أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - ككل عام، عاد ...














المزيد.....


ككل عام، عاد ...


سمير محمد ايوب

الحوار المتمدن-العدد: 8101 - 2024 / 9 / 15 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


كتب سمير محمد ايوب
بعد اسبوع من غياب رجراج في احدى قرى غورالاردن، جاءتني للمكتب يتقدمها عبق فواح وشوق شقي، بادرتني وأصابعها بدلال تعبث بشعرها: ما بك ساهما يا أخا العرب؟ من هي التي تشغلك الان عني؟! أهي اكثر مني جمالا وشبابا؟! تبخر قلقي وسقطت بعض حواجزه الصلبة، وسمعتني اهمس وانا اعانقها: لا تذهبي بعيدا، منذ استوعبتُ وجودَنا معا، بِتِّ كل جمال وحب، مقيم بين الصدر والراس. وباتت ايدي كل من حولي من نساء مشلولة. مدت ذراعها الى كتفي وربتت، وخلتها تربت بيدها على قلبي، تَمْتمتْ وهي تحدق في عيني: بحسابات السنين وتداعياتها، التي تطوف معي ليل نهار ولا يخطؤها بصر، وفرت الكثير علي من التبرير، أعرف أن بعضي قد تورط في مأزق الكبر حد الافراط أكثرمن غيره، مثلك يا شيخي المتصابي الذي احبه على طريقتي، دون مبالغة في الاطمئنان أو في التمردعلى نفسي التي باتت تعرف جيدا الطريق الى بيوت التجميل. في ابتسامة تخالطها بقايا تنهيدة تابعت تقول: ليلة البارحة عند المنتصف، وأنا أدخل فراشي، داهمتني نوبة شوق لك، فأخذتك معي وحاولت النوم، أبقاني الحنين عائمة في نوم يقظ يشبه اليقظة النائمة، لم يكن حولي فيها سواك والشوق، وهو كما تعلم قديم وبكل الأبجديات. منذ تعارفنا قبل سنوات، تعاقدنا على الفور.لا أذكر عدد السنين بالتحديد،وأنا لا أعلم كيف دخلت قلبي من كل حدب ومن كل صوب، وجعلتني اتعلق بك، كل ما اعرفه أقوله لك بلا كبرياء، لو كان لي الآن، الف قلب ساحبك بها وحدك، الف مرة. قلت وانا احتضن كفيها معا واحدق في عينيها: سبق وأن أخبرتك، أن الحب امراة وفية يا سيدتي. واخبرتك في حينها ان من كان بالامس البعيد، وسط كل المخاطر يسعدني، كان بالمرض اللعين قد غاب، غيابا فاز فيه الوجع. غياب أخذوا فيه قليلها، الى هناك، أخذوا ما تبقى من جسد نهشه بلؤم ذاك المرض اللعين. اخذوا عينيها وشعرها ومبسمها، واخذوا قامتها، وبقي منها الكثير معي. إنكفأ بعضي على ما تبقى من بعضها يدثرني ويزاحم اوجاعي ، كنت مع كل شهقة هواء اتنفسها ، فهوائي كان مشبعا بها. طال غيابها، والفقد ما قل، ولا خفتت قسوته. وبقيت عاجزا عن منع نفسي منها وصد قلبي عنها. اعتكفت مع الحد الادنى من التشويش صرت روحا لا تميل لشيء، قدر ميلها للابتعاد عن كل شيء، تائها بين حلم لم يكتمل، واقع لم يعد يحتمل. كنت في قلب النسيان أظن ان لا تلاقيا. ولكن ذات ليل بارد بدا غريبا علي، أغمضت عيني كي استولدها من قسوة الفقد، على غير موعد باغتني طيفك كالحلم، وتهادى وجهك كالخرافة، باهتا دون صوت وبلا ملامح كثيرة. دارت عيناي في محجريهما اكثر من دورة، وأنا أتابع طيفك في كل مكان بنظرات عاتبة متسائلا: متى تتجسدين، متى أراك تُنهين ضياعي؟! والشباب قبل عقدين كُثرٌ حولَك، غمزتِ لي، ابتسمتِ ووصلني همسك راجفا. أعطيتُ ظهري لعتبي على أقداري، واتخذتُ طريقا إليك. تقدمتُ في اتجاهك واقتربت. وبلا شفاعة من شيء، إنهمر من كل النوافذ صوت لبق، ظل وسيما وبلا أطر يجيء. ومع انتهاء إحدى موجاته، سمعت طرقا على أبوابي، فلم أعد أُطيق. وقبل أن يرتد إلي سمعي، تسلَّلْتِ ليَّ من أصدافي. ورغم كل الحواجز، قررتُ أن لا أبالي، وأنا أتحرر من ذاكرتي. وما أن هتفتِ لي، أفقت مطمئنا وتغلبت على المنفى، تقدمت وصافحت طيفك بلا سابق معرفة، وإن كنت من زمن، منتظرا تلك اللحظة. ما بين طرفة عين وانتباهتها، هتفتِ من البعيد. وحين اقتربت تكاملت ملامحك. واتسع مداك. وحين لامستك عيناي لأول مرة، انبهرَت بما تكشف لها من نضج. ولا أخفيك أنني اجتهدت في مقاومة يأسي، وأنا أتسلل وراء جاذبيتك، وبعد فترة صمت تماسكتُ ملهوفا، استعدت نفسي، ودون أن أبذل جهدا استثنائيا سألتك: أين كنتِ، لقد انتظرتك كثيرا؟! منذ اهتدينا في ذلك اليوم، التصقنا ولهونا معا. مرت سنوات دون أن نتباعد إلا نادرا. كنا في سباق إلى كل ثنيَّةٍ من ثنايا اهتماماتنا، استرقنا السمع الى كل مشترك، نوسع فيه مساحات مكاشفاتنا، نشذبها ونهذبها قدر ما نحتاج. قلت وأنا أمد ذراعاي على اتساعهما في عناق حيي، كنت طيلة اسبوع مضى قد اضعت الكثير مثله: أسقِطي بذكاء حرَجَك، والتردد الذي يحاصرك، وككل امرأة تحب هيا انفردي بنفسك، فأجمل ما في المشاعر دبيبها، الذي بعد دهر كسر صمتا مدللا استطال أكثر مما يجب. نهضتُ واقفا مُتكئا على عصاي، قلت ونحن نتبادل نظرات الفرح، ونربط أحزمة الأمان في سيارتها، لا تتجاوزي السرعات المحددة، ولا الاشارات الحمر، فنحن الآن في الطريق للإحتفاء وحدنا بعيد ميلادك . ضجت السيارة بعيون ضاحكة بصدق، أكثر من شفاهٍ تُرتل طقوسا خاصة من الحب، قبل ان نسارع بالوقوف، عند اول اشارة ضوئية حمراء في طريقنا الطويل إلى عمان. الاردن - 15/9/2024



#سمير_محمد_ايوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات النيابية - تداعيات وتبعات إضاءة على المشهد في الا ...
- إلا أنت وأنا ... احافير في الحب
- جُلُّ الأمصارِ غائبة يا غزة !!! أضاءة على ملحمة الطوفان ...
- اللعنة على كل من يستحقها اضاءة على واقع الحال والمآل !
- أعداء الحياة والربيع إضاءة على ملاحم الطوفان في فلسطين
- سابع أخر في تموز جديد، لا تَمُتْ قبلَ الموت؟
- أحجية اليوم التالي ... إضاءة على المشاهد غزة العزة
- غطرسة الفقر نوافذ على بعض ما قد مضى من العمر - الثانية
- نوافذ على بعض ما قد مضى من العمر النافذة الاولى
- الندية والدونية في الصراع الوجودي إضاءة على المشهد في فلسطين ...
- بوح على بيادر الوطن ... الوطن
- الجدل العربي – الايراني الى اين ؟! أضاءة على المشاهد في فلسط ...
- صدِّقوا الصواريخ، حتى وإن همَست - فهي الاصدق إنباءً!!! إضاءة ...
- أهناك ردٌّ إيراني؟ أم المزيد من الصبرٌ الاستراتيجي؟! إضاءة ع ...
- اللعنة على كل من خذل اهلنا في فلسطين ولو بكلمة إضاءة على الم ...
- الدم والسيف إضاءة على المشهد في فلسطيننا
- الوالدية والتغيير الظالم
- تحية حب واحترام لكل أمرأة عربية في الثامن من كل آذار
- فلسطين بين التطويع والتطبيع قراءة في المشاهد الفلسطينية
- حذار، فإن السيف وحده هو الأصدق إنباءً وأنباءً، إضاءة على بوا ...


المزيد.....




- فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
- بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي- ...
- نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
- سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي ...
- لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
- مسيرة حافلة بالعطاء الفكري والثقافي.. رحيل المفكر البحريني م ...
- رحيل المفكر البحريني محمد جابر الأنصاري
- وفاة الممثل الأميركي هدسون جوزيف ميك عن عمر 16 عاما إثر حادث ...
- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير محمد ايوب - ككل عام، عاد ...