|
التركمان في العراق وسوريا يفتقرون إلى الكتاب
مختار فاتح بيديلي
طبيب -باحث في الشأن التركي و أوراسيا
(Dr.mukhtar Beydili)
الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 14:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التركمان في العراق وسوريا، رغم كونهم جزءًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلدين، يعانون من نقص ملحوظ في مجال الكتابة والتأليف وهو ما يؤثر سلبًا على قدرتهم على التعبير عن هويتهم الثقافية والسياسية والدفاع عن حقوقهم. يجب النظر في عدة عوامل: التهميش السياسي والثقافي: التركمان كأثنية عرقية واجهوا تاريخيًا تهميشًا سياسيًا في كل من العراق وسوريا. هذا التهميش أثر بشكل مباشر على قدرتهم على تطوير بنية ثقافية متكاملة تشمل الكتابة والتأليف والإعلام. في العراق على الرغم من وجود التركمان في مناطق عديدة مثل كركوك وموصل وصلاح الدين وديالى وأربيل وبغداد فإنهم لم يتمكنوا من لعب دور سياسي بارز يؤهلهم لدعم مجالات الثقافة والإعلام بشكل فعال. تركز القوى السياسية والمالية بيد مجموعات أخرى مما حدّ من الدعم المالي والمؤسسي للمشاريع الثقافية. في سوريا تعرض التركمان هناك لظروف سياسية صعبة في ظل الحكم المركزي الذي يسيطر عليه حزب البعث هذا أدى إلى إضعاف الهوية التركمانية ومنع التركمان من الوصول إلى الأدوات اللازمة للتعبير عن ثقافتهم في المشهد الإعلامي حتى لم يسمح لتركمان سوريا بفتح جمعيات اجتماعية وثقافية وفتح مدارس خاصة لتعليم بلغتهم الأم . غياب الدعم المؤسسي: النقص في الكتاب بين التركمان يرتبط بشكل أساسي بغياب المؤسسات الثقافية والأكاديمية التي تدعم إنتاج المعرفة باللغة التركمانية أو حتى بالعربية سواء في العراق أو سوريا. فالقلة من المؤسسات الموجودة لا تمتلك القدرة المالية أو التنظيمية لدعم الكتاب الجدد أو حتى نشر أعمال أدبية أو أكاديمية تعكس الهوية التركمانية: كثير من التركمان يتلقون تعليمهم بلغات أخرى (العربية فقط) بدلاً من التركمانية والعربية معا مما يؤثر سلبًا على تعزيز لغتهم الأم وتطوير محتوى ثقافي وأدبي بها. قلة المكتبات ودور النشر التي تعنى بتعزيز الثقافة التركمانية تجعل من الصعب على الكتاب التركمان الوصول إلى القراء. الهجرة القسرية التي تعرض لها العديد من التركمان خلال فترات الحروب والنزاعات في العراق وسوريا خاصة منذ عام 2003 في العراق وبعد 2011 في سوريا أدت إلى تشتت المثقفين والكتاب التركمان. اللجوء والانتقال إلى دول أخرى أثر على استمرارية الإنتاج الأدبي والثقافي. الكتابة تتطلب تفرغًا ودعمًا ماليًا، خاصة لمن يرغبون في خوض غمار التأليف والنشر. التركمان يفتقرون إلى مؤسسات داعمة مالياً لمشاريع ثقافية كبيرة. في المجتمعات التي تُهمش فيها الأقليات، غالبًا ما تُوجّه الموارد المالية للأولويات اليومية والمعيشية بدلاً من الثقافية. عدم توفر الدعم الثقافي الحقيقي وغياب مؤسسات ثقافية قوية تدعم الكتاب والمثقفين التركمان، سواء داخل المجتمعات التركمانية أو على المستوى الحكومي. على الرغم من وجود إعلام رسمي في العراق إلا أن صوت التركمان نادرًا ما يُسمع عبر هذه القنوات الرسمية المحلية ولم تكن هناك اية وسيلة إعلامية رسمية لتركمان سوريا طوال عقود الماضية لايصال صوتهم إلى المحافل المحلية والدولية. التركمان لا يمتلكون وسائل إعلام مؤثرة تعزز ثقافتهم وتبرز قضاياهم. غياب هذه المنصات يجعل من الصعب على الكتاب التركمان الانتشار سواء عبر الصحافة أو الأدب. الاضطرابات السياسية والحروب الاضطرابات السياسية في كل من سوريا والعراق أثرت بشكل كبير على المجتمعات التركمانية، مما جعل الكثير من المواهب تهاجر أو تتوقف عن الإبداع نتيجة للظروف الاقتصادية والسياسية القاسية. اللغة والتعليم التحديات المتعلقة باستخدام اللغة التركمانية في التعليم والإعلام أدت إلى تراجع القدرة على الكتابة والتأليف بها، مما يجعل الكتابة بهذه اللغة أو حتى التوثيق عن قضايا التركمان محدودًا. هذا النقص يُشكل تحديًا كبيرًا فيما يتعلق بتوثيق التراث والثقافة التركمانية، فضلاً عن إيصال معاناة الشعب التركماني للعالم. تحتاج المجتمعات التركمانية إلى تطوير جيل من الكتاب والمثقفين قادرين على حفظ هويتهم ونقل قصصهم للأجيال القادمة. التحدي الذي يواجه الكتاب التركمان هو إيجاد التوازن بين الهويات الثقافية المختلفة التي يعيشون في ظلها. التركمان موزعون بين دول متعددة وبالتالي تأثروا ثقافيًا باللغات والثقافات السائدة في تلك الدول. جهود فردية وغياب العمل الجماعي: في المجتمعات التي تواجه تحديات مثل التركمان نجد أن الجهود الثقافية غالبًا ما تكون فردية. يبرز بعض الأفراد ككتّاب أو مثقفين، ولكن غياب العمل الجماعي أو المؤسساتي يجعل تلك الجهود غير مستدامة. الكتاب التركمان قد يجدون أنفسهم منعزلين بدون دعم أو توجيه من مؤسسات أو جماعات تدفع نحو التطور الثقافي المستدامة. لمعالجة هذا الوضع، يمكن التركيز على عدة خطوات: إنشاء مؤسسات ثقافية مستقلة تدعم الكتابة والنشر باللغة التركمانية. تشجيع الشباب على الكتابة والتأليف عبر تقديم منح دراسية وورش عمل أدبية. تعزيز التعاون مع الأقليات الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة لبناء تحالفات ثقافية وإعلامية. تطوير وسائل الإعلام التركمانية لتكون منصة للكتّاب والمثقفين. دعم الهوية الثقافية من خلال التعليم وتشجيع التدريس باللغة التركمانية في المدارس والمراكز الثقافية. التركمان بحاجة ماسة إلى نهضة ثقافية شاملة تهدف إلى الحفاظ على هويتهم وتعزيز تراثهم الثقافي واللغوي، وهذا يتطلب جهودًا مؤسساتية وفردية على حد سواء. النهضة الثقافية التي تسعى إليها المجتمعات التركمانية يجب أن تركز على عدة جوانب رئيسية: 1. **إنشاء مؤسسات ثقافية وتعليمية**: لا بد من تأسيس مؤسسات ثقافية تعمل على دعم الكتابة والتأليف والبحث العلمي المتعلق بالتراث والثقافة التركمانية. هذه المؤسسات يمكن أن توفر مساحات لتطوير المهارات الأدبية والعلمية للكتاب الشباب وتشجيع الأبحاث التاريخية واللغوية. 2. **تعزيز التعليم باللغة التركمانية**: يجب أن يكون التركيز على تعزيز اللغة التركمانية في المناهج الدراسية والمراكز الثقافية، لضمان نقل اللغة للأجيال القادمة والمحافظة عليها كجزء أساسي من الهوية. 3. **دعم الأدباء والمثقفين التركمان**: من الضروري دعم الكتاب والمثقفين التركمان من خلال توفير فرص نشر مؤلفاتهم وتقديم منح أو دعم مالي لتشجيعهم على الكتابة والتأليف في مجالات مختلفة مثل التاريخ، الأدب، والسياسة. 4. **التوثيق التاريخي والاجتماعي**: يحتاج التركمان إلى برامج متخصصة لتوثيق تاريخهم وصراعاتهم وهجراتهم، بالإضافة إلى توثيق التقاليد والعادات التي تميزهم. هذا التوثيق يمكن أن يساعد في الحفاظ على ذاكرتهم الجماعية ومساهمتهم في التاريخ المحلي والإقليمي. 5. **التعاون مع المنظمات الدولية**: يمكن الاستفادة من التعاون مع المنظمات الثقافية والأدبية الدولية لتسليط الضوء على القضية التركمانية والمساهمة في نشر تراثهم عبر العالم. مثل هذا التعاون يمكن أن يكون جسرًا لتعريف العالم الخارجي بالثقافة التركمانية وإسهاماتها. 6. **الجهود الفردية**: على الأفراد التركمان المثقفين والمهتمين بالكتابة أن يساهموا بشكل مستمر في تعزيز الهوية التركمانية عبر التأليف والنشر في مواضيع تتعلق بتاريخهم وهويتهم. الدعم الشخصي، بالإضافة إلى الجهود المجتمعية، يمكن أن يكون له تأثير كبير. النهضة الثقافية تتطلب تضافر الجهود بشكل مستمر، ليس فقط من المؤسسات ولكن أيضًا من الأفراد، لأنها عملية طويلة الأمد تهدف إلى الحفاظ على الهوية وصياغة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
#مختار_فاتح_بيديلي (هاشتاغ)
Dr.mukhtar__Beydili#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوضع التركماني في الدول التي يعيش فيها التركمان، يمر بمأزق
-
20 سبتمبر - يوم السيادة لجمهورية أذربيجان على كامل ترابه
-
-حرب باردة- في العلاقات الروسية الإيرانية في ظل التناقض الأي
...
-
الجمهورية السورية ..لكل السوريين
-
التركمان -(عرب التركمان) والأعراق المختلفة الأخرى في شرق الم
...
-
من المستفيد الأكبر من فوز أردوغان في الإنتخابات الرئاسية.
-
أردوغان -الزعيم الوطني القوي الذي لا يقهر-
-
من ذاكرة التاريخ ... مراسم دفن الغازي مصطفى كمال أتاتورك مؤس
...
-
أصول قبيلة الرشوان أو ريشفان حسب تقارير القبائل (في الأرشيف
...
-
ملحمة أرغينيكون -نوروز -عيد نسائم الربيع
-
نحن التركمان سوريون أولا وثانيا وثالثا وعاشرا.. وتركمانيتنا
...
-
حراس ثغور الاقصى …تركمان فلسطين .!
-
الدور القادم وكأنه على جمهورية أوزبكستان الأن بعد كازاخستان.
...
-
الوحدة...هي الطريق الوحيد لنجاة أتراك في جمهوريات أسيا الوسط
...
-
الباحث والأديب والشاعر التركماني أوراز ياغمور...-فتحت عيني ف
...
-
ماذا بعد لقاء الرئيس الاذربيجاني ورئيس وزراء الأرميني في برو
...
-
كازاخستان - قررت التخلص من الإعلانات والإشارات باللغة الروسي
...
-
بحيرة أورمية في أذربيجان الجنوبية على وشك الجفاف
-
رئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف يقلد بالوسام السامي للعالم
...
-
ياقوتة حلب،عماد الدين النسيمي سُلخ جلده حياً وأُطلق يحمل جلد
...
المزيد.....
-
بعد زيارة وزير خارجية أمريكا.. بنما لن تجدد اتفاق -الحزام وا
...
-
اتهامات بالتحريض وترهيب الشهود.. النيابة الإسرائيلية تفتح تح
...
-
سوريا تحت قيادة الشرع تفتح صفحة جديدة مع الخليج، فهل تنجح بإ
...
-
إسرائيل تصعد عملياتها العسكرية في جنين: نسف 21 منزلا وسقوط خ
...
-
لقطات جوية تكشف حجم الكارثة.. أحياء بأكملها تغرق في كوينزلان
...
-
كيف تتلاعب روسيا بالرأي العام في أفريقيا؟
-
هل نجح نتنياهو بتغيير ملامح الشرق الأوسط؟
-
الأطفال الفلسطينيون المرضى والجرحى يصلون إلى مصر بعد فتح معب
...
-
المتمردون من حركة -إم 23- يدعون حكومة الكونغو الديمقراطية لل
...
-
مصر.. خطاب للسفارة الأمريكية اعتراضا على تصريحات ترامب
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|