صورة المرارة والألم اتساعا في قلبه. تتصارع وتتباره في داخله. ويريد أن يعرف أين موضع صفاء الأن؟ أراضيها؟ هواءها وينابيع مشارب ماءها؟ لقد حفظت ذاكرته صورًا عنها لكن بالتاكيد انسابت مع الزمن وتحولت إلى ارتدادات واشكال مختلفة. ومضى يقول: ولإن الزمن دودة عرجاء أو أفعى ملتوية ومتمايلة تسير بشكل انسيابي، فإن الصور أيضا تكون متحركة وبالتالي الملامح والهيئة واللون والقسمات والمواقف والأفكار والأحلام والقيم. قطرات المطر تتجمع وتتكاثف وتتحول إلى كتل كبيرة مفككة. والاسئلة الغامضة المبددة تتجمع وتخرج من غرفها المظلمة بنزق مع كل لوعة وشوق. بعد غياب طويل.. طويل جاءته صفاء مع فتاة صغيرة عمرها عشرة أعوام. كانت تنظر حولها يمنى ويسرى. تبحث عن وجهه بين الوجوه. عن وجه يشبه قسماتها. تقول بين الفينة والأخرى أين والدي؟ بابا؟ فتاة في الصف الرابع، تلبس ثياباً بلون المطر والحشيش. وقفت الوجوه تراقب بعضها بصمت وتحفز. الدموع المدرارة تنساب بحسرة وألم على الخدود. كان وجه سناء الطفلة الصغيرة مدوراً، عيناها بلون الكحل والفرح. قالت صفاء: ـ لقد غيرنا الزمن كثيراً. أنا لم أبق أنا وأنت لم تبق أنت. عشرة أعوام من الحسرة والألم والفراق لا يمكن للزمن أن يرممه. ـ لم اتغير. أنا كما أنا ما زلت أحبك. أنت شجرة عمري وحياتي. ـ زمني متحرك، سريع، دائري، أما أنت فزمنك قزم، عاجز أو لنقل واقف في مكانه. أريد منك أن تطلق سراحي فما بيننا من مسافة وزمن لا يمكن أن ترممه الأيام القادمة. وأردفت: قلبي مسكون في رجل آخر، له نسغ أخر ومجرى أخر يحط في جوفي.إنها إغراءات الحياة وشهوة البقاء. إنه النداء الذي في داخل كل كائن. كلانا اختار طريقه وسار به. لم أطق الفراق والحرمان في الليالي الباردة. انتظرتك طويلاً لكنك كنت بعيدًا، العيون وشهواتها أكلتني واطبقت على لحمي. بيننا قضبان وحواجز. وابنتنا تريد أباً إلى جانبهاً. أريد أن أكرر لك أنها أرادة الحياة واستمرارها. نظر إليها، إلى وجهها لم تتركه يفرح بزمنه بابنته. وقبل أن ينطق بكلمة آخرى جاء صوت من بعيد، رفعا رأسيهما إلى المكان الذي خرج منه الصوت فشاهدا الجلاد بسوطه يضحك، قال: أنا باق معكما دائمًا
البعض منا, وفينا, يريد أن يقلد تجربة إسرائيل في التمدد على الأرض التي نعيش عليها معًا. يدعي أنه مضطهد ومظلوم من التمييز العنصري ليمارس التمييز نفسه. يترفع عن الخوض في شؤون بلده الذي يعيش عليه ليعوم نفسه, كقضية خاصة, رفيعة لا صلة لها بالمكان. نسوا أو تناسوا, أنهم جزء أساس من الناس في البلد وأن من يريدون دق بابه من أجل الأعتراف بهم لا يعنيهم على الأطلاق. فمن تبنى اسرائيل لم يكن حبا باليهود أو قضية اليهود, أنما ليكونوا مجرد أدوات, أحجار بيدق على رقعة الشطرنج العالمية. وليتذكر الجميع أننا واحد, مجرد فضلات, في الحسابات السياسية الاستراتيجية لصناع القرار: مجرد شرقيين, متخلفين, أسيويين, مقرفين, همجين لا نستحق الحياة. ومشروع تخلف وخراب ودمار. أتمنى أن يقف الجميع مع أنفسهم, أن يروا عدوهم الحقيقي, السلطة ومن يدعمها من وراء البحار.
و أنت يا آرام ..أيها المثقف الأصيل الذي لا يقف عند حدود ثقافته و يسعى دائما الى التجديد و البحث المستمر مستفيدا من عصارة تجربته السياسية و ثقافته الانسانية ..انت الذي لم تقف عند حدود قومية و لا رضيت أن تكون ناطقا باسم دين أو مذهب ..و لا ممثلا لكنيسة أو جامع ..نفيت إلى الغرب و جربت الحياة و تذوقت من حداثتها و عاصرت تجارب قرأت عنها لمفكريها و منظريها ..لم تغرك مظاهرها و لم تشوش على منهجك النقدي مظاهر ابهرت كثير من المثقفين فتنصلوا لشعوبهم و هرعوا يتملقون دوائر الحكم و صناع القرار في الغرب ..فتارة تراهم يركبون موجة إعلامه و تارة يرتدون غلى مواقعهم الماضوية البائسة و مهما كانت الاسباب و مهما كان حجم القمع و الظلم الذي لاقوه و عانوه في بلدانهم ، فإن هذا لا يترك مجالا للتبرير الكاذب و خلق الذرائع لمزيد من ادانة شعوبهم و اتهامها بما ليس فيها ...تحية لك و اتمنى ان نبقى نتذوق من فاكهتك و تبقى معنا في جانب الشعوب ..الموقع الذي كنت تنحاز اليه دائما
هناك من يقول بالدولة الإسلامية. هذا المفهوم، مظلل، يأخذه البسطاء، السذج على عواهنه. وهناك المصفقون لها، لهذه الدولة الوهم، دون معرفة. الدولة الإسلامية اذا وجدت، ستعمل ضمن آليات، وشروط النظام الراسمالي. ضمن قوانينه، وعلاقاته المتشعبة، وستخضع له غصبا عنها. إن النظام واقع موضوعي، واقعي وعملي، يطحن كل من يحاول أن يجير الواقع لمصلحته. أنا شخصيًا أحزن عندما أرى هذا الكم الهائل من الضحايا، سواء القاتل أو المقتول، لهذه البدعة المسماة دولة اسلامية. وكأنهم يوهموننا إننا خارج النظام والحداثة والعصر. ويستطيعون أن يبنوا لأنفسهم عالمًا على مقاسهم. مصيتنا مع أبو حمود مصيبة كبيرة، هذا شأن أخر، ربما أقوله في زمن أخر، عندما ينضج الماء.
الأشرار هم الذين يحركون التاريخ، أما نحن، لسنا سوى صدى امزجتهم وظلمهم وحساباتهم تصوروا هذا التاريخ، ومدى وسع بشاعته، وقسوة هذه الحياة، وهذه اللا سعادة التي نحياها
ايضا الحرية تحتاج إلى رؤية واضحة لتنطلق, ليس من السياسي والاقتصادي والاجتماعي فقط ولكن بالفلسفي ايضا
النظام الدولي, الرأسمالي, مريض, مرضه مزمن, لا يرتاح او يهدأ له بال الا اذا أدخل الجميع في العناية المشددة ليصبح مثله
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس فكرية وأدبية ــ 300 ــ
-
هواجس وتأملات 298
-
هواجس فكرية ــ 298 ــ
-
هواجس عامة ــ 297 ــ
-
هواجس من كل حدب وصوب 296
-
هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ــ 295 ــ
-
هواجس إنسانية وسياسية 294
-
هواجس سياسية وفكرية ــ 293
-
هواجس اجتماعية 292
-
هواجس أدبية وثقافية 291
-
هواجس عامة ــ 290 ــ
-
هواجس عامة 289
-
هواجس ثقافية وأدبية وفكرية ــ 288 ــ
-
هواجس ثقافية 287
-
هواجس ثقافية وسياسية وفكرية 286
-
هواجس ثقافية وإنسانية ــ 285 ــ
-
هواجس وجودية 284
-
هواجس ثقافية وفكرية ــ 283 ــ
-
هواجس ثقافية 282
-
هواجس ثقافية أدبية فكرية ــ 281 ــ
المزيد.....
-
فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
-
بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي-
...
-
نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
-
مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م
...
-
رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
-
وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث
...
-
وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|