أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مصطفي - المؤسسة العسكرية ،، حزب الطبقة المصرية الحاكمة















المزيد.....



المؤسسة العسكرية ،، حزب الطبقة المصرية الحاكمة


حسن مصطفي
كاتب وباحث سياسي

(Hassan Moustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 8099 - 2024 / 9 / 13 - 04:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تمثل المؤسسة العسكرية ذروة سنام النظام وعموده الفقري الحاكم منذ 1952 أي منذ استيلاء الحركة التي أطلقت علي نفسها الضباط الأحرار على السلطة وأطاحت بالملكية، ليتحول الجيش منذ ذلك الحين الى اللاعب الأبرز على الساحة السياسية المصرية، الأمر الذي أدى الى هيمنته الكاملة على الحياة السياسية والتي مكنته من صياغة معادلة للحكم أو عقد اجتماعي استطاع فرضه على المجتمع باستخدام الشعارات القومية المعادية للاستعمار والتي كانت تناسب تطلعات وآمال جماهير المنطقة العربية أو حتى جماهير دول العالم الثالث بشكل عام في تلك المرحلة التاريخية، واقصد مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وما تلاها من موجة تحرر وطني سادت معظم دول المستعمرات والتي واجهت الأشكال التقليدية للاستعمار المباشر واستطاعت التغلب عليها.

لكن في نفس الوقت أخضعت وطوعَت حركات التحرر لدول العالم الثالث لصالح التجاذب والتنافس بين معسكري الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي والكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي كان العالم برمته يتشكل وفقاً لهذه الثنائية القطبية، والتي أفضت في النهاية إلى إنتاج الاستعمار من جديد لكن بشكل مختلف عن صورة الاستعمار العسكري المباشر بل في صورة هيمنة وتبعية اقتصادية وسياسية تجعل من انظمة ومؤسسات وجيوش دول العالم الثالث الوطنية مجرد أدوات تحدد سياساتها وأهدافها ومن سيدفع به لقيادتها بقرارات تتخذ في واشنطن وموسكو بحسب مصالحهم.

وهذه التبعية هي ما أوصلتنا لما نحن عليه الآن وهو أن زمن العمل الاجتماعي لأغلب المصريين ينهب وبلادنا تسرق من قبل رجال الأعمال المحليين والأجانب بشراكة وحراسة الجيش المصري.

صاحبت موجة التحرر الوطني أيضا تأسيس وزراعة الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين في 1948 كقوة استعمارية عسكرية ورأس حربة متقدمة للاستعمار البريطاني والذي كان يدرك أنه سيضطر الى التخلي عن احتلاله فلسطين عاجلاً أو أجلاً فقد أخذ نجمه في الأفول كقوة استعمارية تقليدية لصالح بزوغ نجم الولايات المتحدة الأمريكية كقوة دولية صاعدة بعد خروجها منتصرة من الحرب العالمية الثانية بتحريرها أوروبا من النازية وهزيمتها لكل من ألمانيا وإيطاليا واليابان وفي نفس الوقت هي حليف استراتيجي لبريطانيا، ما سمح بأن يحل النفوذ والهيمنة الأمريكية مكان الاحتلال البريطاني المباشر في عدة أماكن من العالم كان من ضمنها المنطقة العربية.

سيما وأن كل من بريطانيا والولايات المتحدة كانتا تعيا أهمية المنطقة العربية لمصالحهم الجيوسياسية والاقتصادية لما تمتلكه تلك المنطقة من كنز استراتيجي يتمثل في ما يزيد عن 56% من إجمالي النفط المكتشف في العالم وما يقرب من 30% من إجمالي الغاز المكتشف، فكان لابد من وجود حليف عسكري قوي يمثل كلب حراسة لمصالحهم الاستعمارية كى يضمن استمرارية سيطرتهم واستحواذهم على منابع النفط في تلك المنطقة الهامة فمهمة الجيش والمجتمع الإسرائيلي هي حراسة تخلف وتفكك الوطن العربي بأن يضمن مواجهة كل محاولة للنهوض من خلال الدور العسكري التدميري المهدد لكل محاولة لبناء الصناعة وتطوير القدرات العسكرية العربية وتحديث المجتمع العربي.(1)

هكذا كانت نشأة وتأسس الاحتلال الاسرائيلي وهذا الدعم الغير مشروط والغطاء السياسي الكامل الذي يحظي به من القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإلى يومنا هذا.

وعكس التصور الشائع لدى الكثيرين بأن علاقة نظام يوليو 52 كانت سيئة بالولايات المتحدة الأمريكية منذ بدايته فقد أعلمة حركة الضباط الأحرار بشكل مسبق السفارة الأمريكية في القاهرة بأن تحركاً عسكرياً سيجري للاستيلاء على السلطة في 23 يوليو 52 وذلك في محاولة للحصول على سلاح وتمويل أمريكي، كما أن الموقف الأمريكي المعارض للعدوان الثلاثي في 1956 كان هو السبب الرئيسي في اندحار العدوان، كون أن الولايات المتحدة كانت قد اتخذت قراراً بأن الاستعمار المباشر قد ولى زمانه وأنها ستتولي هي دور المهيمن على المنطقة.

بالإضافة إلى أن النظام كان يحصل على شحنات قمح بترتيبات تفضيلية من الولايات المتحدة وصلت إلى 904 مليون طن بين عامي 1960 و1965 بقيمة إجمالية 731 مليون دولار، دفعتها مصر بالجنية المصري دون الحاجة إلى توفير العملة الصعبة، إلا أن خطاب عبد الناصر المعادي للولايات المتحدة وخوضه حرب في اليمن ضد مصالح حليفتها الوثيقة السعودية، أديا إلى توتر العلاقة بين النظام والولايات المتحدة وصولاً إلى القطيعة الدبلوماسية الكاملة مع نشوب حرب 67.(2)

تلك كانت الأوضاع السياسية العالمية و الجيوسياسية الإقليمية التي تشكل ونشأ النظام العسكري المصري على ضوئها.

وبحكم عدم وجود مرجعية أيديولوجية أو أي شكل من أشكال التناسق الفكري بين أفراد النخبة العسكرية التي استولت على الحكم كي تمثل لهم مرجعية في التعامل مع قضايا الحكم والاقتصاد أخذت مواقف تلك النخبة في التذبذب عند كل منعطف تعرج عليه يميناً ويساراً بحسب أهواء وتوجهات القيادة المسيطرة عليها في هذا الوقت أو ذاك، لا سيما في ظل التغييب الكامل لأي مشاركة شعبية في صنع السياسات أو أي شكل من أشكال التمثيل الديمقراطية.

تحول النظام من التحالف الوثيق مع الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية وحالة العداء السافر مع الاحتلال الإسرائيلي والسياسات الاقتصادية ذات الطابع الاجتماعي، الى التحالف مع الولايات المتحدة وإعلان السلام والاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، وأخيرا ومنذ ذلك الحين وصاعداً عاد اقتصاد السوق في شكل الانفتاح الاقتصادي ليحل محل السياسات الاقتصادية ذات الطابع الاجتماعي.

كانت معادلة الحكم أو العقد الاجتماعي -إن صح التعبير- الذي استطاع النظام ترسيخه عبر منظماته السياسية التي أنشأها خصيصاً لهذا الغرض وبشكل متعاقب من أول هيئة التحرير 1953 ثم الاتحاد القومي 1957 إلى الاتحاد الاشتراكي 1962 هي الخبز مقابل احتكار النظام للحكم والحياة السياسية، أو بالتعبير الدارج "الخبز مقابل الحرية" بمعنى حد أدنى من الضمان الاجتماعي والكرامة الوطنية في مقابل مصادرة الحريات العامة واحتكار العمل السياسي عبر التنظيم الواحد المعبر عن النظام الرسمي، وقد صاحب ذلك قمع وسجن وتعذيب وحتى قتل المعارضين في السجون، والذي وصل لذروته بقمع انتفاضة الطلبة في 1968.(3)(4)

ولا شك في أن الحروب المتعاقبة من اول العدوان الثلاثي 56 ثم حرب 67 التي كانت حرب من طرف واحد، ثم حرب 73 والتي أُرغم النظام على خوضها تحت ضغط مظاهرات الطلبة في 72، قد مكنت جميعها النظام من ترسيخ سياسات القمع والإرهاب للسيطرة على المجتمع برفعه شعار "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" تلك المعركة التي كانت أخرها حرب 73 التي خاضها النظام مُرغماً كما أسلفنا والتي كان الهدف منها هو تحريك الموقف العسكري بشكل محدود للسماح بحدوث تسوية سلمية للصراع مع الاحتلال، الأمر الذي تبلور واتضح بعد ذلك في اتفاقية السلام المشبوهة التي أبرمها النظام مع الاحتلال في 78.

تكونت مع نشأة النظام طبقة حاكمة جديدة قوامها هو كبار ضباط الجيش وكبار الموظفين والمسؤولين في الدولة الذين تمتعوا بقدر هائل من الصلاحيات والامتيازات بفضل غياب الرقابة الشعبية أو أي شكل من أشكال المحاسبة، تلك الامتيازات التي راحوا يوزعها شمالا ويمينا على أقربائهم ومحاسيبهم بصفتهم المحتكرين للسلطة والثروة في البلاد، هؤلاء المحاسيب والأقارب هم الذين نراهم اليوم يكونوا جزءا هاما من رجال أعمال الطبقة الحاكمة المصرية بترابط شبكة جهنمية من المصالح والمصاهرة والتي بنيت في الأساس منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

في الخمسينات والستينات ظلت معادلة (الخبز مقابل الحرية / لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) تكون وتراكم ثروات هائلة لطبقة الحكام الجدد التي نشأت مع نشأة النظام العسكري والذي ظل في نفس الوقت محافظاً على حد أدنى من التوازن الاجتماعي.

في السبعينات حدث تغير جوهري في دور الجيش في الحياة السياسية والاقتصادية مع تبني سياسات الانفتاح الاقتصادي تباعاً 74-75-76 وصولا لعقد اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي في 78 وتحول عقيدة الجيش من العداء الجذري مع الاحتلال الإسرائيلي إلى الانكفاء على قمع وظلم الداخل المصري من مثيل قمع انتفاضة الخبز في 77 وثورة يناير 2011.

أعلن قادة الجيش أن حرب 73 كانت آخر الحروب بالنسبة للنظام مع الاحتلال الإسرائيلي واقتصر دور الجيش في سيناء على منع تهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية عبر الحدود الشرقية ومنع الاتخاذ من سيناء نقطة انطلاق لمهاجمة الاحتلال الإسرائيلي من قبل الثورة الفلسطينية المسلحة.

بعبارة واحدة أصبح دور الجيش هو "حماية أمن إسرائيل" فهذا ما نصت عليه اتفاقية السلام المشبوهة وبالطبع كان يعني ذلك الارتماء في أحضان الولايات المتحدة أحد أطراف الاتفاقية السلام والضامن الرئيسي لها والقبول بلعب دور التابع الذليل والسير على الخطى والإملاءات الأمريكية من اول شكل ونمط الاقتصاد إلى شكل التدريب العسكري والمناورات المشتركة بين الجيشين المصري والأمريكي وذلك في مقابل الحصول على معونات مدنية وعسكرية يذهب الجزء الأكبر منها إلى جيوب الجنرالات.

كما حدث الأسوأ وهو استخدام الجيش ليس فقط في إخضاع وظلم الشعب المصري لكن ادا الجيش كمؤسسة إلزامية دور هام في عملية التدجين الاجتماعي للمصريين فقد استمر التجنيد الإلزامي رغم انتهاء الحرب بحيث جرى تشغيل الجنود بشكل قسري بالنشاط الاقتصادي والانتاجي للمؤسسة العسكرية.

أنشأ النظام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية في 79 بقرار جمهوري ليمثل الواجهة القانونية للنشاط الاقتصادي للجيش، ليتحول الجيش منذ ذلك الحين إلى شركة تجارية ضخمة تهدف إلي الربح يديرها عدد من كبار القيادات العسكرية المضمون ولائهم سواء للطغمة الحاكمة أو حتيِ للمنظومة العالمية والتي يلعب فيها الاحتلال الإسرائيلي دورا محوريا.

فتلك القيادات العسكرية التي وصل أعضائها في الأساس للمناصب القيادية بالتراتبية في الترقيات العسكرية والتي تم ربطها منذ توقيع اتفاقية السلام المشبوهة بالدورات التدريبية التي تمنح للضباط في الولايات المتحدة الأمريكية والتقارير التي تعدها أجهزة المخابرات الأمريكية عنهم من خلال التقييم في تلك الدورات والتي قد تسمح أو لا تسمح بأن يصل هذا او ذاك من الضباط لمنصب قيادي داخل المؤسسة العسكرية، الأمر الذي يفضي في النهاية إلي التأكد من وصول عناصر منتقاة بعناية فائقة ومضمون ولائها للطغمة الحاكمة ولمن ورائهم كما اسلفنا للمناصب القيادية العليا في المؤسسة العسكرية.

أصبح الجيش التاجر المحتكر الأول في كل شئ بعدد هائل من الشركات التي تصنع كل شئ من أول المعجنات والمياه المعدنية والمخبوزات وحتى كحك العيد والاسمنت والألبان والسيارات الفارهة، وبالطبع ينتج عن ذلك أرباح لا حصر لها وفى نفس الوقت فإن ميزانية الجيش وحجم نشاطه الاقتصادي من الاسرار العسكرية والغير خاضعة لأي جهة رقابية.

من خلال استخدام العمل القسري لمجندين الخدمة العسكرية الإلزامية كعاملين بدون أجر أو بأجور رمزية والخاضعين أثناء عملهم في المنشآت الصناعية والتجارية للجيش لتعسف وجور القوانين العسكرية رغم عدم قيامهم بأي أعمال متصلة بالعسكرية، ما يجعل من عملهم أقرب إلى السخرة التي حفرة قناة السويس إبان حكم الخديوي اسماعيل.

ليس ذلك فقط بل وأيضا باستخدام أحقر الوسائل الاحتكارية التي يمكن أن تتصور والتي كان منها افتعال ازمة لبن الاطفال في الأسواق لكي تتمكن شركة تابعة للجيش من الاستحواذ عليِ السوق واحتكار استيراد لبن الاطفال والأمثلة على هذه الحقارة لا حصر لها.

أضف إلي ذلك عدد هائل من النوادي والفنادق والمنتجعات الغير خاضعة بالطبع لأي شكل من أشكال الضرائب والتي تقدم خدماتها للعسكريين بأسعار رمزية تقريبآ كنوع من أنواع الضمان الاجتماعي للعسكريين، لضمان رفاهيتهم ورفاهية عائلاتهم وذلك لفهم النظام العسكري واستيعابه أن ولاء الضباط له مرتبط بعزلهم عن ما يتجرعه أغلبية الشعب من بؤس وعوز بسبب سياسات الافقار الممنهج التي ينتهجها النظام وهذا هو الضمانة الأساسية لبقائه.(5)

هكذا تحددت ملامح مسار تدجين شعب استولى فية الجنرالات عبر قوة عمل جنود الخدمة الإلزامية على أرباح ونصيب هائل من مجمل النشاط الاقتصادي.

فحصة الجيش تقدر بنحو 40% من حجم الاقتصاد المصري(6)، وقد وصل هذا التوسع العملاق للنشاط الاقتصادي للجيش إلى ذروته بعد اصدار السيسي قانون يسمح للجيش بإنشاء شركات بمشاركة رأسمال أجنبي الأمر الذي يتيح للشركات العملاقة متعددة الجنسيات الدخول الي السوق المصري بمشاركة الجيش لنهب الاقتصاد المصري وإفقار المصريين.(7)

يوضح ذلك لماذا وصفت الجيش في صدارة حديثي بأنه ذروة سنام النظام وعموده الفقري، لأنه يمثل حزب الطبقة المصرية الحاكمة والقويَ الوحيدة التي تمتلك الأدوات المادية للقمع من أسلحة ومعدات عسكرية تتيح له التدخل العنيف لإجهاض أي تحرك شعبي يهدد سيطرته ونفوذه في حال فشلت في ذلك الشرطة، حدث ذلك في انتفاضة الخبز 77 وفي انتفاضة الأمن المركزي 87 وبالطبع كان التعبير الأمثل والمعاصر عن ذلك هو القمع الواسع الذي استخدم ضد ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من مجازر ممنهجة قامت بها قوات الجيش بعد فشل الشرطة في قمع الثورة.(8)

بل قامت وحدات من الجيش بأعمال لا يمكن وصفها إلا على أنها من أعمال الدناءة والخسة على طريقة شبيحة بشار الاسد في سوريا مثل كشوف العذرية والتعذيب الممنهج، وصولا لمشهد الإنقلاب العسكري الكامل على الثورة في يوليو 2013 وما صاحبه و تبعه من مجازر ممنهجة.(9)(10)

هذا الانقلاب الذى لم يكن الغرض منه فقط هزيمة فصيل سياسي بعينه (الإخوان المسلمين) بل كان الغرض الرئيسي منه هو هزيمة الثورة والمجتمع برمته وإغراقهم في الدم بل وتوثيق مشاهد القتل الجماعي وبثها على كل القنوات التلفزيونية بهدف ترويع المجتمع وإخضاعه بعد أن أعطت سنوات المد الثوري 2011-2012-2013 للقويِ الثورية وللمجتمع بشكل عام الكثير من المكتسبات من مساحات للحركة ومنابر لنشر ما مكن وسمح بهامش من الحرية لم يشهد المجتمع المصري مثله في تاريخه، هذا الهامش الذي سلب مرة أخرى وبشكل كلي على وقع صعود الثورة العسكرية المضادة التي قادها عبدالفتاح السيسي وزمرته العسكرية والتي كان الصوت الاعليِ فيها لدويِ الرصاص وصليل مجنزرات الجيش في الشوارع.

لا يمكن فهم عدم تدخل الجيش بشكل عنيف وحاسم منذ البداية لقمع انتفاضة يناير 2011 إلا على ضوء ثلاثة أسباب رئيسية:

السبب الأول: هو سبب عسكري يرتبط باستراتيجية وقائية شائعة في معظم بلدان العالم الثالث محورها الرئيسي هو عدم الاحتفاظ بمعدات وقوات برية في المنطقة المركزية وتحديدا في العاصمة القاهرة يقي النظام الحاكم من محاولات انقلاب قد يقوم بها ضباط مغامرين من الرتب المتوسطة أو حتى الدنيا، لذلك يقتصر التواجد العسكري في القاهرة على قوات الحرس الجمهوري كاملة التسليح وقوات نخبة من الوحدات الخاصة والمظليين بتسليح خفيف ومتوسط.

مما يعني أن ميزان القوى كان سيميل بشكل حاسم لصالح جماهير الثورة في حالة المجابهة العنيفة للثورة بحكم التفوق العددي الهائل الذي يعادل عنصر تفوق التسليح للحرس الجمهوري وقوات النخبة ويمكن هنا إغفال الروح المعنوية المرتفعة لعنان السماء لجماهير الثورة المقاتلة الخارجين للتو منتصرة من معركة أطاحوا فيها بجهاز الشرطة.

من ناحية أخري فإن اندلاع المعارك في القاهرة بين جماهير الثورة والتى استنشقت رئتيها نسيم الحرية الممزوج برائحة البارود وبين الحرس الجمهوري وقوات النخبة المدافعين عن ديكتاتور طاعن في السن كان سيمثل حافزا قويا للشرفاء من الجنود والضباط من الرتب الدنيا والمتوسطة في الوحدات خارج القاهرة للانشقاق عن النظام وإعلان مناصرتهم الثورة وجماهيرها المقاتلة من ما كان يعني إمدادات من الذخائر والمعدات والقوات كانت كفيلة بحسم المعركة لصالح الثورة في وقت قياسي.

السبب الثاني: وهو سبب عسكري أيضا يرتبط بالسبب الأول لكن من زاوية أخري، وهو أنه وفي حال ما نجح النظام في استدعاء قوات من خارج القاهرة للدفاع عن نفسه وحسم المعركة لصالحه بعد هزيمة قوات الشرطة و انخراط قوات الحرس الجمهوري وقوات النخبة في قتال الجماهير الثائرة، فإنه سيقوم باستدعاء قوات من الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، وفي هذه الحالة وبانخراط قوات من وحدات الجيشين الثاني والثالث في القتال داخل القاهرة لقمع الثورة فإن ذلك كان سيترك تلك الوحدات بجبهة خلفية غير مؤمنة وهي جبهة المحافظات والمدن التي تقع فيها قيادات تلك الجيوش وتمركز قواتها الرئيسي.

سيما وأن تلك المحافظات والمدن تمتد من بورسعيد شمالا مرورا بالإسماعيلية وحتي السويس جنوبا والتي شهدت جميعها مواجهات مع الشرطة أدت إلى القضاء عليه في تلك المدن والمحافظات، ما كان يعني أن في حال ما منيت القوات التي استقدمت إلى القاهرة لقمع الثورة بهزيمة وتصاعد العنف فلن تتمكن تلك القوات من الانسحاب إلى أماكن تمركزها الرئيسية ما يعني ابتلعها بأسلحتها ومعداته بأمواج الجماهير الثائرة الهادره، ما قد ينبئ بانفلات الأمور نهائياً من بين يد القيادات العسكرية واحتمالية تعرضهم للاعتقال على يد الثوار.

ولا ننسيَ أن أول شهيد في الثورة المصرية هو الشهيد مصطفي رجب (21 عام) والذي قتل في السويس في مساء 25 يناير 2011 برصاص الشرطة واشتعال الموقف في محافظات ومدن القناة إلى حدوده القصوى وهي أماكن تمركز الجيشين الثاني والثالث الميدانيين كما اسلفنا.

كل هذا كان يعني أن الدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة بهذا الشكل في القاهرة وأمام حجم المشاركة الجماهيرية الهائل سواء في القاهرة أو في باقي محافظات الجمهورية كان سيؤدي وبلا شك إلى تجذر الحركة الجماهيرية بشكل أعمق بدلآ من وأدها والقضاء عليها، كما سيؤدي ذلك إلي توجيه غضب الجماهير في اتجاهه الصحيح وهو العداء السافر مع المؤسسة العسكرية وقياداتها، هذا العداء الذي ظل مقتصرا في ذلك الحين لدى قطاعات عريضة من جماهير الثورة على حسني مبارك وحاشيته، ما كان يعنى مواجهة غير محسوبة العواقب بالنسبة للقيادات العسكرية في ذلك الوقت، سيما إذا ما وضعنا في الاعتبار عنصر حاسم وهو انشقاق الشرفاء من الجنود والضباط من الرتب المتوسطة والدنيا من من سيرفضو أن تتلوث أيديهم بدماء أبناء جلدتهم واتخاذهم مواقف معادية لقياداتهم الخائنة ومناصرة الثورة وجماهيرها مما كان سيشكل ضربة قاسمة للنظام العسكري برمته.

السبب الثالث: هو سبب سياسي ذو شقين الأول هو أن جماهير الثورة المصرية لم يكن على أجندتها الاستيلاء على الحكم كما لم يوجد فصيل سياسي من الفصائل والأحزاب التي أعلنت دعمها للثورة يطرح نفسه كبديل للسلطة القائمة أو يعمل علي الاستيلاء على الحكم بقوة دفع الجماهير المنتفضة في الشوارع والميادين.

بمعنى أن الشعار الرئيسي الذي رفعته جماهير الثورة من اليوم الأول (الشعب يريد إسقاط النظام) تم تمييعه من قبل السياسيين الحزبيين واختزاله أو تحويره وتحويله الى شعار مطلبي هو (عيش - حرية - عدالة اجتماعية) ولم يطرح أي فصيل أو حزب سياسي القضية الأهم التي تواجه الثورة وهي قضية السلطة، من يستحوذ على السلطة، ففي خريطة الأحزاب المصرية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين لم يطلب أي حزب السلطة لنفسه بأسم الجماهير المنتفضة بل سعي قسم كبير من تلك الأحزاب للدخول في مفاوضات مع السلطة العسكرية وأكتفت باقي القوى السياسية بالإدانة والشجب.

ما كان يعني عمليا أن السلطة العسكرية التي زفرت بالسلطة السياسية بتنحية مبارك في 11 فبراير لم تشعر بتهديد حقيقي لسلطتها من جبهة أو حزب كان ينازعها السلطة ويطرح نفسه كبديل لها بقوة دفع الجماهير المنتفضة، بل أنها وجدت أحزاب وفصائل سياسية ترغب في التحالف وإبرام صفقات مع السلطة الجديدة تسمح لهم بتحقيق مكاسب وتوسيع نفوذهم كالإخوان المسلمين والأحزاب الليبرالية والناصرية والقومية.

ومن لم يسعى للتحالف مع السلطة الجديدة من الحركات على الساحة السياسية مثل حركة الاشتراكيين الثوريين و6 أبريل فأن مسألة السلطة لم تكن من المسائل المطروحة على أجندتهم مع انها اهم مسألة يثيرها نشوب ثورة اجتماعية، فحركة الاشتراكيين الثوريين اكتفت برفع شعار مطلبي هو (السلطة والثروة للشعب) دون أن توضح كيف يمكن أن يتحقق ذلك !! ودون أن تسعى لتحويل هذا الشعار المطلبي لبرنامج سياسي قابل للتحقيق من خلاله انتزاع السلطة، وحركة 6 أبريل اكتفت لنفسها بدور جماعة الضغط دون امتلاك تصور لمسألة السلطة بنفس الطريقة، وبذلك لم تسعى أي من الحركتين لحسم مسألة السلطة لصالحهم بقوة الدفع الهائلة التي أوجدتها الثورة عبر جماهيرها المنتفضة بل اكتفيت فقط بإدانة التحالفات الانتهازية الجديدة الناشئة وبدعم الحراك الجماهيري العفوي دون التدخل بشكل واعي في المعركة الدائرة بين السلطة المتداعية والثورة لحسم هذا الصراع بانتزاع السلطة لصالح الثورة وجماهيرها.

الأمر الذي يعني في المحصلة أن القيادة العسكرية لم تشعر بالحاجة إلى قتال الجماهير المنتفضة في الشوارع والميادين عسكرياً منذ البداية بل كان الأمر بالنسبة لها هو المكسب بالنقاط وذلك بتطويق الجماهير بالأحزاب الانتهازية والعميلة التي ستتولي هي تفريق الثورة وتقسيم الجماهير وتشتيتها دون الحاجة إلى التورط في معارك مفتوحة على مستوى واسع غير مضمونة العواقب كما أوضحنا، وذلك الى أن يختار العسكريين المكان والزمان المناسبين لتسديد الضربة القاضية للثورة والتي كانت بالانقلاب يوليو 2013.

الشق السياسي الثاني هو الدافع أو الرغبة في القتال وخوض معارك دموية لحسم الصراع عسكرياً لصالح النظام القديم (حسني مبارك وحاشيته) وهو يتمحور حول سؤال: عن ماذا كانت ستدافع القيادة العسكرية في ذلك الحين لو تورطت في قتال الجماهير الثائرة التي احتلت الشوارع والميادين وهزمت الشرطة في قتال دموي ؟ .. هل ستقاتل من أجل ديكتاتور طاعن في السن اعتزل الحكم منذ فترة وأوكل لابنه وزوجته إدارة شؤون البلاد ؟.

أم ستقاتل من أجل أبن الرئيس الذي كان يعد ليصبح وريث أبيه لمقعد الرئاسة ؟ وهو القادم من خارج صفوف العسكريين بل و المتحلق حوله مجموعة من رجال الأعمال الذين يزاحمون المؤسسة العسكرية في نشاطها الاقتصادي.

الشاهد أنه لم تكن هناك مصلحة حقيقية للقيادات العسكرية في قمع الجماهير وقتالها في ذلك الوقت بل العكس كان صحيح ففي مساء 28 يناير 2011 تلاقت مصالح القيادات العسكرية التي نشرت قواتها في الشوارع مع الجماهير التي كانت تحتل الشوارع هي الأخرى، فالجماهير كانت راغبة في الاطاحة بمبارك ونجله الذي كان يعد سيناريو التوريث من أجله والقيادات العسكرية وجدت في الثورة فرصة لإزاحة مبارك الكهل وقطع الطريق على نجله للوصول للرئاسة ما يعني عمليا السماح بالوصول أحد أفراد تلك القيادات العسكرية للمنصب الرفيع.

ما يعني أن باندلاع ثورة يناير 2011 وانتشار قوات الجيش في الشوارع رأت في ذلك قيادة المؤسسة العسكرية فرصة مواتية لإرغام مبارك الأب على التخلي عن سيناريو التوريث الذي كان يأمل فيه الابن، الأمر الذي كان يلبي الطموح الشخصي لهؤلاء القادة ويمنحهم فرصة الوصول لقمة هرم السلطة في البلاد بالشكل الذي وجد تعبيره الأمثل في مدير المخابرات العسكرية آنذاك عبد الفتاح السيسي بدموية وانحطاط غير مشهود.

وبالطبع وجدت المؤسسة العسكرية في هزيمة الثورة فرصة لتعزيز هيمنتها وسيطرتها على كافة مناحي الحياة في المجتمع وعلى المشهد العام ككل إلى الدرجة التي أصبح المواطن يعيش فيما يشبه المعسكر الذي يخضع فيه الى القسر والإجبار في كل نواحي الحياة في أكبر سجن مفتوح في العالم.

الهوامش:

1- سلامة كيلة، المسألة الفلسطينية (من سراب حل الدولتين إلى الدولة العلمانية الواحدة)، كتاب الهلال، دار الهلال 2017.
2- مجموعة باحثين، في تشريح الهزيمة: حرب يونيو 1967 بعد خمسين عاماً، دار المرايا للإنتاج الثقافي2017.
3- قتل المناضل الشيوعي شهدي عطية الشافعي تحت التعذيب في سجن أبى زعبل الذي كان معتقلا فيه مع 47 من رفاقه في 1959.
4- أحمد عبد الله رزة، الطلبة والسياسة في مصر، سيناء للنشر 1991.
5- وفقاً لقرار وزير الدفاع رقم 68 لسنة 2015 بشأن إعفاء وحدات القوات المسلحة من الضرائب، الجريدة الرسمية.
6- تقرير منظمة الشفافية الدولية الصادر في مارس 2018.
7- وفقاً لقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 446 لسنة 2015، الجريدة الرسمية.
8- مجزرة مجلس الوزراء والعباسية وماسبيرو ومسرح البالون.
9- أحد الضالعين الرئيسين في جرائم التعذيب وكشوف العذرية التي حدثت في المتحف المصري في 9 مارس 2011 والذي اعترف بإجرائها في مقابلة مع أمين منظمة العفو الدولية هو عبدالفتاح السيسي رئيس المخابرات الحربية والاستطلاع في تلك الفترة والرئيس المصري الحالي، راجع الروابط التالية: العفو الدولية: الجيش المصري أجبر فتيات على اختبار العذرية | DW
ضابط مصري:"اختبارات العذرية للمتظاهرات للتوقي من تهم الاغتصاب" | DW
10- مجزرة الحرس الجمهوري ورمسيس الثانية و ميداني رابعة والنهضة.



#حسن_مصطفي (هاشتاغ)       Hassan_Moustafa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجيش حزب الطبقة الحاكمة المصرية
- هل يحمل لنا المستقبل فرصة للتغييرفى مصر؟ 3 القديم يموت والجد ...
- القديم يموت والجديد لم يولد بعد -هل يحمل لنا المستقبل فرصة ل ...
- هل يحمل لنا المستقبل فرصة للتغيير في مصر؟ 2 الحوار الوطني وو ...
- هل يحمل لنا المستقبل فرصة للتغيير في مصر؟ 1
- تعطيل الملاحة بقناة السويس لأبطال مخطط الاحتلال الاسرائيلي
- رسالة لأحمد طنطاوي وحملته… حتي لا يضيع الأمل
- الفراغ السياسي في مصر
- المناضل المصري أحمد دوما حر رغم آنف السيسي
- لماذا يجب الإفراج عن كل المعتقلين كقاعدة لإي حوار سياسي
- رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسي
- الخطأ والصواب في ما قال ياسر رزق من فحش المقال
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (الجزء 3 والأخير): الشرطة وا ...
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (2): الجيش ذروة سنام النظام ...
- النظام الجمهوري وأفق الخلاص منه (1)
- تعديل الدستور للّتمديد.. السيسي يحفر قبره
- فُجر أبواق النظام وتردد ووجل المعارضة
- عن المهمشين والثورة
- إدلب.. المجزرة علي وشك الوقوع
- تعليق علي مبادرة معصوم مرزوق


المزيد.....




- 4 شهداء وعملية نوعية للمقاومة واقتحامات متواصلة لبلدات الضفة ...
- مسؤول أميركي سابق يحذر من -لحظة خطيرة- في حرب أوكرانيا
- قاض بولاية جورجيا يرفض تهمتين جنائيتين ضد ترامب
- حاملة الطائرات -تيودور روزفلت- تغادر الشرق الأوسط
- فيديو لنجم روك شهير ينقذ سيدة حاولت الانتحار
- تباين ردود أفعال طرفي الصراع بالسودان بشأن لجنة تقصي الحقائق ...
- كامالا هاريس ترد على رفض ترامب المشاركة في مناظرة ثانية
- وسط تصاعد التوتر بين الكوريتين.. بيونغ يانغ تطلق صواريخ بالي ...
- البيت الأبيض يتهرب من التعليق على تصريح الرئيس بوتين حول دور ...
- البنتاغون: لا توجد أسلحة غربية تصلح أن تكون وصفة سحرية لكييف ...


المزيد.....

- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن مصطفي - المؤسسة العسكرية ،، حزب الطبقة المصرية الحاكمة