|
الرحمن الرحيم
صفاء علي حميد
الحوار المتمدن-العدد: 8100 - 2024 / 9 / 14 - 09:49
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
اغلب المفسرين حينما يصلون الى هذه الآية فأنهم لا يستغرقون في الحديث عنها لانهم سبق لهم الحديث عنها في البسملة وربما يخطر في البال لماذا هذا التكرار في البسملة وفي داخل سورة الحمد ...؟
الذين قالوا بعدم احتساب البسملة ضمن السورة وهي آية مستقلة فان هكذا سؤال لا يتوجه اليهم من هنا قال الطبري في جامع البيان ما نصه ( يكون علينا لسائل مسألة بأن يقول: ما وجه تكرير ذلك في هذا الموضع، وقد مضى وصف الله عز وجل به نفسه في قوله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، مع قرب مكان إحدى الآَيتين من الأَخرى ومجاورتها لصاحبتها؟ بل ذلك لنا حجة على خطأ دعوى من ادعى أن" بسم الله الرحمن الرحيم" من فاتحة الكتاب آية، إذ لو كان ذلك كذلك لكان ذلك إعادة آية بمعنى واحد ولفظ واحد مرتين من غير فصل يفصل بينهما. وغير موجود في شيء من كتاب الله آيتان متجاورتان مكررتان بلفظ واحد ومعنى واحد، لا فصل بينهما من كلام يخالف معناه معناهما، وإنما يأتي بتكرير آية بكمالها في السورة الواحدة، مع فصول تفصل بين ذلك، وكلام يعترض به معنى الآيات المكررات أو غير ألفاظها، ولا فاصل بين قول الله تبارك وتعالى اسمه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، وقول الله: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، من الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. فإن قال قائل: فإن" الحمد لله رب العالمين" فاصل بين ذلك. قيل: قد أنكر ذلك جماعة من أهل التأويل، وقالوا: إن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وإنما هو: الحمد لله الرحمن الرحيم رب العالمين ملك يوم الدين. واستهدوا على صحة ما ادعوا من ذلك بقوله:
ملك يوم الدين فقالوا: إن قوله: ملك يوم الدين تعليم من الله عبده أن يصفه بالملك في قراءة من قرأ ملك، وبالملك في قراءة من قرأ" مالك". قالوا: فالذي هو أولى أن يكون مجاور وصفه بالملك أو الملك ما كان نظير ذلك من الوصف، وذلك هو قوله: رَبِّ الْعالَمِينَ، الذي هو خبر من ملكه جميع أجناس الخلق، وأن يكون مجاور وصفه بالعظمة والألوهة ما كان له نظيرا في المعني من الثناء عليه، وذلك قوله: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فزعموا أن ذلك لهم دليل على أن قوله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بمعنى التقديم قبل رَبِّ الْعالَمِينَ، وإن كان في الظاهر مؤخرا. وقالوا: نظائر ذلك من التقديم الذي هو بمعنى التأخير والمؤخر الذي هو بمعنى التقديم في كلام العرب أفشى وفي منطقها أكثر من أن يحصى ) انتهى ...!
ولناصر كلاماً جميلاً ذكره في الامثل ( ما نضيفه هنا هو أن هاتين الصفتين تتكرران في البسملة و الحمد، «و الملتزمون» بذكر البسملة في السّورة بعد الحمد يكررون هاتين الصفتين فى صلواتهم اليومية الواجبة ثلاثين مرّة. و بذلك يصفون اللّه برحمته ستين مرّة يوميا. و هذا في الواقع درس لكل جماعة بشرية سائرة على طريق اللّه، و تواقة للتخلق بأخلاق اللّه. إنه درس يبعد البشرية عن تلك الحالات التي شهدها تاريخ الرق في ظل القياصرة و الأكاسرة و الفراعنة. القرآن يركز على علاقة الرحمة و الرأفة بين ربّ العباد و العباد، حيث يقول: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً . هذه العلاقة نستحضرها مرات يوميا إذ نقول: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، لنربّي أنفسنا تربية صحيحة في علاقتنا باللّه، و في علاقتنا بأبناء جنسنا ) انتهى ...!
وفي موضوع البسملة يتطرق صاحب الامثل الى موضوع مهم فيقول ما نصه ( المشهور بين جماعة من المفسّرين أنّ صفة (الرحمن) تشير إلى الرحمة الإلهية العامة، وهي تشمل الأولياء و الأعداء، و المؤمنين والكافرين، و المحسنين و المسيئين، فرحمته تعمّ المخلوقات، وخوان فضله ممدود أمام جميع الموجودات، وكلّ العباد يتمتعون بموهبة الحياة، و ينالون حظهم من مائدة نعمه اللامتناهية. و هذه هي رحمته العامة الشاملة لعالم الوجود كافة و ما تسبّح فيه من كائنات. وصفة (الرحيم) إشارة إلى رحمته الخاصة بعباده الصالحين المطيعين، قد استحقوها بإيمانهم و عملهم الصالح، و حرم منها المنحرفون و المجرمون. الأمر الذي يشير إلى هذا المعنى أنّ صفة (الرحمن) ذكرت بصورة مطلقة في القرآن الكريم ممّا يدل على عموميتها، لكنّ صفة (الرحيم) ذكرت أحيانا مقيّدة، لدلالتها الخاصة، كقوله تعالى: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً و أحيانا اخرى مطلقة كما في هذه السّورة. و في رواية عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام قال: «و اللّه إله كلّ شيء الرّحمن بجميع خلقه، الرّحيم بالمؤمنين خاصّة» من جهة اخرى، كلمة (الرحمن) اعتبروها صيغة مبالغة، و لذلك كانت دليلا آخر على عمومية رحمته. و اعتبروا (الرحيم) صفة مشبّهة تدلّ على الدوام و الثبات، و هي خاصة بالمؤمنين ) انتهى !
اللهم لا تحرمنا من رحمتك العامة والخاصة انك ارحم الراحمين ...!
#صفاء_علي_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التجهيل القبيح
-
الحمد لله رب العالمين
-
التشيع يجمع الناس ولا يفرقهم
-
أولاد الخوئي شياطين
-
الوطنية العراقية وهم كاذب
-
أشهد أنني لم اعش
-
امريكا صديقة الشيعة وايران عدوتهم
-
اكباش تذبح هكذا يراد للأغلبية الصامتة
-
حقوق المواطنة المفقودة
-
العراق لا يحب الأمل
-
لا تلوموا المقتول وادينوا القاتل
-
تجريمهم ومحاكمتهم قبل العفو عنهم
-
لا سلطة فوق القانون
-
يد تصالح ويد تبطش
-
كنز فاطمي
-
قتلى جمهورية الخوف
-
عدم الوقوف للنشيد الوطني
-
المؤسسة الدينية وانصاف الشيعة
-
شيعة الكراسي
-
الخيانة الكبرى
المزيد.....
-
دراجون يرتدون زي -سانتا كلوز- يجوبون شوارع الأرجنتين.. لماذا
...
-
فيديو: افتتاح مراكز لتسوية وضع عناصر -جيش الأسد- في دمشق
-
الدفاع الروسية: تحرير بلدتين في خاركوف ودونيتسك والقضاء على
...
-
صحة غزة: الجيش الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر جديدة بالقطاع
-
تقرير المكتب السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية
-
رغم الخسارة التاريخية أمام أتلتيكو.. فليك راضِِ عن أداء برشل
...
-
خامنئي: أمريكا والكيان الصهيوني يتوهمان أنهما انتصرا في سوري
...
-
يسرائيل كاتس: لن نسمح لـ-حزب الله- بالعودة إلى قرى جنوب لبنا
...
-
الشرع: لبنان عمق استراتيجي وخاصرة لسوريا ونأمل ببناء علاقة ا
...
-
-حزب الله- يكشف عن -المعادلة الوحيدة- التي ستحمي لبنان
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|