محمد بلمزيان
الحوار المتمدن-العدد: 8092 - 2024 / 9 / 6 - 16:47
المحور:
كتابات ساخرة
تمشي في شارع مليئ بالبشر ذهابا وإيابا، يبدو الكل منشغل بهمومه التي لا تكاد تنتهي، ترى بعضهم في حوار ثنائي وآخرين يتمتمون فيما يشبه حوار داخلي عويص على الحل، تكاد كل الأرصفة غاصة بالكراسي يرتادها زبناء من مختلف الأعمار والألوان، كنت حينذاك أنساق لخطواتي وهي التي كانت توجهني دون تخطيط مسبق، انعرجت فجأة على ما يشبه ساحة تبدو خالية من زوارها المعتادين في اوقات الذروة مساءا، فجأة خطرت ببالي فكرة الجلوس في إحدى المقاهي لارتشاف فنجان قهوة وأخذ قسط من الراحة للإستمتاع بسجارتي المفضلة، فلم يكن لي خيار سوى مقهى نهاية الشارع الطيول قبالة المدارة الطرقية، هناك جلست كانت تصلني موسيقى قديمة يسترقها سمعي من بعيد تنبعث من هناك على ايقاع ترانيم موسقي رواد الطرب الشرقي،وبينما كنت منشغلا بهاتفي قدم النادل بهندامه الأنيق ،وبعد التحية، طبت منه فنجان قهوة سوداء خفيفة بدون سكر كعادتي، بعد الموافقة انطلق كالسهم نحو الداخل وهو يقدم طلبه على الهواء الى الساهر على إعداد الطلبات، بعد هنيهة أحضر فنجان قهوة تنساب منه رائحة بطعم لذيذ، رتشفت رشفة صغيرة على ايقاع رنين هاتفي الخلوي، كان المنادي أحد الأصدقاء القدامى الذين كان لهم فرصة الهجرة الى الخارج إبان ثمانينات القرن الماضي،وبعد لحظات انقطع الخط على إيقاع حركة السيارات الدؤوبة في الشارع المقابل، اين كان أحدهم قاب قوسين أو ادنى ان يكون ضحية حادث سير مميتة، التفتت يساري فالفيت أحدهم يمعن النظر أو القراءة لست أدري في أوراق كثيرة، خلته أنه محامي أو ما شابه لخفة حركته وقلب أوراق ملفه، طيلة المدة التي أمضيتها هناك جالسا على الكرسي لم تتوقف توسلات بعض ممتهني الحرفة القديمة، ولا يمكن أن تميز بين من هو حقيقي أو مزيف، بعد لحظات توجهت الى النادل لتسديد ثمن القهوة، وقفلت راجعا الى إحدى المصحات غير البعيدة عن المكان، وبينما كنت أصعد في درج العمارة كانت تتناهى الى سمعي حشرجة بداخلها، اعتقدت بأن المكان ضاجا بالناس، وقد تأكد لي صحة التخمين، لكن فوجئت بان الطبيب ما زال لم يلتحق بالعمل، رغم أنني كنت من الأوائل المسجلين في لائحة الزوال في ذلك اليوم .
#محمد_بلمزيان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟