سعد السعيدي
الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 18:13
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
عند الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 13 من شباط عام 1991، قصفت مقاتلتان أميركيتان أحد الملاجئ الخرسانية بحي العامرية وسط العاصمة بغداد. وذلك في إطار عملية عاصفة الصحراء التي شنّها تحالف دولي لإخراج القوات العراقية من الكويت. نفذ القصف الأميركي بقنبلتين ذكيّتين اخترقت أولاهما السقف المحصّن، في حين وصلت الثانية إلى داخله فأوقعتا معًا نحو 408 قتلى، بينهم نساء واطفال فضلًا عن 26 مواطنًا عربيًا. وبفعل قوة الضربة ونوع حشوة القنبلتين من الذخيرة تحولت اجساد مئات الضحايا إلى رماد، وانتُشلت جثث أخرى محترقة تماما وقد اختفت معالم أصحابها وكانت قد التصقت بجدران الملجأ.
وكان الملجأ قد شيد مع مجموعة ملاجئ اخرى خلال الحرب العراقية الايرانية. وهو مبنى محصن من 3 طوابق. مساحة الطابق 500 متر مربع، وسمك جداره يزيد على متر ونصف المتر. كذلك سقفه الذي كان مسلحا بعوارض حديدية سميكة. وكان الملتجئون يتواجدون في الطابق الأرضي.
وحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فقد حصلت الولايات المتحدة على معلومات سرية عن الملجأ عن طريق تقنيّاتها التكنولوجية العالية. وكانت قد حاولت تبرير الضربة بعد موجة الغضب العالمي التي ووجهت بها بادعاء انها قد رصدت اشارات وقامت بعدة عمليات رصد استنتجوا بها بان المبنى كان يستخدم كمركز قيادة وسيطرة عسكرية. وقد ادعى القادة العسكريون الامريكيون بانهم لم يلاحظوا استخدام الملجأ من قبل المدنيين. وهذا على الرغم من ان المنظمة اياها قد اشارت الى معرفة وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) بان المبنى المحصن كان ملجأ للدفاع المدني خلال الحرب مع ايران وايضا على الرغم من تأكيد اهالي الحي لاحقا بانه كان مؤشرا بكونه ملجأ عاما وكان يستخدم من قبل اعداد كبيرة من السكان طوال فترة الحرب الجوية التي سبقت الهجوم البري.
وسواء كان المبنى يستخدم كمركز قيادة عسكري ام لا فإن اتفاقيات الأمم المتحدة وبالتحديد اتفاقيات جنيف 1 و2 و3 و4 أو البروتوكول الأول لعام 1977، تقول جميعها بان العمليات العسكرية يجب أن تنفذ بعيدا عن المدنيين. فهي تحظر القصف العشوائي على المدنيين حتى لو وجد عسكريون في المنطقة نفسها. ولم يكن ملجأ العامرية هو الموقع المدني الوحيد في العراق الذي تعرض للقصف الجوي وقتها. إذ تكرر الامر مع قصف المدنيين في عدة اماكن اخرى في العراق وفي وضح النهار ادت الى استشهاد وجرح المئات من المواطنين. وعمليات القصف هذه كانت تجري على الرغم من تكرار اعلى القيادة السياسية الامريكية وقتها فضلا عن قادتها العسكريين تأكيداتهم منذ بدء الحرب وحتى نهايتها بالتزامهم بكل الاحتياطات المتعلقة بتجنيب تعريض السكان المدنيين للاذى.
استنادا الى ما تقدم لابد من رفع دعوى قضائية دولية ضد الحكومة الامريكية عن جريمة قصف ملجأ العامرية الذي كان يستخدمه المدنيون العراقيون للحماية من الغارات الجوية خلال حرب تحرير الكويت. وكان هذا القصف متعمدا حيث يشكل جريمة حرب. ولابد من المطالبة في الدعوى بدفع التعويضات للعراق عن هذه الجريمة.
#سعد_السعيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟