أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - نتفنيد أكاذيب الصهيونية واختلاقاتها















المزيد.....



نتفنيد أكاذيب الصهيونية واختلاقاتها


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 8111 - 2024 / 9 / 25 - 20:11
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


"بانتظام قوبلت جهود المقاومة الفلسطينية السلمية بمجازر. عام 1976، أرتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة بحق الفلسطينيين المتظاهرين احتجاجا على المزيد من سرقة الأراضي الفلسطينية على يد القوات الإسرائيلية. أصبح هذا اليوم معروفًا بيوم الأرض، وهو أحد الأيام العديدة في أي تقويم فلسطيني يتميز بمجزرة "، يقول ديفيد روفيكس ، في سياق تفنيده لافتراءات الصهاينة . روفيكس يهودي مناهض للصهيونية يعيش في الولايات المتحدة ، اشتهر بنظم الأعاني وإجراء المقابلات الصحفية ، وقدم مداخلته على شكل سؤال وجواب.


حكومة الولايات المتحدة تخوض في دماء البشر في جميع أنحاء العالم، وهي متورطة في العديد من الحروب، تزيد شراستها بحيث تبيد اكبر عدد ممكن من البشر ، وما كان لها (الحرب)ان تقوم من حيث الأساس. الولايات المتحدة هي أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، ولديها أكبر ميزانية عسكرية في العالم - حتى الآن – وبالطبع حتى الآن أكبر داعم لإسرائيل على الإطلاق، حيث تقوم باستمرار بتحويل أموال الضرائب الأمريكية إلى مساعدات عسكرية، وهي ليست قروضًا، ولكنها الطائرات المقاتلة الأكثر تقدمًا في العالم، وطائرات الهليكوبتر الحربية، والأسلحة الكيميائية غير القانونية المفترضة، وما إلى ذلك.
هناك الكثير من الحروب الرهيبة الأخرى، والمجاعات، والأراضي القاحلة بيئيا، وغيرها من المآسي الإقليمية والعالمية التي تتحمل اوزارها حكومة الولايات المتحدة والشركات الأمريكية. غير ان ما يشفل العالم من أخبار – و تؤرق حيوات الملايين من البشر هي الأحداث المتعلقة بإسرائيل وفلسطين، وعلى وجه الخصوص، غزة. كمية المعلومات المضللة التي ينقلها الأثير عن الصحافة الناطقة باللغة الإنجليزية تصدم كل إنسان يدري اي نوع من الأطواق الفكرية يتقافز عبرها هؤلاء ، ... والتلاعب بالكلمات التي تنطلق من أفواههم في خطبهم ، كل ثانية وأخرى، يتعمدون تهريب الحقيقة المروعة، وهذا ما صدر عن السفير دينيس روس هذا الصباج من المنبر الإذاعي NPR
إذن فيما يلي عينة صغيرة من الوقائع ترد على شكل أسئلة وأجوبة، للمساعدة في تحصينك من تسونامي المعلومات المضللة التي تواجهها حاليًا، إذا كنت ممن يتحدثون باللغة الإنجليزية، ويقراون الأخبار ببالانجليزية .

ولكن أليس من الصعوبة بمكان فهم الأضاليل ؟
لا. إذا سلكت وسط الأعشاب الضارة لأي شيء تلاقي الكثير من التعقيد؛ اما لدى الرجوع فستجد كل شيء بسيطا ، غالبًا ما تكون الأمور بسيطة جدًا. قد يحدث ان ننشغل جميعنا الى ما لا نهاية بالتفاصيل كيف يسلك الناس بشكل أفضل إزاء كل ما له صلة بالديانة والجندر والقومية والعرقية والمنظومات اللغوية ، والتوجه الجنسي، وما إلى ذلك، فإن الحالة الجوهرية هنا لا صلة لها بأي من هذه الأمور . .
الفلسطينيون هم الشعب الأصلي بفلسطين؛ والشعب الفلسطيني يتبع مختلف العقائد الدينية ، بالممارسة ام بدونها، تضم المسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم.
شريحة صغيرة من مواطني الدولة الصهيونية هذه الأيام هم من اليهود الفلسطينيين؛ والغالبية العظمى من اليهود الإسرائيليين هم مستعمرون أو أبناء أو أحفاد مستعمرين قدموا من أوروبا أو أمريكا الشمالية.

لكن أليس اليهود في الأصل هم ما يعرف الآن بإسرائيل؟
جميعنا في الأصل من أفريقيا، لذا إذا ما رجعنا الى حقبة زمنية بعيدة ، يمكن تقديم مطالبة طيبة بقطعة من الأرض الإفريقية، ألا تعتقد ذلك؟
تعرض المسيحيون كذلك لاضطهاد الرومان. كان بوسع المسيحيين – وقد فعلوا ذلك – متوسلين نفس الأمر لاستعمار أجزاء أخرى من العالم. في الأساس ليس أكثر من مجرد اللجوء الى مبرر أسطوري للاستيلاء على أراضي شعب آخر. إذا نظرت إلى خرافات الخلق التي يتوسل بها المستعمرون في جميع أنحاء العالم، فستجد نفس النوع من الهراء، بما في ذلك في نيوزيلندا (البعض يحب استثناء نيوزيلندا من نادي الدول الاستعمارية الاستيطانية الكليبتوقراطية - فهي ليست مستثناه ، ولديها جمهور نزلاء السجن برهانا ) .

تقول أن اليهود الذين استوطنوا فلسطين وأعلنوا دولة إسرائيل هم مستعمرون؟ لكنهم كانوا مهاجرين مضطهدين ولاجئين ، أليسوا كذلك؟
نعم. وهذا ينطبق على المستعمرين في جميع أنحاء العالم، طوال تاريخ الاستعمار. نادراً ما يكون المستعمرون "زبدة الجموع". الأثرياء والمرتاحون لا يميلون لمغادرة البيت؛ اليائسون هم الذين يرحلون، أولئك معظم من جاء الى الولايات المتحدة . على النقيض من كل الأساطير التي نشأتم تتشربونها حول الرواد والمغامرين، فإن معظم الأوروبيين الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة - أي المهاجرين البيض الذين سُمح لهم بالمجيء إلى هنا - كانوا في الواقع لاجئين. المتحدثون بالألمانية يفرون من الحروب بين فرنسا وبروسيا، والأوروبيون الشرقيون يفرون من الحروب والتجنيد لأجل غير مسمى، واليهود يفرون من الفظائع المروعة ، على رأسها المجازر وغيرها من أشكال اللاسامية (لها مؤسساتها أوعشوائية تندلع في الشوارع)، والأيرلنديون هربوا من الاضطهاد الاستعماري ومن المجاعات ، وغيرهم على هذه الشاكلة.
الأوروبيون الذين استعمروا الولايات المتحدة فعلوا نفس الشيء إلى حد كبير من خلال عملية استخدمت العصا والجزرة. استطاع البيض الهجرة ، لكن كان عليهم أن يحملوا السلاح، وينضموا إلى الميليشيات، وأن يكونوا مستعدين لقتل الهنود واعتقال الأفارقة المستعبدين الذين فروا من الأسياد. كان بإمكان البيض امتلاك الأراضي، ولكن فقط إذا حملوا البنادق وتوجهوا غربا، وسرقوا الأرض من السكان الأصليين، ودافعوا عنها بعد ذلك.
وفي إسرائيل نفس الأمر ، مع استبدل كلمة "أبيض" بكلمة "يهودي" وكلمة "هندي" بكلمة "فلسطيني". المستعمرون البيض اليهود القادمون من أوربا كانوا في الغالب الأعم لا جئين ومهاجرين في نفس الوقت. هربوا من المجازر المذكورة أعلاه في عصر بداية الحركة الصهيونية ، تسعينات القرن التاسع عشر ؛ ثم في اعقاب الحرب العالمية الأولى. كانوا يهربون مما كان واضجا القارة خطيرة للغاية، حيث كان النظام الفاشي قد وصل للتو، وساد لسنوات ، وقتل عشرات ملايين البشر، من بينهم ملايين الأوروبيين من أصل يهودي، فقط لكونهم من أصل يهودي. باختصار، كان المستعمرون اليهود الأوروبيون يفرون مما كان - وما زال حتى يومنا هذا - أفظع مذبحة جماعية للبشر شهدها العالم على الإطلاق (أوروبا التي يحكمها النازيون).

لماذا لم يذهب اليهود اللاجئون الى مكان آخر ، حيث قد يكونون موضع ترحيب أكبر؟
خلافاً لما هو عليه الحال اليوم، في الأربعينيات وقبل ذلك بقرون، كانت اللاسامية ظاهرة حقيقية تسفر عن قتل بالجملة. والأسوأ ، حتى ثلاثينيات القرن العشرين، لم تكن بالتأكيد في ألمانيا، مؤكد أن التغير حدث بعد وصول هتلر إلى السلطة. إذن ما من أحد يريد اليهود في الأساس. كان اليهود يحاولون الخروج من أخطر الأماكن، مثل ألمانيا أو البلدان التي بدا من المرجح أن تخضع لسيطرة ألمانيا قريبًا، في ثلاثينيات القرن العشرين؛ لكنهم - أقاربي، في حالات معينة- عاشوا بعيدا في أماكن مثل الولايات المتحدة، كندا وكوبا يخضعون لقوانين شرعت خصيصًا للتمييز ضد اليهود وغيرهم من الأوروبيين الشرقيين.
بالولايات المتحدة واجه القادمون من أوروبا الشرقية والجنوبية تمييزاً رسمياً رهيبا. تقول الحكمة الشعبية أن معظم مثيري الشغب (معظمهم من الفوضويين والاشتراكيين) قدموا من ذلك الجزء من أوروبا، وليسوا مثل المهاجرين المهذبين والطيعين الوافدين من شمال وغرب أوروبا . بالنتيجة لهذه القوانين التمييزية - التي لم تلغ إلا عام 1944 - لم يتمكن اليهود الذين يحاولون الخروج من أوروبا من القدوم إلى بريطانيا أو أمريكا الشمالية؛ هرب الكثيرون منهم إلى بلدان تستقبلهم بترحاب، مثل فلسطين.

فلسطين؟ هل كانت تلك دولة؟
نعم ولا، فما نطلق عليه بلد في عصر الدول القومية يختلف قليلاً عن أسلوب إدراك هذه الأمور من قبل. كانت فلسطين، ولم تزل، إقليما وشعبًا يتميز بتقاليد ثقافية خاصة، ويتواجد داخل منطقة تقاليدها المشتركة اكثر. عندما نستخدم مصطلح "بلد" هذه الأيام، فإننا بصورة رئيسة نقصد الحكم. بذا ، بهذا المعنى، كانت فلسطين ذات سيادة بدرجات متفاوتة، تتوقف على الحقبة، اكانت القدس دولة مدينية بالأساس ، أو تخضع للسيطرة الرومانية أو العثمانية أو الصليبية أو البريطانية.
بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، اقتسمت القوى الأوروبية المنتصرة الجزء الأعظم من العالم، والذي كان بحد ذاته جميعه إمبراطوريات. كانت الحرب، في الواقع، حربًا من أجل الإمبراطورية، وخضعت فلسطين للسيطرة البريطانية. كان البريطانيون قوة احتلال شجعت الهجرة اليهودية الى فلسطين، وساندتهم في ذلك القوى الأوروبية الأخرى، بما في ذلك ألمانيا النازية بعض الوقت.
ما كانت تعنيه هذه الهجرة في ذلك الحين هو أنه يمكنك الانتقال إلى فلسطين والعيش تحت الحكم البريطاني، جنبًا لجنب مع مجموعة من السكان الأصليين المحليين والأشخاص الذين جلبهم البريطانيون، تمامًا كما هو الحال في أي مستعمرة بريطانية أخرى. أصدرت هيئة السياحة الفلسطينية ملصقات باللغات الإنجليزية والعربية والعبرية في ذلك الوقت.
أرسلت عدة دول عربية أخرى جيوشها– معظمها حديثة النشأة، معنوياتها هابطة وسيئة التجهيز – محاولة لمساعدة الفلسطينيين؛ هُزمت هذه الجيوش المحبطة إلى حد كبير مرة أخرى على يد عدو أفضل تجهيزاً، وأوروبي إلى حد كبير (رغم أنه يهودي بالكامل هذه المرة)؛ عدو يحركه الى حد كبير التاريخ الحديث في أوطانهم الأوروبية- الإبادة الجماعية النازية. الأمر الذي لا علاقة للفلسطينيين به، ولكنهم يدفعون ثمنه إلى الأبد، ضحايا الضحايا، لاجئون هاربون أمام لاجئين.
إذن، هذا هو البند الذي منه يحب المؤرخون التحريفيون المؤيدون للأبارتهايد الشروع في سرديتهم. "هاجمت ستة جيوش عربية دولة إسرائيل الوليدة، التي دافعت عن نفسها ببسالة، رغم كل الصعاب". المشكلة في استهلال التاريخ من هذه الجزئية تكمن في كونها ازدراءً تاما ومطلقًا لأي شيء يحاكي الحقيقة في الإعلانات؛ فهي تسرد حكاية من كان بوضوح شعبا يدافع عن عن أرضيه من الغزاة المنهمكين بالمجازر والتطهير العرقي، ويجعل الأمر يبدو كما لو أن الحكاية بدأت بمحاولة الانتقام من الغزو والاحتلال.

ثم ماذا حدث في النصف الثاني من القرن العشرين؟
بعد إنشاء دولة يهودية صريحة، ديمقراطية بالاسم فقط، لم تسمح أبدًا بأي شيء يشبه المشاركة الكاملة في إدارة شؤون الدولة أو الشؤون الاقتصادية، ناهيك عن الجيش، فإن ما تطور كان دولة تشبه إلى حد كبير الولايات المتحدة في عهد جيم كراو[حدث أواخر القرن التاسع عشر ان اطلقت حرية التمييز العنصري بالولايات الجنوبية ]، أو جنوب أفريقيا. في ظل نظام الأبارتهايد والذي قارنه بهذه النظم العنصرية امثال ديزموند توتو، وجيمي كارتر، وأليس ووكر، وأنجيلا ديفيس، وغيرهم الكثيرممن أخضعوا لأشكال العنصرية المؤسسية بالولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.

إذن كيف أصبحت إسرائيل دولة؟
تحدثوا في الأخبار عن عدم تمكن الأشخاص المختلفين هناك من الانسجام، وتحدثوا عن الصراع الطائفي والاشتباكات الطائفية، مثلما يفعلون عند الإشارة إلى ما يحدث في شوارع العديد من المدن الإسرائيلية في الأسابيع القليلة الماضية. لكن في ذلك الوقت، كما هو الحال الآن، كان أحد طرفي الاشتباك هو الذي يملك القوة والذي يحظى بدعم وتمويل جميع الارتباطات الأوروبية.

على أية حال، ما حدث هو أن الميليشيات الصهيونية ارتكبت عددًا من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين، وانخرطت بطرق أخرى في حملة إرهاب مقصودة بكل تصميم ، والتي كان لها عواقبها المنشودة . هرب خوفا حوالي 700 ألف فلسطيني من منازلهم؛ لم يُسمح أبدا للأغلبية الساحقة منهم بالعودة إلى منازلهم؛ ويتواصل الأمر مع أحفادهم حتى يومنا هذا. انتقل اليهود إلى منازلهم وسرقوها علانية، بتشجيع من الدولة الجديدة التي أعلنونها على رماد ما كان ذات يوم يُعرف بفلسطين، سكنوا في منازل أولئك الذين هجروا بالذات بقوة السلاح أو التهديد بارتكاب مجازر. في حالات عديدة دمرت فيها منازل الفلسطينيين خلال هذه الأحداث، تم بناء منازل جديدة على أنقاضها. بكل هذه الأساليب ، كانت هذه الحركة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية تتصرف تمامًا مثل موجات الاستعمار الاستيطاني في حالات أخرى، حيث سيطر الأوروبيون على أمريكا الشمالية وأستراليا وأجزاء من أفريقيا، وما إلى ذلك.
ما الذي حدث بعد ؟
انهمكت دولة إسرائيل الجديدة في حملات نشطة لبناء الأسطورة/بناء الأمة، والتي تضمنت جهودًا طويلة المدى لإقناع الفلسطينيين داخل إسرائيل بأنهم ليسوا فلسطينيين، بل إنهم عرب إسرائيليون، تمامًا مثل أولئك الذين تم تصنيفهم في جنوب إفريقيا على أنهم ملونون، بينما كان هؤلاء الفلسطينيون في الضفة الغربية نوعًا آخر من العرب، أردنيين إلى حدٍ ما، من النوع الذي تم اختراعه حديثًا للكتب المدرسية الإسرائيلية. وفي لغة جنوب أفريقيا، كانوا هم السود في معادلة الأبارتهايد هذه. ثم كانت هناك الملايين المتزايدة في الشتات الفلسطيني، في مخيمات اللاجئين وفي جميع أنحاء العالم.
طوال الخمسين عامًا الأولى من قيام الدولة ، كان حرمان الفلسطينيين من حقوقهم ومقاومتهم هي القضية الثابتة، واتخذت أشكالًا عدة. وكما هو الحال مع نظرائهم من السكان الأصليين في البلدان المستعمرة الأخرى، كان الفلسطينيون الذين بقوا داخل حدود ما كان يُعرف سابقًا بفلسطين يعيشون على أرض تتناقص شيئا فشيئا ، حيث كانت إسرائيل تستولي عليها قطعة قطعة، بطريقة أو بأخرى.
عام 1967 ومرة أخرى عام 1973، بذلت الدول العربية جهودًا عسكرية كبيرة في ظل قيادة جديدة أكثر شعبية لمحاولة عكس تيار التوسع الإسرائيلي والخسارة الفلسطينية، ولكن بشيك على بياض، ووصول سيل لا ينقطع من النفاثات الأميركية المقاتلة لإسرائيل ؛ كان النصر حليف الجيش الإسرائيلي، بحوافزه العالية وتمويله الجيد الى حد بعيد والتجهيز الجيد. مع كل حرب، نمت دولة إسرائيل وتقلصت بسرعة الأراضي الخاضعة اسمًا للسيطرة الفلسطينية ، لدرجة أن تحولت فكرة حل الدولتين مع إجراء مفاوضات في تسعينيات القرن العشرين(1993)، على نحو متزايد إلى فانتازيا مكتملة ، ليس إلا في أذهان الأكاديميين ينظر اليها واقعية.

كم عدد المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين؟

بانتظام قوبلت جهود المقاومة الفلسطينية السلمية بمجازر. عام 1976، أرتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة بحق الفلسطينيين المتظاهرين احتجاجا على المزيد من سرقة الأراضي الفلسطينية على يد القوات الإسرائيلية. أصبح هذا اليوم معروفًا بيوم الأرض، وهو أحد الأيام العديدة في أي تقويم فلسطيني يتميز بمجزرة . في ذكرى يوم الأرض عام 2018، خرج الفلسطينيون مرة أخرى بشكل جماعي للاحتجاج على نفس المصادرات المستمرة لأراضيهم ومستقبلهم، ومرة أخرى جوبهوا بمجزرة، كل يوم جمعة، على مدى أكثر من عام[ مظاهرات العودة المنطلقة في غزة جوببهت بالرص القاتل ، في يوم واحد صرؤعت ستين شهيدا، واستمرت ردحامن زمن ثم توقفت].

عام 1982، قتل خلال عدة أيام متتالية أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، مع اغتصاب وتشويه العديد من الفلسطينيين على أيدي القوات اللبنانية المدعومة من إسرائيل، وتحت حمايتها النشطة والمتعاونة آنذاك مع قوات الاحتلال الإسرائيلية في لبنان. حدثت مجزرة صبرا وشاتيلا بعد أن تفاوضت إسرائيل على مغادرة معظم الرجال البالغين من المخيم البلاد، لتجنب فتلهم. ومن ثم فقد سهلوا عملية ذبح من تبقى من النساء والأطفال، الذين قاوم الكثير منهم ببسالة، لكن بدون جدوى، القوات الغازية وغالبيتهم مارونية مسيحية .
في ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا، سبتمبر/أيلول 2000، أقدم الجنرال الإسرائيلي قائد غزو لبنان إبان مجازر 1982، على زيارة المسجد الأقصى، أقدس موقع بالنسبة للمسلمين بمدينة القدس الشريف. استفز الجنرال أرييل شارون الفلسطينيين لدرجة أن البعض رشقوه بالحجارة، وعندئذ أطلقت قواته النار. أشعلت هذه المذبحة الجديدة ما أصبح يعرف باسم انتفاضة الأقصى، أو الانتفاضة الثانية.
ارتكبت مجازر أخرى كثيرة بحق المدنيين الفلسطينيين، ولا أعرف حتى من أين أبدأ بإدراجها. عام 2002، جرّف الجيش الإسرائيلي بدباباته مخيمات اللاجئين في جميع أنحاء الضفة الغربية، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص وتدمير أجزاء كبيرة من مدن عدة . في ذلك العام قصف الطيران الإسرائيلي جميع المصانع العشرة لصناعة الصابون في نابلس، أكبر مدن الضفة الغربية. بصورة ممنهجة قصف من الجو ودمر بالجرافات العسكرية مستشفيات، ومنازل الأطباء، والكثير الكثير من الصحفيين ومكاتب الصحافة، من بين العديد من الأهداف الأخرى.

هل يسجن الإسرائيليون الأطفال ويعذبون بشكل منهجي؟
نعم، بات معروفا لدى الكثيرين أن السياسة الصارمة المتبعة والمعروفة بالاحتجاز لأجل غير مسمى دون محاكمة تنزع لإثارة الاستياء والمعارضة بين السكان المستهدفين. وهذا ما حدث بالتأكيد ومارسه البريطانيون في أيرلندا الشمالية أوائل سبعينيات القرن العشرين. وهو يمارس بنفس الأسلوب بحق الفلسطينيين أيضا، باستثناء أن المحتلين البريطانيين تخلوا في إيرلندا الشمالية، عن هذه السياسة المتطرفة بعد بضع سنين؛ بينما واصلت إسرائيل الأسلوب المتبع في إدارة الأمور لعقود من الزمن، دون توقف.
يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية تحت حكم عسكري إسرائيلي مباشر، ولا يخضعون لمحاكم مدنية إذا تم اختطافهم من قبل الجيش الإسرائيلي، وهو ما يمارس ضد أي منهم في أي وقت ولأي سبب، دون سبب أو مبرر. وإذا تم الاختطاف بالقوة المسلحة فإن القاضي لا يحتاج سوى الى تجديد الاحتجاز كل ستة أشهر، طالما هو يرغب في ذلك . أثناء الاحتجاز، طبيعي تماما تعريض المعتقل للتعذيب بالحبس الانفرادي والضغوط الأخرى من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي.

ولكن ألم تنسحب إسرائيل من غزة؟

نوعًا ما، ولكن في الواقع ليس الجميع إطلاقا؛ غزة، كانت ولم تزل ، إحدى أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض. كان هناك ما يكفي من المستوطنين اليهود الإسرائيليين في قطاع غزة لإشغال بلدة صغيرة، مع أنهم شغلوا ثلث مساحة القطاع. لم يكن الأمر قابلاً للاستمرار؛ وكما هو الحال مع البؤر الاستيطانية الأخرى التي لا يمكن إبقاؤها في حالات معينة ، تم تفكيكها وسط ضجة مفتعلة، ونقل المستوطنون إلى مستوطنات أخرى، تعتبر جميعها غير قانونية بموجب القانون الدولي، الأمر الذي لا توليه معظم الحكومات اهتماما.

و الجدار؟كيف تم تسويقه!

جدار الأبارتهايد، كما هو معروف شعبيا في جميع أنحاء العالم، كان مبادرة أخرى في أوائل القرن الحادي والعشرين، إلى جانب نقل بعض المستوطنين من غزة إلى الضفة الغربية. جرى تسويقه من قبل النظام الإسرائيلي للرأي العام العالمي جدارا فاصلا بين ضاحيتين يهودية وعربية، حسب تعريفهم للأمر ، نوعا من دعم عملية السلام. اما في الحقيقة فكان الجدار عملية ضخمة لمزيد من سرقة الأراضي، المحيطة بالمراكز البلدية والقروية الفلسطينية، وعزلها عن الأراضي الزراعية أو أي وسيلة أخرى للبقاء. لتقديم التعريف كاملا وبدقة فإنه من حيث الأساس تطويق الغيتوهات المحتلة بجدران. أحالوا الضفة الغربية [غيتواهات]سجنا مفتوحا ، بمسوغ الغياب التام لحكومة ذات سيادة تدير شرائح سكانية صغيرة من السجناء.
طوال نصف القرن الأول أو نحو ذلك من وجود دولة إسرائيل، لم تتمكن الدولة اليهودية من حمل العدد الكافي على الهجرة بالأسلوب الذي أراده الصهاينة . فضل معظم اليهود البقاء حيث لا نزاعات ، مثل أوروبا ما بعد الحرب أو أمريكا الشمالية. لذلك تم حل مشكلة النقص في العمالة بشكل عام عن طريق تشغيل عمال لفلسطينيين.

بانهيار الاتحاد السوفييتي والإفقار المفاجئ لمائة مليون روسي، طفق الناس في جميع أنحاء الاتحاد السوفييتي السابق يبحثون عن طريقة للخروج من هذا البلد الذي كان على تلك الشاكلة من عدم الاستقرار. هاجر الناس إلى حيث استطاعوا، من جديد كانت الولايات المتحدة وبريطانيا الوجهتين المفضلتين في كثير من الأحيان، لدى العديد من الروس أقارب هنا، تمامًا كما هو الحال مع أي شخص آخر في أوروبا. لكن كانت هناك حصص، وانتهى الأمر بالكثير منهم بالهجرة إلى إسرائيل، إذا كانوا يهودًا بدرجة كافية للسماح لهم بذلك، وهو ما كان عليه ملايين الروس بالطبع، وما زالوا كذلك.
تم حل مشكلة نقص العمالة، وحان الوقت لتصعيد حملة الأبارتهايد والتطهير العرقي، وهو ما كان يحدث طوال العقدين الماضيين أو نحو ذلك.

إذا غادر الإسرائيليون غزة، فلماذا هي فقيرة إلى هذا الحد؟
لأن إسرائيل تمنعها من الوصول إلى المياه الدولية. وعلى الرغم من أن غزة تقع هناك على البحر الأبيض المتوسط، على بعد مسافة قصيرة من قبرص، إلا أنه لا توجد عبّارة، لا يوجد مطار، لا شئ. لا يمكنهم حتى زيارة أقاربهم في الضفة الغربية أو إسرائيل أو لبنان أو أي مكان آخر. لا يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج، وكمية أي شيء آخر مسموح به بالدخول أو الخروج تخضع لرقابة مشددة للغاية من قبل إسرائيل، أو مصر، إلى الجنوب الغربي، وهي الدولة التي تتلقى أكبر قدر من المساعدات العسكرية الأمريكية في العالم، لكن بعد إسرائيل بفارق كبير.
إضافة للحصار البري والجوي والمائي، تخترق الطائرات المقاتلة حاجز الصوت فوق غزة كل ساعة من النهار والليل، ما يمنع أي شخص من النوم جيدًا. تمامًا مثلما يقوم حراس السجن الساديون بتعذيب السجناء بشكل منهجي في ألاباما ونيويورك وإلينوي وأماكن أخرى.

ولكن ماذا يتوجب على إسرائيل أن تفعله بصدد الصواريخ؟

في القسم الأعظم من تاريخ دولة إسرائيل، كانت المقاومة الفلسطينية غير عنيفة في الغالب، أو اشتملت على نوع من العنف الرمزي الذي يُفهم على نطاق واسع يمثله الطفل الذي يرمي حجرًا على دبابة. والصواريخ محلية الصنع التي يتم إطلاقها من غزة ليست أفضل حالا؛إذ كما يتبين من حقيقة أنها إذا أحدثت أضرارا جسيمة أو تسببت في إصابة أو وفاة، فإن ذلك يحدث فقط عندما تسقط مباشرة فوق الهدف . من المؤكد أن إلقاء قنبلة يدوية يمكن أن يقتل الناس، لكن هذه الصواريخ تشبه القنابل بعيدة المدى أكثر من أي شيء نطلق عليه عادة "صاروخ".
مع ذلك، الأشد إثارة للدهشة في نظر أغلب الناس في مختلف أنحاء العالم هو ضعف المقاومة العنيفة حيال عنف الاحتلال الذي يتزايد باضطراد ، كما هو الحال مع أي موقف آخر حيث يوجد مثل هذا القمع وعدم المساواة الشديد، فإن المقاومة بجميع أنواعها أمر لا مفر منه، والطريقة الوحيدة للخروج من هذه الدوامة هو وقف الاضطهاد.

لكن ألا يريدون قذف اليهود إلى البحر؟
حملات إرهاب لمدنيين الفلسطينيين، والتي أدت إلى نشوء دولة إسرائيل عامي 1947 و1948، كانت جهدًا حقيقيًا وناجحًا للغاية في تهجير 700 ألف شخص من منازلهم. تقوم إسرائيل بطرد الفلسطينيين من منازلهم بطرق عديدة ومختلفة منذ ذلك الحين، من خلال ضم الأراضي الفلسطينية، وتدمير منازل الفلسطينيين بالجرافات والدبابات والطائرات المقاتلة، واقتلاع بساتين الزيتون، والضرب، والقتل، والاعتقال، والمضايقة، والاختطاف، وغير ذلك. ما يجعل الحياة لا تطاق بالنسبة للفلسطينيين، الذين يموتون بمعدلات غير متناسبة بالنوبات القلبية نتيجة للضغوط التي يتعرضون لها كونهم فلسطينيين في فلسطين.
نتيجة للعيش في ظل هذه الظروف المروعة، والتعرض للمذابح والقصف بشكل منتظم، وما إلى ذلك، تروج منظومة واسعة من الآراء على الأرض وبين الأحزاب السياسية حول كيفية حل الإشكالية ؛ تشمل بالتأكيد الدعوات لتهجير محجموعات سكانية بأكملها ، أو قتلها أو التعامل مع مجموعات سكانية بأكملها؛ غير ان القوى الأعلى صوتا والأقوى تأثيرا تروج خيار القتل والتهجير باتت تملك السلطة داخل الحكومة الإسرائيلية، وهي تهيمن بشكل متزايد على الشارع الإ سرائيلي بنموذج الحشود المناهضة للفلسطينيين. .

لكن أليست حماس منظمة إرهابية؟
المجتمع الفلسطيني، كما هو الحال في معظم المجتمعات، منقسم سياسيا بطرق عديدة ومختلفة. وفي الوقت نفسه، فهو موحد على نطاق واسع حول مبادئ معينة أيضًا. تعتقد جميع الفصائل السياسية، والأغلبية العظمى من الفلسطينيين على الأرض، أن الرد على القمع العنيف بمقاومة عنيفة أمر مبرر تمامًا.
ولكن عندما لا تكون هناك أزمة حيث يتحدث الجميع عن معارضتهم الموحدة للقصف الإسرائيلي على غزة ودعمهم للانتقام، فإن حماس وفتح تتنافسان على السيطرة على قلوب وعقول الفلسطينيين، فضلاً عن مجالس المدن. انتخبت حماس ديمقراطيا في جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة كحزب سياسي، لكنها لم تتمكن من ممارسة تلك السلطة إلا في غزة وبعض المناطق الأخرى، بسبب هذا الصراع المستمر. لا تميل إسرائيل والولايات المتحدة إلى الاعتراف بحماس كحزب سياسي؛ ولكن فقط باعتبارها ما يسمونه منظمة إرهابية تتجرأ على مقاومة تدمير شعبها ومنازلها، وسرقة الأراضي، شأن أولئك الذين يعيشون في القدس الشرقية، التي تعتبر مفتاح التكرار الحالي للنضال من أجل فلسطين. لذلك عندما يتم قصف المستشفيات أو المباني الأخرى التي تحتوي على أي مكاتب حكومية، يقول الإسرائيليون إنهم يدمرون البنية التحتية الإرهابية.
واتجاه ثالث قرر أن عبارة "لن يحدث مرة أخرى أبدًا" تنطبق عليهم وعلى إخوانهم اليهود فقط. أنا شخصياً على دراية بهذه المجموعة تمامًا كما أعرف المجموعتين الأخريين المذكورتين أعلاه. لدي الكثير من أفراد الأسرة المباشرين والبعيدين منتسبين لكل مجموعة. المجموعة التي تقصر "لن يحدث هذا ثانية " على اليهود فقط هي المهيمنة في إسرائيل منذ تشكيل دولة إسرائيل، وهي أكثر هيمنة الآن من أي وقت مضى. وهذا مثير للرعب .

ما العمل ؟
طالما أن الولايات المتحدة وأوروبا والصين وغيرها، تتاجر مع إسرائيل وتدعم إسرائيل سياسياً واقتصادياً، وخاصة من خلال المساعدات العسكرية الأمريكية، كثير هم من يقولون لا يوجد أمل في أي حل للفظائع الجارية هناك. لا حل يمكن إيجاده من الداخل "الطرفان يتفاوضان ». الموجود ليس حزبان – طرف محتل ، وأخر يخضع للاحتلال؛ في مثل هذه الظروف لا يمكن إجراء مفاوضات حقيقية . ولا يمكن إجراء مفاوضات حقيقية في مثل هذه الظروف، وكل من يطلق اسم مفاوضات على هذا الأمر مفاوضات إما اته يتلاعب بالعقول او جاهل.


"بانتظام قوبلت جهود المقاومة الفلسطينية السلمية بمجازر. عام 1976، أرتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة بحق الفلسطينيين المتظاهرين احتجاجا على المزيد من سرقة الأراضي الفلسطينية على يد القوات الإسرائيلية. أصبح هذا اليوم معروفًا بيوم الأرض، وهو أحد الأيام العديدة في أي تقويم فلسطيني يتميز بمجزرة "، يقول ديفيد روفيكس ، في سياق تفنيده لافتراءات الصهاينة . روفيكس يهودي مناهض للصهيونية يعيش في الولايات المتحدة ، اشتهر بنظم الأعاني وإجراء المقابلات الصحفية ، وقدم مداخلته على شكل سؤال وجواب.


حكومة الولايات المتحدة تخوض في دماء البشر في جميع أنحاء العالم، وهي متورطة في العديد من الحروب، تزيد شراستها بحيث تبيد اكبر عدد ممكن من البشر ، وما كان لها (الحرب)ان تقوم من حيث الأساس. الولايات المتحدة هي أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، ولديها أكبر ميزانية عسكرية في العالم - حتى الآن – وبالطبع حتى الآن أكبر داعم لإسرائيل على الإطلاق، حيث تقوم باستمرار بتحويل أموال الضرائب الأمريكية إلى مساعدات عسكرية، وهي ليست قروضًا، ولكنها الطائرات المقاتلة الأكثر تقدمًا في العالم، وطائرات الهليكوبتر الحربية، والأسلحة الكيميائية غير القانونية المفترضة، وما إلى ذلك.
هناك الكثير من الحروب الرهيبة الأخرى، والمجاعات، والأراضي القاحلة بيئيا، وغيرها من المآسي الإقليمية والعالمية التي تتحمل اوزارها حكومة الولايات المتحدة والشركات الأمريكية. غير ان ما يشفل العالم من أخبار – و تؤرق حيوات الملايين من البشر هي الأحداث المتعلقة بإسرائيل وفلسطين، وعلى وجه الخصوص، غزة. كمية المعلومات المضللة التي ينقلها الأثير عن الصحافة الناطقة باللغة الإنجليزية تصدم كل إنسان يدري اي نوع من الأطواق الفكرية يتقافز عبرها هؤلاء ، ... والتلاعب بالكلمات التي تنطلق من أفواههم في خطبهم ، كل ثانية وأخرى، يتعمدون تهريب الحقيقة المروعة، وهذا ما صدر عن السفير دينيس روس هذا الصباج من المنبر الإذاعي NPR
إذن فيما يلي عينة صغيرة من الوقائع ترد على شكل أسئلة وأجوبة، للمساعدة في تحصينك من تسونامي المعلومات المضللة التي تواجهها حاليًا، إذا كنت ممن يتحدثون باللغة الإنجليزية، ويقراون الأخبار ببالانجليزية .

ولكن أليس من الصعوبة بمكان فهم الأضاليل ؟
لا. إذا سلكت وسط الأعشاب الضارة لأي شيء تلاقي الكثير من التعقيد؛ اما لدى الرجوع فستجد كل شيء بسيطا ، غالبًا ما تكون الأمور بسيطة جدًا. قد يحدث ان ننشغل جميعنا الى ما لا نهاية بالتفاصيل كيف يسلك الناس بشكل أفضل إزاء كل ما له صلة بالديانة والجندر والقومية والعرقية والمنظومات اللغوية ، والتوجه الجنسي، وما إلى ذلك، فإن الحالة الجوهرية هنا لا صلة لها بأي من هذه الأمور . .
الفلسطينيون هم الشعب الأصلي بفلسطين؛ والشعب الفلسطيني يتبع مختلف العقائد الدينية ، بالممارسة ام بدونها، تضم المسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم.
شريحة صغيرة من مواطني الدولة الصهيونية هذه الأيام هم من اليهود الفلسطينيين؛ والغالبية العظمى من اليهود الإسرائيليين هم مستعمرون أو أبناء أو أحفاد مستعمرين قدموا من أوروبا أو أمريكا الشمالية.

لكن أليس اليهود في الأصل هم ما يعرف الآن بإسرائيل؟
جميعنا في الأصل من أفريقيا، لذا إذا ما رجعنا الى حقبة زمنية بعيدة ، يمكن تقديم مطالبة طيبة بقطعة من الأرض الإفريقية، ألا تعتقد ذلك؟
تعرض المسيحيون كذلك لاضطهاد الرومان. كان بوسع المسيحيين – وقد فعلوا ذلك – متوسلين نفس الأمر لاستعمار أجزاء أخرى من العالم. في الأساس ليس أكثر من مجرد اللجوء الى مبرر أسطوري للاستيلاء على أراضي شعب آخر. إذا نظرت إلى خرافات الخلق التي يتوسل بها المستعمرون في جميع أنحاء العالم، فستجد نفس النوع من الهراء، بما في ذلك في نيوزيلندا (البعض يحب استثناء نيوزيلندا من نادي الدول الاستعمارية الاستيطانية الكليبتوقراطية - فهي ليست مستثناه ، ولديها جمهور نزلاء السجن برهانا ) .

تقول أن اليهود الذين استوطنوا فلسطين وأعلنوا دولة إسرائيل هم مستعمرون؟ لكنهم كانوا مهاجرين مضطهدين ولاجئين ، أليسوا كذلك؟
نعم. وهذا ينطبق على المستعمرين في جميع أنحاء العالم، طوال تاريخ الاستعمار. نادراً ما يكون المستعمرون "زبدة الجموع". الأثرياء والمرتاحون لا يميلون لمغادرة البيت؛ اليائسون هم الذين يرحلون، أولئك معظم من جاء الى الولايات المتحدة . على النقيض من كل الأساطير التي نشأتم تتشربونها حول الرواد والمغامرين، فإن معظم الأوروبيين الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة - أي المهاجرين البيض الذين سُمح لهم بالمجيء إلى هنا - كانوا في الواقع لاجئين. المتحدثون بالألمانية يفرون من الحروب بين فرنسا وبروسيا، والأوروبيون الشرقيون يفرون من الحروب والتجنيد لأجل غير مسمى، واليهود يفرون من الفظائع المروعة ، على رأسها المجازر وغيرها من أشكال اللاسامية (لها مؤسساتها أوعشوائية تندلع في الشوارع)، والأيرلنديون هربوا من الاضطهاد الاستعماري ومن المجاعات ، وغيرهم على هذه الشاكلة.
الأوروبيون الذين استعمروا الولايات المتحدة فعلوا نفس الشيء إلى حد كبير من خلال عملية استخدمت العصا والجزرة. استطاع البيض الهجرة ، لكن كان عليهم أن يحملوا السلاح، وينضموا إلى الميليشيات، وأن يكونوا مستعدين لقتل الهنود واعتقال الأفارقة المستعبدين الذين فروا من الأسياد. كان بإمكان البيض امتلاك الأراضي، ولكن فقط إذا حملوا البنادق وتوجهوا غربا، وسرقوا الأرض من السكان الأصليين، ودافعوا عنها بعد ذلك.
وفي إسرائيل نفس الأمر ، مع استبدل كلمة "أبيض" بكلمة "يهودي" وكلمة "هندي" بكلمة "فلسطيني". المستعمرون البيض اليهود القادمون من أوربا كانوا في الغالب الأعم لا جئين ومهاجرين في نفس الوقت. هربوا من المجازر المذكورة أعلاه في عصر بداية الحركة الصهيونية ، تسعينات القرن التاسع عشر ؛ ثم في اعقاب الحرب العالمية الأولى. كانوا يهربون مما كان واضجا القارة خطيرة للغاية، حيث كان النظام الفاشي قد وصل للتو، وساد لسنوات ، وقتل عشرات ملايين البشر، من بينهم ملايين الأوروبيين من أصل يهودي، فقط لكونهم من أصل يهودي. باختصار، كان المستعمرون اليهود الأوروبيون يفرون مما كان - وما زال حتى يومنا هذا - أفظع مذبحة جماعية للبشر شهدها العالم على الإطلاق (أوروبا التي يحكمها النازيون).

لماذا لم يذهب اليهود اللاجئون الى مكان آخر ، حيث قد يكونون موضع ترحيب أكبر؟
خلافاً لما هو عليه الحال اليوم، في الأربعينيات وقبل ذلك بقرون، كانت اللاسامية ظاهرة حقيقية تسفر عن قتل بالجملة. والأسوأ ، حتى ثلاثينيات القرن العشرين، لم تكن بالتأكيد في ألمانيا، مؤكد أن التغير حدث بعد وصول هتلر إلى السلطة. إذن ما من أحد يريد اليهود في الأساس. كان اليهود يحاولون الخروج من أخطر الأماكن، مثل ألمانيا أو البلدان التي بدا من المرجح أن تخضع لسيطرة ألمانيا قريبًا، في ثلاثينيات القرن العشرين؛ لكنهم - أقاربي، في حالات معينة- عاشوا بعيدا في أماكن مثل الولايات المتحدة، كندا وكوبا يخضعون لقوانين شرعت خصيصًا للتمييز ضد اليهود وغيرهم من الأوروبيين الشرقيين.
بالولايات المتحدة واجه القادمون من أوروبا الشرقية والجنوبية تمييزاً رسمياً رهيبا. تقول الحكمة الشعبية أن معظم مثيري الشغب (معظمهم من الفوضويين والاشتراكيين) قدموا من ذلك الجزء من أوروبا، وليسوا مثل المهاجرين المهذبين والطيعين الوافدين من شمال وغرب أوروبا . بالنتيجة لهذه القوانين التمييزية - التي لم تلغ إلا عام 1944 - لم يتمكن اليهود الذين يحاولون الخروج من أوروبا من القدوم إلى بريطانيا أو أمريكا الشمالية؛ هرب الكثيرون منهم إلى بلدان تستقبلهم بترحاب، مثل فلسطين.

فلسطين؟ هل كانت تلك دولة؟
نعم ولا، فما نطلق عليه بلد في عصر الدول القومية يختلف قليلاً عن أسلوب إدراك هذه الأمور من قبل. كانت فلسطين، ولم تزل، إقليما وشعبًا يتميز بتقاليد ثقافية خاصة، ويتواجد داخل منطقة تقاليدها المشتركة اكثر. عندما نستخدم مصطلح "بلد" هذه الأيام، فإننا بصورة رئيسة نقصد الحكم. بذا ، بهذا المعنى، كانت فلسطين ذات سيادة بدرجات متفاوتة، تتوقف على الحقبة، اكانت القدس دولة مدينية بالأساس ، أو تخضع للسيطرة الرومانية أو العثمانية أو الصليبية أو البريطانية.
بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، اقتسمت القوى الأوروبية المنتصرة الجزء الأعظم من العالم، والذي كان بحد ذاته جميعه إمبراطوريات. كانت الحرب، في الواقع، حربًا من أجل الإمبراطورية، وخضعت فلسطين للسيطرة البريطانية. كان البريطانيون قوة احتلال شجعت الهجرة اليهودية الى فلسطين، وساندتهم في ذلك القوى الأوروبية الأخرى، بما في ذلك ألمانيا النازية بعض الوقت.
ما كانت تعنيه هذه الهجرة في ذلك الحين هو أنه يمكنك الانتقال إلى فلسطين والعيش تحت الحكم البريطاني، جنبًا لجنب مع مجموعة من السكان الأصليين المحليين والأشخاص الذين جلبهم البريطانيون، تمامًا كما هو الحال في أي مستعمرة بريطانية أخرى. أصدرت هيئة السياحة الفلسطينية ملصقات باللغات الإنجليزية والعربية والعبرية في ذلك الوقت.
أرسلت عدة دول عربية أخرى جيوشها– معظمها حديثة النشأة، معنوياتها هابطة وسيئة التجهيز – محاولة لمساعدة الفلسطينيين؛ هُزمت هذه الجيوش المحبطة إلى حد كبير مرة أخرى على يد عدو أفضل تجهيزاً، وأوروبي إلى حد كبير (رغم أنه يهودي بالكامل هذه المرة)؛ عدو يحركه الى حد كبير التاريخ الحديث في أوطانهم الأوروبية- الإبادة الجماعية النازية. الأمر الذي لا علاقة للفلسطينيين به، ولكنهم يدفعون ثمنه إلى الأبد، ضحايا الضحايا، لاجئون هاربون أمام لاجئين.
إذن، هذا هو البند الذي منه يحب المؤرخون التحريفيون المؤيدون للأبارتهايد الشروع في سرديتهم. "هاجمت ستة جيوش عربية دولة إسرائيل الوليدة، التي دافعت عن نفسها ببسالة، رغم كل الصعاب". المشكلة في استهلال التاريخ من هذه الجزئية تكمن في كونها ازدراءً تاما ومطلقًا لأي شيء يحاكي الحقيقة في الإعلانات؛ فهي تسرد حكاية من كان بوضوح شعبا يدافع عن عن أرضيه من الغزاة المنهمكين بالمجازر والتطهير العرقي، ويجعل الأمر يبدو كما لو أن الحكاية بدأت بمحاولة الانتقام من الغزو والاحتلال.

ثم ماذا حدث في النصف الثاني من القرن العشرين؟
بعد إنشاء دولة يهودية صريحة، ديمقراطية بالاسم فقط، لم تسمح أبدًا بأي شيء يشبه المشاركة الكاملة في إدارة شؤون الدولة أو الشؤون الاقتصادية، ناهيك عن الجيش، فإن ما تطور كان دولة تشبه إلى حد كبير الولايات المتحدة في عهد جيم كراو[حدث أواخر القرن التاسع عشر ان اطلقت حرية التمييز العنصري بالولايات الجنوبية ]، أو جنوب أفريقيا. في ظل نظام الأبارتهايد والذي قارنه بهذه النظم العنصرية امثال ديزموند توتو، وجيمي كارتر، وأليس ووكر، وأنجيلا ديفيس، وغيرهم الكثيرممن أخضعوا لأشكال العنصرية المؤسسية بالولايات المتحدة وجنوب أفريقيا.

إذن كيف أصبحت إسرائيل دولة؟
تحدثوا في الأخبار عن عدم تمكن الأشخاص المختلفين هناك من الانسجام، وتحدثوا عن الصراع الطائفي والاشتباكات الطائفية، مثلما يفعلون عند الإشارة إلى ما يحدث في شوارع العديد من المدن الإسرائيلية في الأسابيع القليلة الماضية. لكن في ذلك الوقت، كما هو الحال الآن، كان أحد طرفي الاشتباك هو الذي يملك القوة والذي يحظى بدعم وتمويل جميع الارتباطات الأوروبية.

على أية حال، ما حدث هو أن الميليشيات الصهيونية ارتكبت عددًا من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين، وانخرطت بطرق أخرى في حملة إرهاب مقصودة بكل تصميم ، والتي كان لها عواقبها المنشودة . هرب خوفا حوالي 700 ألف فلسطيني من منازلهم؛ لم يُسمح أبدا للأغلبية الساحقة منهم بالعودة إلى منازلهم؛ ويتواصل الأمر مع أحفادهم حتى يومنا هذا. انتقل اليهود إلى منازلهم وسرقوها علانية، بتشجيع من الدولة الجديدة التي أعلنونها على رماد ما كان ذات يوم يُعرف بفلسطين، سكنوا في منازل أولئك الذين هجروا بالذات بقوة السلاح أو التهديد بارتكاب مجازر. في حالات عديدة دمرت فيها منازل الفلسطينيين خلال هذه الأحداث، تم بناء منازل جديدة على أنقاضها. بكل هذه الأساليب ، كانت هذه الحركة الصهيونية الاستعمارية الاستيطانية تتصرف تمامًا مثل موجات الاستعمار الاستيطاني في حالات أخرى، حيث سيطر الأوروبيون على أمريكا الشمالية وأستراليا وأجزاء من أفريقيا، وما إلى ذلك.
ما الذي حدث بعد ؟
انهمكت دولة إسرائيل الجديدة في حملات نشطة لبناء الأسطورة/بناء الأمة، والتي تضمنت جهودًا طويلة المدى لإقناع الفلسطينيين داخل إسرائيل بأنهم ليسوا فلسطينيين، بل إنهم عرب إسرائيليون، تمامًا مثل أولئك الذين تم تصنيفهم في جنوب إفريقيا على أنهم ملونون، بينما كان هؤلاء الفلسطينيون في الضفة الغربية نوعًا آخر من العرب، أردنيين إلى حدٍ ما، من النوع الذي تم اختراعه حديثًا للكتب المدرسية الإسرائيلية. وفي لغة جنوب أفريقيا، كانوا هم السود في معادلة الأبارتهايد هذه. ثم كانت هناك الملايين المتزايدة في الشتات الفلسطيني، في مخيمات اللاجئين وفي جميع أنحاء العالم.
طوال الخمسين عامًا الأولى من قيام الدولة ، كان حرمان الفلسطينيين من حقوقهم ومقاومتهم هي القضية الثابتة، واتخذت أشكالًا عدة. وكما هو الحال مع نظرائهم من السكان الأصليين في البلدان المستعمرة الأخرى، كان الفلسطينيون الذين بقوا داخل حدود ما كان يُعرف سابقًا بفلسطين يعيشون على أرض تتناقص شيئا فشيئا ، حيث كانت إسرائيل تستولي عليها قطعة قطعة، بطريقة أو بأخرى.
عام 1967 ومرة أخرى عام 1973، بذلت الدول العربية جهودًا عسكرية كبيرة في ظل قيادة جديدة أكثر شعبية لمحاولة عكس تيار التوسع الإسرائيلي والخسارة الفلسطينية، ولكن بشيك على بياض، ووصول سيل لا ينقطع من النفاثات الأميركية المقاتلة لإسرائيل ؛ كان النصر حليف الجيش الإسرائيلي، بحوافزه العالية وتمويله الجيد الى حد بعيد والتجهيز الجيد. مع كل حرب، نمت دولة إسرائيل وتقلصت بسرعة الأراضي الخاضعة اسمًا للسيطرة الفلسطينية ، لدرجة أن تحولت فكرة حل الدولتين مع إجراء مفاوضات في تسعينيات القرن العشرين(1993)، على نحو متزايد إلى فانتازيا مكتملة ، ليس إلا في أذهان الأكاديميين ينظر اليها واقعية.

كم عدد المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين الفلسطينيين؟

بانتظام قوبلت جهود المقاومة الفلسطينية السلمية بمجازر. عام 1976، أرتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة بحق الفلسطينيين المتظاهرين احتجاجا على المزيد من سرقة الأراضي الفلسطينية على يد القوات الإسرائيلية. أصبح هذا اليوم معروفًا بيوم الأرض، وهو أحد الأيام العديدة في أي تقويم فلسطيني يتميز بمجزرة . في ذكرى يوم الأرض عام 2018، خرج الفلسطينيون مرة أخرى بشكل جماعي للاحتجاج على نفس المصادرات المستمرة لأراضيهم ومستقبلهم، ومرة أخرى جوبهوا بمجزرة، كل يوم جمعة، على مدى أكثر من عام[ مظاهرات العودة المنطلقة في غزة جوببهت بالرص القاتل ، في يوم واحد صرؤعت ستين شهيدا، واستمرت ردحامن زمن ثم توقفت].

عام 1982، قتل خلال عدة أيام متتالية أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، مع اغتصاب وتشويه العديد من الفلسطينيين على أيدي القوات اللبنانية المدعومة من إسرائيل، وتحت حمايتها النشطة والمتعاونة آنذاك مع قوات الاحتلال الإسرائيلية في لبنان. حدثت مجزرة صبرا وشاتيلا بعد أن تفاوضت إسرائيل على مغادرة معظم الرجال البالغين من المخيم البلاد، لتجنب فتلهم. ومن ثم فقد سهلوا عملية ذبح من تبقى من النساء والأطفال، الذين قاوم الكثير منهم ببسالة، لكن بدون جدوى، القوات الغازية وغالبيتهم مارونية مسيحية .
في ذكرى مجازر صبرا وشاتيلا، سبتمبر/أيلول 2000، أقدم الجنرال الإسرائيلي قائد غزو لبنان إبان مجازر 1982، على زيارة المسجد الأقصى، أقدس موقع بالنسبة للمسلمين بمدينة القدس الشريف. استفز الجنرال أرييل شارون الفلسطينيين لدرجة أن البعض رشقوه بالحجارة، وعندئذ أطلقت قواته النار. أشعلت هذه المذبحة الجديدة ما أصبح يعرف باسم انتفاضة الأقصى، أو الانتفاضة الثانية.
ارتكبت مجازر أخرى كثيرة بحق المدنيين الفلسطينيين، ولا أعرف حتى من أين أبدأ بإدراجها. عام 2002، جرّف الجيش الإسرائيلي بدباباته مخيمات اللاجئين في جميع أنحاء الضفة الغربية، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص وتدمير أجزاء كبيرة من مدن عدة . في ذلك العام قصف الطيران الإسرائيلي جميع المصانع العشرة لصناعة الصابون في نابلس، أكبر مدن الضفة الغربية. بصورة ممنهجة قصف من الجو ودمر بالجرافات العسكرية مستشفيات، ومنازل الأطباء، والكثير الكثير من الصحفيين ومكاتب الصحافة، من بين العديد من الأهداف الأخرى.

هل يسجن الإسرائيليون الأطفال ويعذبون بشكل منهجي؟
نعم، بات معروفا لدى الكثيرين أن السياسة الصارمة المتبعة والمعروفة بالاحتجاز لأجل غير مسمى دون محاكمة تنزع لإثارة الاستياء والمعارضة بين السكان المستهدفين. وهذا ما حدث بالتأكيد ومارسه البريطانيون في أيرلندا الشمالية أوائل سبعينيات القرن العشرين. وهو يمارس بنفس الأسلوب بحق الفلسطينيين أيضا، باستثناء أن المحتلين البريطانيين تخلوا في إيرلندا الشمالية، عن هذه السياسة المتطرفة بعد بضع سنين؛ بينما واصلت إسرائيل الأسلوب المتبع في إدارة الأمور لعقود من الزمن، دون توقف.
يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية تحت حكم عسكري إسرائيلي مباشر، ولا يخضعون لمحاكم مدنية إذا تم اختطافهم من قبل الجيش الإسرائيلي، وهو ما يمارس ضد أي منهم في أي وقت ولأي سبب، دون سبب أو مبرر. وإذا تم الاختطاف بالقوة المسلحة فإن القاضي لا يحتاج سوى الى تجديد الاحتجاز كل ستة أشهر، طالما هو يرغب في ذلك . أثناء الاحتجاز، طبيعي تماما تعريض المعتقل للتعذيب بالحبس الانفرادي والضغوط الأخرى من أشكال التعذيب الجسدي والنفسي.

ولكن ألم تنسحب إسرائيل من غزة؟

نوعًا ما، ولكن في الواقع ليس الجميع إطلاقا؛ غزة، كانت ولم تزل ، إحدى أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض. كان هناك ما يكفي من المستوطنين اليهود الإسرائيليين في قطاع غزة لإشغال بلدة صغيرة، مع أنهم شغلوا ثلث مساحة القطاع. لم يكن الأمر قابلاً للاستمرار؛ وكما هو الحال مع البؤر الاستيطانية الأخرى التي لا يمكن إبقاؤها في حالات معينة ، تم تفكيكها وسط ضجة مفتعلة، ونقل المستوطنون إلى مستوطنات أخرى، تعتبر جميعها غير قانونية بموجب القانون الدولي، الأمر الذي لا توليه معظم الحكومات اهتماما.

و الجدار؟كيف تم تسويقه!

جدار الأبارتهايد، كما هو معروف شعبيا في جميع أنحاء العالم، كان مبادرة أخرى في أوائل القرن الحادي والعشرين، إلى جانب نقل بعض المستوطنين من غزة إلى الضفة الغربية. جرى تسويقه من قبل النظام الإسرائيلي للرأي العام العالمي جدارا فاصلا بين ضاحيتين يهودية وعربية، حسب تعريفهم للأمر ، نوعا من دعم عملية السلام. اما في الحقيقة فكان الجدار عملية ضخمة لمزيد من سرقة الأراضي، المحيطة بالمراكز البلدية والقروية الفلسطينية، وعزلها عن الأراضي الزراعية أو أي وسيلة أخرى للبقاء. لتقديم التعريف كاملا وبدقة فإنه من حيث الأساس تطويق الغيتوهات المحتلة بجدران. أحالوا الضفة الغربية [غيتواهات]سجنا مفتوحا ، بمسوغ الغياب التام لحكومة ذات سيادة تدير شرائح سكانية صغيرة من السجناء.
طوال نصف القرن الأول أو نحو ذلك من وجود دولة إسرائيل، لم تتمكن الدولة اليهودية من حمل العدد الكافي على الهجرة بالأسلوب الذي أراده الصهاينة . فضل معظم اليهود البقاء حيث لا نزاعات ، مثل أوروبا ما بعد الحرب أو أمريكا الشمالية. لذلك تم حل مشكلة النقص في العمالة بشكل عام عن طريق تشغيل عمال لفلسطينيين.

بانهيار الاتحاد السوفييتي والإفقار المفاجئ لمائة مليون روسي، طفق الناس في جميع أنحاء الاتحاد السوفييتي السابق يبحثون عن طريقة للخروج من هذا البلد الذي كان على تلك الشاكلة من عدم الاستقرار. هاجر الناس إلى حيث استطاعوا، من جديد كانت الولايات المتحدة وبريطانيا الوجهتين المفضلتين في كثير من الأحيان، لدى العديد من الروس أقارب هنا، تمامًا كما هو الحال مع أي شخص آخر في أوروبا. لكن كانت هناك حصص، وانتهى الأمر بالكثير منهم بالهجرة إلى إسرائيل، إذا كانوا يهودًا بدرجة كافية للسماح لهم بذلك، وهو ما كان عليه ملايين الروس بالطبع، وما زالوا كذلك.
تم حل مشكلة نقص العمالة، وحان الوقت لتصعيد حملة الأبارتهايد والتطهير العرقي، وهو ما كان يحدث طوال العقدين الماضيين أو نحو ذلك.

إذا غادر الإسرائيليون غزة، فلماذا هي فقيرة إلى هذا الحد؟
لأن إسرائيل تمنعها من الوصول إلى المياه الدولية. وعلى الرغم من أن غزة تقع هناك على البحر الأبيض المتوسط، على بعد مسافة قصيرة من قبرص، إلا أنه لا توجد عبّارة، لا يوجد مطار، لا شئ. لا يمكنهم حتى زيارة أقاربهم في الضفة الغربية أو إسرائيل أو لبنان أو أي مكان آخر. لا يُسمح لأحد بالدخول أو الخروج، وكمية أي شيء آخر مسموح به بالدخول أو الخروج تخضع لرقابة مشددة للغاية من قبل إسرائيل، أو مصر، إلى الجنوب الغربي، وهي الدولة التي تتلقى أكبر قدر من المساعدات العسكرية الأمريكية في العالم، لكن بعد إسرائيل بفارق كبير.
إضافة للحصار البري والجوي والمائي، تخترق الطائرات المقاتلة حاجز الصوت فوق غزة كل ساعة من النهار والليل، ما يمنع أي شخص من النوم جيدًا. تمامًا مثلما يقوم حراس السجن الساديون بتعذيب السجناء بشكل منهجي في ألاباما ونيويورك وإلينوي وأماكن أخرى.

ولكن ماذا يتوجب على إسرائيل أن تفعله بصدد الصواريخ؟

في القسم الأعظم من تاريخ دولة إسرائيل، كانت المقاومة الفلسطينية غير عنيفة في الغالب، أو اشتملت على نوع من العنف الرمزي الذي يُفهم على نطاق واسع يمثله الطفل الذي يرمي حجرًا على دبابة. والصواريخ محلية الصنع التي يتم إطلاقها من غزة ليست أفضل حالا؛إذ كما يتبين من حقيقة أنها إذا أحدثت أضرارا جسيمة أو تسببت في إصابة أو وفاة، فإن ذلك يحدث فقط عندما تسقط مباشرة فوق الهدف . من المؤكد أن إلقاء قنبلة يدوية يمكن أن يقتل الناس، لكن هذه الصواريخ تشبه القنابل بعيدة المدى أكثر من أي شيء نطلق عليه عادة "صاروخ".
مع ذلك، الأشد إثارة للدهشة في نظر أغلب الناس في مختلف أنحاء العالم هو ضعف المقاومة العنيفة حيال عنف الاحتلال الذي يتزايد باضطراد ، كما هو الحال مع أي موقف آخر حيث يوجد مثل هذا القمع وعدم المساواة الشديد، فإن المقاومة بجميع أنواعها أمر لا مفر منه، والطريقة الوحيدة للخروج من هذه الدوامة هو وقف الاضطهاد.

لكن ألا يريدون قذف اليهود إلى البحر؟
حملات إرهاب لمدنيين الفلسطينيين، والتي أدت إلى نشوء دولة إسرائيل عامي 1947 و1948، كانت جهدًا حقيقيًا وناجحًا للغاية في تهجير 700 ألف شخص من منازلهم. تقوم إسرائيل بطرد الفلسطينيين من منازلهم بطرق عديدة ومختلفة منذ ذلك الحين، من خلال ضم الأراضي الفلسطينية، وتدمير منازل الفلسطينيين بالجرافات والدبابات والطائرات المقاتلة، واقتلاع بساتين الزيتون، والضرب، والقتل، والاعتقال، والمضايقة، والاختطاف، وغير ذلك. ما يجعل الحياة لا تطاق بالنسبة للفلسطينيين، الذين يموتون بمعدلات غير متناسبة بالنوبات القلبية نتيجة للضغوط التي يتعرضون لها كونهم فلسطينيين في فلسطين.
نتيجة للعيش في ظل هذه الظروف المروعة، والتعرض للمذابح والقصف بشكل منتظم، وما إلى ذلك، تروج منظومة واسعة من الآراء على الأرض وبين الأحزاب السياسية حول كيفية حل الإشكالية ؛ تشمل بالتأكيد الدعوات لتهجير محجموعات سكانية بأكملها ، أو قتلها أو التعامل مع مجموعات سكانية بأكملها؛ غير ان القوى الأعلى صوتا والأقوى تأثيرا تروج خيار القتل والتهجير باتت تملك السلطة داخل الحكومة الإسرائيلية، وهي تهيمن بشكل متزايد على الشارع الإ سرائيلي بنموذج الحشود المناهضة للفلسطينيين. .

لكن أليست حماس منظمة إرهابية؟
المجتمع الفلسطيني، كما هو الحال في معظم المجتمعات، منقسم سياسيا بطرق عديدة ومختلفة. وفي الوقت نفسه، فهو موحد على نطاق واسع حول مبادئ معينة أيضًا. تعتقد جميع الفصائل السياسية، والأغلبية العظمى من الفلسطينيين على الأرض، أن الرد على القمع العنيف بمقاومة عنيفة أمر مبرر تمامًا.
ولكن عندما لا تكون هناك أزمة حيث يتحدث الجميع عن معارضتهم الموحدة للقصف الإسرائيلي على غزة ودعمهم للانتقام، فإن حماس وفتح تتنافسان على السيطرة على قلوب وعقول الفلسطينيين، فضلاً عن مجالس المدن. انتخبت حماس ديمقراطيا في جميع أنحاء الضفة الغربية وغزة كحزب سياسي، لكنها لم تتمكن من ممارسة تلك السلطة إلا في غزة وبعض المناطق الأخرى، بسبب هذا الصراع المستمر. لا تميل إسرائيل والولايات المتحدة إلى الاعتراف بحماس كحزب سياسي؛ ولكن فقط باعتبارها ما يسمونه منظمة إرهابية تتجرأ على مقاومة تدمير شعبها ومنازلها، وسرقة الأراضي، شأن أولئك الذين يعيشون في القدس الشرقية، التي تعتبر مفتاح التكرار الحالي للنضال من أجل فلسطين. لذلك عندما يتم قصف المستشفيات أو المباني الأخرى التي تحتوي على أي مكاتب حكومية، يقول الإسرائيليون إنهم يدمرون البنية التحتية الإرهابية.
واتجاه ثالث قرر أن عبارة "لن يحدث مرة أخرى أبدًا" تنطبق عليهم وعلى إخوانهم اليهود فقط. أنا شخصياً على دراية بهذه المجموعة تمامًا كما أعرف المجموعتين الأخريين المذكورتين أعلاه. لدي الكثير من أفراد الأسرة المباشرين والبعيدين منتسبين لكل مجموعة. المجموعة التي تقصر "لن يحدث هذا ثانية " على اليهود فقط هي المهيمنة في إسرائيل منذ تشكيل دولة إسرائيل، وهي أكثر هيمنة الآن من أي وقت مضى. وهذا مثير للرعب .

ما العمل ؟
طالما أن الولايات المتحدة وأوروبا والصين وغيرها، تتاجر مع إسرائيل وتدعم إسرائيل سياسياً واقتصادياً، وخاصة من خلال المساعدات العسكرية الأمريكية، كثير هم من يقولون لا يوجد أمل في أي حل للفظائع الجارية هناك. لا حل يمكن إيجاده من الداخل "الطرفان يتفاوضان ». الموجود ليس حزبان – طرف محتل ، وأخر يخضع للاحتلال؛ في مثل هذه الظروف لا يمكن إجراء مفاوضات حقيقية . ولا يمكن إجراء مفاوضات حقيقية في مثل هذه الظروف، وكل من يطلق اسم مفاوضات على هذا الأمر مفاوضات إما اته يتلاعب بالعقول او جاهل.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سيرة حياة ثورية من العند
- بالمال يحكم اللوبي الصهيوني قبضته على السياسة والرأي العام ف ...
- كي تصعد المقاومةالفلسطينية الى حركة ثورية إقليمية
- هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية(2من2)
- هراوة غليظة ترهب الجامعات الأميركية (1من2 )
- هل تغير صدمة الفشل نهج الدولة الصهيونية؟
- إبادة سياسية ، إبادة بشر ، إبادة مدرسية وثقافية وهوية وطنية، ...
- منظومة الامبريالية الدولية وذيولها إجماع على الكيد للشعب الف ...
- وصلت إسرائيل نهاية الشوط
- استراتيجيا الامبراطورية في الشرق الأوسط
- مجازر اليوم والجدار الحديدي قبل مائة عام وعام
- لا صمت بعد الذي جرى
- قرصنة بالأرض ..قرصنة بالمياه .
- تصدع بمصداقية اللوبي الصهيوني وتعرية البروباعاندا في دعايته
- نهاية الوهم الصهيوني
- ركائز للأبارتهايد والإبادة الجماعية والتطهير العرقي
- ما يحدث في غزة فاشية تعمم على صضعيد عالمي
- إسرائيل تسعى لتبديل قوانين الحرب
- قمة الناتو بواشنطون هل تخدم السلام ام الحرب
- علينا مقاربة إسرائيل دولة استعمار استيطاني


المزيد.....




- الشرطة تطلق الرصاص والقنابل الغازية على أهالي جزيرة الوراق
- سبع سنوات من الحبس الانفرادي.. عبد المنعم أبو الفتوح يرفض ال ...
- 29 سبتمبر.. لا بديل عن الحرية لعلاء عبد الفتاح
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي 22 شتنبر 2 ...
- الإعلان عن تأسيس الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الف ...
- تأجيل محاكمة مناضلي الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التط ...
- “وبريات سمنود” تطالب بفصل القيادي العمالي هشام البنا
- م.م.ن.ص// فتيل مشتعل فوق صفيح ساخن..
- بلاغ المكتب السياسي حول مراسيم تشييع جنازة الفقيد بوبكر الخم ...
- بلاغ حول محاكمة 13 مناضلا من مناضلي الجبهة المغربية لدعم فلس ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد مضيه - نتفنيد أكاذيب الصهيونية واختلاقاتها