أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - قراءة في ظالميا: رواية الصراع بين الأمل والخيبة في مجتمعات الهامش للروائي سيف المفتي














المزيد.....

قراءة في ظالميا: رواية الصراع بين الأمل والخيبة في مجتمعات الهامش للروائي سيف المفتي


زكية خيرهم

الحوار المتمدن-العدد: 8093 - 2024 / 9 / 7 - 12:27
المحور: الادب والفن
    


عندما فتحت صفحات رواية "ظالميا" للروائي العراقي المغترب محمد المفتي، لم أكن أتوقع أن أجد نفسي غارقة في عالم يجمع بين الرمزية الاجتماعية والسياسية، وبين سرد غني بالواقعية والحلم. الرواية لم تكن مجرد قصة عن قرية هامشية، بل كانت مرآة لمجتمعات تعاني من أزمات متشابكة تعكس واقعية قاسية. منذ اللحظة الأولى، شعرت بأنني أمام عمل أدبي يتجاوز الحدود الجغرافية ليضعني في مواجهة مع قضايا إنسانية عميقة مثل الظلم، التهميش، والصراع بين الأمل واليأس. تُعتبر "ظالميا" من الأعمال الأدبية التي تتناول مجموعة متنوعة من الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية والدينية المتشابكة. وعلى الرغم من أن الرواية قد تبدو للوهلة الأولى كحكاية محلية تجري أحداثها في قرية صغيرة نائية عن المدن الكبرى، إلا أن الكاتب يستخدم هذا الإطار المحلي لتقديم صورة أوسع عن صراعات إنسانية ذات طابع عالمي. تتجاوز الرواية حدود الجغرافيا المحلية لتسلط الضوء على قضايا مثل الفقر والتهميش والهوية في مجتمعات تتأرجح بين الأمل والخيبة. هذا المنظور الرمزي يعمق فهم الرواية، ويضعها كبنية أدبية معقدة تستحق التحليل والنقد. في رواية "ظالميا"، يُبرز الكاتب معاناة المجتمعات المهمشة التي تكافح من أجل البقاء في ظل ظروف اقتصادية خانقة وتوترات اجتماعية متزايدة. يسرد الكاتب قصة قرية "ظالميا" وسكانها الذين يعيشون تحت وطأة الظلم الاجتماعي والاقتصادي، حيث تعكس الرواية الفجوات الطبقية الشديدة والفقر والبطالة. الشخصيات، رغم سعيها للهروب من واقعها القاسي، تجد نفسها عالقة في دوامة من الأزمات التي لا تنتهي. "ظالميا" تصبح رمزًا شاملًا للظلم الاجتماعي والاقتصادي والديني. فالقرية لا تمثل مجرد مكان جغرافي، بل هي استعارة لكل منطقة أو مجتمع يعاني من الفساد والقهر. هذا الربط بين القرية والواقع العالمي يجعل القارئ يستوعب أبعاد الرواية التي تتجاوز المحلية، لترتبط بأوضاع المجتمعات المهمشة في أي مكان في العالم. في الرواية، يتجسد الأمل في عودة شخصية "أنطوان"، الذي يمثل الحلم بالتحسن الاقتصادي والاجتماعي. إلا أن هذا الأمل سرعان ما يتلاشى، حيث تتحول وعود التغيير إلى خيبة أمل جماعية. الرواية تعرض بوضوح التناقض بين الأمل والخيبة، وتوضح كيف أن الطموحات الكبيرة تصطدم بالواقع القاسي. من خلال هذا التفكك، تعكس الرواية الصراع بين الحلم والواقع، وتطرح تساؤلات حول دور الأمل في حياة الفئات المهمشة. يمثل الصراع الطبقي والديني جزءًا جوهريًا من بنية الرواية. من الناحية الطبقية، نجد الفجوة الكبيرة بين الأثرياء والفقراء واضحة، حيث تسعى الشخصيات الثرية لتعزيز مكانتها، في حين أن الشخصيات الفقيرة تعيش على هامش المجتمع. أما على المستوى الديني، فإن الرواية لا تتجاهل التوترات بين المسلمين والمسيحيين، بل تستخدمها لفضح كيفية استغلال الدين لتعميق الفجوات الاجتماعية. الدين في "ظالميا" يظهر كعامل للتفرقة، وليس للتوحيد، ويستخدم من قبل الشخصيات كذريعة لتبرير العدوان والتمييز، مما يزيد من حدة الصراع. من خلال تناول قضايا الفقر، والصراع الديني، والخيبة الناجمة عن الوعود الاقتصادية والسياسية غير المحققة، يقدم الكاتب صورة واقعية لمجتمعات تعيش تحت ضغط هذه الأزمات. الأدب هنا لا يكتفي بسرد القصص، بل يتخذ دورًا نقديًا، يكشف جذور الأزمات ويمنح القارئ مساحة للتأمل والتفكير في كيفية تجاوز هذه التحديات. شخصية أنطوان تجسد التناقض بين النجاح والفشل. في البداية، ينظر إليه سكان القرية على أنه المخلص الذي سيحقق لهم التغيير، لكنه سرعان ما يتحول إلى رمز للخذلان. هذه الشخصية تُظهر القيود الاجتماعية التي تحول دون تحقيق الطموحات الفردية. أما ماما ليلى، فهي تمثل الانتظار الطويل والتضحيات التي تُبذل دون جدوى، حيث تظل محاصرة بخيبات أمل عائلية وشخصية، ما يعكس الصراع الداخلي بين الواجب العائلي والاحتياجات الفردية. في النهاية الدرامية للرواية، تعود الشخصيات إلى نقطة الصفر، مما يعكس التشاؤم العميق الذي يسيطر على الرواية. بالرغم من كل المحاولات للخروج من دائرة الفقر والظلم، تبقى الشخصيات عالقة في نفس الأزمات. هذه النهاية تعكس فشل المجتمع بأكمله في تجاوز مشاكله، وتوضح أن وعود التغيير كانت مجرد وهم. الرواية تُظهر أن الصراعات الاجتماعية والدينية والاقتصادية ليس لها حل، بل تظل ثابتة، ما يخلق إحساسًا بأن المحاولات للتغيير هي دورات متكررة من الأمل والخيبة. في "ظالميا"، تتجلى القصة المحلية كمرآة تعكس الصراعات الإنسانية العالمية، حيث يتصارع الفرد والمجتمع بين الأمل والخيبة. الرواية تقدم رؤية عميقة عن الصعوبات التي تواجهها المجتمعات المهمشة، وتعكس الصراعات الطبقية والدينية التي تقسم المجتمعات. النهاية الدرامية للرواية تترك القارئ أمام إحساس قاتم بأن الصراع المستمر بلا نهاية، مما يعزز الإحساس بالتشاؤم والعبثية في محاولات تحسين الواقع. رواية "ظالميا" تُعد نموذجًا قويًا للأدب المعاصر، الذي يسلط الضوء على القضايا الإنسانية المعقدة، ويطرح أسئلة حول كيفية مواجهة الفقر والظلم والصراع الاجتماعي. إنها قصة تجمع بين الأمل واليأس، وتحفز القارئ على التفكير في دور الفرد والمجتمع في مواجهة التحديات الإنسانية. أن "ظالمايا" لا تقتصر فقط على تقديم صورة متشائمة للواقع، بل تفتح الباب أمام أسئلة أكبر حول العلاقة بين الفرد والمجتمع، وبين الدين والسلطة، مما يجعلها عملاً أدبيًا يتجاوز حدود السياق المحلي ليعبر عن قضايا إنسانية عالمية.



#زكية_خيرهم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصرار والشجاعة: حكاية جعفر التميمي من بغداد إلى الجائزة ال ...
- الصراع بين الهوية والجماعة: قراءة لرواية -الطلح لا يخطئ القب ...
- مسرح الدولة التي لم تكن: البوليساريو يسجل آخر فصول السخرية
- الهروب إلى اللامكان
- مفاتيح القائد
- تماوج الأرواح
- الزمرد الأخضر
- السياسات الجزائرية بين دعم الانفصال وتعطيل الوحدة المغاربية
- الجزائر: العقبة الكبرى أمام حلم الوحدة المغاربية
- نداء للعالم: إنهاء معاناة سكان مخيمات تندوف
- لألقٍ لا بدّ أن يأتي: قصيدة تعكس وجدان الإنسان في ظل الأزمات ...
- الصراع والهجرة في أدب سيمون سترانجر: نظرة على ثلاثية الشباب
- تكريم البروفسور جعفر عبد المهدي صاحب: رائد الفلسفة السياسية ...
- قراءة في ... مسودن العراق للاديب زهير شليبة
- تأثير المشاركة المغربية في منتدى أوسلو للحرية: دور الدكتور ل ...
- ديناميكيات العوامل النحوية في اللغة العربية: استكشاف البنية ...
- فلسفة العلاقات في شعر الحسين العبويدي: تأملات في الصداقة وال ...
- الجمال الفني والثقافي المغربي يلتقي بالأدب الإنجليزي في -حكم ...
- مذكرات زوج مفكر في بلاد الفايكنغ
- صدى الاغتراب: تأملات في قصيدة أوراق من سيرة تأبَّطَ منْفى لل ...


المزيد.....




- -فخ- فيلم ضل طريقه من الرعب والإثارة إلى الملل
- من التعليم والسينما إلى المواصلات.. بوتين يفتتح عددا من المر ...
- كيف تغيّر مفهوم ومزاج هواة جمع -المقتنيات- بحسب مغني الراب ف ...
- وفاة أشهر فنان تشكيلي مصري.. مصمم أبرز أغلفة الكتب العربية
- -أحد حراس الهوية المصرية-.. وفاة الفنان التشكيلي حلمي التوني ...
- وفاة حلمي التوني أحد أبرز الفنانين التشكيليين المصريين والعر ...
- حواء القمودي: اليوم الرتيب والممل يلهمني كتابة قصيدة
- بحضور نجوم كوريين.. عرض منحوتات الفنان فيليب كولبير الجديدة ...
- انطلاق مبادرة -أُوْل- للمكفوفين برعاية -أبجد-
- وزير الثقافة الإيطالي يستقيل بعد فضيحة مدوية هزت حكومة ميلون ...


المزيد.....

- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
- آليات التجريب في رواية "لو لم أعشقها" عند السيد حافظ / الربيع سعدون - حسان بن الصيد
- رنين المعول رؤى نقدية لافاق متنوعة ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكية خيرهم - قراءة في ظالميا: رواية الصراع بين الأمل والخيبة في مجتمعات الهامش للروائي سيف المفتي