حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8097 - 2024 / 9 / 11 - 17:30
المحور:
قضايا ثقافية
هل كان حلماً؟ وجد فضيل نفسه في زقاق مظلم أمام باب زجاجي ضبابي. دفعه ببطء ليجد نفسه في سوبر ماركت لم يزره من قبل . كانت الرفوف مليئة بعلب ملونة تحمل أسماء غريبة.
توقف عند علبة زرقاء لامعة كُتب عليها "الثقة بالنفس". فتحها بحذر ليجد داخلها مرآة صغيرة تعكس ابتسامته المترددة. "خمسة يورو،" همس صوت من خلفه.
التفت فضيل ليرى بائعاً شاحب الوجه. "هل... هل تعمل حقاً؟" سأل بتردد.
ابتسم البائع ابتسامة غامضة. "إنها تريك ما بداخلك فقط. الباقي عليك."
واصل فضيل تجواله، ملتقطاً علبة "السعادة الفورية" التي احتوت على حبات سكر ملونة وشوكلاه وصور موديلات و"الحب الجاهز" الذي كان قالب كيك على شكل قلب بلاستيكي أحمر، بالإضافة لزيوت التدليك.
والحبوب الزرقاء. وأخيراً، وصل إلى ركن منفرد حيث وجد علبة سوداء كبيرة كُتب عليها "الاحترام" بخط ثخين.
"كم ثمن هذه؟" سأل فضيل بفضول.
"عشرة يورو،" أجاب البائع.
دفع المبلغ وفتح العلبة بلهفة، ليجدها فارغة تماماً.
"ما هذا؟!" صرخ بغضب.
ضحك البائع بتذاكٍ "الاحترام، يا صديقي، لا يمكن تعبئته أو بيعه. إنه شيء يمنحه الآخرون لك."
" وما أفعل للحصول عليه"
ابتسم البائع بمكر فقد حصل على زبون غبي:
" اشتر لهم علب السعادة والحب الجاهز"
شعر فضيل بالفضول ، انصرف محملاً بالعلب. وبدأ يلاحظ أن الناس ينظرون إليه بشكل مختلف. ابتسامات دافئة، إيماءات احترام صغيرة.
ربما كان ذلك بسبب الثقة الجديدة التي اكتسبها من المرآة، أو السعادة التي منحتها له حبات السكر وقالب الكيك الشهي . أو ربما، فقط بسبب علب الهدايا.
***
وقد قال فيلسوف شاهد المشهد:
هكذا ماتت الفضيلة!
بفضل تحالف فضيل الجاهل وصاحب السوبر ماركت الرأسمالي الماهر في فهم الطبيعة البشرية.
وأضاف مقلداً نيتشه:
"عجيب كيف تحولت الفضائل إلى بضائع!
ربما نشهد هنا موت الفضيلة التقليدية. لكن في كل نهاية بداية. قد يدرك فضيل يوماً أن الاحترام الحقيقي لا يأتي في علبة. وعندها، قد نرى ولادة فهم جديد للقيم أكثر عمقاً وأصالة.
#حسان_الجودي (هاشتاغ)
Hassan_Al_Joudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟