أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - استطلاعات الرأي سلاح خطير!














المزيد.....

استطلاعات الرأي سلاح خطير!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 8090 - 2024 / 9 / 4 - 02:56
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تذكرتُ مركزا إعلاميا في غزة حاول أن ينفذ استطلاعا للرأي في زمن الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006م، فعهد أحدُ مسؤولي وسائل الإعلام إلى أحد الموظفين ممن ظن أنه قادر على تنفيذ استطلاع الرأي بحكم العلاقة الشخصية، وليس الكفاءة العلمية، عهد إليه أن يتولى استطلاع رأيٍ في الانتخابات التشريعية، كان سؤال الاستطلاع المركزي هو: لمن ستدلي بصوتك في صندوق الانتخابات، لفتح أم حماس؟ فصمم الاستبانة الخاصة بطريقته الخاطئة الخاصة، ثم طبعها ثم أعلن عنها، ثم وزعها على معارفه في القطاعات المختلفة ممن يماثلونه في الانتماء الحزبي والمهني، مع العلم أن كل المعارضين امتنعوا عن تعبئة نموذج الاستطلاع، ثم عهد إلى طاقم غير مختص بتوزيعها، وكان يظن أنه مكلف فقط بتصميمها وطباعتها وتوزيعها على أبناء السبيل والمعارف، وكان يعطي هؤلاء الكمية التي يرغبون في ملئها بلا معرفة لعدد العينة النهائي، ونسبة الخطأ فيها!
المهم أنه جمع تلك الاستطلاعات، ثم وضع نتائجه الاجتهادية النهائية في وقت قصير، ثم أحضر نتائجه ليبشر مسؤوليه بفوز حركة فتح، كنتُ بمحض الصدفة جالسا عند أحد مسؤوليه، كان سعيدا جدا وهو يبشر بأن الفائز بالضربة القاضية هو حركة فتح، ستفوز بنسبة خمسة وسبعين في المئة!
سألته عن الطريقة التي أُسَست عليها عينات استطلاعات الرأي، هل كانت العينات عشوائية، أم حصصية، أم طبقية، وعدد العينات، وطريقة توزيعها في المجتمع الفلسطيني، ونسبة الخطأ فيها، ابتلع ابتسامته الأولى وتردد كثيرا، ثم ابتسم باضطراب قائلا: العينات هي جماهير حركة فتح والفصائل! ولما سألته: هل المشاركون في الانتخابات سيكونون هم فقط أبناء حركة فتح؟ ابتسم مرة أخرى ابتسامة باهتة، خشيت أن تتحول إلى لكمة في الوجه!
أما القصة الثانية التي أعرفها أيضا، أن أحد مقاولي استطلاعات الرأي، ممن يرتزقون من ورائها، استأجر مكتبا خاصا، وكلف مجموعة من الشباب والشابات لتعبئة استمارات استطلاعات الرأي المطلوبة من المانحين، مع العلم أن معظم استطلاعات الرأي كان موضوعها، الصندوق الأسود في مجتمعنا مثل، قتل النساء على خلفية تهمة الشرف، وقضايا البطالة والفقر وتحديد النسل، وقضايا سياسية عديدة أعدها مسؤولو جهات الدعم الخارجي بحجة أنها للدراسة، وهي في الحقيقة معلومات مطلوبة لجهات التمويل.
كان مقاول مركز الدراسات يعطي كل شاب وفتاة عشرة استطلاعات رأي ويكافئهم بثلاثة دولارات على الاستطلاع الواحد بشرط أن يعيدوه معبأ خلال يومين، بدون أن يتأكد مع كفاءة المسؤول عن تعبئة العينات المقصودة، ذات يوم سألته وأنا أشاهد أكوام الاستبانات الجاهزة لإرسالها بالبريد السريع، قلت له: يمكن أن يقوم كل فرد بتعبئة العشرة مرة واحدة في بيته من أفراد أسرته بدون أن يوزعها على العينات، ابتسم ساخرا من كلمة العينات قال: المهم أنهم يعبئونها، ثم أضاف المهم عندي هو مساعدة عدد كبير من طلاب وطالبات الجامعات كي يحصلوا على مصروفهم الشخصي!
إن معظم استطلاعات الرأي الموجهة والممولة من الخارج هدفها الرئيس تضليل الرأي العام وقيادة الجماهير وتسييرها بخطط تجارية وسياسية نفعية تصب في جيب ممولي هذه المراكز، ولعل أبرز مخاطرها أيضا إحباط كثيرين عن المشاركة في الانتخابات العامة، لأن أكثر استطلاعات الرأي تستخلص النتائج الموجهة غير الدقيقة قبل بدء الانتخابات، مما يدفع كثيرين إلى عدم المشاركة في هذه الانتخابات، لأنهم سيقولون، ما دامت النتائج ستكون على تلك الشاكلة إذن لا فائدة من المشاركة فيها!
إن علوم استطلاعات الرأي في عالم اليوم هي علوم استراتيجية دخلت في إطار الاستخبارات فائقة الخطورة، تقودها شركات كبيرة في دول كبيرة، لتؤدي دورين متناقضين، الأول هو إعطاء الممولين والمنظمين لهذه الاستطلاعات معلومات صحيحة ودقيقة عن الرأي العام، توجهاته، رغباته، ليتمكنوا من إيجاد الطريقة الملائمة لقيادته وغزوه، أما الدور الثاني فهو دور تضليل الشعوب المغلوب على أمرها بنتائج زائفة لتصبح سوقا لمنتجات دول السيطرة، وهذا هو النوع السائد في مجتمعاتنا للأسف!
للعلم فقط فإن مركز جورج غالوب الأمريكي العالمي لاستطلاعات الرأي المؤسس عام 1935م هو أحد أهم ركائز المعلومات الأمريكي، لأنه يقدم استشاراته لصانعي القرارات الأمريكيين، وهذا ينطبق أيضا على إسرائيل لأنها استفادت من تجارب العالم في هذا السياق، ومنحت الحرية لتأسيس هذه المراكز لخدمة أهدافها، ومن أبرز المراكز، مركز داحاف لاستطلاعات الرأي، وهو المركز المواظب على إعطاء المسؤولين معلومات حديثة عن توجهات الرأي العام ليس في إسرائيل فقط، بل في العالم أجمع!
أدركت معظم دول العالم أهمية استطلاعات الرأي، لذا فإنها استقطبت الكفاءات ومنحتهم المكافآت، وأتاحت لهم حرية العمل، واعتبرت مراكز استطلاعات الرأي داخلة في أمنها الوطني، وداخلة أيضا في أمنها الخارجي، فهي صناعة مستقبلية تماثل صناعة السلاح في سريتها!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اصطياد الإنترنت على شواطئ غزة!
- هل أزالت حرب إبادة غزة (ديموقراطية) إسرائيل؟
- قصة أفلاطون في خيمة اللجوء!
- إسرائيل أو أمريكا أيهما القائد؟!
- Baby Sitter من الإيباك لكل عضو كونغرس أمريكي!
- قصة فرن الطين وسط خيام النازحين
- إعلام التضخيم والتقزيم!
- الترنسفير القسري والطوعي!
- احذروا الاحتراب بين العائلات في غزة!
- قصة من غزة ..عبوات غذائية متفجرة!
- لوحات (غرونيكا) في غزة!
- الموساد يهدد قضاة العدالة!
- هل الأونروا منظمة دولية إرهابية)
- قضايا فلسطين المركزية!
- مضيفة الطائرة لا سامية!
- مظاهرات الطلاب الأمريكيين مؤامرة روسية صينية!
- برفسورة يهودية تدعو لنبذ الحركة الصهيونية!
- خطط إسرائيلية لاستبدال الأونروا!
- إلى فقهاء التحليل السياسي!!
- اربطوا أحزمتكم، أنا من غزة!


المزيد.....




- مشهد يحبس الأنفاس.. مغامر يتسلق جدارًا صخريًا حادًا بسويسرا ...
- وسط التصعيد الأوكراني والتحذير من الرد الروسي.. ترامب يختار ...
- انخفاض أعدادها ينذر بالخطر.. الزرافة في قائمة الأنواع مهددة ...
- هوكستين في تل أبيب.. هل بات وقف إطلاق النار قريبا في لبنان؟ ...
- حرس الحدود السعودي يحبط محاولة تهريب نحو طن حشيش و103 أطنان ...
- زاخاروفا: الغرب يريد تصعيد النزاع على جثث الأوكرانيين
- صاروخ روسي يدمر جسرا عائما للقوات الأوكرانية على محور كراسني ...
- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي -عنيف- على شمال غزة، ووزير الدف ...
- الشيوخ الأمريكي يرفض بأغلبية ساحقة وقف مبيعات أسلحة لإسرائيل ...
- غلق أشهر مطعم في مصر


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - استطلاعات الرأي سلاح خطير!