أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فادي الياس نصار - الإسماعيليون.. أهل علمٍ مُعذبون















المزيد.....

الإسماعيليون.. أهل علمٍ مُعذبون


فادي الياس نصار

الحوار المتمدن-العدد: 8090 - 2024 / 9 / 4 - 13:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أنصفهم المستشرق الفرنسي "لويس ماسينيون" عندما أطلق على القرن الرابع/ العاشر اسم "القرن الإسماعيلي" للإسلام، فهم مؤسسو الدولة الفاطمية العظيمة و هذه الأخيرة حكمها -في مراحل لاحقة- العلويون و الموحدون الدروز، والتي امتدت من المحيط الأطلسي إلى نهرالفرات، و استمرت حوالي 262 سنة.

أصل التسمية.
إنهم الإسماعيليون أو السماعلة، سلاطين الدولة الفاطمية، محاربين أشداء وعشاقُ علمٍ، أخذوا اسمهم من إمامهم إسماعيل المبارك الإبن الأكبر للإمام السادس جعفر الصادق، فهم حقيقةً شيعة.

العقل أولاً.
يؤمنون بأن العبادة تقسم الى "عبادة علمية" و"عبادة عملية" و يتمسكون بكونهم مسلمين موحدين، غير أنهم، يضيفون العقل إلى فروض الإيمان، و يرون في القرآن مصدر التشريع الأول، والقرآن في عقيدتهم يحتمل التفسير وهو (علم الظاهر) ويحتمل التأويل وهو (علم الباطن)
ويعتبرون أن العقل هو عامل التشريع الدنيوي الأساسي، وإذا تعارض نصٌ في القرآن الكريم مع مقتضيات العصر وتطوراته الطارئة، وجب التعديل في إطار تشريع قانوني، يلائم التحولات الطارئة للمجتمع، مع عدم المساس بجوهر النص القرآني (المخوَّل الوحيد بالتأويل هو الإمام الحاضر في كل مكان).

بناة العلم.
بنى الإسماعليين مدينة القاهرة وجعلوها عاصمة لهم، وتحول فيها الجامع الأزهر ودار الحكمة الى مركزين كبيرين لتعليم أُصول اللُغة والدين، كما بنوا وأسسوا جامعة القاهرة العريقة، ونشط في ظل الدولة الفاطمية المؤرخون والباحثون في كافة مجالات العلم، ومن درر مانشروا كانت "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا"، التي أعلوا فيها من شأن العقل في الدين وقالوا أن أول شرط على من يرغب بالإنضمام لهم هو محبة العلوم .
و حتى "رسالة الغفران" لصاحبها أبي العلاء المعري نشرت في فترة حكمهم..وماكتبه حكيم الزمان "شمس الدين التبريزي"، وتلميذه جلال الدين الرومي.

منظمون تنظيماً جيداً، عندهم تراتبية وهيكلية، يقولون أنها متماثلة مع النظم الكونية ، فالهيئة القيادية العليا، وتسمى "المجلس الاسماعيلي الأعلى"، تقابل "اللجنة المركزية في الأحزاب السياسية" ويتبع لهذا المجلس عدة لجان .

ثورة القرامطة.
يمثّلون الجناح المُتشيَّع الأكثر حركية وثوروية، فعنهم انشق القرامطة، وقادوا أولى الثورات الإشتراكية في العالم.
بدأ يخبو مجد دولتهم (الدولة الفاطمية)، بوفاة الخليفة الفاطمي المستنصر عام 1094م، و تدخل أمه "رصد" في شؤون الدولة، حيث انقسموا إلى فرعين، النزارية والمستعلية، نسبة إلى نزار والمستعلي ابنيّ المستنصر.

لماذا الحشاشين ؟
اشترى القائد الإسماعيلي "الحسن بن الصباح"، قلعة "آلموت" في "سمرقند" عام ٤٨٣ هجرية اثر تفكك الدولة الفاطمية ونقل مركز الدعوة والإمامة الاسماعيلية من القاهرة(أيضاُ بناها الفاطميون)، الى قلعة آلموت. وفي اوائل عام ٤٨٥ هجري هاجمت جيوش السلاجقة مدن الإسماعليين ومنها :قلعة آلموت"، لكن "الحسن الصباح" أعد لهم فدائيين تغلغلوا بين جيوشهم واغتالوا معظم قادتهم .. ولهذا قام السلاجقة وأعوانهم بالترويج لدعاية ضد فدائيي الحسن الصباح تحت اسم الحشاشين هدفها تشويه سمعتهم، وبذلك انتشرت هذه الصفة ولاسيما أنهم اشتهروا بصناعة الأدوية من النباتات آنذاك.

الإنتشار الواسع.
ينتشرون اليوم في أكثر من 52 دولة، ويُقدّر تعدادهم بأكثر من 50 مليوناً، على شكل جماعات غير طائفية تعتقد بعقيدة ذات رؤية انسانية منفتحة على الحياة المدنية وعلى العالم كله بلا استثناء فهم يعلون من شأن العلم والمعرفة وحكم العقل والمواطنة (أي الانتماء) لاوطانهم ومحبتهم لابناء بلدهم.
ويَعِدُون في سوريا، حوالي 750.000 نسمة، ينتسبون الى الفرع النزاري، و يتبعون سلسلة من الأئمة آخرهم الإمام الحالي كريم أغا الرابع، الإمام التاسع والأربعين للإسماعيليين (استلم الإمامة،عن جده السلطان محمد شاه الحسيني).
لهم حضورهم المميز في الحياة السورية، وخاصة في المجال الثقافي، فالسوري الإسماعيلي يتيمز بأنه وطني (غالبيتهم في صفوف اليسار)، علماني متحرر من عقدة العادات والتقاليد، مثقف مخضرم، محاور قوي وديمقراطي يُعطي المرأة حقوقها كاملة، و ذلك انسجاماً مع توجهات الآغاخان الثالث.

مؤسسة الإمامة.
يشرف الآغا خان الرابع، على مؤسسة الإمامة الإسماعيلية المكونة من جناحين
الأول: مؤسسات الجماعات الإسماعيلية في العالم وتنتظم بمجالس اسماعيلية وطنية تتبع إلى مجلس القادة الإسماعلي العالمي الذي يرأسه الإمام ومقره مدينة "اغليمونت" في فرنسا.

الثاني: شبكة الآغاخان للتنمية العالمية وهي منتشرة في دول العالم تشمل خدماتها في التعليم،الصحة،الثقافة، الإسكان والإقتصاد. ويستفيد منها الإسماعليين وغير الإسماعليين. عبر تمويل الأنشطة غير الربحية كالتعليم (تدير الشبكة أكثر من 300 مدرسة تخدم حوالي 60 ألف طالب).

مقاتلون أذكياء.
كان الإسماعيلون عبر التاريخ، مقاتلون أشداء يُضرب ببأسهم المثل، بدءاً بعجز صلاح الدين الأيوبي عن كسر شوكتهم، حين حاصرهم، في قلعة مصياف السورية، التي كانت بمثابة مركز لحكم قائدهم سنان بن راشد الدين (اشتُهر باسم شيخ الجبل)، الذي دام حوالي ثلاثة عقودٍ، فعقد معهم صلحاً، كانت نتيجته أن شكّل الإسماعيلون كتيبة من الفدائيين، انضمت الى جيش صلاح الدين، فكان لها دور كبير بدخوله القدس، والجدير ذكره أن الفدائيين الإسماعيليين هم من اغتال ملك القدس "الكونت كونراد منمونفير".
كذلك خافهم قائد الحملة الصليبية السادسة "فريدرك الثاني" فأعطاهم أموالاً على شكل جزية و هدايا، ضماناً لعدم تعرضهم لجيشه.

مروراً باشتراط السلطان المنصور قلاوون، قبل توقيع هدنته مع قائد فرسان الهيكل و أمير طرابلس، سنة 1281م، أن تكون قلاع الإسماعيليين (قلعة الخوابي، الكهف، القدموس و مصياف) بيد السلطان حصراً. وصولاً الى تعاونهم عام 1260م مع المماليك في صدِ المغول، في معركة "عين جالوت" واستعادتهم أربعاً من قلاعهم.
انتهت الدولة الإسماعيلية على يد الملك الظاهر بيبرس، بشكلٍ تدريجي فبعد أن فرض عليها الجزية و الإتاوات، استطاع بذكائه إفرَّاغ هذه الدولة من مضمونها، فانهارت بشكلٍ غير مباشر، ليسيطر عليها دون أدنى صدام.


الإضطهاد والتكفير.
ولم تسلم الطائفة من إرهاب التكفير قديماً وحديثاً، ولكي يتخلص أعدائهم من فكرهم، قاموا باحراق كبريات مكتباتهم الغنية بالنصوص والمخطوطات الإسماعيلية، وهنا يكفي أن نذكر أنَّ صلاح الدين أحرق مكتبة دار الحكمة، التي كانت مركزاً علمياً مهماً، يحتوي -وفق ما يقال- على مايزيد عن مليون مجلد، من شتى العلوم، كما أحرق المغول بقيادة هولاكو مكتبة قلعة "آلموت" الضخمة، والتي ضمت أسرار الحركة وأدبها.
حديثاً وخلال الحرب السورية، ولأنهم يناضلون لبناء سوريا علمانية، تحكمها المواطنة، اعتبرهم قادة "داعش" كفرة وزنادقة، فوجهوا أعوانهم ليرتكبوا بحقهم مجازر وحشية، كما حدث في قرى عقارب الصافي، تلدرة والمبعوجة، قرب السلمية، وبلدات كثيرة أخرى، حيث ذُبحت عائلات بأكملها واختطف العشرات من المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال".

اشتهر منهم عدد كبير من العلماء مثل: ابن سينا، وابن الهيثم، والرازي، والسجستاني، وابن الفارض، والطوسي؛ وفي العصر الحديث اشتهر منهم: الآغاخان الثالث الذي كان رئيساً لعصبة الأمم في الثلاثينيات، و الرئيس المؤسس لباكستان؛ محمد علي جناح، والشاعروالروائي السوري محمد الماغوط وغيرهم.

الإسماعيليون أهل علمٍ وحضارة، زرعوا الأمة من مشرقها الى مغربها، كروم فنٍ وأدبٍ وعلمٍ، فحصدوا عناقيد الإتهام بالكفر والإلحاد، وذاقوا كؤوس الإبادة والتهيجر، فهم المعذبون الذين يحبون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا.



#فادي_الياس_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزنبق الفريد.
- نهاية الذئب الأميركي “جون بولتون
- الأمم المتحدة، متلازمة السبات الإنساني العميق!!.
- رسائل الحرب المُرة...إغتراب الإنسان السوري. فادي الياس نصار
- إعادة تدوير النفايات..لإنقاذ الكوكب
- الحروب الذكية، الموت القادم من “غوغل” !!
- رسائل الحرب المُرة...إغتراب الإنسان السوري.
- المولوية-.. عندما ترقص قلوب الدراويش
- رائعة الساحر كويهلو.. الخيميائي.
- ياشعوب العالم اتحدوا ضد التغير المناخي.
- فوز اليسار الأوروبي بين الوهم والحقيقة.
- عن الحب والسنديانة الحمراء
- الإيزيديون أولى الديانات وأخر الشعوب.
- لبنان حلم الرب


المزيد.....




- منتهي الصلاحية.. شيرين ترسل لمشتركي قناتها على -واتس أب- راب ...
- لحظة مبهجة.. شاهد عملية تحرير قطة صغيرة حُشرت داخل أنبوب صرف ...
- حرب السودان الكارثية.. مبادرات دون حلول
- أقارب ترامب ضحية لعملية احتيال على منصة -إكس-
- روسيا تعلن السيطرة على بلدتين أوكرانيتين وتقصف مدينة لفيف بص ...
- إطالة حرب غزة.. تعمق خلاف بايدن ونتنياهو
- استقالة مسؤولين أمنيين وعسكريين في إسرائيل
- تحذير إسرائيلي من الغضب المصري
- القسام تبث شريط فيديو لأسيرين إسرائيليين يناشدان فيه نتنياهو ...
- تونس.. إصدار أمر إيداع في السجن بحق مرشح رئاسي


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فادي الياس نصار - الإسماعيليون.. أهل علمٍ مُعذبون