|
ارحل أيها العيد
محمود نزال
الحوار المتمدن-العدد: 1775 - 2006 / 12 / 25 - 06:29
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من المفترض والطبيعي جدا أن تكون النفس البشرية بطبعها محبة للفرح والسرور، فالنفس السوية تبحث جاهدة عن مناسبة تستطيع من خلالها إيجاد فرصة للترويح عن النفس بعد كل ما تتعرض له من ضغوطات يومية لتوفير مستلزمات الحياة، من هذه المناسبات التي يمكن أن يحصل الإنسان من خلالها على قسط وفير من الراحة والترويح عن النفس هي الأعياد، الأعياد على اختلاف مسمياتها وارتباطاتها بالديانات والأساطير، أو المناسبات القومية أو حتى فصول العام حيث يتخذ منها بعض الشعوب أعيادا أو حتى عيد الأم وعيد العمال أو........... لا أريد الإطالة هنا ولكن ما جعلني أن أحاول كتابة هذه السطور هو رؤية شجرة زيتون مزينة وسط مدينتنا المدنسة، الشاهدة على القتل والظلم والبؤس، هذه الشجرة استفزتني، لأني لست معتادا على رؤية مثل هذه المناظر في مدينتنا، بالرغم من أن شجرة الزيتون تعتبر رمزا للسلام والحب والعطاء والتحمل إلا أنها استفزتني واستوقفتني. على مدار العام أتابع عبر شاشات التلفزة شعوب العالم المتحضر وهي تحتفل بمثل هذه المناسبات، وخاصة عيد الحب حيث أن مثل هذه المناسبة تعتبر أجمل و أروع مناسبة لأنها تروج قيمة روحية إنسانية، لا تضاهيها أية قيمة أخرى في حياة الفرد، فالحب هو رسالة القلب والإنسان على هذه الأرض لأن الحب الطاهر الشريف ينمي القلب و يجعله بحجم العالم، يصفيه، ينقيه ويطهره من كل شوائب الكراهية و الضغائن و الأحقاد، و يجمل البشر و العالم و الكون و الطبيعة، فالحب يغير حياة الإنسان، فبالحب يصبح الإنسان ودودا، مسالما و متسامحا مع البشر و العالم المحيط به، حيث نراه يستفز من مشاهد العنف و القتل و سفك الدماء و روح العداء و الكراهية و العنصرية نحو الآخرين، فبينما تقوم شعوب العالم المتحضر بالاحتفال بيوم الحب و الإخاء و التسامح و التقارب الإنساني بين البشر جميعا، نرى بعض دعاة الكراهية من مرتزقة ومرضى نفسيين منهمكين بالتحريض على القتل و الكراهية و التمييز العنصري و الديني والحزبي والتنظيمي والجغرافي بين البشر، لأن ما نشأوا عليه من قيم همجية، وثقافة عدوانية، و نهج حياتي مظلم متخلف، قائم على أوهام وأساطير سخيفة ، جعلتهم يعتبرون كل من يعمل على كشف زيفهم وتعريتهم للعامة وأتباعهم من غوغاء ورعاع ودهماء ( اخص بالذكر هذه الفئات، لان رموزهم ومعبوديهم عراة أصلا لكل من يستخدم عقله ويرفض أن يكون طبلا أو مطبلا) كافرا أو مدسوسا يسعى للقذف بأشخاص وطنيين أو رجال دين نصبوا أنفسهم رعاة وحماة للدين والوطن والله ليحولوا حياة البشر إلى جحيم عن طريق خداعهم وتضليلهم لعامة الناس بشعارات زائفة مستغلين مسميات مثل الدين والمصلحة الوطنية العليا كأقنعة يمكن من خلالها النيل بمراكز اجتماعية أو سياسية أو وظيفية زائفة، أو حتى تكديس المليارات على حساب هذا المواطن البائس والمسكين وبما أن هذا المسكين ارتضى لنفسه أن يكون مطية فإلى الجحيم وبئس المصير. بل لقد تعدت هذه الكراهية لتشمل حتى النفس البشرية جمعاء فقلوب دعاة الكراهية المفعمة بالأحقاد المزمنة، و العداوات العنصرية و الدينية والحزبية والتنظيمية، جعلتهم يؤمنون بنهج العنف لحسم أبسط الخلافات السياسية و الفكرية. من الطبيعي جدا أن يحصل كل هذا وخاصة عندما نرى الآخرين من خلال كهوف الظلام و رمال الصحارى و بقلوب عمياء مظلمة قاحلة، أغلقت بلعنة الكراهية و لذة الهمجية والبلطجة وحب الكراسي والمظاهر الزائفة وتمرس الأنا المريضة، أغلقت إلى الأبد بقفل الأوهام الباطلة. أقول لكل الأعياد وخاصة عيد الحب منها أن ترحل، ارحل أيها العيد عن هذه البقعة من الصحراء فأنت لست مقبولا بك هنا، ارحل و اترك لقلبنا صحراءه لتزيدنا من الحرمان، ارحل فأنت تذكرنا بمصطلح يسمى الحنان، و ارحل فنحن بحاجة إلى الكراهية كي تبقى متأصلة في ذواتنا كالبركان، ارحل قبل أن تعدم وتعلن عليك حالة العصيان، ارحل و لكن أرجوك أن تأخذ معك ما خلفته صراعات دعاة الكراهية والتمزق من معارك وأحزان، ارحل فأنت ليس لك مكان بيننا في هذا الزمان، أقولها لك لأنه حان موعد الرحيل، رحيل عن من لايستحق الفرح والسرور إلى من يستحق الأعياد، رحيل لا رجعة بعده، نحن بشر لا يهمنا التفكير والتحليل، اذهب فأما نحن فقد استهوتنا حياة الملل والضجر، اذهب وحط ترحالك في دنيا جديدة تزينه السعادة والمفاجآت العديدة، ارحل كي تجد حولك أناس تبتسم، لا أناس تعيش لتمارس ساديتها وتنتظر الفرصة كي تنتقم، ارحل ورد لهم الابتسامة بدموع الفرح، تلك الدموع التي نسيناها، ارحل كي تخبرني بموعد إعلان وصول رحلتي إلى عالمي الجديد، عالم لا أجد فيه الخداع والكذب والقتل، عالم أجد به الحب، عالم لا أجد به تجار وأثرياء الحرب، عندها فقط سأدرك باني ولدت من جديد.....
#محمود_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضياع
-
أوقفوا ثقافة الموت والكراهية قبل أن يلعنكم التاريخ وتبصق علي
...
-
تنمية الموارد البشرية ودور التعليم في رفع فعاليتها في الأراض
...
-
حراك اجتماعي أم عراك ثقافي؟!
-
اهذا هو الوطن؟!
-
صفد وعين اذار
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|