|
تهمة الإنفصال تلاحق الأكراد
سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 8091 - 2024 / 9 / 5 - 22:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تهمة "الإنفصال" تلاحق الأكراد مقدمة : المؤرخ البريطاني (تشارلز تريب)،المتخصص بتاريخ العراق السياسي، يقول:" إن الأكراد هم من أصل/عرق فارسي. و القومية الكردية اُُستحدثت أواخر القرن التاسع عشر.." . الموسوعة البريطانية تبين "كيف كان يعيش الأكراد على شكل قبائل بدو رحل في بلاد فارس/ ايران". الحروب والغزوات الإسلامية ساهمت بالتمدد الكردي خارج بلاد فارس والوصول إلى سوريا وبلاد ما بين النهرين/بلاد الآشوريين وأرمينيا،خاصة مع حملات (صلاح الدين الأيوبي) و إبان الحكم العثماني . العثمانيون المسلمون قدموا الدعم العسكري والمادي للقبائل الكردية المسلمة وسهلوا لها الانتشار والتوسع في المناطق الآشورية والأرمنية الخاضعة لسيطرتها في بلاد ما بين النهرين وأرمينيا ، بهدف تقويض الوجود المسيحي. هذه (معلومات موثقة في كتاب سياسة وأقليات في الشرق الأدنى لـ آني - ولورانت شابري)، كذلك في كتاب( ماردين) للباحث الفرنسي( إف ترنون) يتناول فيه (الإبادة الجماعية) لمسيحيي السلطنة العثمانية 1915. الموضوع: ثمة حقيقة سوسيولوجية وهي أن معظم القوميات والأعراق البشرية، كبيرة كانت أم صغيرة، لديها نزعة الإستقلال وإقامة (كيان سياسي) خاص بها يحفظ لها وجودها بين بقية أمم وشعوب العالم . في الدول المحكومة من قبل أنظمة دكتاتورية استبدادية شمولية ما أن تطالب قومية ما بحقوقها ، حتى وإن كانت مطالبها تندرج ضمن حقوق المواطنة الكاملة، تنهال عليها تهم (الانفصال وخيانة الوطن والعمالة للخارج). على خلفية مثل هذه التهم الجاهزة ذبح الجيش العراقي آلاف الآشوريين العزل "مذبحة سميل" صيف 1933 لمجرد مطالبة الآشوريين، وهم سكان العراق الأوائل، بتمثيل سياسي عادل لهم في الدولة العراقية المستحدثة . نظام البعث السوري في عهد الأسدين ( الأب والأبن)، زج بنشطاء من الأحزاب الكردية في السجون وطرد البعض منهم من وظائفهم بتهمة " الإنفصال"، اقتطاع جزء من أراضي الدولة السورية وضمها إلى دولة أخرى. طبعاً، الدولة الأخرى هي "دولة كردية" غير موجودة أصلاً. جدير بالذكر أن أول محاولة لإقامة كيان كردي جرت عام 1949 على الأراضي الإيرانية بدعم من الاتحاد السوفيتي. الدولة الكردية الوليدة "جمهورية مهاباد" لم تدم أكثر من 11 شهر ، حيث تم اجتياحها من قبل الجيش الإيراني وإعدام رئيسها (قاضي محمد) أما رئيس أركان جيشها(الملا مصطفى البرزاني ومعه نحو 500 مسلح ) لجأوا إلى الإتحاد السوفيتي. بسقوط "جمهورية مهاباد"، هرب آلاف الأكراد الإيرانيين إلى المناطق الآشورية في الشمال العراقي، مستغلين ضعف وتراخي السلطة العراقية في هذه المنطقة الجبلية البعيدة عن المركز (بغداد) ،مارسوا شتى أنواع المضايقات والتعديات على الآشوريين بقصد تهجيرهم وإفراغ المنطقة منهم و تكريدها، سموها "كردستان العراق" . الباحث الكردي العراقي المتخصص بتاريخ شعوب الشرق الأوسط من جامعة السوربون الدكتور (عمر ميران) يقول: "المنطقة التي يسمونها، كردستان، كلما ذُكرت أمامي وأنا ابن تلك المنطقة، أشعر بالاشمئزاز لما تحمله هذه التسمية من عنصريه بغيضه…. إنهم يريدون أن يُفهموا العالم بأن الأكراد كانوا أصحاب حضارة وعلم، وكل هذا غير وارد تاريخياً، وليس له أي إثبات علمي. علما أن معالم الحضارة الآشورية، الموجودة في نفس المنطقة، ماتزال قائمة هناك". مع تفجر الأزمة السورية الراهنة عام 2011 وما صاحبها من شعارات وطروحات كردية عالية السقف، غلبت الجانب القومي الكردي على الجانب الوطني السوري والمطالبة بالفدرالية لما يدعيه الأكراد زوراً بـ"كردستان سوريا" واعتبارها جزء من ما تسميه بـ"كردستان الكبرى" وإعلان (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي ما تسمى بـ"الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" وهي أشبه بـ"دويلة كردية" لها (جيش وحدود ومعابر ودستور وعلم واقتصاد ومناهج تعليمية وتربوية وعلاقات دبلوماسية مع الخارج" ،لم يعد توجيه تهمة "الانفصال" للأحزاب الكردية يقتصر على النظام السوري وإنما بدأت تطلقها وترددها بعض أطراف المعارضة والموالاة وقوى سياسية عديدة. السيد( آلدار خليل) عضو (الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD) وعضو الهيئة التنفيذية لـ(حركة المجتمع الديمقراطي)، في حوار مع صحيفة (الرياض) السعودية، يوم 21 آب 2020 ، قال: " لم تؤمن حركتنا في أي يوم من الأيام بالتعصب القومي فنحن أولاً ليس لدينا أي مشروع انفصالي في سوريا..". نفي قادة الأحزاب الكردية وجود نوايا انفصالية لديها و التأكيد على تمسكها بوحدة سوريا لم يعد كافياً لإبعاد تهمة الإنفصال عن الأكراد . أكراد الشمال العراقي ، استغلوا الأزمة العراقية إبان الاحتلال الأمريكي 2003 في جعل العراق (دولة فدرالية) من إقليم عربي وآخر كردي، حين طالبوا بالفدرالية والحكم الذاتي لم يقولوا بأن لديهم (نوايا انفصالية) عن العراق. لكن بعد سنوات من حصولهم على الحكم الذاتي والفدرالية أجروا استفتاءً على الانفصال(ايلول 2017) .. رغم الإختلاف الكبير في الجغرافيا السياسية والتركيبة السكانية بين الشمال العراقي والشمال الشرق السوري ، يعتقد الكثير من السوريين ومن المهتمين بالشأن الكردي ، بأن أكراد سوريا يسعون إلى استنساخ تجربة أشقائهم في العراق. لا خلاف على أن ثمة ضرورة وطنية للتخلص من نظام دكتاتوري، شديد المركزية، يحكم سوريا منذ عقود طويلة، مارس كل أشكال الاستبداد والقمع والاضطهاد والحرمان بحق السوريين، أفقر سكان الجزيرة وهي أغنى المناطق السورية بالثروة النفطية والزراعية والحيوانية. لكن الحاجة الوطنية إلى نظام حكم ديمقراطي علماني لا مركزي لا يعني الذهاب إلى " دولة اتحادية فدرالية" هشة وضعيفة مهددة بالتفكك إلى كيانات ودويلات عرقية وطائفية. فما من (دولة فدرالية / اتحادية) في العالم تسمح للأقاليم بتشكيل جيش وميليشيات خاصة بها.
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نينوس آحو ، الشاعر الآشوري الثائر…
-
آشوريو سوريا ضحايا الفاشية الحاقدة
-
أكراداً يكتبون عن الدور الكردي في الإبادة ( الآشورية - الأرم
...
-
مطارنة حلب المخطوفين .. (القضية المنسية)
-
-عيد النوروز- في حساب العلاقة( الآشورية -الكردية )
-
الأحزاب (السريانية الآشورية) ومسألة الأقليات في سوريا
-
حين توقف الزمن الآشوري فجر 23 شباط 2015
-
الأحزاب الكردية ومسألة الأقليات في سوريا
-
(نوري اسكندر)، موسيقار آشوري سوري عالمي، خذلته حكومة بلاده
-
مسيحيو المشرق في زمن -ثورات الربيع العربي-
-
إضاءة على (حركة التحرر الآشورية) المعاصرة
-
مسيحيو الجزيرة السورية من غير حماية
-
الأبعاد السياسية ل(المحرقة الآشورية) في بغديدا العراقية
-
المعارضة السورية و ( مسألة الأقليات)
-
حول الشأن الكردي
-
ماذا لو لم يعتنق الآشوريون المسيحية ؟؟؟.
-
الأبعاد السياسية ل(مذبحة سميل الاشورية - العراق 7 آب 1933 )
-
سوريا: أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية و (قضية الأقليات)
-
حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم و(مسألة الأقليات في سوريا)
...
-
سوريا و (مسألة الأقليات)
المزيد.....
-
قبل زواجها من ترامب.. تغيّر إطلالة ميلانيا عبر السنوات بذكرى
...
-
قتل طالبة وانتحر.. شاهد لحظات إطلاق نار مميت في كافتيريا مدر
...
-
محاولة اغتيال القذافي.. اللغز الإيطالي الأبدي!
-
بالأرقام، ما حجم الدمار الذي خلفته الحرب في غزة؟
-
فواكه يجب تناولها في الشتاء
-
تقنية ثورية لمكافحة الأمراض قد تثير جدلا أخلاقيا
-
المشي على القمر.. وتحديات جديدة
-
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
-
ماسك يشكك في الإمكانيات المالية لشركة StarGate
-
ابتكار كاميرا خارقة تحاكي خصائص عين الحشرة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|