أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أبو الحسن سلام - مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي والخيال التوقعي















المزيد.....



مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي والخيال التوقعي


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 23:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مسرح الطفل                 
وفانتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي والخيال التوقعي[1]
- دراسة في الاستلهام التراثي –
 
       د. ألف بو الحسن سلام        
    
مقدمة البحث :   
 
 لم يحظ مسرح الخيال العلمي في بلادنا باهتمام كتاب المسرح ومخرجيه بالقدر الكافي  بما يسهم في عملية التكوين المعرفي و ثقافة التعلم  للطفل - إلا فيما ندر- خاصة وأن هناك قواسم متقاربة بين غرائز الطفولة و مظاهر مسرحية رئيسية ؛ علي سبيل المثال : غريزة التقليد ومقابلها المحاكاة في المسرح الأرسطي ، غريزة الدهشة ومقابلها الدهشة في المسرح الملحمي ، غريزة التعرف ومقابلها التحطيم في مسرح القسوة ، الطقل يجطم لعبته بحثا عن مصدر الضوء أو الصوت أو الحركة ، وفي المسرح  القسوة نقض السياق والمعني بحثا عن مظهر مغاير ومعني مغاير - غريزة اللوعبة ومقابلها ظاهرة االتداعيات في مسرح العبث والتقافز من فكرة إلي أخري دون إنتاج معني محدد -  بحثت عن شيء من التقارب في كتابات مؤلفي مسرح الطفل ؛ فلم أوفق . وبحثت في كتابات بحثية تطبق نظرية الخيال في إبداع النص أو العرض المسرحي للطفل أو للكبار؛ فلم أعثر إلا على عدد قليل لا يكاد يحصى من النصوص المسرحية لعل أبرزها نص للطفل ؛ أبدعه د. يوسف عز الدين عيسي تحت عنوان ( نريد الحياة ) عن لهفة النطف في الأرحام  علي الخروج إلي النور، ودور صاحب منفذ الخروج في تبصر كل منها إلي ما هو ضروري له من معلومات عن حياته خارج عالم النطف [2] ، [3] .
 
 فضلا عن نص للكبار أبدعه خيال د. يوسف إدريس الجامح ، تحت عنوان ( الجنس الثالث) [4]  حيث يطلق خياله جامحا بلا حدود ؛ فيصور جنسا ثالثا لا هو بشر ولا هو ملاك ولا هو ذكر ولا هو أنثي ؛ لكنه يجمع كل تلك الصفات في كائن واحد لم يخلق كما خلقنا وإنما خلق كما جاء على لسان شخصية الكائن نفسه ، خلق من ( سقطة شعاع من نور نجمة الفجر، على زهرة فل ، في لحظة كان يغنّي فيها كروان ؛ حصل بين التلاوة استبدال وتوائم وراحوا متجانسين على طول فاتحدوا )والكائن الخيالي هذا لا يحتاج إلى وسائل من أي نوع فهو نفسه وسيلة فهو يطير بمشيئته، في الفضاء وليس بحاجة إلى طائرة - بمجرد نيته في نفسه - [5].
  ولنعمان عاشور مسرحية ( لعبة الزمن)[6] المستلهمة من تراث ألف ليلة وليلة وهي تدور حول موضوع  السفر إلى المستقبل وإلى الماضي مع العودة . ولتوفيق الحكيم مسرحيتين يوظف من خلالهما الخيال العلمي وهما ( تقرير قمري) و(رحلة إلى الغد)[7] فهو يصور رحلة إلى كوكب فضائي تقررها الحكومة على قمر صناعي فيقترح عليها أن ترسل إثنين محكومين بالإعدام كتجربة؛ فإن ماتا في الفضاء فكأن حكم الإعدام نفذ فيهما وإن عاشا فقد تحقق الغرض بنجاح التجربة العلمية ؛ ولكنهما يعيشان على الكوكب .. ولا يفكر أحدهما إلا في الأرض فيعيشان على تذكر كل تفاصيل حياتهما على الأرض ويرددان أغاني عبد الوهاب وأم كلثوم  ويعيشان حياة اغتراب وحنين للأرض.  
 
   ومن نصوص مسرح الطفل ثلاث نصوص للدكتور يوسف عز الدين عيسى إحداها دث عن حياة  كائنات جية  في نقطة ماء وأحري عن حياة أجنة في رحم الغيب - شخصيات قبل أن تولد - تتسارع وتتدافع متزامنة في محاولة كل منها للخروج إلى الحياة الدنيا؛ غير أن بعضها في انتظار دور ولادته يسأل خازن دور الأرحام ن متحيرا  قلقا ، عن كيفية وجودها وأسباب وجودها وماذا ينتظرها بعد خروجها ، ما الذي ينتظرها  فلما يقال لها على لسان حارس أبواب الخروج إلى الحياة بأن أول من سيستقبلها هو والدتها ووالدها ، مع بعض المعلومات عن كينونة والديها .. لكن مع إلحاحها في طرح الأسئلة عن عمل والدها،، قد يصدم إذ يخبر أن الأب لص أو قاتل أو.. أو – مع تعريفه طبيعة المهنة  أو الفعل - فيتراجع بعضهم عن الرغبة في الخروج إلى الحياة الدنيا.   
 
 وهكذا تلاحظ لي أن هذا النص وغيره من نصوص الدكتور يوسف عز الدين عيسى التي تدور حول موضوعات وأفكار ذات ملامح درامية منبعها الخيال العلمي، بهدف التكوين المعرفي للطفل – وهو ما يدخل في صميم المسرح التعليمي.
 
 
  أما الكتابة النقدية جول مسرح الطفل ، فقد وقعت علي سفر موسوعي للدكتور تيسير الألوسي[8] سفر لم يترك شاردة ولا وارة إلا وعرض لها في منهجية كتابة المسرح وعرضه للطفل .  وعن ( تحليل قصص الأطفال) يطرح "جاريث ماثيوس" [9]عددا من الأسئلة[10] عما يمكن تقديمه للطفل من معارف ؛ صدّر بها د. إسماعيل عبد الفتاح كتابه، وهي :
- هل يمكن تقديم الأمور الفلسفية للطفل ؟
- هل يمكن أن نقدم للأطفال مالم يتفق عليه الكبار بعد؟
- هل يمكن للطفل استيعاب هذه المسائل الفلسفية ؟
- ما هو الأسلوب الأمثال التي نقدم بها للأطفال القضايا ؟
- هل يستحيل الخيال عند الأطفال إلى واقع فيما يتلقونه من قصص أم يظل مجرد صور خيالية ؟
-هل يخدم النص الأدبي الموجه للطفل ما يحتاجه الطفل من أمن وحب واستقرار [11]  
  ومع أن د. إسماعيل عبد الفتاح [12]يصدر الفصل الأول من كتابه هذا بتلك الأسئلة نفسها ، مزيدا عليها لتصل إلى نحو ستة عشر سؤالا ، ويضع مثلها في مقدمة الفصل الثاني دون إجابات .. إلا أنه لا يجيب عن أي منها !!
 
  وهذا البحث لا يدعى أنه سيجيب عنها ؛ لكن ربما يحاول الإجابة عن بعضها ؛ باعتبار الخوض في مسألة الخيال والفانتازيا والرفيق الخيالي والرفيق التفاعلي الخيالي وعلاقتها بمسرح الطفل ؛ من القضايا العميقة المتصلة بالفكر الجاد وبالفلسفة أيضاً . . فلقد لجأ العقل البشري منذ العصور القديمة وفترات من العصور الوسيطة إلى مخيلته بحثا عن حلول خيالية يوجد بها أشياء مستحيلة التحقيق قصد تيسير حياته ، وتحقيق مطالب مستحيلة التحقيق ؛ فعوض عجزه عن عدم تملكها بتخيلها.
 
 ولأن التخيل حالة تصور ذهني أقرب إلى حالة أحلام اليقظة ؛ لذا وهب الإنسان منحة الخيال .
  ولأن عمليات التخيل التى يمكن أن توصف بالتحولات الإبداعية مقصورة دون شك على قلة من الأفراد الذين وهبوا منحة الخيال الإبداعي : Creative Imagination  ؛ لذا رأيت الباحثة في فكرة ( باب المغارة في قصة على بابا والأربعين حرامي )  حيث يفتح ويغلق من تلقاء نفسه ؛ فور إطلاق شخص ما قد يكون زعيم العصابة أو شخص آخر ؛ سواء أكان اسمه (على بابا أو قاسم)  أو غير ذلك لجملة (افتح ياسمسم .. اقفل ياسمسم ) كما سمعنا في حكاية. " شبيك لبيك" وحكاية الجني المحبوس في القمقم مسحورا بفعل جنى أقوى منه نفوذا ومقدرة ..لألف سنة ؛ وإذا بإنسى يعثر على القمقم  ويسمع صوتا خفيا يهتف به ؛  طالبا نجدته ومروءته ليخرجه من سجنه بداخل القمقم  واعدا إياه بأن يكون خادمه المطيع الذي يلبي له أي مطلب مهما كان مستحيلا. وعندما يستجيب له الإنسي ويخلصه من القمقم يصيح الجني " شبيك لبيك .. عبد بين يديك" فيطلب منه منقذه الإنسي ما شاء له أن يطلب ؛ ليجد طلبه متحققا في التو واللحظة التي انتهى فيها من الإعلان عن طلبه. 
 
 كذلك سمعنا حكاية (خاتم سليمان) الذي يفركه الإنسان الذي عثر عليه ؛ ليجد أمامه ماردا عملاقا ينشق عنه دخان كثيف - لا يعرف مصدره -  ليصيح صيحة أسطورية مجلجلة: " شبيك لبيك عبدك بين يديك" وكذلك سمعنا أو قرأنا من بين تلك القصص التي أبدعها الحكاء التراثي القديم في " ألف ليلة وليلة " وغيرها من حكايات عن الحيوان وقدراته الفائقة الخيال في.   " كليلة ودمنة " . 
لقد كانت مثل تلك الحكايات التراثية الأسطورية وحكايات الخوارق والأشباح والأطياف ، لونا من ألوان التصوير الفانتازي ؛ الذي برعت فيه مخيلة المبدع القديم ؛ الذي تخيلها . ومن تلك الصور الغرائبية في الآداب العالمية القديمة قصة (حصان طروادة ) وخدعة اقتحام جنود " أوديسيوس " - صاحب الفكرة- لحصن طروادة المنيع ليصبحوا بداخل المدينة المحصنة المنيعة
 
 وكذلك كانت صورة " كعب إخيل" وفكرة ساحرات الجزيرة في ( الأوديسية) وكذلك فكرة الحصان الطائر ( بيجاسوس ) وذلك العملاق ( سيكلوبس) ذو العين الواحدة في أعلى مقدمة جبهته .. يأكل الإنسان في بلعة واحدة ؛ كانت كل تلك الصور وحكايات الخوارق والمعجزات الأسطورية ، أو الخرافية ، حلولا خيالية حلم بها الإنسان القديم ، أو عبر بها عن تخوفاته مرة، وعن طموحاته  فتصورها تصورا ذهنيا وتعويضا بالخيال عن عجزه في تحقيقها واقعا ماديا في حياته أو تعبيرا عن مخاوفه من بطش قوى الطبيعة الخارقة فتخيل وسائل حماية نفسه منها .
 
 ومن الغريب أن حكايات مثل ( " الجني وشبيك لبيك" ومصباح علاء الدين وخاتم سليمان وافتح ياسمسم  والبللورة السحرية التي يستطيع أن يرى من خلالها ما يدور بداخل قصر الإمبراطور الصيني في التو واللحظة  ) من الغريب أن تلك الحكايات ؛ كانت كلها إبداعات عقل شرقي ؛ عربيا كان أم هنديا؛ من الغريب أن ذلك العقل الذي ابتكر تلك الصور الخيالية ، الأسطورية قد اكتفى يتخيلها وسواها في كتاباته الأدبية ؛ ولم يفكر في تحويلها من مجرد تصور خيالي أدبي إلي حقائق مادية  فإذا بالعقل الغربي الذي قطع شوطا بعيدا على طريق التفكير العلمي قد تمكن بجهوده العملية وتجاربه من تحويل التصور إلى صور مادية نافعة للبشرية كلها ؛ فوجدنا أبواب الفنادق والقصور والمطارات وأبواب السيارات تفتح من تلقاء نفسها عند اقتراب كائن ما على مسافة محددة منها قربا أو بعدا تفتح وتغلق بدون أيقونة الصيحة الأسطورية " افتح يا سمسم " التي سنتناول في حكاية ( على بابا والأربعين حرامي) وبالمثل رأينا رأي العين ما يحدث في لحظة حدوثه في أي بقعة من بقاع الكرة الأرضية بدون وجود ( البلورة السحرية) التي يستطيع الناظر فيها مشاهدة ما يحدث في قصر إمبراطور الصين ؛ وذلك بمجرد لمسة خفيفة بالريموت كونترول ليشاهد على الشاشة ما يحدث في لحظة المشاهدة .
 وفيما يصل إلى نحو مائة عام - كما يقول د. يوسف عز الدين عيسى : " خلال تلك الفترة الوجيزة بالنسبة لتاريخ البشرية تمكن الإنسان من الانتقال من مكان إلى آخر في سرعة ومتعة وسهولة فوق سطح الأرض وفي الجو  وعلى سطح الماء وفي عمق مياة البحار والمحيطات بعد أن كان السفر على ظهر دابة أو سيرا على الأقدام قد يستغرق الأيام والشهور ويتطلب عناء وجهدا مضنيا ففي عصرنا هذا تحولت الأساطير إلى حقائق ؛ فبساط الريح تحول إلى ما نسميه الآن الطائرة ، والبللورة السحرية التي بهرتنا في حكايات ألف ليلة وليلة ؛ حيث كان بطل الحكاية يرى أشياء تبعد عنه مئات الأميال حقيقة متمثلة في جهاز التليفزيون . ولم يخطر على بال مؤلفي الأساطير أن الإنسان سوف يتمكن من تسجيل تلك الصورة المتحركة والاحتفاظ بها ليراها من جديد كلما رغبىة في ذلك عن طريق جهاز الفيديو . لقد محا الإنسان كل حدود الزمان والمكان إذ أصبح في الإمكان مشاهدة فيلم في التليفزيون لنجيب الريحاني " [13]ويضيف د. يوسف عزالدين إلى ما تقدم .. " ولم يكتف الإنسان بالانتقال من مكان إلى مكان على الكوكب الذي يعيش فوق سطحه منذ آلاف الأعوام  بل  استطاع تحطيم القيود التي ربطته بالأرض طوال هذه المدة منطلقا من أصر جاذبيتها إلى كواكب أخرى ؛ فوطئت قدماه سطح القمر الذي ظللنا أعقابا طويلة ننظر إليه من بعيد ولا نرى فيه سوى مصباح يبدد ظلام ليالينا الحالكة . ونراه جميلا عندما يكون بدرا نشبه به وجه المحبوب . كما وصلنا إلى كواكب أخرى على متن سفن للفضاء ؛ كنا نقرأ عنها في مؤلفات من صنع خيال بعض المؤلفين . وأتاح لنا الراديو سماع همس البشر عبر آلاف الأميال بلا أسلاك تربط المتكلم بالمستمع.. أجل. تمكن العلم من صاع كل هذه الأشياء وغيرها من المعجزات ؛ ولكنه وقف عاجزا أمام بعض أمور ؛ منها 
الشيخوخة والأحزان والوحدة "[14]     
 
 هكذا تحول الخيال الإبداعي والتصوير الفانتازي عند المبدعين القدامى  للمعجزات وللخوارق والمستحيلات تحول إلى حقيقة مادية بين يدى الإنسان المعاصر الذى لم يكتف بالاستماع بحكايات الخوارق في خيال أسلافه المبدعين ؛ وإنما أعمل عقله وحول الخيال إلى تكنولوجيا ؛ سيطر بها على مجريات حياته وحياة المجتمعات البشرية إيجابيا وسلبيا .
 
المسرح والمعالجة الفانتازية
 
  كانت تلك المخيلة الإبداعية وما أنتجته من حكايات أسطورية مجالا خصبا المسرحيين وللسينمائيين والفنانين التشكيلين والمؤلفين الموسيقيين ومصممي الرقص المسرحي والباليه ليعيدوا تخيلها كل بأساليب فنه وتقنيات عروضه . وفي ذلك الاتجاه وظف فنانو مسرح الطفل كتابا ومخرجون مخيلاتهم في استلهام تلك الحكايات والصور الأسطورية بأساليب الفانتازيا خلال عقود طويلة ؛ وما زالوا يفعلون . غير أن ظهور الابتكارات على هيئة وسائل تكنولوجية ووسائط متعددة ودورها في إنجاز المستحيلات إنجازا آليا بديلا عن اعتماد الإنسان عبر تاريخه الماضي على ما يمن به الغيب عليه ؛  سواء بالأدعية والتوسلات أو عن طريق خزعبلات بعض الأفافين ممن يدعون علم الغيب أو روحانية التواصل المستجاب أو من خلال شعوذة التبرك بالأولياء والتمسك في مقاماتهم ونذر النذور وما شابه ذلك من خرافات .
 
 ومن المفيد هنا القول بأن عددا من مراحل الخيال قد مرت بها تجربة المبدع أديبا أو فنانا مع اختلاف مجال كل منهم ؛ حيث مر الإبداع الأدبي والفني القديم بما يمكن أن نطلق عليه بمرحلة الخيال الإبداعي الذى جسد الأساطير والأحداث الخوارق والصور الفائقة الخيال ( السيريالية) والفانتازيا ومرحلة الخيال الاسترجاعي Reproductive التي يستلهم فيها المبدع حكاية أو صورة من أسطورة تراثية ، يستعيدها من خلال صورة فيها جدة أو حداثة تتفاعل مع ثقافة عصره أو بيئتهة.  ومرحلة ثالثة هي مرحلة الخيال التوقعي  : Anticipatory Imagination وهي تقوم على ما يطلق عليه كروتشه ( الحدس) حيث يبدع صورا أو مواقف وأحداث متخيلة لحالات أو مواقف واقعية يصعب تغييرها على مستوى الفعل الواقعي .. وخيال الفنان أو المبدع أو المبتكر هنا يقدم صورا فنية أو أدبية ( شعرا أو نثرا ، رواية أو مسرحية أو موسيقى أو سينما أو تشكيلا أو تمثيلا أو رقصا) 
ويوظف الخيال التوقعي أيضاً ليقدم مجال العلم حلولا افتراضية مستقبلية  لصالح المجال العام ؛ قد تتحقق وقد لا تتحقق . وليس على الفنان أو المبتكر إلا تخيلها وإصدارها في المجال العام 
 وفي مجال المسرح بعامة ومسرح الطفل بصفة خاصة مرت بتاريخ المسرح الحديث والمعاصر الكثير من العروض التي يتجه كتابها ومخرجوها إلى توظيف الخيال التوقعي الذي يعتمد على حدس الفنان المسرحي الذي يستلهم حكاية تراثية أو صورة أسطورية  حيث يعيد خيال الفنان الحداثي منهم صياغة الحكاية أو الأسطورة صياغة حداثية سواء اعتمد فبها الفنان كاتبا أو مخرجا على تخليق صور ( فانتازي/ علمية ) على نحو ما قدم في عرض مسرحي للأطفال بعنوان: ( صياد العفاريت) تأليف وإخراج  [15]
 وهو العرض الذي سيعمل البحث في  هذا الفصل على تحليله ، مسبوقا بتحليل نموذج من نصوص مسرحية للطفل تأسست على تقنية توظيف الخيال العلمي مثل نص( نريد الحياة) للعالم الدكتور: " يوسف عز الدين عيسى" ؛ وذلك بهدف الوقوف على دور الخيال الفانتازي ودور الخيال العلمي في عملية التكوين المعرفي للطفل المعاصر ، بعد أن " مر ماىيقرب من مائتي سنة على هذه الصيحة التي أطلقها " روسو" ؛ وهي صيحة نكسبها لا تزال تحتفظ بطزاجتها ؛ فثمة شبه إجماع بين علماء النفس والاجتماع على أن ثمة نواح لا تزال مجهولة في عالم الطفولة ؛ أي أننا لم نعرف الطفولة بعد . وبرغم صيحة روسو فإن الدراسات الجدية لعالم الطفل لم تبدأ إلا منذ نصف قرن تقريبا ، وقد تكون دراسة الأطفال معقدة ، فهم يختلفون فيما بينهم وراثيا وبيئيا وثقافيا ، ولكن ذلك لا يغفر للمختصين في هذا لمجال تقاعسهم ."  [16]
 
 ولأن ثقافة الطفل تظل ثقافة مفتوحة المنافذ لاستقبال معارف جديدة ومعلومات وممارسات واحتكاك متنوع ومتعدد بعالم الكبار في مناح متعددة ومتباينة ؛ في سبيل تكوينه تكوينا معرفيا تتناسب مع اختلاف الأعمار وتتناسب مع العموميات الثقافية عند مستوى ثقافي أو الخصوصيات الثقافية عند مستو آخر بهدف تثبيت التفاعل بين القيم الثقافية العمومية والخصوصية الإيجابية في المكون المعرفي للطفل ؛ أو استبدال بعض القيم الثقافية السلبية بقيم جديدة إيجابية على طريق عملية التعلم أو تعديل السلوك .
يقسم رجب سعد السيد ثقافة الطفل إلى ثلاثة عناصر متها العام المشترك بين الأطفال ومنها الخاص بجماعات أو مجتمعات أو طبقات اجتماعية : " ثمة ثلاثة عناصر تظهر في ثقافة الطفل :
 
أ- وهي خصائص المجتمع الواحد ، ومنها اللغة ، وأنماط اللعب وطرق التعبير عن المشاعر . 
 
ب - الخصوصيات وهي عناصر لا يشترك فيها الأطفال جميعا في المجتمع الواحد بل يختص بها أطفال جماعات معينة بالمجتمع طبقية أو فئوية ."
 ولأن عملية التكوين المعرفي تقوم على تثبيت المعلومة المختزنة في ثقافة الطفل أو استبدالها فضلا على إضافة معلومات ومعارف جديدة مكتسبة عن طريق التعلم بالمحاكاة أو بالممارسة ؛ لذلك وضع رجب سعد السيد العنصر الثالث في ثقافة الطفل وهو عنصر الاستبدال الثقافي :
 
" ج - البدائل الثقافية : إنها العناصر التي يوفرها الاتصال المباشر أو غير المباشر بثقافات أخرى غيرً ثقافة المجتمع ؛ وهي ذات أهمية كبيرة ؛ لذا يقتضي نقلها آلى الأطفال مع الاحتراس والدقة"
 
 ومع أن هذه العناصر نفسها موجودة في ثقافة الكبار إلا أن عملية الاستبدال والحذر فيها عند الشروع في  نقل المعلومات أو القيم والصور الثقافية  واستلهامها في نص أو عرض مسرحي يجب تنقيتها ؛ فصورة كوقف الساحر في قصة علاء الدين والمصباح السحري و ادعاء الساحر إلى علاء الدين بأنه عمه كذبا وكذلك دخول على بابا بمغارة اللصوص وسرقة مجوهرات منها هو نوع من السرقة لا يختلف عن سلوك العصابة نفسها ولذا فإن تقديمها للطفل يجب أن يتم بتنقية الصور والسلوكيات السلبية . ويحذر يعقوب الشاروني من لجوء المسرح إلى إثارة عواطف الطفل وخلخلة اتزانه العاطفي ؛ يقول : " إن المسرحيات الجيدة تغير عواطف كثيرة لدى الأطفال ، كالإعجاب والخوف والشفقة ، فإذا أثيرت هذه العواطف بأسلوب سليم ، فإنها تنمى في الطفل الأحاسيس الطيبة والإدراك السليم .
 
 أما إذا أثيرت عواطف الأطفال بطريقة رخيصة ، أو بصورة مبتذلة ؛ فإن هذا يسبب ضررا بالغا ومدمرا ..  كأن نجعل من سلوك الأطفال الطبيعية مصدرا للسخرية أو التحقير .. لكن لا يكفي أن يتعرض الطفل للتأثير المباشر السريع ورد الفعل العاطفي المؤقتة؛ بل يجب أن يؤدى هذا التأثير العاطفي إلى دعوة الطفل إلى التفكير ، وإلى المقارنة ، وإلى إلقاء الأسئلة واتخاذ المواقف . " 
 
 وإلى جانب ذلك يرى يعقوب الشاروني ضرورة أن " يقدم المسرح للأطفال. وجهات نظر جديدة في الأشياء والأشخاص والمواقف وهذا يحملهم على أن يفكروا بمرونة وحرية وأن يفكروا لأنفسهم ، وأن يختاروا لأنفسهم ، وأن يشعروا بالمسئولية عن تفكيرهم واختياراتهم . " ويرى الشاروني أن " هذه هي الوسيلة لكي يصبح كل طفل عاملا فعالا من عوامل التقدم الحضاري "[17] وذلك بالطبع من خلال العمل على إشباع المسرح رغبة الأطفال في المعرفة والبحث فيما يقدمه إليهم من خبرات متنوعة ومعلومات وأساليب وسلوك ، وتساؤلات تؤدى بهم إلى إدراكهم لسر العالم الذي يحيط بهم ، وبذلك يعمل مسرح الطفل على أن يثير حيوية الأطفال العقلية عن طريق إثارة الخيال.. " فالخيال ضرورة من ضرورات الإبداع ، وكل الأعمال الكبرى والتاريخ وكل النظريات التي غيرت مسار العالم كانت نتيجة للخيال الواسع . "[18]
 
توظيف الخيال في مسرح الطفل
 بين حلم اليقظة والرفيق الخيالي والرفيق التفاعلي :
 
 ما بين أحلام اليقظة عند الكبار والرفقة الخيالية عند الأطفال في مرحلة سنية معينة يكمن دور الخيال  ؛ فيما بين المرحلة السنية من ( 6-9 سنوات) وتعرف هذه المرحلة بمرحلة الخيال المطلق ؛ويبدأ الطفل في هذه المرحلة ؛ التي تكون مهاراته في القراءة والكتابة قد ازدادت في معدل نموها ،يبدأ في إدراك الزمن ، ويفهم فصول السنة والشهور، ومع نمو قدراته للقراءة والكتابة يبدأ في التعامل مع لغة أكثر جمالا وصياغة والتي يمكن أن تحمل بعض التركيز البسيط الذي يناسب قدرة هذا الطفل على التفكير في معاني الكلمات واستقرائها ؛ وإن كان هذا الطفل ما زال يتعامل بتجريد بعض الأشياء والصفات ، إلا أنه يبدأ في إجراء بعض التعميم السريع البسيط أيضاً وتبدأ تخيلاته تبتعد عن التوهم والإيهام تتجه إلى الواقعية ؛ وإن كان إدراكه للعلاقات السببية ما زال ضعيفا فالعصا لم تعد هي الحصان ؛ عندما يتخيل نفسه فارسا أو بطلا محاربا مثلا.[19]
 
 
 
فاعلية الحوار مع الأطفال :
 
 إن حاجة الإنسان كبيرا وحاجة الأطفال في مرحلة عمرية معينة إلى الحوار مع الآخر  فالإنسان اجتماعي بالفطرة . وفي حالة الطفولة ؛ خاصة في تلك المرحلة المتوسطة     ( 6-9 سنوات)  يقوم الطفل باصطناع رفيق خيالي يحادثه ، قد يكون حيوانا أليفا      ( قطة- كلب- دمية - يجرى حوارا بينه ونفسه متوهما نفسه ذلك الحيوان أو شخص أخيه أو أخته في تلك الحوارية وقد يجعل من صورته هو نفسه على صفحة مرآة  رفيقا خياليا يحادثه بصوتين صوته المعبر عن نفسه وصوت متخيل للرفيق المتخيل ، و قد يتصور نفسه في صورة مغايرة طالما تاق  كثيرا إلى تحقيقها ؛ كتمثل نفسه رجلا أو شابا . وقد يضع لنفسه مساحيق على وجهه ويضع قرط أمه في أذنيه محاكيا أمه في تزيين نفسها أمام المرآة .. بعد تأكده من عدم وجود أحد غيره في الغرفة  "[20]
 
 ويضيف د. سلام على ذلك.. يقول : " وإذا كانت تلك الطريقة التي هي في أساسها لعبة من لعب المحاكاة الغريزية ، وسيلة تلقائية غريزية للتخلص من مكبوتات الطفولة  أو لونا من اللعب الإيهامي الذي يهيئ الطفل لصلاحية العيش في المجتمع ، ويعمل على تفريغ شحنة الطاقة المكبوتة بالتنقيب عن كل ما لا يرضى عنه .. فمع الرفيق الخيالي تقوم الأشياء التي هي من نسج خيال الطفل بالتمثيل والحركة من خلال الطفل ذاته ؛ حيث يعيرها صوته وحركته وتعبيراته؛ لكي تتحدث على لسانه وتتحرك بأعضاء جسده ، وهنا تتحمل الأشياء التي اتخذها رفقاء خياليين لنفسه تبعات حالات غيظه أو عنفوانه ، وضريبة كبته  ، ممن يفترض أن ذلك الرفيق اللعبة  ، قد حل محله ؛ ومن ثم
أسقط عليها ما بداخله من كبت ؛ وهو أمر قد يصل إلى حد تحطيمه تلك اللعبة ؛  الرقيق أو البديل للشخص الذي سبب له الضيق أو الخنق . وفضلا على ذلك فإن لفكرة الرفيق الخيالي القدرة على تنمية قدرة الطفل على محاورة الآخر .. فضلا على زيادة قدرته على التركيز والانتباه " [21] 
 
  وبالإضافة إلى ما تقدم يرى د. سلام إيجابية أخرى إضافية لحوارية الرفيق الخيالي في لعب الطفل  الإيهامي " حتى مع ما في حالات عنفه مع وأجبروه الخيالي ؛ بما يصل إلى تحطيم لعبته   ( رفيقه الخيالي) فإن لعملية التحطيم أو القسوة مع لعبته إيجابية ؛ تتمثل في دافع  لا شعورى ، هو رغبة دفينة في كشف مصدر الصوت المناعي من اللعبة أو مصدر الضوء أو مصدر الحركة من داخلها. وهي رغبة مصدرها الاندهاش والحرص الغريزي على الاكتشاف والتعلم .. فهو يتعامل مع لعبته تلك بوصفها إحدى كنوزه التي له عليها حق الأمر والنهي ، وحق التصرف على النحو الذي يحلو له " [22]
 
  وقد يبدو من الغريب أن أعيد طرح سؤال سبق لي طرحه في بحثي المذكور – عاليه - حول السلوك الخيالي لطفل عصر العولمة ؛ وإذا ما كان قد تغير !
" هل أدت ثقافة ما بعد الحداثة في مجتمعنا المصري في ظل الثقافة الرقمية ( النت والفضائيات) هل أدت تلك الثقافة التي غزت مجتمعنا إلى تغير شكل الرفيق الخيالي لدى طفل عصر العولمة ؟ هل عالج أحد كتاب مسرح الطفل هذا الموضوع من هذه الزاوية ؟  " [23]
 
 بالفعل توصلت من خلال ما كتب عن الجديد في مسرح الطفل إلى ما أطلقت عليه الرفيق الخيالي التفاعلى ؛ وهو رفيق مشترك بين الكبار والصغار المتفاعلين على شبكة التواصل الاجتماعي Facebook حيث يقيم الطفل علاقة رفقة مع الآخرين الذين تتقارب ميولهم مع ميوله نحو تحبيذ صورة ما أو موضوع ما . وبالنسبة لبعض الأطفال من أولئك النابهين الذين أغوتهم شاشة الكمبيوتر مبكرا وتمكنوا من عمل علاقات فيسبوكية بالتفاعل  مع غيرهم ممن في سنهم أو من بين الكبار ؛ فقد رأيت أن أسلوب الرفيق الخيالي التقليدي لم يعد وسيلتهم في انفتاح الذات على المحيط الوجودي المحيط بهم ؛ ذلك أنهم اكتشفوا عالما أكثر طرافة واختلافا ومراوغة عما هو في محيط وجودهم المكاني والزماني من خلال هذه الشاشة العجيبة المدهشة  في عالم التواصل مع ما يظهر عليها من أشخاص غبر مألوفين وغير حقيقيين وأشكال وصور ومعلومات جديدة  غير محدودة ؛ لذا يتفاعل معها تفاعلا حقيقيا عبر وسيط اليكتروني . وهذه النقلة في عملية التواصل  المعرفي والوجودي من الرفقة الخيالية المحدودة بحدود محيط الطفل البيئي إلى رفقة تخيلية منفتحة على عالم افتراضي مختلف الجنسيات واللغات والجغرافيا المكانية والثقافية تمثل لاشك رفقة خيالية تفاعلية تتناسب مع مستجدات عالم المعرفة التكنولوجية في عصر السموات المفتوحة والهوية المتداخلة .
 
 ومن هذا المدخل  رأيت في معالجة د. جمال ياقوت المسرحية فكرة الرفيق الخيالي التفاعلى ، خاصة في عرض مسرحي للطفل من تأليفه وإخراجه تحت عنوان ( صياد العفاريت) تناول فيه علاقة طفل – 7-9 سنوات بالنت والفيسبوك بهدف التسلية لا التعلم واكتساب معرفة جديدة ، حيث أدمن اللعب على شاشة الكمبيوتر وأهمل دروسه وواجباته المدرسية على عكس شقيقته الأكبر منه سنا  والتي تحرص على المذاكرة وعلى معاتبته على إهماله لدروسه وواجباته المدرسية دون أن تنجح في تعديل سلوكه  ينام الطفل أمام شاشة الكمبيوتر فيحلم بجني طفل محبوس في قمقم ويتوسل إليه أن يخرجه من محبسه . ينتهز الطفل حاجة الطفل الجني المحبوس في القمقم من صغره عقابا له على شقاوته ؛ بعد أن عصى والده الجني الكبير فحبسه منذ ألف سنه أو أكثر  فيساومه على أن يسمعه يصيح " شبيك لبيك عبدك بين يديك" ويلّي له كل طلباته ؛ ومع أن الطفل الجني - فيما يبدو- لا يعرف شيئا عن " شبيك لبيك " هذى- إلا أنه يجارى الطفل حتى يخرجه من القمقم  .
 
  وخلال الحدث يلجأ جمال ياقوت إلى وضع معلومات على لسان الجنى الطفل عن كيفية وجوده في الحياة كيف ولدته أمه من علاقة بين أبيه وأمه – علاقة حب ، أو علاقة عمل أو نسب وقرابة أو علاقة تواصل عن بعد -  وكيف تعبت في حمله وكيف تألمت في أثناء وضعها له . وهي معلومات عالجها د. يوسف عز الدين عيسى في مسرحيته ( نريد الحياة) [24] التي ينتهج في كتابتها أسلوب الخيال العلمي ؛ حيث طموح النطف في الرحم الإنساني على الخروج إلى الحياة ؛ وتتزامن خلف باب الخروج إلى الحياة ؛ فيحول بينها وطموحها للحياة خارج الأرحام أو خارج الرحم الكوني الرمزي حارس باب الحياة يستمهلها ويطلب منها التريث  وفي فترة انتظار الولادة أو الخروج إلى الحياة الدنيا تتساءل النطف بنوعيها ذكورا وإناثا عن كيفية وجودها في هذا المحبس ( الرحم) وهنا يقوم الحارس بشرح كيفية تعرف والد كل نطفة على والدتها
 
 وهنا يعرف الطفل النطفة ماهي علاقة الرجل بالمرأة وما هو الحب وما هو الزواج وماهي مراحل حمل الأم به ويعرف طبيعة عمل والده ووالدته وهل هو غني أم هو فقير وما هي وظيفته ؛ بما يحفز النطفة على الخروج إلى الحياة بتلهف أو يجعلها تتراجع وتقرر عدم الرغبة في الخروج للحياة - عندما يقال لها إن والدها ( لص أو قاتل – وقد عرفت ما معني ذلك .
 
 ويبدو لي في عرض مسرحية د. جمال ياقوت - أنه تأثر بفكرة مسرحية د. يوسف عز الدين عيسى تلك- فقد عالجها بأسلوب يمكن أن أطلق علبه ( الرفيق الخيالي التفاعلي) مستفيدا بثقافة عصر التواصل الاجتماعي الذى أقتحم عالمه الكثير من أطفال عصرنا النابهين ؛  لذا كتب مسرحيته ( صياد العفاريت ) ؛ حيث يتعامل بطله الطفل الحداثي مع رفيقه الخيالي ويتفاعل معه في أحلامه حيث يدور الحلم على شاشة الكمبيوتر التى تعلق بها الطفل الحداثي في يقظته ولم تتركه هي في منامه ؛ وخلال حلمه تدور القصة التراثية ، لا لتثبت لدى جمهور العرض القيمة التراثية حول اعتماد الإنسان على كائن خرافي له قدرات خارقة يمكنه تحقيق كل ما يطلبه منه الشخص الذي بعثر على القمقم وينقذه من سجنه الطويل ؛ أو من يجد مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان ويلمسه ليخرج له جنى المصباح أو مارد  الخاتم صائحا ( شبيك لبيك) وإنما يسعى جمال ياقوت إلى نقض القصة التراثية وإبطال مفعولها المعرفي في التأثير على عقول أطفالنا  
 
مسرح الطفل والرفيق الخيالي التفاعلي في عرض حداثي :
 
 في العرض المسرحي ( صياد العفاريت) [25] عالج المخرج جمال ياقوت فكرة الجني والقمقم وصيحة ( شبيك لبيك عبدك بين يديك) معالجة عصرية بأسلوب كتابة بعد حداثية فكك فيها نسق تلك الحكاية الأسطورية ونقض خطابها ، وبني مكانها بنية جديدة معاصرة تتوافق مع معرفة طفل العولمة وثقافة التواصل الاجتماعي .
 
  بدأ د. جمال ياقوت الحدث بكورال غنائي من الأطفال ، نتحلق مجموعة من الأطفال حول – الجد - الراوى أو الحكاء ، يلحون عليه حتي يشخص لهم  رواية أو حكاية تراثية .. يتسلل الأدائي التشخيصي السردي للحدث عبر الحكي الغنائي التلقائي أمام الجمهور مشهد الطفل (حمادة) منهمكا باللعب أمام الشاشة عابثا بمفاتيح لوحة الكتابة  بينما تنشغل أخته الأكبر منه عمرا – 9 سنوات -  في المذاكرة وأداء واجباتها المدرسية  عبثا تحاول أخته (بوسي) أن تقنعه يترك اللعب ليهتم بواجباته المدرسية . يظل يلعب حتى بقهره النعاس فينام جالسا أمام شاشة جهاز الكمبيوتر .. وهنا يبدأ الحدث المنامي  حيث يحلم الطفل في نومه بوقائع الحدث الدرامي التعلمي ؛ من حيث المضمون ؛ والفانتازيا من حيث الأسلوب الفني ؛ حيث يرى في منامه طفلا  جنيا بداخل قمقم ، يصرخ طلبا للنجدة ، ويتوسل إليه أن يخرجه من سجنه في القمقم الذى حبسه فيه والده الجني الكبير عقابا له على عدم إطاعة أمره .    
 
  وإذا اعتبرنا لعب الطفل أمام شاشة الكمبيوتر هو لعب إيهامي  إذ يستحضر فيه الطفل على الشاشة رفقة خيالية تفاعلية ، متناسبة مع معطيات العصر والمنجزات التكنولوجية  فيمكن أن نلحظ أن المؤلف المخرج جمال ياقوت قد ربط ثقافة الواقع المعاصر في حياة الطفل  بطل المسرحية بزمن يقظته ووعيه ؛ ربطها بثقافة استلهامه التراثي المن مفهوم الاستلهام التراثي من حيث كونه إعادة إشراقة تراثية  لتضئ في ثقافة الواقع الحاضر المعيش ، خدمة للحاضر المعيش ( بحكاية الجني والقمقم وشبيك لبيك) ربطا مدركا لمقصد، وهو ما جسده العرض من خلال حلم الطفل في منامه . وتظهر براعة التخلص الدرامي بين الرفقة الخيالية الواعية والرغبة الخيالية  في اللاواعي ( حلم الطفل) وبذلك مزج بين عالم الطفل الحقيقي وعالمه الخيالي ؛ ليحقق الفكرة التي تحدث عنها د. أبو الحسن سلام حول مرحلة الرفيق الخيالي في حياة طفل عصر العولمة ما قبل مرحلة الرفيق الخيالي التفاعلي في حياة الطفل المعاصر - اللاعب علي لوحة جهاز الكمبيوتر
 
  ولكي يعيد المؤلف المخرج جمال ياقوت عرض الحكاية التراثية عرض استلهام معاصر راج يفكك علي مرأي من تلقي جمهور الأطفال المشاهدين وأهاليهم للعرض المسرحي يفكك نسق الحكاية الأسطورية وينقض خطابها التراثي الذى يدعو الطفل الى الاتكال على كائن غيبي يقضي عنه حاجاته ويلبي مطالبه المستحيلة التحقيق ؛ ويبني مكانها نسقا وخطابا معاصرا لواقعهم المعيش – واقع التعامل مع منجزات عصر التكنولوجيا –
 
   وهنا  يظهر الفرق بين ما هو واقعي ومادي ملموس وما هو خيالي  مصنوع افتراضي حيث بتعامل الطفل نفسه على الكمبيوتر في اصطناع رفيق أو رفقاء خياليين ؛ حيث يصور الجنى الطفل جاهلا لا يعرف شيئا عما يردده الطفل البشري عند سماعه صيحة ( شبيك لبيك عبدك بين يديك) حتى أن الطفل البشري يقوم بتعليم الطفل الجني مستخدما الكمبيوتر . وهنا يتحول الطفل الجني إلى  رفيق خيالي عن طريق التفاعل على الشاشة وهي وسيلة تفاعلية
 
 وعن تقنية إخراجه لمشهدية المزح الدرامي بين ما هو واقعي وما هو فانتازي ، يقول  جمال ياقوت: " اختلف منهج الأداء التمثيلي ما بين المعالجة الأولي والمعالجة الثانية المشاهد التمثيلية الدرامية إن الانتقال من الأداء التمثيلي الدرامي إلي الأداء الغنائي يتم بتخلص ناعم جدا ويعمق في إحساس الجمهور باللحظة المسرحية " [26] ويضيف  " إذا اختلف الأداء التمثيلي في عرض مسرحي للطفل من ليلة إلي ليلة أهري ، يؤدي ذلك إلي اهتلال بغض العناصر المرتبطة بالأداء التمثيلي مثل حركة العرائس أو دخول مؤثرات أخري أو دخول ديكور " [27]  
 
   وعن  رؤية  إخراجه لنص صياد العفاريت ، يقول إنه " رسم خطوطا ثلاثة لمشهدية العرض .. خط درامي يشخصه الجد  في استلهام حكاية الجن والقمقم التراثية وفريق الأطفال يحيطون به ويلاحقونه في الحركة مطالبين بالمزيد من الحكي ، إذ استخدمت فيه الغناء الفردي والجماعي والرقص البشري ، ويفصل المستوي بين الجدار الذي يقف خلفه لاعبو العرائس ويتضمن الجدار شاشتين مصنوعتين من القماش الشفاف الأولي علي يمين المتفرج وهي الشاشة التي تستخدم لعرض الحداث الخاصة بلعبة صياد السمك التي يلعبها حمادة في أثناء دخول الجمهور وفي استخدامها لهذا الغرض يتحقق ضبط مزاج التلقي وكذلك تستخدم هذه الشاشة لعرض أحداث اللعبة في أثناء الخلم أما الشاشة الثانية علي يسار الجمهور فتستخدم في عرض أحداث المستوي الثالث الخاص بخيال الظل والذي يعرض لشخصية ( عفير) وعلاقته بأمه وأبيه .
 
 
* الخوارق في مسرح الخيال العلمي :
  
  من الواضح وقد تعرض مسرح الطفل لقضايا بعضها فوق الخيال ؛ كالخوارق والأشباح والأطياف والمسوخ والمرئي واللامرئي وهي مسائل فلسفية ؛ أو تعرضت لها الفلسفة .
 وكما هو واضح  شيوع فكرة الخوارق في الفنون التي مارست تصوير الكتابة  بأسلوب الخيال العلمي  - مزج العلم بالخيال- في الفترة من 1950 إلى 1967 حسبما يرصد بيتر نيكوللز في كتابه( السينما الخيالية) فيقول " وصل الخيال العلمي من خلال المجلات إلى أوج إزدهاره ؛ ووجد حشودا من الأتباع المخلصين ، وحتى يومنا هذا لا زال عشاق الخيال العلمي يعتبرون الأربعينيات هي العصر الذهبي له . آنذاك كان أثر العقائد  ارتباطا حماسيا بالخيال العلمي هو الإيمان بأن الإنسان لابد أن يقهر الفضاء يوما ما ويصل إلى العوالم الأخرى "
 
 ومن مظاهر توظيف الخيال العلمي - حسبما يشير نيكوللز- أفلام الخوارق  والمسوخ مثل ( متروبوليس 1962- الرجل الخفي 1933- كنج كونج 1933-عروس فرانكشتين 1935- شكل الأشياء القادمة 1936 الذي كتب له السيناريو اتش . جي. ويألم عن روايته اليوتوبية " شكل الأشياء القادمة " محطة الوصول للقمر 1950)[28]
-  تداخل العالمين المرئي واللامرئي في مسرح الخيالى العلمي ومثاله ظهور الشبح واختفاؤه الفجائي في مسرحية ( شبح الأوبرا) وغيرها .
-  الطيران في الفضاء أو الهبوط من الفضاء ( مسرحية الزنابير لرائد الكوميديا الإغريقية أرستوفانيس ؛ حيث هبوط الإله من السماء على خنفساء - مسرحية هبوط أورفيوس ، لتنيسي ويليامز - هبط الملاك في بابل، لدورينمات - تقرير قمري ، رحلة إلى الغد ، لتوفيق الحكيم )
 يقول نيكوللز:" إن قصص الخيال العلمي التي تقدم مغامرات تدور في الفضاء في عوالم أخرى كانت معروفة جداً بالفعل لعشاق العلمي باسم " الأوبرات الفضائية) [29] في قول بيتر نيكوللز : " إن الخيال العلمي يتعامل مع القوى التي يدركها العقل " [30] وفي حكايات التراث  ماهو خارج المعقول:
 
- الهبوط إلى العالم السفلي ومثاله : ( هبوط ديونيزوس إلى الجحيم " هادس " في مسرحية الضفادع لأرستوفانيس والصعود بسوفوكليس، في حين كان قصده الصعود بيوربيديس إلى عالم الأحياء )
- عودة الموتى إلى الحياة ، ومثاله : ( مسرحية : ثورة الموتى للأمريكي : أروين شو- كرنفال الأشباح للفرنسي : جاك جريشاك - الشبح في أوديب سينيكا - الشبح في هاملت شكسبير- الشبح في الزير سالم لألفريد فرج ) [31]
 
-  الإنقلاب اللحظي والتحول من كائن بشري إلى طير أو حيوان أو العكس. ( مسرحية  حلم منتصف ليلة صيف ) لشكسبير ، ( الجنس الثالث) ليوسف إدريس  وتعريف نيكوللز للفانتازيا " الفنتازيا ؛ فهي كلمة تحمل عددا من التعاريف يساوى عدد البشر ونيكوللز يفرق بين الخيال العلمي والفانتازيا ؛ يقول: " إذا كان هناك فيلم واضح الخيالية  وكان واضحا بالدرجة نفسها انه ليس رعبا أو خيالا علميا ؛ فلابد من ثم أن يكون فانتازيا " ويضيف : " إن الشئ الجوهري هو أن الفيلم الفانتازى لابد أن يحتوى على معجزة ؛ قد تكون قهر تنين ، أو إنسان كهف يكتشف كيف يشعل النار . أو بعض تلميذات المدارس تخافون في الهواء العليل فوق قمة تل ، أو حتى ولد صغير بطبلة صفيح يرفض أن يكون كبير السن ؛ إن نوع المعجزة شئ لا يهم ؛ المهم هو أن يوجد في قلب الفيلم نوع ما من السحر . " [32]
 
 
·        حياة النطف في الأرحام :  
·        الخيال عامل مشترك بين العلم والأدب والفن ؛ فإذا  اجتمعت ثلاثتها عند واحد ؛ أدت إلي  إبداع فيه من الدهشة والعجائبية مثل ما في مسرحية  العالم الأديب     د. يوسف عز الدين عيسى ( نريد الحياة ) ومسرحيته ( نقطة ماء) [33]  -[34] لونا آخر من ألوان الخيال العلمي ؛ ففي مسرحية ( نقطة ماء) يود- خيال يوسف عزالدين عيسي حياة لكائنات ذات إرادة مثل حياة البشر . كما يوجد حياة ذات إرادة ومشاعر للأجنة في الأرحام ؛ يقول بيكوللز : " إن مغامرات الخيال العلمي الجيدة المثيرة ، لهي متعة عظيمة حقا للمشاهدين ، هذا في حد ذاتها أو لما تخلقه من مناخ حول رؤيتها الخاصة للأشياء[35]
 
·         تداخل مصطلح فانتازيا والخيال العلمي :
 
    في كثير ما تتداخل المصطلحات بين الباحثين ، ومن بينها مصطلحي فانتازيا وخيال علمي وتخيل وتخييل وإيهام ، مع أن الخيال غير التخيل والإيهام خاصية أسلوبية فلي الدراما والمسرح ـ والتخييل خاصية في الشعر [36] يقول نيكوللز : " استخدام كلمة الخيال للدلالة على استحالة الحدوث في الواقع ، بلا أي استثناءات ، وذلك تميزا لها عن كلمة التخيل القصصي"fiction  " فقط المشكلة الوحيدة التي برزت هنا هي مصطلح " الخيال العلمي" فالحقيقة أن ترجمته الدقيقة تعني " التخيل القصصي العلمي" لكن حيث أن كل الناس في كل اللغات تتعامل معه دائماً على أنه خيال حقيقي ؛ فلا بأس إذن من استخدام المصطلح العربي الدارج " الخيال العلمي" كما هو ."  [37]
 
   * النقطة العمياء في الكتابة للطفل والكتابة عن الطفل بين الإبداع والبحث :
 
    في حياة الكتابة البحثية ؛ كما في حياة الإنسان هناك نقاط عمياء يمر بها الباحث مرورا عابرا دون أن يتوقف عندها ؛ لانشغاله بجوهر القضية الإشكالية التي هو بصدد حلها حلا منهجيا . وفي بعض الأبجاث ، قد يبدأ الباحث بطرح تساؤلات منهجية حول موضوع إشكالي ؛ لكنه عن انخراطه في بحثه ينسي الإجابة عن تساؤلات بحثه التقنية ؛ وفي ذلك تكمن ما يعرف بالنقطة العمياء ؛ التي تلفت باجثا آخر بعده قد اطلع علي بخثه ذاك ؛ فيلتقطها ويؤسس عليها بحثا ، ومن ذلك ما نقله إسماعيل عبد الفتاح  من الأسئلة عن كتاب جاريث ماثيوس     ( تحليل قصص الأطفال)  [38]عن ما يمكن تقديمه للطفل من معارف  - دون أن يتقاعل معها -  تمثلت  تلك الأسئلة المهمة في الآتي   :
 
# هل يمكن تقديم الأمور الفلسفية للطفل ؟
# هل يمكن أن نقدم للأطفال مالم يتفق عليه الكبار بعد؟
# هل يمكن للطفل استيعاب هذه المسائل الفلسفية ؟
# ما هو الأسلوب و الأمثال التي نقدم بها القضايا للأطفال  ؟
# هل يستحيل الخيال عند الأطفال إلى واقع فيما يتلقونه من قصص أم يظل مجرد صور خيالية ؟
# هل يخدم النص الأدبي الموجه للطفل ما يحتاجه الطفل من الأمن والحب والاستقرار ؟ "  [39] 
 
   ومع أن د. إسماعيل عبد الفتاح يصدر الفصل الأول لكتابه ( أدب الأطفال في المسرح المعاصر)[40]  بالأسئلة نفسها ؛  مضيفا عليها أسئلة أخري ،  لتصل عنده إلى  نحو ستة عشر سؤالا ، ويضع مثلها في مقدمة الفصل الثاني دون أن يحصل القارئ منه علي  إجابة عن أي منها !
 
 وهذا البحث لا يدعى أنه سيجيب عنها ؛ ربما يحاول الإجابة عن بعضها ؛ باعتبار الخوض في مسألة الخيال والفانتا زيا والرفيق الخيالي والرفيق التفاعلي الخيـــــــالي وعلاقتها بمسرح الطفل ؛ من القـضايا العميقة المتــصلة بالفكر الجاد  ، وبفلسفة الكتابة للأطفال والكتابة عنهم تربويا ، وإبداعيا في اتجاه التكوين المعرفي وسيكلوجية التعلم : تعديل السلوك  ،  فلقد لجأ العقل البشري منذ العصور القديمة وفترات من العصور الوسيطة إلى مخيلته بحثا عن حلول خيالية يوجد بها أشياء مستحيلة التحقق بقصد تيسير حياته ، وتحقيق مطالب مستحيلة التحقيق  فيعوض عجزه عن عدم  تملكها بتخيلها.
 
  ولأن التخيل حالة تصور ذهني  يعيج تصوير خالات أو صور لها حضور في حياة المتخيل بما هو  أقرب إلى حالة أحلام اليقظة ؛ لذا وهب الإنسان منحة التخيل والخيال . ولأن طاقات الخيال التى يمكن أن توصف بالتحولات الإبداعية لتجسيد غير الموجود – قبلا – وهي مقصورة دون شك على  ندرة من الأفراد الذين وهبوا منحة الخيال الإبداعي. :. Creative Imagination  ؛ لذا رأيت في فكرة ( باب المغارة  ونداء " افتح باسمسم " في قصة : ( على بابا والأربعين حرامي )  حيث يفتح  باب في الصخرة الصماء ويغلق من تلقاء نفسه ؛ فور إطلاق شخص ما قد يكون زعيم العصابة أو شخص آخر ؛ سواء أكان اسمه (على بابا أو قاسم)  أو غير ذلك لجملة (افتح يا سمسم اقفل يا سمسم )  أو كما سمعنا في نداء حكاية. " شبيك لبيك" وحكاية الجني المحبوس في القمقم مسحورا ، بفعل جنى أقوى منه نفوذا ومقدرة .. محبوسا لألف سنة ؛ وإذا بإنسى يعثر على القمقم  ، بالصدفة  ؛ ويسمع صوتا خفيا يهتف به ؛  طالبا نجدته أو  يستنجد مروءته ليخرجه من سجنه  المزمن بداخل القمقم ؛ واعدا إيًاه بأن يكون خادمه المطيع الذي يلبي له أي مطلب مهما كان مستحيلا. .. وعندما يستجيب له الإنسي  ؛ ويخلصه من القمقم يصيح الجني صيحته الأسطورية " شبيك لبيك .. عبدك بين يديك" فيطلب منه منقذه الإنسي ما شاء له أن يطلب ؛ ملتزما بطلبات ثلاثة فقط - حسب ما حدد الجني المطلق السراح - ليجد  الإنسي طلبه متحققا في التو واللحظة التي انتهى فيها من الإعلان عن طلبه. 
 
  كذلك سمعنا حكاية (خاتم سليمان) الذي يفركه الإنسان الذي عثر عليه ؛ بإبهامه ؛ مجرد لمسة  ليجد أمامه ماردا عملاقا ينشق عنه فصاء دخان كثيف - لا يعرف مصدره -  ليصيح صيحة أسطورية مجلجلة: " شبيك لبيك عبدك بين يديك" وكذلك سمعنا أو قرأنا من بين تلك القصص التي أبدعها الحكاء التراثي القديم في " ألف ليلة وليلة "  وغيرها من حكايات عن الحيوان وقدراته الفائقة الخيال في.   " كليلة ودمنة " ... وظاهرة الأنسنة في عالم الحيوان بنا تتضمنه من رموز .  
 
  لقد كانت مثل تلك الحكايات التراثية الأسطورية وحكايات الخوارق والأشباح والأطياف ، لونا من ألوان التصوير الفانتازي ؛ الذي برعت فيه مخيلة المبدع القديم ؛ الذي تخيلها . ومن تلك الصور الغرائبية في الآداب العالمية القديمة قصة (حصان طروادة ) وخدعة اقتحام جنود " أوديسيوس " - صاحب الفكرة- لحصن طروادة المنيع ليصبحوا بداخل القلعة المحصنة المنيعة ؛ ومن ثم مفاجئتهم بقتل الحراس وتذبيح جنود القلعة التي لم تعد حصينة وقتل أمرائها وتخريبها  . 
 
 وكذلك كانت صورة " كعب إخيل"  ، حيث لا يصيبه سوء  ؛ إلا بإصابة كعب قدمه  . .وفكرة ساحرات الجزيرة في          
( الأوديسيّة)  اللواتي يمسخن فرسان أوديسيوس العائد تائها في سفينة نصره علي طروادة  بعد أن أفرغ بعض جنوده القربة التي عبئها اله البحر : ( بوسيدون) بكل الرياح  حتي تبحر سق عودته إلي اليونان سالمة -  غير أن بعض جنده  ظنوا أنه يخبئ فيها الخمر محتفظا به لنفسه ؛ دون أن يعلموا أنها كانت ضمانا لنجاة سفنهم من الغرق ، لذا انتهزوا نومه فتسللوا وسرقوا القربة وفكوا رباطها فاندفعت الرباح عاتبة ؛ فأغرقت السفينة وألقتهم الأمواج علي جزيرة الساحرات اللواتي تهافتن علي الرجال  فنلن منهم مآربهن وحولن بعضهم إلي خنازير وقردة وحيوانات ؛ حتي حينما يريد الفارس منهم صيد خنزير فيصيح بصوت آدمي ( أنا فلان زميلك مسخت خنزيرا ) فيكف عنه ، الأمر الذي فطن له أوديسيوس ومن ثًم تمكن و اابقبة من جنده الي ايجاد حبلة للهروب من الجزيرة المسحورة ، وكذلك فكرة الحصان الطائر( بيجاسوس) فهو كائن ثلاثي التكوين في جسم فرس وجناحي طائر ضخمة ورأس إنسان  ، وذلك العملاق : ( سيكلوبس) ذو العين الواحدة في أعلى مقدمة جبهته .. يلقم  الإنسان في بلعة واحدة [41]
 
 كانت كل تلك الصور وحكايات الخوارق والمعجزات الأسطورية أو الخرافية ، حلولا خيالية حلم بها الإنسان القديم أو عبر بها عن تخوفاته مرة ، وعن طموحاته  في مرات أخري ؛  فتصورها تصورا ذهنيا ، تعويضا بالخيال عن عجزه في تحقيقها واقعا ماديا في حياته أو تعبيرا عن مخاوفه من بطش قوى الطبيعة الخارقة ؛ فتخيل وسائل حماية نفسه منها .
 
 ومن الغريب أن حكايات مثل ( " الجني وشبيك لبيك" ومصباح علاء الدين وخاتم سليمان وافتح يا سمسم والبللورة السحرية التي يستطيع أن يرى من خلالها ما يدور بداخل قصر الإمبراطور الصيني في التو واللحظة  .. من الغريب أن تلك الحكايات ؛ كانت كلها إبداعات خيال العقل الشرقي ؛ عربيا كان أم هنديا؛ من الغريب أن ذلك العقل الذي ابتكر خياله تلك الصور الخيالية ، الأسطورية المبتافيزيقية ؛ قد اكتفى يتخيلها  حكيا أو سوّاها في كتاباته الأدبية  دون أن يفكر في تحويلها من مجرد تصور خيالي  أو حكي أدبي إلي حقائق مادية ؛ تحقق له حياة مريحة وتختزل زمنا طويلا وتنفي رتابة حياة ورفاهية  ؛ فإذا بالعقل الغربي الذي قطع شوطا بعيدا على طريق التفكير العلمي  ، الذي اشتغل علي مثير من نظريات علمية توصل اليها علماء وفلاسفة مبتكرون  مسلمون  ؛ استخدمها علماء الغرب ، و تمكنوا  بجهودهم العملية وتجاربهم من تحويل التصور الأسطوري لمفكري الشرق و أدبائه إلى صور مادية نافعة للبشرية كلها ؛ فوجدنا أبواب الفنادق والقصور والمطارات والمنتديات وأبواب السيارات والقطارات تفتح من تلقاء نفسها عند اقتراب كائن ما على مسافة محددة منها قربا أو بعدا ؛  تفتح وتغلق بدون أيقونة الصيحة الأسطورية " افتح يا سمسم " التي تناولتها  حكاية ( على بابا والأربعين حرامي) وبالمثل رأينا مرأي العين ما يحدث في لحظة حدوثه في أي بقعة من بقاع الكرة الأرضية بدون وجود ( البلورة السحرية) التي يستطيع الناظر فيها مشاهدة ما يحدث  بداخل قصر إمبراطور الصين ؛ وذلك بمجرد لمسة خفيفة بالريموت كونترول ليشاهد على الشاشة ما يحدث في لحظة المشاهدة .
 
 فيما يصل إلى نحو مائة عام - كما يقول د. يوسف عز الدين عيسى : " خلال تلك الفترة الوجيزة بالنسبة لتاريخ البشرية تمكن الإنسان من الانتقال من مكان إلى آخر في سرعة ومتعة وسهولة فوق سطح الأرض وفي الجو  وعلى سطح الماء وفي عمق مياة البحار والمحيطات بعد أن كان السفر علي ظهر دابة وسيرا على الأقدام  يستغرق الأيام والشهور ويتطلب عناء وجهدا مضنيا [42]. ففي عصرنا هذا تحولت الأساطير إلى حقائق ؛ فيساط الريح تحول إلى ما نسميه الآن الطائرة ، والبللورة السحرية التي بهرتنا في حكايات ألف ليلة وليلة ؛ حيث كان بطل الحكاية يرى أشياء تبعد عنه مئات الأميال حقيقة متمثلة في جهاز التليفزيون . بديلا عن عين زرقاء اليمامة  الرائية عن بعد  ولم يخطر على بال مؤلفي الأساطير أن الإنسان سوف يتمكن من تسجيل تلك الصورة المتحركة والاحتفاظ بها ليراها من جديد كلما رغب في  استعادتها صورة أو صوتا ؛  عن طريق جهاز الفيديو  أو القرص الممغنط ، لقد تجاوز الإنسان بمخترعاته وفيض أجهزته التكنولوجية كل حدود الزمان والمكان ؛ إذ أصبح في الإمكان مشاهدة فيلم في التليفزيون لنجيب الريحاني " ويضيف د. يوسف عزالدين إلى ما تقدم .. " ولم يكتف الإنسان بالانتقال من مكان إلى مكان على الكوكب الذي يعيش فوق سطحه منذ آلاف الأعوام ، بل  استطاع تحطيم القيود التي ربطته بالأرض طوال هذه المدة منطلقا من أصر جاذبيتها إلى كواكب أخرى ؛ فوطئت قدماه سطح القمر الذي ظللنا أعقابا طويلة ننظر إليه من بعيد ولا نرى فيه سوى مصباح يبدد ظلام ليالينا الحالكة . ونراه جميلا عندما يكون بدرا نشبه به وجه المحبوب . كما وصلنا إلى كواكب أخرى على متن سفن للفضاء ؛ كنا نقرأ عنها في مؤلفات من صنع خيال بعض المؤلفين . وأتاح لنا الراديو سماع همس البشر عبر آلاف الأميال بلا أسلاك تربط المتكلم بالمستمع.. أجل. تمكن العلم من صنع كل هذه الأشياء وغيرها من المعجزات  ولكنه وقف عاجزا أمام بعض أمور ؛ منها الشيخوخة والأحزان والوحدة "[43]
 
 هكذا تحول الخيال الإبداعي والتصور الفانتازي عند المبدعين القدامى للمعجزات وللخوارق والمستحيلات ، تحول إلى حقيقة مادية بين يدى الإنسان المعاصر، الذى لم يكتف بالاستمتاع بحكايات الخوارق في خيال أجداده وحكي وأسلافه المبدعين ؛ وإنما أعمل عقله وحول الخيال إلى تكنولوجيا ؛ سيطر بها على مجريات حياته وحياة المجتمعات البشرية إيجابيا وسلبيا .
 
وفي توصيات بحثه ( مسرح الطفل من النص إلي العرض)[44] يوصي د. جمال ياقوت  " بتوظيف المعالجات المعاصرة للموضوعات التراثية بأن تقدم في وسائط تكنولوجية رقمية يستطيع  طفل اليوم أن يفهمها ويتعامل معها " ويري إمكان تحقيق ذلك " باستخدام وسائط وسائط مختلفة مثل : مسرح العرائس ، علي اختلاف أنواعه : ( عصي ، ماريونيت ، مسرح اسود ،  خيال الظل ، قفاز .. إلي آخره ) واستخدام المسرح الرقمي والرقصات الاستعراضية ، وأي عناصر مسرحية من شأتها تقديم وجبة متنوعة من الصور والأصوات تساعد في ضبط إيقاع العرض المسرحي والمحافظة علي تواصل المتلقين الصغار مع العرض طوال الوقت ." [45] لكنه يطالب بمراعاة أن  لا "" تحمل كل العروض المقدمة للطفل قيما فكرية جامدة ، إذ يمكن أن تنتج عروضا لمسرح الطفل بهدف إضفاء حالة من المتعة والبهجة للمتلقين ، وهو ما يمكن أن يتلاءم مع العروض الغنائية الاستعراضية[46]
 
*  المسرح والمعالجة الفانتازية :
  
  كانت تلك المخيلة الإبداعية وما أنتجته من حكايات أسطورية مجالا خصبا المسرحيين وللسينمائيين والفنانين التشكيلين والمؤلفين الموسيقيين ومصممي الرقص المسرحي والباليه ليعيدوا تخيلها كل بأساليب فنه وتقنيات عروضه . وفي ذلك الاتجاه وظف فنانو مسرح الطفل كتابا ومخرجون مخيلاتهم في استلهام تلك الحكايات والصور الأسطورية بأساليب الفانتازيا خلال عقود طويلة ؛ وما زالوا يفعلون . غير أن ظهور الابتكارات على هيئة وسائل تكنولوجية ووسائط متعددة ودورها في إنجاز المستحيلات إنجازا آليا بديلا عن اعتماد الإنسان عبر تاريخه الماضي على ما يمن به الغيب عليه ؛  سواء بالأدعية والتوسلات أو عن طريق خزعبلات بعض الأفافين ممن يدعون علم الغيب أو روحانية التواصل المستجاب أو من خلال شعوذة التبرك بالأولياء والتمسك في مقاماتهم ونذر النذور وما شابه ذلك من خرافات .
  ومن المفيد هنا القول إن عددا من مراحل الخيال قد مرت بها تجربة المبدع أديبا أو فنانا مع اختلاف مجال كل منهم ؛ حيث مر الإبداع الأدبي والفني القديم بما يمكن أن نطلق عليه مرحلة الخيال الإبداعي الذى جسد الأساطير والأحداث الخوارق والصور الفائقة الخيال ( السيريالية) والفانتازيا ومرحلة الخيال الاسترجاعي Reproductive التي يستلهم فيها المبدع حكاية أو صورة من أسطورة تراثية ، يستعيدها من خلال صورة فيها جدة أو حداثة تتفاعل مع ثقافة عصره أو بيئته.  ومرحلة ثالثة هي مرحلة الخيال التوقعي  : Anticipatory Imaginationوهي تقوم على ما يطلق عليه كروتشه ( الحدس) حيث يبدع صورا أو مواقف وأحداثا متخيلة لحالات أو لمواقف واقعية يصعب تغييرها على مستوى الفعل الواقعي .. وخيال الفنان أو المبدع أو المبتكر هنا يقدم صورا فنية أو أدبية سواء أكانت ( شعرا أم نثرا ، رواية أو مسرحية أو موسيقى أو سينما أو تشكيلا أو تمثيلا أو رقصا)  ويوظف الخيال التوقعي أيضاً ليقدم مجال العلم حلولا افتراضية مستقبلية  لصالح المجال العام ؛ قد تتحقق وقد لا تتحقق  وليس على الفنان أو المبتكر إلا تخيلها وإصدارها في المجال العام .
 
  وفي مجال المسرح بعامة ومسرح الطفل بصفة خاصة مر تاريخ المسرح الحديث والمعاصر بالكثير من العروض التي يتجه كتابها ومخرجوها إلى توظيف الخيال التوقعي الذي يعتمد على حدس الفنان المسرحي الذي يستلهم حكاية تراثية أو صورة أسطورية ؛ حيث يعيد خيال الفنان الحداثي منهم صياغة الحكاية أو الأسطورة صياغة حداثية سواء اعتمد فبها الفنان كاتبا أو مخرجا على تخليق صور ( فانتازي/ علمية ) على نحو ما قدم في عرض مسرحي للأطفال بعنوان ( نريد الحياة)  وما قدم ارتكازا علي الخيال الاسترجاعي المبتكر في العرض المسرحي      ( صياد العفاريت) [47] هذان العرضان اللذان سيعمل البحث  على تحليله  ونقده ، مسبوقا بتحليل نموذج من نصوص مسرحية للطفل تأسست على تقنية توظيف الخيال العلمي التوقعي الذي ارتكز علبه إبداع نص( نريد الحياة) للعالم الدكتور: الأديب  المصري : " يوسف عز الدين عيسى" ؛ وذلك بهدف الوقوف على دور الخيال الفانتازي ودور الخيال العلمي في عملية التكوين المعرفي للطفل المعاصر ، بعد أن " مر ما ىيقرب من مائتي سنة على هذه الصيحة التي أطلقها " روسو" - وهي صيحة نحسبها لا تزال تحتفظ بطزاجتها ؛ فثمة شبه إجماع بين علماء النفس وعلماء الاجتماع على أن ثمة نواح لا تزال مجهولة في عالم الطفولة ؛ أي إننا لم نعرف حقيقة الطفولة بعد . وعلي الرغم من صيحة ( جان جاك روسو )  تلك ؛ فإن الدراسات الجدية لعالم الطفل لم تبدأ إلا منذ نصف قرن - تقريبا - وقد تكون دراسة الأطفال معقدة   من حيث كونهم مختلفين فيما بينهم وراثيا وبيئيا وثقافيا ، ومراحل عمرية ؛ علي أن ذلك  هو ذلك لا يغفر للمختصين في هذا المجال تقاعسهم." [48]  .. بعدا عن الخوض في أبحاث الطفولة .
 
  ولأن ثقافة الطفل تظل ثقافة مفتوحة المنافذ لاستقبال معارف جديدة ومعلومات وممارسات  طفولية واحتكاك متنوع ومتعدد بعالم الكبار في مناح متعددة ومتباينة ؛ في سبيل تكوين الطفل  تكوينا معرفيا يتناسب مع اختلاف الأعمار ويتناسب مع العموميات الثقافية عند مستو ثقافي معبن والخوض في الخصوصيات الثقافية عند مستو آخر ؛ بهدف تثبيت التفاعل بين القيم الثقافية العمومية والخصوصية الإيجابية في المكون المعرفي للطفل ؛ أو استبدال بعض القيم الثقافية السلبية بقيم جديدة إيجابية على طريق عملية التعلم أو تعديل السلوك .
 وسعيا لتحقيق ذلك .. يقسم رجب سعد السيد [49]  ثقافة الطفل إلى ثلاثة عناصر منها العام المشترك بين الأطفال ومنها الخاص بجماعات أو مجتمعات أو طبقات اجتماعية : يقول " ثمة ثلاثة عناصر تظهر في ثقافة الطفل ،  وهي :
أ‌-     خصائص المجتمع الواحد ، ومنها اللغة ، وأنماط اللعب وطرق التعبير عن المشاعر . 
 
   ب - الخصوصيات وهي عناصر لا يشترك فيها الأطفال جميعا في المجتمع الواحد ؛ بل يختص بها  
       أطفال  جماعات معينة بالمجتمع ؛ طبقية أو فئوية ."
 
  ولأن عملية التكوين المعرفي تقوم على تثبيت المعلومة المحصًلة  أو المختزنة في حصًالة ثقافة الطفل أو استبدالها ؛ فضلا على إضافة معلومات ومعارف جديدة مكتسبة عن طريق التعلم بالمحاكاة أو بالممارسة تخيلا ؛ لذلك وضع رجب سعد السيد العنصر الثالث في ثقافة الطفل وهو : ( عنصر الاستبدال الثقافي)  في ما أطلق علبه
 ج- : البدائل الثقافية: إنها العناصر التي يوفرها الاتصال المباشر أو غير المباشر بثقافات أخرى  عنً ثقافة المجتمع  ، وهي ذات أهمية كبيرة ؛ لذا يقتضي نقلها إلى الأطفال مع الاحتراس والدقة" 
 
  ومع أن هذه العناصر نفسها موجودة في ثقافة الكبار إلا أن عملية الاستبدال والحذف فيها عند الشروع في  نقل المعلومات أو القيم والصور الثقافية واستلهامها في نص أو عرض مسرحي يجب تنقيتها  من الرسوبيات  الخرافية ؛فصورة موقف الساحر في قصة علاء الدين والمصباح السحري و إدعاء الساحر إلى علاء الدين بأنه عمه  - كذبا - وكذلك دخول على بابا مغارة اللصوص وسرقة مجوهرات مما سرقوه واختزنوه  ؛ هو نوع من السرقة لا يختلف عن سلوك العصابة نفسها ؛ ولذا فإن تقديمها للطفل يجب أن يتم بتنقية الصور والسلوكيات السلبية . ويحذر  يعقوب الشاروني من لجوء المسرح إلى إثارة عواطف الطفل وخلخلة اتزانه العاطفي ؛ يقول :                  
" إن المسرحيات الجيدة تغير عواطف كثيرة لدى الأطفال ، كالإعجاب والخوف والشفقة ، فإذا أثيرت هذه العواطف بأسلوب سليم  فإنها تنمى في الطفل الأحاسيس الطيبة والإدراك السليم . أما إذا أثيرت عواطف الأطفال بطريقة رخيصة ، أو بصورة مبتذلة ؛ فإن هذا يسبب ضررا بالغا ومدمرا ..  كأن نجعل من سلوك الأطفال الطبيعية مصدرا للسخرية أو التحقير .. " يصيف الشاروني .. لكن لا يكفي أن يتعرض الطفل للتأثير المباشر السريع ورد الفعل العاطفي المؤقت ؛ بل يجب أن يؤدى هذا التأثير العاطفي إلى دعوة الطفل إلى التفكير ، وإلى المقارنة ، وإلى إلقاء الأسئلة واتخاذ المواقف " [50]  لذلك يرى يعقوب الشاروني ضرورة أن " يقدم المسرح للأطفال. وجهات نظر جديدة في الأشياء والأشخاص والمواقف وهذا يحملهم على أن يفكروا بمرونة وحرية وأن يفكروا لأنفسهم ، وأن يختاروا لأنفسهم ، وأن يشعروا بالمسئولية عن تفكيرهم واختياراتهم . "  كما يرى الشاروني أن " هذه هي الوسيلة لكي يصبح كل طفل عاملا فعالا من عوامل التقدم الحضاري " [51] وذلك بالطبع من خلال العمل على إشباع المسرح لرغبة الأطفال في المعرفة والبحث فيما سيقدمه إليهم من خبرات متنوعة ومعلومات وأساليب وسلوك  وتساؤلات  تؤدى بهم إلى إدراكهم لسر العالم الذي يحيط بهم . وبذلك يعمل مسرح الطفل " على  إثارة حيوية الأطفال العقلية عن طريق إثارة الخيال.. " فالخيال ضرورة من ضرورات الإبداع وكل الأعمال الكبرى والتاريخ وكل النظريات التي غيرت مسير العالم كانت نتيجة للخيال الواسع [52]
 
·          توظيف الخيال في مسرح الطفل                                                                               بين حلم اليقظة والرفيق الخيالي والرفيق التفاعلي   :
  ما بين أحلام اليقظة عند الكبار والرفقة الخيالية وليدة التخيل عند الأطفال في مرحلة سنية معينة يكمن دور الخيال  ؛ فيما بين المرحلة السنية من (  6-9 سنوات) وتعرف هذه المرحلة بمرحلة الخيال المطلق  إذ يبدأ الطفل في هذه المرحلة ؛التي تكون مهاراته في القراءة والكتابة قد ازدادت في معدل نموها ، يبدأ في إدراك الزمن ، ويفهم فصول السنة والشهور، ومع نمو قدراته للقراءة والكتابة يبدأ في التعامل مع لغة أكثر جمالا وصياغة ؛ فهي المرحلة التي يمكن أن تحمل بعض التركيز البسيط الذي يناسب قدرة هذا الطفل على التفكير في معاني الكلمات واستقرائها ؛ وإن كان هذا الطفل ما زال يتعامل بتجريد بعض الأشياء والصفات ، إلا أنه يبدأ في إجراء بعض التعميم السريع البسيط أيضاً  إذ تبدأ تخيلاته تفي بالابتعاد عن التوهم والإيهام  وتتجه إلى الواقعية ؛ - وإن كان إدراكه للعلاقات السببية ما زال ضعيفا - فالعصا لم تعد هي الحصان ؛ عندما يتخيل نفسه فارسا أو بطلا محاربا مثلا. " [53]
 
* حاجة الطفل إلي الحوار : 
 
  إن حاجة الإنسان كبيرا إلي الحوار هي حاجة الأطفال في مرحلة عمرية معينة إلى الحوار مع الآخر ؛ فالإنسان اجتماعي بالفطرة . وفي حالة الطفولة ؛ خاصة في تلك المرحلة المتوسطة ( 6-9 سنوات)  يقوم الطفل باصطناع رفيق خيالي يحادثه ، قد يكون حيوانا أليفا ( قطة- كلب- دمية أو تخيل نفسه علي صفحة مرآة يجرى حوارا بينه ونفسه متوهما نفسه  في داخل المرآة وقد بتخيل حوارا  وقطته أو كلبه مؤنستا  الحيوان أو  يحاور شخص أخيه أو أخته  يعاتبه أو يحاكي معاقبة أنه له أو معاتبتها في تلك الحوارية  ، وقد يجعل من صورته هو نفسه على صفحة مرآة  رفيقا خياليا يحادثه بصوتين : صوته المعبًر عن نفسه وصوت متخيل للرفيق المتخيل  الذي هو ثورته علي المرآة ، و قد يتصور نفسه في صورة مغايرة ؛ طالما تاق  كثيرا إلى تحقيقها ؛ كتمثل نفسه رجلا أو شابا . وقد يضع لنفسه مساحيق على وجهه ويضع قرط أمه في أذنيه ؛ محاكيا أمه في تزيين نفسها أمام المرآة .. بعد تأكده من عدم وجود أحد غيره في الغرفة .[54]
 
 وإذا كانت تلك الطريقة التي هي في أساسها لوعبة – من استلعابات الطفولة لونا من ألوان  المحاكاة الغريزية ، ووسيلة تلقائية غريزية للتخلص من مكبوتات الطفولة ، أو لونا من  عرف اللعب الإيهامي الذي يهئ الطفل لصلاحية العيش في المجتمع  الذي يحيط به ، ويعمل على تفريغ شحنة الطاقة المكبوتة بالتنقيب عن كل ما لا يرضى عنه .. فمع الرفيق الخيالي تقوم الأشياء التي هي من نسج خيال الطفل بالتمثيل والحركة من خلال الطفل ذاته ؛ حيث يعيرها صوته وحركته وتعبيراته؛ لكي تتحدث على لسانه وتتحرك بأعضاء جسده ، وهنا تتحمل الأشياء التي اتخذها رفقاء خياليين لنفسه تبعات حالات غيظه أو عنفوانه ، وضريبة كبته ممن يفترض أن ذلك الرفيق اللعبة قد حل محله ؛ ومن ثم أسقط عليها ما بداخله من كبت ؛ ألفو غضب  وهو أمر قد يصل إلى حد تحطيمه لتلك اللعبة ؛ الرفيق أو البديل للشخص الذي سبب له الضيق أو الحنق . وفضلا على ذلك  ؛ فإن لفكرة الرفيق الخيالي  في لوعبة الطفولة تلك القدرة على تنمية قدرة الطفل على محاورة الآخر مع زيادة قدرته على التركيز والإنتباه "  [55]
 ويضيف د سلام  " فضلا  عن وجود إيجابية أخرى إضافية لحوارية الرفيق الخيالي في  الاستلعاب الإيهامي  ؛ حتى مع ما في حالات عنف الطفل مع  رفيقه  الخيالي ؛ بما يصل إلى تحطيم لعبته ؛ فإن  في عملية التحطيم أو القسوة مع لعبته إيجابية ؛ تتمثل في دافع لا شعورى ،  بتمثل في رغبة دفينة في كشف مصدر الصوت الصادر من اللعبة أو مصدر الضوء أو مصدر الحركة من داخلها. وهي رغبة مصدرها الاندهاش والحرص الغريزي ؛ غريزة الاكتشاف والتعلم .. فهو يتعامل مع لعبته تلك بوصفها إحدى كنوزه التي له عليها حق الأمر والنهي ، وحق التصرف على النحو الذي يحلو له . " [56]
 
  وربما يبدو من الغريب طرح سؤال حول السلوك الخيالي لطفل عصر العولمة ؛ وإذا ما كان قد تغير ؛ بتغير ثقافة العصر  لذا طرحت علي  تفسي ذلك التساؤل  ؛ وكانت اجابتي  عنه .
بسؤال آخر  : هل أدت ثقافة ما بعد الحداثة في مجتمعنا المصري  والعربي المعاصر .. في ظل الثقافة الرقمية  : ( النت ومنجزات التواصل عبر الفضائيات ) هل أدت تلك الوسائل الثقافية التي غزت مجتمعنا إلى تغير شكل الرفيق الخيالي لدى طفل عصر العولمة ؟ 
وهل عالج أحد كتاب مسرح الطفل هذا الموضوع من هذه الزاوية ؟  [57]بالفعل توصلت من خلال ما كتب عن الجديد في مسرح الطفل إلى ما أطلقت عليه الرفيق الخيالي التفاعلى ؛ وهو رفيق مشترك بين الكبار والصغار المشتركين  معا على شبكة التواصل الاجتماعي Facebookحيث تقيم شخصية الطفل علاقة رفقة مع الآخرين الذين تتقارب ميولهم مع ميوله نحو تحبيذ صورة ما أو موضوع ما  يتشارك فيها بعض الأطفال  النابهين الذين أغوتهم شاشة الكمبيوتر مبكرا وتمكنوا من عمل علاقات فيسبوكية مع غيرهم ممن في سنهم أو من بين الكبار ؛ فقد رأىت أن أسلوب الرفيق الخيالي التقليدي ؛ لم يعد وسيلتهم في انفتاح الذات على المحيط الوجودي الافتراضي ؛ ذلك أنهم اكتشفوا عالما أكثر طرافة واختلافا عما هو في محيط وجودهم المكاني والزماني من خلال هذه الشاشة العجيبة المدهشة وعالم التواصل مع ما يظهر عليها من أشخاص حقيقيين وأشكال وصور ومعلومات غير محدودة ؛ لذا يتفاعل معها تفاعلا حقيقيا عبر وسيط اليكتروني . وهذه النقلة في عملية التواصل  المعرفي والوجودي من الرفقة الخيالية المحدودة بحدود محيط الطفل البيئي إلى رفقة تخيلية منفتحة على عالم افتراضي مختلف الجنسيات واللغات والجغرافيا المكانية والثقافية تمثل لاشك رفقة خيالية تفاعلية تتناسب مع مستجدات عالم المعرفة التكنولوجية في عصر السموات المفتوحة والهوية المتداخلة .
 
  ومن هذا المدخل عالج د. جمال ياقوت فكرة الرفيق الخيالي التفاعلى في عرض مسرحي للطفل من تأليفه وإخراجه تحت عنوان ( صياد العفاريت) تناول فيه علاقة طفل بالنت والفيسبوك بهدف التسلية لا التعلم واكتساب معرفة جديدة ، حيث أدمن اللعب على شاشة الكمبيوتر وأهمل دروسه وواجباته المدرسية على عكس شقيقته الأكبر منه سنا ، والتي تحرص على المذاكرة وعلى معاتبته على إهماله لدروسه وواجباته المدرسية دون أن تنجح في تعديل سلوكه . ينام الطفل أمام شاشة الكمبيوتر فيحلم بجني طفل محبوس في قمقم ويتوسل إليه أن يخرجه من محبسه . ينتهز الطفل حاجة الطفل الجني المحبوس في القمقم من صغره عقابا له على شقاوته ؛ بعد أن عصى والده الجني الكبير فحبسه منذ ألف سنه أو أكثر ؛ فيساومه على أن يسمعه يصيح " شبيك لبيك عبدك بين يديك" ويلبّي له كل طلباته ؛ ومع أن الطفل الجني - فيما يبدو- لا يعرف شيئا عن " شبيك لبيك " هذى- إلا أنه يجارى الطفل حتى يخرجه من القمقم  .
 
  وخلال الحدث يلجأ جمال ياقوت إلى وضع معلومات على لسان الجنى الطفل عن كيفية وجوده في الحياة كيف ولدته أمه من علاقة بين أبيه وأمه وكيف تعبت في حمله وكيف تألمت في أثناء وضعها له . وهي معلومات عالجها د. يوسف عز الدين عيسى في مسرحيته :( نريد الحياة) التي يلجأ في كتابتها إلى أسلوب الخيال العلمي  حيث طموح النطف في الرحم الإنساني على الخروج إلى الحياة  وتتزامن خلف باب الخروج إلى الحياة ؛ فيحول بينها وطموحها للحياة خارج الأرحام أو خارج الرحم الكوني الرمزي حارس باب الحياة يستمهلها ويطلب منها التريث  وفي فترة انتظار الولادة أو الخروج إلى الحياة الدنيا تتساءل النطف بنوعيها ذكورا وإناثا عن كيفية وجودها في هذا المحبس ( الرحم) وهنا يقوم الحارس بشرح كيفية تعرف والد كل نطفة على والدتها وهنا يعرف الطفل النطفة ماهي علاقة الرجل بالمرأة وما هو الحب وما هو الزواج وماهي مراحل حمل الأم به ويعرف طبيعة عمل والده ووالدته وهل هو غني أم هو فقير وما هي وظيفته ؛ بما يحفز النطفة على الخروج إلى الحياة بتلهف أو يجعله يتراجع ويقرر عدم الخروج للحياة عندما يعرف أن والده لص أو قاتل .
 ويبدو لي  أن د. جمال ياقوت - قد تأثر بفكرة مسرحية د. يوسف عز الدين عيسى تلك- قد عالجها بأسلوب يمكن أن يطلق علبه ( الرفيق الخيالي التفاعلي) مستفيدا بثقافة عصر التواصل الاجتماعي الذى أقتحمه الكثير من أطفال عصرنا النابهين ؛ فكتب مسرحيته ؛ حيث يتعامل بطله الطفل الحداثي مع رفيقه الخيالي ويتفاعل معه في أحلامه حيث يدور الحلم على شاشة الكمبيوتر التى تعلق بها الطفل الحداثي في يقظته ولم تتركه هي في منامه ؛ وخلال حلمه تدور القصة التراثية ،لا لتثبت لدى جمهور العرض القيمة التراثية حول اعتماد الإنسان على كائن خرافي له قدرات خارقة يمكنه تحقيقىكل ما يطلبه منه الشخص الذي يعثر على القمقم وينقذه من سجنه الطويل ؛ أو من يجد مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان ويلمسه ليخرج له جنى المصباح أو الخاتم صائحا ( شبيك لبيك) وإنما يسعى جمال ياقوت إلى نقض القصة التراثية وإبطال مفعولها المعرفي في التأثير على عقول أطفالنا  
 
 
      * مسرح الطفل والرفيق الخيالي
          في عرض ما بعد حداثي :
 
  في العرض المسرحي ( صياد العفاريت)  بفكك المخرج جمال ياقوت بنية حكاية  الجني والقمقم وصيحة( شبيك لبيك عبدك بين يديك) ويبني علي نقيضها بنية بشرية بمعالجة عصرية  بوساطة أسلوب كتابة بعد حداثية فكك فيها نسق تلك الحكاية الأسطورية ونقض خطابها ببنية نسقية وخطاب معاصر في العرض بدأ د. جمال ياقوت الحدث بكورال غنائي من الأطفال ، يتحلق حول الراوى أو الحكاء وهو الجد يلحون عليه في رواية الحكاية التراثية .. يتسلل الأداء التشخيصي للحدث عبر أداء الحكي الغنائي والتلقائي ليعطيك أمام الجمهور مشهد الطفل ( ؟؟؟؟؟  7 سنوات ) منهمكا باللعب أمام الشاشة عابثا بمفاتيح لوحة الكتابة ( كيبورد) ؛ بينما تنشغل أخته الأكبر منه عمرا  ( 9 سنوات )  في المذاكرة و أداء واجباتها المدرسية .. عبثا تحاول أخته أن تقنعه بأن يترك اللعب ويهتم بواجباته المدرسية . يظل يلعب حتى بقهره النعاس فينام جالسا أمام شاشة جهاز الكمبيوتر .. وهنا يبدأ الحدث الدرامي الخيالي ، حيث يحلم الطفل في نومه بوقائع الحدث الدرامي التعليمي ؛ من حيث المضمون ؛ والفانتازي من حيث الأسلوب الفني ؛ حيث يرى في منامه طفلا  جنيّا سجينا بداخل قمقم ، يصرخ مستنجدا ، طلبا للنجاة ، ويتوسل إليه أن يخرجه من سجنه في القمقم الذى حبسه فيه والده الجني الكبير عقابا له على عدم إطاعته لأمره .    
 
 وإذا اعتبرنا لعب الطفل أمام شاشة الكمبيوتر هو لعب إيهامي يستحضر فيه الطفل على الشاشة رفقة خيالية متناسبة مع معطيات العصر والمنجزات التكنولوجية ؛ فيمكن أن نلحظ أن المؤلف المخرج جمال ياقوت قد ربط ثقافة الواقع المعاصر في حياة الطفل - بطل المسرحية بزمن يقظته ووعيه ؛ بثقافة استلهامه التراثي ( لحكاية الجني والقمقم وشبيك لبيك) من خلال حلم الطفل في منامه ، وهنا تظهر براعة التخلص الدرامي بين الرفقة الخيالية الواعية والرفقة الخيالية  في اللاواعي ( حلم الطفل) وبذلك مزج بين عالم الطفل الحقيقي وعالمه الخيالي  ليحقق  الفكرة التي تحدث عنها د. أبو الحسن سلام في عرض عن مرحلة الرفيق الخيالي في حياة طفل عصر العولمة في كتابه الموسوم ( مسرج الطفل : النظرية – التأليف – الإخراج ) [58] ومرحلة الرفيق الخيالي التفاعلي في حياة الطفل . ولكي يعيد المؤلف المخرج جمال ياقوت عرض الحكاية التراثية عرضا يفكك فيه نسق الحكاية الأسطورية وينقض خطابها التراثي الذى يدعو الطفل الى الاتكال على كائن غيبي يقضي عنه حاجاته ويلبي مطالبه المستحيلة التحقيق ؛ ليبني خطابا تربويا بخطاب تربوي  يظهر الفرق بين ماهو واقعي ومادي ملموس بتعامل الطفل معه  بنفسه على الكمبيوتر في اصطناع رفيق أو رفقاء خياليين  وما هو غير حقيقي ؛ حيث يصور
الجنى الطفل جاهلا لا يعرف شيئا عما يردده الطفل البشري  سوي صيحة ( شبيك لبيك عبدك بين يديك) حتى أن الطفل البشري يقوم بتعليم الطفل الجني كيف يستخدم الكمبيوتر في البحث بنفسه عما يريد معرفته . وهنا يتحول الطفل الجني إلى رفيق خيالي عن طريق التفاعل على الشاشة وهي الوسيلة التفاعلية العصرية .. 
 
 قي  عرض ( صساد العفاريت ) لجمال ياقوت اعتمد فيه علي انهماك الطفل حمادة باللعب علي الكمبيوتر بينما =تنشغل أخته "مرمر" نفسها باستذكار دورها . تأسس العرض علي مستويين مستوي الحكاية المستلهمة من التراث الذي يدور في الشارع  تشخيصا سرديا علي لسان جد حمادة علي مجموعة من الأطفال ، ومستو درامي يعالج حلم حمادة الفانتازي ويفصل المستويين ( مستوي الحكي التشخيصي للجد مع الأطفال و مستوي مشهدية العرائس حماد أما الكمبيوتر ومرمر في استذكار الدروس يفصل بينهما جدار حيث  تدور الأحداث  .
 
 مشهدية حياة النطف في الأرحام  
 مسرحية : نريد الحياة  [59] 
   المدهش في  أن شخصيات  هذه المسرحية من الأطفال مجرد نظف في رجم الغيب  .يقول بيكوللز : " إن مغامرات الخيال العلمي الجيدة المثيرة ، لهي متعة عظيمة حقا للمشاهدين .  هذا في حد ذاتها ، أو لما تخلقه من مناخ حول رؤيتها الخاصة للأشياء . " [60]
 
 
 
 
 
 
 
تداخل مصطلح فانتازيا والخيال العلمي :   
                                                                             
يقول نيكوللز : استخدام كلمة الخيال للدلالة على استحالة الحدوث في الواقع ، بلا أي استثناءات ، وذلك تمييزا لها عن كلمة التخيل القصصي" فيكشن" فقط المشكلة الوحيدة التي برزت هنا هي مصطلح " الخيال العلمي" فالحقيقة أن ترجمته الدقيقة تعني " التخيل القصصي العلمي" لكن حيث أن كل الناس في كل اللغات تتعامل معه دائماً على أنه خيال حقيقي ؛ فلا بأس إذن من استخدام المصطلح العربي الدارج " الخيال العلمي" كما هو ."  [61] 
 
* مسرح الطفل واستراتيجية التعلم :
 
  مسرح الطفل باعتباره وسيلة تربوية في المقام الأول تعمل علي تعديل سلوك الطفل ، لها فاعلية أسره وأمتع عن طريق عناصر الجذب ونقل المعرفة المناسبة لطاقة استيعاب كل مرحلة عمرية . وفي هذا المحور يتناول البحث كيفية تفعيل تلك الاستراتيجية في فن كتابة  يوسف عزالدين عيسي لمسرحية (نريد الحياة ) حيث نلحظ استراتيجية التكوين المعرفي للطفل في البنية ال-رامية لتلك المسرحية    
  فمن حيث تتحدد قيمة الحياة بمعرفة الإنسان لما يريد وما لا يريد فقيمة حياة الإنسان في تحقيق ما يريد . وتحقيق ما يريد ورفض ما لا يريد  فذلك منوط بداية بإدراكه لأسباب  ما يريد .. لماذا يريد الإنسان ما يريد ولماذا يرفض ما لا يريد .. وهذه المسرحية التي أبدعها  د. يوسف عز الدين عيسي تحت مسمي ( نريد الحياة) من منظور الخيال العلمي ، حيث رسم بنيتها التعلمية علي مسير رحلة التكوين المعرفي للطفل ، رحلة الإرادة ؛ لذلك هي مسرحية تكوين معرفة وتدريب للطفل علي بناء الإرادة ,   
 
  الأطفال في مسرج يوسف عزالدين عيسي
 بين التربية الجنسية والتربية المسرحية  :
 " يحار الناقد أمام كتابات يوسف عزالدين عيسي المسرحية ، ليس لأنه مسرح أطفال وليس لآتع مسرح خيال علمي ، ولكنه محير لكونه يوجه خطابه إلي الأطفال – وقد يبدو غريبا أن يهتم عالم كبير وأديب مرموق بالكتابة في اتجاه نظرية التعلم الخاصة بالأطفال ، ومع ذلك لبيكاسو كتابات في المسرح يتوجه خطابها إلي الأطفال مثل ( البنات الأربعة) وعي أثرب ما تكون إلي الرسم والتشكيل بالكلمات بديلا عن الألوان كتابة تشكيلية أشبه ما تكون باللعب بالألوان ، ولئن كانت الكتابة التشكيلية في مسرحية بيكاسو تصويرا دقيقا لبراءة الطفولة ، وحركة تداعياتها اللفظية والحركية ، فإن كتابة يوسف عزالدين للطفل هي لون من ألوان اللعب بالفكرة في اتجاه بنيوية معرفية طفلية . والمصال الذي نتوقف عنده في هذا المبحث هو مسرحية ( نريد الحياة )  [62] يجسد فيها يوسف عزالدين عيسي نطفا تخيّلها أجنّة في رحم الغيب في انتظار ولادتها واللهفة تدفعها دفعا ألي الثورة علي حارس أبواب الحياة ، شكا منهم في أنه يحول بينهم والخروج ألي الدنيا .
 وصف المنظر : 
( أعمدة وأثاث فاخر ، وديكور آية في الإبداع ، يملأ المسرح . في الخلف باب زجاجي بعرض المسرح يطل علي حداق غناء وجبال وبحيرات تبهر الأبصار . نري عند فتح الستائر عشرة أطفال ، خمسة ذكور وخمسة إناث في أثواب جميلة متنوعة الألوان ؟ إنهم أطفال صغار مازالوا في عالم الغيب ، اجتمعوا في هذا المكان المجهول الذي لا تراه عيون البشر . جميع الأطفال ينظرون إلي الباب الخلفي بشوق وترقّب . ينتظرون سفينة الحياة التي ستقلّهم إلي عالمنا الأرضي حيث تلدهم أمهاتهم ، قهم لم يولدوا بعد . لابد أنهم يتطلعون بفارغ الصبر إلي ذلك اليوم السعيد ،  الذي سيولدون فيه . فلقد طال انتظارهم ، ونفد صبرهم . وحتي الآن لم يأت دورهم . ينتفض أحد الأطفال فجأة صائحا ) .
       الطفل : نريد  أن نول- ، نريد أن نولد
      طفل : ( صائحا في ثورة )  منذ أحقاب طويلة ونحن ننتظر هنا .. متي سنولد ،تريد أن نهبط  
           إلي الأرض لنول- ونكبر ونعيش .
     طفلة : ( ثائرو) لقد مللنا الانتظار ، نريد أن نولد ، ألا ينوون ولادتنا  "
في تحليله للمشهد يقول د. سلام[63] " الباب الزجاجي بعرض المنظر في بداية المشهد علامة دالة علي الغشاء المحيط للأجنة ، والكاتب بتصور الأجيال التي لم اولد بعد مخلوقات انفعالية ، مفتقدة للصبر وللرويّة ، أجيال متعـجلة ، حتي قبل ولادتها !!
" الحارس : ماذا جري ؟ لماذا هذه الثورة ؟ لماذا هذا الغضب ؟
           طفل ( صائحا في غضب) : نريد أن نولد
الأطفال : ( معا) نريد أن نولد ، نريد الحياة ، نريد الحياة "
  ويحاول الحارس أن يخفف من ثورتهم دون  استجابة ، فالكلام عن التذرع بالصبر بشع في نظرهم والحارس يجاريهم .
 إن يوسف عصبي يثبت حق الإنسان في الاعتراض علي ما لا يرضي عنه ،  ويؤكد حق الاعتراض   ويري أتها تولد مع ولادة الإنسان ، وتلك تعليمية بنائية في نظرية المعرفة التربوية :" الحارس : ستولدون في بوم من الأيام .
طفل : ( منهمكا) في يوم من الأيام . ومتي  يأتي ذلك اليوم  ؟
الحارس : لابد أن يأتي ستولدون جميع كل بدوره .
  إن   التفسير الغريزي يفرض نفسه ، فالإنسان لحوح حتي وهو ما يزال في رحم الغيب .
طفلة : متي سأولد وأكبر واتزوج ؟
  هنا  يذهب خيال  يوسف عزالدين عيسي إلي أن النطفة بذلك تمتلك فدرة  غريزية علي التفكير في الهدف الأسمي لوجودها ؛ وهو ( غريزة التكاثر) فغريزة التكاثر في جين كل نطفة . إن النطف في فكر يوسف عزالدين عيسي تفكر في جوهر صيرورة وجودها قبل أن تصبح ماهيات  - يغلف د. سلام " وكأني مع يوسف عز الدين عيسي مع ما قال به الوجوديون الماديون ، من أن ( الوجود سابق للماهية ) [64]. .  فالتفكير في النمو وفي الوظيفة الحياتية التي تنتج وسائط إنماء الوجود ، يدخل في إطار ( ماهية الموجود) .  غير أن هذا القول يشكل جزءا أو طرفا من معادلة فليفة الوجود الإنساني ، أما الطرف الآخر من تلك المعادلة فهو تجسيد لفكرة الجبر الغيبي :
" الحارس : أقسم لك إنك ستولدين وتكبرين .. وتتزوجين .
طفلة : ( صائحة)في ثورة ) متي ؟  متي ؟ تكلم . متي ؟
الحارس : لا تخاطبيني بهذه اللهجة القاسية ، فأنا لا استحق منك القسوة . إنني أعطف عليكم جميعا . وما أنا إلاّ حارس الزمن . انتظر الأمر وأنفذ الأوامر عندما تأتيني .
طفلة : أنت أيضا تنتظر ؟
الحارس : كلنا ننتظر . الأمر ليس بيدي ( صائحا في فرح) انظروا . انظروا سفينة الحياة . لقد أتت سفينة الحياة سيولد منكم دفعة جديدة .
   وسفينة الحياة تلك _ مزدانة بالأعلام بألوان مختلفة ـ والسفينة ملونة بألوان جميلة براقة . "
  وتلك علامة ترمز إلي طقس المخاض ، وما اختلاف إعلامها سوي رمز آخر لبلاد مختلفة ،
 إذ أن غرفة الأسرار الزجاجية التي تحتجز الأجنّة / الأطفال خلفها ؛ هي رمز لرحم الغيب الكوني .
 يقول د. سلام [65] "  يتخذ التعبير الدرامي مستويين مختلفين من حيث المغزي المستهدف ، أحدهما الذي فهمه الأطقال بوصفه معلومة تضاف إلي حصيلة معلوماتهم أو مكونات معارفهم ، إذ يتعلم منها الطفل النظام والالتزام بعدم تخطّي غيره  ، علي حين أن المتلقي المتعمق ، الذي أدرك إشكالية الفرق بين مقولتي : ( الوجود سابق للماهية ) و ( الماهية سابقة علي الوجود )  " ومن منظور ذلك الفهم يقرأ فكر يوسف عز الدين عيسي الذي يحض علي كسب التأييد للمقولة الأولي ؛ فما أن تصل سفينة الحياة حتي ( يتوافد من جميع الجهات  أطفال صغار يمتلئ بهم المسرح )
الأطفال : ( يصيحون) هيييه ... سنولد .. سنولد .. سنولد . سنولد غدا . ( الباب الخلفي يفتح فيحاول الأطفال الهجوم دفعة واحدة ليركبوا سفينة الحياة )
الحارس / ( محاولا السيطرة علي النظام) ارجعوا إلي أماكنهم .. المسألة ليست فوضي .
   ( يجذب طفلا يحاول الوصول إلي السفينة)  تعالي هنا .. أتريد أن تولد قبل أوانك ؟ كل شيء بالدور ، وبنظام . ارجع . إلي الخلف . لم يأت دورك لتولد. أبوك لم يعرف أمك حتي الآن . ولم يتزوجها .
 
  إذا .. فتحقيق ما يريده الطفل ( أن يولد ) ولادة حقيقية لن تتحقق إلاّ وفق شرطين :
أولا : أن يود- وجودا جبريا في المكان والزمان والنوع ( الجندر) ولا حيلة لخ فيه .
 ثانيا : أن يوجد وجودا اختياريا في المكان الذي يريد أن يكون فيه وهو لا يملك تغيير نوعه  ذكرا أو أنثي ، كما أنه لا يملك تحديد الزمن الذي سينتقل فيه إلي الوجود بالقوة ( الوجود الذي يريده ويقدر علي تحقيقه )  .
  إن هذا المعني يتكرر كثيرا في النص علي لسان الحارس :
" .... لم يأت دورك بعد "  وعلي لسان الراوي : " ..إن هؤلاء الأطفال لا يحملون أسماء ، فهم لم يولدوا بعد .. "  
الجارس :  ليت الأمر بيدي . لم يجئ دورك حتي الآن . إن أمك التي سوف تلدك لم تري والدك حتي هذه اللحظة ، ولا يعرف أحدهما الآخر ,
   ولأن التفكير هو أعز ما يملكه الإنسان ويتميز به عن الكائنات الأخرى ؛ ولأن المعارضة لا تقوم بدون تفكير ، وأنها الوسيلة الفعالة في الوصول إلي الأنفع والأرفع ، لذلك يحض النص الأطفال علي التفكير وتوظيفه للاعتراض  بوصفه أهم حقوق الإنسان العاقل الحر .
الطفل الفيلسوف :  كيف نولد دون أن ي}خذ رأينا في هذا الحدث الكبير ؟ كيف ؟ كيف ؟  يؤخذ في الحياة دون استشارتنا واستئذاننا علي الأقل ؟ يبدو أن رأينا في هذا الموضوع ليس له أي اعتبار إن سفينة الحياة تأتي ونؤمر بركوبها ثم تهبط بنا علي الأرض ، فنجد أنفسنا أبناء أشخاص لم نكن نعلم عنهم شيئا من قبل . هل هذه عدالة
 
  هذا لون من الاعتراض علي الوجود الجبري ، حتي بعد الانتقال من عالم الميتافيزيقا إلي العالم المادي .  وهو بمثابة التساؤل الاستنكاري لذلك الوجود الجبري . إن المؤلف يستهدف بذلك الاعتراض أن يتعلم الطفل حرية المعارضة والتفكير وجرأة التعبير عما يفكر فيه . هذا إلي جانب تعلمه مراجعة النفس ، وحق التراجع عن موقف سابق  .
الحارس : ماذا جري لك ؟ بالأمس فقط كنت تبكي متعجلا ولادتك وحاولت في غفلة مني أن تتسرب إلي سفينة الحياة . كنت تريد أن تولد قبل أوانك  ؟
الطفل الفيلسوف : نعم هذا صحيح . ولكني رجعت أفكر . أنت تعلم أنني دائما أفكر . فخطرت لي فكرة غريبة . أنا لا أعلم شيئا عن الذين سيلدونني . قد لا يعجبوني لو رأيتهم ، أليس كذلك ؟
الحارس : هم أيضا سيلدونك وتصبح ابنا اهم دون أن يعلموا عنم أي شيء . ولا يعلمون إذا كنت ذكيا أن غبيا . نشيطا أم كسولا . ‘نخا مسألة حظ ونصيب بالنسبة لهم أيضا كما هي بالنسبة لك .
الطفل الفيلسوف :  إنني سأرث عنهم صفاتهم . ولو كانوا أذكياء فسأصبح ذكيا ولو كانوا أغبياء فسأصبح غبيا ،ولو كانوا فقراء فسأصبح فقيرا .  وهم يعرفون عني أكثر مما أعرف عنهم .
الحارس :  الآباء والأبناء  لا يتشابهون في كثير من الأحيان .
الطفل الفيلسوف : لست أدري . أنا حائر . إنها فكرة خطرت في بالي كيف أجد نفسي مولودا في منزل قد لا يعجبني . أجد لي أما وأبا قد فرضا علي فرضا ، إنها مسألة حياة أو موت .. لست مطمئنا علي مستقبلي . قد أولد في الحياة نتيجة حطأ لا يد  لي فيه أنا خائف ( يبكي)
  في هذا التيار المعلوماتي ت-ريب للطفل علي حرية التفكير وحرية المناقشة وإبداء الرأي والخوض في مسائل كبيرة ، حيث  يتقنع الكاتب خلف قناع طفل فيلسوف ليعرضها في حوار يجسد جوهر ما يريد علي لسان شخصية الطفل بحيث تبدو إرادته وجوهر ما يريد . في الحوار دعوة مبكرة للتفكير في الماهية
" الطفل الفيلسوف " هذا غير معقول . تحت لا نكبر طالما نحن هنا لا تأثير للزمن علينا ، طالما نحن في هذا المكان ،نحن هنا في عالم الغيب .
الطغلة الفراشة : من أجل هذا أريد أن أولد . لكي أكبر وأتزوج  ويولد لي أطفال ، لا أريد أن أظل هنا في هذا الجحيم الذي لا يتغير ولا يتبدل . شيء فظيع .
الأطفال: بل نريد أن نولد الآن فورا .لم يعد لدينا صبر للانتظار وإلحياة هنا . لقد شبعنا سباحة في البحيرة وشيعنا تسلقا للأشجار وشبعنا لعبا ولهوا  وما فائدة كل هذا ونحن هنا في عالم الغيب ؟نريد أن نولد ليصبح لنا وجود .
طفل : طالما نحن هنا فلا إنسان ويعرفنا . نحن لا وجود لنا ،نريد أننصح من أعل الدنيا .
 
 هل يجب تعليم الطفلة وتربيتها لتتعرف علي مشروعية ارتباط امرأة برحل أم لا ؟ فالتقاليد وطرق التربية المعتادة في المجتمع بذلك . بينما الطفلة واللعب في غريزة الأطفال ، تأخذ المسألة كما لو كانت لعبة. إن اللعب ليس تسلية فجيب ، بل هو تعلم أيضا ، وعن طربقه يتعدل سلوك الطفل ويتغير . وهكذا لا يجد الحارس ( المربي الغيبي) مف5را من أن يواصل بناء معارف الطفولة ، عن طبيعة الحياة قبل الزواج وبعد الزواج لتحصين ( جينات) المستقبل :
 
 
( تفتح ستائر البانوراما نري الصالون نفسه وبه الأب والأم جالسين  متقاربين ..  يبدو بينما مشادة كلامية . المشادة ..  تحتج . الأم تقوم غاضبه وتخلع الدبلة من يدها ، وتقذفها في وجه الأب . ثم تخرج من الغرفة . الأب يلتقط الدبلة ويقوم حزينا يذرع الغرفة ذهابا وإيابا في حالة قلق )
  الطفلة الفراشة :تنزعج الطفلة . وفي ذلك بناء لخبرة الطفل الحياتية المستقبلية ، حيث لا سرور دائم ، ولكن القلق والحزن يعاودان الإنسان بين الحين والحين .
 هنا تأتي إجابة الحارس للطفلة ردا علي تساؤلها المذعور .
" الحارس " يبدو أن خلافا دب بين أبيك وأمك . فخلعت أمك دلاة الخطوبة وألقت بها في وجه أبيك
الطفلة الفراشة : ومتي سأولد إذا كانت تلك التي ستصبح أمي تركت هذا الذي سيصبح أبي ؟
الجارس " اطمئني ستولدين . ولكن يبدو أن هناك بعض العفبات البسيطة .
  
 وهكذا ينتقل الكاتب بالطفلة في رحلة تعلّم لاكتساب الهبرة الحياتية الأسرية من حال سعا-ة إلي حال تعاسة  ، وإلي سعادة أخري ليتدرب الظفل في حالات الصعود والاهفاق الحياتي المتكرر . ليخبر الدنيا علي طبيعتها المتقلّبة فيكتسب جصانو تحفظ غليه حياته ونفسه :
 ( تفتح ستائر البانوراما فنري الأب جالسا وبجواره الأم ، يبتسمان ثم يميل الأب علي الأم ويفبلها )
الحارس: الحمد لله . فرجت . لقد تصالحا . تصالحا جدا .
الطفلة الفراشة :  ( ت-ور في أنحاء المكان وكأنها ترقص ) سأولد . "
" الطفلة الفراشة : آه لو يعلمان كم تألمت لعذا الخصام الذي حدث بينهما ، آه لو يعلمان كم اتعذب انتظارا لولادتي
 
  وهذه أيضا تعليمية للوالدين وتعليمية للأطفال ليدركوا عدم دوام الحال . هكذا تمر الأحداث في طريق إتمام الارتباط الزوجي ى بالزفة والعرس في فرجة شعبية . ويكشف لنا المؤلف عن توازي حدثين متعلقين بفكرة الولادة ، فولادة أسرة لمولود .. هما حدثان متوازيان مترابطان ، ونلحظ في البناء الدرامي خلطا بين أسلوبين : أسلوب فنتازي وأسلوب طبيعي . وهو خلط تفرضه ضرورة تجسيد الفكرة الأساسية التي يعرضها النص
 
  ولأن ائتمان طفل علي سر ضرب من عدم الحصافة ، لذلك كشفت الطفلة عن السر من  فرحتها – ربما ، وربما كنوع من أنواع  إثبات التميز والتفوق الذي مكنها من التفرد بالقرب إلي الحارس الغيبي ومن ذمّ الاطلاع علي بواطن الأمور وأسرار الغيب مما دعلها تخبر الأطفال عن اطلاعها عن أبيها وأمها – علي اعتبار ما سيكون – وهك ذا يصور لنا المؤلف مشهدا قائما هلي الحكي كمصر فرجة شعبية .
 ( المنظر نفسه الذي  رأيناه في المشهد الأول : الفراشة جالسة علي مكعب  كبير وسط البهو . وقد جلس أمامها طفل وطفلة . يري أطفال آخرون متناثرين في مجموعات من أنحاء المكان . كل مجموعة مشغولة بالحديث فيما بينهم ولكن لا يسمع حديثهم .
الفراشة : تتحدث للطفل والطفلة الجالسين أمامها )  سأطلعكم علي سر لم أخبر به أحد من قبل ،
 
  وهنا تشعل الطفلة غريزة حب الاستطلاع لدي أطفال الغيب . بتقافزها هنا وهناك من صورة إلي أخري مرتبطة بالاسم الذي أطلقه عليها حارس الغيب ( الفراشة) تمكنت من جمع المعلومات كالنحل التي تجمع الرحيق من الأزهار . ثم هي تفرغ  ما جعبتها من معلومات فيعرف أطفال الأرحام في الغيب ما هي الفلوس ، وما السيارات ، وهنا تشتعل الغيرة الطفولية ، فلا ينفع تحذير الطفل بعدم إخبار الحارس عما قالته لهم :
الطفلة الفراشة : إيّاكم أن تخبروا الحارس .. عذا ضد الأوامر "
طفل  : ولما أطلعك أنت عليه ؟ نحن أيضا نريد أن نري الدنيا الجميلة .
 
  وهكذا يتظاهر أطفال الأرحام مطالبين بكشف لسان الغيب عن آباء المستقبل وأمهاته ، فتدوي الهتافات تطالب بذلك . وهنا تظهر قيمة التضامن الجماعي في الضغط لتحقيق مطلب ما
  وهنا يضع المؤلف قيمة تربوية جديدة في البناء المعرفي بضرورة حفظ السر  ، كما يضع قيمة جديدة وهي قيمة الندم  ويقظة الضمير  :
الفراشة : ( تبدو مطرقة  للأرض لفي خجل ) .
  فالتأنيب أسلوب تربوي ووخز الضمير أسلوب تربوي ،
" الحارس : أهذه وصيتي لك يا فراشة ؟ ألم أطلب منك ألاّ تخبري أحدا ؟
الطفلة الفراشة : ( علي وشك البكاء) لقد أخبرتهم .. أخبرتهم جميعا ولم استطع الاحتفاظ بالسر
               أرجوك الاّ تغضب منب . أنا متأسفة
 
 وعندما يستجيب الحارس لالحاح الأطفال علي رؤية آباء الغيب وأمهاتهم  يضع لبنة معرفية عن مستويات  يضع لبنة معرفية عن المستويات الطبقية في المجتمع كسنة حياة ، تلك التي تجعل الأطفال الغيبيين يحجمون عن الرغبة في الولادة ويفضلون الخلود في عالم النطف في رحم الأطفال الميتافيزيفي :
"  طفل : ( في فرح شديد ) سأري أبي . سأري أمي
( تفتح ستائر البانوراما فنري غرفة حقيرة . وتري في أحد أركانها أربعة أطغال  نائمين علي الأرض بجوار بعضهم والأب والأم وقد ارتديا أسمالا بالية ، يتحدثان معا ؟ يتطور الحدث إلي مشادة تتضح من حركات أيديهم ،  ثم تقوم الأم غاضبة ، فيقوم خلفها الأب . يدوس الأب علي رجل أحد أبنائه النائمين فيصحو من نومه  منتفضا في جزع  وبصحو علي أثر ذلك الأطفال الآخرون ؟ كل هذا دون أن يسمع لهم صوت ) .
  يتعرف الطفل علي صورة أسرته قبل أن يولد هو ويعرف إن كان له أخ خامس ، مات
الطفل : مات . ما معني هذه الكلمة ؟
الحارس : مات ، معناه أنه بعدى  أن ولد وعاش في الدنيا من الزمن تلاشي من الوجود   
الطفل : تلاشي من الوجود ؟ بعد أن ولد وعاش . ولماذا مات ؟
الحارس:  صدمته سيارة فمات . لم يعد له وجود .
الطفل : صدمته سيارة ؟ سيارة أبي الفراشة ؟
الحارس : كلا سيارة أخري
الطفل: سيارة أبي ؟
الحارس: أبوك ليس له سيارة
الطفل: ( علي وشك البكاء)  ولماذا ليس لنا سيارة وأبو الفراشة عنده سيارة ؟
الحارس : لأن والدك لايمتلك فلوس كثيرة الفلوس التي عنده قليلة جدا .
الطفل : الطفل : الفلوسل التي هنده قليلة جدا ؟ زلكن الفراشة أهبرتني إن  الناس في الدنيا عندهم فلا بمكنهم أن يحصلوا  كل علي ما بريد , هل معني هذا أن والدي لا يمكنه أن يحصل علي ما يريد
الحارس : كلا لا يمكنه أن يحصل علي كل  ما يريد  .
الطفل : ( باكيا) كنت أظن أن كل الناس في الدنيا عندهم  فلوس وسيارات . كنت أظن أن الدنيا جميلة . البيت الذي يعيش قيع=ه أبي وأمي وأخواتي  بيت حقير . الدنيا بشعة . الدنيا . إخوتي الذين ةولدوا ؛ معذبون . لماذا يريدون تعذيبي أنا أيضا ؟  ( يلتصق بالحارس ) أنا خائف . خائف . ( يشتد بكاؤه) لا أريد أن أري هذه الدنيا . لا أريد أن أري هذه الدنيا .
الفراشة : ( تتقدم نجحوه وقد بدي عليها التأثر الشديد . تربت علي كتفه محاولة تهدئته فيميل رأسه علي كتفها وينخرط في البكاء مرددا " لا أريد أن أولد ـ أنا لا أريد الحياة "
 
  إن التداعيات التلقائية التي بني علي أساسها هذا المشهد تناسب عالم الطفولة ، والمشهد زاخر بالقيم التربوية والمظاهر الغريزية حيث الغيرة الغريزية وحيث خاصية سرعة التصديق عند الطفل . ـ  وحيث القيمة التعلمية  التي هي جزء من  عملية البناء المعرفي للطفولة ,,.. نسبية الحياة ونسبية الحكم عليها .  وتربية قيم المواساة والتعاطف ، وقيمة التأنيب علي المستوي التربوي للطفل  فعن  طريق التأنيب والندم يتحقق إحياء الضمير :
الحارس :  كل منك يا فراشه . كل منك . أنت السبب .
الطفلة الفراشة :  لم أكن لأعلم . كنت أظن أن كل الناس مثل أبي . أنا حزينة. حزينة جدا من أحله  إن العلم بالشي لا يأتي إلا عن طريق الرغبة في إثارة التساؤلات المندهشة والإلحاح في كشف اللثام عن المجهول عن طريق معارضة الموجود والشك فيه كشفا لقيمته وتأكيد هذه القيمة أو تغييرها .
 تلك جميعها عوامل تجديد الحياة وتطويرها وتحمل العيش فيها .  علي أن ما حدث للطفل الفقير الأبوين ، وما أدي به إلي الإحباط مما جعل الأطفال مترددبن في الرغبة غب اكتشاف غيب والديهم وهنا توكيد للمؤلف علي الحكمة الدينية ( لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع ) ومع ذلك الاستمرار في الجدث يكشف لنا الكاتب عن والد الطفل  حيث بتطلع الطفل بعد تردد علي والده الغيبي :
( تفتح ستائر البانوراما فنري فرقة نوم ةبها دولاب وسرير عليه امرأة عجوز نائمة . يدخل من النافذة رجل يرتدي فميصا وبنطلون قديما . الرجل يسير علي أطراف أصابعه ويفتح الدولاب . يأخذ من الدولاب أشياء يضعها في جيوبه .  يعببث بباقي محتويات الدولاب .  المرأة تستيقظ ويبدو أنها تصرخ في ذعر .   الرجل يتناول من الغرفة جسما صلبا وينهال به فوق رأس المرأة فتموت ثم يأخذ ما جمع من الأشياء من الغرقة ويسرع نحو النافذة ويختفي . تقفل ستائر البانوراما بينما تبدو الدهشة علي وجوه جميع الأطفال . ) [66]
الطفل : ماهذا ؟ أين أبي .
  إن الوجود الحقيقي هو الوجود الاختياري وليس الوجود الجبري . إن الإنسان ملول ، وتلك صفة عامة من صفات الإنسان ، غير أن الأطفال أكثر المخلوقات مللا وحبا للحركة لأنها مظهر رئيسي  من مظاهر تحقيق غريزة النمو ، وغريزة حب الاستطلاع والتعلم .
الحارس : هل سئمت البقاء هنا .
الطفلة الفراشة / نعم سئمت ومللت "
   ولكسر الملل يعكف الحارس علي الطفلة الفراشة ، ويريها من وراء ستار عالم الغيب أباها وأمها قبل أن يتزوجا ، بل قبل أن بعرف أحدهما الآخر ، لذلك يأمرها بأن تفتح عينيها اللتين أمرها بإغماضها قبل أن يريها والديها في الغيب ، وعنها تري الطفلة ) " ... سور حديقة خلفه منزل جميل وجزء من شارع به بعض المارة . وبجوار السور سيارة فارهة يقف بجوارها شاب أنيق يبدو عليه الثراء يتحدث مع رجل ولكن لا يسمع حديثهما )
الطفلة الفراشة : الله . إنها أشياء جميلة . هل هذا المنظر للدنيا التي سأولد فيها ؟
الحارس : نعم . وهذا هو الذي ستولدين وتعيشين فيه . ؟
 
   ويعرض الحارس للطفلة أسرتها الفقيرة ، ما لا يرضيها من صورة حياة والديها وإخوتها ، ما لا يسرها ولا يرضيها عن موت أخ لها في حادث وعن صورة والدها السارق القاتل فتنفر منها وترفض الخروج إلي نهار الدنيا . المسرحية تعليمية عني فيها مؤلفها د. يوسف عز الدين عيسي بالجانب التعلمي والتكوين المعرفي للطفولة ، ليدرك الطغل إرادة التغكير وإرادة التقدير ال واتخاذ ما يلائم حياته ليعيش حياة إنسانية صحيحه بحلوها ومرها ـ بايجابياتها وسلبياتها ، بغية إحسان حياته الأسرية والمجتمعية والإنسانية السليمة مدعمة بالقيم الدينية والإنسانية والجمالية  ، لذلك  أري في كلا النموذجين المسرحيين ( صياد العفاريت ) لجمال ياقوت ، و( نريد الحياة) ليوسف عز الدين عيسي نموذجين مهمين في الكتابة المسرحية للطفل  ويمثلان مهمة المسرح  المعاصر للطفل  تمثيلا  تربويا  تعلميا يحتذي .
 
                                                               أبو الحسن سلاك
                                    الإسكندرية ، مصر ، 5ي يوم الأربعاء الموافق 10 يناير 2024
 
 
نتائج البحث
 عالج هذا البحث دور الخيال في إبداع نص مسرحي يوظف الخيال العلمي في اتجاه التكوين المعرفي عند الطفل ، مفرقا بين الخيال الاسترجاعي :  الذي يستلهم ثورا مشرقة من تراثنا أو من تاريخنا وبعبد عرضهاى عرضا معاصرا يؤكد قيم مجتمعنإ الإيجابية ، متجنبا ما في التراث من قيم سلبية أو غير تربوية ، ومحققا لدور تقنيات الكتابة الإبداعية في توظيفها لتربية الطفل ، والخيال التوقعي الذي يبدع المؤلف والمخرج والسينوجرافيا عن طريث إيداع ما ليس له وجود في حياتنا ومعارفنا
 
  ولأن عمليات التخيل التى يمكن أن توصف بالتحولات الإبداعية مقصورة دون شك على قلة من الأفراد الذين وقبوا منحة الخيال الإبداعي : Creative Imagination  ؛ لذا رأيت الباحثة في فكرة ( باب المغارة في قصة على بابا والأربعين حرامي )  حيث يفتح ويغلق من تلقاء نفسه ؛ لقد أنتج الخيال البشري حكايات تراثية  أسطورية وحكايات الخوارق والأشباح والأطياف  لونا من ألوان التصوير الإبداعي  الفانتازي ؛ الذي برع فيه خيال المبدع القديم ؛  . ومن تلك الصور الغرائبية في الآداب العالمية القديمة قصة (حصان طروادة ) وخدعة اقتحام جنود " أوديسيوس " - صاحب فكرة حصن طروادة – لغزو القلعة المنيعة ليصبحوا بداخل المدينة المحصنة ويدمرونها .
  وكذلك كانت صورة " كعب إخيل" وفكرة ساحرات الجزيرة في ( الأوديسية) وكذلك فكرة الحصان الطائر ( بيجاسوس  وكذلك العملاق ( سيكلوبس) ذو العين الواحدة في أعلى مقدمة جبهته .. يأكل الإنسان في بلعة واحدة ؛ كانت كل تلك الصور وحكايات الخوارق والمعجزات الأسطورية ، أو الخرافية  حلولا خيالية حلم بها الإنسان القديم ، أو عبر بها عن تخوفاته مرة، وعن طموحاته  فتصورها تصورا ذهنيا وتعويضيا بالخيال عن عجزه عن تحقيقها واقعا ماديا في حياته أو تعبيرا عن مخاوفه من بطش قوى الطبيعة الخارقة فأبدع بخياله وسائل حماية نفسه منها .
  هكذا تحول الخيال الإبداعي والتصوير الفانتازي عند المبدعين القدامى  للمعجزات وللخوارق والمستحيلات تحول إلى حقيقة مادية بين يدى الإنسان المعاصر الذى لم يكتف بالاستماع بحكايات الخوارق في خيال أسلافه المبدعين ؛ وإنما أعمل عقله وحول الخيال إلى تكنولوجيا ؛ سيطر بها على مجريات حياته وحياة المجتمعات البشرية إيجابيا وسلبيا .
 كذلك تناول البحث دور المسرح في المعالجة الفانتازية معالجة استلهام تخيلي معاصر  بتحليل البحث لعرض مسرحي ( صياد العفاريت) وفق رؤية تخيل إبداع استرجاعي لحكاية التراثية ( الجني في القمقم وصيحة شبيك لبيك )  يعالج فيها د. جمال ياقوت مؤلفا ومخرجا القصة معالجة تفكيكية تهدم نسق الحكاية التراثية وخطابها ويستبدله بإنتاج  بناء وخطاب معاصر ، يعلم فيه الطفل البشري " حمادة" الطفل الجني  "عفير" - طفل شبيك لبيك - كيف يبحث  بنفسه عما يريده  باستخدام الحاسب الآلي .
 كانت تلك المخيلة الإبداعية وما أنتجه  بعض المسرحيين بالاستلهام الإبداعي والابتكار المعاصر حكايات أسطورية  شكلت مجالا خصبا  عند بعض المسرحيين والسينمائيين والفنانين التشكيلين والمؤلفين الموسيقيين ومصممي الرقص المسرحي والباليه ليعيدوا تخيلها كل بأساليب فنه وتقنيات عروضه . وفي ذلك الاتجاه وظف فنانو مسرح الطفل كتابا ومخرجون مخيلاتهم في استلهام تلك الحكايات والصور الأسطورية بأساليب الفانتازيا خلال عقود طويلة ؛ وما زالوا يفعلون . غير أن ظهور الابتكارات على هيئة وسائل تكنولوجية ووسائط متعددة ودورها في إنجاز المستحيلات إنجازا آليا بديلا عن اعتماد الإنسان عبر تاريخه الماضي على ما يمن به الغيب عليه ؛  سواء توسلا عقديا بالأدعية والتوسلات أو عن طريق إيمان وتصديق أو تصديقا لخزعبلات بعض الأفافين ممن يدعون علم الغيب أو روحانية التواصل  ,
 
  وللتفريق بين معالجات التخيل  ومعالجات الخيال في ما أبدع لمسرح الطفل  ؛ تعرض البحث لمفهومي التخيل والخيال ، مفرقا بينهما مع تناول نموذج لمعالجتين إحداهما تستلهم حكاية تراثية استلهام ابتكار تخيلي ( صياد العفاريت)  والثاني إبداعي استرجاعي أساسه الحدس  ممثل في نص مسرحية ( نريد الحياة) للدكتور الأديب المصري يوسف عزالدين عيسي  من حيث معالجته الخيالية  في إبداع  توقعي.
 
  هكذا عرض البحث لمراحل الخيال  التي مرت بها تجربة المبدع أديبا و فنانا مع اختلاف مجال كل منهم ؛ حيث مر الإبداع الأدبي والفني القديم بما يمكن أن نطلق عليه بمرحلة الخيال الإبداعي الذى جسد الأساطير والأحداث الخوارق والصور الفائقة الخيال ( السيريالية) والفانتازيا ومرحلة الخيال الاسترجاعي Reproductive التي يستلهم فيها المبدع حكاية أو صورة من أسطورة تراثية ، يستعيدها من خلال صورة فيها جدة أو حداثة تتفاعل مع ثقافة عصره أو بيئتهة.  ومرحلة ثالثة هي مرحلة الخيال التوقعي  : Anticipatory Imagination وهي تقوم على ما يطلق عليه كروتشه ( الحدس) حيث يبدع صورا أو مواقف وأحداث متخيلة لحالات أو مواقف واقعية يصعب تغييرها على مستوى الفعل الواقعي .. وخيال الفنان أو المبدع أو المبتكر هنا يقدم صورا فنية أو أدبية ( شعرا أو نثرا ، رواية أو مسرحية أو موسيقى أو سينما أو تشكيلا أو تمثيلا أو رقصا) 
ويوظف الخيال التوقعي أيضاً ليقدم مجال العلم حلولا افتراضية مستقبلية  لصالح المجال العام ؛ قد يتحقق وقد لا يتحقق . وليس على الفنان أو المبتكر إلا تخيلها وإصدارها في المجال العام  وليس علي خيال المبدع الحدسي التوقعي إلاّ إصدارها نصا أو عرضا .
 
 
‎   المصادر والمراجع
أولا : المصادر :
 
أ‌-     النصوص والعروض المسرحية :
1-   د. يوسف عز الدين عيسى ، نريد الحياة ومسرحيات أخرى ، دار المعارف ، القاهرة ، 1985 
2-  يوسف إدريس ، الجنس الثالث ، مسرحية الجنس الثالث ،  القاهرة ، عالم الكتب ، 1971
3-   نعمان عاشور ،  لعبة الزمن ، القاهرة ، المركز العربي للبحث والنشر ، 1980
4-  توفيق الحكيم ، رحلة إلى الغد ،  القاهرة ، مطبعة درب الجماميز ومكتبتها ، 1958
5-  د. جمال ياقوت ؛  صياد العفاريت ، تأليفا وإحراجا ، إنتاج : قصر ثقافة التذوق 2008 1962
6-  هوميروس ، الأوديسية ، ترجمة : دريني خشية ، القاهرة ، دار المعارف بمصر  1962
 
ثانيا : المراجع :
1-  د. أبو الحسن سلام ، مسرح الطفل : النظرية – التأليف ـ  الإخراج )  الإسكندرية ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر  2003
‏2-  The Philosophy of child ho
3-   د. إسماعيل عبد الفتاج ، أدب الأطفال في العالم المعاصر- رؤية نقدية تحليلية - القاهرة ، مكتبة الدار العربية للكتاب د.ت
4-   د. أبو الحسن سلام ، " الرفيق الخيالي ومسرح الطفل في عصر العولمة" (مهرجان مسرح الطفل ، الدورة الأولى، كتاب الندوات العلنية، القاهرة ، وزارة الثقافة ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، الإدارة العامة لثقافة الطفل ، سبتمبر، 2010 
5-   بيتر نيكوللز ، السينما الخيالية ، ت : مدحت محفوظ ، سلسلة مكتبة الأسرة ، القاهرة ، وزارة الثقافة  الهيئة المصرية العامة للكتاب 2006
6-   د. أبو الحسن سلام ، مقدمة في نظرية المسرح الشعري  ، ط.2 ، الإسكندرية ، دار الوفاء لدنيا  الطباعة والنشر 2010
7-  رجب سعد السيد " ثقافة الأطفال والخيال العلمي " ( ندوة سينما الخيال العلمي في خدمة المجتمع بين البحث والمقال ) جامعة الإسكندرية ، كلية الآداب، 15-16 أكتوبر 1997
8-  د. كمال الدين حسين، مسارح الأطفال، بين الإدارة والصحبة- 1- الإدارة جامعة القاهرة ، كلية رياض الأطفال، جمعية أصدقاء مسرح الطفل ، ط. العمرانية ، د.ت
9-   يعقوب الشاروني ، " فن الكتابة لمسرح الأطفال". ( سلسلة مطبوعات المسرح المتجول ، الموسم الثقافي والفني الأول لعام 1982/1983، وزارة الثقافة ، قطاع المسرح، 4 يناير1982
10-                      د.يوسف عز الدين عيسى، " حدود العلم" ( جريدة  الأيام ) صفحة الأدب والفكر ، تصدر عن جامعة الإسكندرية ، 19/11/1989
 
 
 


[1]  الخيال الاسترجاعي : هو الخيال المستلهم لإشراقات تراثية أو تاريخية ، ارتكازا علي مهارات الابتكار  ، أما الخيال التوثعي  فيرتكز علي الإبداع  بتخليق غير الموجود في عالم الوجود .
[2]  
[2] - د. يوسف عز الدين عيسى ، نريد الحياة ومسرحيات أخرى ، دار المعارف ، القاهرة ، 1985
 
[3]  سنعرض تحليلا دراميا وحماليا له في الجزء الأخير من البحث .
[4] - يوسف إدريس ، الجنس الثالث ، مسرحية الجنس الثالث ،  القاهرة ، عالم الكتب ، 1971
[5]  وذلك متناص مع شخصية ابن القارح في رسالة الغفران لأبي العلاء المعري ، الذي يتحقق له ما يفكر فيه في التو واللحظة  !
[6] - نعمان عاشور ،  لعبة الزمن ، القاهرة ، المركز العربي للبحث والنشر ، 1980
[7] - توفيق الحكيم ، رحلة إلى الغد ،  القاهرة ، مطبعة درب الجماميز ومكتبتها ، 1958 
أ
[8]   أستاذ  الأدب العربي  - أستاذ علم الحشرات السابق بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية - وقد صدرت في كتاب واحد عن دار المعارف
‏[9]     The Philosophy of child hood,London
[10]  نقلا عن :  د. إسماعيل عبد الفتاج ، أدب الأطفال في العالم المعاصر- رؤية نقدية تحليلية - القاهرة ، مكتبة الدار العربية للكتاب د.ت
  
[12]  د. إسماعيل عبد الفتاج ، أدب الأطفال في العالم المعاصر- رؤية نقدية تحليلية - القاهرة ، مكتبة الدار العربية للكتاب د.ت
[13]  يوسف عزالدين عيسي ، نفسه
[14]  د.يوسف عز الدين عيسى، " حدود العلم" ( جريدة  الأيام ) صفحة الأدب والفكر ، تصدر عن جامعة الإسكندرية ، 19/11/1989، ص 5       
 
 
[15]   د. جمال ياقوت ؛ إنتاج : قصر ثقافة التذوق (تأليف وإخراج د. جمال ياقوت ؛ إنتاج : قصر ثقافة التذوق 2008
 
 
[16]   رجب سعد السيد " ثقافة الأطفال والخيال العلمي " ( ندوة سينما الخيال العلمي في خدمة المجتمع بين البحث والمقال ) جامعة الإسكندرية ، كلية الآداب، 15-16 أكتوبر 1997ص 82
 
[17]   يعقوب الشاروني ، " فن الكتابة لمسرح الأطفال ". سلسلة مطبوعات المسرح المتجول ، الموسم الثقافي والفني الأول لعام 1982/1983، وزارة الثقافة ، قطاع المسرح، 4 يناير 1983 ،ص 8  
[18] الشاروني، نفسه ص 10
 
 
[19]  د. كمال الدين حسين، مسارح الأطفال، بين الإدارة والصحبة- 1- الإدارة جامعة القاهرة ، كلية رياض الأطفال، جمعيىة أصدقاء مسرح الطفل ، ط. العمرانية ، د.ت
[20]  د. أبو الحسن سلام ، " الر فيق الخيالي ومسرح الطفل في عصر العولمة" (مهرجان مسرح الطفل ، الدورة الأولى، كتاب الندوات العلنية، القاهرة ، وزارة الثقافة ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، الإدارة العامة لثقافة الطفل ، سبتمبر، 2010،ًص 3
[20]  د. أبو الحسن سلام ، " الرفيق الخيالي ومسرح الطفل في عصر العولمة"  نفسه .
 
 
 
[22]   د.أبو الحسن سلام، نفسه
[23]  د.أبو الحسن سلام ، نفسه، ص 4 
 
[24]  د. يوسف عز الدين عيسي ، نربد الحياة ومسرحيات أخري ، القاهرة ، دار المعارف بمصر
[25]  جمال ياقوت ، عرضت المسرحية علي مسرح قصر التذوق بسيدي جابر ، فرع ثقافة الإسكندرية ، هيئة قصور الثقافة
[26]   د. جمال ياقوت مسرح الطفل من النص إلي العرض ، الجيزة ، الباسل للنشر والتوزيع ، 2021 121
[27]   نفسه
[28]   بيتر نيكوللز ، السينما الخيالية ، ت : مدحت محفوظ ، سلسلة مكتبة الأسرة ، القاهرة ، وزارة الثقافة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2006، ص 59 -60
 
[29]   ".   نيكوللز ، نفسه ، ص 63
 
[30]   نيكوللز ، السينما الخيالية ، نفسه ،ص 67
 
[31]  د. سلام ، نفسه
[32][32]  بيتر نيكوللز، السينما الخيالية ، نفسه ، ص 275  
[33]  د.  عز الدين عيسي ،نريد الحياة ومسرحيات أخري اقااهرة ، دار المعارف بمصر
[34]  وهو أستاذ علم الحشرات بجامعة الإسكندرية فضلا عن كونه أديبا كبيرا
[35]   يكوللز ، السينما الخيالية صئ227
[36]  د. أبو الحسن سلام ، مقدمة في نظرية المسرح الشعري  ، ط.2 ، الإسكندرية ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر 2010
[37]   نيكوللز، السينما الخيالية ، نفسه ص 13
‏[38]  The Philosophy of child hood,London
 
[39]   د. إسماعيل عبد الفتاح ، أدب الأطفال في العالم المعاصر- رؤية نقدية تحليلية - القاهرة ، مكتبة الدار العربية للكتاب د.ت
 
 
[41]   هوميروس ، الأوديسية ، ترجمة : درينني خشية ، القاهرة ، دار المعارف بمصر  1962
[42] د.يوسف عز الدين عيسى، " حدود العلم" ( جريدة  الأيام ) صفحة الأدب والفكر ، تصدر عن جامعة الإسكندرية ،   19/11/1989، ص 5       
 
[43]  د. يوسف عزالدين عيسي ، نفسه
[44]   د. جمال ياقوت / مسرح الطفل من النص إلي العرض ، الباسل للنشر والتوزيع ، الجيزة ، 2-23 ، ص 129
[45]  د. جمال ياقوت ، نفسه
[46]  نفسه
[47]   د. جمال ياقوت ؛ تأليفا وإخراجا ، إنتاج :  الإسكندرية ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، قصر ثقافة التذوق 2008
[48]  رجب سعد السيد " ثقافة الأطفال والخيال العلمي " رجب سعد السيد " ثقافة الأطفال والخيال العلمي "  ندوة سينما الخيال العلمي في خدمة المجتمع بين البحث والمقال ) جامعة الإسكندرية ، كلية الآداب، 15-16 أكتوبر 1997ص 82
 
[49]   رجب سعد السيد " ثقافة الأطفال والخيال العلمي " رجب سعد السيد " ثقافة الأطفال والخيال ا  ، نفسه 1997ص 82
 
[50]   يعقوب الشاروني ، سلسلة محاضرات بالمسرح المتجول ، وزارة الثقافة المصرية ، البيت الفني للفنون الشعبية 1985
[51] الشاروني ، نفسه
[52]   الشاروني، نفسه ص 10
[53]  د. كمال الدين حسين ، جامعة القاهرة ، كلية رياض الأطفال، جمعيىة أصدقاء مسرح الطفل ، ط. العمرانية  ، 2001ص  
43
  
[54]  د. سلام ،  الرفيق الخيالي ومسرح الطفل في عصر العولمة"     مرجع يبق ذكره .
[55]  د. أبو الحسن سلام ، " الرفيق الخيالي ومسرح الطفل في عصر العولمة" (مهرجان مسرح الطفل ، الدورة الأولى، (كتاب الندوات العلمية) القاهرة ، وزارة الثقافة ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، الإدارة العامة لثقافة الطفل ، سبتمبر، 2010،ًص 3 
[56]  نفسه
[57]  أبو الحسن ، نفسه، ص 4 
[58]  د. أبو الحسن سلام ، مسرح الطفل : النظرية – التأليف ـ  الإخراج )  الإسكندرية ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر  2003
[59]   د. يوسف عزالدين عيسي ، نريد الجياة ومسرحيات أخري ، دار المعارف بمصر 
[60]  نيكوللز ، نفسه
[61]   نيكوللز، السينما الخيالية ، نفسه ص 13 
 
[62]  د.  أبو الحسن سلام ، مسرح الطفل ( النظرية – مصادر الثقافة – فنون النص - - فنون العرض ) ، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر ،
2004 ، ص258
[63]   تفسه
[64]  د. أبو الحسن سلام ، مسرح الطفل ، سبق ذكره ، ص 260
[65]  نفسه



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استلهام الخيالي الاسترجاعي لأوتوشرك مزامنة الخيال التوقعي لح ...
- طه حسين العقلانية الفكرية القلقة
- هموم الفعل الثقافي في بلادنا
- إلمر رايس والمسرح غير التجاري في أمريكا
- السخصية المسرحية بين النموذج الصراعي والنموذج المقاوم
- مرجعيات التمسرح في فنون التأليف رالإخراج
- عرض مسرحي ( العيال زهقت). لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحي ...
- مرجعيات سايكودراما مورينو المسرحانية
- الحوار الدراني والحكي
- مناهج التمثيل التشاركي
- المسرح بين الفاعل الفلسفي وجماليات التشويه
- السياسة والفواعل المسرحية والإعلامية
- د. جمال ياقوت المخرج المسرحي مبدعا وأكاديميا باحثا
- غواية الرؤية في الإخراج المسرحي
- العبال زهقت - عرض مسرحي طلابي
- قصيدة التثر وتعادلية النوع
- تقنيات دراماتوجيا العرض المسرحي التفكيكي - عرض في قلبي -؟للم ...
- منهج التمثيل التشاركي في نظرية المسرح البديل
- تقنيات الرائع والمشوة في إخراج المسرحية الطبيعية
- تدريبات إخراج مسرحي - للمبتدئين -


المزيد.....




- مصمم يتخيل فندقًا من -مكعبات الثلج- في وادي -طيب اسم- بالسعو ...
- وزير الخارجية اللبناني: نرفض الحرب وبلادنا تعاني من أزمة تهد ...
- تقرير يوضح التحديات والفرص أمام الجيل القادم من المانحين في ...
- -ولدا معًا وقتلا معًا-.. الغارات الإسرائيلية اليومية تستمر ف ...
- مراسلتنا: دوي صافرات الإنذار واعتراض القبة الحديدية رشقة صوا ...
- خبراء أمريكيون يحذرون من رد روسيا إن تعرضت لقصف أوكراني بموا ...
- إيران لا تريد ضمان أمن حزب الله
- معرض -ADEX-2024- للصناعات الدفاعية يكشف عن أحدث النسخ لمسيرة ...
- روسيا تختبر غواصة جديدة حاملة للصواريخ المجنحة
- معرض جديد في أمستردام يكشف عن روائع الفن البرونزي الآسيوي


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أبو الحسن سلام - مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي والخيال التوقعي