أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال جمال بك - وجه الخير و كلاشات ديرية














المزيد.....


وجه الخير و كلاشات ديرية


كمال جمال بك
شاعر وإعلامي

(Kamal Gamal Beg)


الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


"كد يا أبو كلاش تا يشبع أبو جزمة" وجزمة الظالم المترف كحذاء عالي الساق، غير جزمة العامل أو الفلاح البلاستيكية التي يشقى بها. وأما الكلاش الديري فهو حذاء صيفي فراتي، مصنوع يدوياً من جلد البقر أو الغنم، أو صناعي، وله شكلان، الأول حِجازي مكشوف ومقسوم إلى قسمين، من الأمام على شكل قوس للأصبع الكبير، وفي الوسط مظلة تجمع باقي الأصابع. والثاني الهجَّاني المفتوح من الأمام، ويلم كل أصابع القدم، وأحيانا مع سوار بقفل تحت الكاحل، وهذا النوع كلاشه المبكر الذي نام في أحضانه ورد الطفولة، ورافقه قيظ اللهَّابين تموز وآب على إسفلت ذائب، ورمل حارق، في مدينته البوكمال على كتف الفرات، واو العطف بين سورية والعراق.
مقاعد وطبشور وصفوف لفت ودارت من اللعب بالكلاش مع أولاد الحارة، أو حفاة وكل يتأبط كلاشه. يوازيها طواف في شوارع المدينة وساحتها الفيحة، بائعا متجولا بسطل، أو بترمس للبوظة، أو في معمل للكازوز، أو عامل ليلي في سوق الهال، أوعامل في مطعم، أو لنقل مواد البناء... حدَّ اهتراء نصف الكلاش.
لم يتخل عن صحبته، بل دخلا في سباقات فائزة مع أقرانه، وبعد شرائه كلاشا جديداَ، سأله أبوه عن سرّ تعلّقه واحتفاظه بما يُبقي أصابعه ونصف قدمه الأمامي على الأرض؟ أجابه بابتسامة رضا: إنّه الكلاش الركّيضي.
********** **********
في ماراثون طالت كيلومتراته ثلاثة وعشرين عاما، تعثر الشاب بوظيفته الصحفية في الإذاعة والتلفزيون بدمشق، بمجموعة رديئة من البشر مثل " كِلشِة امقطَعَة"، أكثرها ابتلاء "فردَة مالها اُخُت" كناية عن الإنسان القميئ والسيئ، إلى درجة لاتجد أسوأ منه. لم يبخل بجهد في الكد، وكم من جزمة لم تشبع! واصل الليل بالنهار كي لا يضطر إلى "تكليش" وضيع "ما ينشلح".
وفي نهاية سباق العدو رصد القناصون هناك، كل من يرتدي كلاشاَ ركّيضيّا، فاضطر للنجاة حافي القلب والرئتين!

********** **********
في منتصف الرحلة إلى منفاه السويدي، اشترى مجموعة متنوعة المقاسات والألوان من الأحذية البلاستيكية، وهناك لاحظ أنهم يستخدمونها لأكثر من التجول في البيت، أو لوضوء أمه، فهم يلبسونها ويسيرون بها في الشوارع. ولعلهم يعتقدون بأنها ركيضية ـ حدّثته نفسه ـ ولم يمر بخاطره أبو جزمة.
في مظاهرته الجنونية الثالثة والأخيرة، خرج الغريب أمام باب البناية مرتدياً جزمة من دون جوارب، في جو مثلج، فتح أزرار قميصه، وقبل أن يبدأ المسير، وقف ساعة صمت على أرواح الضحايا. وجدد الطواف في البلدة إلى من يستجير بهم، لنقله إلى المشفى. وهو يردد آيات مؤلفة على هواه.
في المشفى تنقل قرابة الشهر، بالحذاء البلاستيكي المعروف، بين ثلاثة أقسام حتى الترنّح للاستشفاء، واستأذن دكتوره للتخرّج، ليكون مع أمه بعد يومين في العيد، وليسدد الفواتير الشهرية، وليسجل البيت وخدماته باسمها، فهو بيت الحجة، كما يعرفه الجميع، ومن يضمن ألا تدوم حالته، أو تودي به نوبة كهذه الأخطر إلى الموت المبكر.
قبل الخروج تحركت قدماه العاريتان في فراغ مؤلم، فالجزمة من دون حشوة الفراء التي كانت بداخلها:
ـ أريد جرابات.
* أعطوه جرابات ـ قال الدكتور اللبناني للممرضات ـ
ـ أريد أيضا...
تكرر ذلك ثلاث مرات.
بالمصعد هبط إلى الطابق الأرضي، ومن باب المشفى إلى الباص طريق مختصر المسافة، مشاه مرتين يمنة ويسرى بتثاقل سكران، لكأن الجزمة مستعارة من بطريق!



#كمال_جمال_بك (هاشتاغ)       Kamal_Gamal_Beg#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكواز فخار ليست للبيع
- الأميرة سرُّ الحكاية
- راحلة الغريب بلاده
- وجه الخير واستراحة العقل
- وجه الخير في الحقيبة
- يستيقظ صباحاً كعادته
- سُحب بغير قلادة
- أمٌّ واخترناها
- وردات هجرية عابرة للقلوب
- طفل يحبو للسّتين
- وكن لوحدتك الأحضان
- -لاجئ في المشفى- بترجمة فرنسية
- أحداق من زيت الزهر
- -كروموسوم الحُب 21 قيراط-
- وجه الخير وصلاة العائب على الغرقى
- هيَّ لينا.. وضرب السّيف
- مشط لخصلة حُب
- بجماليون المصري لحسام الدين شعبان
- -ظهري أوهى من غيمة- لسعاد الخطيب
- مصادفات البلاي ستيشن


المزيد.....




- العراق ينعى المخرج محمـد شكــري جميــل
- لماذا قد يتطلب فيلم السيرة الذاتية لمايكل جاكسون إعادة التصو ...
- مهرجان -سورفا- في بلغاريا: احتفالات تقليدية تجمع بين الثقافة ...
- الأردن.. عرض فيلم -ضخم- عن الجزائر أثار ضجة كبيرة ومنعت السل ...
- محمد شكري جميل.. أيقونة السينما العراقية يرحل تاركا إرثا خال ...
- إخلاء سبيل المخرج المصري عمر زهران في قضية خيانة
- صيحات استهجان ضد وزيرة الثقافة في مهرجان يوتيبوري السينمائي ...
- جائزة الكتاب العربي تحكّم الأعمال المشاركة بدورتها الثانية
- للكلاب فقط.. عرض سينمائي يستضيف عشرات الحيوانات على مقاعد حم ...
- أغنية روسية تدفع البرلمان الأوروبي للتحرك!


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال جمال بك - وجه الخير و كلاشات ديرية