خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8111 - 2024 / 9 / 25 - 18:57
المحور:
الادب والفن
في صمتِ اللّٰيل، تنهضُ فكرةٌ عابرة
ترتدي رداءَ النُّورِ، تسيرُ بلا جسدٍ في الطرقاتِ
كأنّها أنينُ الكونِ في لحظةِ الميلاد،
أو صرخةُ النجمِ حين يسقطُ في بئرِ العدم.
يا روحَ العدم، أين تنتهي حدودُكَ؟
هل من طريقٍ إلى الخلودِ دون أن نحترق؟
وهل يُخلقُ المعنى إلا في رحمِ الفناء؟
وهل يعانقُ الحرفُ السماءَ إلا إذا نزلَ في سراديبِ التراب؟
يا أيُّها الإنسانُ،
يا شظيّةَ الزمانِ المتكسّرة،
أيّها الغريبُ في متاهاتِ الوجود،
أتحيا في دائرةٍ لا بدايةَ لها؟
أم أنّ نهايتَك هي البدايةُ التي نسيتَها منذ ولادتك؟
نسيرُ على حبالِ الوقتِ،
كلُّ لحظةٍ هي سيفٌ يمزّقُ غفلتَنا،
ولكن، في العمق،
هل نحن إلا ظلالٌ تحاولُ الهروبَ من الضوءِ،
وتذوبُ في أركانِ الليلِ،
حين لا يبقى إلا الصمتُ الذي يُنطقُ بما تعجزُ عنهُ الكلمات؟
في قلبِ الصّخرةِ العتيقة،
يعيشُ سرُّ الحياةِ،
ليس في العيونِ التي تراه،
ولا في العقولِ التي تفكّر فيه،
بل في الصمتِ العميقِ الذي يلتفّ حولَ أسراره،
كأمٍّ تضمُّ وليدَها الأول.
فيا أيّها الباحثُ عن الحكمة،
أدركتَ أم لم تُدرك،
أنّ الطريقَ إلى الخلودِ ليس في الهروبِ من الفناء،
بل في معانقتِه،
كعاشقٍ يرى في الحبيبِ فناءَه وبقاءَه معًا،
كالطائرِ الذي يُحلّقُ نحو الغروب،
مدركًا أنّ الشمسَ التي تذوبُ في البحرِ
هي نفسُها التي ستعودُ حين يستفيقُ الفجرُ.
فاصمتْ،
ففي الصمتِ تنمو الحقيقة،
وفيه تموتُ الأوهام،
وفيه تعودُ،
إلى ما كنتهُ قبل أن تبدأ الرحلة.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟