|
نسيم خطاطبة ديوان سديم الحياة
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 8096 - 2024 / 9 / 10 - 02:38
المحور:
الادب والفن
منذ بداية القرن الماضي والأدب الفلسطيني يواكب الأحداث، من هنا نجد العديد من الأحداث والوقائع حاضرة في القصائد، القصص، الروايات، أو المذكرات، وهذا يشير إلى انتماء الأدباء لقضيتهم الوطنية، لكن هذا التناول لا يعني (إهمال) الجانب الشخصي للأديب/للشاعر، فهناك هموم/قضايا/مشاعر شخصية يتناولها الأديب، في ديوان "سدوم الحياة" نجد كل شيء فيه، الهموم والمشاعر الشخصية والمتمثلة بالحب، بالمرأة، وعلاقة الشاعر بالقصيدة، بالكتابة وكيف يتعامل معها، ونجد حضور الطبيعة، إضافة إلى القضايا والهموم الوطنية الفلسطينية والعربية، في الديوان نجد ما هو شخصي، وما هو وطني وقومي وديني، فالشاعر من خلال هذا التنوع والتعدد يريد الإشارة إلى فلسطينيته وما يعانيه تحت نير الاحتلال، وأيضا إنسانيته وحقه في الحياة السوية/العادية. الكتابة سنحاول التوقف قليلا عند ما جاء في الديوان، ونبدأ من الأداة الأهم بالنسبة للشاعر، فبها يوصل ما يريد طرحه، وبها يكون شاعرا، لهذا نجده يستحضر الكتابة في أكثر من قصيدة، منها ما جاء في "مولد جديد" التي جاء فيها: هذه حروفي فاقرأ القوافي ترى في كل حرف ما تريد وكتابي لكل وقت زمان يتبدى كمولد باسم جديد" ص10. اللافت في هاذين البيتين أنهما يلخصان ما جاء في المقدمة، فهناك مجموعة قضايا يطرحها الشاعر في الديوان، وبما أن فيها الهموم الوطنية وهذا يجعلها تخترق الزمن والمكان، ليطلع عليها الآخرين، إن كانوا في فلسطين أو خارجها، أو كان في هذا الزمن أو في المستقبل. ونلاحظ أن الشاعر يستخدم مجموعة ألفاظ لها علاقة بالكتابة: "حروفي/حرف، فاقرأ، كتابي" وهذا ما يجعل الفكرة تصل إلى المتلقي من خلال المعنى العام للقصيدة وأيضا من خلال الألفاظ المستخدمة. وفي قصيدة "تبيان المشاعر" يؤكد الشاعر انتماءه لرفاقه الشعراء من خلال قوله: "يا صفوة البيان والتبيان أنا فيكم الأخ والخلان الشعر يسعف في فحواه عبر وعبير معتق بإحسان" ص113. نلاحظ تماهي الشاعر في ما يكتبه من خلال: "البيان والتبيان، وبين الأخ والخلان" فمن خلال البيان والتبيان، أكد انتمائه للأدب/ للشعر، وفي الأخ والخلان أكد اجتماعيته ووجوده ضمن أسرة متآلفة ومتحابة، وهذا ما يجعل صورة الشاعر مثالية إن كانت على صعيد الأدب أم على صعيد العلاقات الاجتماعية. المرأة المرأة أحد أهم عناصر الفرح التي يلجأ إليها الشعراء، فهي من تمنحهم الفرح المطلق الذي يتمثل في "الكتابة، الطبيعة، التمرد، في قصيدة "شذرات محب" نجد أثر حضور المرأة على الشعر، بحيث أصبح يحلق في فضاء رحب، متحررا من الواقع، مما جعل القصيدة مطلقة البياض، يجتمع المضمون واللفظ لخدمة المعنى: "مهما كتبت القوافي لها اسما تعجر الأقلام وصفا بها ورقا تسير على الأرض وثاقا في النفس كأنها شمسا فالصبح عليل مع نسائمها وصوت الطير عذبا مبهجا" ص64. فكرة المقطع متعلقة بالأثر الإيجابي الذي تتركه المرأة/الحبية على الشاعر، وهذا واضح من خلال مضمون الأبيات، لكننا نلاحظ وجود ألفاظ متعلق ببقية عناصر الفرح، الكتابة التي نجدها في: "كتبت، القوافي، الأقلام" ونجد كذلك الطبيعة: "الأرض، شمسا، فالصبح، نسائمها، الطير" ونجد التمرد/الثورة حاضرة من خلال قوة وأثر المرأة على الطبيعة، فأمست شمسا يلغي وجود الشمس الحقيقية. من هنا يمكننا فهم وجود العديد من القصائد المتعلقة بالمرأة، بالحبية، فهي من سهلت وأوجدت البياض، الفرح في الديوان. الصور الشعرية أهمية الأدب لا تكمن في الأفكار/المضمون الذي يحمله فحسب، بل في الشكل الذي جاءت به، لهذا لا يمكن أن يكون للشعر أثر على المتلقي دون وجود صور شعرية، وما الصورة السابقة التي شبهة حضور الحبية بالشمس إلا صورة من تلك الصور’ في قصيدة "أصحاب الأرض" يعطنا الشاعر صورة رائعة عن فلسطين وأهلها: "أخبر الزيتون أن ينيرا يوقد بدمنا قنديلا" ص197. فالشاعر هنا اختزل حالة الفلسطيني وفلسطين من خلال "الزيتون" وأكد البعد الوطني والقومي والديني من خلال "يوقد بدمنا قنديلا" فكل من يقرأ هذا البيت سيُقاد إلى فلسطين وشعبها، واللافت في هذا البيت أنه يلبي رغبات كل المتلقين، إن كانوا فلسطينيين، أو عرب أو مسلمين، فكل من يقرأ هذا البيت يجد فيه شيئا من رؤيته/أفكاره عن فلسطين وشعبها. غزة وطوفان الأقصى قلنا في المقدمة إن الأدب الفلسطيني يواكب الأحداث، من هنا نجد الشاعر يتحدث في أكثر من قصيدة عن غزة، وما أحدثه "طوفان الأقصى" في زعزعة للدولة الاحتلال، فلم يعد الكيان هو القوى، وأمسى مجرد كيان هزيل/ ضعيف، يمكن خلعه إذا ما وجدت الإرادة والقوة، يقول في قصيدة: "طوفان الأقصى": طوفان يغرق العصيان وغزة المجد رجال شجعان يحيلون ساحات الوغى دخان وعبير المعارك يكسر القضبان اليوم نغزوهم يا غزة العدنان ونقلب الآفاق عليهم والميزان جحافل الزحف تجتاح الجدران وتقتحم مغتصبات وتدق الخزان سبعة أكتوبر عصي النسيان تاريخ لا زيف فيه ولا هذيان" ص126و127. نجد في هذه الأبيات حقيقة موضوعية عما أحدثه "طوفان الأقصى" في الفكر والمسلمات المتعلقة بدولة الاحتلال، فلأول مرة بعد حرب تشرين عام 1973 يتم الهجوم على دولة الاحتلال، ولأول مرة يقوم الفلسطيني بالهجوم، فكان دائما يقاوم/يدافع، يصد المحتل، لكنه في طوفان الأقصى كان المبادر للهجوم، وفعلا أحدث هزة ليس في دولة الاحتلال فحسب، في المنطقة العربية وفي العالم. واللافت فيما جاء به الشاعر أن يقربنا من طرح غسان كنفاني وضرورة (دق الجدران)، وهذا ما جعل المقطع يأخذ بعدا واقعيا بعد أن كان رمزيا، بمعنى أن طوفان الأقصى هو التطبيق الحقيقي لما طرحه كنفاني في رواية " رجال في الشمس" تنوع اللغة في الديوان نلاحظ أن الشاعر يستخدم بعض الآيات القرآنية في بعض القصائد، وأيضا يستخدم اللهجة المحكية، وهذا ما يجعل الديوان قريب من المتلقي، فالعديد من المتلقين يستمتعون بالشعر الشعبي، يقول في قصيدة "آلام الوغى": "يما وهي صغارنا تحت ردم دارنا يما ماحلى الشاهدة بين أدين جارنا" ص190. تنوع أشكال القصائد هناك قصائد قدمها الشاعر تقرأ قراءة أفقية/عادية، وقراءة عمودية، وأعتقد أن مثل هذه القصائد تحتاج إلى وقفة وتأمل من القارئ، لكي يتم الحكم عليها. الديوان من منشورات مكتبة دار الإعلام للنشر والتوزيع، نابلس، فلسطين، الطبعة الأولى 2023.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تألق اللغة وأهمية المضمون في -ذكريات الزمن الآتي- كميل أبو ح
...
-
قسوة المرأة في قصيدة -كيف أنسى- لقمان شطناوي
-
الواقع الثقافي في كتاب -فتنة الحاسّة السادسة- تأمّلات حول ال
...
-
المكان والمجتمع في المجموعة القصصية -ديكور شخصي
-
أثر الحرب في مجموعة -قمر 14- أصيل عبد السلام سلامة
-
المرأة والمجتمع الذكوري في رواية -غربة- فوزي نجاجرة
-
الأم في كتاب -مدللة، أنا فقير وبدي أصير- أبو علاء منصور
-
الشاعر والقصة في -أم ثكلى- علي البتيري
-
السيرة في -للقضبان رواية أيضا- حسين حلمي شاكر
-
الشعرية والمباشرة في قصيدة -الأفول- مأمون حسن
-
لفلسطيني والمكان في رواية -اليركون- للكاتبة صفاء أبو خضرة:
-
أثر المرأة في -أريد أن أقتل الحزن- جواد العقاد
-
على هامش ملتقى فلسطين السابع للرواية العربية
-
قسوة الشخصيات والأحداث، وفنية التقديم في رواية -ثنائي القطب-
...
-
البعد الملحمة في كتاب -أشباح ديرتنا- هاشم غرايبة
-
التداخل والتشابك في قصيدة -أكذب- مهدي نصير
-
المكان وانسياح الشخصيات في رواية -ما لا نبوح به- ساندرا سراج
-
الفلسطيني والاحتلال في مجموعة -على جسر النهر الحزين- محمد عل
...
-
رواية ذاكرة في الحَجْر تفضح أنظمة الاستبداد كوثر الزين
-
المثقف في رواية -موسم الهجرة إلى الشمال- الطيب صالح
المزيد.....
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
-
-مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية
...
-
NOOR PLAY .. المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقه 171 مترجمة HD
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
بجودة HD مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بالعربي علي قص
...
-
حالا استقبل تردد قناة روتانا سينما Rotana Cinema الجديد 2024
...
-
ممثل أميركي يرفض كوب -ستاربكس- على المسرح ويدعو إلى المقاطعة
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|