أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - إسرائيل والعدوان على غزة: استراتيجية القوة والهيمنة في سياق إقليمي متوتر















المزيد.....


إسرائيل والعدوان على غزة: استراتيجية القوة والهيمنة في سياق إقليمي متوتر


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 14:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعود العدوانات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة إلى سياسات متجذرة في نهج القوة والهيمنة التي تعتمدها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ قيام الدولة الإسرائيلية عام 1948. كل عدوان جديد على القطاع يعكس تحولًا أو تعمقًا في التوجهات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، التي تسعى دائمًا إلى تعزيز مكانتها الإقليمية وردع أي تهديد محتمل لأمنها، ولو كان ذلك على حساب المدنيين الفلسطينيين. العدوان الأخير على غزة لا يخرج عن هذا الإطار، بل هو نتيجة مباشرة لتراكم عوامل داخلية وخارجية تدفع إسرائيل نحو التصعيد المستمر.

1. الجذور التاريخية للصراع: الأرض، السلطة، والهيمنة

منذ نكبة 1948 وتأسيس إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، ظل الصراع بين المشروع الاستيطاني الإسرائيلي والشعب الفلسطيني يدور حول الأرض والسيادة. قطاع غزة، الذي يعد أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، أصبح في قلب هذا الصراع. بعد انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، تم تحويل القطاع إلى ما يشبه السجن المفتوح، حيث تفرض إسرائيل حصارًا مشددًا على جميع نواحي الحياة هناك، وتتحكم في موارده ومعابره.

من منظور إسرائيل، غزة تمثل تحديًا أمنيًا مستمرًا، حيث تسيطر حركة حماس التي تُعتبر في نظر إسرائيل تهديدًا رئيسيًا لأمنها، ليس فقط من خلال قدرتها على إطلاق الصواريخ، ولكن أيضًا بسبب دورها في تعبئة الفلسطينيين ضد الاحتلال. لهذا السبب، تُعامل إسرائيل غزة وكأنها "قنبلة موقوتة" تحتاج إلى ضربات استباقية لاحتوائها، ما يجعل كل تصعيد جديد في العلاقات بين الطرفين يأتي في إطار عمليات عسكرية متكررة.

2. دوافع التصعيد: البعد الأمني والاستراتيجيات الإسرائيلية
من الناحية الأمنية، تُبرر إسرائيل اعتداءاتها على غزة بأنها جزء من استراتيجيات "الدفاع عن النفس"، حيث تسعى لضرب البنية التحتية العسكرية لحماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية. ومع ذلك، تكشف الديناميات الداخلية الإسرائيلية أن هذه الاعتداءات ترتبط أيضًا بسياسات الردع واستعراض القوة الإقليمية.

إسرائيل تعتمد بشكل رئيسي على استراتيجيات "الردع الشامل"، والتي تسعى من خلالها إلى إبقاء أعدائها في حالة دائمة من الضعف والعجز عن الرد أو شن هجمات كبيرة. هذا الردع يشمل استهداف القيادة الفلسطينية، تدمير الأنفاق، وتوجيه ضربات قاسية للمواقع التي يشتبه أنها تستخدم لتطوير قدرات عسكرية. من هذا المنظور، العدوان الإسرائيلي على غزة ليس مجرد رد فعل على إطلاق الصواريخ، بل هو جزء من استراتيجيات هيمنة إقليمية تهدف إلى الحفاظ على التفوق الإسرائيلي في المنطقة.

3. التصعيد: الاقتصاد السياسي للحرب

لا يمكن فهم العدوان الإسرائيلي على غزة دون النظر إلى البعد الاقتصادي والسياسي الداخلي في إسرائيل. على مدار سنوات، أظهرت الأزمات السياسية الداخلية في إسرائيل دورًا كبيرًا في دفع الحكومة نحو التصعيد العسكري، لا سيما في ظل الانقسامات السياسية الحادة. حكومة بنيامين نتنياهو، التي تواجه ضغوطًا سياسية واقتصادية متزايدة في الداخل، تستغل الصراع مع غزة كوسيلة لتحويل الأنظار عن الأزمات الداخلية، وتعزيز شعبيتها من خلال إظهار نفسها كحامية الأمن الإسرائيلي.

بالتوازي، الاقتصاد الإسرائيلي القوي يعتمد بشكل كبير على صناعة الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية. العدوانات المتكررة على غزة توفر لإسرائيل فرصًا لاختبار أحدث أسلحتها في ظروف قتالية حقيقية، مما يُعزز من صادراتها العسكرية ويُعمّق من نفوذها الاقتصادي في السوق الدولية. هذا يربط الحرب مباشرة بالاقتصاد السياسي للحروب الإسرائيلية.

4. البعد الدولي: الغطاء السياسي والدعم الغربي
على الرغم من الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي في العدوانات الإسرائيلية المتكررة على غزة، تواصل إسرائيل الاستفادة من الدعم السياسي والدبلوماسي الغربي، خاصة من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي. هذا الغطاء الدولي يشكل عاملاً رئيسياً يتيح لإسرائيل الإفلات من العقاب، ويُشجعها على مواصلة سياساتها العدوانية دون خوف من التبعات القانونية أو السياسية.

الإدارة الأمريكية، التي تتبنى موقفًا داعمًا بشكل غير مشروط لإسرائيل، تقدم باستمرار مساعدات عسكرية كبيرة لحكوماتها، ما يعزز من قدراتها العسكرية ويمكنها من تنفيذ عملياتها في غزة دون أي قلق من ردود فعل دولية فعالة. وعلى الرغم من الإدانات الدولية المتكررة، فإن المجتمع الدولي يفشل بشكل منهجي في فرض إجراءات حقيقية لوقف العدوان أو محاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين في غزة.

5. العواقب الإنسانية: غزة تحت الحصار والنار
نتيجة للعدوانات المتكررة والحصار المستمر، يعيش سكان غزة في ظروف إنسانية كارثية. أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع تحت حصار خانق، يعانون من نقص في الماء، الكهرباء، والمواد الغذائية، إضافة إلى انهيار البنية التحتية الصحية والتعليمية. العدوان الأخير على غزة زاد من تفاقم هذه الأزمة، حيث تعرضت المنازل والمستشفيات والمدارس للقصف، مما أسفر عن عشرات الاف القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين.

هذه الاعتداءات لا تقتصر فقط على الدمار المادي، بل تخلق جروحًا نفسية عميقة لدى الأجيال الفلسطينية الشابة، التي نشأت في ظل الاحتلال والحصار والعنف المستمر. إسرائيل تعتمد سياسة العقاب الجماعي في تعاملها مع غزة، حيث تستهدف المدنيين والمنشآت الحيوية تحت ذريعة مكافحة "الإرهاب"، مما يفاقم من الأزمة الإنسانية ويعمق من مشاعر الغضب والعداء ضد إسرائيل.

6. السيناريوهات المستقبلية: هل التصعيد إلى حرب شاملة حتمي؟
مع كل عدوان جديد على غزة، تزداد التساؤلات حول إمكانية اندلاع حرب شاملة في المنطقة. التصعيد الإسرائيلي المستمر يُهدد بإشعال نزاع أوسع قد يمتد إلى لبنان وسوريا وحتى إيران. هذه الحروب المحتملة لا تعني فقط تهديدًا لاستقرار المنطقة، بل قد تؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر في ظل ضعف البنية التحتية وانهيار النظام الإقليمي القائم.

من الناحية النظرية، يمكن لتدخلات دولية جادة أن تضع حدًا لهذا التصعيد وتُجنب المنطقة حربًا جديدة. ولكن في ظل الهيمنة الإسرائيلية على القرار الدولي واستمرار الدعم الغربي، يبدو أن أي أمل في تهدئة مستدامة يظل بعيد المنال. السيناريو الأقرب هو استمرار التصعيدات الدورية، حيث تتحرك إسرائيل متى شعرت بالتهديد أو رغبت في إعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي.

إسرائيل كقوة احتلال معتدية

في النهاية، يتضح أن العدوان الإسرائيلي على غزة هو جزء من نهج استعماري طويل الأمد يسعى إلى فرض الهيمنة والسيطرة على الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن التكاليف الإنسانية الهائلة. إسرائيل، التي تدعي الدفاع عن نفسها، هي في الحقيقة قوة احتلال تواصل الاعتداء على شعب محاصر، مدفوعة بطموحاتها الإقليمية وأزماتها الداخلية.

السيناريوهات المحتملة في حالة توسع الحرب الشاملة

في حالة توسع الحرب الشاملة، يمكن أن تتخذ النزاعات عدة مسارات:

حرب متعددة الجبهات: إذا ما اندلعت حرب بين إسرائيل ومحور المقاومة، قد نشهد صراعًا على جبهات متعددة، يشمل غزة ولبنان وسوريا العراق واليمن وربما إيران. في هذا السيناريو، قد تُطلق آلاف الصواريخ من لبنان وغزة على إسرائيل، ما يضع ضغطًا هائلًا على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية. يمكن أن يرد الجيش الإسرائيلي بضربات جوية وبرية مكثفة، مستهدفًا البنية التحتية العسكرية والمدنية في هذه المناطق.
انخراط إيران بشكل مباشر: في حالة دخول إيران بشكل مباشر في الصراع، قد تتوسع الحرب إلى الخليج، حيث يمكن أن تقوم إيران باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية أو حلفاء إسرائيل في المنطقة، مثل الإمارات والسعودية. هذا السيناريو يمكن أن يخلق حالة من الفوضى الإقليمية ويستدعي تدخل القوى الدولية الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.
حرب استنزاف طويلة الأمد: قد تتطور الحرب إلى صراع استنزاف طويل، حيث يعتمد محور المقاومة على استمرار إطلاق الصواريخ والعمليات العسكرية غير التقليدية لإلحاق أكبر قدر من الأضرار بإسرائيل، في حين تحاول إسرائيل الحفاظ على استقرارها الداخلي وتجنب الانهيار الاقتصادي أو الاجتماعي.
التدخل الدولي: قد يدفع توسع الصراع إلى تدخل دولي أكبر لمحاولة احتواء الوضع. قد تضغط الولايات المتحدة وأوروبا على الطرفين لوقف إطلاق النار، لكن تحقيق تسوية سياسية دائمة يظل بعيد المنال في ظل التصعيد المتكرر وعدم معالجة جذور الصراع، وهي الاحتلال الإسرائيلي والمطالب الفلسطينية بحقوقهم الأساسية.

الخلاصة: سيناريوهات قاتمة لمستقبل الصراع

في حال اندلاع حرب شاملة، ستكون المنطقة بأسرها على حافة كارثة إنسانية وأمنية واسعة النطاق. ورغم تفوق إسرائيل العسكري، فإن قدرة محور المقاومة على الاستمرار في شن هجمات غير تقليدية ستجعل أي عدوان إسرائيلي مكلفًا على الصعيد البشري والاقتصادي. في نهاية المطاف، قد تكون هذه الحرب مختلفة عن سابقاتها ومكلفة بشكل غير متوقع ونهاية مرحلة وحدوث تغيرات نوعية في تاريخ الصراع. وستنتهي خلال فترة قصيرة.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثم نبكي على ما كان
- عزف الذاكرة
- سحب الولايات المتحدة سفنها من البحر الأحمر وتأثيره على الوضع ...
- مدينة النيون
- الدور المصري في حرب غزة: تواطؤ ضد الشعب الفلسطيني والأمن الق ...
- حكمة مرج البحرين
- يا سيدة الحلم
- راقص فوق حافة الزمن
- فاك يو ترامب: الضفة الغربية ليست للصفقات
- اغنية مغترب
- اصعب اللحظات
- رسالة إلى البحر...
- ما يستحق الانتظار…
- استراتيجية حزب الله بعد رد -يوم الأربعين-ً: التوازن بين التز ...
- محادثة بيني وبين وعيي الباطن
- يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي
- صبغة الزعتر والميرمية باستخدام خل التفاح: علاج طبيعي فعال لل ...
- ميزان العدل: فلسفة الرد بالمثل في مواجهة الظلم
- يا قصيدة تكتمل
- في سماء الخيال


المزيد.....




- دهسوا بعد دقائق على نشرهم هذه الصور.. آخر لحظات مسرح الجريمة ...
- سوريا تعلن بدء استقبال الرحلات الجوية الدولية بمطار دمشق
- هل تنجح المفاوضات بين حماس وإسرائيل هذه المرة في التوصل لوقف ...
- الداخلية الألمانية: على بعض السوريين العودة لبلادهم في ظل اس ...
- بلينكن يؤكد لعبد العاطي دعم واشنطن للعملية الانتقالية في سور ...
- تركيا تحيي مشروعا طبيا تعليميا في دمشق عمره أكثر من 120 سنة ...
- اليابان.. بيع سمكة تونة تزن 276 كغ بـ1.3 مليون دولار
- مسؤولون أمميون: نقيم الإطار الزمني الانتقالي في سوريا ويمكن ...
- توضيح أسباب فقر الدم
- ما العلاقة بين الأمعاء والحالة العاطفية؟


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - إسرائيل والعدوان على غزة: استراتيجية القوة والهيمنة في سياق إقليمي متوتر