أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري . - مقامة قربانك نجلاء .














المزيد.....

مقامة قربانك نجلاء .


صباح حزمي الزهيري .

الحوار المتمدن-العدد: 8095 - 2024 / 9 / 9 - 10:47
المحور: الادب والفن
    


مقامة قربانك نجلاء :

يقول سعد البزاز أثبَتت نجلاء أنها رمزٌ لثباتِ المرأةِ العراقية ورسوخُ إرادتِها , وبرهنت أن العراقية َ عندما تحصلُ على حريتِها تستطيعُ صنعَ المعجزات , وإن فوزهاَ بذهبيةِ بارالمبياد باريس يُعد نوعاً من الإعجاز, فقد تفوقت على ذاتِها في لحظةِ تفوقِها على الجميع , وخاطبها بالقول , ((أنتِ من يصنعُ الفرحَ من الألم في حين يُبدِدُ سِواكِ ما بين يديهِ من مظاهرِ البهجةِ والسرور)) . ومنحها أعلى نوعٍ من قلادةِ الإبداعِ الذهبية مع إستحقاقِها المالي وإمتيازاتِها المعنوية.

من فرط المجاز تحاصرك الكلمات بأفعال مقطوعة , ومن فرط الألم تعتلي بطولة ضفة السماء , وتعلم ان واجبا يسكنك ويتصاعد منك , ومن فرط الحنين لا تهرب الى خيالات ادمنت عقول السلف , ونراك خفيفا قويا تعرف اكثر ما ينبغي , وكأنك قربان يحاصر الاعداء , وبقلب متهدج , يسمح لي محمود درويش أن احور قصيدته قليلا وأقول :
((وأقسم : من رموش العين سوف اخيط لك يا نجلاء منديلا
وأنقش فوقه شعرا لعينيك..
و حين اسقيه فؤادا ذاب ترتيلا
يمد عرائش الأيك
سأكتب جملة اغلى من الشهداء والقبل : منتصر بك العراق ولم يزل)) .

كتب الأعلام الفرنسي والأوروبي مانشيتا يقول : ((على يد فتاة في الـ16 من العمر, إنجاز غير مسبوق للعراق في بارالمبياد باريس , حيث حصدت نجلاء عماد أول ميدالية ذهبية بارالمبية للعراق )) , في الثالثة من عمرها , فقدت نجلاء ساقيها وذراعها في 19 أبريل/نيسان 2008 , إثر تفجير عبوة ناسفة كانت تستهدف سيارة والدها العسكري المتقاعد , يتباهى الأب بعنق مشرأب بالفخر : (( نجلاء صمدت وتحدّت نفسها والعالم)) , هكذا تشكلت الحُرُوفُ المُقدَّسة لأسم نجلاء , فكونت الرُوح والجَسَدَ , وفي أزمنةِ الضّيقِ , كانت بردًا و كُانت سلامًا.

يقول المثل (يد واحدة لا تصفق ) , وتجيب نجلاء إن يدا واحدة يُمكنها أن تصفق ليس فقط بطريقة واحدة بل بثلاث طرق على أقل تقدير, وهي لم تقبل بتعريف التصفيق بأنه الصوت الصادر عن ضرب كف بكف , و اثبتت ان يدًا واحدة بإمكانها أن تصفق وتصفق وتصفق , فعندما ثقبُوا الناي بَاغَتَهُم بأنغامِ الحُريَّة , وفي عالَمٍ مُكتَظٍّ بالأقنعة , كان وجهُكَ يا نجلاء هو الاستثناء.

كانَت تركضُ نحوك ياوطن بسرعةِ عَدَّاءِ المسافات ِالطَّويلة, وكان العراق عندَ خَطِّ النِّهايةِ متأهبا بإكليلِ غارٍ كمن ينتظرُ نبيًّا بلهفةٍ , وحين سألوها : لمَ تطوفينَ حولَ نفسِكِ؟ قالت : لأنَّ العراق سكنَ قلبي , وقلبي معبدي , وتقول للصحافة (( ربّما أنتَ لا تعرفُ أنّني ابنة النّيران الإلهيّة الأولى , ابنة الشّمعة والقنديل , وابنة اللّيالي البِيض لوطن جريح , من أجله لا أنامُ ولا أغفو )) .

وفي أختزال ألأماني يغدو العراق مبتسما فوق وجنتيْك , وتتحرّكُ عيون الأرض كلّها فوق جبينك , إنّك وجه يرى بأكثر من عيْنيْن ويتكلّمُ بأكثر من فَم , وأنا لا أستطيع النّظر إليكَ طويلاً , يصيبني دوار عنيف وتتسارعُ نبضات قلبي , ليس إعجاباً وإنّما من الجلال والرّهبة , فهل هذا وجهُ الخَلْقِ أم وجه القُدرة يا نجلائي؟ هل هذا وجه الإرادة , أم وجهُ المشيئة ؟ دلّيني , فوجهك ليلة الأنتصار حيّرني كثيراً , وأنت تطلين على العراق , ويتحدّثون عنك بأكثر من لسان فلا أفهَم , وتنظُرين بأكثر من عينيْن فتتسع الآفاق .

يد واحدة لا تصفِّق , لكنها قد تُشير إلى الطريق , سبّابتها دلالةٌ أو ضَلالة , يد واحدة لا تصفِّق , يمكن لها المصافحة , يد واحدة لا تُصفِّق , يُمكن لها اطعام جائع , يد واحدة لا تُصفِّق , يُمكن لها أن تُمَدّ فينهضُ كريمٌ تعثَّر , يد واحدة لا تُصفِّق , لكنها قادرة على الامساك بقلم , لا تُصفِّق , و يمكنها الرسم , يد واحدة لا تُصفِّق , و تمسح دمعة أو حبّات عَرَق جبين , يد واحدة لا تُصفِّق , تحمل سيفاً , و ترفعُ رايةً , يد واحدة لا تُصفِّق , لكنها تلوِّح رافضةً , تمتلك الـ " لا " كاملة العنفوان , يد واحدة لا تُصفِّق , تُربِّت على كتفٍ مواسيةً , و تقدّم التحيّة , و بحركة من الإبهام تمنح التأييد و الموافقة , يد واحدة لا تُصفِّق , تبصم , تَهِبُ الدنيا امضاءً لا يتكرر , لا تُصفّق , لكنها تفتح باباً , تُغلق باباً , يد واحدة لا تُصفِّق , لكنها تحصد أول ميدالية ذهبية بارالمبية للعراق .

يا ضارِبَ العود اطوي الصمتَ وانطلق , نجلاء بعقوبة جلبت مجدا للعراق.



#صباح_حزمي_الزهيري_. (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة حلم بمدن فاضلة .
- مقامة السعادة .
- مقامة أبا بيدر .
- مقامة التناقضات .


المزيد.....




- الأمين العام المساعد للتعاون الإسلامي: السياحة التاريخية بوا ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- موسى زينل أحد أوائل مؤسسي المسرح القطري
- عبد العزيز جاسم.. -بوسعود- أيقونة المسرح القطري
- في فيلم -بيتلجوس بيتلجوس-.. بيرتون يعيد دمج الكوميديا السودا ...


المزيد.....

- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري . - مقامة قربانك نجلاء .