محمد حمد
الحوار المتمدن-العدد: 8110 - 2024 / 9 / 24 - 23:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مراحل معينة من حياة الشعوب تحصل احيانا ما يشبه عملية فرز بين حركات واحزاب سياسية من مشارب مختلفة. نتيجة لدوران عجلة التاريخ التي لا تتوقف ابدا. وان اكثر المراحل قوة وتأثيرا في عملية الفرز هذه هي الحروب والنزاعات المسلّحة بين الدول. وهنا لا توجد منطقة ظل يمكن اللجوء إليها والادعاء بعدم رؤية الامور على حقيقتها. هنا الكل مطالب بالكشف عن اوراقه امام الجميع وبشكل واضح لا لبس فيه. خصوصا اذا كان حدث ما يتعلق بمصير ومستقيل ملايين الناس، كالحرب مثلا.
وفي اوروبا على سبيل المثال توجد دول تقودها حكومات محسوبة بهذا الشكل او ذلك على اليسار (مع تحفّظي وشكوكي حول طبيعة ونوعية اليسار واليمين في اوروبا). ولا تحلو برامجها قبل الانتخابات طبعا من نكهة نوعا ما يسارية او تقدمية، لكن سرعان ما تتلاشى عند الوصول الى السلطة. لتذوب في سماء الوعود الداكنة.
أن من يعيش في اوروبا ويتابع الصراعات والانشطة السياسية يجد ما لا يصدقه العقل وان رآه بالعين المجردة ! ويبدو ان المصالح الخاصة، بالدولة "ظاهريا" او بالحزب الحاكم بشكل واضح جدا، مع ضغوط سياسية أمريكية هائلة، تجعل الكثير من حكام اوروبا المحسوبين على "اليسار" يتارجحون بين ماض يشار له بالبنان ويحسب له الف حساب. وبين خاضر مشوّه الوجه "مجهول الهوية" لم يعد يثير اهتمام غالبية السكان. وفقد ثقتهم بشكل شبه كامل.
في أوروبا لم يكن أحد يتوقع، حتى وقت قريب، أن يصبح المستشار الألماني شولتس من أكثر دعاة الحرب واول الداعمين بالسلاح والعتاد والمال لنظام كييف النازي. بل اصبح اشد أعداء روسيا. في القارة الأوروبية. ولا ننسى أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه مستشار المانيا، محسوب على اليسار. وكذلك الحال بالنسبة لحكومة المملكة المتحدة التي يقودها حزب العمال، المحسوب على اليسار هو الآخر، لم تخرج عن سرب حلف الناتو العدواني لا بالكلام ولا بالفعل. ولم تخفِ عداءها وحقدها على روسيا. إضافة إلى الكرم الحاتمي في دعم اوكرانيا بكل ما تريد.
أما إذا اتجهنا إلى امريكا التي يقودها الحزب الديمقراطي المحسوب على اليسار ايصا، فهو المشارك والمساهم الفعلي في كل جرائم ومجازر دويلة اسرائيل في غزة والضفة الغربية والآن في لبنان.
تجدر الإشارة إلى أن هنغاريا، التي يحكمها حزب يميني "متطرّف" لا تملّ ولا تملّ في البحث عن السبل والوسائل الملائمة لإحلال السلام ووقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
فلماذا تقف الحكومات الأوروبية المحسوبة على اليسار في الجانب الايمن من التاريخ؟
#محمد_حمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟