أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - حرب في الضفة أيضاً بأبعاد أخطر















المزيد.....

حرب في الضفة أيضاً بأبعاد أخطر


سنية الحسيني

الحوار المتمدن-العدد: 8091 - 2024 / 9 / 5 - 16:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


تأتي أحداث الضفة الغربية الأخيرة ضمن سلسة غير منقطعة من تاريخ ممتد من الاعتداء على حق الفلسطينيين، مثقل بالعنف والقتل والتدمير، قائم على روايات ملفقة ومضللة وخادعة، متحصن بدعم ومساندة غربية بريطانية – أميركية مكشوفة. مع انطلاق أكبر عملية عسكرية يشنها الاحتلال ضد الضفة الغربية منذ العام 2002، بدأت منذ يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، سقط فيها خلال أسبوع واحد فقط 33 شهيد فلسطيني، وتخطى عدد الجرحى والمعتقلين المئات، والعدد مؤهل للزيادة كل لحظة. وتركز هذه العملية المتواصلة بشكل أساسي على شمال الضفة الغربية، ومخيماتها، وتنتهج تدميراً واسعاً للبنى التحتية للمدن والقرى والمخيمات. ويدعي الاحتلال أن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، مدعومة من إيران وتنوي شن هجمات على أهداف في المستوطنات المقامة على أرض الفلسطينيين، ولم تقدم كعادتها أي دليل على ذلك. وحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية تعتبر سلطات الاحتلال منطقة الضفة الغربية اليوم منطقة قتال والجبهة الثانية الأكثر أهمية بعد قطاع غزة، وتؤكد نقلاً عن مسؤولين عسكرين إنّ العملية مستمرة وليست سوى البداية. وفي تطور متصل استعرض بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الإثنين الماضي وأثناء تصاعد تلك الأحداث خارطة لفلسطين لم تظهر عليها أي من المدن الفسطينية في الضفة، أو أي إشارة للأراضي الفلسطينية، وظللت خارطة فلسطين كلها بلون مختلف عن اللون الذي ظلل به قطاع غزة والذي لون بنفس لون الظلال المستخدم للأردن. هذه ليست المرة الأولى التي يلغى فيها نتنياهو أي أثر فلسطيني من خارطة فلسطين، فقد فعل ذلك أيضاً أمام دول العالم في افتتاح دورة الجميعة العامة السنوية العام الماضي، قبل أيام من أحداث السابع من أكتوبر، لكنها الأولى التي يرتبط فيها القطاع بالأردن، ويفصله عن الضفة.

تأتي أهمية تلك الخارطة التي رفعها نتنياهو بعد بدء الهجمات الحالية التي يواصل الاحتلال شنها في الضفة الغربية بتقاطعها مع دعوة وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس لإخلاء الضفة الغربية من أهلها، والتعامل معها كغزة باعتبارها "حربًا كاملة الأركان". وفكرة تهجير الفلسطينين عن وطنهم ليست فكرة بعيدة عن أذهان قادة وحكومات الاحتلال، فإسرائيل كيان قام في الأساس بالعنف، والتدمير، والدم، والتهجير، وطالما كانت الأردن جزء من خطة لتهجير الفلسطينيين. وطرحت فكرة التهجير ليس فقط لتهجير الفلسطينيين من الضفة وغزة، بل لتهجيرهم أيضاً من داخل الخط الأخضر، عندما طرحت كخيار في المفاوضات. بعد حرب عام 1967، وضع إيغال آلون، وزير العمل الإسرائيلي خطة تحمل اسمه تقسم من خلالها الضفة بين إسرائيل والأردن. وفي الثمانيات من القرن الماضي، اعتبر آرييل شارون أن الأردن هو فلسطين، كما اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه إسحق شامير أن وطن الفلسطينيين في الأردن. وأرجأت لجنة الخارجيّة والأمن في الكنيست مناقشة موضوع تحت عنوان الأردن هي فلسطين. وتشير المعطيات الأخيرة إلى زيادة عدد الفلسطينيين الكلي في جميع أنحاء فلسطين مقارنة باليهود، وارتفاع نسبة الزيادة السكانية لدى الفلسطينيين مقارنة باليهود، الأمر الذي سيزيد حجم الفجوة بين أعداد الطرفين لصالح الفلسطينيين، وهو ما يمس مباشرة مستقل كيان الاحتلال واستمراره من وجهة نظر قادته. قد يفسر ذلك الواقع، والهدف الممتد للاحتلال، إعادة طرح وبروز فكرة التهجير مرة أخرى خلال الحرب الجارية في غزة حالياً على لسان قادة الاحتلال، الأمر الذي يرفع سؤالاً كبيراً حول مدى إمكانية التفكير فيها للضفة الغربية، وهي المنطقة التي يحاول الاحتلال ضمها منذ احتلاله لها في العام 1967، وتصاعد ذلك بشكل جلي بعد اتفاق أوسلو، ووصل لمستوى خطير مع وصول حكومة نتنياهو اليمينية الحالية للسلطة.

لا يمكن فصل التطورات الحاصلة اليوم في الضفة عن تصعيد الاحتلال الذي بدأ مع أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي. ففي أكبر حصيلة تبلغها الضفة منذ أكثر من عقدين، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية فقط منذ ذلك الوقت لـ 682 شهيدًا، وأكثر من 6000 جريح، وتخطى عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الـ 10 ألاف، يعانون أصنافاً من العذاب الذي تخطى في وصفه ذلك التي شاع في سجن أبو غريب، اذ بلغ عن حالات لقتل واغتصاب وتعذيب وحشي في صفوفهم. كما لا يمكن عزل ذلك عن تطورات الحرب في غزة، وإصرار نتنياهو على مواصلتها، وعدم استجابته لنداءات الشارع الإسرائيلي، الذي يتصاعد احتجاجه يوماً بعد يوم، مطالباً حكومته بعقد صفقة تبادل ووقف لإطلاق النار في غزة. ويتحصن نتنياهو، الذي لا يريد أن يترك الحكم، بتحالفه اليميني المتطرف، الذي يضمن له استقرار حكومته، والأغلبية في الكنيست. كما يضمن بقاء جبهات الحرب مفتوحة واستمرار التصعيد بقاء الحكومة الحالية على رأس عملها، دون مساءلة أو محاسبة.

ويمكن اعتبار توجهات نتنياهو للتعامل مع غزة مؤشراً لطريقة تفكيره تجاه الضفة. ورغم عدم كشفه عن خطة واضحة تجاه غزة، إلا أن تصريحاته المبعثرة تدلل عليها، فأكد على أن القطاع سيكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية بعد الحرب، مع تعين حاكم أو مسؤول لغزة، وبقاء القطاع منزوع السلاح، مع مواصلة حرية العمل العسكري فيه، والتحكم والسيطرة على حدود القطاع مع مصر، والسماح بالتدخل الدولي أو الإقليمي الإنساني، الذي يرفع عنه حمل تحمل مسؤولية وتبعات التدمير الذي أحدثه في القطاع أولاً والاحتلال بعد ذلك، مع السماح بإعادة تأهيل القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية. ولا يمكن أن نغفل التصريحات التي جاءات في بداية الاعتداء على غزة حول تهجير الفلسطينيين منها، وحملة التدمير الواسعة التي يشنها الاحتلال على مدار أشهرها الـ 11 لتحويلها لمكان غير قابل للحياة.

كما لا يمكن تجاهل موقف نتنياهو وحكومته من السلطة الفلسطينية، فرغم التفاهمات والتنسيق المفترض مع السلطة، وفق ما أرسته اتفاقية أوسلو، والتي ربطت عمل السلطة جوهرياً بسلطات الاحتلال، الا أن نتنياهو يتعمد تجاهل السلطة وعزلها عن صدارة الأحداث، بدأ ذلك مع صعوده وحكومته للحكم نهاية العام 2022، وبات ذلك واضحا بعد أحداث السابع من أكتوبر، ووصل ذروته بعد اجتياح الضفة الحالي. قد يعكس مقال كتبه دنيس روس مؤخراً، ويحمل رسالة عن السلطة الفلسطينية، توجهاً مهماً لحكومة نتنياهو والإدارة الأميركية. وروس يهودي أميركي ويؤمن بالصهيونية، ودبلوماسي سابق، وطالما انخرط بالتنسيق بين الفلسطينيين والإسرائيليين في إدارات متعددة، ويعمل حالياً في مراكز تفكير أميركية قريبة من إسرائيل. وجه روس في مقاله الأخير اتهام مباشر لدبلوماسيين فلسطينيين بدعم "الإرهاب"، بعد أن قام بتتبع تصريحاتهم ومواقعهم للتواصل الاجتماعي. لا يأتي وقت نشر المقال عبثاً، فقد جاء خلال العملية الحالية للاحتلال في الضفة، كما أن شكل المقال مقصود، والذي يوحي بأنه ليس مقال للرأي بقدر كونه بحث وتتبع للمعلومات، ولا يخرج انتشاره وترجمته لعدة لغات عن ذات السياق المقصود له. تأتي حساسية المقال بالنسبة للسلطة الفلسطينية، في أن روس تتبع تصريحات أعلى مسؤولين في وزراة الخارجية، الذين يمثلون سياسة السلطة الرسمية على الصعيد الدولي، كما أن وزير الخارجية الفلسطيني هو ذاته رئيس الوزراء الفلسطيني الأمر الذي يزيد من حساسية الموقف. ومن المفيد هنا لفت النظر لقضية طالما شغلت الرأي العام الفلسطيني وحذر منها، والمتعلقة بطبيعة التعينات للمناصب الحساسة، التي تتطلب مراعاة خاصة، في وضع فلسطيني خاص جداً. وهنا يبرز السؤال، هل يأتي توجه نتنياهو وحكومته تجاه عزل السلطة الفلسطينية، بالتقاطع مع مقاربته التي تخلت عن ترسيخ حالة الانقسام بين السلطة وحركة حماس، أو بين الضفة وغزة، فقرر القضاء على حماس في غزة، والتخلص من السلطة في الضفة؟ وإن كان ذلك صحيحاً فما هو المخطط المحتمل المجهز بدلاً من ذلك؟

ليس من المفهوم كيف يمكن أن يتم شن حرب على الضفة الغربية كغزة، فالضفة تقع بالكامل تحت السيطرة الاسرائيلية، ومقسمة الأوصال، ومدنها وقراها محاطة بالمستوطنات والمواقع العسكرية والحواجز والبوابات الحديدية، مراقبة شوارعها وأزقتها بالكاميرات، ويخضع أثيرها لتتبع، وكل فرد فيها معروف لدى قوات الاحتلال، الأمر الذي يفسر صعوبة الحركة والعمل بحرية. إلا انه من المفيد مراجعة بعض الحقائق التي تتعلق بنتنياهو كرئيس للحكومة، الذي اعتبر في العام 1995 أن "دولة لمنظمة التحرير يمكن أن تقام على بعد 15 كيلومتراً من شواطئ تل أبيب ستشكل خطراً مميتاً مباشراً على الدولة اليهودية"، وأكد مروراً وتكرارا أنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية". ويمكن ربط ذلك بسياسة نتنياهو وحكومته بعد وصولهم للحكم نهاية العام 2022، وتتبع سياستهم، التي نقلت سياسة الضم الزاحف، والقائمة على أساس التوسع الاستيطاني، وتقوية المستوطنين في الضفة الغربية ومدينة القدس لحد المواجهة والتصريح، والتي اعتبرتها منظمة "ييش دين" الإسرائيلية أنها قد تؤدي لقمع وتشريد الفلسطينيين. وفي غياب الضغوط الدولية المنسقة، وخاصة الضغوط الأميركية، على نتنياهو للحصول على وقف إطلاق النار وإنهاء الهجوم الإسرائيلي الجديد على الضفة الغربية، فمن المرجح أن يخرج الوضع عن السيطرة.



#سنية_الحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب حقيقية في الضفة: نتنياهو يستكمل حروبه
- محور صلاح الدين مفجر المفاوضات
- هاريس والانتخابات والعرب
- مفاوضات الخميس: هل تغيرت المعطيات؟
- في انتظار الرد
- من يكبح جماح إسرائيل؟
- العدل الدولية في رأي إستشاري تطيح بإسرائيل
- هل تتجه إسرائيل لاشعال حرب واسعة مع لبنان؟
- معطيات مهمة وواقع فلسطيني معقد
- التصعيد يلوح في الأفق …وصيف ساخن في المنطقة
- لم تنضج ملامح الصفقة بعد؟
- العدالة لفلسطين قادمة
- أميركا والفلسطينيون وأزمة مستعصية (2– 2)
- أميركا والفلسطينيون ومعضلة مستعصية
- هل تتحكم إسرائيل بالقرار السيادي الأميركي؟
- غزة في قلب الجامعات الأمريكية
- ملاحظات على هامش هجوم إيران الأخير
- هل أصبحت الحرب الاقليمية وشيكة؟
- قرار مجلس الأمن وتراكم الضغوط على نتنياهو
- حقيقة التصريحات الأميركية الأخيرة


المزيد.....




- مطمور منذ أكثر من ألف عام.. رجل يكتشف خاتمًا مدفونًا بمحيط ق ...
- تسلل إلى الفناء الخلفي.. أسد جبلي يفاجئ رجلًا في منزله وهذا ...
- كاشفا استراتيجية التوغل في كورسك داخل روسيا.. قائد الجيش الأ ...
- السودان.. الكوليرا تودي بحياة 156 شخصا والإصابات بالآلاف
- واشنطن تدعو طاجيكستان للانضمام إلى طريق تجاري لا يمر بروسيا ...
- ملك الماوري الذي دعا إلى الوحدة في نيوزيلندا يوارى الثرى.. غ ...
- -هل ضحى الرهائن الإسرائيليون بحياتهم لبقاء نتنياهو في منصبه؟ ...
- تيم والز: ندعم إسرائيل ولا يمكننا السماح باستمرار ما يحدث في ...
- بعد ترؤسه قداسا حاشدا في إندونيسيا.. البابا فرنسيس يتوجه إلى ...
- -حاملات طائراتنا لن تبقى في المنطقة للأبد-.. تقرير يكشف عن ت ...


المزيد.....

- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سنية الحسيني - حرب في الضفة أيضاً بأبعاد أخطر