النفس في الذات الانسانية /غاية الذات

عمر قاسم أسعد

الحوار المتمدن-العدد: 8089 - 2024 / 9 / 3 - 18:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

إن الذات الانسانية بتكامل أقانيمها تسعى دائما نحو السمو والارتقاء في معظم علاقاتها لأنها تمتلك النظرة الشمولية الايجابية للوجود من حولها ، وهي بذلك تمثل نموذجا للذوات الأخرى من حولها ، ولأنها تمتلك إيمانا راسخا بأنها ما زالت ذات حقيقية واعية قادرة على التوازن ما بين أقانيمها وتسعى لتحقيق المزيد من إدراك العلاقة مع كل ما يحيط بها متسلحة بقوة التأثير الايجابي على محيطها بما تحمله من طاقات إبداعية خلاقة تنطلق لتبث شعاع الحياة .
الله ـ سبحانه وتعالى ــ خلق الذات الانسانية في أحسن تقويم بهيئتها الجسدية المتناسقة المعتدلة ، وأوضع فيها الروح التي هي نفخة من روح الله بثها في الجسد الذي شكله لتجعله ينبض بالحياة ، والعقل الذي ميز الله به الذات عن سائر مخلوقاته وجعله مناط التفكر والإدراك والوعي ، والقلب الذي ينبض بالمشاعر والاحاسيس ويبعث على الطمأنينة والسكينة ، والفطرة التي فطر الله عليها الذات كذات نقية خالصة .
وهذا ما يعني أن الذات الانسانية بكل أقانيمها هي من صنع إله خالق أبدع في الخلق كذات مستقلة ــ نسبيا ــ ضمن القواعد العامة والسنن التي أوجدها الله في هذا الكون كذات تفاعلية اجتماعية لتصل إلى إبداع في الحياة لتحقيق المزيد من آليات التواصل مع الكون والمخلوقات ، وعليها أن تبدع في استخدام قدرات اقانيمها لتحقيق التوافق مع الذات ومع الذوات المحيطة بها لأنها وجدت لأداء رسالة من خلال ادراكها لذاتها وللمحيط من حولها والأفكار التي هي خلاصة التجارب والخبرات والسلوكات في مسيرة وتفاعل الذات من خلال الوعي ــ بكافة أشكاله ــ والأدراك والمنظومة الوجدانية ، هذه هي رسالة الذات الانسانية المتكاملة نابعة من الذات لخدمة الذات .
وما اختلاف الذات وتباينها إلا من خلال بُعد الذات عن حقيقتها وجوهر وجودها وعدم ادراكها لرسالتها وقدراتها على إيصال ذاتها . على أن الاختلاف هو مظهر طبيعي وسمة متأصلة في الذات كما أنه من طبيعة الذات الانسانية حيث تمثل هذه الاختلافات والتباينات موضوعات لتنافس الذوات تنافسا ايجابيا من أجل تحقيق الزيادة في التجارب والخبرات والوعي للارتقاء بالذات إلى درجة أعلى .
وعلى الذات أن تدرك أنه ليس كل ما تدركه أو تعيه أو تمارسه هو حقيقة مطلقة وأنه الصواب المطلق وأنها محور ومركزا للذوات الأخرى التي يجب أن تدور في فلكها ، وبما أن الذات انسانية فهي قابلة للصواب والخطأ وممارسة السلوك القويم والانحراف والسمو والارتقاء والهبوط في القاع ، إن أتباع لغة متناغمة تتماهى مع حوار الذات مع الذات ومع الذوات المحيطة هو مفتاح الوصول للمزيد من التجارب والخبرات وتحقيق الوعي لأن الذات هي مرآة تعكس ما بداخلها للخارج ولا يجب أن تعكس جزء من سلوك أقنوم واحد لأن الصورة ستكون ضبابية مبهمة معتمة قاتمة ستؤدي إلى النفور والانكفاء .
هناك فرق كبير أن تعكس الذات صورتها النقية الخالصة بتكاملها أو أن تعكس صورة أقنوم سيطر علي باقي الاقانيم وأدى إلى ضمورها واضمحلالها ، على الذات أن تبدأ من حيث اكتمال صورتها كما خلقها الله بمعرفة حدودها وأدوارها واحترام حدود وأدوار الذوات المحيطة وأن يكون التوافق الذاتي مع كافة الأقانيم من خلال اطلاق القوة الكامنة في أعماق الذات والسمو بالروح من خلال التفاعل مع الذوات الأخرى بشكل ايجابي لتحقيق المزيد من الراحة والهدوء والسلام ، والتفاعل مع هذا الكون بكل مخلوقاته وأدواته التي خلقها الله وسخرها من أجل الذات لتحقيق غاية وجودها وتطورها .
ولأن الله وهب الذات كل ما فيها فعليها أن تكون أهلا لما وُهِبت له وأن تكون ــ كما أراد الله لها ــ خليفته في الأرض وعليها أن لا تنسى أنها تحمل أمانة من خلقها للإرتقاء والتطور وعمارة الكون وتسخير ما خلقه ىالله لخدمتها من أجل تحقيق السعادة وبث روح الطمأنينة والسلام .

#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات