المجتمع الأهلي.. فى إجازة

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1775 - 2006 / 12 / 25 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

"إذا أعطينا لمنظمات المجتمع المدنى فى مصر إجازة لمدة عام لما أحس المواطن بخلل او نقص".
ليس هذا رأيى وإنما هو رأى الدكتور على المصيلحى وزير التضامن الاجتماعي المسئول عن هذه المنظمات دستوريا.
وهو رأى توجد شواهد كثيرة تؤيده، وتؤكد ان كثيراً من منظمات المجتمع المدنى زائدة عن الحاجة ، ولا تقوم بعمل فعلى يعتد به.
لكن الدكتور المصيلحى لم يجب عن سؤال رئيسى هو: من يتحمل مسئولية ترهل منظمات المجتمع المدنى وتكلس بعضها الأخر وانعدام فاعلية معظمها ؟
ربما يكون الوزير قد حاول الإجابة بصورة غير مباشرة عن هذا السؤال الكبير بقوله انه تتم حاليا إعادة صياغة القانون رقم 84 الخاص بالجمعيات الأهلية برؤية جديدة، وطالب منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية بالتقدم بتوصيات لتطوير القانون وليس مجرد نقد لمواد القانون الحالى فقط.
ومن هذه الإجابة غير المباشرة نستنتج ان الوزير يرى ان القانون الحالى ليس ملائما لتطوير العمل الاهلى كما نستنتج انه يطلب مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى صياغة مشروع القانون الجديد.
أما أن القانون الحالى ليس ملائما.. فهو كذلك بالفعل.. بل أزيد انه معوق للعمل الاهلى ومثبط لاى مبادرات تطوعية ، فهو قانون يفرض وصاية الحكومة على مجمل العمل الاهلى ويجعل كل شاردة وواردة فى هذا العمل التطوعى مرهوناً بموافقة الجهة الإدارية، اى الحكومة . فحتى التطوع اصبح يحتاج موافقة الحكومة وإشرافها!
وبالتالى فان رفع هذه الوصاية ، غير المبررة، شرط ضرورى لدفع العمل الاهلى .
وحسناً ان يقترح الدكتور على المصيلحى مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى صياغة مشروع القانون الجديد. لكن الخشية تظل قائمة من ترزية القوانين الذين يتفننون فى إفراغ اى تشريع جديد من اى مضمون ديموقراطى ، ويتلذذون بخلق ثغرات " قانونية" تنفذ منها البيروقراطية وتلتف على اى مبادرات شعبية وتخضعها لإرادة كبار صغار وصغار كبار الموظفين وأجهزة الأمن .
ومن جراء مثل هذه الألاعيب تتراجع المشاركة الشعبية ويتعاظم العزوف عن الاهتمام الاهلى بالقضايا المجتمعية . وعندما تقع الواقعة وتحدث مشكلة جسيمة ، مثل كارثة التوربينى ومأساة الأطفال الأبرياء الذين أزهقت أرواحهم وانتهكت إنسانيتهم بصورة تقشعر بها الأبدان ، نبدى الاستغراب ونتباكى على منظمات المجتمع المدنى مع أننا كبلناها بألف قيد وقيد وفرضنا عليها وصاية الحكومة من المهد الى اللحد.
وفى ظل هذه الأوضاع غير السوية لا عجب أن تقول لنا الإحصائيات ان مصر أصبحت من اقل الدول إقبالا على التطوع والعمل الاهلى مقارنة ببلدان مثل المغرب والأردن ، بعد ان كان المصريون يتسابقون على التطوع من اجل الأعمال الخيرية وخدمة المجتمع.
ومعدن المصريين لم يتغير .. ولا شك انهم سيعودون للاهتمام بالعمل الاهلى كما يتمنى الدكتور على المصيلحى ، إذا أيقنوا انه لن يخذلهم بقوانين جديدة تكون استنساخا للقوانين القديمة التى أوقفت المراكب السايرة .

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات