أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض رمزي - مع المحمدين














المزيد.....

مع المحمدين


رياض رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 10:43
المحور: قضايا ثقافية
    


روايتان معذورٌ من لم يقرأهما. رياض رمزي
منذأسابيع وأنا أنتظر حدثا استعيد به مرور خمسين عاما على انقضائه. لم يمض انتظاري وأنا معتصم بالسكون حتى مجيئ الحدث. ظهر ملمحٌ من حركة لديها علاقة مع تصفح نصوص كتبتها وتوارت وعلا على قدراتي إهمال حال دون العودة إليها بسبب وقوعها في أمكنة بعيدة محجوبة عن الشمس جعلت أعشاشا وأدغال تنبت عليها، فتنازلت برضا عن الخضوع لاختبار ثان، وها هي تعود ثانية كي تجعلني أعيد تشكيلها. منها مجموعة ملاحظات عن روايتي التي كتبتها قبل عقدين من الزمن لم أجد أحدا يهتم بها مثل امرأة عانت من عنوسة طويلة لم تجد فحلا يتطلع لإنوثتها. منّيتُ نفسي بخدعة هي حقيقة غياب معرفة بقراءة الروايات ليس كما في بلاد الغرب حيث أشهر الروايات تلك التي يجد القارئ غموضا فيها بسبب حبكة تثقل عليه لكن القارئ ينتهي به المطاف لكشفها بعد صراع كأنه يحصل على مكافأة من فض مغاليقها.
حصل فولكنر على جائزة نوبل من كتابة رواية أبسالوم أبسالوم استطاعت استدراج كثير من الناقدين الكبار استقرأوا فيها قدوم فن جديد كما هو الحال في رواية الصخب والعنف. وساراماغو صاحب رواية نصب الدير، كذلك رواية رجل بلا خصال لروبرت موزيل، يوليسيس لجيمس جويس....
كنت قبل ثلاثين عاما أمر على مكتبة وسط لندن أشاهد على رفوفها رواية" البحث عن الزمن المفقود" لمارسيل بروست، المؤلفة من سبعة أجزاء. كنت أقف أمامها وأقسم أنْ سأقرأها. قسمٌ لم يستمر تحقيقه طويلا. بعد سبع سنين وجدت في إحدى مكتبات الكتب المستعملة الرواية بأجزائها السبع. اشتريتها كي أبر بوعدي بعد أن تعلمت الانجليزية بطريقة معقولة. استغرقت مني قراءة الجزء الأول الموسوم بطريق سوان شهرين كي أنجزه قراءةَ مع ترجمة أجزاء منه. اقتنيت الترجمة العربية للمترجم السوري ألياس بديوي، وترجمة أخرى لحلمي مراد ورمزي لوقا. باشرت بقراءة الجزء الثاني وعنوانه في ظلال ربيع الفتيات: ثم طريق غيرمانت... حتى الزمن المستعاد الذي أنجز مع الجزء السادس بعد موت الكاتب.
عملٌ استعرق كل حياة الكاتب وهو ما ذكرني بقصيدة عدي بن الرقاع في قصيدته الشهير" قصيدة بتُّ أجمع بينها/حتى أقوّم ميلها وسنادها". رواية جعلت الكاتب دي بوتون يكتب كتابا عنوانه " كيف يغيّر بروست حياتك". تعلمت من بروست إطالة النظر في كل جملة. قرأت عنه طويلا وكيف كان يجلس في غرفته لا يغادر الفراش جاعلا منه مكتبته مرمية عليه شتى الكتب. كان مريضا بالربو جعله يغلف جدران غرفته بالفلين كي لا يمسه غبار.
يبدأ الجزء الأول وهو طريق سوان بعبارة" كثيرا ما آويت إلى فراشي في ساعة مبكرة، وحالما أطفئ شمعتي كانت عيناي تغتمضان بسرعة لا تدع لي وقتا أقول فيه أنني أنام، ثم توقظمي فكرة أخرى....". وهي كتابة جلبت استنكار الأديب العظيم أندريه جيد... رواية بروست أعظم إنجاز روائي على مر العصور فيها كل الفنون من رسم وفن ونحت وموسيقى في رواية أطول من الحرب والسلام بمرتين. خلق بروست الواقع الروائي من خلال استرجاعات الذاكرة. جوهر الرواية عبارة" أن مارسيل يريد أن يصبح كاتبا" . رواية تسير أحداثها بشكل أفعواني في تركيبات استطرادية. فهو، على سبيل المثال، حين يضع قدمه على طريق ساحة ما يتذكر بلاطة شبيهة سبق أن وطأها في ساحة القديس مرقس في البندقية، فيبدأ باسترجاع زمن لم يفارق ذاكرته. جمع في روايته كل ما عنّ لذاكرته فكان يقول: لا تكتب ما تعرف بل ما تتذكر. هكذا كان يعيش في مكان ويتذكر مكانا آخر، ما يعني أن كان يعيش في كل مكان. مثلا هو لا يتذكر جدته من خلال عيش طويل، بل من خلال انحناءاتها لربط حذائها. طريقته في الكتابة أوردها على لسان سوان الذي حلّل طريقة كذب زوجته أوديت حين تكذب عليه بإيراد واقعة قسم منها صحيح ولكنها تعشّقها بكذبة تريد تمريرها عليه، مفردة لها مكانا كي توهمه أنها حقيقة عن طريق لصق حقيقة لا تتداخل مع " حقائق" كاذبة.
في ربيع عام 1922 استدعى خادمته سيليستا وأراها كلمة النهاية على مخطوطته الأخيرة غير المنتهية، قائلا بإمكاني أن أموت الآن. مات معذّبا من مرض الربو وقد وصل إلى السعادة المزدراة سعادة الإنجاز المضني بعد أن استنزف الربو كل قواه وهو يفكر بالمسيح الذي عاش الآلام وخلد روحه من خلالها في حياة أبدية. طريقته في الكتابة أنه يأخذ حقيقة يشوهها، يفبركها ثم يعيد صياغتها فتبدو الحقيقة المفبركة أشد صدقا. فهو يتكلم في روايته عن بطل أسمه مارسيل ولكنه ليس مارسيل بروست بل مارسيل فبركه خيال مارسيل بروست نفسه. بيته في كومبراي وهو اسم ابتدعه جعل الدولة تغير أسم سكنه الحقيقي من أيليه إلى الأسم الروائي كومبراي. يؤدي بيته إلى طريقين متمايزين أحدهم طريق سوان حيث يسكن سوان. طريق مليئ بزهرة الزعرور البري، وطريق غيرمانت الأرستقراطية التي تعيش في مجتمع مخملي، والمليئ بزنابق الماء، ثم كعكة المادلين الشهيرة التي يحبها وأصبحت الآن تجذب السواح في باريس.
عودة إلى رواية التيس... هي رواية ليست سياسية بل عن الإرادة والقدر. جوهرها شخص بعثته أمه إلى العاصمة كي ينتقم لها من خذلان شاعر مشهور غرّر بها فتهاوت سمعتها واضطرت للزواج من شرطي. مارس الابن مهنة الأم بنظم الشعر وكتابة رسائل للعشاق لكنه تعرض لإهانة مثل أمه جعلته يفقد قريحته. حاول استرجاعها عن طريق طبيب ورجل دين لكنه لم يفلح. قرر الحصول على مهنة تسمح له بالحصول على سلطة كي يسترجع قدراته ويثأر لأمه.... جمع مجموعة من رجال حظهم من الحرمان كحظه. حصل على سلطة وأضاعها حين حاول الزواج وتبنّي ابنة من تزوجها لكن القدر لم يسع لنجدته بل أطاح به. توفيت الأم ولم تشهد نجاحا كان يسعى أن تكون فخورة به. لم يحرز زورق مسيرة حياته أي تقدم فمجداف الشعر والأدب والحب تحطم وحطّم كليهما.
الأن ستعرض لي رواية ثانية أسمها رحلة الطائر القادم من أرض السموم. لست طامعا بكسب رزق منها. لأنها ستخضع لنفس قوانين الإهمال، ربما يجد البعض تسلية في النظر إلى الغلاف. اعتبره عملا خيريا انتفع منه ناشرٌ وناظرٌ يتسلّى.



#رياض_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع المحمدين
- دعنا نغني وراء شعبان عبد الرحيم
- إلى وائل الدحدوح
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السابع
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء السادس
- لم يهتم بأمرهم أحد الجزء الخامس
- لم يهتم بأمرهما أحد الجزء الرابع
- لم يهتم بأمرهما أحد الدزء الثالث
- لم يهتم بأمرها أحد الجزء الثاني
- لم يهتم بأمرهما أحد
- يوم أُصبت بالحمى
- حول الحرب بين روسيا وأوكانيا
- مقتل الشاعر
- النخب الإسلامية
- ضحك كالبكا الجزء الثاني
- عراق الجهل بين السخرية والهزل
- القديس مارادونا شهيدا
- ضحكٌ كالبكا
- لديّ ما أتحدث به
- ألله يحب عباده العلماء


المزيد.....




- هل يستطيع البشر إنشاء جُزُر جديدة في أكثر دولة انخفاضًا في ا ...
- وفاة المتهم بحرق العداءة الأوغندية ريبيكا تشيبتيجي بعد إصابت ...
- بوتين سيدلي ببيان في إطار مناورات Ocean-2024
- الجامعة العربية: المجتمع الدولي عجز عن وقف -البلطجة- الاسرائ ...
- لوكسمبورغ: لا جدوى من عقد أي مؤتمرات سلام من دون روسيا
- سفن أسطولي البلطيق وقزوين تنتشر لتنفيذ مهامها ضمن مناورات -O ...
- الصحة بغزة: أكثر من 41 ألف قتيل منذ 7 أكتوبر
- -موعد مفصلي بعمر الحرب-.. تقرير: نتنياهو يعد الأيام لعودة تر ...
- بيسكوف: نظام كييف يفضح جوهره الحقيقي بقصفه المناطق السكنية
- بولندا تعيد التفكير بشأن -هيمارس-


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رياض رمزي - مع المحمدين