أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رامي الابراهيم - المشرقية و بقايا أصوات عصور ما قبل الكتابة














المزيد.....

المشرقية و بقايا أصوات عصور ما قبل الكتابة


رامي الابراهيم
كاتب، صحفي، مترجم، لغوي، سينمائي

(Rami Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 10:21
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بالإضافة إلى النظام الصوتي المميز للمشرقية Levantine و غياب أصوات مثل الثاء و الذال و هي سمة تشترك بها مع اللغات السامية الغربية القديمة كالفينيقية و الآرامية و العبرية القديمة كما ذكرت سابقاً في مقالتي ذات العنوان " المشرقية بين ثقل التاريخ و تعريفات الغرب وصراع الإيديولوجيات المحلية" المنشورة على موقع الحوار المتمدن في العدد 8091 بتاريخ 5 أيلول 2024، تتمتع المشرقية بأصوات لا تدخل في النظام الصوتي المكون للغة لكنها موجودة، ذات دلالة و تؤدي وظيفة تواصلية معينة. تبدو لي هذه الأصوات بقايا لغة قديمة جداً أو شيفرة تواصل قديمة جداً من عصور ما قبل الكتابة.

أصوات تبدو تقليداً لأصوات بعض الحيوانات

هناك مثلاً صوت يصدره متكلموا المشرقية يبدو تقليداً لأصوات بعض الحيوانات ( كالأسماك ) و يعبرون فيه عن النفي. يشبه هذا الصوت بعض الأصوات في اللغات الهندوأوربية و الذي يصطدم فيه اللسان بشكل كبير بأول الحلق من جهة الأسنان مع زم خفيف أو حاد للشفاه كما هو الحال في نطق الصوت الفرنسي المرتبط بالحرف u مع اختلاف كبير طبعاً عن الصوت الفرنسي الذي يخرج فيه الهواء من دون أي اصطدام للسان بالحلق او الأسنان.
يشابه هذا الصوت صوت عملية الامتصاص أو بالأحرى الصوت الذي قد يصدره طفل مفطوم للتو وغير معتاد على المضغ و إنما على امتصاص الثدي. لو كتبناه لكان على الشكل: "تشق" أو "تسق" ولكن في الحقيقة لا يمكن للأبجدية العربية أو السريانية أو حتى اللاتينية أو غيرها أن تعبر عنه و ما الألفاظ "تشق" و"تسق" إلا أصوات مقلدة له أوغير ناجحة في تقليده أو ربما ساخرة منه فهي تضيف له صوتاً حلقياً لا يحويه حقيقة هو القاف. ليس هذا الصوت بسامي و ربما هو أقرب للأصوات الهندوأوربية تش و تس.
هذا الصوت موثق في كثير من المسلسلات السورية ففي مسلسل أبو جانتي مثلاً و في مشهد للممثل الكوميدي أيمن رضا وهو يؤدي دور "أبو ليلى" يسأل عضوات فرقة العراضة النسائية التي أنشأها إذا كن قد فهمن الكلام فيجبن معاً بهذه اللفظة الدالة على النفي" تشق"

هناك صوت آخر له دلالات ووظائف لغوية (استنكار و استهزاء) يتحرك معه أحياناً نصف الجسم تقريباً (في حالات الاستخفاف أو الاستهزاء الشديدة) و ليس اللسان و الحنك فقط كما هي العادة ( وهو شبيه بصوت و حركة نلاحظها عند الخيل). ولوصف هذا الصوت بلغة علمية أقول بأنه أقرب لأنه يبدأ كصوت الهاء الحلقي الاحتكاكي المستمر وينتهي كصوت نون أنفي. غالباً ما يصدر هذا الصوت و الفم مغلق حيث يخرج الهواء الناتج عن تحرك الحبال الصوتية من الأنف. تشترك اللغات السامية و الهندو أوربية على حد علمي بصوت كل من الهاء و النون و لكن اجتماع الهاء و النون الأنفي في صوت واحد غير معروف في الكثير من الأنظمة الصوتية التي أعرفها وهو غريب عن اللغات الأبجدية المعروفة. تحوي اللغة السومرية على صوت شبيه يعبر عنه الرمز الاصطلاحي المستخدم من قبل دارسي اللغة السومرية g̃.
لكن الصوت السومري أقرب لأن يكون عكسي أي يبدأ بالميم أو النون الأنفيه و ينتهي بالهاء الاحتكاكي الحلقي. أما الصوت المشرقي المستخدم للتعبير عن الاستخفاف و الاستنكار و الاستهزاء و المرتبطة بحركة للأكتاف و حتى الجذع غير موجود في أي نظام صوتي سامي أو هندو أوربي معروف. يبدو لي هذا الصوت كأنه في الأساس تقليد لصهيل الخيل الذي يترافق مع مد أو شد لعضلات مقدمة الجسم كلها.

صوت مائي ( و ربما زئبقي)

هناك صوت آخر غريب في نهاية اللفظة التي تستخدمها المشرقية للتعبير عن الماء اي "مي". هذه الياء التي تنتهي بها اللفظة ثقيلة جداً وغير موجودة في العربية القياسية المعاصرة التي تزودنا بصوت حلقي "الهمزة" في نهاية اللفظة المقابلة للفظة "مي" أي لفظة "ماء". يماثل صوت الياء في نهاية اللفظة المشرقية "مي" ما يعبر عنه الرمز ы في اللغة الروسية، كما هو في ضمير المخاطب tы على سبيل المثال.
يختفي هذا الثقل للياء إذا لفظنا مثلاً كلمة "مياه" في العربية أو حتى في لفظة "مويا" في آرامية معلولا أو في اللفظة العبرية מַיִם "مايم" لكنها ثقيلة و غريبة جداً في الفظة المشرقية "مي" عن الياء المعروفة في اللغات السامية و التي تماثل الياء الموجودة في اسم العلم المؤنث "مي". يختلف هذا الصوت بالطبيعة عن الصوتين الذين تحدثت عنهما للتو فهو ليس استجابة تواصلية أو انفعالية و ليس بتقليد لحيوان معين. اضيف ايضاً بأن هذا الصوت غير مستقل بحد ذاته، غير ملاحظ في كلمات أخرى و لايدخل في النظام الصوتي للغة وبالتأكيد غير قادم من عصور ماقبل الكتابة و إنما وكما أظن هو مجرد تأثر بلغة هندو أوربية ما ولكن ذكرته لشدة فرادته.

قد تتواجد هذه الأصوات في لهجات قريبة من المشرقية بحكم القرب الجغرافي و التنقل في حدود دولة كبيرة نسبياً مثل سوريا (تبتعد حدودها الشرقية كثيراً عن الساحل الشرقي للمتوسط) و لكنها واضحة بشكل ملفت و كثيرة الاستخدام بشكل كبير في المشرقية بما يدعو إلى الظن بأنها قد تكون المصدر الأساس لهذه الأصوات. هذا و تلفت هذه الأصوات انتباه كثير من متكلمي اللهجات المختلفة في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا لغرابتها بالنسبة لهم لكن المشرقي لا ينتبه لها لأنها من بديهيات التواصل بالنسبة له و قد لاينتبه لوجودها أبداً ما لم ينبهه أحد ما إلى وجودها حاله كحال جميع الناس فيما يخص لغاتهم الأم.



#رامي_الابراهيم (هاشتاغ)       Rami_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشرقية بين ثقل التاريخ و تعريفات الغرب و صراع الإيديولوجيا ...
- أركيولوجيا النسيج في الحقبتين السومرية و ما قبل السومرية
- الوعي بالحيز الفراغي في لغات الهلال الخصيب القديمة
- القمر و بوابات و ثغور السماء (مقاربة دلالية وسيميائية لمفردا ...


المزيد.....




- كيف شق قماش الطرطان طريقه ليصبح خيارًا شعبيًا في الأزياء الم ...
- خبير إسرائيلي يحذر: -حماس- تتعافى والضغط العسكري ليس كافيا ل ...
- إسبانيا تنفي ضلوعها في نشاطات تستهدف زعزعة فنزويلا
- سيمونيان: مدرسة RT للصحفيين الأفارقة تلقت 1000 طلب لحضور دور ...
- الأعنف في 30 عاما.. مشاهد مروعة من فيضانات عارمة اجتاحت عدة ...
- رغم صدور 8 قرارات لإخلاء سبيله.. وزارة الداخلية تحتجز أحمد ص ...
- تونس.. انطلاق الحملات الانتخابية
- مقتل ثمانية مهاجرين قبالة السواحل الفرنسية أثناء محاولتهم عب ...
- وليد العمري: الصاروخ اليمني هز إسرائيل وكشف 3 مستويات إخفاق ...
- الدويري: الصاروخ اليمني كشف ثغرات خطيرة بالدفاعات الإسرائيلي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رامي الابراهيم - المشرقية و بقايا أصوات عصور ما قبل الكتابة