أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - محمد ناجي - لقاء مع الباحث القانوني محمد عنوز















المزيد.....


لقاء مع الباحث القانوني محمد عنوز


محمد ناجي
(Muhammed Naji)


الحوار المتمدن-العدد: 535 - 2003 / 7 / 6 - 07:56
المحور: مقابلات و حوارات
    


 

اجرى اللقاء : محمد ناجي

لاتزال الحالة العراقية , وبعد مضي اكثر من  شهرين على الاطاحة بالنظام الدكتاتوري ,
تثير اكثر من سؤال , وهي  وبحكم الاهمية الجيوبوليتيكية تبدو شديدة الحساسية والتشابك ,
حتى لتبدو مفتوحة لاحتمالات عديدة . وفي محاولة للحصول على اجابة لبعض احداث الساحة الملتهبة , التقينا بالكاتب والباحث القانوني الاستاذ محمد عنوز , الذي له دراسات
وآراء قانونية وسياسية تمتاز بالسبق والجرأة في المتابعة والمعالجة , والذي سيطلع القراء في لقاء لاحق على آراءه الاخرى المتعلقة بقانون الجنسية العراقية والفدرالية وغيرها من القضايا ذات الاهمية للمواطنين .

 

1) بداية، كيف ترى الوضع في العراق من الناحية القانونية ، خصوصاً بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي الأخير المرقم 1483 ، وما هو تصورك لدور القوات الأمريكية ـ البريطانية ؟

إن طبيعة الأوضاع المتردية في العراق , وحجم الإضطهاد وتنوع أشكاله, والذي تعرض له الشعب العراقي طيلة أكثر من ثلاث عقود, كانت نتاج لاحتكار السلطة وتغيب إرادة الشعب في إدارة البلاد . هذا هو جوهر مشكلة الحكم وتدهور الأوضاع وتطورها إلى الحالة التي نعيشها الآن . فإذا ما عرفنا أن الشعب وإرادته الحرة هي مصدر السلطة والسيادة في أي بلد ، ولا يوجد مصدر آخر لشرعية أي سلطة ، أو سيادة حقيقة لأية دولة ، تتجاوز الشعب وإرادته على الصعيد الوطني ، وعلى هذا الأساس نقول أن النظام السابق كان نظاماً غير شرعياً. ومن المفيد ان نشير الى أن العراق منذ نشأت الدولة الحديثة عام 1921 حتى يومنا هذا يعيش في ظل حكومات ( الأمر الواقع ) حكومات فعلية وليست شرعية .
وجاءت الحرب الأخيرة ، وكنتيجة لها إنهار نظام صدام ، إلا أن التعامل مع إرادة العراقيين وكأنها شيء ثانوني , قبل بدأ الحرب وأثنائها حتى يومنا هذا ، أكد لنا حقيقة إننا أمام مشروع أمريكي يبحث عن قبول عراقي وليس أمام مشروع عراقي بحاجة لدعم ومساندة دولية ، وهذا ما أشرنا إليه في أكثر من محاضرة وفي بعض كتاباتنا آنذاك . وعندما أذكر هذا الأمر أبتغي منه التنبيه إلى أهمية التمييز من خلال المعايير المعروفة بين العمل الشرعي واالعمل غير الشرعي على الصعيد الوطني أو الدولي، كي لا تختلط الأمور ونزرع الأوهام وبالتالي نفقد بوصلة العمل المؤدي لتحقيق الخلاص النهائي من الدكتاتورية وحالة سلب الإرادة الوطنية ، كما تكشف لنا الأحداث . نحن بحاجة إلى عمل بإتجاه إعادة الأمور إلى نصابها في بلادنا وتجاوز حالة الأستثنائية في الإجراءات والأفعال وبناء النظام السياسي الجديد.
فلا يزال الوضع يزخر بالمفارقات من أبرزها وصف وتكييف دور القوات الأمريكية ـ البريطانية، فهناك من وصفها إنها قوات إحتلال , وهي كذلك بكل المقاييس القانونية والأعراف الدولية، في حين كان الأخرون ينعتونها على أنها قوات " تحرير " ، حتى حسمها قرار مجلس الأمن الذي هوعبارة عن صيغة قدمتها أسبانيا وأيرلندا إلى جانب المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، هذا القرار الذي وصف الحالة بالإحتلال من دون لَبس، وإنتهى ذلك الجدل العقيم، الذي كان دعاة " التحرير " من حيث  يعلمون أو لا يعلمون يبرأون قوات الإحتلال هذه من مسؤولياتها التي تنظمها قواعد القانون الدولي , وخصوصاً إتفاقية جنيف الرابعة , بما يضمن الأمن والأستقرار للمدنيين والحفاظ على ثروات البلاد.
خلاصة القول أن العراق اليوم بلد مُحتلّ ، وهذا بتقديري نتيجة منطقية للوضع المُختلّ بين الأطراف والأحزاب الوطنية والأسلامية , التي لم توحد جهودها عملياً قبل وأثناء وبعد الحرب ، وسوف تطول مدة الإحتلال طالما إستمر هذا الإختلال ، فإذا ما عمل الجميع على قاعدة مصلحة الوطن والمواطن أولاً ونبذ نزعة المجاملة وصيغة المحاصصة الفئوية ، فإن الطريق لإعادة العافية للبلاد يصبح سالك ومضمون من دون شك .   

2 ) إذن ما هو تقيّمك لقرار مجلس الأمن المذكور ؟ الا تجد فيه سابقة خطيرة، تتمثل في شرعنة الإحتلال ؟

نعم إنها سابقة خطيرة ، فهذه أول حالة في العلاقات الدولية تأخذ هذا المنحى في إطار هيئة الأمم المتحدة . والخطورة تكمن في إلغاء إستقلال بلد بعد أكثر من 70 عام من التمتع به ، كما أن أصدق وصف للقرار كونه  جاء لإقرار الأمر الواقع، والغاية الأساسية منه بالنسبة للدول التي ساندته وبالتالي لهيئة الأمم المتحدة هي تحميل قوات الإحتلال مسوؤلياتها في ضوء قواعد ومبادىء القانون الدولي , أكثر من إضفاء " شرعية دولية " على الإحتلال ، وفي ذات الوقت لابد من التأكيد على أن القرار كان قراراً توافقياً كما أكد مندوبي دول إعضاء مجلس الأمن في محضر الجلسة رقم 4761 في 22 أيار / مايو 2003 ، وهذا التوافق جاء في سياق محاولة التخفيف من أثار التجاوز الجسيم الذي سببه إعلان الحرب  وتداعيات الحرب ذاتها، بما في ذلك التجاوز الصارخ على ميثاق هيئة الأمم، خصوصاً المادة 78 التي تنص وبكل وضوح ( لا يطبق نظام الوصاية على الأقاليم التي أصبحت إعضاء في هيئة " الأمم المتحدة " إذ العلاقات بين هذه الهيئة يجب أن تقوم على إحترام مبدأالمساواة في السيادة ) .
إلى جانب ذلك كان أحد دوافع الولايات المتحدة وحلفائها في هذه الحرب , لقبول فكرة العودة للهيئة الدولية , وبالتالي إقرار كونهم قوة إحتلال , هو إنعدام ثقتها بالقوى والأحزاب العراقية بما فيها المؤيدة لها، والأمر الذي سّهل هذه الخطوة , لا بل عجل بها , غياب إطار عراقي وطني موحد ، والإفتقار لإيقاع سياسي موحد ، يجسد الإرادة الوطنية العامة للشعب , على الأقل بعد إنهيار النظام , ليكون أداة حقيقية تضع القوى الدولية أمام مسؤوليتها وحدودها ، فالغريب في هذا السياق ان تسمع شعارات وآمال في إتجاه وخطوات في الإتجاه الآخر، وبين هذا وذاك كم هائل من التضحيات وزيادة في التعقيدات والزمن يمر من دون حساب، كل هذا يحصل بسبب التجاوز الواعي أو غير الواعي لبديهيات الحياة .
بصراحة هذا القرار بحاجة إلى قراءة منفصلة ومفصلة ، ولكن بهذه العُجالة نشير إلى أنه عبارة عن إعتراف بالأمر الواقع ، فالقرار قد تضمن أكثر من 2050 كلمة موزعة على 27 فقرة ومقدمة ، وأهم ما فيه هو تسمية السلطة وتحديد صلاحياتها ( سلطة الإحتلال ) ، الإقرار لهيئة الأمم بدور في الأشراف والمتابعة من خلال تعين مستشار خاص من قبل الأمين العام ، مناشدة الدول لتلبية الحاجات الإنسانية للشعب العراقي ، عدم منح ملاذ آمن لأقطاب النظام المنهار، إلغاء الحظر الإقتصادي الشامل المفروض بموجب القرار 661 عام 1990 ، نزع سلاح العراق والعودة إلى النظر في ولاية لجنة التفتيش ، إنشاء صندوق تنمية ومعالجة موضوع الديون وتخفيض نسبة التعويضات العراقية إلى 5% من العائدات ، إنشاء حكومة عراقية ممثلة للشعب معترف بها دولياً، وغيرها من الإجراءات الخاصة بإعادة بناء المؤسسات وأصلاح النظام الإداري والقانوني بشكل عام … إن القراءات الأولى للقرار تضعنا أمام تناقضاته المتعددة منها :
1 ـ القول بإحترام سيادة العراق حيث المجلس ( يؤكد من جديد على سيادة العراق وسلامته الإقليمية ) ، وفي ذات الوقت المجلس ( يسلّم بالصلاحيات والمسؤوليات والإلتزامات المحددة بموجب القانون الدولي المنطبق على هاتين الدولتين ، بوصفهما دولتين قائمتين بالإحتلال تحت قيادة موحدة( السلطة ) ، فاي سيادة هذه التي يتحدث عنها القرار وهو يعترف للمحتلين بأن لهم السلطة العليا والمقررة لمدة لا تقل عن 12 شهراً قابلة للتمديد!؟
2 ـ لم يكتف القرار بموضوع نزع أسلحة الدمار الشامل بل المجلس ( يؤكد من جديد أيضاً أهمية نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية وتأكيد نزع سلاح العراق في نهاية المطاف ) ، فهل يعقل أن يتم نزع سلاح دولة في حين لا يوجد معيار دولي لحجم وطبيعة تسلح الدول ، وكيف تتم صياغة العبارة بشكل عام والتي تدل على الإطلاق أكثر مما تدل على التحديد لنوع معين !؟ ليس هذا فقط إنما الأمر ينسحب على المبررات التي كانت وراء نزع أسلحة الدمار الشامل والتي كانت تتعلق بوجود النظام الدكتاتوري وصدام بالذات واليوم لا النظام ولا صدام موجودان ، فما هو المبرر إذن !؟
3 ـ القرار ( يشدد على حق الشعب العراقي في تحديد مستقبله السياسي والسيطرة على موارده الطبيعية ، وإذ يرحب بإلتزام كافة الأطراف المعنية بدعم تهيئة بيئة تمكنه من القيام بذلك في أقرب وقت ممكن ، وإذ يعرب عن تصميمه على ضرورة أن يحل اليوم الذي يحكم فيه العراقيون أنفسهم على وجه السرعة ) ، فإن هذا تعويم لحق الشعب ، من دون تحديد آلية ولا سقف زمني ، لا بل أن القرار قد صدر والعراق لم يمثله أحد ، والممارسة اليومية تشير إلى إتجاه تغيّب الشعب العراقي في تعامل الولايات المتحدة سابقاً لا بل كان التعامل إنتقائي وضار حيث نلاحظ دعوة أطراف وإستبعاد أخرى ولغرض الإستفادة من المعلومات لا أكثر، هذا التصرف هو تجسيد ساطع لقانون تحرير العراق الذي اصدره الكونغرس الأمريكي ، وكأن العراق ولاية أمريكية، فكيف يمكن أن نفهم السلوك الملموس إلى حد إلغاء فكرة عقد مؤتمر وطنى عراقي عام لا يستثني أحد !؟ وهذا ما أكده القرار كحق للشعب العراقي !
4 ـ لابد من عدم الوقوع في شرنقة الوهم حول موضوع ( الإدارة العراقية المؤقتة )، التي وردت في الفقرة 16 والتي تتعلق بمسائل العقود فقط ، وهي ليست سلطة إنما هيئة إستشارية لسلطة الإحتلال ، والمشاركين في هذه الإدارة لا يمثلون بعملهم هذا نشاطاً سياسياً إنما عمل وظيفي بعقد مع البنتاغون وبراتب شهري معلوم ، وهذا يكشف لنا طبيعة الخيّار الأمريكي وعلاقته بإرادة الشعب العراقي .
هذه أبرز ملاحظاتنا على القرار ، ونحن بصدد دراسته بشكل مفصل بالقريب العاجل.

3 ) إذا كان تقيمكم للحالة على هذه الشاكلة، وإنكم وصفتموها بالإحتلال ، فكيف يمكن للعراقيين التعامل معها في نظرك ، وهل يعني أن يغادر المحتل فوراً ! كما يطالب البعض ويرفعه كشعار سياسي !؟

في الحقيقة هناك شعارات مطروحة تحدد المطلوب من مهام وبالتالي المسؤوليات ، ولكن لشديد الأسف ، وأقول هذا بكل مرارة ، بأن آلية هذه الشعارات هي المفقودة ، مثل شعار ( لا للحرب لا لصدام ) مثلاً لم توضع آليه له ، لا بل لم تشكل إداة لتحقيقه، والآن شعار ( لا لصدام لا للإحتلال ) ، وهو مطلب الأغلبية العظمى من أبناء الشعب ، فما هي آلية تحقيقه !؟ فنحن لم نشهد على الأرض شيء جدي في هذا السبيل ، سوى المطالبة من خلال المظاهرة، في حين المطلوب هو العمل المشترك من دون إستبعاد أي طرف لتشكيل اللجان في االنواحي والأقضية والمحافظات وصولاً إلى قيادة وطنية على صعيد البلاد لها سلطة تكتسبها من إحترام أبناء الشعب وإستجابتهم لها وما تدعو له من أعمال تخفف المعاناة وتوفر الأمن والأستقرار، فنحن لا نفهم سبب هذا التأخير، ولماذا تنتظر قوى الشعب والأحزاب دعوة أو موافقة سلطة الإحتلال !؟ هل هناك حكمة في ذلك !؟
إن الحكمة كل الحكمة تتجلى في القيام بالمسؤوليات ، فالإحتلال ليس كلام ، إنما هو سلطة على الأرض ورفضه لابد أن يتم بتشكيل سلطة ، وعن هذا الطريق يتم إنهاء الإحتلال الذي وصفناه بأنه واقع حال ، والمطالبة بأن يغادر فوراً مطلب غير واقعي وغير ملح , على الرغم من رفضنا لوجوده ، ففي مثل هذه الظروف الحالية ينبغي الإسراع بتشكيل السلطة الوطنية التي لابد أن تكون ( السلطة / اللجان) متنوعة التركيب لا تستثني أحد ولا تعتمد قاعدة المحاصصة وحساب الحجوم ،هذه النغمة النشاز في ظل المعاناة الكارثية ، والتي معيارها يقوم على تقديرات وهمية ، لحين أن تتوفر الظروف التي تمكن البلاد من الإنتقال إلى مرحلة السلطة التي تساهم بها الأطراف حسب الأحجام أي عبر الإنتخاب.
أن التعامل المطلوب والذي لا سبيل غيره في هذه الظروف هو إعداد المشروع الوطني العراقي والذي يستند إلى القرار المستقل القائم على إحترام التعددية السياسية قبل كل شيء ، لأن المشكلة تكمن فيها ، فهي الأساس الذي يقوم عليه النظام الديمقراطي ، ونظام من هذا الطراز هوالضامن الوحيد لحقوق القوميات والطوائف، وليس العكس كما تقول التجربة الحياتية، ومشروع من هذا النوع يحتاج إلى عمل مشترك ميداني تنهض به قوى الشعب وأحزابه من دون إستئذان من أحد بإعتباره مهمة نضالية ومسؤولية وطنية لا تحتمل التأجيل على الإطلاق ، فالحياة هي صراع وهذا الموضوع لابد أن نأخذه في هذا السياق ، إلى حد قيام سلطة تلبي حاجات الشعب كتوفير الأمن والإستقرار كي يلتف حولها وتكون الصوت الذي يفاوض سلطة الإحتلال كي يتمكن الشعب من إدارة نفسه بنفسه وبذلك يعود الإستقلال للبلاد، بمعنى آخر نحن نرى بأن الأمور ستسير عاجلاً أم آجلاً في طريق إزدواج السلطة حتى تحسم وتقوم سلطة الشعب في نهاية المطاف ، بسبب من إجراءات سلطة الإحتلال البعيدة عن متطلبات المجتمع والتباطؤ في إشراك العراقيين في جملة القرارات ، وهذه دعوة لإثبات القدرة والأهلية في إدارة البلاد وليس إلى المغامرة ، وهذه مسؤولية القوى السياسية العراقية الوطنية منها والأسلامية ، والتهرب منها يعنى ترك الوطن والشعب أسير المشاريع الأجنبية من دون شك .

4 ) في نفس الوقت تجري عملية لإعادة تشكيل الانظمة القانونية العراقية ، فما هو تصوركم وموقفكم من هذه العملية !؟

في الحقيقة، موقفنا يتداخل مع تصورنا، لتعلق الأمر في مسائل التشريع وطبيعة الإرادة المشرعة، وماهية المجالات التي تتطلب إعادة تشكيل أو صياغة قوانين جديدة ، وحقيقة موضوعة الجهة / السلطة التي لها الأهلية والشرعية في ذات الوقت للقيام بهذه المسؤولية الكبرى ، وهي قضية كبرى لتعلق الأمر بموضوعة التشريع وغياب الإرادة الوطنية العامة تاريخياً ، نحن أمام فرصة أن ندرك أهمية ذلك كي نسير على طريق دولة القانون ذات الشرعية الوطنية التي مصدرها الشعب ، لا أي مصدر أخر مهما كانت قدرته .
كلنا متفقون بأن البلاد تحت سلطة الإحتلال، وبالتالي فأن الإجراءات التي تتخذها هذه السلطة لا يمكن إعتبارها تشريعات وطنية لغياب المؤسسات التي تجسد الإرادة الوطنية العامة، والتعامل معها بصيغة مستشارين أو ما شابه ذلك يعتبر بكل المقاييس عمل في إطار سلطة الإحتلال ولا يجوز خلق الوهم حول ذلك ، كان يقال أن المستشارين هم أيضاً عراقيين فالأمر لا يتعلق بعراقية الفرد أو المجموعة ، أنما الأمر يتعلق بشرعيتها وكيفية إكتساب هذه الشرعية، هذا أهم ما نفكر به وندعو إليه وما تحتاجه عملية قيام بديل ديمقراطي حقيقي على أنقاض الدكتاتورية البغيضة .
علماً أن ما هو منجز من دراسات ومقترحات تبقى في حدودها كأفكار لا أكثر، وأي تجاوز على هذه الحدود سيكون تكرار لحالة الأنظمة السابقة التي تجاوزت على الإرادة الوطنية العامة خصوصاً في تشكيل المؤسسات الدستورية الوطنية .
أن الإجراءات التي ستتخذ هي مؤقته وليست تشريعات قانونية لكونها تجسد إرادة أجنبية، وهذا إستمرار لمشكلة الحكم في العراق وليس علاج لها . وفي هذا الصدد فإن مسعى سلطة الإحتلال بشكيل مجلس سياسي يتجاوز الأحزاب والقوى السياسية يقوم بإعداد دستور أمر غير سليم ولا يمكن تسويغه ، فكل تشكيل يقام الآن هو جزء من سلطة الإحتلال . فالمطلوب هو إنهاء الإحتلال وإعادة إستقلال البلاد والسيادة الوطنية التي مصدرها الشعب وهذا يتم كما نعتقد من خلال قيام حكومة وطنية إنتقالية تعمل على إعادة بناء المؤسسات الأساسية كالجيش والشرطة إلى جانب المؤسسات الصناعية والخدمية والإدارية والتعليمية …  وتلغي كل القرارات التعسفية التي أصدرها النظام المنهار وهذه الحكومة تستند إلى مجلس وطني يضم الأحزاب والقوى والحركات السياسية وممثلي القطاعات الإجتماعية بما يجسد أغلبية المجتمع كجهاز إستشاري للحكومة الوطنية الإنتقالية يضع خطة عمل لمدة سنتين ويقوم بإعداد " قانون " للإنتخاب ويعد مسودة دستور البلاد يتم إقراره في إستفتاء عام والإعداد لإنتخابات برلمانية عامة، وبذلك نكون أمام ثلاث مراحل بمعزل عن مدة كل مرحلة وهي :
1 ـ سلطة الإحتلال .
2 ـ الحكومة الوطنية الإنتقالية .
3 ـ السلطة الوطنية المنتخبة .
السلطة الأولى تستمد وجودها من واقع الحال الذي تم إقراره من قبل مجلس الأمن من جهة والذي يمكننا أن نقول إنها سلطة مقبولة عراقياً بسبب عدم تشكيل سلطة وطنية بديلة بمبادرة من قبل القوى الوطنية والإسلامية.
أما السلطة الثانية فهي سلطة لابد من تشكيلها عبر مؤتمر وطني عام ينبثق منه مجلس سياسي على قاعدة لكل طرف مقعد واحد وحكومة تكنوقراط من لهم الكفاءة العلمية والعملية  والروح الوطنية ذات موقف من رافض للديكتاتورية ، وهذه أيضاً لا تصدر قوانين إنما قرارات تعالج بها الأوضاع على طريق العودة بالبلاد إلى الحياة الطبيعية بعيداً عن الإجراءات الإستثنائية، لأن الإستثناء في الإجراءات هو مصدر للتمييز وعدم الإستقرار، ومن المهام الملحة لهذه السلطة هو إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة التي تتنافى مع حقوق الإنسان من جهة أو تلك التي منحت إمتيازات إستثنائية أو عدلّت بعض القوانين ، الأمر الذي جعل التشريعات متناقضة وفي حالة فوضى ، إلى جانب إلغاء كل المواد الخاصة بـ " الجرائم " السياسية التي تتعارض مع الحريات الأساسية للإنسان ، وإعتبار تلك القوانين عبارة عن مشاريع قوانين سارية المفعول مؤقتاً لحين إنتخاب السلطة التشريعية التي تأخذ على عاتقها كامل عملية التغييروالإقرار.
السلطة الثالثة فهي السلطة التي تقوم على أساس من الشرعية الدستورية ، وهذه هي غاية ووسيلة الشعب لبناء الحياة الحرة الكريمة ، وبالتالي السلطة الضامنة لإستقرار البلاد وقطع الطريق أمام الإستبداد وإلى الأبد .
في هذا الصدد لا يجوز الخلط بين مهام هذه السلطة والسلطة الوطنية المنشودة ، فيكفي شعبنا معاناة وزرع أوهام وتسويغ مفاهيم ، وعلينا جميعاً وخاصة الحقوقيين أن نتمسك بنشر الحقيقة وثقافة حقوق المواطن والإنسان بشكل عام ، إذا كنا ننشد الإستقرار الحقيقي والسير في طريق بناء العراق الجديد .

5 ) سوف نواصل الحديث معكم لاحقاً عن موضوعات الدستور وإعادة بناء الدولة
ومسألة الفدرالية والجنسية، ولكن الآن كيف تنظر للمستقبل ، ومتى ستعود للوطن !؟

نحن بدورنا أيضاً نود أن نشكركم ، ونعبر عن إستعدادنا لمواصلة الحديث لاحقاً ، أما مسألة ما نراه اليوم فهي أوضاع سيئة , إلا انها لايمكن ان تقارن بما كانت عليه في ظل نظام صدام ، فالأمور مها كانت صعبة فهي ستتحسن بجهودنا جميعاً ، ولنا ثقة كبيرة بقدرة أبناء وبنات شعبنا على تجاوز المعاناة , سيما وقد توفرت الإمكانية الفعلية للمشاركة في إعادة بناء البلاد، ومن هذا المنطلق فنحن سنعود للقيام بواجبنا الوطني في أقرب وقت ممكن ، فكما تعلمون هناك إلتزامات إدارية مطلوب منا إنهائها، على الرغم من كوننا نقول دوماً أن العراق قريب منا ونحن لم نبتعد عنه , وهولم يخرج منا أبداً .  


 



#محمد_ناجي (هاشتاغ)       Muhammed_Naji#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من فضلكم... لحظة !
- تمنيات مواطن في آخر زمن المنفى
- من فضلكم... لحظة !
- تظاهرة لا للحرب لا للدكتاتورية


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - محمد ناجي - لقاء مع الباحث القانوني محمد عنوز