|
قراءة فلسفية لقصيدة الشاعرة : رحمة عناب - كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين . بقلم : كريم عبدالله .
كريم عبدالله
الحوار المتمدن-العدد: 8099 - 2024 / 9 / 13 - 12:56
المحور:
الادب والفن
قراءة فلسفية لقصيدة الشاعرة : رحمة عناب - كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين . بقلم : كريم عبدالله . قصيدة "كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين" للشاعرة رحمة عناب تعكس عمقًا فلسفيًا وتجربة إنسانية متكاملة. لنقم بتحليل فلسفي لهذه القصيدة، مستعرضين بعض الأسس التي يمكن أن تساعد في فهم أبعادها المختلفة.
1. الكتابة كمخاض وخلق جديد في بداية القصيدة، تبدأ الشاعرة بتقديم "كتبتكَ" كمخاض شهيّ التكوين، مما يرمز إلى عملية خلق جديدة. المخاض هنا ليس فقط حدثًا فسيولوجيًا بل يشير إلى الإبداع والتجلي الروحي. الكتابة تصبح عملية ولادة وإبداع، حيث يتشكل المعنى كما يتشكل الكائن الحي في رحم أمه.
2. الروح والأثير والعمر تشير الشاعرة إلى أن النص مكتوب "مِنْ محجةِ الحرف المعتّق بضوع وحيك" و"آوت رحم الأثير اللهيف". هذه العبارات تعكس الرابط العميق بين الإبداع الروحي والنص. الحرف هنا يصبح محفزًا لعملية خلق جديدة، مما يبرز العلاقة بين الروح والإبداع، بين اللامكان والمكان.
كما أن "تتجذّرُ في نسغِ العمر الأثيل" تعبر عن كيف أن النص ينسجم مع جوهر الحياة العميق، محاكيًا كيان الروح وتاريخها.
3. المرآة والقدَر تُستخدم "المرآة" كرمز للرؤية الذاتية والانعكاس، حيث ترى الشاعرة ذاتها وكأنها تنظر إلى "جبين المرايا". هذا يعني أن النص هو تعبير عن رؤية الذات وتقدير القدَر. الشاعرة تكتب القدر وتعيش التجربة من خلال النص، مما يخلق حالة من الاتصال العميق بين الذات والنص.
4. العشق والروحانية تتحدث الشاعرة عن عشقها الذي "شهابهُ عفيفٌ" ويشعل "جبلَ الاشتياق". هنا، العشق ليس مجرد عاطفة بل هو تجربة روحانية تتحدى حدود الزمان والمكان. العشق يصبح قوة تعيد تشكيل الواقع، مما يبرز الجوانب الروحية والتجريدية في النص.
5. الرمزية والتجريد القصيدة مليئة بالرمزية والتجريد، مثل "سفوحنا العذراء" و"ببساطِ نشوري". هذه الرموز تعكس تجربة إنسانية عميقة حيث تتداخل التجربة الشخصية مع العناصر الكونية. النص لا يمثل مجرد قصة بل هو تجسيد لحالة روحية وعاطفية تتجاوز الواقع المادي.
6. التجلي والتوق إلى الأبدية في النهاية، تعبر الشاعرة عن النص كطوفانٍ يغرقها في "أبديّةٍ شاهقة النور". هنا، النص يصبح تجسيدًا للأبدية والنقاء، يتجاوز حدود الزمن والمكان، مما يعكس التوق للخلود من خلال الإبداع والكتابة.
الاستنتاج قصيدة "كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين" تستعرض عملية الإبداع كولادة جديدة، وتستكشف الروحانية والرمزية المرتبطة بالكتابة. الشاعرة تستخدم اللغة لتعبر عن تجربتها العميقة في الكتابة والإبداع، حيث تصبح الكتابة وسيلة لتحقيق الأبدية والاتصال الروحي. النص يعكس تكاملًا بين الحياة والموت، الواقع والخيال، وينقل تجربة إنسانية معقدة وغنية تتجاوز الحدود التقليدية للفهم. والان , لنفحص قصيدة رحمة عناب "كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين" من زاوية فلسفية أعمق، باحثين في مضامينها الرمزية، الوجودية، والميتافيزيقية.
1. الكتابة كمخاض وخلق تبدأ القصيدة بعبارة "كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين"، حيث تعتبر الكتابة عملية خالقة مثل المخاض. في هذا السياق، الكتابة تصبح فعلًا خلاقًا يولد معاني جديدة كما يولد الكائن الحي. هذه الاستعارة تربط بين الإبداع الأدبي والخلق البيولوجي، مما يعكس ارتباط الشاعرة العميق بعملية الكتابة كولادة جديدة وجسر بين العوالم المختلفة.
2. التوتر بين الحسي والمجرّد الشاعرة تستخدم صورًا حسية ومجرّدة في آن واحد، مثل "محجةِ الحرف المعتّق بضوع وحيك" و"رحم الأثير اللهيف". هنا، هناك تداخل بين الحسي (مثل الحرف المعتّق) والمجرّد (الأثير). هذا التداخل يعكس التوتر بين التجربة الفردية والروحانية العميقة، مما يعزز شعور التباين بين الواقع الفعلي والروحاني.
3. فلسفة الأثر والوجود العبارة "آوت رحم الأثير اللهيف" تشير إلى استيعاب وإعادة تشكيل النص في بعد غير ملموس، مما يعكس فلسفة وجودية تتعامل مع قوى غير مرئية. النص هنا ليس مجرد كلمات بل هو حياة روحية تسكن في "رحم الأثير"، وهو تجسيد لموجودات غير مرئية تؤثر في عالمنا. الشاعرة تعتبر النص امتدادًا لوجودها الروحي والوجود اللامادي.
4. العلاقة بين الذات والآخر تتحدث القصيدة عن رؤية الذات عبر "جبين المرايا"، مما يعني أن النص يشكل انعكاسًا للذات وتقديرها. هنا، العلاقة بين الذات والآخر تتداخل، حيث أن النص يعكس الكينونة الشخصية ويشكل جزءًا من عملية التطور الذاتي. هذه العلاقة تعزز فكرة أن الكتابة ليست مجرد تعبير عن الذات بل هي عملية متبادلة بين الكاتب والنص.
5. العشق كقوة ميتافيزيقية تتحدث الشاعرة عن العشق الذي يشتعل "جبلَ الاشتياق". هذا العشق ليس مجرد عاطفة بل هو قوة ميتافيزيقية تخلق تحولات في الواقع. العشق هنا يشكل تجربة روحية تتجاوز حدود الزمن والمكان، وهو قوة تساهم في تشكيل وتجديد الذات والنص. الشاعرة تستخدم العشق كرمز للقوة التي تربط بين الجوانب الروحية والوجودية.
6. التصوف والأبدية في نهاية القصيدة، تتحدث الشاعرة عن النص كطوفانٍ يغرقها في "أبديّةٍ شاهقة النور". هنا، تتجلى فكرة الأبدية كحالة تصوفية تتجاوز الظواهر اليومية والوجود الفاني. الشاعرة تسعى إلى تحقيق الخلود من خلال الإبداع، حيث يصبح النص تجسيدًا للنقاء والأبدية التي تتجاوز كل حدود.
7. تحطيم حدود الزمان والمكان القصيدة تشير إلى "تحطم حدودَ الزمان الوعرة" و"جنّاتٍ زاخرة". هذه العبارات تعكس فكرة تجاوز حدود الزمن والمكان، حيث أن النص يخلق واقعًا جديدًا يتجاوز القوانين التقليدية. الشاعرة تطرح تجربة إبداعية تعيد تشكيل الواقع وتفتح آفاقًا جديدة تتجاوز الحدود المادية.
الختام قصيدة "كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين" تقدم رؤية فلسفية معقدة حول العلاقة بين الكتابة والخلق، بين الروحانية والوجود، وبين الذات والعالم. الشاعرة تستخدم الرمزية العميقة لاستكشاف تجاربها الإبداعية والروحية، مما يجعل النص تجربة فريدة تستكشف الأبعاد الميتافيزيقية للوجود الإنساني والإبداع. القصيدة : كتبتكَ مخاضاً شهيَّ التكوين مِنْ محجةِ الحرف المعتّق بضوع وحيك كتبتك معنايَ شفّافاً في معاجم الروح ومِنْ صدفة عذرية الهطول آوت رحم الأثير اللهيف كتبتكَ ولادتي وارفاً تجثمُ في طيني تتجذّرُ في نسغِ العمر الأثيل في صحائف اللامكان رأيتكَ على جبين المرايا منفلتاً صوبي فكتبتك قدري اتزودُ بيقينٍ يُلقّحُ أحلامنا المزركشة أَحملهُ آية تعجز رعب مستقبلنا المجهول في كل اتجاه اتنعّمُ عشقاً شهابهُ عفيفٌ يرتطمُ في هاويةِ شوقي اعلنتكُ هولي جامحاً تشعلُ جبلَ الاشتياق تتبعها صوبَ مشارف موت ناصع على صراط الوصول تتأججُ سفوحنا العذراء نقض سبات عواطف برّاقة لأكتبكَ قيامتي بهذيانٍ يبعثرُ مستحيلاً غليظاً يحطمُ حدودَ الزمان الوعرة ندشّنُ أنفاسنا في جنّاتٍ زاخرة أنهارها تترجّلُ عذبَ المفاتن تسطعُ مدارجها ازهاراً تستثيرُ فتيلَ النبض تغزو أفراحي تتربّعُ على بساطِ نشوري وبعثي كطوفانٍ تغرقني في أبديّةٍ شاهقة النور لا اتعثرُ بظلماتٍ فجّة و يندفعُ نَصّي نثارة درّ أنظمها فوق جسد حكايتنا الشهية التكوين .
#كريم_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في قصيدة الشاعرة : رحمة عناب - بإمكانك أن. بقلم : كريم
...
-
قراءة في قصيدة الشاعرة : سلوى حسين علي - مطر هارب على شراشف
...
-
قراءات نفسية في قصائد سردية تعبيرية بقلم : كريم عبدالله – ال
...
-
قراءة صوفية في قصيدة : لقاء من عشق – للشاعرة : رشا السيد احم
...
-
سيّدةُ اللقاء المنتظر
-
سيّدةُ الانتظار اللذيذ
-
سيّدةُ الندى الضحوك
-
بينَ المِرْذاذ والمَغطَس
-
أو لا تذكرين
-
قصيدةٌ فاحشة
-
سيمفونية الوجع الإنساني المشترك- غناء الذات الشاعرة على أنغا
...
-
سيّدةُ الأنغام الملوّنة
-
فويلٌ لكِ ثمّ ويل !
-
واأسفاه!
-
لقد كان حبّي منقذاً لكِ
-
أشواك الزَغَب
-
التجريد اللغوي في قصيدة الشاعرة السوريّة: نوّار أحمد الشاطر-
...
-
قِبابكِ حصونَ بلا عبّاد
-
التابو والرمز في قصيدة الشاعرة السورية : مريم مصطفى- نداء ها
...
-
حلمٌ برائحة السِعْد*
المزيد.....
-
والت ديزني... قصة مبدع أحبه أطفال العالم
-
دبي تحتضن مهرجان السينما الروسية
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|