|
جميل بايق: نسعى لحل القضية الكردية بشكل سلمي وديمقراطي، بعيداً عن العنف. تعيش المنطقة حالة من الفوضى، وعلى الجميع اتخاذ تدابيره.
شيرين هزار
الحوار المتمدن-العدد: 1773 - 2006 / 12 / 23 - 09:56
المحور:
مقابلات و حوارات
حيث تعمُّ الفوضى في كل مكان وكل جزء من منطقتنا الشرق أوسطية، وتجري رياح التغيير في كل شبر من أراضيها، طارحة معها الكثير من السيناريوهات، كل حسب قوته وتدابيره، وحيث المجهول والاحتمالات عنوان رئيس لكل ما يمكن قراءته في معادلة الشرق الأوسط بشكل عام والقضية الكردية بشكل خاص على اختلاف أجزائها؛ بين هذا وذاك كانت جولتنا في مواقع حزب العمال الكردستاني لسبر أغوار ما يفكرون به، وكيف يقرؤون هذه المعادلة. وكان لقاؤنا مع السيد جميل بايق، الرجل الثاني في العمالي الكردستاني، وكان هذا الحوار:
س 1 – تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من الفوضى، إن صحَّ التعبير. كيف تقرؤون هذه الحالة، وهل للمداخلة الأمريكية سبب في ذلك؟ - الحروب المندلعة في منطقة الشرق الأوسط أدخلت جميع القوى في الفوضى والأزمات. فهذه القوى، بدءً من أمريكا ودول المنطقة، وحتى شعوبها والتنظيمات والحركات الموجودة في المنطقة؛ الكل يتخبط في هذه الفوضى. وأمريكا تعيش مرحلة أكثر تأزماً وفوضى في المنطقة، لأنها هي التي طورت وأنتجت هذه الحروب والصراعات. فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بسلسة من التغييرات الجذرية في تكتيكاتها وسياساتها في المنطقة بغية الخروج من هذه الفوضى. عندما بدأت المداخلة الأمريكية على المنطقة، كانت أوروبا خارج المخطط حينذاك، لكنها تدخلت هي أيضا بعد ذلك في هذه الحرب، حيث وجدت أمريكا بأنها لن تستطيع الحصول على النتائج إذا لم تدخل أوروبا معها في المنطقة. وكذلك، حينما بدأت المداخلة الأمريكية على العراق، كان السُّنَّة هم العائق الرئيس أمامهم. لكن، بعد ذلك عملت الولايات المتحدة على إشراكهم في الحكومة، وهذا يدل على أن أمريكا قامت بتغييرات في سياستها تجاه السُّنَّة، ولو لم تفعل ذلك، فإنها لن تحصل على النتائج المرجوة، وإيقاف عجلة العنف نوعاً ما. في البداية كانت السياسة الأمريكية تجاه سوريا هي الهجوم، لكنها اليوم بدأت بتسيير سياسة المساومة بدلا من الهجوم. كذلك، كان الهدف من حرب إسرائيل على لبنان هو توجيه ضربة إلى حزب الله وتصفيته، لكنها لم تنجح في ذلك أيضاً، فقامت بتغيير سياستها. كل هذا يدل على أن أمريكا لا تحصل على النتائج في سياستها وتكتيكاتها في المنطقة. وعلى هذا الأساس تقوم بتغييرات في سياستها وتكتيكاتها من أجل الوصول إلى أهدافها وتطبيق إستراتيجيتها، مع العلم أن أمريكيا لم تغير شيئاً من إستراتيجيتها، ولن تغيرها قط. فقط الغاية من هذه التغييرات في السياسة والتكتيك هي الوصول إلى إستراتيجيتها.
س 2- لكن هذه الفوضى مستمرة بالرغم من التغييرات التي تجريها أمريكا في سياساتها؟ - نعم، الفوضى والأزمات التي تعيشها أمريكا تأتي نتيجة أخطاء ونواقص أسلوب هذه المداخلة. هذا من جانب، ومن جانب آخر، ثمة حقيقة الواقع في المنطقة تساعد على خلق الأزمات والفوضى في وجه أمريكا. واليوم هم يجدون هذه الحقيقة بأم أعينهم. وبالرغم من أن أمريكا خطت بعض الخطوات في المنطقة، إلا أنها لم تأخذ النتائج بعد، بل إنها تعيش مشاكل كبيرة وجدية في كثير من الأحيان، وبالأخص في العراق، وكذلك في أفغانستان. فالاجتماع الذي عقد في العام الماضي كان يدور حول كيفية حل قضية أفغانستان وتمركز الناتو فيها من أجل الحصول على نتائج، لكنه لم يثمر عن شيء حتى الآن في أفغانستان. وفوق ذلك فإنهم يعيشون مشاكل جدية في كثير من الأمور، وباتوا يقولون "إذا لم نقوِّ من حجم القوة والتكتيك، فمن المحتمل أن يحل علينا ما حلَّ على السوفييت في أفغانستان". أي، مثلما دخل الاتحاد السوفييتي في مستنقع أفغانستان حتى أصبحت بداية انهياره. وعلى هذا الأساس، إذا لم يحصلوا على نتائج في أفغانستان، فمن المحتمل أن يكون مصير الناتو أيضا بهذا الشكل. هذه حقيقة، فالمشاكل التي تعيشها أمريكا في العراق ليست بأقل مما في أفغانستان، إنما أكثر تعقيدا بكثير.
س 3 – ولكن، كيف لأمريكا الخروج من هذه الفوضى؟ أي، ما الذي ستنتهجه الولايات المتحدة الأمريكية للخروج من هذه الحالة؟ - أمريكا تعترف بنفسها بأنها تشهد أزمة ومشاكل كبيرة في العراق. وهم اليوم يناقشون كيفية الخروج من هذه الفوضى. وعلى هذا الأساس يتناقشون فيما بينهم للقيام بعقد العلاقات مع إيران وسوريا، وإشراكهم في فرض الاستقرار والأمن في العراق. فبدون ذلك لا يمكن الحصول على النتائج المرجوة في العراق. وهناك من يقول "علينا التقليل من قواتنا في المناطق العربية، وسحب القوات الأمريكية إلى كردستان، وبهذا يمكن حل المشاكل في العراق". وهناك من يعارض ذلك على أساس أن هذه العملية قد تزيد المشاكل تعقيدا. لذا، هناك الكثير ممن يقومون بالأبحاث والدراسات للخروج من هذه الأزمات وحل القضايا في العراق، وما آخرها (لجنة بيكر) إلا دليل على ذلك.
س 4 – مجيء الديمقراطيين إلى الكونغرس هل سيغير من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية أو بوش في المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص؟ - الديمقراطيون والجمهوريون لا يغيرون أي شيء في إستراتيجياتهم لأنها متشابهة عند الاثنين، وحتى أفكارهم متشابهة. بل إن الفرق بينهما يكمن في التكتيك فقط لا غير. بالطبع، فإن تلك التكتيكات مهمة للغاية، ومن يقول أنها غير مهمة، فهو غير دقيق في قراءته للسياسة الأمريكية. الأهم والأساس في المنطقة هو فن التكتيك، وما الحروب الجارية في المنطقة جميعها إلا عبارة عن حروب تكتيكية. ومن يكون أقوى في التكتيك هو الذي سيحصل على النتائج، ويكون هو القوي في المنطقة. ولأنها حروب تكتيكية، فإنه تتم فيها تغييرات كثيرة وسريعة. هذه هي شكلية وماهية الحرب التي تجري في المنطقة. وعلى هذا الأساس، إذا ما تواجدت الفروق في التكتيكات بين الجمهوريين والديمقراطيين، فهذا يخلق معه نتائج عدة في التغييرات على المنطقة. كلاهما يريدان تجاوز وإلغاء تلك الفوارق التكتيكية فيما بينهما، والعمل بالتكتيكات المشتركة في العراق. وأي تكتيك سوف يطور من قبلهما ليس واضحا بعد. الاحتمال الأقوى أن يتركز في كردستان. ومن أجل حل القضية العراقية سيقومون بعقد العلاقات مع سوريا وإيران، وإضعاف الاتفاق المبرم بين تركيا وسورية وإيران على العراق. من هنا قد يقومون بتطوير بعض التكتيكات، والاحتمال الأكبر هو انسحاب القوات الأمريكية إلى جنوبي كردستان، والتمركز فيها كمكان سليم وآمن. ستكون الحركات الكردية مهمة بالنسبة لأمريكا. سيهتمون بها، وسيتخذون خط KDP وYNK أساسا لهم، كما كان في الماضي، وسيعملون من أجل استمرارية مرونة العلاقات مابين الحزبين الكرديين من جهة، ومع تركيا من جهة أخرى، ليتمكنوا من البقاء في كردستان، والوصول إلى الهدف المطلوب. وبدون ذلك لن يستطيعوا البقاء في كردستان، بل ستظهر المشاكل والأزمات ثانية لأمريكا، لأنه بمقدور تركيا عرقلة هذا المخطط. لذا، هم يتخذون هذه التدابير، لكي لا يدخل الاتفاق التركي السوري والإيراني حيز التنفيذ. وبجانب هذا سيعملون على تطوير الحرب في لبنان من أجل لفت انتباه سوريا وإيران لهناك وإشغالهم بها. وبهذا سيخففون من حدة المشاكل في العراق، وهذا ما يظهر في الساحة السياسية الآن.
س 5 - امتدت حالة الفوضى حتى شملت لبنان وفلسطين، هل لهذا علاقة بالوضع في العراق؟ - حالة الاغتيالات في لبنان، وصراع حزب الله مع الآخرين، كل ذلك مرتبط بالوضع العراقي عن كثب. وكما نعلم، أن لبنان عاش ويلات الحرب قبل الآن أيضاً، ولكن خلال الحرب الأخيرة أرادوا عن طريق إسرائيل ضرب حزب الله، وتصفية حركة حماس، وجعلهما بدون تأثير، وبهذا يصلون إلى نتيجة، وهي ليّ يد ورجل سوريا، وجعلها عديمة التأثير، كي يتمكنوا ويتفرغوا لضرب إيران بكل قواهم. لكنهم بهذه الطريقة أيضا لم يحصلوا على النتائج المتوخاة. والآن يقومون بتطوير تكتيك آخر في تلك الساحة، حيث أنه بعد عودة السيد أولمرت، رئيس الحكومة الإسرائيلية، من زيارته لأمريكا، حصل وقف إطلاق النار بشكل فوري ومفاجئ، مما أدهش الجميع في هذه التطورات السريعة، فالكل على اطلاع على تلك الحرب القذرة بين إسرائيل وفلسطين، لكن، كيف تم وقف إطلاق النار فجأة؟ إنهم يحاولون قلب تلك الحروب والصراعات إلى حرب أهلية داخل فلسطين، ونشوب الحرب بين فتح وحماس. وهناك نقاشات حول ذلك، بحيث إن لم تتخذ التدابير اللازمة في فلسطين، فسوف تبدأ حرب أهلية. والأمر سيّان بالنسبة للبنان أيضاً، حيث ستبدأ حرب أهلية. كل هذه التقييمات المتداولة، سواء بشكل سري أو علني، هي صحيحة. وإذا ما بدأت الحرب الأهلية في لبنان وفي فلسطين، حينذاك ستبقى سوريا بدون تأثير كليا، لأن سوريا تستخدم الحركات الفلسطينية وحزب الله والآخرين في لبنان ورقة ضغط في يدها ضد إسرائيل، وبهذه الحروب الأهلية ستفقد سوريا تلك الأوراق من يدها، وستبقى مهمشة عديمة التأثير، وبالتالي ستفقد قدرتها على الاهتمام بالعراق.
س 6 - حسب رأيكم، هل الحرب الأهلية في لبنان وفلسطين ستنتشل أو تخرج الولايات المتحدة الأمريكية من المستنقع العراقي، إن صحَّ التعبير؟ - لبنان وفلسطين ستدخلان في حرب أهلية، وهذا ما سيجعل من سوريا عديمة التأثير، وحتى من دون حماية، ونفس الأمر ينطبق على حزب الله أيضاً، حيث وسيبقى مشلول الحركة، وبدون تأثير في لبنان. فالتكتيك يسير بهذا الشكل. وإذا تطورت هذه التكتيكات، حينها سيضعف تأثير الاتفاق السوري الإيراني على العراق، وبهذا يتم سد الطريق أمام الحروب والانشقاقات الجارية في العراق. لا يمكننا القول أن أمريكا ستحصل على النتائج من خلال هذا التكتيك، لأن أمريكا استخدمت تكتيكات أخرى كثيرة ومتنوعة، وخطت فيها خطوات عديدة، لكنها لم تحصل على أهدافها. لذا، لن نقول بأن أمريكا ستحصل على نتائج أو لن تحصل عليها.
س 7 – هذا يعني من خلال سياق كلامكم أن منطقة الشرق الأوسط متجهة نحو حرب شاملة؟ - الكل يرى أن خلاصه متوقف على إشعال فتيل الحرب في كل مكان، وبهذا يخلقون الفوضى. أمريكا وإسرائيل تؤججان الحروب والصراعات في المنطقة، كما أن سوريا وإيران والآخرون يجدون أن الحل الوحيد هو الحرب. وهذا ما يؤدي إلى نشوء حرب كبيرة وشاملة في المنطقة، وستتسع إطار الحرب في العراق. الشرق الأوسط يتجه نحو حروب وانشقاقات. هذه هي الأوضاع في المنطقة، وهي خطيرة للغاية. أوضاع كل القوى والذين يؤججون هذه الحرب جدية، وحتى شعوب المنطقة وأمريكا أيضا. كل هذه الحروب والانشقاقات إلى أين ستذهب؟ وما هي نتائجها؟ كل هذا غير واضح. لذا نعتبرها وضعاً خطيراً جداً. والجميع يعمل من أن أجل ألا تتضرر مصالحه ومنافعه خلال هذه الحروب والصراعات.
س 8 – كثير من المسؤولين الدوليين والإقليميين يتجهون إلى منطقة الشرق الأوسط. هل لهذه الزيارات علاقة مباشرة بالوضع العراقي بشكل خاص والمنطقة بشكل عام؟ - نعم، الكل يلاحظ كيف تتطور التكتيكات الدبلوماسية بقوة في المنطقة. الكل في حركة، بدءً من إيران وسوريا، وصولاً إلى تركيا والعراق والعرب وكافة القوى. ونذكر على سبيل العد لا الحصر: زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأردن، وزيارة مساعده إلى الخليج، وحتى وزراء أمريكا السابقون والجدد؛ كلهم في المنطقة منشغلون بعقد الاجتماعات، حيث يذهب باول إلى الخليج، ورايس إلى الأردن، وأمريكا تعقد اجتماعاً مع الشيعيين، وبعد ذلك عقدت اجتماعا مع السنيين، اجتماع الناتو، اجتماع المنظمات الإسلامية، وأيضا ذهاب أردوغان إلى عمان وإيران، وذهابه إلى سوريا، وإلى لبنان. كما أن زيارة وليد المعلم إلى العراق، وعقد العلاقات الدبلوماسية هناك، ودعوة إيران الطالباني إليها، والكثير من الجولات المكوكية. أي أنه هناك تحركات تكتيكية مهمة. الكل يخشى من المرحلة، ويقوم على اتخاذ تدابيره وفق ذلك. وإذا سنحت الفرصة المناسبة حينها سيقومون بأخذ النتائج. أمريكا تقوم بتجديد التكتيكات والأبحاث والنقاشات من أجل التخلص مما تعيشه في العراق والمنطقة بشكل عام. تعمل كل من تركيا وسوريا وإيران على الحصول على بعض النتائج في المنطقة. كما أنهم يعملون على تطوير وتسيير بعض السياسات في العراق بغية جرّ أمريكا إلى سياساتهم، وإجبارها على تقبل الأمر الواقع. يقول أحمد نجاتي: "بمقدورنا مساعدة أمريكا في التخلص من أزمتها في العراق"، فهذه رسالة مباشرة لأمريكا. الكل يعمل بكل ما في وسعه من أجل استلام زمام المبادرة من الولايات المتحدة الأمريكية.
س 9 – تحدثتم عن التحركات الدولية والإقليمية في المنطقة، ولكن هذا يجرنا إلى سؤال آخر وهو؛ أين هي الحركات الكردية المعنية بهذا الأمر بشكل مباشر من كل هذه التحركات؟ - كما أوضحت سابقاً، تسعى كل من تركيا وسوريا وإيران لنيل النتائج من هذه الفوضى التي تعمَُ المنطقة. وبنفس الوقت يعملون بشكل مشترك على ضرب أي تحرك كردي في أي جزء كان، وإلحاق الهزيمة به. هذا ما نستخلصه من تقرباتهم تلك، حيث تزداد هجماتهم على الكرد في هذه المرحلة، لأنهم يجدون الفرصة من الواقع الحالي لضرب الحركات الكردية. وينبغي على الجميع رؤية ذلك، واتخاذ التدابير وفقه. الحرب ما زالت مستمرة في العراق، وربما تتجه نحو حرب أهلية، إذ ما زالت دوامة العنف مستمرة بين السنَّة والشيعة، وهناك احتمال أن تبدأ الحرب بين العرب والكرد والأتراك أيضا. وكلما اقترب موعد الاستفتاء في كركوك، كلما توسع نطاق الحرب الأهلية في العراق. وبنفس الوقت، ازدادت الاتفاقيات بين تركيا وسوريا وإيران. إذا لم يقم الكرد بتطوير وتعزيز علاقاتهم واتفاقاتهم فيما بينهم ضمن هذه الأجواء، حينها سيتلقون ضربة موجعة، لأن كافة دول المنطقة عقدت الاتفاقيات فيما بينها. لكن، وكما نوهت؛ إن قام الكرد بتطوير علاقاتهم فيما بينهم، وتقربوا بكل حيطة وحذر من جهة، وعملوا على اتخاذ تدابيرهم العسكرية والتنظيمية من جهة أخرى؛ حينها يمكن أن يصونوا أنفسهم من كل سوء، أو بالأحرى، حينها سيكون الكرد هم القوة العظمى في المنطقة، وسيؤدون دور الريادة في استقرارها. كل شيء محتمل في المنطقة. لذا، على الكرد بشكل خاص أن يدركوا هذه الحقائق، ويتحركوا وفقها.
س – 10 قامت حركتكم بالإعلان عن وقف إطلاق النار في الأول من تشرين الأول المنصرم، أي قبل شهرين تقريباً، ومن جانب واحد للمرة الخامسة. إلى أين وصلت هذه المرحلة؟ وهل ما زلتم متمسكين بقراركم؟ - أوضحت أن المنطقة بشكل عام تعيش حالة من الغليان والعنف والفوضى في كل مكان دون استثناء، سواء من الناحية السياسية، أو النواحي الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية، بل وحتى الثقافية أيضاً. وفي خضم كل هذه المتغيرات والمستجدات، وبحس من المسؤولية، أعلن القائد عبد الله أوجلان عن طرح مبادرته السلمية هذه بغية حل القضية الكردية بشكل سلمي وديمقراطي، وبعيداً عن العنف وإراقة الدماء. كذلك جاءتنا نداءات من جهات مختلفة دولية وإقليمية ومحلية من أجل الإعلان عن وقف إطلاق النار كمبادرة حسن نية من قبلنا، خاصة وأن تلك النداءات جاءت من أطراف عدة، منها الولايات المتحدة الأمريكية (وإن كان بشكل غير مباشر، عن طريق أحد مسؤوليها)، وكذلك من قبل بعض الدول الأوروبية، ومن قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، والكثير من المثقفين الكرد والترك. عليه، وتلبية لمبادرة القائد عبد الله أوجلان ونداءات كافة تلك الأطراف والجهات، توجهنا نحو مرحلة جديدة، وقمنا بالإعلان عن وقف إطلاق النار من طرف واحد في الأول من تشرين الأول عام 2006. وإننا متمسكون بقرارنا حتى آخر درجة، ونعمل بكل ما في وسعنا على حل القضية الكردية بشكل سلمي وديمقراطي، بعيداً عن دوامة العنف. لكن، وبنفس الوقت، وكما أوضحت آنفاً، إن دول المنطقة عقدت الاتفاقيات فيما بينها من أجل ضرب الحركة الكردية بشكل عام وحركتنا بشكل خاص. حينها سنعيد نحن أيضاً حساباتنا، وسنتخذ تدابيرنا من كافة الجوانب، وسنستخدم حقنا في الدفاع المشروع. فمنذ إعلاننا عن وقف إطلاق النار وحتى الآن لم تتوقف الحملات التمشيطية العسكرية من قبل الجيش التركي، وزادت الحكومة التركية من حملات الاعتقال بحق المواطنين الكرد في شمال كردستان، ومن جهة ثانية أبرمت الاتفاقيات الأمنية مع الطرف الإيراني، وها هم يقومون بالحملات التمشيطية العسكرية بشكل مشترك على قواتنا، وكذلك تقوم سوريا بالضغط على المواطنين الكرد واعتقالهم بشكل تعسفي. كل هذه التقربات توحي أن المنطقة تعيش حالة من الغليان والفوضى، وأنه علينا اتخاذ التدابير اللازمة، لأن كل شيء محتمل.
س 11 – وفق ما وضحتم أن وقف إطلاق النار الذي أعلنتموه من جانبكم يعيش في مرحلة خطيرة؟ - ما دامت الحروب والصراعات مستمرة في المنطقة، فهذا يعني أن وقف إطلاق النار في خطر، ولن يتطور، وحتى أن قوة تأثيره بدأت تخف، وإمكانية وضع الحلول باتت ضعيفة. حيث أنه هناك قسم في تركيا يطالبون باستمرار وقف إطلاق النار لأنهم تنبهوا ووجدوا أن تركيا في خطر، أما المعارضون لوقف النار، فيقولون؛ إذا ما تم القضاء على الحركة الكردية والقضية الكردية حينها سيزول الخطر. إنهم يجدون سياسة الإبادة والتنكيل بحق الشعب الكردي كحل وحيد للقضية الكردية في تركيا، وهذا هو الفرق. حيث أن الطرف الأول يقول: "وقف إطلاق النار هو الحل الوحيد"، بينما يقول الطرف الثاني أن: "القضاء على PKK والكرد هو الحل الوحيد". أعطت حملة وقف إطلاق النار أملاً للكثيرين من أجل الحلول السلمية، لكن قوتها اليوم تضعف نتيجة التطورات المستجدة على الساحة. ومن جانب آخر، فالذين يعارضون هم الجيش والجبهة في تركيا، وهم الذين أسسوا الجمهورية على أساس سياسة الصهر والإبادة ضد الكرد. هذا هو نهج الجيش التركي. فهم يدعون أنه "علينا حماية الجمهورية، وإذا ما قمنا بقبول القضية الكردية، فقد تكون نهاية الجمهورية التركية، كما حصل للاتحاد السوفييتي". فكل خوفهم وقلقهم نابع من ذلك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إذا ما تم القبول بالقضية الكردية والحل السلمي، فهذا يعني أن هناك الكثير من الجنرالات والضباط الأتراك سيدخلون السجون بسبب الجرائم البشعة التي ارتكبوها بحق الشعوب في تركيا بشكل عام وبحق الكرد بشكل خاص، وهذه هي الدوافع التي تتسبب في رفضهم لوقف إطلاق النار. وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا وإيران أيضا، حيث أنهما تعارضان وقف إطلاق النار، لأنهما تجدان أن حل القضية الكردية في تركيا سيؤثر على وضع الكرد في بلديهما، وحينها سيأتي الدور عليهما في حل القضية الكردية لديهما.
س12 – هل من كلمة أخيرة تودون قولها؟ - الأمر الهام هو أن المنطقة تعيش حالة من الحروب والصراعات القومية والمذهبية والأثنية، وهي شبيهة بالمرحلة التي تم معايشتها قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية نوعاً ما. وإن هذه الحروب ستحدد مصير منطقة الشرق الأوسط بشكل كامل. لذا، نوجه نداءنا من خلالكم إلى كافة القوى الديمقراطية والمحبة للسلام أن يعملوا بشكل مشترك، ويعقدوا الاتفاقيات فيما بينهم لتوطيد وتعزيز الجبهة الديمقراطية مقابل جبهة الداعين للحرب والممولين لها. وليكن الجميع عند قدر المسؤولية. على الجميع أن يقوموا بما يقع على عاتقهم في سبيل كبح جماح الشوفينيين، وكلنا أمل أن يعم الاستقرار والأمن المنطقة، وكل ذلك متوقف على عاتق التقدميين والديمقراطيين والمثقفين في المنطقة.
نشكركم على إتاحة الفرصة لنا على إجراء هذا الحوار، ونتمنى لكم النجاح في عملكم. - شكرا لكم أيضا.
#شيرين_هزار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|