أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - ما يخفيه الله عنا. رواية أنور رحماني وحيدًا في مواجهة التماسيح.















المزيد.....

ما يخفيه الله عنا. رواية أنور رحماني وحيدًا في مواجهة التماسيح.


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


تنويه:
لا أستعرض في هذا المقال الرواية وأدبيات كتابتها، إنما يلفت انتباهي قضية أكبر وراء مثل هذه الكتابات الجريئة التي تُدخل أصحابها إلى نفق قديم/ معاصر لن يفلت منه إلا من سلم نفسه طواعية للتماسيح التي رصدها رحماني في روايته الخيالية، بكل ما تحمله من إسقاطات على عالم الديكتاتورية بشقيها السياسي أو الديني.

توطئة ضرورية:
١ خلال سفري للبرازيل (2016/2020) قرأت عن هجمة ممنهجة ضد الكاتب أحمد ناجي، بدأت في 2016، وانتهت بسجنه، ووقتها شعرت بالتهديد لكل كاتب.
٢ في العام 2017 وفي معرض الكتاب بمدينة الإسكندرية وقبيل توقيع روايتي الجديدة يومها (عصافرة قبلي)، كنتُ في مقر دار النشر، وفجأة وجدتُ أحد رواد المعرض ممسكًا بنسخة من الرواية، وبدأ السؤال في تشنج عجيب عن كيف تسمح دار النشر بهذا الكلام؟!! مشيرًا إلى مقطع من متن الرواية على لسان البطل يقول: "لو كان الله موجودا يا شوق..."، وانتفخ وهدد وطلب معرفة الروائي ليوقفه عند حده. وقتها لأول مرة شعرتُ بالخوف مما أكتبه.
٣ في العام 2022، كنت أنشر مجموعة نصوص لقصيدة نثر، منها نص يقول في مفتتحه: "في المرة التي سأكون فيها أنا الله..."، وانهالت الرسائل تصلني، والتعليقات التي تتهمني بالإساءة، حتى أن أحدهم نهرني بقوله (تأدب مع الله)، وقتها شعرت بالرعب لأول مرة في حياتي، وأدركت قيمة الكلمة.
هذه المواقف الثلاثة، يمكنك جمعها معًا والانطلاق منها بتوازيات أشد صلفًا مما حدث معي، اعتبارًا من العام 2017 الذي صدرت فيه رواية "ما يخفيه الله عنا"، للموهوب الروائي والناشط الحقوقي الجزائري أنور رحماني. لم تقعد الدنيا بعد أن قامت بسبب هذه الرواية الخيالية تمامًا بكل عناصرها الروائية، حتى ولو كانت إسقاطًا على واقع سياسي وديني مقهور. هاجت الدنيا في الجزائر الواسعة وبعض جوارها بسبب رواية كتبها شاب لم يكن تجاوز الخامسة والعشرين من عمره وقتها.

ولأن الهدم أيسر من البناء:
هل يمكنك أن تتخيل الأمر؟ نظام سياسي، ونظام ديني عتيد، لم يحتملا النقد والإسقاط في رواية مجازية فيها يهب العباد أبناءهم للتماسيح قربانا ورهبة؟! لا تصدق؟! صدق ذلك جيدًا واضحك معي، إذ يمكن أن تسأل من يجب عليه الخوف؟ أنظمة سياسية ديكتاتورية تحكم الشعوب بالحديد والنار؟ وإلى جانبها سلطات دينية قررت أن تكون ظلَّ الإله على الأرض؟ ربما الأحرى أن يخاف رحماني؟ بالفعل خاف كما خفت أنا قبله، وكما خاف عشرات الذين يكتبون ولا يرضى عنهم الجالسون خلف كراسي السلطة السياسية أو الدينية.
يبدو طبيعيًا أن الهدم أيسر من البناء، وهو ما فعله أنور رحماني الشاب قي هرمين عتيقين، ليس في الجزائر وحدها، بل في كل العالم المحكوم والمصروع بسلطة الجنرالات والشيوخ أصحاب العمائم. شاب لم يكمل عقده الثالث تخشى دولة مثل الجزائر أن تنتشر روايته، بل يتم تجييش الأطناب والأزلام في الصحافة والإعلام ضد شاب يخرج إلى الحياة مهمومًا بسؤال الحرية، مهمومًا بأسئلة طالت عقل النبلاء في منطقتنا، ودفعوا ثمنها باهظًا. هكذا؛ عرى رحماني صغير السن أسرى وعبيد "الاستكهولم" الذي دافعوا عن جلاديهم أصحاب سلطة السياسة أو الدين، وبديلاً عن الانحياز إلى إسقاطات رحماني صار ملاحقًا من الجميع. صغروا أمام خيال الشاب، بينما كبر الشاب وأنضجته التجربة.
كتب علينا أن نولد ونحيا ونصرع ونموت في منطقة تعادي الخيال، لأنه أبو الفكرة، والأفكار وحدها هي أكثر ما يقض مضجع الديكتاتور والأنظمة الفاسدة، فهم يدركون أن الفكر وسلاحه الكلمة، أمضى من الرصاص والدسائس. كان على أنور رحماني الشاب الجزائري أن يواجه وحيدًا هذا الهجوم، لمجرد خياله الخصب، لمجرد حاجته إلى طرح سؤاله حول العالم الذي يعيشه ويعيش بقوانينه وأحكامه، وكان عليه حين دفع ضريبة موهبته أن يدفعها ومعه أهله، فيتقرر خروجه من بلده التي يحب، وينتزع من حضن أسرته، ويذهب إلى ما شاء الله أن يكون في أرض الله الواسعة التي تؤمن أن قوتها في إنسان أرضها ودعمه لا هزيمته وتخويفه.

لماذا ألوم أنور رحماني؟
يقع لوم وحيد على رحماني، أنه كان طيب النوايا ونسى تاريخ هذه المنطقة المقبض والموحش والملون بلون الدم مع كل اختلاف أو محاولة لرمي حجر في بركة مائه الآسنة، لكنه في الحقيقة نسى كما ننسى جميعا القهر والظلم وغياب العدالة في مجتمعاتنا هناك، ودفع وحده بنفسه كما في روايته إلى تماسيح النظام وسدنة معبد الدين المقدس، فنهشوه وقطعوه ونالوا منه كل منال. نسى رحماني كما ننسى جميعا قول الشاعر: "كفنوه وادفنوه هوة اللحد العميق، هو شعب لا يفيق". سيكون اللوم الحقيقي إن استسلم رحماني، وقرر فجأة تحت وطأة كل الضغوط أن يُسلم روحه وكتابته على مذبح هؤلاء التماسيح.
مفارقة حول الرواية:
ما يخفيه الله عنا، رواية مثيرة وغنية بخيال خصب رغم بعض الملاحظات الكتابية التي يمكن التغاضي عنها أمام جرأة الطرح وقوة الحجة التي يقدمها خيال أنور رحماني في تلك الرواية التي فازت بالمنع في الجزائر، لكنها حققت أعلى المبيعات في العام ذاته في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2017، حسب تصريحات ناشرها دار أطلس وكما نوهت يومها جريدة الأهرام المصرية.
يمكنك قراءة الرواية، وأن تمنح خيالك مساحة أرحب من عقول جلادي رحماني، ممن ظنوا أن سلطتهم السياسية أو الدينية باقية. سيصرعهم التاريخ ويتعفنون وينسون، وسيبقى خيال رواية رحماني وتماسيحها بنفس القوة ونفس الشراسة ما دام هناك من يقدر الموهبة ويعظم الخيال، إذ يبدو أن النظام المانع للرواية نسى أن سوط الجلاد وسيفه أبدًا لا يعيش مثلما يعيش إبداع الموهوبين وكلمتهم، ولم يدركوا كما قال عبد الرحمن الشرقاوي "الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور". نعم سؤال الحرية وكلمته نور لمن يفهم وقبر حتمي لمن يمنع ويُصادر.

نفق الحريات المظلم:
لا يقف رحماني وحده في نفق الحريات المظلم في عالمنا العربي، إنما يقف إلى جواره كثيرون، ممن عانوا ويعانون وسيعانون من دكتاتورية السلطة بكل تجلياتها السياسية والدينية والعرقية، ولن يكون الأول الذي قدم نفسه رغمًا أو طواعية إلى تماسيح النظام، كما لن يكون الأخير. سيستمر رحماني وكل كتاب الخيال الحرّ في نفس النفق، منهم من قضى ومنهم من ينتظر، ولن تكفَّ الكتابة عن قضِّ مضاجع التماسيح وكهنة معابدها المقدسة، كما لن ينتهي بين ليلة وضحاها عبيد التماسيح ليصيروا أحرارًا، كما يحلم كل إنسان في قلبه مثقال ذرة من إيمان بالإنسانية والعدل والعدالة والمساواة.

وأخيرًا؛
يبدو أن ما يُخفى، لم يخفه الله عنا، إنما أخفاه هؤلاء التماسيح التي تسمن في زمن الديكتاتوريات، وبفعل حراس معابدها المقدسة التي انتزعت الحق الإلهي للحديث باسم السماء على مرّ العصور، ليتم إخفاء ما يريده الله عنا، من حق في العيش والحرية والعدالة، وقبلها حق السؤال. وهو ما فعله أنور رحماني بكل بساطة وبراءة.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورطة ابن الشمس. قراءة سريعة لرواية رانيا مأمون.
- عصر المحبة الجديد
- المخبر
- في مديح طائر اللقلق
- سفينة نوح -نصّ بالعامية المصرية-
- ساندويتش كومبو
- إبراهيم
- أنا
- الأديب الذري الجائل -أديب القرية نموذجًا-
- قاهرة إنشراح التي هزمت ناصر
- المخبرون
- نوح
- بين أفخاذهن
- عربي 96
- الجنة
- رسالة إلى وزارة الأوقاف المصرية والأزهر.
- مصلوب
- عرفتُ
- حضرة الHR
- الصحاب يا رب.. نص بالعامية المصرية


المزيد.....




- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- موسى زينل أحد أوائل مؤسسي المسرح القطري
- عبد العزيز جاسم.. -بوسعود- أيقونة المسرح القطري
- في فيلم -بيتلجوس بيتلجوس-.. بيرتون يعيد دمج الكوميديا السودا ...
- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...
- “استقبل واضبط” .. تردد قناة بين سبورت على القمر الصناعي نايل ...
- فيلم وثائقي يتضمن فيديوهات غير مسبوقة ضد نتنياهو...ما قصته؟ ...
- قناة الأطفال المميزة.. نزل قناة إم بي سي 3 وتابع أفلام الكرت ...
- تابع أفلام العرض الأول .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 2024 ...


المزيد.....

- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - ما يخفيه الله عنا. رواية أنور رحماني وحيدًا في مواجهة التماسيح.